الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَمْلَكَةُ العَادِلَة:
=========
أَفَكُلَّمَا بَاحَ الضَّعِيفُ بِأَنَّةٍ * أَمْسَى إِلى مَعْنى التَّعَصُّبِ يُنْسَبُ
فَاجْعَلْ شِعَارَكَ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً * إِنَّ القُلُوبَ بِمِثْلِ هَذَا تُكْسَبُ
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}
إِنَّ الهَدَفَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا البَحْثِ هُوَ التَّعَرُّضُ لِسَلبِيَّاتِ التَّيَّارِ الإِسْلَامِيِّ في الدُّوَلِ النَّامِيَةِ وَاسْتِفْزَازَاتِ الحِزْبِ الحَاكِمِ لَهُمْ في بِلَادِهِمْ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ فِيمَا آتَانيَ اللهُ حَلاً لهَذِهِ القَضِيَّةِ التي أَرَّقَتِ الأُمَّةَ كَثِيرَاً لَمَا فَكَّرْتُ في عَرْضِ أَفْكَارِيَ فِيهَا مُعَرِّضَاً نَفْسِيَ وَحَيَاتيَ لِلخَطَر 0
الكَاتِبُ الإِسْلَامِي / يَاسِرٌ الحَمَدَاني
إِنَّ الإِرْهَابَ وَلِيدُ الظُّلْم؛ فَبِالظُّلْمِ يَسْتَحِيلُ المَظْلُومُ إِلى ظَالِم، لَا يُفَكِّرُ إِلَاّ في الَانْتِقَامِ وَالجَرَائِم، وَمِن أَغْرَبِ القَصَصِ المُثِيرَةِ الَّتي سَمِعْتُهَا مِن أَحَدِ المَسَاجِينِ مَا حَكَاهُ لي قَائِلاً:
هَرَبَ أَحَدُ المَسَاجِينِ في زَحْمَةِ الزِّيَارَات، فَبَدَأَتْ حَالَةُ الطَّوَارِئِ في السِّجْنِ عَلَى أَشُدِّهَا، حَتىَّ إِنهُمْ بَعَثُواْ في طَلَبِ أُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَأَخِيه، وَهَدَّدُواْ أَخَاهُ بِاغْتِصَابِ أُخْتِهِ إِنْ لَمْ يخْبِرْهُمْ بمَكَانِ أَخِيهِ الهَارِب، سَمِعَ بِذَلِكَ أَخُوه؛ فَقَرَّرَ تَسْلِيمَ نَفْسِهِ رَحْمَةً بِأَهْلِه؛ فَمَاذَا كَانَ مِن إِدَارَةِ السِّجْن؟
أَذَاقُوهُ أَلوَانَ العَذَاب، حَتىَّ إِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّام؛ جَمَعُواْ كُلَّ المَسَاجِينِ في سَاحَةٍ وَاسِعَة، ثُمَّ أَخْرَجُوهُ عَارِيَ الجَسَدِ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّه، كَانَ جِسْمُهُ مُسْوَدَّاً مِنْ كَثرَةِ الضَّرْبِ وَالتَّعْذِيب، وَبَعْدَ يَوْمَينِ مَاتَ السَّجِينُ مِنْ شِدَّةِ مَا رَآهُ مِنَ التَّعْذِيب، فَوَضَعُواْ جُثَّتَهُ أَمَامَ أَعْينِ النَّاس، وَوَضَعُواْ بجُوَارِهَا زُجَاجَةَ سُمٍّ فَارِغَة، وَقَامُواْ بِالإِبْلَاغِ عَنِ انْتِحَارِه 00!!
الظُّلْمُ في مِصْرَ عَلَّمَنَا المَهَابَةَ مِنْ * كُلِّ الأُمُورِ وَكُنَّا قَبْلُ لَمْ نَهَبِ
لِتَعْذُرُونيَ في الآهَاتِ إِنْ صَدَرَتْ * في الشِّعْرِ أَوْ في مَقَالَاتي وَفي كُتُبي
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
لَقَدْ نَظَرْتُ إِلى أَحْوَالِنَا الَّتي مِنهَا الإِسْلَامُ يَبرَأ، وَأُمُورِنَا الَّتي لَا تَنحَدِرُ مِنْ سَيِّئٍ إِلَاّ إِلى أَسْوَأ، وَلَا مِنْ رَدِيءٍ إِلَاّ إِلى أَرْدَأ؛ فَنَظَمْتُ عِدَّةَ قَصَائِدَ بِهَذِهِ الْقَصِيدَةِ أَبْدَأ:
زَمَانُ الْفِتَن
حَتىَّ مَتى يَا رَبَّنَا نَتَأَلَّمُ * وَنَظَلُّ بِالنَّصْرِ المُؤَزَّرِ نَحْلُمُ
أَفَنَصْرُنَا أَمْسَى لِبُعْدِ مَنَالِهِ * عَنَّا كَمَا ابْتَعَدَتْ عَلَيْنَا الأَنْجُمُ
ظُلْمٌ وَتخْوِيفٌ وَفَقْرٌ مُدْقِعٌ * وَالهَمُّ جَمٌّ في الصُّدُورِ وَنَكْتُمُ
لَمْ يَلْقَ ظُلْمَاً في الْوَرَى أَحَدٌ كَمَا * لَقِيَ المَظَالِمَ وَالهَوَانَ المُسْلِمُ
كَلَاّ وَلَا سَالَتْ دِمَاءٌ مِثْلَمَا * في أُمَّةِ الإِسْلَامِ سَالَ بِهَا الدَّمُ
وَكَأَنَّمَا الأَحْزَانُ قَدْ خُلِقَتْ لَنَا * أَوْ أَنَّ ذُلَّ المُسْلِمِينَ محَتَّمُ
وَكَأَنَّمَا الأَيَّامُ حُبْلَى أَوْشَكَتْ * في بَطْنِهَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ تَوْأَمُ
بِمَصَائِبِ النَّشَرَاتِ يَبْدَأُ يَوْمُنَا * وَبِمَا نَرَاهُ في الْكِنَانَةِ يُخْتَمُ
هَذَا يَمُوتُ وَلَمْ يجِدْ ثَمَنَ الدَّوَا * ءِ وَذَاكَ مَاتَ بِهِ وَذَلِكَ يُظْلَمُ
وَيَظَلُّ يَجْرِي في المحَاكِمِ عُمْرَهُ * وَلَقَدْ يَمُوتُ بِسَاحِهَا أَوْ يَهْرَمُ
كَمْ في سُجُونِ المُسْلِمِينَ فَظَائِعَاً * نَكْرَاءَ لَمْ يَنْطِقْ بِقَسْوَتِهَا فَمُ
وَتَوَدُّ جُدْرَانُ السُّجُونِ لِمَا بِهَا * مِنْ شِدَّةِ التَّعْذِيبِ لَوْ تَتَكَلَّمُ
كَمْ عَالِمٍ شَيْخٍ جَلِيلٍ لَمْ يُصِبْ * جُرْمَاً يُكَالُ لَهُ السِّبَابُ وَيُلْطَمُ
وَيَجُرُّهُ في السِّجْنِ بَلْ وَيُذِيقُهُ * كَأْسَ المَذَلَّةِ تَامِرٌ أَوْ هَيْثَمُ
وَفَظَائِعٌ أُخْرَى يَكَادُ لخُبْثِهَا * عَنْ ذِكْرِهَا يَنأَى اللِّسَانُ وَيُحْجِمُ
اللِّصُّ فِيهِمْ سَيِّدٌ وَمُكَرَّمٌ * وَمحَاوِلُ الإِصْلَاحِ شَخْصٌ مجْرِمُ
كَمْ مِنْ أَدِيبٍ قُصِّفَتْ أَقْلَامُهُ * في بَيْتِهِ ثَاوٍ وَفَاهُ مُلْجَمُ
لَوْ أَنَّهُمْ نَزَعُواْ الْكِمَامَةَ مَرَّةً * عَنهُ لأَصْغَى الْعَالَمُ المُتَقَدِّمُ
وَلِيَضْمَنُواْ حَتىَّ النِّهَايَةِ صَمْتَهُ * تُلْقَى لَهُ تُهَمٌ وَإِذْ بِهِ يُعْدَمُ
أَوْ في السُّجُونِ يَظَلُّ فِيهَا عُمْرَهُ * الْعَظْمُ يُسْحَقُ وَالأَصَابِعُ تُفْرَمُ
وَيُقَالُ في التَّبْرِيرِ إِنَّ بِدُونِ ذَا * كَ سَلَامَةُ الأَوْطَانِ لَيْسَتْ تَسْلَمُ
كَيْ يُقْنِعُوكَ وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّهُ * كَذِبٌ بِأَلْوَانِ الخَدِيعَةِ مُفْعَمُ
مَا أَن يُغَادِرَنَا لَئِيمٌ غَادِرٌ * حَتىَّ يَجِيءَ لَنَا الَّذِي هُوَ أَلأَمُ
وَالشَّعْبُ يَظْلِمُ بَعْضُهُ بَعْضَاً كَمَا * في الْغَابِ تَنْقَضُّ الْوُحُوشُ وَتَلْقَمُ
لَمْ يَبْقَ بَينَ النَّاسِ إِلَاّ ثَعْلَبٌ * أَوْ عَقْرَبٌ أَوْ حَيَّةٌ أَوْ أَرْقَمُ
الحَقُّ فِيهِمْ ضَائِعٌ وَالْعَدْلُ مَفْـ * قُودٌ لَدَيْهِمْ وَالأَمَانَةُ مَغْنَمُ
أَخْلَاقُهُمْ سَاءَتْ وَسَاءَ سُلُوكُهُمْ * وَالشَّرُّ فِيهِمْ كُلَّ يَوْمٍ يَعْظُمُ
عَبَسَ الضَّرِيرُ إِلَيْهِمُ مِنْ قُبْحِهِمْ * وَبِفُحْشِهِمْ نَطَقَ اللِّسَانُ الأَبْكَمُ
يَا رَبِّ إِنَّ قُلُوبَنَا مِمَّا بِهَا * مِنْ كَثْرَةِ الأَحْزَانِ كَادَتْ تَسْأَمُ
إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ ذَا بِذُنُوبِنَا * وَبِأَنَّ عَيْنَ الْعَدْلِ فِيمَا تَحْكُمُ
لَكِنَّنَا يَا رَبِّ رَغْمَ ذُنُوبِنَا * سُرْعَانَ مَا كُنَّا نَتُوبُ وَنَنْدَمُ
لَا زَالَ يَغْمُرُنَا يَقِينٌ قَاطِعٌ * يَا رَبِّ أَنَّكَ في النِّهَايَةِ تَرْحَمُ
فَأَنِرْ طَرِيقَ المُسْلِمِينَ وَقَوِّهِمْ * فَطَرِيقُهُمْ وَعْرٌ طَوِيلٌ مُعْتِمُ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
فأخمدوا الفتن في مهدها، ولَا تعطوا فرصة لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أن يقولَ إن [0000] علَا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم:
يذ بّح أبنائهم*ويستحني نسائهم إنه كان من المفسدين 00
…
الآيَة 0
ونر يد أن نمن*على الذين استضعفوا
ونجعلهم أئمّة*ذوي ملك لَا يوصف
ونمكن لهم في الأرض ونرى فلَان وفلَان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون؛ فهؤلَاء قوم: إذا قيل لهم لَاإله إلَا الله يستكبرون، أوهؤلَاء قوم: إذا قيل لهم تعالو اإلى الله ورسوله لوّو ارءوسهم ورأيتهم يصدّون وهم مستكبرون، وأهل مصر كالمعتاد يجرون خلف كل ناعق؛ فأنصت إليّ إني لك من الناصحين، الجميع اليوم يقول عنكم:
قوم بنوا إلى السّما* للجور صرحا محمكا
واتخذوه سلما
{الأرض تحت القوم كادت من مظالمهم تميد}
{عهد به الحكماء قد صاروا أذل من العبيد}
وفي
الحديث القدسيّ الشريف يقول ربّ العزّة (جلّ وعلَا):
"من آذى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب " 00؛ فحرمة المؤمن أشدّ على الله من حرمة الكعبة، أفتهلكنا بما فعل السّفهاء منّا، ومنّا الصّالحون ومنّا القاسطون وكما تعرف: طرائق قددا 00 "ولَاّ انت صوابعك كلّها زيّ بعضها " 00!؟
ويلكم، متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا 00 "فرجّالتك يا ر يّس:
"بياخذوا عاطل مع باطل*لَا بيرحموا حابل ولَا نابل"
"ما عندهمش غير غيّة*وهيّة حب الأذ يّة"
"صدق اللي قال الفاضي*في البلددي بيعمل قاضي"
99999999999999999999999999999999999
"عشان تعرفوا ان الدّاخليّة من يومها وهى أوسخ جهازخلقه ربّنا؛ أقلّ جربوع فيها يحبّ يرسم نفسه "علىقفا الغلَابة اللي زيينا، تلَاقي الواحدمنهم:
"بيه ونز يه وبرغم سنّه
لسانه متبرّي منّه"
أرأيتم بالله عليكم مهزلة كهذه 00!!!؟
أمّا السّجّانين "وياما في السّجن مظاليم:
مردوا على البطش*واستعذبوا التّعذيبا
*******
قلوبهم كالحجارة*أو أشدّ منها قسوة
مفاتيحهم تنوء*بالعصبة أولي القوّة
"لدرجة اني سألت واحدمنهم في مرّة: إنتم ما بتخافوش ربنا 00!؟
قام ضحك وقال لي بنخاف، لكن ما بنختشيش " 00!
6666666666666666666666666666
وَجَرَّبْنَا مَرَارَةَ السُّجُون، وَانْتِظَارَ الفَرَج، وَتَرَقُّبَ رَنِينَ المَفَاتِيحِ مِنْ دَاخِلِ الزِّنْزَانَة 00
وَعَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِر:
إِنْ لَاحَ طَيْفٌ قُلتُ يَا عَينُ انْظُرِي * أَوْ عَمَّ صَمْتٌ قُلتُ يَا أُذُنُ اسْمَعِي
كُنَّا إِذَا حَاصَرَتْنَا الهُمُومُ نهْرَبُ إِلى النَّوْم، فَإِذَا مَا أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَوْقَ البَلَاطِ هَرَبَ مِنَّا النَّوْمُ لِشِدَّةِ الهُمُوم 00!!
حَتىَّ أَنَّا كُنَّا إِذَا مَا ضَاقَ صَدْرُنَا مِنْ طُولِ البَلَاء: نَرْفَعُ أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ إِلى السَّمَاء، وَنَدْعُو بهَذَا الدُّعَاء:" يَا رَبِّ هَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيل " 00!؟
يَأْتي الطَّعَامُ إِلى فَمِي * مُرَّاً تَلَوَّثَ بِالدَّمِ
77777777777777777777777777777777
[10]
ـ عَن أَبي مُوسَى رضي الله عنه قَال:
" قَالُواْ يَا رَسُولَ الله أَيُّ الإِسْلَامِ أَفْضَل 00؟
قَالَ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ " 00!!
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 10، 59]
[1315]
ـ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ " 00!!
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِع 0 الترْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ في صَخْرٍ بِرَقم: 1315، 3922]
[9]
ـ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
" المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِه، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نهَى الله عَنْهُ " 00!!
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 9]
[0000]
ـ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَأَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّار: فَأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فَالشَّهِيد، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِسَيِّدِه، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَال، وَأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ فَأَمِيرٌ مُسَلَّط، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُعْطِي حَقَّ مَالِه، وَفَقِيرٌ فَخُورٌ " 00!!
[ابْنِ خُزَيمَةَ في صَحِيحِهِ بِرَقم: 2249 / الإِمَامُ أَحْمَدُ في صَخْرٍ بِرَقم: 9128]
[9815]
ـ عَنِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِني لأَعْلَمُ أَوَّلَ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّة: الشَّهِيد، وَعَبْدٌ أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيه، وَفَقِيرٌ عَفِيفٌ مُتَعَفِّف، وَإِني لأَعْلَمُ أَوَّلَ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّار: سُلْطَانٌ مُتَسَلِّط، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ وَفَقِيرٌ فَخُورٌ " 00!!
[الإِمَامُ أَحْمَد 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 9815]
فَلَا تُكْثِرُواْ شَوْكَ الأَذَى في غُصُونِكُمْ * فَيَكْثُرَ مِنهُمْ فِيكُمُ الكَسْرُ وَالخَبْطُ
لِلقَوَافي غَضْبَةٌ * تَفْعَلُ في الأَعْرَاضِ
كَمِثْلِ فِعْلِ النَّبْلِ * تمَامَاً في الأَغْرَاضِ
أَعْذَرَ مَن أَنْذَرَ * فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضِ
فَاحْذَرْ لِسَانَ الشُّعَرَاء 00
وَاعْلَمْ بِأَنهُمُ إِذَا لَمْ يُنْصَفُواْ * حَكَمُواْ لأَنْفُسِهِمْ عَلَى الحُكَّامِ
وَجِنَايَةُ الجَادِي عَلَيْهِمْ تَنْقَضِي * وَهِجَاؤُهُمْ يَبْقَى مَعَ الأَيَّامِ
فَإِنَّ وَصْمَةَ الشُّعَرَاءِ مِثْلُ الوَشْمِ لَا تَزُول 00 وَهَكَذَا الشَّاعِرُ دَائِمَاً:
كَالمَاءِ أَعْذَبُ مَا يَكُونُ وَإِنَّهُ * لأَشَدُّ مَا يَسْطُو عَلَى النِّيرَانِ
وَيُفَصِّلُ القَرَوِيُّ مَا أَجْمَلَهُ في هَذَا البَيْتِ بِقَوْلِهِ في سَيَّارَةٍ سَقَطَتْ عَلَيْهَا قِطْعَةٌ مِنَ الجَلِيدِ مِنْ قِمَّةِ أَحَدِ جِبَالِ الثَّلْجِ في أُورُوبَّا فَحَطَّمَتْهَا فَقَالَ مُؤَيِّدَاً لِفِكْرَةِ بَيْتِهِ السَّابِقِ:
جَالَا بمُعْترَكِ الصِّدَامِ فَلَمْ يُطِقْ * جَبُلُ الحَدِيدِ مَعَ الجَلِيدِ جِلَادَا
لَا تَسْتَخِفُّواْ بِالضَّعِيفِ وَحَاذِرُواْ * زَمَنَاً يَصِيرُ المَاءُ فِيهِ جَمَادَا
وَهَكَذَا، وَكَمَا يَقُولُ ابْنُ الرُّومِيّ:
كُنْتُ مِصْبَاحَاً فَصِرْتُ اليَوْمَ شَمْسَاً * أَطْفِئُواْ الشَّمْسَ إِذَا كُنْتُمْ رِجَالَا
وَلِذَا أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ ابْنُ رَشِيق:
لَا تَسْتَطِيلُواْ عَلَى ضَعْفي بِقُوَّتِكُمْ * فَالنَّمْلُ وَالنَّحْلُ قَدْ يَعْدُواْ عَلَى الفِيلِ
فَلَا تَعْجَلْ أَبَا {000} عَلَيْهِمْ * وَمُدَّ لَهُمْ خُيُوطَ الوَهْمِ مَدَّا
سَتَعْلَمُ أَيُّنَا شَرٌّ مَكَانَاً * وَأَضْعَفُ نَاصِرَاً وَأَقَلُّ جُنْدَا
عَجِبْتُ لِمَنْ يَرَاهُ النَّاسُ قِطَّاً * وَيجْعَلُ نَفْسَهُ لِلَّيْثِ نِدَّا
هَذَا لِتَعْلَمَ يَا بَاقِل: أَنَّ الشَّاعِرَ لَا يُؤْخَذُ مِنهُ حَقٌّ وَلَا بَاطِل 00!!
فَتَاللهِ لَوْ كَانَ أَبُوكَ الرَّئِيس: لَقَالَ الخَسِيسُ بْنُ الخَسِيس، وَلَوْ كَانَ أَبُوكَ الوَزِير: لَقَالَ الحَقِيرُ بْنُ الحَقِير 00
%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%
وَهْوَ أَيْضَاً كَالمِرْآة: إِن أَرَيْتَهَا حَسَنَاً أَرَتكَ حَسَنَاً، وَإِن أَرَيْتَهُ قَبِيحَاً أَرَاكَ قَبِيحَاً 00!!
أَوْ كَالأَرْض: إِن زَرَعْتَهَا تُفَّاحَاً أَنْبَتَتْ لَكَ تُفَّاحَاً، وَإِنْ زَرَعْتَهَا حَنْظَلاً أَنْبَتَتْ لَكَ حَنْظَلاً 00!!
وَلِذَا جَعَلنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقنَاهُمْ كُلَّ ممَزَّق، وَكَمَا يَقُولُ ابْنُ المُقَفَّعِ رحمه الله:
" فَإِنَّ الفَأْسَ تُقْطَعُ بهَا أُصُولُ الشَّجَر فَيَعُودُ فَيَنْبُت، وَالسَّيْفُ يَقْطَعُ اللَّحْمَ ثمَّ يَعُودُ فَيَنْدَمِل، وَلَالِّسَانُ لَا يَلتَئِمُ جُرْحُهُ وَلَا تُؤْسَ مَقَاطِعُه، وَالنَّصْلُ مِنَ السَّهْمِ يَغِيبُ في اللَّحْمِ ثمَّ يُنْتَزَعُ فَيَخْرُج، وَأَشْبَاهُ النَّصْلِ مِنَ الكَلَامِ إِذَا وَصَلَ إِلى القَلبِ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهَا " 00!!
وَ {لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ} فَلِلسُّمِّ التِّرْيَاق، وَلِلهُمُومِ وَالأَحْزَان: الصَّبرُ وَالسُّلوَان 00 إِلَاّ التِّرَة؛ فَإِنهَا الدَّاءُ العَيَاء، الَّذِي أَعْيى العَرَّافِينَ وَحَيرَ الأَطِبَّاء؛ فَنَارُهَا لَيْسَتْ كَنَارِ إِبْرَاهِيم، بَلْ كَمَا يَقُولُ أَمِيرُ الشُّعَرَاء:
نَارٌ لَوِ ابْتُلِيَ الخَلِيلُ بمِثْلِهَا * أَسْتَغْفِرُ اللهَ لَوَلَّى هَارِبَا
نَارٌ لَا تُطْفَأُ إِلَاّ بمَاءِ النَّار 00!!
وَالشَّرُّ إِنْ تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقْتَ بِهِ * ذَرْعَاً وَإِنْ تَلقَهُ بِالشَّرِّ يَنْفَصِمِ
المَلَاك: وَإِنْ يَبْغِ عَلَيْكَ قَوْمُكَ لَا يَبْغِ عَلَيْكَ القَمَر 00!!
وَاللهِ لأَعْصِبَنَّهُمْ عَصْبَ السَّلَمَة، وَلأَضْرِبَنَّهُمْ ضَرْبَ غَرَائِبِ الإِبِل، وَلأَجْعَلَنَّ الوَاحِدُ مِنهُمْ يَنْكُتُ في الأَرْضِ رَأسَهُ وَيَقُول: لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْني 00!!
فَتَاللهِ لَقَدْ كَانَا * بِأَيْدِيهِمْ أَنْ نَكُونَا
كَخَاتمِ سُلَيْمَانَا * لَكِنَّهُمْ جَعَلُونَا
كَعَصَاةِ ابْنِ عِمْرَانَا * تَلقَفُ مَا يَأفِكُونَا
عَامٌ تَوَلى في الكَلَامِ وَعَامُ * فَعَلَى المَطَالِبِ رَحْمَةٌ وَسَلَامُ
يَا أَوْلِيَاءَ أُمُورِنَا رِفْقَاً بِنَا * فَلَنَا عَلَيْكُمْ حُرْمَةٌ وَزِمَامُ
هَذِي المُمَاطَلَةُ الَّتي تُبْدُونهَا * لَا الشَّعْبُ يَرْضَاهَا وَلَا الإِسْلَامُ
%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%
الشَّاعِرُ الَّذِي فَضَحَ زَعِيمَ الثَّوْرَة، وَأَظْهَرَ لِلْعَالَمِ جَوْرَه
إِنَّهُ الشَّاعِر / هَاشِم الرِّفَاعِي، وَهَذِهِ حِكَايَتُهُ مَعَ الثَّوْرَة ـ أَعْرِضُ فِيهَا دَوْرَه ـ ابْتِدَاءً مِنْ تَرْحِيبِهِ وَابْتِهَاجِهِ بِهَا كَمِصْرِيٍّ وَشَاعِر، وَانْتِهَاءً بِانْقِلَابِهِ عَلَيْهَا لَمَّا رَأَى دِيكْتَاتُورِيَّةَ وَاسْتِبْدَاد جَمَال عَبْد النَّاصِر:
عَادَ السُّرُورُ لِمِصْرِنَا وَالنُّورُ * وَتَدَفَّقَتْ لِلْخَيْرِ فِيهِ بحُورُ
لَا أَرْجَعَ الرَّحْمَنُ أَيَّامَاً مَضَتْ * كَانَتْ عَلَيْنَا بِالشَّقَاءِ تَدُورُ
لَمَّا أَتَيْتَ لَنَا كَغَيْثٍ هَاطِلٍ * سَارَ الرِّضَا وَالخَيْرُ حَيْثُ تَسِيرُ
سَوَّيْتَ بَينَ ضَعِيفِنَا وَقَوِيِّنَا * لَمْ يَبْقَ فِينَا خَادِمٌ وَأَمِيرُ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي؟}
ــ
وَمِمَّا قِيلَ في الظَّلَمَةِ قَبْلَ الثَّوْرَةِ هَذِهِ القَصِيدَةُ لِلشَّاعِر هَاشِم الرِّفَاعِي أَيْضَاً:
أَمَا آنَ لَابْنِ النِّيلِ أَنْ يُدْرِكَ النَّصْرَا * وَآنَ لِهَذَا اللَّيْلِ أَنْ يُظْهِرَ الفَجْرَا
فَكُنْتُ إِذَا مَا ذَاقَتِ الظُّلْمَ دَوْلَةٌ * عَلَى يَدِ محْتَلٍّ ذَكَرْتُ بِهَا مِصْرَا
بَذَلْنَا لَهَا الأَرْوَاحَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ * وَجُزْنَا لأَجْلِ بِلَادِنَا الصَّعْبَ وَالوَعْرَا
وَمَرَّتْ بِنَا الأَعْوَامُ وَالنِّيلُ حَانِقٌ * يُعَاني مِنَ الضِّيقِ الَّذِي يَمْلأُ الصَّدْرَا
شُيُوخٌ وَشُبَّانٌ مَضَواْ في سَبِيلِهِ * وَفي نَيْلِ الَاسْتِقْلَالِ قَدْ أَفنَوُاْ العُمْرَا
فَمَا نَامَ هَذَا الشَّعْبُ عَنْ نَيْلِ مَأْرَبٍ * وَلَكِنَّهُ عُدْوَانُ مَنْ سَكَنَ القَصْرَا
فَكَمْ مِنْ زَعِيمٍ أُودِعَ السِّجْنَ مَا جَنى * فَسَارَ إِلَيْهِ رَافِعَاً رَأْسَهُ فَخْرَا
وَثَوْرَاتِ أَبْطَالٍ أَثَارُواْ لَهِيبَهَا * فَأَخْمَدَهَا مَن أَضْمَرُواْ الحِقْدَ وَالغَدْرَا
فَحَيِّ الَّذِي بَاعَ الكِنَانَةَ نَفْسَهُ * وَفَوْقَ قُبُورِ الخَالِدِينَ ضَعُواْ الزَّهْرَا
وَإِنْ يُدْرِكِ الوَادِي الجَلَاءَ فَجَدِّدُواْ * مَدَى الدَّهْرِ في عِيدِ الجَلَاءِ لهُمْ ذِكْرَى
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
ــ
وَمِمَّا قِيلَ في الظَّلَمَةِ قَبْلَ الثَّوْرَةِ هَذَا البَيْتَ لِلشَّاعِر هَاشِم الرِّفَاعِي أَيْضَاً:
نُسَاقُ إِلى السُّجُونِ وَنُسْتَرَقُّ * بحُكْمٍ فِيهِ إِجْحَافٌ وَحُمْقُ
وَذَلِكَ مَنْطِقِيٌّ حِينَ يَرْعَى زِمَامَ الأَمْرِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
ــ
وَمِمَّا قِيلَ في الظَّلَمَةِ أَيْضَاً قَبْلَ الثَّوْرَةِ هَذِهِ القَصِيدَةُ لِلشَّاعِر هَاشِم الرِّفَاعِي:
هَاتِ الحُسَامَ وَوَدِّعْ هَذِهِ الدَّارَا * فَالخَطْبُ أَشْعَلَ في أَحْشَائيَ النَّارَا
وَاثْأَرْ لِمَجْدِكَ يَا ابْنَ النِّيلِ مُقْتَحِمَاً * سَاحَ المَعَارِكِ وَامْحُ الذُّلَّ وَالعَارَا
الحُكْمُ للَّهِ يَا مَنْ بَاعَ أُمَّتَهُ * كَيْ يَأْخُذَ الحُكْمَ مِنْ مَوْلَاهُ إِجْبَارَا
يَا أَيُّهَا الحَاكِمُ الطَّاغِي بِقُوَّتِهِ * لَا تُغْرِ بِالأَزْهَرِ المَعْمُورِ أَشْرَارَا
إِنْ كَانَ في طَوْعِكَ البُولِيسُ إِنَّ لَنَا * يَوْمَ الجِهَادِ قُلُوبَاً تَلقَفُ النَّارَا
هَذِي الكِنَانَةُ لَنْ تَنْسَى لَكُمْ أَبَدَاً * عَهْدَاً طَلَيْتُمْ لَنَا آفَاقَهُ قَارَا
*********
يَنْفُخْنَ في أَشْبَالهِنَّ حَمَاسَةً * تَثِبُ الصُّدُورُ لَهَا مِنَ الغَلَيَانِ
وَقَالَ في مُنَاسَبَةِ شَمُّ النَّسِيم {عِيدُ الرَّبِيع} مُعَرِّضَاً بهَذَا الظُّلم:
رَبِيعٌ أَظَلَّتْهُ لَيَالٍ سُودُ * وَمَاتَ لَهُ فَوْقَ الشِّفَاهِ نَشِيدُ
فَلَا النِّيلُ بَسَّامَاً بِيَوْمِ وُرُودِهِ * وَلَا عِيدُهُ بَينَ المَصَائِبِ عِيدُ
وَقَدْ صَارَ تَغْرِيدُ البَلَابِلِ صَرْخَةً * مِنَ الظُّلمِ في الوَادِي لَهَا تَرْدِيدُ
وَأَصْبَحَ تَغْرِيدُ الطُّيُورِ تَوَجُّعَاً * لِكُلِّ بَرِيءٍ أَثْقَلَتْهُ قُيُودُ
وَسَاقِيَةٍ بَاتَتْ تَئِنُّ فَخِلتُهَا * عَلَى مِصْرَ بِالدَّمْعِ الغَزِيرِ تَجُودُ
ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ رَأَيْنَا خِلَالَهَا * لَيَاليَ كَالخَرُّوبِ أَغْلَبُهَا سُودُ
ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ رَأَيْنَا خِلَالَهَا * مِنَ الهَوْلِ شَيْئَاً مَا رَأَتْهُ ثَمُودُ
وَذُقْنَا مِنَ الإِرْهَابِ مَا لَا نُطِيقُهُ * وَلَيْسَ لَهُ مَهْمَا يَطُولُ حُدُودُ
أَفي مِصْرَ نحْيى اليَوْمَ أَمْ في جَهَنَّمٍ * فَقَدْ نَضِجَتْ مِنَّا بِمِصْرَ جُلُودُ
بِنَا مِنْ زُكَامِ الفَقْرِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ * يُشَمُّ نَسِيمٌ أَوْ تُشَمُّ وُرُودُ
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ نَعِيشُ لِمَرَّةٍ * وَلَيْسَ لِبَطْشِ الحَاكِمِينَ وُجُودُ
حَلُمْنَا بِأَنْ نَحْيى بِمَنأَىً عَنِ الأَذَى * فَحَطَّ بِنَا في مِصْرَ مِنهُ مَزِيدُ
وَلَوْ كَانَ ظُلمَاً يَنْتَهِي خَفَّ أَمْرُهُ * وَلَكِنَّهُ ظُلْمٌ لَهُ تجْدِيدُ
وَمِمَّا قَالَهُ في الظَّلَمَةِ أَيْضَاً إِبَّانَ الثَّوْرَة:
فَالنِّيلُ عَبْدٌ وَالكِنَانَةُ في أَسَىً * وَالشَّعْبُ يَشْكُو الجُوعَ وَالإِمْلَاقَا
ــ
وَمِمَّا قَالَهُ يُبَارِكُ الثَّوْرَةَ في مَهْدِهَا مُنَدِّدَاً بِما كَانَ قَبْلَهَا مِنَ الظُّلمِ وَالَاسْتِبْدَاد، الذِي سَادَ البِلَاد:
حَكَمَ الطُّغَاةُ فَمَا رَأَيْتُ بِعَهْدِهِمْ * غَيرَ الرَّصَاصِ إِلى الصُّدُورِ يُسَدَّدُ
يَا مِصْرُ قَدْ عَاثَتْ بِأَرْضِكِ عُصْبَةٌ * بِاسْمِ الحِمَايَةِ وَالتَّطَوُّرِ أَفْسَدُواْ
سَيُسَجِّلُ التَّارِيخُ أَنَّ بِعَهْدِكُمْ * ظُلمٌ وَعُدْوَانٌ وَحُكْمٌ أَسْوَدُ
رَغْمَ الحُرُوبِ وَرَغْمَ مَا كُنَّا بِهِ * مِنْ ضَيْعَةٍ كَانَ الفَقِيرُ يُزَغْرِدُ
ــ
وَمِمَّا قَالَهُ لِيُؤَيِّدَهَا أَيْضَاً:
هَذِي حِكَايَةُ أُمَّةٍ في ثَوْرَةٍ * أَحْيى بَنُوهَا بِالجِهَادِ شُعُوبَا
قَدْ أَثْخَنَتْ قَوْمِي جِرَاحٌ جَمَّةٌ * حَتىَّ أَتَاحَ لَهَا الإِلَهُ طَبِيبَا
ــ
وَقَالَ فِيهِمْ أَيْضَاً:
هَلْ كَانَ وَادِي النِّيلِ إِلَاّ ضَيْعَةً * يَلْقَى بِهَا الحُكَّامُ كُلَّ المَغْنَمِ
فَإِلَامَ وَادِي النِّيلِ يَفْقِدُ خَيرَهُ * يجْرِي الفَسَادُ بجِسْمِهِ مجْرَى الدَّمِ
ــ
وَمِمَّا قَالَهُ في الظَّلَمَةِ أَيْضَاً عِنْدَمَا اعْتُقِلَ أَخُوهُ مُصْطَفَى الرِّفَاعِي:
مَضَى لِلنَّوْمِ سُمَّارٌ * قَدِ افْتَقَدَتهُمُ الدَّارُ
فَلَمْ يُسْمَعْ لَهُمْ نَثْرٌ * وَلَا أَدَبٌ وَأَشْعَارُ
فَعُدْتُ بمُهْجَةٍ حَرَّى * وَقَلبٍ مِلْؤُهُ نَارُ
وَحَوْلي مِنْ سُكُونِ اللَّيْ * ـلِ وَالأَوْهَامِ أَسْتَارُ
تُعَذِّبُني أَحَاسِيسٌ * لَهَا في القَلْبِ أَظْفَارُ
وَفي رَأْسِي خَيَالَاتٌ * تَمُوجُ بِهِ وَأَفكَارُ
كَذَلِكَ في رُبَا الوَادِي * يَذُوقُ المُرَّ أَحْرَارُ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَهَذِهِ القَصِيدَةُ قَالَهَا الشَّاعِرُ هَاشِم الرِّفَاعِي؛ رَدَّاً رِسَالَةٍ تَلَقَّاهَا مِنْ مُعْتَقَلٍ سِيَاسِيٍّ حَكَمَ الظَّلَمَةُ عَلَيْهِ بِالإِعْدَام؛ طَلَبَ مِنهُ فيهَا أَنْ يُوَاسِيَ أَبَاه؛ فَكَتَبَ هَذِهِ القَصِيدَةَ عَلَى لِسَانِ ابْنِهِ قَائِلاً:
أَبَتَاهُ مَاذَا قَدْ يخُطُّ بَنَاني * وَالسَّوْطُ وَالجَلَادُ مُنْتَظِرَانِ
هَذَا الكِتَابُ إِلَيْكَ مِنْ زِنْزَانَةٍ * مَوْبُوءَ ةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرَانِ
لَمْ تَبْقَ إِلَاّ لَيْلَةٌ أَحْيى بِهَا * وَأَحُسُّ أَنَّ ظَلَامَهَا أَكْفَانيانِ
سَتَمُرُّ يَا أَبَتَاهُ لَسْتُ أَشُكُّ في * هَذَا وَتحْمِلُ بَعْدَهَا جُثْمَانيانِ
اللَّيْلُ مِن حَوْلي هُدُوءٌ قَاتِلٌ * وَالذِّكْرَيَاتُ تَمُرُّ في وُجْدَانيانِ
وَيهُدُّني فَزَعِي فَأَنْشُدُ هَدْأَتي * في بِضْعِ آيَاتٍ مِنَ القُرْآنِ
وَالنَّفسُ بَينَ جَوَانِحِي خَفَّاقَةٌ * الخَوْفُ دَبَّ بِهَا فَهَزَّ كِيَانيانِ
قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بِالإِلَهِ وَلَمْ أَذُقْ * إِلَاّ أَخِيرَاً لَذَّةَ الإِيمَانِ
وَمُعَذَّبٍ سَمِعَ الدُّجَى أَنَّاتِهِ * مُتَعَلِّلاً بِالصَّبرِ وَالسُّلْوَانِ
يَسْتَعْمِلُ الأَشْرَارُ في تَعْذِيبِهِ * مَا فَاقَ كُلَّ وَسَائِلِ الشَّيْطَانِ
شُكْرَاً لهُمْ أَنَاْ لَا أُرِيدُ طَعَامَهُمْ * فَليَرْفَعُوهُ فَلَسْتُ بِالجَوْعَانِ
هَذَا الطَّعَامُ المُرُّ مَا صَنَعَتهُ لي * أُمِّي وَلَا وَضَعُوهُ فَوْقَ خِوَانِ
مَدُّواْ إِليَّ بِهِ يَدَاً مَصْبُوغَةً * بِدَمِي وَهَذِي غَايَةُ الإِحْسَانِ
إِنَّ السُّجُونَ وَلَوْ طَلَوْ جُدْرَانَهَا * بِالمِسْكِ فَهْيَ كَرِيهَةُ الْبُنيَانِ
وَالصَّمْتُ يَقْطَعُهُ رَنِينُ سَلَاسِلٍ * عَبِثَتْ بِهِنَّ أَصَابِعُ السَّجَّانِ
مِنْ كُوَّةٍ بِالبَابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ * وَيَعُودُ في أَمْنٍ إِلى الدَّوَرَانِ
أَنَاْ لَا أَحُسُّ بِأَيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ * مَاذَا جَنى فَتَمَسَّهُ أَضْغَانيانِ
هُوَ طَيِّبُ الأَخْلَاقِ مِثْلُكَ يَا أَبي * لَمْ يَبْدُ في ظَمَأٍ إِلى العُدْوَانِ
فَلَرُبَّمَا وَهُوَ المُرَوِّعُ سِحْنَةً * لَوْ كَانَ مِثْلِي شَاعِرَاً لَرَثَانيانِ
وَعَلَى الجِدَارِ تُطِلُّ نَافِذَةٌ بِهَا * مَعْنى الحَيَاةِ غَلِيظَةُ القُضْبَانِ
فَلَطَالَمَا شَارَفتُهَا مُتَأَمِّلاً * في الثَّائِرِينَ عَلَى الأَسَى اليَقْظَانِ
فَأَرَى وُجُومَاً في الوُجُوهِ مُصَوِّرَاً * مَا في قُلُوبِ النَّاسِ مِن غَلَيَانِ
نَفْسُ الشُّعُورِ لَدَى الجَمِيعِ وَإِن هُمُ * كَتَمُواْ لأَنَّ المَوْتَ في الإِعْلَانِ
أَوَكُلُّ شَهْمٍ لَا يُؤَيِّدُ ظُلْمَكُمْ * يُمْسِي لَدَيْكُمْ خَائِنَ الأَوْطَانِ
خَدَعُواْ المُوَاطِنَ بِالتَّوَدُّدِ عِنْدَمَا * لَبِسُواْ مُسُوحَ الزُّهْدِ وَالرُّهْبَانِ
مَاذَا أَفَادَ النِّيلُ مِنْ كُورْنِيشِهِ * إِنْ كَانَ يَشْكُو ذِلَّةً وَيُعَانيانِ
مَا سَدَّ جُوعَاً أَوْ كَسَا عُرْيَاً بَدَا * تَحْدِيدُهُمْ مِلكِيَّةَ الأَطْيَانِ
المَالُ قَدْ أَفْنَوْهُ كَيْ يَتَظَاهَرُواْ * بِتَتَابُعِ التَّشْيِيدِ وَالعُمْرَانِ
قَدْ أُبْدِلَ المَلِكُ العَظِيمُ بحَاكِمٍ * وَالشَّعْبُ بَيْنَهُمَا المَرِيضُ العَانيانِ
وَيَدُورُ هَمْسٌ في الجَوَانحِ مَا الَّذِي * بِالثَّوْرَةِ الحَمْقَاءِ قَدْ أَغْرَانيانِ
أَوَلَمْ يَكُن خَيرَاً لِنَفْسِيَ أَن أُرَى * مِثْلَ الجَمِيعِ أَسِيرُ في إِذْعَانِ
مَا ضَرَّني لَوْ أَنْ سَكَتُّ وَكُلَّمَا * غَلَبَ الأَسَى بَالَغْتُ في الكِتْمَانِ
هَذَا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئَاً * مَا ثَارَ في جَنْبيَّ مِنْ نِيرَانِ
وَالظُّلمُ بَاقٍ لَنْ يحَطِّمَ قَيْدَهُ * مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْبَانيانِ
هَذَا حَدِيثُ النَّفْسِ في أَعْمَاقِهَا * يُنْبِيكَ عَنْ بَشَرِيَّةِ الإِنْسَانِ
وَيَرُدُّ قَلْبي بَلْ تَعِيشُ لِغَايَةٍ * أَسْمَى مِنَ التَّصْفِيقِ لِلطُّغْيَانِ
دَمْعُ السَّجِينِ بمِصْرَ في أَغْلَالِهِ * وَدَمُ الشَّهِيدِ هُنَاكَ يَلْتَقِيَانِ
إِنَّ احْتِدَامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى * أُولى الخُطَى لإِثَارَةِ البرْكَانِ
فَيَمُوجُ يَقْتَلِعُ الطُّغَاةَ مُزَمْجِرَاً * أَقْوَى مِنَ الجَبرُوتِ وَالسُّلطَانِ
وَتَتَابُعُ القَطَرَاتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ * سَيْلٌ يَلِيهِ تَدَفُّقُ الفَيَضَانِ
كَمْ مِنْ قَوِيٍّ ظَالِمٍ قَدْ نَالَهُ * مِنْ شَعْبِهِ مَا لَيْسَ في الحُسْبَانِ
فَارُوقُ مَنْ مِنَّا تخَيَّلَ أَنَّهُ * مُتَنَازِلٌ يَوْمَاً عَنِ السُّلطَانِ
أَنَاْ لَسْتُ أَدْرِي هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي * أَمْ سَوْفَ يَطْوِيهَا دُجَى النِّسْيَانِ
أَوْ أَنَّهُ سَيُقَالُ عَنيِّ خَائِنٌ * مُتَآمِرٌ يَنْسَلُّ كَالثُّعْبَانِ
كُلُّ الَّذِي أَدْرِيهِ أَنَّ تجَرُّعِي * كَأْسَ المَظَالِمِ لَيْسَ في إِمْكَانيانِ
أَهْوَى الحَيَاةَ كَرِيمَةً لَا قَيْدَ لَا * إِرْهَابَ لَا اسْتِخْفَافَ بِالإِنْسَانِ
فَإِذَا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي * يَغْلِي دَمُ الأَحْرَارِ في وِجْدَانيانِ
أَبَتَاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّبَاحُ عَلَى الوَرَى * وَأَضَاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكَانِ
وَاسْتَقبَلَ العُصْفُورُ بَينَ غُصُونِهِ * يَوْمَاً جَدِيدَاً مُشْرِقَ الأَلوَانِ
سَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً * في الحَبْلِ مَشْدُودَاً عَلَى العِيدَانِ
أَنَاْ لَا أُرِيدُكَ أَنْ تَعِيشَ محَطَّمَاً * أَوْ عُرْضَةَ الآلَامِ وَالأَشْجَانِ
إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلَالِهِ * قَدْ سِيقَ نحْوَ المَوْتِ غَيرَ مُدَانِ
فَاذْكُرْ حِكَايَاتٍ بِأَيَّامِ الصِّبَا * قَدْ قُلْتَهَا ليَ عَن هَوَى الأَوْطَانِ
وَإِذَا سمِعْتَ نَشِيجَ أُمِّيَ في الدُّجَى * تَبْكِي شَبَابَاً ضَاعَ في الرَّيْعَانِ
وَتُكَتِّمُ الأَحْزَانَ في أَعْمَاقِهَا * حَتىَّ غَدَتْ أُحْدُوثَةَ الجِيرَانِ
فَاطْلُبْ لَدَيْهَا الصَّفْحَ عَنيَ إِنَّني * لَا أَبْتَغِي مِنهَا سِوَى الغُفْرَانِ
لَا زَالَ في سَمْعِي يَرِنُّ حَدِيثُهَا * وَمَقَالُهَا في رَحْمَةٍ وَحَنَانِ
أَبُنيَّ أَيَّامِي غَدَتْ مَعْدُودَةً * لَمْ يَبْقَ لي جَلَدٌ عَلَى الأَحْزَانِ
فَأَذِقْ فُؤَادِي فَرْحَةً بِالبَحْثِ عَن * بِنْتِ الحَلَالِ وَدَعْكَ مِن عِصْيَانيانِ
تِلْكَ الَّتي كَانَتْ لَهَا أُمْنِيَّةً * يَا حُسْنَ آمَالٍ لهَا وَأَمَانيانِ
غَزَلَتْ خُيُوطَ السَّعْدِ نَاعِمَةً وَلَمْ * يَكُنِ انْتِقَاضُ الغَزْلِ في الحُسْبَانِ
هَذَا الَّذِي سَطَّرْتُهُ لَكَ يَا أَبي * بَعْضُ الَّذِي يَجْرِي بِفِكْرٍ عَانيانِ
لَكِن إِذَا انْتَصَرَ الضِّيَاءُ وَمُزِّقَتْ * بِيَدِ الإِلَهِ شَرِيعَةُ القُرْصَانِ
فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبرُ هِمَّتي * مَنْ كَانَ في الدُّنيَا حَلِيفَ هَوَانِ
وَإِلى لِقَاءٍ تحْتَ ظِلٍّ عَدَالَةٍ * قُدْسِيَّةِ الأَحْكَامِ وَالمِيزَانِ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
ــ
وَلَمَّا رَأَى أَنَّ الثَّوْرَةَ لَمْ تحَقِّقْ لِلْمِصْرِيِّينَ الأَهْدَافَ الَّتي قَامَتْ مِن أَجْلِهَا، وَرَأَى أَنَّ الدِّيكْتَاتُورِيَّةُ لَمْ تَزَلْ جَاثمَةً عَلَى صَدْرِ الدِّيمُقْرَاطِيَّة؛ قَالَ رحمه الله:
قَدْ أُبْدِلَ المَلِكُ العَظِيمُ بِحَاكِمٍ * وَالشَّعْبُ بَيْنَهُمَا المَرِيضُ العَاني
المَالُ قَدْ أَفنَوْهُ كَيْ يَتَظَاهَرُواْ * بِتَتَابُعِ التَّشْيِيدِ وَالعُمْرَانِ
وَقَالَ رحمه الله أَيْضَاً لَمَّا رَأَى أَنَّ الثَّوْرَةَ لَمْ تحَقِّقْ لِلْمِصْرِيِّينَ الأَهْدَافَ الَّتي قَامَتْ مِن أَجْلِهَا، وَرَأَى أَنَّ الدِّيكْتَاتُورِيَّةُ لَمْ تَزَلْ جَاثمَةً عَلَى صَدْرِ الدِّيمُقْرَاطِيَّة:
قَوْمِي عَلَامَ تُهَلِّلُونَ عَلَامَا * وَلِمَنْ نَصَبْتُمْ هَذِهِ الأَعْلَامَا
هَلْ قَامَ مِنْ بَعْدِ التَّحَيُّزِ نَائِبٌ * في البرْلَمَانِ يُحَاسِبُ الحُكَّامَا
هَلْ أَصْبَحَ الإِسْلَامُ دُسْتُورَاً لَنَا * مِنْ بَعْدِ أَنْ ذُقْنَا الأَسَى أَعْوَامَا
قَدْ خِلْتُ في دَقِّ البَشَائِرِ أَنَّهُمْ * نَزَعُواْ القُيُودَ وَحَرَّرُواْ الأَقْلَامَا
وَظَنَنْتُ أَنَّ هُتَافَ مَن هَتَفُواْ عَلَى * أَنْقَاضِ سِجْنٍ فَارَقُوهُ حُطَامَا
يَا أُمَّةً مُنِيَتْ بِأَفْدَحِ نَكْبَةٍ * زَادَتْ شَقَاءَ حَيَاتهَا آلَامَا
أَوْلى بِهَا لَوْ أَنَّهَا مِن خِزْيِهَا * بَينَ الوَرَى خَفَضَتْ لِذَاكَ الهَامَا
أَوَلَيْسَ يُنْكِرُ كُلَّ صَوْتٍ غَيرَهُ * وَلَوِ اسْتَطَاعَ لأَنْكَرَ الإِسْلَامَا
هُوَ لَعْنَةٌ نَزَلَتْ بِنَا وَكَأَنَّهُ * ذِئْبٌ رَأَى في جُوعِهِ أَغْنَامَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَقَالَ رحمه الله أَيْضَاً لَمَّا رَأَى أَنَّ الثَّوْرَةَ لَمْ تحَقِّقْ لِلْمِصْرِيِّينَ الأَهْدَافَ الَّتي قَامَتْ مِن أَجْلِهَا، وَرَأَى أَنَّ الدِّيكْتَاتُورِيَّةُ لَمْ تَزَلْ جَاثمَةً عَلَى صَدْرِ الدِّيمُقْرَاطِيَّة:
هُوَ الظُّلمُ يَا ابْنَ النِّيلِ بِالنِّيلِ نَازِلٌ * تَمُرُّ بِكَ الأَيَّامُ وَالظُّلمُ شَامِلُ
صَبَاحُكَ دَيْجُورٌ وَحَقُّكَ ضَائِعٌ * وَعَهْدُكَ مَخْفُورٌ فَمَا أَنْتَ فَاعِلُ
عَهِدْتُكَ لَا تَسْتَعْذِبُ الضَّيْمَ مَوْرِدَاً * وَلَوْ أُحْكِمَتْ حَوْلَ اليَدَينِ السَّلَاسِلُ
أَرَى كُلَّ يَوْمٍ لِلطُّغَاةِ مَكِيدَةً * فَلَا الحَقُّ مَنْصُورٌ وَلَا الجَوْرُ زَائِلُ
وَلَا هُمْ عَنِ الغَيِّ الَّذِي عَمَّ أَقْصَرُواْ * فَيَهْدَأَ مَوْتُورٌ وَتَسْكُتَ ثَاكِلُ
كَأَني بهَذَا الشَّعْبِ قَدْ ثَارَ ثَوْرَةً * وَإِخْمَادَهَا لَا تَسْتَطِيعُ القَنَابِلُ
فَمَا بَيْنَهُمْ لَوْ يَصْدُقُ الظَّنُّ فِيهِمُ * وَبَينَ الرَّدَى إِلَاّ لَيَالٍ قَلَائِلُ
وَلَنْ يَأْمَنَ القَتْلَ المُدَبَّرَ جَائِرٌ * كَمَا لَا يَخَافُ القَتْلَ إِنْ سَارَ عَادِلُ
فَذَلِكَ عَهْدٌ لَا رَأَتْ مِصْرُ مِثْلَهُ * وَذَلِكَ حُكْمٌ بِالإِسَاءَ اتِ حَافِلُ
فَقَدْ نَصَبُواْ فَوْقَ الرُّؤُوسِ مَشَانِقَاً * لِمَنْ يَبْتَغِي دَفْعَاً لَهُمْ أَوْ يحَاوِلُ
سُجُونٌ قَدِ اكْتُظَّتْ بِمَنْ نَزَلُواْ بِهَا * وَمُعْتَقَلَاتٌ أَفْعَمَتْهَا الجَحَافِلُ
وَأَنى مَشَواْ في كُلِّ وَادٍ فَحَوْلَهُمْ * يُصَفِّقُ مَأْجُورٌ وَيهْتِفُ جَاهِلُ
عَلَى دُبْلُومَاسِيِّ العُرُوبَةِ رَحْمَةٌ * فَقَدْ لَفَظَتْهُ كَالنَّوَاةِ المحَافِلُ
مَهَازِلُ مَا زِلنَا نُقَاسِي جَحِيمَهَا * وَقَدْ كَثُرَتْ في ذَا الزَّمَانِ المَهَازِلُ
لِمَا لَمْ تَكُنْ كُورْيَا كَبَغْدَادَ لُقْمَةً * وَمِصْرَ الَّتي سَاغَتْ لِمَن هُوَ آكِلُ
فَهَيْهَاتَ مَا كُلُّ البِلَادِ كِنَانَةً * وَلَا شَعْبُهُمْ كَالشَّعْبِ في مِصْرَ غَافِلُ
وَقَالَ رحمه الله أَيْضَاً لَمَّا رَأَى أَنَّ الثَّوْرَةَ لَمْ تحَقِّقْ لِلْمِصْرِيِّينَ الأَهْدَافَ الَّتي قَامَتْ مِن أَجْلِهَا، وَرَأَى أَنَّ الدِّيكْتَاتُورِيَّةُ لَمْ تَزَلْ جَاثمَةً عَلَى صَدْرِ الدِّيمُقْرَاطِيَّة:
لَا مِصْرُ دَارِي وَلَا هَذِي الرُّبا بَلَدِي * إِنِّي مِنَ الحَقِّ فِيهَا قَدْ نَفَضْتُ يَدِي
أَمْسِي نِفَاقٌ وَيَوْمِي كُلُّهُ كَذِبٌ * فَكَيْفَ يَفْرَحُ قَلْبي بِانْتِظَارِ غَدِي
شَعْبٌ تَلَذُّ لَهُ أَسْيَافُ قَاتِلِهِ * حُمْرَاً وَتُطْرِبُهُ تَرْنِيمَةُ الصَّفَدِ
تَرَاهُ يَلْهُو وَسَوْطُ الذُّلِّ يُلْهِبُهُ * فَلَا يَحُسُّ وَلَا يَرْثَى لِمُضْطَهِدِ
وَقَالَ جَلَادُهُ يَوْمَاً يُدَاعِبُهُ * اخْتَرْ رَئِيسَكَ لَا تَرْهَبْ أَذَى أَحَدِ
فَاخْتَارَ جَلَادَهُ مِنْ فَرْطِ طِيبَتِهِ * وَقَالَ إِنىِّ سَأَلْقَى الجَلْدَ بِالجَلَدِ
وَقَائِلٌ ليَ يَنهَاني وَيَنْصَحُني * السِّجْنُ بَاتَ قَرِيبَاً مِنْكَ فَابْتَعِدِ
فَقُلْتُ فِكْرِي وَإِحْسَاسِي أَأَقْتُلُهُ * إِنْ يَسْجِنُوني فَلَنْ يَشْقَىسِوَىجَسَدِي
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
ثَارَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ في افْتِتَاحِ أَوَّلِ بَرْلَمَانٍ سُودَانيّ؛ حَدَثَتْ بِسَبَبِهَ مَذْبحَةٌ مِنْ تَدْبِيرِ المُسْتَعْمِر،
فَقَالَ الشَّاعِرُ هَاشِمٌ الرِّفَاعِيُّ عَلَى إِثرِهَا:
أَيَصْرَعُ فِينَا البَعْضُ بَعْضَاً كَأَنَّنَا * فَقَدْنَا عَدُوَّاً في البِلَادِ نُحَارِبُه
أَثَارَ بِيَوْمِ الحَفْلِ مَذْبَحَةً إِذَا * رَآهَا وَلِيدُ المَهْدِ شَبَتْ ذَوَائِبُه
دَهَتنَا اللَّيَالي الحَالِكَاتُ بحَاكِمٍ * مَصَائِبُهُ لَا تَنْقَضِي وَعَجَائِبُه
رَأَى فِيهِ الَاسْتِعْمَارُ رُوحَاً وَجِسْمَهَا * فَصَاغَهُمَا حَتىَّ تَتِمَّ رَغَائِبُه
فَأَصْبَحَ لِلمُحْتَلِّ كَفَّاً وَسَاعِدَاً * لِيَنعَبَ فِينَا بِالمَكِيدَةِ نَاعِبُه
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَقَالَ أَيْضَاً في ذَلِكَ مُوَجِّهَاً الكَلَامَ إِلى الرَّئِيس جَمَال عَبْد النَّاصِر شَخْصِيَّاً:
هَا هُمْ كَمَا تَهْوَى فَحَرِّكْهُمْ دُمَى * لَا يَفْتَحُونَ بِغَيرِ مَا تَهْوَى فَمَا
إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّهُمْ قَدْ جُمِّعُواْ * لِيُصَفِّقُواْ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَتَكَلَّمَا
وَهُمُ الَّذِينَ إِذَا صَبَبْتَ لَنَا الأَسَى * هَتَفُواْ بِأَنْ تَحْيى لِمِصْرَ وَتَسْلَمَا
وَسَطَوْتَ قَبْلَ اليَوْمِ تَحْذَرُ لَائِمَاً * فَالآنَ تَسْطُو لَا تَخَافُ اللُّوَّمَا
وَدَعَوْتَنَا لِنُقِيمَ مَجْلِسَ أُمَّةٍ * حُرَّاً فَصَدَّقْنَا وَقُلْنَا رُبَّمَا
قَدْ كُنْتَ مَكْشُوفَ النَّوَايَا فَاتخِذْ * مَنْ شِئْتَ في نَيْلِ المَطَامِعِ سُلَّمَا
فَأَبَيْتَ إِلَاّ أَنْ تَكُونَ كَعَهْدِنَا * بِكَ في النُّعُومَةِ وَالضَّرَاوَةِ أَرْقَمَا
أَيُّ الأَبَالِسَةِ اجْتَبَاكَ فَكُنْتَ في * إِحْكَامِ تَدْبِيرِ المَكِيدَةِ مُلهَمَا
فَخَدَعْتَنَا يَوْمَ القَنَالِ وَكُنْتَ لَا * تَنْفَكُّ إِنْ ذُكِرَ العِدَا مُتَهَكِّمَا
وَظَلَلْتَ تَنْسِجُ في وُعُودِكَ جَنَّةً * حَتىَّ وَجَدْنَا مَا تَقُولُ جَهَنَّمَا
كَلِمَاتُكَ الجَوْفَاءُ كَانَ طَنِينُهَا * كَعُوَاءِ ذِئْبٍ في إِهَابِكَ قَدْ نمَا
تَنْسَابُ في آذَانِنَا مَعْسُولَةً * وَإِذَا جَلَاهَا العَقْلُ كَانَتْ عَلقَمَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَمِمَّا قَالَهُ بَعْدَ العُدْوَانِ الثُّلَاثيِّ وَازْدِيَادِ الظُّلمِ وَالجَبرُوتِ مُعَرِّضَاً بِالرَّئِيس جَمَال عَبْد النَّاصِر أَيْضَاً:
يُعَتِّقُ خَمْرَاً مِنْ دِمَاءٍ أَبَاحَهَا * وَيَصْنَعُ كَأْسَاً مِن عِظَامِ الجَمَاجِمِ
وَيَسْكُبُ في الأَسْمَاعِ لَفظَاً مُنَمَّقَاً * لِنَسْبَحَ في حُلمٍ مِنَ الأَمْنِ وَاهِمِ
يَدَاهُ يَدٌ بِإِشَارَةٍ لجُنُودِهِ * تحَوِّلُ لَيْلَ العُرْسِ لَيْلَ مَآتِمِ
وَأُخْرَى تُنِيلُ المُعْوِزِينَ مَعُونَةً * تُشَابُ إِذَا سِيقَتْ بِسُمِّ الأَرَاقِمِ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَمِمَّا قَالَهُ في الرَّئِيس جَمَال عَبْد النَّاصِر أَيْضَاً:
يَسْعَى لِتَقْتِيلِ الشُّيُوخْ * في كُلِّ زَاوِيَةٍ وَكُوخْ
وَيَدَاهُ تُغْمَسُ كُلَّ يَوْمٍ في دَمِ المُسْتَضْعَفِين
الثَّائِرِينَ عَلَى القُيُودِ وسَطْوَةِ المُتَجَبِّرِين
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَمِمَّا قَالَهُ في الرَّئِيس جَمَال عَبْد النَّاصِر أَيْضَاً:
وَحِينَ كَشَفْنَا لِلأَنَامِ قِنَاعَهُ * وَعُرِّيَ عَنْ ثَوْبِ الدَّهَاءِ الَّذِي ارْتَدَىدَا
أَقَامَ لَنَا النِّيرَانَ في كُلِّ مَوْطِنٍ * وَإِنْ تَكُ نَارَاً قَدْ أَضَاءَتْ لَنَا الغَدَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَتَأْتي هَذِهِ الْقَصِيدَةُ في قِمَّةِ مَا قَالَهُ في الرَّئِيس جَمَال عَبْد النَّاصِر؛ يهْجُوهُ صَرَاحَةً وَيُنَدِّدُ بمَا سَادَ في عَصْرِهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالَاسْتِبْدَادِ، وَيَصْفُ أَحَدَ السُّجُونِ في تِلْكَ الأَثْنَاءِ قَائِلاً:
قَالُواْ الجَلَاءُ فَقُلْتُ حُلمَ خَيَالِ * لَا تَطْمَعُواْ في نَيْلِ الَاسْتِقْلَالِ
لَيْسَ الجَلَاءُ رَحِيلَ جَيْشٍ غَاصِبٍ * إِنَّ الجَلَاءَ تحَطُّمُ الأَغْلَالِ
إِنْ يَتْرُكِ الدُّخَلَاءُ مِصْرَ فَإِنَّنَا * نَحْيى بِمِصْرَ فَرِيسَةَ الإِذْلَالِ
مَا كَانَ هَذَا الأَجْنَبيُّ بِبَالِغٍ * في البَطْشِ مَبْلَغَ سَالِمٍ وَجَمَالِ
يَا نِيلُ إِنَّ السَّيْلَ قَدْ بَلَغَ الزُّبى * وَغَدَتْ بِلَادُكَ دُمْيَةَ الأَطْفَالِ
طَعَنُواْ جَبَابِرَةَ الكِفَاحِ وَأَلصَقُواْ * لَقَبَ الخَؤُونِ بجَبْهَةِ الأَبْطَالِ
هُمْ أَخْرَسُواْ الأَصْوَاتَ حَتىَّ كَبَّلُواْ * حُرِّيَّةَ الآرَاءِ وَالأَقْوَالِ
جِئْ يَا جَمَالُ بِمَا تَشَاءُ مُظَفَّرَاً * إِنَّ الطُّغَاةَ قَصِيرَةُ الآجَالِ
وَاظْلِمْ كَمَا تَهْوَى وَظُلْمُكَ وَاسِعٌ * قَدْ آذَنَتْ شَمْسٌ لَكُمْ بِزَوَالِ
لَمْ يَعْرِفِ " البَاسْتِيلُ " يَوْمَاً بَعْضَ مَا * في سِجْنِكَ الحَرْبيِّ مِن أَهْوَالِ
مِصْرُ الأَمَانِ غَدَتْ لِكَثرَةِ ظُلمِكُمْ * سِجْنَاً كَبِيرَاً مُحْكَمَ الأَقْفَالِ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
وَ " البَاسْتِيلُ " سِجْنَاً في فَرَنْسَا لَمْ يَكُن عَادِيَّاً، كَانَتْ تمَارَسُ فِيهِ أَبْشَعُ أَنوَاعِ التَّعْذِيبِ حَتىَّ هَاجَمَهُ جَمَاهِيرُ الشَّعْبِ الفَرَنْسِيِّ وَهَدَمُوهُ في الثَّوْرَةِ الفَرَنْسِيَّة، وَكَانَ لِسُقُوطِهِ دَوِيَّاً عَظِيمَاً دَاخِلَ وَخَارِجَ فَرَنْسَا 00!!
وَمِمَّا قَالَهُ في الرَّئِيس جَمَال عَبْد النَّاصِر أَيْضَاً:
أَنْزِلْ بِهَذَا الشَّعْبِ كُلَّ هَوَانِ * وَأَعِدْ عُهُودَ الرِّقِّ لِلأَذْهَانِ
وَاقْتُلْ كَرَامَتَهُ وَعِزَّةَ نَفْسِهِ * وَافْرِضْ عَلَيْهِ شَرِيعَةَ القُرْصَانِ
أَطْلِقْ زَبَانِيَةَ الجَحِيمِ عَلَيْهِ مِن * بُولِيسِكَ الحَرْبيِّ وَالأَعْوَانِ
وَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ غَيرَ محَاسَبٍ * فَالسَّوْطُ لَمْ يخْلَقْ لِغَيرِ جَبَانِ
أَلَّهْتَ نَفْسَكَ يَا جَمَالُ فَهَلْ لَنَا * مِنْ جَنَّةٍ في جَانِبِ النِّيرَانِ
هَدَّمْتَ صَرْحَ فَسَادِهِ لَكِن عَلَى * حُرِّيَّةِ الأَرْوَاحِ وَالأَبْدَانِ
هَبْني خُدِعْتُ بِكُلِّ مَا زَيَّفْتَهُ * عَنْ سَادَةِ الأَحْزَابِ وَالإِخْوَانِ
هَلْ خَانَ قَائِدُنَا نَجِيبٌ عَهْدَنَا * أَمْ رَاحَ نَهْبَ الحِقْدِ وَالأَضْغَانِ
لَمْ يَرْضَ بِالدِّكْتَاتُورِيَّةِ شِرْعَةً * بَعْدَ العُهُودِ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ
أَوَكُلُّ شَهْمٍ لَا يُؤَيِّدُ ظُلْمَكُمْ * يُمْسِي لَدَيْكُمْ خَائِنَ الأَوْطَانِ
مَاذَا أَفَادَ النِّيلُ مِنْ كُورْنِيشِهِ * إِنْ كَانَ يَشْكُو ذِلَّةً وَيُعَانيانِ
مَا سَدَّ جُوعَاً أَوْ كَسَا عُرْيَاً بَدَا * تَحْدِيدُهُمْ مِلكِيَّةَ الأَطْيَانِ
المَالُ قَدْ أَفْنَوْهُ كَيْ يَتَظَاهَرُواْ * بِتَتَابُعِ التَّشْيِيدِ وَالعُمْرَانِ
قَدْ أُبْدِلَ المَلِكُ العَظِيمُ بحَاكِمٍ * وَالشَّعْبُ بَيْنَهُمَا المَرِيضُ العَانيانِ
خَدَعُواْ المُوَاطِنَ بِالتَّوَدُّدِ عِنْدَمَا * لَبِسُواْ مُسُوحَ الزُّهْدِ وَالرُّهْبَانِ
فَإِذَا بِهِ شَعْبٌ ذَلِيلٌ صَاغِرٌ * نحْوَ السُّجُونِ يُسَاقُ كَالقُطْعَانِ
وَمُعَذَّبٍ سَمِعَ الدُّجَى أَنَّاتِهِ * مُتَعَلِّلاً بِالصَّبرِ وَالإِيمَانِ
يَسْتَعْمِلُ الأَشْرَارُ في تَعْذِيبِهِ * مَا فَاقَ كُلَّ وَسَائِلِ الشَّيْطَانِ
مِن أَيِّ غَابٍ قَدْ أَتَيْتَ بِشِرْعَةٍ * لَيْسَتْ يُسَاسُ بِهَا سِوَى الحَيَوَانِ
يَكْفِيكَ عَرْضُ الجُنْدِ في حَفَلَاتِهِ * وَالكَشْفُ عَمَّا ضَمَّ مِنْ شُجْعَانِ
لَوْ كَانَ عَهْدُكَ قَبْلَ عَهْدِ مُحَمَّدٍ * لَلُعِنْتَ يَا جَبَّارُ في القُرْآنِ
" نِيرُونُ " لَوْ قِيسَتْ بِكُمْ أَفْعَالُهُ * سَيَكُونُ رَمْزَ البِرِّ وَالإِحْسَانِ
جَلَادَ مِصْرَ وَيَا كَبِيرَ طُغَاتِهَا * مَهْلاً فَأَيَّامُ الخَلَاصِ دَوَانيانِ
إِنَّ احْتِدَامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى * أُولى الخُطَى لإِثَارَةِ البرْكَانِ
فَيَمُوجُ يَقْتَلِعُ الطُّغَاةَ مُزَمْجِرَاً * أَقْوَى مِنَ الجَبرُوتِ وَالسُّلطَانِ
وَتَتَابُعُ القَطَرَاتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ * سَيْلٌ يَلِيهِ تَدَفُّقُ الفَيَضَانِ
كَمْ مِنْ قَوِيٍّ ظَالِمٍ قَدْ نَالَهُ * مِنْ شَعْبِهِ مَا لَيْسَ في الحُسْبَانِ
فَارُوقُ مَنْ مِنَّا تَخَيَّلَ أَنَّهُ * مُتَنَازِلٌ يَوْمَاً عَنِ السُّلطَانِ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
ــ
وَهَذِهِ قَصِيدَةٌ قَالهَا في إِقَالَةِ الصَّاغ صَلَاح سَالِم ـ ذَلِكَ الطَّاغِيَةِ الظَّالِم ـ وَالَّتي كَانَتْ بَعْدَ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ مِنْ محَاوَلَةِ اغْتِيَال جَمَال:
أَبىَ اللهُ إِلَاّ أَنْ تَذِلَّ وَتَخْضَعَا * وَشَاءَ لِرُكْنِ البَغْيِ أَنْ يَتَصَدَّعَا
فَفَارَقْتَ دَسْتَ الحُكْمِ وَالأَنْفُ رَاغِمٌ * فَمُتْ بِالأَسَى أَوْ عِشْ ذَلِيلاً مُضَيَّعَا
فَيَا طُولَ مَا أَفزَعْتَ في مِصْرَ آمِنَاً * فَبِتْ مِثْلَ مَنْ قَدْ بَاتَ بِالأَمْسِ مُفْزَعَا
هَوَى غَيرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ فَلَمْ يَدَعْ * بِأَيِّ فُؤَادٍ لِلتَّرَحُّمِ مَوْضِعَا
وَكَانَ سُقُوطُ الْفَرْدِ مَصْدَرَ فَرْحَةٍ * فَكَيْفَ يَكُونُ الأَمْرُ لَوْ سَقَطُواْ مَعَا
وَجُرْتُمْ عَلَيْنَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ * وَجَرَّعْتُمُونَا الكَأْسَ بِالذُّلِّ مُتْرَعَا
أَرَى مِصْرَ وَالسُّودَانَ مِنْ بَعْدِ وِحْدَةٍ * تَفَرَّقَ مِنْ شَمْلَيْهِمَا مَا تَجَمَّعَا
فَعُدْوَانُكُمْ قَدْ أَلبَسَ النِّيلَ فُرْقَةً * وَأَسْخَطْتُمُ مِنهُ مَصَبَّاً وَمَنْبَعَا
وَمَا نَالَ أَقْطَارَ العُرُوبَةِ غَيرَ أَن * تَقَطَّعَ مِنْ مِيثَاقِهَا مَا تَقَطَّعَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
لِتَعْلَمْ أَخِي الْكَرِيم؛ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُ رَأْيَ هَاشِمٍ وَحْدَه، بَلْ هُوَ رَأْيُ أَغْلَبِ الْكُتَّابِ وَالأُدَبَاءِ وَالشُّعَرَاءِ وَإِنْ كَانُواْ أَقَلَّ حِدَّة، فَلَقَدْ رَأَى هَذَا مِنهُمْ عَدَدٌ غَيرُ محْدُودِ، عَلَى رَأْسِهِمْ محْمُود سَامي الْبَارُودِي؛ فَاسْتَمِعْ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ مُتَحَسَّرَاً عَلَى الأَمَلِ المَنْشُودِ، وَالمُسْتَقْبَلِ المَفْرُوشِ بِالْوُرُودِ:
كُنَّا نَوَدُّ انْقِلَاباً نَسْتَرِيحُ بِهِ * حَتىَّ إذا تَمَّ سَاءتْنَا مَصَائِرُهُ
وَفي نِهَايَةِ هَذِهِ السِّلْسِلَةِ الشِّعْرِيَّة؛ أُقَدِّمُ لِلْقُرَّاءِ مُفَاجَأَةً كُبْرَى عَن هَذِهِ الْعَبْقَرِيَّة:
كَمْ سَنَةٍ تَعْتَقِدُونَ عَاشَهَا ذَلِكَ الشَّاعِرُ الرَّبَّاني، الَّذِي تَصَدَّى بِصَدْرِهِ لِلظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ 00؟
تُوُفِّيَ هَاشِمٌ الرِّفَاعِي يَوْمَ تُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ عَامَاً وَنِصْف 00!!
تَدْرُونَ كَيْفَ كَانَتْ أَحْدَاثُ تِلْكَ الْوَفَاة 00؟
كَانَ في حَفْلٍ أَقَامَتْهُ إِحْدَى النَّوَادِي في الأَقَالِيم؛ فَحَدَثَتْ مُشَاجَرَةٌ مُفْتَعَلَة؛ فَقَامَ الشَّاعِرُ وَمَنْ مَعَهُ لِلتَّحْجِيزِ بَينَ المُتَشَاجِرِين؛ فَلَمْ يَنْتَبِهُواْ إِلَاّ وَشَاعِرُنَا الْعَظِيمُ يُمْسِكُ بِبَطْنِهِ وَالدِّمَاءُ تَسِيلُ مِنْ بَينِ أَصَابِعِه 00!!
وَالجِهَةُ الَّتي وَرَاءَ قَتْلِهِ ـ وَإِنْ قِيلَ أَنَّهَا مجْهُولَة ـ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا بِسُّهُولَة؛ إِذَا مَا تَأَمَّلْنَا فِيمَا نَقَلْنَا عَنهُ مِن أَشْعَار؛ أَقَلُّ مَا تُوصَفُ بِهِ أَنَّهَا جُذْوَةٌ مِنْ نَار 00!!
وَلِذَلِكَ لَا أَنْصَحُ أَحْبَابي مُطْلَقَاً بِالإِفْرَاطِ في الحَمَاسِ؛ وَلَا أَنْصَحُهُمْ بِالْكِتَابَةِ في الشِّعْرِ السِّيَاسِي؛ إِلَاّ لِمَنْ كَانَتْ لَدَيْهِ مَنَعَةٌ يَمْتَنِعُ بَعْدَ اللهِ بِهَا؛ فَإِنَّ السِّيَاسَةَ لَا قَلْبَ لَهَا 00
ـ على نَفسِهَا جَنَتْ براقش 00!!
{ذُوقُواْ فَإِنَّ سُقُوطَكُمْ يَشْفي صُدُورَ المُؤْمِنِين}
مَا كَانَ أَغْنى رِجَالاً ضَلَّ سَعْيُهُمُ * عَنِ الضِّرَارِ وَأَغْنَاهُمْ عَنِ العَنَتِ
فَسَأَشْطُبُ اسْمَكَا * مِنْ سِجِلِّ الأَحْيَاءِ
فَقُلْ لَهُمْ بَادِرُواْ بِالعُذْرِ وَالتَمِسُواْ * قَوْلاً يُبَرِّئُكُمْ لَنْ يَنْفَعَ الحَذَرُ
أَوْلى لكُمْ ثُمَّ أَوْلى أَنْ تُصِيبَكُمُ * مِنيِّ صَوَاعِقُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا {000} لَتَكُونَنَّ مِنَ المَفصُولِين 00!!
فحاربوا الله ورسله 00
ير يدون أن يطفئوا* نوره بأفواههم
ليتهم فعلوا بعبدة الشّيطان: كما يفعلون بعباد الرّحمن 00!!
أفتجعل المسلمين كالمجرمين 00!؟ ما لكم كيف تحكمون 00!؟
فاتقوا الله في رجال الدين "وبعدين مهما حصل 00 تشتموا تضر بوا لكن المصحف ذنبه إيه تقطعوه وتدوسوا عليه بالجزم " 00!؟
إن لم تستحيوا من جرأتكم على الله فاستحيوا من حلم الله عليكم؛ فمن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها 00!؟
أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلَا خائفين، لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم00
إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا 00
وحتي لَايظنوا أن زمانك هو المقصود بقوله (ص):
" سيأتي زمان على أمتي القابض فيه على دينه بالقابض على جمرة من نار " 00 فلَا تكونن أنت هذه الجمرة 00
" هتضرب في الإرهاب بالكر باج هيورم00 "والزكي اللي يستغني*بعقله عن دراعه"
"فدولَا ناس ماشيين بفلسفة بصرف النظر انها فلسفة خاطئة والفلسفة: تعالج بالفلسفة " 00؛ وحتي لَايقولو امعرضين بك وبمن معك إن فرعون وهامان وجنودهماكانو اخاطئين 00
"وبعدين اذا كان في التيّار الإسلَامي عيب: ففي الحكومة عيوب00بها فابدأ، وأعطهم الحر يّة في التعبير عن آرائهم، واحترم وجهة نظرهم وإن كنت لَا تو افقهم عليها؛ حتي لَا ينشدو امعرضين بك وبمن معك:
قالوا لقد ظلموا بالدين أنفسهم
والله يشهد أن الظالمين هم
فإن سكتنا يظنونا نكيد بهم
وإن نطقنا يقولوا فتنة عمم
"ولَا هى الديمقراطيّة ما اتعملتش غير بسّ عشان العلمانيين يشتموا في الدين زيّ ما هم عايز ين " 00!؟
"رجّعتلنا زمان قرقوش* اللي يخالفه يروح كلبوش"
***************
فَإِنْ نَطَقْنَا فَغَا * يَتُنَا إِلى السُّجُون
وَإِنْ سَكَتْنَا فَلَا * تَنَامُ مِنَّا العُيُون
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
"وبعدين اذا كان في التيّار الإسلَامي عيب: ففي الحكومة عيوب00بها فابدأ، وأعطهم الحر يّة في التعبير عن آرائهم، واحترم وجهة نظرهم وإن كنت لَا تو افقهم عليها؛ حتي لَا ينشدو امعرضين بك وبمن معك:
قَالُواْ لَقَدْ ظَلَمُواْ بِالدِّينِ أَنْفُسَهُمْ * وَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّ الظَّالمِينَ هُمُ
فَإِنْ سَكَتْنَا يَظُنُّونَا نَكِيدُ بِهِمْ * وَإِنْ نَطَقْنَا يَقُولُواْ فِتْنَةٌ عَمَمُ
"ولَا هى الديمقراطيّة ما اتعملتش غير بسّ عشان العلمانيين يشتموا في الدين زيّ ما هم عايز ين " 00!؟
"رجّعتلنا زمان قرقوش* اللي يخالفه يروح كلبوش"
*******
فَإِنْ نَطَقْنَا فَغَا * يَتُنَا إِلى السُّجُون
وَإِنْ سَكَتْنَا فَلَا * تَنَامُ مِنَّا العُيُون
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
*******
أفكلما اشتكينا*للتعصّب ننسب
ولو أنصتّ إلينا*قلوبنا ستكسب
يَعَضُّونَ في النَّاسِ بِذَنْبٍ وَبِغَيرِ ذَنْب، وَإِذَا بَصُرُواْ عَنْ جُنُبٍ بِإِنْسَانٍ يَعْطَسُ لَسَحَبُوهُ بِتُهْمَةِ إِزْعَاجِ السُّلطَات 00!!
فأنصف أهل العلم ورجال الدّين؛ حتي لَايصيحوا في وجهك يوما قائلين:
أفق يا متكبر*فالحق منك أكبر
فكم قد فاز الضعيف*على من هو أقدر
ألَا ترى أن الفيلَا*على النحل لَا يقدر
إن الإرهاب له خمسة محاور00 أما المحور الأوّل:
فهو النصيحة للسّلطان وذوي الهيئات من أولي الأمر00
ودار حول هذا المحورالحديث عن منابر السّوء الذين لَا ينصحون المرء إلَا ليؤَكِّدوا لأنفسهم أنه لَايقبل النصيحة00!
وقلت لهم بعد ملَامهم وتسفيه أحلَامهم:
ما كان أغني رجالَاضلّ سعيهم
عن الضّرار وأغناهم عن العنت
وقلت لهم إن إساءة ظننا بهم هى التي ولّدت إساءة معاملتهم لنا00"وعرّفتهم انّ مش غلط انّ الواحد يتكلّم في السّياسة، لكن الغلط انّه يتكلّم بطر يقة غلط: فمش كفاية انّك تتكلّم صحّ،
لَازما تتكلّم صحّ، وبطر يقة صحّ، فالغلط ما يتعالجش بالغلط، وبعدين اللي انتم شايفينوا غلط دوّا من وجهة نظركم إنتم، وزيّ ما انتم عارفين: لكل مشكلة ألف حلَاّل والمركب اللي تكثر ريّسينها بتغرق " 0
أما المحور الثاني:
ودارت حول هذا المحور مفاهيم التوادّ والتحابّ، والخلَاصة أن كل جماعة مهما حسنت: لَا تخلو من المساوئ، وكل جماعة مهما سائت: لَاتخلو من المحاسن
وهذا كان كلَامي في أمن الدّولة وإن كلّ إلَاواردها كان على ربك حتما مقضيّا، بم ننجي الذين اتّقوا ونذرالظالمين فيها جثيّا: حيث سألوني إلى أيّ الجماعات تنتمي00؟ "فقلت له والله يا بيه زيّ ما كل جماعة مهما كانت وحشة فيها صفات كويّسة: كل جماعة مهما كانت كويّسة فيها صفات وحشة " 00؛ فلقد أخذت الحلم مثلَا عن
جماعة الدّعوة والتّبليغ، والشّجاعة مثلَا عن الجماعة الإسلَاميّة، وهلمّ جرّا 0
بم قلت لهم في النهاية يا قوم اجلسوا على موائد الحوار، وأغلقوا أبواب الشّجار، واعلموا أن الخلَاف
لَايفسد للودّ قضيّة؛ فمن الطّبيعيّ أن تختلف عقولكم، ولكنّ المهمّ أن لَا تختلف قلوبكم 0 (أ 0 هـ)
أما المحور الثالث فلقد كان عن إساءة الفهم لتعاليم الإسلَام؛ فهؤلَاء قوم:
بلغوا بحرصهم*حدّ أن تعصّبوا
فحادوا عن اليسر*خوف ان يتسيّبوا
*******
فهموا ما لَا يرضاه*عاقل من الأديان
حتي صار كثيرا ما يطلع علينا بين الحين والحين: من نتمثّل فيه قائلين:
كذب على الله*وصدّقوا الأحمقا
والشّر أن يجد ال*كذاب مصدّقا
ولذا كنت كثيرا ما أقول لهم: حجّرتم والله واسعا
يا هؤلَاء، فحرّمتم مارزقكم الله افتراءً علىالله؛ حتي ضاقت عليكم الأرض بمارحبت وضاقت عليكم أنفسكم، ألم يخجلكم قول الشّاعر:
تَضِيقُ عَلَى الحَمْقَى أُمُورٌ كَثِيرَةٌ * وَفِيهَا لأَرْبَابِ العُقُولِ مخَارِجُ
فرفقاً بأنفسكم، أنا لَا أريدشيئا لَامنكم ولَا
منهم، إنما كل الذي أريده أن تسمعوني ولو مرّة، إني لكم من الناصحين: لَاتكونوا في خوفكم على الدّين كمثل الدّبّة التي قتلت صاحبها0
فخذوا النّقل بالعقل*واحبموا العقل بالنّقل
*******
أم كلّ من أعملَا*عقله قد ألحدا
أما المحور الرّابع: فتحدّثت فيه عن للتقليد الأعمى وخطره السيّئ علىالأمّة والمجتمع، وحذرت فيه من دعاته وعلى وجه الخصوص الشّيخ أسامة عبد العظيم/ أستاذ الفقه بكلّيّة الدّراسات الإسلَاميّة بجامعة الأزهر: الذي يقول لتلَامذته ما أريكم إلَا ما أرى وما أهديكم إلَاسبيل الرّشاد00 "لدرجة انّه من كثرة ما عوّدهم على الطاعة العمياء لو قال لهم في يوم الفرخة باربع رجلين لقالوا له آمين"00!
وأظنّ سامر يّهم قد خرج الآن ودعاهم لعبادته فخرّوا له ساجدين00!
وقلت لهم إن الحق لَايعرف بالرجال، ولبنّ الرجال هم الذين يعرفون بالحق، وضر بت لهم الأمثال،
وذكرتهم بالغراب الذي رأى حجلة تدرج في مشيتها فأعجبه ذلك منها ونال استحسانه فلم يزل يعالج مشيتها زمانا حتي سخرت منه الطّير وحقّرنه، فلمّا أن أراد العودة إلى مشيته الآولى وجدّ في طلبها لم يحسنها00"وعمل زيّ اللي رقص على السّلَالم: لَا اللي تحت شافوه، ولَا اللي فوق سمعوه"00 فصار مضرب الأمثال 00!!!
ونهيتهم أن يكونوابين أيدي مشايخهم بالميّت بين يدي مغسّله، ولَا حتي كالقمر الصّناعي:
إِن أَرَادُواْ السَّلَامَة * كَانَ لَهُمْ حَمَامَة
أَوْ أَرَادُواْ الحُرُوبَا * كَانَتْ لَهُ الزَّعَامَة
فكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
لَايأكلون الحامض وغير الحامض فإ يّاكم
إيّاكم والطّاعة العمياءيا أولي الأبصار 00
فالرّ يح لو أطاعتها* الغصون قطعتها
أما المحورالخامس فكان عن الفتنة الطّائفيّة، وأصلحت به كثيرا من المفاهيم الخاطئة ولكن من الناحية العقديّة، أما عن الأفكار التي دارت حول هذا المحور: فتتجلّى في هذه الكلمة التي توجّهت بها لإحدى الصّحف المصر يّة إثر حادث ضرب الإخوة الأقباط في حرم الكنيسة أثناء الصلَاة 00فلم تنشرها كالعادة 00!!
وهما جر يدتا الأسبوع والّلو اء الإسلَامي، وأقول فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
صرخة في وجه كل معتدٍ أثيم
ليت شعري: أليس هذا نفسه ما حدث بالحرم الإبراهيمي فقامت له قيامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها 00 ألَاما أشبه الليلة بالبارحة 00!!!
وبعد
أفلم تستح يا صاحب القرآن أن يحسن إليك صاحب الصّليب وتسيئ أنت إليه 00!؟
فهمتم ما لَا يرضاه*عاقل من الأديان
فأوشكتم أن تضر بوا*الإنجيل بالقرآن
لبلٍّ شرعة ومنهاج 00 "وزيّ ما بيقولوا كل شيخ وله طر يقة"00فلَا إكراه في الدّين قدتبيّن الرّشدمن الغيّ
وأما عن قضيّة البغض في الله واللَاء والبراء: فأبغضوا الشّر لَا الأشرار00؛ فكيف تنتظر ممّن تبغضه أن يسمعك 00!؟
وانظروا كيف كان يعطف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الكفّار فضلَا عن أهل الكتاب فعندما أتاه جبريل بنفسه وقال له إن الله يقول لك وعزّتي وجلَالي يا محمّد:
لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت: رفض صلوات ربي وتسليماته عليه مأكان منه إلَا أن
رفع يديه إلى السّماء وقال برضى نفسٍ منقطع النظير:
رب اهد قومي فإنهم لَا يعلمون 00!
رفع يديه إلى السّماء وقال برضىنفسٍ منقطع النظير:
رب اهد قومي إنهم لَا يعلمون 00!
فما أدري والله لم لَانتأسّى به في مثل هذه الأمور00!؟
بم أنّ عدواننا لهم لن يثمر غير الحقد على الإسلَام والمسلمين، وانظروا لمغبة غبائكم وعواقبه الوخيمة التي وصلت بأحدهم حدّقوله معرّضا بنا في مديحه لأحدرهبانهم:
عبدوا الإله لمغنمٍ يرجونه
وعبدتّ ر بّك لست تطلب مغنما
كم عذّبوا بجهنمٍ أرواحنا
فتألّمت من قبل أن نتألّما
زعموا الإله أعدّها لعذابنا
كلَاّ فما كان الإله ليظلما
ما كان من أمر الورى أن يرحموا
أعدائهم إلَا أرقّ وأرحما
ليست جهنّم غير فكرة تاجرٍ
الله لم يخلق لنا إلَاّ السّما
فذوقوا أيّها القتلة المجرمون، ذوقوا ما كنتم تكسبون؛ فمن جعل نفسه عظما أكلته الكلَاب 00
ألَا زال فوق الأرض بكر وتغلب
فحتي متي هذا الدّم المتصبّب
فيا لك شرّا لم يزل في طباعنا
ويا لك إنسانيّة تتعذّب
"عشان تعرفوا انّ الجرائد المصر يّة مش عاوزة الحلّ بقدر ما هى عاوزة جنازة وتشبع فيها لطم " 00!
وبعد
فسامحوني إن كنت قد أغلظت عليكم: فما هذا والله إلَامن حبي لكم00 وكما قال الشّاعر:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما
فليقس أحيانا على من يرحم
وَقَدْ يَكُونُ الْعِقَابْ أَنْفَعَ مِنَ الْعِتَابْ
في وقتٍ ما يا أحباب
ولله من قال:
يا ابنتي من ير بّيك*خير ممّن يلبّيك
فلَا تجدوا في أنفسكم حرجا ممّا كتبت 0
أما القساوسة الأبالسة الذين غرسوا الحقدوالضغينة في صدور أولئك الشعراء فقد أفردت لهم بابا خاصّا0
وأخيرا من الأسباب التي أدّت إلى الإرهاب ودفعت بالمستمسكين أن يغلوا في دينهم، وبالمتساهلين أن يستخفوا به: تشتت آراء الفقهاء في أمور الدّين؛
ويصدق على هذا قول ابن الروميّ:
أَحَلَّ العِرَاقِيُّ النَّبِيذَ وَشُرْبَهُ * وَقَالَ المحَرَّمُ إِنَّمَا الكَأْسُ وَالسُّكْرُ
وَقَالَ الحِجَازِيُّ الشَّرَابَانِ وَاحِدٌ * فَحَلَّتْ لَنَا بَيْنَ اخْتِلَافِهِمَا الخَمْرُ
سَآخُذُ مِنْ قَوْلَيْهِمَا طَرَفَيْهِمَا * وَأَشْرَبُهَا وَعَلَى الَّذِي اخْتَلَفَ الوِزْرُ
فإلى متي معشر الفقهاء تطوّعون الدين لهوى في نفوس الحكّام والزعماء00!؟
إلى متي:
نُرَقِّعُ دُنيَانَا بِإِفْسَادِ دِينِنَا * فَلَا الدِّينَ أَصْلَحْنَا وَلَا مَا نُرَقِّعُ
(أ 0 هـ)
بم ختمت عملي بالحديث عن رفق الدّ عاة والرّ عاة
على صعيد آخر 0
التوقيع
إن السّلطان زمام الأمور، والقطب الذي عليه مدار الدين والدنيا، وهو حمى الله في بلَاده، وظله الممدود على عباده 00 ويحكى في الأساطير أن الثعلب قال للديك بعدما أذّن ذات يوم أما تنزل لنصلي 00!؟
فقال الدّيك حسنا، فأيقظ الإمام النابم تحت الشجرة، فنظر الثعلب فإذ بالكلب 00 فولى مدبرا ولم يعقب، قأل له الدّيك الصلَاة 00؟!
فقال وهو يجري وله حصاص أي ضراط: قد انتقض وضوئي00!
أَشْرَفَ البَدْرُ عَلَى الغَابَاتِ في إِحْدَى اللَّيَالي
فَرَأَى الثَّعْلَبَ يَمْشِي خِلسَةً بَينَ الدَّوَالي
كُلَّمَا لَاحَ خَيَالٌ فَرَّ مِنْ ذَاكَ الخَيَالِ
*
فَرَأَى لَيْثَاً هَصُورَاً وَاقِفَاً عِنْدَ الغَدِيرْ
كُلَّمَا اسْتَشْعَرَ حِسَّاً مَلأَ الوَادِي زَئِيرْ
000 إلخ
فهذا ما ينبغي أن يكون عليه السلطان "هع، مين هناك " 00 ومن هنا كانت أمانة السلطة؛ لذا كانوا يتحامونها، حتى إِن أحد أهل الورع جاءَ ته الوزارة راكعة تحت قدميه فعمّم بها إياس فرارا منها وقال: الله يشهد أنه أحق بها مني؛ فإن كنت صادقا: فأنا لَا أصلح، وإن كنت كاذبا: فَكَيْفَ تسلطُ عَلَى المُسْلِمِينَ كذّاب 00!؟
فإيّاكم والتكالب على الإمامة؛ فإنها يوم القيامة خزي وندامة، نعمت المرضعة وبئست الفاطمة، ولو دام الكرسيّ لغيرك ما وصل إليك 0
أما أنتم معشر الرعيّة: فلَا تغلغلوا أعناقكم بربقة البيعة لكلّ من لبس التاج وقعد فوق السّر ير؛ فتلقوا بأنفسبم في التهلكة 00 بمغبّة إذعانكم
فيكون مصيركم كمصير تلك القر ية التي مات ملكها وكان حاكما ظالما لكن للأسف00 "خرجوا من حفرة وقعوا في دحديرة " 00 فخلف من بعده حاكم أظلم وأطغى00 فعلَا علواً كبيرا؛ حتي صار حال البلَاد على عهده شرّا مستطيرا، فتنحّوا جانبا وظلّوا يبكون على الأوّل رغم أن جراحهم منه لم تلتئم منه بعدحتي قال قائلهم:
سخطنا على عمروٍ000 البيت: فردّ عليه آخر وقال له "ما اسخن من سيدتي الَاّسيدي " 0
هَزِئَ الشَّاعِرُ مِنهُمْ قَائِلاً * بَلَغَ السُّوسُ أُصُولَ الشَّجَرَة
إِنَّ مَنْ تَبْكُونَهُ يَا سَادَتي * كَالَّذِي تَشْكُونَ فِيكُمْ بَطَرَهْ
فلَا بد أن تتحرّوا عمّن تعطونه صفقة أيمانكم، أما إن كان الأمر قد توجّه: فإن تمكّنت الرعيّة من قلعه
فبها ونعمة، وإلَا فإمام غشوم:
فبها ونعمة، وإلَا فعليكم بالسّواد الأعظم؛ فإنّ الذئب يأكل من الغنم القاصية، وإمام غشوم: خير من فتنة تدوم، ولَاتقولوا إنه الجهاد؛ فأين العتاد00!؟
ولمّاكانت معادن الرجال تتضعضع بالدينار والدرهم ومن هنا قيل إذا أردت أن تعرف امرءَا فسلّطه وفي السّلطان: يعرف الملك من الشيطان: فعلى كل حاكم أن يتقى الله في حكومته، وعلى كل راعٍ أن يتقى الله في رعيّته 00
فَكُلُّكُمُ رَاعٍ وَنحْنُ رَعِيَّةٌ * وَكُلٌّ سَيَلْقَى رَبَّهُ فَيُحَاسِبُه
وانظر كيف بلغت الأمانة بالفاروق حدّ أن أحدعمّاله سأله ذات يومٍ عن أحوال المسلمين فأجابه، فما أن سأله عن أحواله الشّخصيّة حتي أطفأ السراج وأوقد شمعة لَاتكاد تضيئ، فلما سأله عن ذلك قال: لأنّ الشمعة من بيت مالي، أما السّراج فيوقد من بيت مال المسلمين 00!
وأخلص لله تخلص لك الرعيّة؛ فقديما قيل: ما أخلص الذئب للشّياه: إلَاعندما أخلص الراعي لله، واعلم أنّ ما كان لله دام واتّصلَا، وما كان لغير الله انقطع وانفصلَا 00
ولَاتكذب؛ فالكذب يكون عند الخوف والملك ينبغي أن يكون شجاعا، ولَاتكن بخيلَاّ؛ إذ كيف يبخل من عنده خزائن الرزق وآتاه الله من كل شيئ سببا، كما ينبغي أن يكون عفيفا00 وقديما قيل:
لَا تَأْمَنَنَّ الأَمِيرْ * إِذَا غَشَّكَ الْوَزِيرْ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني 0 وَهُوَ في الأَصْلِ مَثَلٌ عَرَبيٌّ قُمْتُ بِوَزْنِه}
ومن هنا قال الإمام عليّ (كرّم الله وجهه) لعمر بن الخطاب (رضىالله عنه) عندماعجب الفاروق ممّن أتى
بتاج كسرى ولم يمسّه بسوء عندجمع الغنابم في وقعة القادسيّة ووضعه بين يديه "يا أمير المؤمنين: عففت فعفّوا، ولو رتعت لرتعوا 00!
فمن كان غنيّا فليستعفف، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف "ولَاتكن رئيسا كرؤساء اليومين دول "شعراء لَاينظمون ولَاينثرون: فليس فيهم من صفة الشعراء إلَا أنهم يقولون ما لَايفعلون 00!!!
كالمهديّ عليه (لعنة الله) عندما أرادمعاقبة الفرزدق
حيث أفاض في وصف الخمر بإحدى قصائده فقال له وما أدراك ياأمير المؤمنين أنّي أوصفها إن لم تكن تعرفها00!؟ وخرج من عنده وهو يقول:
إذاكان ربّ البيت بالطبل ضارباّ
فلَا تلم الصبيان فيه على الرقص
*******
يحرّم بيننا الصّهباء صبحاً
ويشر بها على عمدٍ مساء ا
متي يذنب أمير المؤمنينا
فمن جهتين لَا جهة أساءَا
*******
بالملح نصلح ما نخشى تغيّره
فكيف بالملح لو حاقت به الغير
كما أوصيك بالمشورة، فلَاتك ديكتاتور يّا لَا يسئل عمّا يفعل ولَايشرك في حكمه أحدا 00!
فناد في المملكة بحثا عن العباقرة واجمعهم حولك؛ فهؤلَاء صحبتهم غنيمة، وانظر إلى الفاروق ومن هو كيف كان يلَازم باب مدينة العلم الإمام عليّ (كرّم الله وجهه) وحبر الأ مّة وخير الناس: ترجمان القرآن ابن عبّاس 00!
أَمْرَانِ مَا اجْتَمَعَا لِقَائِدِ أُمَّةٍ * إِلَاّ جَنى بِهِمَا ثِمَارَ السُّؤْدَدِ
جَمْعٌ يَكُونُ الأَمْرُ شُورَى بَيْنَهُمْ * هَذَا وَجُنْدٌ لِلْعَدُوِّ بِمَرْصَدِ
فَالحَزْمُ لَا يَمْضِي بِدُونِ عَزِيمَةٍ * وَالْعَزْمُ لَا يَمْضِي بِدُونِ مُهَنَّدِ
{حَافِظ إِبْرَاهِيم؟}
*******
وَإِذَا كَانَتِ البِلَادُ بِلَا جَيْ * شٍ غَزَاهَا قَبْلَ النُّسُورِ الذُّبَابُ
مَا عَجِيبٌ فَنَاءُ شَعْبٍ ضَعِيفٍ * بَلْ بَقَاءُ الضَّعِيفِ شَيْءٌ عُجَابُ
ولذا كان من المضحك المبكي أن نطيع الغرب في معاهدة حظر الأسلحة 00 "بئا بعد امّا يصنعوا هم السلَاح النووي: يطلبوا منا التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة 00 يا ولَاد الكلب " 00!!!
أمّاعن موضوع المستشارين فإيّاك والإكثار منهم في غير فائدة؛ فمتي كثر الملَاحون غرقت السّفينة، وهذا بالطبع لَايقلل أهمّيّتهم؛ فإنّ للملك سكرة: لَا يفيق صاحبها إلَابمواعظ الحكماء؛ ومن هنا قيل أنّ الحكيم الفاضل دائما لَايرى إلَافي مكانين عظيمين:
إمّا من أهل النسك * أو من أعوان الملك
وحذارحذار أن يمكر به من حولك ويكيدوا له حسدا من عند أنفسهم00 كما فعل بالشّغبر الناسك
ولولَا أن تداركه الله برحمة منه لبان من المدحضين:
فقدزعمواأنّ أسدابحث عن وزيرليستوزره ويصطنعه
لنفسه فدلوه علىشغبر ناسك والشّغبرابن آوى فلمّا أن عرض عليه الأمر وهو يرجو أن يلينا: قال له ابن آوى
في وقار الحكماء يا مولَاي إنّ الواحد منكم معشر الملوك ليغضب غضب الصّبي ويبطش بطش الأسد00!
في وقار الحكماء يا مولَاي إنّ الواحد منكم معشر الملوك ليغضب غضب الصّبي ويبطش بطش الأسد00!
فَمُرَافِقُ السُّلْطَانِ مِثْلُ سَفِينَةٍ * في الْبَحْرِ تَرْجُفُ دَائِمَاً مِن خَوْفِهِ
إِن أَدْخَلَتْ مِنْ مَائِهِ في جَوْفِهَا * يَغْتَالُهَا مَعَ مَائِهَا في جَوْفِهِ
فلم يدعه الملك وكان أديبا أريبا وقال له لو نفر من السلطان أمثالك من الكرام الأفاضل أليس واجدا بغيته في اللئام الأراذل 00!؟
ولم يزل به حتي ثناه عن عزمه فلم يجد الشّغبر بدّا أمام هذا البيان الناصع من القبول، ومرّت الأ يّام طيّبة حتي بدأت المساعي، وأبت إلَا أن تخرج أعناقها الأفاعي: فدسّت بطانة السّوء للشّغبر من خبّأ في مخدعه قطعة من غداء الملك، وبينما هم جلوس إذ زجّوا بمن يطعن في أمانته ويشكك في ذمّته فقال انظر يا مولَاي إلى هذا الشّغبر يتخذمن غدائك كل يوم نصيبا معلوم، وشهد معه على هذا الجور كل من في القصر: بدءَا من صاحب الطعام وحتي الرّسول الذي كان يبدّل رسائل ابن آوى من سجنه عن وجهها بما بما يؤكد عليه التهمة ويرميه بالخساسة والخباسة والخبّ، كل هذا00 هذا00 والآخرون يقولون: محال، هذا ما لَايكون، الشّغبر00!!؟
والآخرون يقولون محال، هذا ما لَايكون، الشّغبر00!!
وظلوا هكذا: كلما قال واحد منهم شيئا سفّه رأيه الآخر، حتي قطعت جهيزة قول كل خطيبٍ وقال قائلهم ابعثوا بمن يفتّش لنا بيته، وما أن عثروا على اللحم في طيّات فراشه حتي أزمع الأسد على قتله وإن لم يفعل؛ فقد كان ذا حلم وأناة، ولم يزل في حيرة من أمره حتي حضر النمر وكان من الغائبين فقال له الملك أين كنت ألَاتعلم أني لَا أقطع أمرا دونك 00!؟
فقال يا مولَاي لقد تأكدّت من المؤامرة قبل حدوثها وخاصّة لما أعرفه من نزاهة ابن آوى وحسن صحابته إلَا أني لم أشأ أن أتقدّم بما لديّ من البراهين والأدلة لعلمي أنّ الشّهادة لَايقوم بها إلَاشاهدان ذوا عدل؛ فالتمست الشاهدالآخر فما وجدت أبرّ وأفى ذمّة من الفهد، فسأله وأين هو، فقال بالباب ينتظر الإذن بالدخول فأذن له، فقال أوّل ما قال الآن حصحص الحقّ وقدّم الدّليل القاطع على براءة ابن آوى وتآمر المتآمر ين فحكم بالإعدام على كل من تورّط في هذه المؤامرة وتم تغيير الحاشية بقوم صالحين على شاكلة ابن آوى وأفرج عنه في موكبٍ عظيم وأسبغت عليه النعم والعطايا من السّلطان والأعيان، ولم تزد الأيام الملك إلَاحبّا في الشّغبر ولم تزدالشغبر إلَاغبطة وسرورا0
وسرورا
فلتكن يقظان لمثل هذه لَامؤامرات من أوّل يوم تتسنّم فيه مقاليدالحكم فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم00 فإيّاك ومن إذا أعطوا منها رضوا وإذا لم يعطوا منها إذا هم يسخطون 00
تعلم أنّ أكثر من تهادي
وإن بشّوا إليك هم الأعادي
فحذارحذارمعشرالسّلَاطين من أرؤس النفاق فعمّا قليل سيرتدّون على أدبارهم وينقلبون عليكم ضدّا؛ كيف وإن أصابتهم مصيبة بما قدّمت أيديهم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلَا إحسانا وتوفيقا، يخفون في أنفسهم ما لَا يبدون لك وفيكم سمّاعون لهم، أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولَا بليغا00 ولكن حذارحذارمن ند بم الباذنجان قفد زعموا فيما زعموا أنه:
كَانَ لِلسُّلْطَانِ نَدِيمٌ إِمَّعَة * لَا يَقُولُ شَيْئَاً إِلَاّ كَانَ مَعَه
وَقَدْ يَزِيدُ في الثَّنَا عَلَيْهِ * إِذَا حَلَا شَيْءٌ مَا في عَيْنَيْهِ
وَكَانَ مَوْلَاهُ يَرَى وَيَعْلَمُ * وَيُبْصِرُ النِّفَاقَ لَكِنْ يَكْتُمُ
فَجَلَسَا يَوْمَاً عَلَى الخِوَانِ * وَجِيءَ في الأَكْلِ بِبَاذِنجَانِ
فَأَكَلَ السُّلْطَانُ مِنهُ مَا أَكَلْ * وَقَالَ بَاذِنجَانٌ هَذَا أَمْ عَسَلْ
قَالَ النَّدِيمُ صَدَقَ السُّلْطَانُ * لَا يَسْتَوِي شَهْدٌ وَبَاذِنجَانُ
هَذَا الَّذِي غَنىَّ بِهِ الرَّئِيسُ * وَقَالَ فِيهِ الشِّعْرَ جَالِينُوسُ
فِيهِ تِرْيَاقٌ يُعَالجُ السُّمَّا * وَيُسْتَخْدَمُ في عِلَاجِ الحُمَّى
قَالَ وَلَكِنْ شَانَتْهُ مَرَارَة * وَمَا حَمِدْتُ مَرَّةً آثَارَه
قَالَ نَعَمْ مُرٌّ وَهَذَا عَيْبُهُ * مُذْ كُنْتُ يَا مَوْلَايَ لَا أُحِبُّهُ
هَذَا الَّذِي مَاتَ بِهِ بُقْرَاطُ * كَذَاكَ حَذَّرَ مِنهُ سُقْرَاطُ
فَالْتَفَتَ السُّلْطَانُ لِمَن حَوْلَهُ * وَقَالَ كَيْفَ تجِدُونَ قَوْلَهُ
قَالَ النَّدِيمُ يَا سَيِّدَ النَّاسِ * دَعْ كَذِبي وَخُذْ مِنيِّ إِينَاسِي
جُعِلْتُ كَيْ أُنَادِمَ السُّلْطَانَا * لَا لِكَيْ أُنَادِمَ البَاذِنجَانَا
بالدخول فقال الآن حصحص الحقّ وقدّم الدّليل القاطع على براءة ابن آوى وتآمر المتآمرين
أوكغيلَان بن خرشة الذي كان يسيرمع أميرالمؤمنين ذات يوم علىنهرفقال له أميرالمؤمنين ما أنفع هذا النهر: فقال له نعم يا أميرالمؤمنين، حسبنا أنّ صبياننا يتعلمون فيه العوما00!
بم قال له في يوم آخر ما أضرّ هذا النهر: فقال حسبنا يا أميرالمؤمنين غرق الصّبية فيه وانبعاث البعوض منه الذي آذى القوما00!
فإيّاك إيّاك ومن إذا ما لقى اللصّ قال له اسرق، وإذا ما لقىربّ المنزل قال له أمسك عليك مالك00
فإيّاك إيّاك وأمثال هؤلَاء ممن قال فيهم حبيم العرب
يلقاك يحلف أنّه بك واثق
وإذا توارى عن سوادك عقرب
واعلم أنّ مثل بطانة السّوء في تز يين المنكر بمثل الذئب والغراب وابن آوى عندما ضللوا الملك: فيحبي فيما زعموا أنّ جملَا تخلف عن الإبل في أجمة كثيفة، فلم يزل يعيش في كنف أسد هذه الأجمة معتصما بجواره 00
يَطْعَمُ الطَّيْرَ وَاللُّحُومَ وَيُسْقَى * عَسَلاً لَمْ يَشُبْهُ إِلَاّ الزُّلَالُ
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي؟}
حتي أجدب المكان وأصابتهم الطواعين بما فيهم الأسدالذي أصابه الهزال الشّديدهو وأعوانه، فأشارت عليه بطانة السّوء يوما بافتراس الجمل
وبرّروا له ذلك بما آلت إليه أحوالهم: إلَا أنه كان شهما فأبى بشدّة، فأجمعوا أمرهم على أن يعرض كل واحد منهم نفسه على الملك بما يؤكد إخلَاصه بم يقوم الآخران فيقسمان بالله أنّ لحمه رديئ وأنّ من أكله يصاب بكذا وكذا00 حتي إذا ما جاء الدّورعلىالجمل وعرض نفسه أمسكوا، وفعلوا هذا بمرأى ومسمع من الجمل، فلمّا أن جاء الدّورعليه قال أمّا أنا يا مولَاي فطيّب الحلم غيرعسرالهضم فكلني هنيئا مر يئا، قد طبت بذلك نفسا علىسبيل المجاملة معتقدا أنّ الآخر ين سيخذلوا عنه كما رأى، إلَا أنهم ما أن سمعوا ذلك منه حتي وثبوا عليه وثبة رجل واحد فشبرقوه ومزّقوه كل ممزّق00!!
فلَا تتخذالمضلين عضدا، ولَاسيّما من هم علىشاكلة حاشية الرّشيدالذي عندما أتى بأحدالخارجين عليه
فآنس منه رشدا وكانت له سوق في العفو يخشى كسادها فهمّ بالعفو عنه قفامت قيامة الذين معه وخوّفوه من جرأة الخارجين عليه بعدذلك فتردّد، هنا قال الرّجل يا أميرالمؤمنين لَاتطع فىّ الناس فلوأطاعهم الله فيك لما استخلفك عليهم00
فلَاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطا، ولَاتكن للخائنين خصيما، وإذا احتكم إليك جمعان فأرادأحدهما أن يغر يك بالآخرفقال لك هؤلَاء فعلوا كذا وكذا فآتهم ضعفين من العذاب فقل له لكل ضعف ولكن لَا تعلمون 00
وإيّاك أن تستخدم أحدا من أعدائنا مهما أظهرلك من الولَاء والإخلَاص00 "يا أيها الذين آمنوا لَاتتخذوا بطانة من دونكم لَايألونكم خبالَاودّوا لو عنتم، قدبدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر " 00
وإيّاك أن تستوزرالفجرة الفسقة؛ فمن استرعى الذئب فقدظلم، أتجعل فيها من يفسدفيها ويسفك الدّماء ويهلك الحرث والنسل00!؟
فالتمس الأكفاء العدول من أهل مملكتك، واعلم أنه لَاخيرفي صاحب الحقّ الضعيف ولَافي القويّ إن كان صاحب باطل؛ ومن هنا قالت ابنة شعيب عليه السلام يا
أبت استأجره إنّ خيرمن استأجرت القويّ الأمين00؛ فإذا ما أتاك الضّعيف الأمين فقل له إنك لن تستطيع معى صبرا، وإذا ما أتاك القويّ الخائن فقل له إنك لَاينال عهدي الظالمين 00
وإيّاك أن تحكم فينا الرّويبضة؛ فإنّ الرسول سئل ذات يوم متي تقوم السّاعة فقال: إذا ضيّعت الأمانة فانتظر السّاعة، قيل وكيف إضاعتها يا رسول الله 00؟
قال: إذا وسّدالأمر لغيرأهله فانتظرالسّاعة 00
فضع الرّجل المناسب في المكان المناسب "ولَاتعط الحلق للي بلَا ودان " 00؛ حتي لَاتقول الرّعيّة هؤلَاء قوم كلما جائهم عامل بما لَاتهوىأنفسهم فر يقا بذبوا وفر يقا يقتلون 00
ولَاتك آمرا بالمنكرناهيا عن المعروف؛ حتي لَايقولوا يوم القيامة ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السّبيلَا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا 00
ولَاتترك أهل الحكمة والأدب جائعين ضائعين كما هوالحال في مصروتجمع حولك الشّعراء من كل صوب؛ فالشعراء يتبعهم الغاوون 00
والشّعر أعذبه * في المدح أكذبه
ولكن إيّاك وألسنتهم؛ فإنّ الواحد منهم يقول البيت لَا يلقي له بالَا: فيقوّض مجدك ولو كان جبالَا00
ولتتق الله بعد في رعيّتك فإنهم بين يديك لحم على وضم؛ فلتسهرعلىراحتهم لئلَا تسمع من يدعو الله
عليك قبيل الفجر ويناجي ربّه ويقول:
نَامَ الرُّعَاةُ عَنِ الخِرَافِ وَلَمْ تَنَمْ * فَإِلَيْكَ نَشْكُو الهَاجِعِينَ النُّوَّمَا
وإيّاك أن تفتح باب مملكتك لأيّ دخيل مهما ادّعى من المزاعم، وتحضرني في ذلك قصيدة قالها أمير الشعراء في قائد الحملة الفرنسيّة نابليون بونابرت عندما خدع المصريين بمزاعمه الكاذبة فانخدعوا له كالعادة:
كَانَتْ ضِعَافٌ مِنْ دَجَاجِ الرِّيفِ
تَخْطِرُ في بَيْتٍ لَهَا طَرِيفِ
إِذْ جَاءَهُمْ هِنْدِي كَبِيرُ الْعُرْفِ
فَقَامَ بِالْبَابِ قِيَامَ الضَّيْفِ
يَقُولُ حَيَّى اللهُ ذِي الْوُجُوهَا
وَلَا أَرَاهَا أَبَدَاً مَكْرُوهَا
أَتَيْتُكُمْ أَنْشُرُ فِيكُمْ فَضْلِي
وَزَوْجَاً أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِالْعَدْلِ
وَكُلُّ مَا عِنْدَكُمُ حَرَامُ
عَلَيَّ إِلَاّ المَاءُ وَالطَّعَامُ
فَعَاوَدَ الدَّجَاجَ دَاءُ الطَّيْشِ
وَفَتَحَتْ لِلْعِلْجِ بَابَ الْعُشِّ
فَجَالَ فِيهِ جَوْلَةَ المَلِيكِ
يَدْعُو لِكُلِّ فَرْخَةٍ وَدِيكِ
وَبَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ السَّعِيدَة
مُمَتَّعَاً بِدَارِهِ الجَدِيدَة
وَبَاتَتِ الدَّجَاجُ في أَمَانِ
تَحْلُمُ بِالذِّلَّةِ وَالهَوَانِ
حَتىَّ إِذَا مَا أَشْرَقَ الصَّبَاحُ
عَلَا مِنْ ذَلِكَ الضَّيْفِ الصِّيَاحُ
يَقُولُ بِلِسَانِهِ الْفَصِيحِ
للهِ دَرُّ مَنْزِلي الْفَسِيحِ
فَاسْتَيْقَظَ لِصَوْتِهِ الرِّفَاقُ
وَقَالُواْ هَذَا غَدْرٌ وَنِفَاقُ
فَضَحِكَ الهِنْدِيُّ حَتىَّ اسْتَلْقَى
وَقَالَ قَدْ صَدَّقْتُمُ يَا حَمْقَى
وَصَفْتُمُوني الآنَ بِالْكَذَّابِ
قَدْ كَانَ هَذَا قَبْلَ فَتْحِ الْبَابِ
ولولَا أن تداركه الله برحمة منه لبان من المدحضين:
فقدزعمواأنّ أسدابحث عن وزيرليستوزره ويصطنعه
لنفسه فدلوه على شغبرٍ ناسك والشّغبرابن آوى فلمّا أن عرض عليه الأمر وهو يرجو أن يلينا: قال له ابن آوى في وقار الحكماء يا مولَاي إنّ الواحد منكم معشر الملوك ليغضب غضب الصّبي ويبطش بطش الأسد00!
فمرافق السّلطان مثل سفينة
في البحر ترجف دائما من خوفه
إن أدخلت من مائه في جوفها
يغتالها مع مائها في جوفه
فلم يدعه الملك وكان أديبا أريبا وقال له لو نفر من السلطان أمثالك من الكرام الأفاضل أليس واجدا بغيته في اللئام الأراذل 00!؟
ولم يزل به حتي ثناه عن عزمه فلم يجد الشّغبر بدّا أمام هذا البيان الناصع من القبول، ومرّت الأ يّام طيّبة حتي بدأت المساعي، وأبت إلَا أن تخرج أعناقها الأفاعي: فدسّت بطانة السّوء للشّغبر من خبّأ في مخدعه قطعة من غداء الملك، وبينما هم جلوس إذ زجّوا بمن يطعن في أمانته ويشكك في ذمّته فقال انظر يا مولَاي إلى هذا الشّغبر يتخذمن غدائك كل يوم
الشّغبرالذي يأخذمن غدائك كل يوم لنفسه نصيبا معلوم، وشهدمعه على هذا الجور كل من في القصر: بدءَا من صاحب الطعام وحتي الرّسول الذي كان يبدّل رسائل ابن آوى من سجنه عن وجهها بما بما يؤكد عليه التهمة ويرميه بالخساسة والخباسة والخبّ، كل هذا00 والآخرون يقولون: محال، هذا ما لَايكون، الشّغبر00!!؟
وظلوا هكذا: كلما قال واحد منهم شيئا سفّه رأيه الآخر، حتي قطعت جهيزة قول كل خطيبٍ وقال قائلهم ابعثوا بمن يفتّش لنا بيته، وما أن عثروا على اللحم في طيّات فراشه حتي أزمع الأسد على قتله وإن لم يفعل؛ فقد كان ذا حلم وأناة، ولم يزل في حيرة من أمره حتي حضر النمر وكان من الغائبين فقال له الملك أين كنت ألَاتعلم أني لَا أقطع أمرا دونك 00!؟
فقال يا مولَاي لقد تأكدّت من المؤامرة قبل حدوثها وخاصّة لما أعرفه من نزاهة ابن آوى وحسن صحابته إلَا أني لم أشأ أن أتقدّم بما لديّ من البراهين والأدلة لعلمي أنّ الشّهادة لَايقوم بها إلَاشاهدان ذوا عدل؛ فالتمست الشاهدالآخر فما وجدت أبرّ وأفى ذمّة من
الفهدفقال الآن حصحص الحقّ وقدّم الدّليل القاطع على براءة ابن آوى وتآمر المتآمر ين
فالسّيف لَا يمضي بدون رويّة
والرّأي لَا يمضي بدون مهنّد
*******
فإذا كانت البلَاد بلَا جي
شٍ غزاها قبل النّسور الذّباب
ما عجيب فناء شعبٍ ضعيفٍ
بل بقاء الضّعيف شبي عجاب
ولذا كان من المضحك المبكي أن نطيع الغرب في معاهدة حظر الأسلحة 00 "بئا بعد امّا يصنعوا هم السلَاح النووي: يطلبوا منا التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة 00 يا ولَاد الكلب " 00!!!
أمّاعن موضوع المستشارين فإيّاك والإكثار في غير فائدة منهم؛ فمتي كثر الملَاحون غرقت السّفينة، وهذا بالطبع لَايقلل أهمّيّتهم؛ فإنّ للملك سكرة: لَا يفيق صاحبها إلَابمواعظ الحكماء؛ ومن هنا قيل أنّ الحكيم الفاضل دائما لَايرى إلَافي مكانين عظيمين:
إمّا من أهل النسك * أو من أعوان الملك
وحذار وحذار أن يمكر به من حولك ويكيدوا له حسدا من عند أنفسهم00 كما فعل بالشّغبر الناسك
ولولَا أن تداركه الله برحمة منه لبان من المدحضين:
فقدزعمواأنّ أسدابحث عن وزيرليستوزره ويصطنعه
لنفسه فدلوه على شغبرٍ ناسك والشّغبرابن آوى فلمّا أن عرض عليه الأمر وهو يرجو أن يلينا: قال له ابن آوى في وقار الحكماء يا مولَاي إنّ الواحد منكم معشر الملوك ليغضب غضب الصّبي ويبطش بطش الأسد00!
فمرافق السّلطان مثل سفينة
في البحر ترجف دائما من خوفه
إن أدخلت من مائه في جوفها
يغتالها مع مائها في جوفه
فلم يدعه الملك وكان أديبا أريبا وقال له لو نفر من السلطان أمثالك من الكرام الأفاضل أليس واجدا بغيته في اللئام الأراذل 00!؟
ولم يزل به حتي ثناه عن عزمه فلم يجد الشّغبر بدّا أمام هذا البيان الناصع من القبول، ومرّت الأ يّام طيّبة حتي بدأت المساعي، وأبت إلَا أن تخرج أعناقها الأفاعي: فدسّت بطانة السّوء للشّغبر من خبّأ في مخدعه قطعة من غداء الملك، وبينما هم جلوس إذ زجّوا بمن يطعن في أمانته ويشكك في ذمّته فقال انظر يا مولَاي إلى هذا الشّغبر يتخذمن غدائك كل يوم
الشّغبرالذي يأخذمن غدائك كل يوم لنفسه نصيبا معلوم، وشهدمعه على هذا الجور كل من في القصر: بدءَا من صاحب الطعام وحتي الرّسول الذي كان يبدّل رسائل ابن آوى من سجنه عن وجهها بما بما يؤكد عليه التهمة ويرميه بالخساسة والخباسة والخبّ، كل هذا00 والآخرون يقولون: محال، هذا ما لَايكون، الشّغبر00!!؟
وظلوا هكذا: كلما قال واحد منهم شيئا سفّه رأيه الآخر، حتي قطعت جهيزة قول كل خطيبٍ وقال قائلهم ابعثوا بمن يفتّش لنا بيته، وما أن عثروا على اللحم في طيّات فراشه حتي أزمع الأسد على قتله وإن لم يفعل؛ فقد كان ذا حلم وأناة، ولم يزل في حيرة من أمره حتي حضر النمر وكان من الغائبين فقال له الملك أين كنت ألَاتعلم أني لَا أقطع أمرا دونك 00!؟
فقال يا مولَاي لقد تأكدّت من المؤامرة قبل حدوثها وخاصّة لما أعرفه من نزاهة ابن آوى وحسن صحابته إلَا أني لم أشأ أن أتقدّم بما لديّ من البراهين والأدلة لعلمي أنّ الشّهادة لَايقوم بها إلَاشاهدان ذوا عدل؛ فالتمست الشاهدالآخر فما وجدت أبرّ وأفى ذمّة من
الفهدفقال الآن حصحص الحقّ وقدّم الدّليل القاطع على براءة ابن آوى وتآمر المتآمر ين
فالسّيف لَا يمضي بدون رويّة
والرّأي لَا يمضي بدون مهنّد
*******
فإذا كانت البلَاد بلَا جي
شٍ غزاها قبل النّسور الذّباب
ما عجيب فناء شعبٍ ضعيفٍ
بل بقاء الضّعيف شبي عجاب
ولذا كان من المضحك المبكي أن نطيع الغرب في معاهدة حظر الأسلحة 00 "بئا بعد امّا يصنعوا هم السلَاح النووي: يطلبوا منا التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة 00 يا ولَاد الكلب " 00!!!
أمّاعن موضوع المستشارين فإيّاك والإكثار في غير فائدة منهم؛ فمتي كثر الملَاحون غرقت السّفينة، وهذا بالطبع لَايقلل أهمّيّتهم؛ فإنّ للملك سكرة: لَا يفيق صاحبها إلَابمواعظ الحكماء؛ ومن هنا قيل أنّ الحكيم الفاضل دائما لَايرى إلَافي مكانين عظيمين:
إمّا من أهل النسك * أو من أعوان الملك
وحذار وحذار أن يمكر به من حولك ويكيدوا له حسدا من عند أنفسهم00 كما فعل بالشّغبر الناسك
ولولَا أن تداركه الله برحمة منه لبان من المدحضين:
فقدزعمواأنّ أسدابحث عن وزيرليستوزره ويصطنعه
لنفسه فدلوه على شغبرٍ ناسك والشّغبرابن آوى فلمّا أن عرض عليه الأمر وهو يرجو أن يلينا: قال له ابن آوى في وقار الحكماء يا مولَاي إنّ الواحد منكم معشر الملوك ليغضب غضب الصّبي ويبطش بطش الأسد00!
فمرافق السّلطان مثل سفينة
في البحر ترجف دائما من خوفه
إن أدخلت من مائه في جوفها
يغتالها مع مائها في جوفه
فلم يدعه الملك وكان أديبا أريبا وقال له لو نفر من السلطان أمثالك من الكرام الأفاضل أليس واجدا بغيته في اللئام الأراذل 00!؟
ولم يزل به حتي ثناه عن عزمه فلم يجد الشّغبر بدّا أمام هذا البيان الناصع من القبول، ومرّت الأ يّام طيّبة حتي بدأت المساعي، وأبت إلَا أن تخرج أعناقها الأفاعي: فدسّت بطانة السّوء للشّغبر من خبّأ في مخدعه قطعة من غداء الملك، وبينما هم جلوس إذ زجّوا بمن يطعن في أمانته ويشكك في ذمّته فقال انظر يا مولَاي إلى هذا الشّغبر يتخذمن غدائك كل يوم
الشّغبرالذي يأخذ من غدائك كل يوم لنفسه نصيبا معلوم، وشهد معه على هذا الجور كل من في القصر: بدءَا من صاحب الطعام وحتي الرّسول الذي كان يبدّل رسائل ابن آوى من سجنه عن وجهها بما بما يؤكد عليه التهمة ويرميه بالخساسة والخباسة والخبّ، كل هذا00 والآخرون يقولون: محال، هذا ما لَايكون، الشّغبر00!!؟
وظلوا هكذا: كلما قال واحد منهم شيئا سفّه رأيه الآخر، حتي قطعت جهيزة قول كل خطيبٍ وقال قائلهم ابعثوا بمن يفتّش لنا بيته، وما أن عثروا على اللحم في طيّات فراشه حتي أزمع الأسد على قتله وإن لم يفعل؛ فقد كان ذا حلم وأناة، ولم يزل في حيرة من أمره حتي حضر النمر وكان من الغائبين فقال له الملك أين كنت ألَا تعلم أني لَا أقطع أمرا دونك 00!؟
فقال يا مولَاي لقد تأكدّت من المؤامرة قبل حدوثها وخاصّة لما أعرفه من نزاهة ابن آوى وحسن صحابته إلَا أني لم أشأ أن أتقدّم بما لديّ من البراهين والأدلة لعلمي أنّ الشّهادة لَايقوم بها إلَاشاهدان ذوا عدل؛ فالتمست الشاهد الآخر فما وجدت أبرّ وأفى ذمّة من الفهد فقال الآن حصحص الحقّ وقدّم الدّليل القاطع على براءة ابن آوى وتآمر المتآمرين
اللهُمَّ ارْزُقْ أَهْلَ الدِّينِ حِكْمَةً وَعَقْلاً، وَارْزُقْ أَهْلَ الحِكْمَةِ وَالعَقْلِ دِينَا 00!!
الكَاتِبُ الإِسْلَامِي / يَاسِرٌ الحَمَدَاني
وَهَذِهِ النَّبْذَةُ المخْتَصَرَةُ هِيَ قَلِيلٌ مِنْ كَثِير، وَبِنَفْسِ الطَّرِيقَةِ كُلُّ كِتَابَاتي بَيْدَ أَني أُكْثِرُ فِيهَا مِنَ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ وَالأَشْعَارِ عَلَى طَرِيقَةِ كُتُبِ التُّرَاث 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ أَنَّهُ قَال:
" أَلَا هَلَكَ المُتَنَطِّعُون " 0
[قَالَ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: (251/ 10)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيّ]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: " وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ؛ مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً كَانَ أَشَدَّ عَلَى المُتَنَطِّعِينَ مِنْ رَسُولِ اللهِ رضي الله عنه، وَلَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ مِن أَبي بَكْر، وَإِنيِّ لأَظُنُّ عُمَرَ كَانَ أَشَدَّ أَهْلَ الأَرْضِ خَوْفَاً عَلَيْهِمْ " 0
[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (251/ 10)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ وَأَبُو يَعْلَى]
فَتِلْكَ فِئَةٌ نَسَكَتْ نُسُكَاً أَعْجَمِيَّاً 00 {فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعَاً} {الأَنعَام/159}
يَكْفُرُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضَا 00!!
فَلَسْتَ تَرَاهُمُ إِلَاّ حَيَارَى * كَأَنَّهُمُ يَهُودٌ أَوْ نَصَارَى
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا في الأَرْضِ جَمِيعَاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} {الأَنْفَال/63}
{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} {المُؤْمِنُون/53}
فَتَارَةً يَتَّخِذُونَ رُءوسَاً جُهَّالاً، وَتَارَةً يَنْقَلِبُونَ عَلَيْهِمْ ضِدَّا 00!!
كَأَنْ قَدْ فَسَتْ بَيْنَهُمُ الظَّرَابِين 00 {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعَاً وَقُلُوبُهُمْ شَتىَّ} {الحَشْر/14}
فَكَيْفَ لِمِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَقُومُواْ بِالدِّينِ وَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَاّ الصَّحِيح 00؟!
فَهَؤُلَاءِ أُنَاسٌ: مَا حَمَلَهُمْ عَلَى تَعَصُّبِهِمْ إِلَاّ حُبُّهُمْ لِلدِّينِ ـ وَمِنَ الحُبِّ مَا قَتَل ـ فَصِدْقُ نَوَايَاهُمْ مَعَ جَهْلِهِمْ؛ هُوَ الَّذِي أَعْمَاهُمْ عَنْ صُنعِ أَيْدِيهِمْ، وَإِخْلَاصُ قُلُوبِهِمْ مَعَ بَطَرِ الحَقِّ وَغَمْطِ النَّاس؛ هُوَ الَّذِي زَيَّنَ لَهُمْ سُوءَ أَعْمَالِهِمْ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنعَا 00!!
أَعْطَواْ لأَنْفُسِهِمُ الحَقَّ في تَفْسِيقِ كُلِّ مَن خَالَفَهُمْ، وَكَأَنَّهُمْ آلِهَةٌ مِنْ دُونِ اللهِ مَن خَالَفَهُمْ قَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ 0
السّبيل 00 "ولذلك بيفضلو اطول عمرهم في الغلط " 00؛ وذلك لأنهم لَايقبلون خلَاف ما عندهم00!
فتالله لو أقرّ إبليس بخطأه واعترف بذنبه فرعون: لما أقرّوا بأخطائهم ولَا اعترفو ابذنوبهم00 "عقولهم متكلفة:
"بتلَات تعر يفة الحزمة*متبرمجة من غير لزمة"
"داسوا عليها بالجزمة"
لَيْتَ عُقُولَهُمْ كَانَتْ * كَقُلُوبِهِمْ صَفَاءَا
كَمْ حَاوَلْتُ أَن أَجْعَلَ * مِنهُمُ لي أَصْدِقَاءَا
فَأَضْرَبُواْ عَنيِّ صَفْحَاً * وَأَبَواْ إِلَاّ الْعَدَاءَا
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
فلقد كنت كلّما حاولت أن أتقرّب إليهم شبرا ابتعدوا عني ذراعا، فلَا تلومنّ إلَا نفسك يا دين؛ أنت الذي رضيت لنفسك صحبة الحمقى، والأحمق دائما يريد أن ينفعك فيضرّك 0
وأنتهز هذه الخاتمة لأجعل منها مقدّمة أستعرض من خلَالها سلبيّات التيّار الإسلَامي في مصر:
"فيا ما قلت لهم هل معني اني خالفتكم اني خالفت الحق 00 مَنْ قَالَ هَذَا 00؟
هَلْ أَنَا عِنْدَمَا نَادَيْتُ بِالإِصْلَاحِ وَحُرِّيَّةِ الفِكْرِ وَرَفْعِ الظُّلمِ عَنْ رِجَالِ الدِّينِ كُنْتُ أُرْضِيكُمْ بِذَلِكَ أَمْ أُرْضِي الله 00!؟
ليه دايما تعتبروا اللي هيتكلّم عن الإرهاب انه هينافق 00 طب ما احنا فينا سلبيّات كرّهت فينا المجتمع وجعلت اللي يسوا واللي ما يسواش يتريأ علينا ويستهزأ بينا، ويشاور على عشرات الحشرات من الممثلين الفجّر والممثلَات: ويقول هؤلَاء أهدى من الذين آمنوا سبيلَا، لو كان فيهم خير ما كانش حاربهم المجتمع 00!
ولولَانا ما كانتش طلعت مسرحيّة الجنزير ولَا فيلم الإرهابي ولَا مسلسل هالة والدّراويش " 00!