الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِطَطُ السِّمَان
=========
لَقَدْ كَثُرَ الحَدِيثُ عَنِ الْفَسَادِ في هَذَا الزَّمَان، وَإِنَّ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ الْفَسَادُ ذُكِرَ في الْقُرْآن؛ فَقَالَ تَعَالى:{ظَهَرَ الفَسَادُ في البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون} {الرُّوم/41}
فَأَرَدْتُ أَن أَكْتُبَ شَيْئَاً في هَذِهِ الْقِطَطِ السِّمَان، الَّتي انْتَشَرَتْ في هَذَا الزَّمَان؛ بِأَعْدادٍ مخِيفَةٍ تَفُوقُ الحَصْر، حَتىَّ صَارَتْ صُورَةً لِمِصْر،
مَصُّواْ دِمَاءَ الْفُقَرَاء، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ محَاسَبَتَهُمْ لأَنَّهُمْ كُبَرَاء، تُطَالِعُنَا الصُّحُفُ بِسُقُوطِهِمْ بَينَ الحِينِ وَالآخَر، وَهَذَا الشَّعْبُ مَغْلُوبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَصَابِر؛ فَكَتَبْتُ مُوَبِّخَا؛ لِصَبْرِهِ عَلَى هَذَا الْفَسَادِ الَّذِي بَاضَ وَفَرَّخَا ـ وَبِالطَّبْعِ أَنَا لَا أَقْصِدُ بِذَلِكَ الشُّرَفَاء ـ الَّذِينَ يخَافُونَ اللهَ في الْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاء، كَمُحَافِظَيِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَقِنَا، اللَّذَيْنِ طَابَا أَصْلاً وَمَعْدِنَا، وَإِنَّمَا قَصَدْتُ الَّذِينَ أَدْرَكُواْ المُنى، وَلَمْ يَلْتَفِتُواْ لَنَا؛ وَبِدَوْرِي كَشَاعِرٍ كَتَبْتُ هَذِهِ الأَبْيَات؛ مُنَدِّدًا بِكُلِّ صُوَرِ الْفَسَادِ السَّلْبِيَّات:
أَرِيحُونَا فَقَدْ ظَهَرَ الْفَسَادُ * وَضَجَّتْ مِنهُ في مِصْرَ الْعِبَادُ
مَضَتْ سَبْعُونَ عَامَاً في انْتِظَارٍ * وَلَمَّا تَنْتَهِي السَّبْعُ الشِّدَادُ
قَرَاصِنَةٌ أَبَادُواْ خَيْرَ مِصْرٍ * كَأَنَّهُمُ احْتِلَالٌ أَوْ جَرَادُ
سِوَى أَنَّ الجَرَادَ يَسُدُّ جُوعَاً * وَلَكِنْ مَا لجُوعِهِمُ انْسِدَادُ
يَظَلُّ الشَّعْبُ طُولَ الْعَامِ يَسْقِي * بِأَرْضٍ مَا لَهَا أَبَدَاً حَصَادُ
أَرِيحُواْ شَعْبَ مِصْرَ وَفَارِقُوهُ * فَوَاللَّهِ لَقَدْ شَكَتِ الْبِلَادُ
إِذَا في قُرْبِكُمْ لَمْ يُرْجَ نَفْعٌ * فَحَتْمَاً سَوْفَ يَنْفَعُ الاِبْتِعَادُ
عَجِبْتُ لمِصْرَ تُسْرَقُ مِنْ قُرُونٍ * وَمَا لِكُنُوزِهَا أَبَدَاً نَفَادُ
أَشِيرُواْ لِلْفَسَادِ وَحَاصِرُوهُ * فَأَوَّلُ صَحْوَةِ الشَّعْبِ انْتِقَادُ
فَإِنَّهُمُ رَمَادٌ فَوْقَ جَمْرٍ * فَهَلْ يَبْقَى إِذَا نُفِخَ الرَّمَادُ
يَاسِر الحَمَدَاني