الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:
إِنَّ اللهَ تعالى قَدْ أَمَرَنَا بحُسْنِ القَوْلِ حَتىَّ مَعَ أَهْلِ الكِتَابِ الكُفَّارِ فَقَالَ تَعالى:
{وَجَادِلهُمْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَن} [النَّحْل: 111]
فَكَيْفَ الحَالُ إِذَنْ مَعَ أَخِيكَ المُسْلِمِ الَّذِي يُوَحِّدُ الله 00؟!
حَاوَرَهُ مُحَاوَرَةً وَحِوَارَاً وَحَوَارَاً: أَيْ أَجَابَهُ في الكَلَام، وَلَا يُقَالُ حُوَارَاً؛ فَإِنَّ الحُوَارَ هُوَ وَلَدُ النَّاقَة 0 {لِسَانُ العَرَب: 218/ 4}
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: {وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتي هِيَ أَحْسَن} {الإِسْرَاء/53}
وَكَمَا أَنَّ المُتَشَدِّقَ المُتَفَيْهِقَ يُبْغِضُهُ المُؤْمِنُون؛ فَإِنَّهُمْ يُقْبِلُونَ عَلَى حَسَنِ الحَدِيث المُكْثِرِ مِنَ الآثَار، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِصَاحِبِهِ:
فَيَا صَاحِ هُزَّ جُذُوعَ الْقَوَافي تُسَاقِطْ عَلَيْنَا كَلَامَاً نَدِيَّا
{عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
وَلَقَدْ بَشَّرَ اللهُ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ فَقَالَ سبحانه وتعالى:
{فَبَشِّرْ عِبَادِ {17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ} {الزُّمَر}
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا؛ فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا ـ أَيْ لِفَصَاحَتِهِمَا ـ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرَا " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5146 / فَتْح]
حُسْنُ حَدِيثِهِ صلى الله عليه وسلم وَمحَاوَرَتِه
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثَاً؛ لَوْ عَدَّهُ العَادُّ لأَحْصَاه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3568 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2493 / عَبْد البَاقِي]
عَدَمُ إِيذَاءِ الطَّرَفِ الآخَرِ بِأَيَّةِ صُورَةٍ مِنَ الصُّوَر
إِنيِّ لَبَسْتَبِدُّ بيَ العَجَبُ وَالدَّهْشَة؛ عِنْدَمَا أَرَى مُذِيعَاً في إِحْدَى القْنَوَاتِ المِصْرِيَّةِ أَوْ غَيرِهَا؛ يَتَعَمَّدُ إِحْرَاجَ الضَّيْفِ أَوِ اسْتِفْزَازَهُ وَإِثَارَتَهُ بِالْكَلَام؛ ظَنَّاً مِنهُ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّأَلُّقُ في مجَالِ الإِعْلَام، أَيْنَ هُوَ مِن آدَابِ الحِوَارِ في الإِسْلَام 00؟!
إِنَّ الإِسْلَامَ سَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ أَلَاّ يُؤْذُواْ جُلَسَاءهُمْ وَلَوْ بِأَدْنىَ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ الأَذَى 00
عَن أُمِّ أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ: " صَنَعْتُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامَاً فِيهِ مِنْ بَعْضِ البُقُولِ ـ أَيْ فِيهِ بَصَلٌ أَوْ ثَوْم ـ فَلَمْ يَأْكُلْ صلى الله عليه وسلم وَقَال:
" إِنيِّ أَكْرَهُ أَن أُوذِيَ صَاحِبي " 0 أيْ جِبْرِيل 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 3364]
الخُصُومَةُ وَالجَدَلُ في الحِوَار
عَن أَبي بَكْرَةَ بْنِ الحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَان، وَالإِيمَانُ في الجَنَّة، وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاء، وَالجَفَاءُ في النَّار " 0
[صَاحِبُ الْبَذَاءِ هُوَ الْفَاحِشُ الْقَوْل 0 صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 4184]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاء، أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاء، أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْه؛ فَهُوَ في النَّار " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ " الصَّحِيحِ " وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 253]
عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُواْ عَلَيْه؛ إِلَاّ أُوتُواْ الجَدَل " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 48]
عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ في رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ محِقَّاً، وَبِبَيْتٍ في وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحَاً، وَبِبَيْتٍ في أَعْلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُه " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4800]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلى اللهِ الأَلَدُّ الخَصِم " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7188 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2668 / عَبْد البَاقِي]
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانيُّ في " فَتْحِ البَارِي " في شَرْحِهِ لِهَذَا الحَدِيث:
" هَذَا الشَّخْص الَّذِي يَبْغَضهُ الله؛ هُوَ الَّذِي يَقْصِد بخُصُومَتِهِ مُدَافَعَة الحَقِّ وَرَدّهُ بِالأَوْجُهِ الفَاسِدَة، وَالشُّبَهِ المُوهِمَة، وَأَشَدُّ ذَلِكَ الخُصُومَةُ في أُصُولِ الدِّين، كَمَا يَقَع لأَكْثَرِ المُتَكَلِّمِينَ المُعْرِضِينَ عَنِ الطُّرُق الَّتي أَرْشَدَ إِلَيْهَا كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَفُ أُمَّته؛ إِلى طُرُقٍ مُبْتَدَعَة، وَاصْطِلَاحَاتٍ مُخْتَرَعَة، وَقَوَانِينَ جَدَلِيَّة، وَأُمُورٍ صِنَاعِيَّة، مَدَارُ أَكْثَرِهَا عَلَى آرَاءٍ سُوفِسْطَائِيَّة، أَوْ مُنَاقَضَاتٍ لَفْظِيَّة؛ يَنْشَأُ بِسَبَبِهَا عَلَى الآخِذ فِيهَا شُبَهٌ رُبَّمَا يَعْجِز عَنْهَا، وَشُكُوكٌ يَذْهَبُ الإِيمَان مَعَهَا " 00؟
[ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانيُّ في " فَتْحِ البَارِي " في ثَنَايَا شَرْحِهِ لِلْحَدِيثِ رَقْم: 7372]
عَن عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ رضي الله عنهما لَيْلَةً ـ أَيْ طَرَقَ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمَا الْبَابَ ذَاتَ لَيْلَة ـ فَقَالَ لَهُمْ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا تُصَلُّون " 00؟
قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ الله، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا؛ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِليَّ شَيْئَاً ـ أَيْ وَلَمْ يُجِبْني ـ ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُول:" وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً " 00!!
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7465 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 775 / عَبْد البَاقِي]
وَلَا بُدَّ مِنَ التَّرَيُّثِ عِنْدَ التَّحَدُّث؛ فَالأَحْمَقُ يَتَكَلَّمُ أَوَّلاً؛ ثُمَّ يَتَفَكِّرُ فِيمَا تَكَلَّم، أَمَّا الحَكِيمُ فَيَتَفَكِّرُ أَوَّلاً، ثُمَّ يَتَكَلَّم 00
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثَاً حَتىَّ تُفْهَمَ عَنْهُ "
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6478 / فَتْح]
وَالتَّكْرَارُ فَنٌّ وَلَهُ مَوَاضِع، بِدُونِ مَعْرِفَتِهَا قَدْ يُصِيبُ السَّامِعَ بِالمَلَل 00
إِذَا تحَدَّثْتَ في قَوْمٍ لِتُؤْنِسَهُمْ بِمَا تحَدِّثُ في بَعْضِ اللِّقَاءَاتِ
فَلَا تَعُدْ لحَدِيثٍ قُلْتَهُ أَبَدَاً طَبْعُ النُّفُوسِ مُعَادَاةُ المُعَادَاتِ
أَدَبُ الخِلَاف
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُول:
" إِنَّ خِيَارَكُمْ: أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقَا " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6035 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2321 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ الأَسَدِيِّ رضي الله عنه قَال: لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلى البَصْرَة ـ وَكَانُواْ مِمَّنْ نَاصَرَ مُعَاوِيَة ـ بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهم فَقَدِمَا عَلَيْنَا الكُوفَة، فَصَعِدَا المِنْبَر، فَكَانَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَوْقَ المِنْبَرِ في أَعْلَاه، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ الحَسَن؛ فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْه، فَسَمِعْتُ عَمَّارَاً رضي الله عنه يَقُول:" إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلى البَصْرَة؛ وَوَاللهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم في الدُّنْيَا وَالآخِرَة، وَلَكِنَّ اللهَ تبارك وتعالى ابْتَلَاكُمْ؛ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ "
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 7100 / فَتْح]
الإِعْدَادُ لِلْحِوَارِ قَبْلَ مَوْعِدِه
وَالمحَاوِرُ الذَّكِيَّ يُعِدُّ لِلسُّؤَالِ المُتَوَقَّعِ جَوَابَهُ مُسْبَقَاً؛ فَإِذَا مَا دُفِعَ إِلَيْهِ بِالسُّؤَالِ وَجَدَ الإِجَابَةَ لَدَيْهِ حَاضِرَةً تُدْهِشُ السَّامِعِين 00
وَفَدَتِ الوُفُودِ مِنْ كُلِّ بَلَد، عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ رضي الله عنه حِينَ تَوَلى مَنْصِبَ الخِلَافَة، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الحِجَاز، فَاشْرَأَبَّ مِنهُمْ غُلَامٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّم؛ فَقَالَ عُمَر: مَهْلاً يَا غُلَام، لِيَتَكَلَّمْ مَن هُوَ أَسَنُّ مِنْك 00
فَقَالَ الغُلَام: إِنَّمَا المَرْءُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين بِأَصْغَرَيْه: قَلْبِهِ وَلِسَانِه، وَلَوْ كَانَ الأَمْرُ بِالسِّن؛ لَكَانَ في هَذِهِ الأُمَّةِ مَن هُوَ أَحَقُّ مِنْكَ بِمَجْلِسِك 00!!
فَقَالَ عُمَر: صَدَقْت، تَكَلَّمْ لَا فَضَّ اللهُ فَاك 00
فَقَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ نحْنُ وَفْدُ التَّهْنِئَة، لَا وَفْدُ المَرْزَئَة ـ أَيْ جِئْنَا مِن أَجْلِ التَّهْنِئَة، لَا مِن أَجْلِ طَلَبِ المَال ـ قَدِمْنَا إِلَيْكَ مِنْ بَلَدِنَا نحْمَدُ اللهَ الَّذِي مَنَّ بِكَ عَلَيْنَا، لَمْ تخْرِجْنَا إِلَيْكَ رَغْبَةٌ وَلَا رَهْبَة؛ لأَنَّا قَدْ أَمِنَّا في أَيَّامِكَ مَا خِفْنَا، وَأَدْرَكْنَا مَا طَلبْنَا، فَقَالَ لَهُ عُمَر: عِظْنَا يَا غُلَام 00
فَقَالَ نَعَمْ 00 إِنَّ نَاسَاً غَرَّهُمْ حِلْمُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَطُولُ أَمَلِهِمْ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ؛ فَلَا يَغُرَّنَّكَ حِلْمُ اللهِ عَلَيْك، وَلَا طُولُ أَمَلِكَ وَلَا حُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْك؛ فَتَزِلَّ قَدَمُك، فَنَظَرَ عُمَرُ في سِنِّ الغُلَام؛ فَإِذَا هُوَ ابْنُ ثِنْتيْ عَشْرَةَ سَنَة 00!!
[الأُسْتَاذ أَحْمَد زَكِي صَفْوَت في " جَمْهَرَةِ خُطَبِ العَرَب " طَبْعَةِ المَكْتَبَةِ العِلْمِيَّةِ بِتَصَرُّفٍ وَاخْتِصَار 0 رَقْم: 399]
تخَيُّرُ الأَلْفَاظ
لَقَدْ قَالَ سبحانه وتعالى في مَدْحِ المُؤْمِنِين:
{وَهُدُواْ إِلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ وَهُدُواْ إِلى صِرَاطِ الحَمِيدِ} {الحَج/24}
وَقَالَ سبحانه وتعالى:
{وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنَا} {البَقَرَة/83}
وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنَا " 00!!
أَرَادَ المَأْمُونُ يَوْمَاً أَنْ يخْتَبِرَ جُلَسَاءهُ فَسَأَلَهُمْ:
" مَاذَا أَقُولُ إِذَا أَرَدْتُ أَن آمُرَ جَلِيسِيَ بِالسِّوَاكِ دُونَ أَن أُحْرِجَه 00؟
قَالَ أَحَدُهُمْ: اسْتَكْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين 00!!
فَوَبخَهُ المَأْمُونُ وَقَالَ لَهُ بِئْسَ مَا قُلت، ثمَّ سَأَلَ الآخَرَ فَقَال:
تَسَوَّكْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ قَالَ لَهُ أَحْسَنْت " 0
وَزِنِ الكَلَامَ إِذَا نَطَقْتَ وَلَا تَكُن ثَرْثَارَةً في كُلِّ وَادٍ تخْطُبُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَرِزْ مِنْ لَفْظِهِ فَالمَرْءُ يَسْلَمُ بِاللِّسَانِ وَيَعْطَبُ
وَالسِّرَّ فَاكْتُمْهُ وَلَا تَنْطِقْ بِهِ إِنَّ الزُّجَاجَةَ كَسْرُهَا لَا يُشْعَبُ
فَلَقَدْ نَصَحْتُكَ إِنْ قَبِلتَ نَصِيحَتي وَالنُّصْحُ أَغْلَى مَا يُبَاعُ وَيُوهَبُ
لِسَانُ الفَتى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ
وَإِذَا قُلْتَ فَلَا تخَفْ، وَإِذَا خِفْتَ فَلَا تَقُلْ 00
** إِنَّ الْبَلَاءَ مُوَكَّلٌ بِالمَنْطِق **
وَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الحِوَار؛ كَاشِفَاً عَمَّا في الْقُلُوبِ مِنَ الأَسْرَار؛ وَقَدْ نَوَّهَتْ إِلى ذَلِكَ الأَشْعَار:
إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْقُلُوبِ وَإِنَّمَا * جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْقُلُوبِ دَلِيلَا
وَلِذَا قِيلَ أَيْضَاً: " المَرْءُ مخْبُوءٌ تحْتَ طَيَّاتِ لِسَانِه " 0
في المُقَدِّمَة:
وَلأَنَّ المؤمنَ لسانة احلى من العسل: لِذَا فَهْوَ دَائِمَاً إِلف مأْلوف، وَلَا خَيرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَف
مَقتَل الْمَرْءِ بَين فَكَّية؛ وَلذَا قيلَ إِيَّاكَ أَن يَضربَ لسَانكَ عنقَك، فَرُبَّ كَلِمَةٍ تَقُولُ لِصَاحِبِهَا دَعْني 00!!
وَلَرُبَّمَا كَانَ السُّكُوتُ جَوَابَا
وَأَحْيَانَاً يَكُونُ الْفِعْل؛ أَشَدُّ إِقْنَاعَاً لِلآخَرِينَ مِنَ الْقَوْل؛ وَخَيرُ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِكَ هَذَا المَوْقِفُ النَّبَوِيّ:
عِنْدَمَا اتَّفَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ المُشْرِكِينَ في صُلحِ الحُدَيْبِيَة عَلَى أَنْ يَعُودُواْ في عَامِهِمْ هَذَا؛ أَمَرَهُمْ بِالْعَوْدَة؛ فَاثَّاقَلَ النَّاس، فَكَرَّرَ الأَمْرَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُطِيعُوه؛ فَدَخَلَ إِلى زَوْجِهِ أُمِّ سَلَمَةَ مُتَغَيِّرَ اللَّوْن، فَقَالَتْ لَهُ: مَاذَا يَا رَسُولَ الله 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: هَلَكَ النَّاس، قَالَتْ كَيْفَ يَا رَسُولَ الله 00؟
قَالَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَذْبَحُواْ فَلَمْ يُطِيعُوني، فَقَالَتِ المَرْأَةُ أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أَنَّكَ خَرَجْتَ فَنَحَرْتَ فَفَعَلَ فَنَحَرَ النَّاسْ ـ وَهُنَا يَتَجَلَّى أَيْضَاً فَضْلُ المشُورَةِ في الإِسْلَامِ وَدَوْرُ المَرْأَةِ
فَاحْذَرْ لِسَانَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ لَا يَلْدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعْبَانُ
كَمْ في المَقَابِرِ مِنْ صَرِيعِ لِسَانِهِ كَانَتْ تَهَابُ لِقَاءهُ الشُّجْعَانُ
وَلرُبمَا كَانَ السُّكُوتُ جَوَابا
وَمَا سُمِّيَ الْكَلَامُ كَلَامَاً إِلَاّ لأَنَّهُ مِنَ الْكَلْم: وَهُوَ الجَرْح 00!!
وَقَدْ يُرْجَى لجُرْحِ السَّيْفِ بُرْءٌ وَلَا يُرْجَى لِمَا جَرَحَ اللِّسَانُ
فَإِذَا خَطَبتَ عَلَى الرجَال فَلَا تَكن غَثَّ الْكَلَامِ تَقُولُهُ مختَالَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّ مِنَ السُّكُوتِ بَلَاغَةً وَمِنَ التَّكَلُّمِ مَا يَكُونُ خَبَالَا
تَكَلَّمْ وَسَدِّدْ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّمَا كَلَامُكَ حَيٌّ وَالسُّكُوتُ جَمَادُ
فَإِنْ لَمْ تجِدْ قَوْلاً سَدِيدَاً تَقُولُهُ فَصَمْتُكَ عَنْ غَيرِ السَّدَادِ سَدَادُ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
ـ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً 00!!
ـ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا 00000 إِلَخ 0
ـ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ 00000 إِلَخ 0
ـ " قُضِيَ الأَمرُ الذِي فِيهِ تَستَفتِيَان " 00!!
ـ فبأي حديث بعده يؤمنون 00!؟
ـ لكل مقام مقال 00!!
،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،