المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عَفَافُ النَّفْس: ========= رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللهَ عَلَيْه عَن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌[مَقَالَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني]

- ‌أَصُونُ كَرَامَتي مِنْ قَبْلِ قُوتي

- ‌أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُول

- ‌إِعْصَار كَاتْرِينَا

- ‌إِنْقَاذُ السُّودَان؛ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان

- ‌الإِسْلَامُ هُوَ الحَلّ، وَلَيْسَ الإِرْهَابُ هُوَ الحَلّ

- ‌الْبَهَائِيَّة، وَادعَاءُ الأُلُوهِيَّة

- ‌الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَان:

- ‌الدِّينُ النَّصِيحَة:

- ‌الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ

- ‌الفَنَّانَاتُ التَّائِبَاتُ

- ‌{أَرَاذِلُ الشُّعَرَاء}

- ‌الحُلْمُ الجَمِيل:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتجْوِيدِه:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيّ:

- ‌ فَضْلُ بِنَاءِ المَسَاجِد **

- ‌فُقَرَاء، لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

- ‌قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:

- ‌لُغَتُنَا الجَمِيلَة:

- ‌مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌أَنْقِذُونَا بِالتَّغْيِير؛ فَإِنَّا في الرَّمَقِ الأَخِير:

- ‌إِيرَان؛ بَينَ المِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَان

- ‌الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين

- ‌الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه

- ‌الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان

- ‌الشَّاعِرُ المَغْرُور

- ‌الْفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالرُّوتِينُ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة

- ‌الْقِطَطُ السِّمَان

- ‌الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي

- ‌المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون

- ‌بَعْضَ الَاهْتِمَام؛ يَا هَيْئَةَ النَّقْلِ الْعَامّ

- ‌ثَمَانِ سَنَوَات؛ يَا وَزَارَةَ الاتِّصَالات

- ‌جَمَاعَةُ الإِخْوَانِ المحْظُوظَة

- ‌دُورُ " النَّشْل

- ‌شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ

- ‌شُعَرَاءُ الْفُكَاهَة؛ بَيْنَ الجِدِّيَّةِ وَالتَّفَاهَة

- ‌صَنَادِيقُ شَفَّافَة، وَنُفُوسٌ غَيرُ شَفَّافَة

- ‌ ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق

- ‌فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس

- ‌قَتَلُواْ بِدَاخِلِنَا فَرْحَةَ الْعِيد

- ‌قَصِيدَةً مِنْ نَار؛ لِمَنْ يَتَّهِمُني بِسَرِقَةِ الأَشْعَار

- ‌قَنَاةٌ فَضَائِيَّةٌ تَلْفِتُ الأَنْظَار؛ بِالطَّعْنِ في نَسَبِ النَّبيِّ المخْتَار

- ‌مَتى سَيُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف

- ‌مُوَسْوِسُونَ لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌يَتْرُكُونَ المُشَرِّفِين؛ وَيُقَدِّمُونَ " المُقْرِفِين

- ‌يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ وَيَعْمَلُ بَنَّاءً

- ‌أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء

- ‌مخْتَارَاتٌ مِنْ دِيوَاني:

- ‌الحَمَاسَةُ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌إِهْدَاءُ الحَمَاسَةِ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ الحَمَاسَة:

- ‌بَحْرُ الخَفِيف:

- ‌بَحْرُ الْبَسِيط:

- ‌بَحْرُ الرَّجَز:

- ‌بَحْرُ الرَّمَل:

- ‌بَحْرُ الوَافِر:

- ‌بَحْرُ المُتَدَارَك:

- ‌بَحْرُ المُتَقَارِب:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 2]:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 3]:

- ‌مجْزُوءُ الرَّمَل:

- ‌مجْزُوءُ الرَّجَز:

- ‌مجْزُوءُ الْوَافِر:

- ‌مجْزُوءُ الْكَامِل:

- ‌مُخَلَّعُ الْبَسِيط:

- ‌[مَنهُوكُ الرَّجَز

- ‌كِتَابُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌مُقَدِّمَةُ الرِّضَا بِالقَلِيل

- ‌تَمْهِيدُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌الفَقِيرُ الصَّابِر:

- ‌الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌عَفَافُ النَّفْس:

- ‌كِتَابُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

- ‌أَحْكَامُ الجَنَائِز:

- ‌فَقْدُ الأَحِبَّة:

- ‌وَفَاةُ الحَبِيب:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌مُصِيبَةُ المَرَض:

- ‌مُصِيبَةُ السِّجْنِ وَالحَدِيثُ عَنِ المَظْلُومين:

- ‌هُمُومُ المُسْلِمِين:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ العُلَمَاء

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌[كِتَابُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌أَرْشِيفُ الحَمَدَاني:

- ‌انحِرَافُ الشَّبَاب:

- ‌البَيْتُ السَّعِيد

- ‌أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:

- ‌{الأَدَبُ مَعَ اللهِ وَرَسُولِهِ

- ‌ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجْ:

- ‌الدِّينُ الحَقّ:

- ‌الطِّيبَةُ في الإِسْلَام:

- ‌الْعِلْمُ وَالتَّعْلِيم:

- ‌العَمَلُ وَالكَسْب:

- ‌الكِبْرُ وَالغُرُور

- ‌المَمْلَكَةُ العَادِلَة:

- ‌بِرُّ الوَالِدَين:

- ‌نُزْهَةٌ في لِسَانِ الْعَرَب:

- ‌تَرْجَمَةُ الذَّهَبيّ؛ بِأُسْلُوبٍ أَدَبيّ [

- ‌حَالُ المُسْلِمِين:

- ‌رِجَالٌ أَسْلَمُواْ عَلَى يَدِ الرَّسُول:

- ‌فَوَائِدُ الصَّوْم:

- ‌زُهْدِيَّات:

- ‌(طَوَارِئُ خَطَابِيَّة)

- ‌فَضَائِلُ الصَّحَابَة:

- ‌مَدِينَةُ كُوسُوفُو:

- ‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

- ‌فَهْرَسَةُ سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء

الفصل: ‌ ‌عَفَافُ النَّفْس: ========= رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللهَ عَلَيْه عَن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ

‌عَفَافُ النَّفْس:

=========

رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللهَ عَلَيْه

عَن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قال: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاني، وَأَلحَفْتُ عَلَيْه؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" مَا أَنْكَرَ مَسْأَلَتَكَ يَا حَكِيم، إِنَّمَا هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْو، وَإِنَّمَا هُوَ مَعَ ذَلِكَ أَوْسَاخُ أَيْدِي النَّاس، وَيَدُ اللهِ فَوْقَ يَدِ المُعْطِي، وَيَدُ المُعْطِي فَوْقَ يَدِ السَّائِل، وَيَدُ السَّائِلِ أَسْفَلُ الأَيْدِي " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 6048]

ص: 3035

عَن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاني، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَاني؛ ثُمَّ قَالَ لي: " يَا حَكِيم؛ إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْو؛ فَمَن أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ [أَيْ بِعَفَافٍ بِلَا جَشَع]؛ بُورِكَ لَهُ فِيه، وَمَن أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ [أَيْ بِطَمَعٍ وَتَهَافُت] لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيه، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَع، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى "؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ [أَيْ لَا أَسْأَلُ] أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئَا، حَتىَّ أُفَارِقَ الدُّنْيَا؛ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَدْعُو حَكِيمَاً لِيُعْطِيَهُ العَطَاءَ فَيَأْبى أَنْ يَقْبَلَ مِنهُ شَيْئَا،

ص: 3036

ثمَّ إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ؛ فَأَبى أَنْ يَقْبَل؛ فَقَالَ [أَيْ عُمَرُ رضي الله عنه]: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِين، إِنيِّ أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللهُ لَهُ مِنْ هَذَا الفَيْء [أَيِ الغَنِيمَةِ] فَيَأْبى أَنْ يَأْخُذَه 00 فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ شَيْئًا بَعْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَتىَّ تُوُفِّيَ " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3143 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1035 / عَبْد البَاقِي]

حَقًّا وَاللهِ؛ إِنَّهُمْ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللهَ عَلَيْه 00!!

ص: 3037

كَيْفَ كَانَ صلى الله عليه وسلم بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيمَا

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَال: " أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطَاً وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ رَجُلاً لَمْ يُعْطِه، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِليّ؛ فَقُمْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلَان؛ وَاللهِ إِني لأَرَاهُ مُؤْمِنَا 00؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَوْ مُسْلِمَا " 00 فَسَكَتُّ قَلِيلَا، ثمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا لَكَ عَنْ فُلَان؛ وَاللهِ إِني لأَرَاهُ مُؤْمِنَا 00؟!

ص: 3038

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَوْ مُسْلِمَا " 00 فَسَكَتُّ قَلِيلَا، ثمَّ غَلَبَني مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا لَكَ عَنْ فُلَان؛ وَاللهِ إِني لأَرَاهُ مُؤْمِنَا 00؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَوْ مُسْلِمَاً يَعْني " 00 فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" إِنيِّ لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِليَّ مِنْهُ؛ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ في النَّارِ عَلَى وَجْهِه " 00

أَيْ: أُعْطِيهُ تَأْلِيفَاً لِقَلبِه 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (1478)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: 150]

ص: 3039

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" وَاللهِ مَا أُوتِيكُمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَا أَمْنَعُكُمُوه، إِن أَنَا إِلَاّ خَازِن، أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْت " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: (5566)، وَفي سُنَنِ أَبي دَاوُد بِرَقْم (2949)، رَوَاهُ أَحْمَدُ بِرَقْم: 27372]

ص: 3040

عَمْرُو بْنُ تَغْلِب

عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ رضي الله عنه قَال: " حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِب: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُتيَ بمَالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَمَه، فَأَعْطَى رِجَالاً وَتَرَكَ رِجَالَا، فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُواْ؛ فَحَمِدَ اللهَ ثمَّ أَثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَال: " أَمَّا بَعْد 00 فَوَاللهِ إِنيِّ لأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُل، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِليَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِن أُعْطِي أَقْوَامَاً لِمَا أَرَى في قُلُوبهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَع، وَأَكِلُ أَقْوَامَاً إِلى مَا جَعَلَ اللهُ في قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنى وَالخَيْر 00 فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِب " 0 يَقُولُ عَمْرُو بْنُ تَغْلِب: فَوَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُمْرَ النَّعَم " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (923)، وَالحَدِيثُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 20149]

ص: 3041

وَعَن عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في رِوَايَةٍ أُخْرَى: " إِنيِّ أُعْطِي قَوْمَاً أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامَاً إِلى مَا جَعَلَ اللهُ في قُلُوبهِمْ مِنَ الخَيْرِ وَالغِنى، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ 000 إِلخ " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3145 / فَتْح]

ص: 3042

زِينَةُ الفَقْرِ العَفَاف

عَن أَبي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَا أَبَا ذَرّ: كَيْفَ أَنْتَ وَمَوْتٌ يُصِيبُ النَّاس؛ حَتىَّ يَكُونَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيف يَعْني الْقَبر 00؟

قُلْتُ: مَا خَارَ اللهُ لي وَرَسُولُه، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" كَيْفَ أَنْتَ وَجُوعٌ يُصِيبُ النَّاس؛ حَتىَّ تَأْتيَ مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلىَ فِرَاشِك، وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلىَ مَسْجِدِك 00؟

قُلْتُ: مَا خَارَ اللهُ لي وَرَسُولُه، قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" عَلَيْكَ بِالْعِفَّة " 0 [قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 2666]

ص: 3043

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ عز وجل، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللهُ عز وجل، وَمِنَ الخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللهُ عز وجل، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللهُ عز وجل؛ فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتي يُحِبُّ اللهُ عز وجل؛ فَالْغَيْرَةُ في الرِّيبَة، وَأَمَّا الْغَيرَةُ الَّتي يَبْغُضُ اللهُ عز وجل؛ فَالْغَيْرَةُ في غَيرِ رِيبَة، وَالاِخْتِيَالُ الَّذِي يُحِبُّ اللهُ عز وجل اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَال ـ أَيْ مُفَاخَرَتُهُ تَهْدِيدَاً لأَعْدَاءِ الله ـ وَعِنْدَ الصَّدَقَة ـ أَيْ تَظَاهُرُهُ بِالْغِنى رَغْمَ فَقْرِهِ حَتىَّ لَا يُتَصَدَّقَ عَلَيْه ـ وَالاِخْتِيَالُ الَّذِي يَبْغُضُ اللهُ عز وجل؛ الخُيَلَاءُ في الْبَاطِل " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " صَحِيحِ الجَامِعِ " بِرَقْم: (2221)، كَمَا حَسَّنَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 2558]

ص: 3044

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: " دَخَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ الْكَعْبَة؛ فَإِذَا هُوَ بِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رحمه الله؛ فَقَالَ لَهُ: سَلْني حَاجَةً 00؟

قَالَ رحمه الله: إِنيِّ أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَن أَسْأَلَ في بَيْتِهِ غَيْرَه؛ فَلَمَّا خَرَجَا؛ قَالَ لَهُ هِشَام: الآنَ فَسَلْني حَاجَةً؛ فَقَالَ لَهُ سَالِم: مِن حَوَائِجِ الدُّنْيَا أَمْ مِن حَوَائِجِ الآخِرَةِ 00؟

فَقَالَ هِشَام: مِن حَوَائِجِ الدُّنْيَا؛ قَالَ رحمه الله: وَاللهِ مَا سَأَلْتُ الدُّنْيَا مَنْ يَمْلِكُهَا؛ فَكَيْفَ أَسْأَلُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا " 00؟! [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 467/ 4]

ص: 3045

صَدَقَ تَعَالىَ؛ عِنْدَمَا قَالَ: {يحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّف} {البَقَرَة/273}

كَانَتْ لِلإِمَامِ الحَافِظِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ حُظْوَةٌ عِنْدَ الخَلِيفَةِ أَبي جَعْفَرَ المَنْصُور؛ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيه: " لَوْ أَنَّكَ سَأَلتَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَنْ يُقْطِعَكَ قَطِيعَةً [أَيْ أَرْضَاً تَنْتَفِعُ بِهَا] فَسَكَتَ يَرْحَمُهُ الله؛ فَأَلحَّ عَلَيْه؛ فَقَالَ لَه: يَا بُنيّ؛ إِنَّكَ لَتَسْأَلُني أَن أَسْأَلَهُ شَيْئَاً قَدِ ابْتَدَأَني هُوَ بِهِ غَيْرَ مرَّةٍ فَلَمْ أَفْعَلْ " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 348/ 6]

ص: 3046

عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " المُؤْمِنُونَ في الدُّنْيَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاء: الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ، وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ في سَبِيلِ الله، وَالَّذِي يَأْمَنُهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ الَّذِي إِذَا أَشْرَفَ عَلَى طَمَع؛ تَرَكَهُ للهِ عز وجل " 0 [رَوَاهُ ابْنُ الخَطِيبِ في " المِشْكَاةِ " بِرَقْم: (3854)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 10666]

ص: 3047

عَن عِيَاضٍ المجَاشِعِيِّ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في إِحْدَى الخُطَب: " وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلَاثَة: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّق، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2865 / عَبْد البَاقِي]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُول: " اللهُمَّ إِنيِّ أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنى " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2721 / عَبْد البَاقِي]

وَقَدْ قِيلَ في الأَمْثَال: " زِينَةُ الفَقْرِ العَفَاف " 0

ص: 3048

قَالَ الحَسَنُ بْنُ حَمَّاد: " دَخَلَ أَبُو أُسَامَةَ عَلَى ابْنِ المُبَارَك، فَوَجَدَ في وَجْهِه عَبْدُ اللهِ أَثَرَ الضُّرّ، فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُخْبِرْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ بَعَثَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ [بِتَصَرُّف]:

خِلٌّ خَلَا مِنْ مَالِهِ * وَمِنَ المُرُوءةِ مَا خَلَا

وَبِرَغْمِ رِقَّةِ حَالِهِ * لَا يَرْتَضِي أَنْ يَسْأَلَا [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 410/ 8]

ص: 3049

كُنَّا عِنْدَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَائِشَةَ في مَسْجِدِهِ، إِذْ طَرَقَهُ سَائِلٌ، فَسَأَلَهُ شَيْئَاً، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُعْطِيه، فَدَفَعَ إِلَيْهِ خَاتَمَهُ، فَلَمَّا أَنْ وَلَّى السَّائِلُ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَظُنُّ أَنيِّ دَعَوْتُكَ ضِنَّةً مِنيِّ بِمَا أَعْطَيْتُكَ، إِنَّ هَذَا الْفَصَّ شِرَاؤُهُ عَلَيَّ خَمْسُمِاْئَة دِينَار، فَانْظُرْ كَيْفَ تُخْرِجُه؛ فَضَرَبَ السَّائِل بِيَدِهِ إِلىَ الخَاتَمِ فَكَسَرَه، وَرَمَى بِالفَصِّ إِلَيْهِ وَقَال: بَارَكَ اللهُ لَكَ في فَصِّكَ، هَذِهِ الْفِضَّةُ تَكْفِيني لِقُوتي وَقُوتِ عِيَالي اليَوْم " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 359/ 13]

ص: 3050

الصَّدَقَاتُ أَوْسَاخُ النَّاس

عَن أَسْلَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الأَرْقَمِ رضي الله عنه: ادْلُلْني عَلَى بَعِيرٍ مِنَ المَطَايَا أَسْتحْمِلُ عَلَيْهِ أَمِيرَ المُؤْمِنِين ـ أَيْ لِيُحَمِّلَهُ لي طَعَامَاً لأَهْلِي ـ فَقُلْتُ: نَعَمْ، جَمَلاً مِنَ الصَّدَقَة؛ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الأَرْقَم: أَتُحِبُّ أَنَّ رَجُلاً بَادِنَاً ـ أَيْ سَمِينَاً ـ في يَوْمٍ حَارٍّ غَسَلَ لَكَ مَا تَحْتَ إِزَارِهِ وَرُفْغَيْهِ ـ أَيْ إِبْطَيْه ـ ثُمَّ أَعْطَاكَهُ فَشَرِبْتَهُ 00؟

فَغَضِبْتُ وَقُلْت: يَغْفِرُ اللهُ لَك، أَتَقُولُ لي مِثْلَ هَذَا 00؟!

فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الأَرْقَم: إِنَّمَا الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ يَغْسِلُونَهَا عَنهُمْ "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيب ح 0 ر: 807، رَوَاهُ الإِمَامُ مَالِكٌ في المُوَطَّأ]

ص: 3051

إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله

يَقُولُ جَلَّ وَعَلَا في كِتَابِهِ الحَكِيم: {وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ} {الشَّرْح/8}

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَهُوَ يَعِظُهُ:

" يَا غُلَام؛ إِنيِّ مُعَلِّمُكَ كَلِمَات: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْك، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تِجَاهَك، وَإِذَا سَأَلْتَ فَلْتَسْأَلِ الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2669، وَالأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ وَفي المِشْكَاةِ بِرَقْمَيْ: 2516، 315]

اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين؛ فَأَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَنِ النَّاسِ أَجْمَعِين 0

ص: 3052

قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ حَوْلَ هَذَا المَعْنىَ: " فَاللهُ سُبْحَانَهُ هُوَ المُعْطِي عَلَى الحَقِيقَة؛ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَ الأَرْزَاقَ وَقَدَّرَهَا، وَسَاقَهَا إِلىَ مَنْ يَشَاءُ مِن عِبَادِه؛ فَالمُعْطِي هُوَ الَّذِي أَعْطَاه، وَحَرَّكَ قَلْبَهُ لِعَطَاءِ غَيْرِه؛ فَهُوَ الأَوَّلُ وَالآخِر، وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا المَعْنىَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: " وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُواْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك: لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَاّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَك، وَلَوِ اجْتَمَعُواْ عَلَى أَنْ يَضُرُّوك: لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَاّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْك، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُف " [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2669، وَالأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ وَفي المِشْكَاةِ بِرَقْمَيْ: 2516، 315]

ص: 3053

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنفَعُ في الحَقِيقَةِ إلَاَّ اللهُ عز وجل، وَلَا يَضُرُّ غَيْرُه 00

فَمَنْ سَلَكَ هَذَا المَسْلَكَ العَظِيمَ اسْتَرَاحَ مِن عُبُودِيَّةِ الخَلْقِ وَنَظَرِهِ إلَيْهِمْ، وَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ لَوْمِهِ وَذَمِّهِ إيَّاهُمْ، وَتَجَرَّدَ التَّوْحِيدُ في قَلْبِهِ؛ فَقَوِيَ إيمَانُهُ وَانْشَرَحَ صَدْرُهُ وَتَنَوَّرَ قَلْبُه، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُه " 0

ص: 3054

الفَقِيرُ العَفِيف

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ اللهَ تَعَالى إِذَا أَنعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً؛ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ النِّعْمَةِ عَلَيْه، وَيَكْرَهُ الْبُؤْسَ وَالتَّبَاؤُس، وَيُبْغِضُ السَّائِلَ المُلْحِف، وَيحِبُّ الحَيِيَّ الْعَفِيفَ المُتَعَفِّف " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: (2591)، رَوَاهُ الإِمَامُ الْبَيْهَقِيّ]

وَفي الأَثَر: " إِنَّ اللهَ يحِبُّ ثَلَاثَة، وَحُبُّهُ لِثَلَاثَةٍ أَشَدّ: يحِبُّ الغَنيَّ السَّخِيّ، وَحُبُّهُ لِلفَقِيرِ السَّخِيِّ أَشَدّ، وَيحِبُّ الفَقِيرَ المُتَوَاضِع، وَحُبُّهُ لِلغَنيِّ المُتَوَاضِعِ أَشَدّ، وَيحِبُّ الغَنيَّ العَفِيف، وَحُبُّهُ للفَقِيرِ العَفِيفِ أَشَدّ " 0

ص: 3055

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنِّي لأَعْلَمُ أَوَّلَ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّة: الشَّهِيد، وَعَبْدٌ أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيه، وَفَقِيرٌ عَفِيفٌ مُتَعَفِّف، وَإِنيِّ لأَعْلَمُ أَوَّلَ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّار: سُلْطَانٌ مُتَسَلِّط، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّه، وَفَقِيرٌ فَخُور "

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ بِنَحْوِه، وَحَسَّنَهُ العَلَاّمَةُ أَحْمَد شَاكِر في " مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ " بِرَقْم: (9460)، وَالإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: (10507)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 43262]

ص: 3056

لَا تَسْأَلَنَّ مِنِ ابْنِ آدَمَ حَاجَةً * وَسَلِ الَّذِي أَبْوَابُهُ لَا تحْجَبُ

فَاللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ * أَمَّا ابْنُ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ: " أَعْظَمُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ قَدْرَاً وَحُرْمَةً عِندَ الخَلْق: إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِمْ بِوَجْهِ مِنَ الْوُجُوه، فَإِن أَحْسَنْتَ إلَيْهِمْ مَعَ الاِسْتِغْنَاءِ عَنهُمْ كُنتَ أَعْظَمَ مَا يَكُونُ عِندَهُمْ، وَمَتىَ احْتَجْتَ إلَيْهِمْ وَلَوْ في شَرْبَةِ مَاء: نَقَصَ قَدْرُكَ عِندَهُمْ؛ بِقَدْرِ حَاجَتِكَ إلَيْهِمْ، وَهَذَا مِن حِكْمَةِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله، وَلَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْء " 0

ص: 3057

لَا يمْلِكُ العَبْدُ مَنحَكَ نِصْفَ خَرْدَلَةٍ * إِلَاّ بِأَمْرِ الَّذِي سَوَّاكَ مِنْ طِينِ

فَارْغَبْ إِلى الله مِمَّا في خَزَائِنِهِ * فَإِنَّمَا هُوَ بَينَ الكَافِ وَالنُّونِ

أَمَا تَرَى كُلَّ مَنْ تَرْجُو وَتَسْأَلُهُ * مِنَ الخَلَائقِ مِسْكِينَ ابْنَ مِسْكِينِ

فَاسْتَغْنِ بِاللهِ عَنْ دُنيَا المُلُوكِ كَمَا * اسْتَغْنى المُلُوكُ بِدُنيَاهُمْ عَنِ الدِّينِ {الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِب، وَالأَخِيرُ لأَبي الْعَتَاهِيَة، كَمَا يُنْسَبُ لَابْنِ المُبَارَك، وَالأَوَّلُ لآخَرَ}

ص: 3058

فَاسْتغْنِ باللهِ عَمَّا في خَزَائِنِهِمْ * إِنَّ الغَنيَّ مَنِ اسْتَغْنى عَنِ النَّاسِ

مِن أَقْوَالِ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رضي الله عنه قَوْلُه: " مَنِ اسْتَغْنىَ بِاللهِ افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَيْه " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 240/ 4]

ص: 3059

عِزَّةُ نَفْسِ المُؤْمِن

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَال: جَاءَ جِبرِيلُ عليه السلام إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: " يَا مُحَمَّد؛ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّت، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُه، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مجْزِيٌّ بِه، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: يَا محَمَّد؛ شَرَفُ المُؤْمِن: صَلَاتِهِ بِاللَّيْل، وَعِزُّهُ: اسْتِغْناؤُهِ عَنِ النَّاس " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 7929، وَحَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في مجْمَعِ الزَّوَائِد ص: 219/ 10، رَوَاهُ الحَاكِم]

ص: 3060

وَكَمَا قِيلَ: " احْتَجْ إِلىَ مَن شِئْتَ تَكُن أَسِيرَه، وَاسْتَغْنِ عَمَّن شِئْتَ تَكُن نَظِيرَه، وَأَحْسِن إِلىَ مَن شِئْت تَكُن أَمِيرَه " 0 [ذَكَرَهُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى الْكُبْرَى]

مَن عَفَّ خَفَّ عَلَى الصَّدِيقِ لِقَاؤُهُ * وَأَخُو الحَوَائِجِ وَجْهُهُ مَمْلُولُ

{ثَعْلَب}

فَلَا تُثْقِلْ عَلَى أَخِيك، وَخُذْ عِبرَةً مِنَ الشَّاةِ؛ الَّتي إِن أَفْرَطَ وَلَدُهَا في مَصِّ ضَرْعِهَا نَطَحَتْه!!

ص: 3061

الصَّبرُ وَالدُّعَاء؛ خَيرٌ مِنَ الوُقُوفِ بِبَابِ الأَغْنِيَاء

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" أَقِلُّواْ الدُّخُولَ عَلَى الأَغْنِيَاء " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7869]

أَشَدُّ مِنْ فَاقَةٍ وَجُوعٍ * إِغْضَاءُ حُرٍّ عَلَى خُضُوعٍ

{محَمَّدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ عَمْرٍو البَاهِلِيّ}

ص: 3062

وللهِ دَرُّ شَاعِرِ الفُقَهَاءِ وَفَقِيهِ الشُّعَرَاء؛ إِذْ يَقُولُ عَنَ الوُقُوفِ بِبَابِ الأَغْنِيَاء: لَقَلْعُ ضِرْسٍ وَضرْبُ حَبْسٍ * وَنَزْعُ نَفْسٍ وَرَدُّ أَمْسٍ

وَيَوْمُ كَرْبٍ وَحَمْلُ ضَرْبٍ * وَخَوْضُ حَرْبٍ بِغَيرِ تُرْسٍ

وَأَكْلُ ضَبٍّ وَصَيْدُ دُبٍّ * وَصَرْفُ حَبٍّ بِأَرْضِ خِرْسٍ

وَحَرُّ نَارٍ وَشَرُّ جَارٍ * وَبَيْعُ دَارٍ بِرُبْعِ فِلْسٍ

أَحَبُّ مِنْ وَقْفَةِ الكَرِيمِ * لنَيْلِ شَيْءٍ بِبَابِ نحْسٍ

{اِلإِمَامُ الشَّافِعِيُّ بِتَصَرُّف}

وَالأَرْضُ الخِرْس: هِيَ الأَرْضُ البُورُ الَّتي لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَة 0

ص: 3063

أَلَمْ تَسْمَعْ أَوْفى شَاعِرٍ دَبَّ وَدَرَجَ فَوقَ صَعِيد الأَرضِ وَتحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ السَّمَوْءَ ل؛ وَهُوَ يَقُول:

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَدْفَعْ عَنِ النَّفْسِ ضَيْمَهَا * فَليْسَ إِلى حُسْنِ الثَّنَاءِ سَبِيلُ

{السَّمَوْءل}

فَنَفْسَكَ أَكْرِمْهَا فَإِنَّكَ إِنْ تَهُن * عَلَيْكَ فَلَنْ تَلْقَى لهَا قَطُّ مُكْرِمَا

{حَاتِمٌ الطَّائِيّ}

لَئِنْ كَانَ إِكْرَامِي صَدِيقِيَ وَاجِبَاً * فَإِكْرَامُ نَفْسِي لَا محَالَةَ أَوْجَبُ

{أَبُو العَلَاءِ المَعَرِّيّ}

ص: 3064

إِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى حَمْلِ الأَذَى أَسَدٌ * تَنْسَى الكِلَابُ وَيَنْسَى أَنَّهُ أَسَدُ

{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}

فَلَوْ رَضِيَ الأُسُودُ بِقُوتِ كَلْبٍ * فَليْسَ الفَضْلُ إِلَاّ في الأَسَامِي

وَكَمَا قَالُواْ في الأَمْثَال: " مَنْ رَبَطَ رَقَبَتَهُ بحَبْل؛ لَا يَلُومَنَّ مَنْ يَسْحَبُه، وَمَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ جِدَارَاً؛ بَالَتْ عَلَيْهِ الكِلَاب " 00!!

ص: 3065

ازْهَدْ فِيمَا في أَيْدِي النَّاس؛ يحِبَّكَ النَّاس

فَلَا تُرِقْ مَاءَ وَجْهِكَ عِنْدَ مَنْ لَا مَاءَ في وَجْهِه 00

وَكَمَا تَعَلَّمْتَ الثِّقَةَ فِيمَا عِنْدَ الله؛ فَتَعَلَّمِ اليَأْسَ مِمَّا عِنْدَ النَّاس، أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَه 00؟!!

ص: 3066

قِيلَ لحَاتِمٍ الأَصَمّ: " عَلَامَ بَنَيْتَ أَمْرَكَ في التَّوَكُّل 00؟

قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: عَلَى خِصَالٍ أَرْبَعَة: عَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِي لَا يَأْكُلُهُ غَيْرِي، فَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسِي، وَعَلِمْتُ أَن عَمَلِي لَا يَعْمَلُهُ غَيْرِي؛ فَأَنَا مَشْغُولٌ بِهِ، وَعَلِمْتُ أَنَّ المَوْتَ يَأْتي بَغْتَةًَ؛ فَأَنَا أُبَادِرُهُ، وَعَلِمْتُ أَنيِّ لَا أَخْلُو مِن عَيْنِ الله؛ فَأَنَا مُسْتَحٍِ مِنهُ " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 486/ 11]

ص: 3067

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَال:

" أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ الله، دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ؛ أَحَبَّني اللهُ وَأَحَبَّني النَّاس 00؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" ازْهَدْ في الدُّنْيَا يحِبُّكَ الله، وَازْهَدْ فِيمَا في أَيْدِي النَّاس؛ يحِبُّكَ النَّاس "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: (4102)، وَفي الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِأَرْقَام: 924، 944]

ص: 3068

إِذَا مَا أَهَانَ امْرُؤٌ نَفْسَهُ * فَلَا أَكْرَمَ اللهُ مَنْ يُكْرِمُهْ

فَلَا تحْسُدِ الكَلْبَ أَكْلَ العِظَامِ * فَعِنْدَ تَغَوُّطِهِ تَرْحَمُهْ

تَرَاهُ وَشِيكَاً شَكَا إِسْتَهُ * وَمَا بِاسْتِهِ قَد جَنَاهُ فَمُهْ

{دِعْبِلٌ الخُزَاعِيُّ بِتَصَرُّف}

وَللهِ محْمُود غُنيم حَيْثُ يَقُول:

إِنْ تُطْعِمُواْ الرِّئْبَالَ مِنْ فَضَلَاتِكُمْ * شَهْدَاً تجَرَّعَ شَهْدَكُمْ غِسْلِينَا

فَدَعُوهُ يجْمَعُ زَادَهُ وَلَوَ انَّهُ * يَشْكُو الطِّوَى حِينَاً وَيَشْبَعُ حِينَا

لَا طَابَ عَيْشٌ يَا صَدِيقِ لَنَا وَلَا * لَكَ إِنْ رَضِيتَ بِذِلَّةٍ وَرَضِينَا

ص: 3069

وَتَعَلَّمْ مِنْ ذَلِكَ الشَّاعِرِ القَائِل:

إِذَا كَثُرَ الذُّبَابُ عَلَى طَعَامٍ * رَفَعْتُ يَدِي وَنَفْسِي تَشْتَهِيهِ

وَتَجْتَنِبُ الأُسُودُ وُرُودَ مَاءٍ * إِذَا رَأَتِ الكِلَابَ وَلغْنَ فِيهِ

لَوْلَا ثَوَابُ اللهِ مَا كُنْتَ تَلْقَى كَرِيمَاً وَاحِدَاً

فَاطْلُبْ مِنَ اللهِ لَا * تَطْلُبْ مِنَ الإِنْسَانِ

فَالسَّخَاءُ عِنْدَهُ * تَمَامَاً كَالإِحْسَانِ

ص: 3070

وَرَحِمَ اللهُ شَاعِرَ الفُقَهَاءِ وَفَقِيهَ الشُّعَرَاءِ الإِمَامَ الشَّافِعِيَّ حَيْثُ قَال:

بَلَوْتُ لَعَمْرِي النَّاسَ لَمْ أَرَ بَيْنَهُمْ * سِوَى مَن غَدَا وَالبُخْلُ مِلْءُ إِهَابِهِ

فَلَا ذَا يَرَانِي قَاعِدَاً في طَرِيقِهْ * وَلَا ذَا يَرَاني وَاقِفَاً عِنْدَ بَابِهِ

ص: 3071

غَنيٌّ بِلَا مَالٍ عَنِ النَّاسِ كُلِّهِمْ * وَلَيْسَ الغِنى إِلَاّ عَنِ الشَّيْءِ لَا بِهِ

سَائِلُ اللهِ لَا يخِيب

فَلَا تَسْأَلِ النَّاسَ مِنْ فَضْلِهِمْ * وَلَكِنْ سَلِ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ

{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}

ص: 3072

وَمِن أَلْطَفِ وَأَطْرَفِ مَا رَوَتْهُ كُتُبُ الأَدَبِ في ذَلِك؛ أَنَّ امرَأَةً يُقالُ لهَا أُمُّ جَعْفَر؛ كَانَتْ تحْسِنُ إِلى الفُقَرَاء، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِا ذَاتَ يَوْمٍ سَائِلَان، كَانَ يَقُولُ أَحَدُهُمَا: أَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِ أُمِّ جَعْفَر، وَيَقُولُ الآخَر: أَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَكَانَتْ تُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمَا دَجَاجَةً وَدِرْهمَين، إِلَاّ أَنَّهَا كَانَتْ تَضَعُ دَاخِلَ الدَّجَاجَةِ الَّتي تُعْطِيهَا لِلَّذِي يَذْكُرُ اسْمَهَا عَشْرَةَ دَرَاهِم، فَكَانَ هَذَا الغَبيُّ يَبِيعُ الدَّجَاجَةَ للَّذِي يَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ بِدِرْهَمَين؛ فَيَذْهَبُ مَنْ سَأَلهَا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِم، وَيَذْهَبُ مَنْ سَأَلَ اللهَ بِدَجَاجَتَيْنِ وَعَشْرَةِ دَرَاهِم، لِيُتِمَّ اللهُ الحَقَّ بِكَلِمَاتِه، وَيمْكُرُونَ وَيمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيرُ المَاكِرِين 00!!

ص: 3073

الخَيرُ أَبْقَى وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ * وَالشَّرُّ أَخْبَثُ مَا أَوْعَيْتَ مِنْ زَادِ

{طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْد 0 بِتَصَرُّف}

وَكَيْفَ يخِيبُ مَنْ يَسْأَلُ أَكْرَمَ الأَكْرَمِين 00؟!

فَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، وَدَعْكَ مِن أُمِّ جَعْفَر 00!!

مَنْ يَسْأَلِ النَّاسَ يحْرِمُوهُ * وَسَائِلُ اللهِ لَا يخِيبُ 0 {عُبَيْدُ بْنُ الأَبْرَص}

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَوْصِني وَأَوْجِزْ؛ فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " عَلَيْكَ بِالإِيَاس: مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاس، وَإِيَّاكَ وَالطَّمَع؛ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الحَاضِر، وَصَلِّ صَلَاتَكَ وَأَنْتَ مُوَدِّع، وَإِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنهُ "

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7928]

ص: 3074

عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:

" يَا رَسُولَ الله؛ عَلِّمْني وَأَوْجِزْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" إِذَا قُمْتَ في صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّع، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرْ مِنْهُ، وَأَجْمِعِ الْيَأْسَ عَمَّا في أَيْدِي النَّاس " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 742، 401، وَحَسَّنَهُ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4171]

ص: 3075

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ كَأَنَّكَ تَرَاه، فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك، وَايْأَسْ مِمَّا في أَيْدِي النَّاسِ تَعِشْ غَنِيَّاً، وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 3776، 1914، رَوَاهُ ابْنُ النَّجَّار]

ص: 3076

حِلْمُ اللهِ عَلَى الْعِبَاد

أَلَا تَرَى كَيْفَ يَرْزُقُ البَرَّ وَالْفَاجِر 00؟!!

ائْتِني بمَخْلُوقٍ وَاحِدٍ؛ لَا يَمْنَعُ رِزْقَهُ عَنْكَ إِذَا مَا غَضِبَ عَلَيْك 00؟! حَتىَّ الْكَافِرُ يَرْزُقُه سبحانه وتعالى، وَتَأَمَّلْ مَا قَالَهُ اللهُ لِنَبيِّهِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدَاً آمِنَاً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَن آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَر} {البَقَرَة/126}

ص: 3077

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ رضي الله عنه عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: كَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام يَحْجُرُهَا عَلَى المُؤْمِنِينَ دُونَ النَّاس ـ أَيْ يُوقِفُهَا عَلَيْهِمْ ـ فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَمَنْ كَفَرَ} أَيْضَاً أَرْزُقُهُمْ كَمَا أَرْزُقُ المُؤْمِنِين؛ أَأَخْلُقُ خَلْقَاً لَا أَرْزُقُهُمْ 00؟! [ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَة]

فَسُبْحَانَ مَن خَيْرُهُ لِلْجَمِيعِ * وَأَرْزَاقُهُ مَا لَهَا مِنْ نَفَاد

{عِصَام الْغَزَالي}

ص: 3078

فَمِنْ تَمَامِ عَظَمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ جل جلاله؛ أَنْ يخْلُقَ عَبْدَاً هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَكْفُرُه، ثمَّ يَرْزُقُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشْكُرُه 00 حَقَّاً وَاللهِ:

{وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين} {الحَج/58}

ص: 3079

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنيِّ رضي الله عنه قَال: " صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَة، عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ ـ أَيْ أَمْطَارٍ ـ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَة، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَال: " هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ " 00؟

قَالُواْ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم، قَالَ سبحانه وتعالى: أَصْبَحَ مِن عِبَادِي مُؤْمِنٌ بي وَكَافِر: فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِه؛ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بي كَافِرٌ بِالكَوْكَب، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا؛ فَذَلِكَ كَافِرٌ بي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَب " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم:(1038 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 71 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3080

فَمَنْ آمَنَ وَصَدَّقَ بِأَنَّ اللهَ خَالِقُه؛ كَيْفَ لَا يُؤْمِنُ وَيُصَدِّقُ بِأَنَّ اللهَ رَازِقُه 00؟!

وَتَعَلَّمَ التَّعَفُّفَ مِنْ قَوْلِ محَمَّدِ بْنِ حَازِمِ بْنِ عَمْرٍو البَاهِلِيِّ حَيْثُ يَقُول:

إِنيِّ وَإِنْ كُنْتُ ذَا عِيَالٍ * قَلِيلَ مَالٍ كَثِيرَ دَيْنِ

لأَحْمَدُ اللهَ حَيْثُ صَارَتْ * حَوَائِجِي بَيْنَهُ وَبَيْنينِ

مَلِكُ المُلُوكِ أَحَقُّ بِالسُّؤَالِ مِنَ المُلُوك

أَحْسَنَ أَحَدُ المُلُوكِ إِلى لَبِيدٍ الشَّاعِرِ فَأَمَرَ ابْنَتَهُ أَنْ تجِيبَه، فَأَجَابَتْهُ بِقَصِيدَةٍ عَصْمَاءَ خَتَمَتْهَا بهَذَا البَيْت:

ص: 3081

فَعُدْ إِنَّ الكَرِيمَ لَهُ مَعَادٌ * وَظَنيِّ بِابْنِ أَرْوَى أَنْ يَعُودَا

فَقَالَ لهَا: أَحْسَنْتِ غَيرَ أَنَّكِ اسْتَزَدْتِيه ـ أَيِ اسْتَقْبَحَ تَعْرِيضَهَا بِالسُّؤَال ـ فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَتِ؛ إِنَّ المُلُوكَ لَا يُسْتَحْيى مِنْ سُؤَالهِمْ؛ فَقَالَ لهَا: لأَنْتِ وَاللهِ في هَذِهِ أَشْعَر 00!!

فَتَأَمَّلْ يَرْحَمُكَ الله؛ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَالُ في سُؤَالِ المُلُوك؛ فَكَيْفَ الحَالُ بِسُؤَالِ مَلِكِ المُلُوكِ؟!

[شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ في " المُسْتَطْرَفِ في كُلِّ فَنٍّ مُسْتَظْرَف " بِشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّف، في السُّؤَالِ وَالتَّلَطُّف، بِالبَابِ: 53]

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنه قَال: " كُنْتُ مَعَ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَسَنٍ بِمَكَّةَ وَقَدْ نَفِدَتْ نَفَقَتي؛ فَقَالَ لي بَعْضُ وَلَدِ الحَسَنِ بْنِ عَليّ: مَنْ تُؤَمِّلُ لِمَا نَزَلَ بِك 00؟

ص: 3082

قُلْتُ مُوسَى بْنَ عَبْدِ الله ـ أَيْ صَاحِبَه ـ فَقَال: إِذَنْ لَا تُقْضَى حَاجَتُكَ وَلَا تَنْجَحُ طِلْبَتُك، قُلْتُ: وَمِمَّا عَلِمْت 00؟!

قَالَ رضي الله عنه: لأَنيِّ وَجَدْتُ في كُتُبِ آبَائِي؛ يَقُولُ اللهُ جل جلاله:

" وَمجْدِي وَارْتِفَاعِي في أَعلَى مَكَاني؛ لأَقْطَعَنَّ أَمَلَ كُلِّ مُؤَمِّلٍ غَيرِي بِالإِيَاس، ولأَكْسُوَنَّهُ ثَوْبَ المَذَلَّةِ عِنْدَ النَّاس، وَلأُنحِّيَنَّهُ مِنْ قُرْبي وَلأُبْعِدَنَّهُ مِنْ فَضْلِي؛ أَيُؤَمِّلُ في الشَّدَائِدِ غَيرِي وَأَنَا الحيّ؟

وَيُرَجِّى غَيرِي؛ وَبيَدِي مَفَاتِيحُ الأَبْوَابِ وَهيَ مُغلَقَة، وَبَابِي مَفْتُوحٌ لِمَنْ دَعَاني 00؟!

أَلَم يَعْلَمُواْ أَنَّ مَنْ قَرَعَتْهُ نَائِبَة ـ أَيْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَة ـ مِنْ مخْلُوقٍ لَمْ يمْلِكْ كَشْفَهَا غَيرِي؟!

ص: 3083

فَمَا لي أَرَاهُ مُعْرِضَاً عَنيِّ، وَمَا لي أَرَاهُ لَاهِيَاً عَنيِّ 00؟!

أَعْطَيْتُهُ بِجُودِي وَكَرَمِي مَا لَمْ يَسْأَلْني وَيَسْأَلْ غَيري، أَبْدَأُ بِالعَطيَّةِ قَبْلَ المَسْأَلَةِ ثُمَّ أُسْأَل؛ أَفَلَا أَجُود 00؟ أَبخِيلٌ أَنَا فَيُبَخِّلُني عَبْدي 00؟!

أَوَ لَيْسَ الجُودُ وَالكَرَمُ لي 00؟!

أَوَلَيْسَ الفَضْلُ وَالرَّحْمَةُ وَالخَيرُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ بِيَدِي؛ فَمَنْ يَقْطَعُهَا دُوني 00؟!

أَفَلَا يخْشَى المُؤَمِّلُونَ أَنْ يُؤَمِّلُواْ غَيرِي 00؟!

فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَمَاوَاتي وَأَهْلَ أَرْضِي أَمَّلُواْ جَمِيعَا، ثمَّ أَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمْ مِثْلَ مَا أَمَّلَ الجَمِيع؛ مَا انْتَقَصَ مِنْ مُلْكِي مِثْلَ عُضْوِ بَعُوضَة 00!!

ص: 3084

وَكَيْفَ يَنْتَقِصُ مُلكٌ أَنَا قَيِّمُه ـ أَيْ أَنَا القَائِمُ عَلَيْه ـ فَيَا بُؤْسَاً لِمَن عَصَاني وَلَمْ يُرَاقِبْني "

فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله؛ أَمْلِ عَليَّ هَذَا الحَدِيث، فَلَا سَأَلْتُ أَحَدَاً بَعْدَ هَذَا حَاجَةً أَبَدَا " 0

[ابْنُ النَّجَّار وَالبَيْهَقِيُّ بِنَحْوِهِ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: (1087)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 17145]

عَن عَطَاءٍ الخرَسَانيِّ رَحِمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال: لَقِيتُ وَهْبَ بْنَ منَبِّهٍ وَهُوَ يَطُوف بِالبَيْت، فَقُلْتُ لَهُ حَدّثْني حَدِيثَا أَحْفَظْهُ عَنْكَ في مَقَامِي هَذَا وَأَوْجِز 00؟ قَالَ نَعَمْ:

ص: 3085

" أَوْحَى اللهُ تبارك وتعالى إِلى دَاوُدَ يَا دَاوُد، أَمَا وَعِزَّتي وَعَظَمَتي؛ لَا يَعْتَصِمُ بي عَبْدٌ مِن عَبِيدِي دُونَ خَلقِي، أَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِه؛ فَتَكِيدُهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنّ، وَالأَرْضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنّ؛ إِلَاّ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِنَّ مخْرَجَا، أَمَا وَعِزَّتي وَعَظَمَتي؛ لَا يَعْتَصِمُ عَبْدٌ من عِبَادِي بمَخْلُوقٍ دُوني، أَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِه؛ إِلَاّ قَطَعْتُ أَسْبَابَ السَّمَاءِ مِنْ يَدِه، وَأَسَخْتُ الأَرْضَ مِنْ تحْتِ قَدَمَيْه، ثمَ لَا أُبَالي بِأَيِّ وَادٍ هَلَك " 0

[ابْنُ القَيِّمِ في " إِغَاثَةِ اللهْفَان " بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت 0 ص: 34/ 1]

كَثْرَةِ السُّؤَال

ص: 3086

عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثَاً: قِيلَ وَقَال، وَإِضَاعَةَ المَال، وَكَثْرَةَ السُّؤَال " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (1477)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: 593]

لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلحَافَا

عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَا تُلْحِفُواْ في المَسْأَلَة؛ فَوَاللهِ لَا يَسْأَلُني أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئَاً، فَتُخْرِجُ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنيِّ شَيْئَاً وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ؛ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُه " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: (1038)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 16450]

ص: 3087

عَن عَبْدِ اللهِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَا تُلِحُّواْ في المَسْأَلَة؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَخْرِجْ مِنَّا بِهَا شَيْئَاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيه " 0

[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: (95/ 3)، أَبُو يَعْلَى]

عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَلْعُونٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ الله، وَمَلْعُونٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ فَمَنَعَ سَائِلَه، مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْرَا " 00 أَيْ: مَا لَمْ يُسِئِ الأَدَب 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (10830/ 5890)، وَفي " التَّرْغِيب " بِرَقْم: 851]

ص: 3088

مَنْ سَأَلَ وَهُوَ غَنيّ

عَن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَسْأَلَةُ الْغَنيِّ شَيْنٌ في وَجْهِهِ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (10811)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 19410 / إِحْيَاءُ التُّرَاث]

وَعَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيه؛ جَاءتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ القِيَامَة خُدُوشَاً في وَجْهِه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " المِشْكَاةِ " بِرَقْم: (1847)، وَفي " الصَّحِيحَةِ " بِرَقْم: (499)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16733]

ص: 3089

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ وَهُوَ غَنيٌّ عَنِ المَسْأَلَة؛ يحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهِيَ ـ أَيِ المَسْأَلَةُ ـ خُمُوشٌ في وَجْهِه "

[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (96/ 3)، أَخْرَجَهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَطِ]

وَعَن رَجُلٍ مِن أَهْلِ الرَّبْذَةِ يُقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَو أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَال:

" أَتَى رَجُلٌ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه يَسْأَلهُ فَأَعْطَاه شَيْئَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ غَنيّ 00؟!

ص: 3090

فَقَالَ رضي الله عنه: وَمَا أَحْفِلُ أَنْ يجِيءَ يَوْمَ القِيَامَةِ يخْمِشُ وَجْهَه " 0

وَالرَّبْذَة: مَوْضِعٌ بَينَ مَكَّةَ وَالمَدِينَة 0

وَمَا كَانَ أَبُو ذّرٍّ لِيَقُولَ هَذَا مِنْ تِلْقَائِ نَفْسِه، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم 0

[ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبرِيّ 0 وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 17127]

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرَا؛ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرَا، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ ليَسْتَكثِرْ " 0 [أَيْ أَنَّ الإِثمَ لَاحِقُهُ لَاحِقُهُ فِيمَا هُوَ آخِذ، قَلَّ أَوْ كَثُر 0 الإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: 1041]

ص: 3091

عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيرِ فَقْر؛ فَكَأَنَّمَا يَأْكُلُ الجَمْر " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (11226)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 17054 / إِحْيَاءُ التُّرَاث]

عَن حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" الَّذِي يَسْأَلُ مِن غَيرِ حَاجَةٍ؛ كَمَثَلِ الَّذِي يَلْتَقِطُ الجَمْر "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الجَامِعِ وَفي غَايَةِ المَرَامِ بِرَقْم:

(151)

، رَوَاهُ الإِمَامُ الْبَيْهَقِيُّ في الشُّعَب]

ص: 3092

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرَا ـ أَيِ اسْتِكْثَارَا ـ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرَ جَهَنَّم؛ فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ أَوْ لِيُكْثِرْ " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1838]

وَعَنْ زِيَادِ بْنِ الحَارِثِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهرِ غِنىً؛ فَصُدَاعٌ في الرَّأْس، وَدَاءٌ في البَطْن " 0

[أَيْ: يَدْعُو عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِصُدَاعٍ في الرَّأْس، وَدَاءٍ في البَطْن 0 في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16784]

ص: 3093

عَن أَبى هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ سَيِّدَنَا دَاودَ عليه السلام قال:

" إِدْخَالُكَ يَدَكَ في فَمِ التِّنِّينِ إِلى أَنْ تَبْلُغَ المِرْفَقَ فَيَقْضِمَهَا؛ خَيرٌ لَكَ مِن أَن تَسْأَلَ مَنْ لَمْ يَكنْ لَهُ شَيْء ثُمَّ كَان " 0

[ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في " الضَّعِيفِ وَالضَّعِيفَةِ " بِرَقْم: (4043)، رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكر، وَهُوَ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16804]

ص: 3094

مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الكَسْب

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنيّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيّ " 00 أَيْ لِذِي عَقْلٍ قَادِرٍ عَلَى الْكَسْب 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6530، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبي دَاوُدَ بِأَرْقَام: 1839، 652، 1634، وَقَوَّاهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في السِّيَر]

ص: 3095

عَن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيٍّ رضي الله عنه قَال: أَخْبرَني رَجُلَانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاع، وَهُوَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَة، فَسَأَلَاهُ مِنْهَا، قَالَا: فَرَفَعَ فِينَا الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ؛ فَرَآنَا جَلْدَيْن؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنيّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِب " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامَينِ أَبي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ بِرَقْمَيْ: (1633، 2598)، وَفي مُشْكِلَةِ الْفَقْرِ وَالإِرْوَاء، وَفي الجَامِعِ بِرَقْم: 2299، وَقَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: (92/ 3)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بِرَقْمَي: 17511، 22554]

ص: 3096

وَكَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُمَا بِذَلِك:

أَنْتُمْ أَصِحَّاءوَالمَرْضَى أَحَقُّ بِهِ

{ابْنُ الرُّومِي}

وَعَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُه؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا في بَيْتِكَ شَيْءٌ " 00؟

قَالَ بَلَى، حِلْسٌ ـ أَيْ كِسَاءٌ يُبْسَطُ عَلَى ظَهْرِ البَعِيرِ ـ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَه، وَقَعْبٌ ـ أَيْ إِنَاء ـ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ المَاء، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" ائْتِني بِهِمَا " 00 فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَال:" مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْن " 00؟

ص: 3097

قَالَ رَجُل: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَم، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَم " 00 مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَاً 00؟

قَالَ رَجُل: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْن، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْن، وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَّ وَقَال:" اشْتَرِ بِأَحَدِهمَا طَعَامَاً فَانْبِذْهُ إِلى أَهْلِك [أَيِ ادْفَعْهُ]، وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومَاً فَأْتِني بِه "

فَأَتَاهُ بِه، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُودَاً بِيَدِه ـ أَيْ وَضَعَ لِلقَدُومِ يَدَاً ـ ثُمَّ قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم:" اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمَا " 00 فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيع، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِم، فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبَا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 3098

" هَذَا خَيرٌ لَكَ مِن أَنْ تجِيءَالمَسْأَلَةُ نُكْتَةً في وَجْهِكَ يَوْمَ القِيَامَة، إِنَّ المَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَاّ لِثَلَاثَة: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِع، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِع، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِع " 0 [حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " 0 ص: (84/ 4)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 11724]

ص: 3099

عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلَينِ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَاه؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبَا إِلى هَذِهِ الشُّعُوبِ فَاحْتَطِبَا فَبِيعَاه " 00 فَذَهَبَا فَاحْتَطَبَا، ثُمَّ جَاءَا فَبَاعَا؛ فَأَصَابَا طَعَامَا، ثُمَّ ذَهَبَا فَاحْتَطَبَا أَيْضَاً فَجَاءَا، فَلَمْ يَزَالَا حَتىَّ ابْتَاعَا ثَوْبَين، ثُمَّ ابْتَاعَا حِمَارَيْن، فَقَالَا: قَدْ بَارَكَ اللهُ لَنَا في أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " 00 أَيْ فيمَا أَمَرَنَا بِهِ صلى الله عليه وسلم 0 [قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع ": وَفِيهِ بِشْرٌ بْنُ حَرْبٍ وَفِيهِ كَلَامٌ وَقَدْ وُثِّق 0 ص: (94/ 3)، الإِمَامُ البزَّار]

ص: 3100

مَسْأَلَةُ السُّلْطَانِ أَوِ الوَالي

وَيَبْدُو أَنَّ الأَمْرَ فِيهِ مُنْدُوحَةٌ وَسَعَة؛ فَقَدْ جَاءتْ بِالتَّيْسِيرِ أَحَادِيثُ أُخَر، مِنهَا مَا أَجَازَ مَسْأَلَةَ المُلُوكِ وَالسَّلَاطِين، وَمِنهَا مَن حَدَّدَ الفَقْرَ بِأَنْ يَمْلِكَ مِنَ الدَّرَاهِمِ قُرَابَةَ الخَمْسِين، فَنَحْمَدُ اللهَ عَلَى هَذَا الدِّين؛ أَنَّهُ يَسِّرَ عَلَى فُقَرَاءِ المُسْلِمِين 0

ص: 3101

عَنْ سَمْرَةَ بنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " المَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَه، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِه، وَمَنْ شَاءَ تَرَك، إِلَاّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ في أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدَّا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ أَبي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ بِأَرْقَام: 1639، 2599، 681، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد]

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 3102

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ سَمْرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ المسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَه ـ أَيْ يخْدِشُه ـ إِلَاّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلطَانَا، أَوْ في أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنه " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ في النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 2600، وَفي التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 681، وَفي الجَامِعِ بِرَقْم: 3710، وَهُوَ في الْكَنْزِ بِرَقْم: 16699]

وَهَذَا طَبْعَاً إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ عَادِلاً، وَأَمِنْتَ مِنَ الْفِتْنَةِ عَلَى نَفْسِك 0

ص: 3103

رَوَى رَجُلٌ مِنْ بَني سُلَيْمٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِيَّاكُمْ وَأَبْوَابَ السُّلْطَان؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ صَعْبَاً هَبُوطَاً " 00

[أَيْ مُنحَدَرَاً تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَام 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (2672، 1253)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيّ]

وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ سَكَنَ البَادِيَةَ جَفَا وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ وَمَن أَتَى السُّلْطَانَ افْتَتَنَ

ص: 3104

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَكَنَ البَادِيَةَ جَفَا، وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَل، وَمَن أَتَى أَبْوَابَ السُّلْطَانِ افْتُتِن " 0 [صَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 3362، وَالأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِأَرْقَام: 6124، 1272، 2256]

أَمَّا إِنْ قَدَّمَ السُّلْطَانُ إِلَيْكَ مَالاً؛ فَالأَمْرُ عَلَى مَا تَقَدَّم 00

ص: 3105

عَن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن أَمْوَالِ السُّلْطَانِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" مَا آتَاكَ اللهُ مِنْهَا مِنْ غَيرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافٍ فَكُلْهُ وَتَمَوَّلْه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 10440، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 27009 / إِحْيَاءُ التُّرَاث]

ص: 3106

مِقْدَارُ الْغِنى الَّذِي لَا تجُوزُ مَعَهُ المَسْأَلَة

وَعَنْ سَيِّدِنَا عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:

" مَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً عَنْ ظَهْرِ غِنىً اسْتَكْثَرَ بِهَا؛ فَإِنَّمَا هِيَ رَضْفَةٌ مِنْ رَضْفِ جَهَنَّم " 00

قَالُواْ: يَا رَسُولَ الله، وَمَا ظَهْرُ غِنىً 00؟!

قالَ صلى الله عليه وسلم: " عَشَاءُ لَيْلَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب بِرَقْم: 804، رَوَاهُ أَحْمَدُ بِرَقْم: 1256، وَالإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَطِ، وَهُوَ في الْكَنْز: 17144]

ص: 3107

وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" مَنْ كَانَ لَهُ قُوتُ ثَلَاثَةِ أَيَّام؛ لَمْ يحِلَّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئَا " 0

[الدَّيْلَمِيُّ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 5599، وَهُوَ في الكَنْزِ بِرَقْم: 16774]

عَنْ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيه: فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّم "؛ قَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ وَمَا يُغْنِيه؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيه " 00 وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبْعُ يَوْمٍ وَلَيْلَة " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد، وَقَالَ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ الْبُخَارِيّ]

ص: 3108

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيه؛ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَمَسْأَلَتُهُ في وَجْهِهِ خُمُوش، أَوْ خُدُوشٌ، أَوْ كُدُوح " 00 قِيلَ يَا رَسُولَ الله، وَمَا يُغْنِيه 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " خَمْسُونَ دِرْهَمَاً أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَب " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ بِأَرْقَام: 1626، 2592، 650، 1840، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 4440]

ص: 3109

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمَاً فَهُوَ المُلْحِف " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (11227)، كَمَا صَحَّحَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 2594]

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّة؛ فَقَدْ أَلْحَف " 0

وَكَانَتِ الأُوقِيَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ دِرْهَمَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 11228، وَحَسَّنَهُ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 1628]

الأُوقِيَّةُ: أَرْبَعُونَ دِرْهَمَاً فِضَّة، وَوَزْنُ دِرْهَمِ الْفِضَّة: ثَلَاثُ جِرَامَات 0

ص: 3110

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ اسْتَغْنى أَغْنَاهُ اللهُ عز وجل، وَمَنْ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ عز وجل، وَمَنْ اسْتَكْفَى كَفَاهُ اللهُ عز وجل، وَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّة؛ فَقَدْ أَلحَف " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 10971، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 2595، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

عَن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَني أَسَدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا: فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافَاً " 0

[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 16411]

ص: 3111

عَن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَني أَسَدٍ قَال: " نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيعِ الْغَرْقَد، فَقَالَ لي أَهْلِي: اذْهَبْ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلْهُ لَنَا شَيْئَاً نَأْكُلُه، فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِن حَاجَتِهِمْ؛ فَذَهَبْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلاً يَسْأَلُه، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " لَا أَجِدُ مَا أُعْطِيك "؛ فَتَوَلَّى الرَّجُلُ عَنهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُول: لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْت؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" يَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجِدَ مَا أُعْطِيه، مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عِدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلحَافَا " 0

ص: 3112

فَقُلْتُ: لَلِقْحَةٌ لَنَا خَيرٌ مِن أُوقِيَّة؛ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ؛ فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ شَعِيرٌ وَزَبِيب، فَقَسَمَ لَنَا مِنهُ حَتىَّ أَغْنَانَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ بِرَقْمَيْ: 1627، 2596]

ص: 3113

وَتَأْتي هَذِهِ الأَقْوَالِ لأَئِمَّتِنَا وَفُقَهَائِنَا وَالَّتي سَاقَهَا الإِمَامُ التِّرْمِذِيّ؛ في قِمَّةِ التَّيْسِيرِ في هَذَا الصَّدَد:

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ وَالإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاق:

" إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسُونَ دِرْهَمَاً لَمْ تَحِلَّ لَهُ الصَّدَقَة، وَوَسَّعَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ في هَذَا وَقَالُواْ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمَاً أَوْ أَكْثَرُ وَهُوَ محْتَاج؛ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاة، وَهُوَ قَوْلُ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِن أَهْلِ الفِقْهِ وَالعِلْم " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 650]

ص: 3114

المُؤْمِنُ يَشْكُو إِلى اللهِ وَالْكَافِرُ يَشْكُو مِنَ الله

فَمَنِ افْتَقَرَ إِلى النَّاسِ أَفْقَرَهُ اللهُ وَمَنِ اسْتَغْنى عَنِ النَّاسِ أَغْنَاهُ الله 0

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاس؛ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُه، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بالله؛ فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ غِنىً آجِل " 00 يُوشِكُ هُنَا: أَيْ يُسْرِع؛ مِنْ وَشِيكَاً 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 6566، 2787، وَصَحَّحَهُ أَيْضَاً في المِشْكَاةِ وَالتَّرْغِيب، وَصَحَّحَهُ في سُنَنيِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبي دَاوُدَ بِرَقْمَيْ: 2326، 1645، كَمَا صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 3696]

ص: 3115

المَسْأَلَةُ وَمَتى تجُوزُ لِغَيرِ الفَقِير

عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مخَارِقٍ رضي الله عنه قَال:

" تحَمَّلْتُ حَمَالَةً ـ أَيْ تحَمَّلَ غُرْمَاً ثَقِيلاً في فَضِّ نزَاعٍ مَا ـ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا 00؟

ص: 3116

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَقِمْ حَتىَّ تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بهَا " 00 ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَا قَبِيصَة، إِنَّ المَسْأَلَةَ لَا تحِلُّ إِلَاّ لأَحَدِ ثَلَاثَة: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَة، حَتىَّ يُصِيبَهَا ثمَّ يُمْسِك ـ أَيْ ثُمَّ يُقْلِعُ عَنِ المَسْأَلَةِ إِذَا جَمَعَ مَا يَكْفِيه ـ وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَة ـ أَيْ مُصِيبَة ـ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَة، حَتىَّ يُصِيبَ قِوَامَاً مِن عَيْش، أَوْ قَالَ سِدَادَاً مِن عَيْش، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَة ـ أَيْ حَاجَةٌ وَفَقْر ـ حَتىَّ يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَا مِنْ قَوْمِهِ ـ أَيْ مِنْ ذَوِي العُقُول ـ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانَاً فَاقَةٌ؛ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَة، حَتىَّ يُصِيبَ قِوَامَاً مِن عَيْش، أَوْ قَالَ سِدَادَاً مِن عَيْش، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ المَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَة؛ سُحْتَاً يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا "[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1044 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3117

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " لَا تحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنيٍّ إِلَاّ لخَمْسَة: لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَازٍ في سَبِيلِ الله، أَوْ لِغَنيٍّ اشْتَرَاهَا بِمَالِه، أَوْ فَقِيرٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَاهَا لِغَنيّ، أَوْ غَارِم " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1841]

حَثُّ الفَقِيرِ عَلَى قَبُولِ الصَّدَقَةِ مَا دَامَ محْتَاجَا

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " مَا الَّذِي يُعْطِي مِنْ سَعَة؛ بِأَعْظمَ أَجْرَاً مِنَ الَّذِي يَقْبَل، إِذَا كَانَ محْتَاجَاً " 0 [ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (505)، وَالطَّبرَانيُّ في " الكَبِيرِ "، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16659]

ص: 3118

وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَن أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ قَال:

" المَسْأَلَةُ لِلمُضْطَرّ؛ أَلَا تَرَى إِلى نَبيِّ اللهِ مُوسَى وَصَاحِبِهِ كَيْفَ اسْتَطْعَمَا أَهْلَ القَرْيَة " 00؟!

[الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: 3531]

يَقُولُ ابْنُ القَيِّم، في كِتَابِهِ القَيِّم / عُدَّةُ الصَّابِرِين؛ عَمَّنْ تَرَكَ المًسْأَلَةَ رَغْمَ شِدَّةِ حَاجَتِه:

" وَقَالَ كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيّ: يجِبُ عَلَيْهِ المَسْأَلَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ كَانَ عَاصِيَا؛ لأَنَّ المَسْأَلَةَ تَتَضَمَّنُ نجَاتَهُ مِنَ التَّلَف "

[ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِينَ " بِالبَابِ الثَّامِن 0 طَبْعَةِ دَارِ الكُتُبِ العِلمِيَّة 0 بَيرُوت: 22/ 1]

ص: 3119

وَسُبْحَانَ اللهِ العَظِيم، إِذَا جَازَ أَكْلُ المَيْتَةِ وَأَكْلُ لَحْمِ الخِنْزِيرِ لِلمُضْطَرِّ وَذِي الحَاجَة؛ فَكَيْفَ لَا تجُوزُ المَسْأَلَة 00؟!

فَمَا الفَقْرُ عَيْبَاً مَا تجَمَّلَ أَهْلُهُ * وَلَمْ يَسْأَلُواْ إِلَاّ مُدَاوَاةَ دَائِهِ

وَمَا العَيْبُ إِلَاّ عَيْبُ مَنْ يَمْلِكُ الغِنى * وَيَمْنَعُ أَهْلَ الفَقْرِ فَضْلَ رِدَائِهِ

{ابْنُ الرُّومِيّ، كَمَا نُسِبَا أَيْضَاً لِلبُحْتُرِيّ}

ص: 3120

مَاذَا تَفْعَلُ إِذَا قُدِّمَتْ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَنْتَ غَيرُ محْتَاجٍ إِلَيْهَا

عَن عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن عَرَضَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الرِّزْقِ مِنْ غَيرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَاف؛ فَلْيُوَسِّعْ بِهِ في رِزْقِه، فَإِنْ كَانَ عَنْهُ غَنِيَّا؛ فَلْيُوَجِّهْهُ إِلى مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنْه " 0 [قَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: 101/ 3، رَوَاهُ الإِمَامَانِ الطَّبرَانيُّ وَأَحْمَد]

وَعَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِذَا آتَاكَ مَا لَمْ تَسْأَلْهُ وَلَمْ تَشْرَهْ إِلَيْهِ نَفْسُكَ فَاقْبَلْهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْك " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 256، 1187، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَابْنُ حِبَّان، وَهُوَ في الْكَنْزِ بِرَقْم: 16817]

ص: 3121

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن آتَاهُ اللهُ مِن هَذَا المَالِ شَيْئَاً مِن غَيرِ أَنْ يَسْأَلَه؛ فَلْيَقْبَلْهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ عز وجل إِلَيْه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7908، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (10865)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

ص: 3122

عَنْ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الجُهَنيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ جَاءَهُ مِن أَخِيهِ مَعْرُوفٌ مِن غَيْرِ إِشْرَافٍ وَلَا مَسْأَلَةٍ: فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا يَرُدَّه؛ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ عز وجل إِلَيْه "[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ ِ بِرَقْم: 24009/ 11، وَالإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في التَّرْغِيبِ بِرَقْم: 848]

ص: 3123

وَعَنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ المَخْزُومِيِّ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه؛ بَعَثَ إِلىَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَة، فَقَالَتْ لِلرَّسُول: إِنِّي يَا بُنيَّ لَا أَقْبَلُ مِن أَحَدٍ شَيْئَا، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ: رُدُّوهُ عَلَيّ، فَرَدُّوه؛ فَقَالَتْ: إِنِّي ذَكَرْتُ شَيْئَاً قَالَهُ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال:" يَا عَائِشَة، مَن أَعْطَاكِ عَطَاءً بِغَيرِ مَسْأَلَةٍ فَاقْبَلِيه؛ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ عَرَضَهُ اللهُ لَكِ "[ضَعَّفَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (100/ 3)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 23959]

ص: 3124

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رضي الله عنه؛ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه في خِلَافَتِه، فَقَالَ لَهُ عُمَر: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَليَ مِن أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالَا، فَإِذَا أُعْطِيتَ العُمَالَةَ ـ أَيِ الأُجْرَةَ ـ كَرِهْتَهَا 00؟

فَقُلْتُ بَلَى، فَقَالَ عُمَر: فَمَا تُرِيدُ إِلى ذَلِك 00؟!

ص: 3125

قُلْتُ: إِنَّ لي أَفْرَاسَاً وَأَعْبُدَاً وَأَنَا بخَير، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتي صَدَقَةً عَلَى المُسْلِمِين، قَالَ عُمَر: لَا تَفْعَلْ؛ فَإِني كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ؛ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيني العَطَاءَ فَأَقُول: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنيِّ، حَتىَّ أَعْطَاني مَرَّةً مَالَا، فَقُلْتُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنيِّ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِه، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِل؛ فَخُذْهُ، وَإِلَاّ؛ فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَك " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقم: (7164)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ عَبْدِ البَاقِي بِرَقْم: 1045]

ص: 3126

وَعَنِ ابْنِ السَّعْدِيِّ رضي الله عنه أَيْضَاً قَال: " اسْتَعْمَلَني عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى الصَّدَقَة، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إِلَيْه؛ أَمَرَ لي بِعُمَالَة ـ أَيْ بِأُجْرَة ـ فَقُلْتُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ للهِ وَأَجْرِيَ عَلَى الله، فَقَالَ رضي الله عنه: خُذْ مَا أُعْطِيت؛ فَإِني عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَمَّلَني ـ أَيْ أَعْطَاني عُمَالَةً ـ فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِك، فَقَالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئَاً مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَل؛ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: (1045)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 17156]

ص: 3127

وَعَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَيْضَاً أَنَّهُ قَال: " أَرسَلَ إِليَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بمَالٍ فَرَدَدْتُهُ، فَلمَّا جِئْتُهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَرُدَّ مَا أَرسَلْتُ بِهِ إِلَيْك " 00؟!

قلتُ: يَا رَسُولَ الله، أَلَيْسَ قَدْ قُلْتَ لي أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنَ النَّاسِ شَيْئَا 00؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنما ذَاكَ أَنْ لَا تَسْأَل، وَأَمَّا مَا جَاءَكَ مِن غَيرِ مَسْأَلَة؛ فَإِنَّما هُوَ رِزْق رَزَقَكَهُ الله "

ص: 3128

[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (100/ 3)، وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (847)، وَأَخْرَجَهُ الإِمَامُ البَيهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: (3546)، وَأَبُو يَعْلى، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 17150]

وَرِزْقٌ رَزَقَكَهُ الله: أَيْ وَهَبَهُ لَك 0

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطابِ رضي الله عنه أَعْطَى سَعِيدَ بْنَ عَامِرٍ أَلْفَ دِينَار، فَقَالَ لَا حَاجَةَ لي فِيهَا، أَعْطِ مَن هُوَ أَحوَجُ إِلَيْهِا مِنيِّ، فَقَالَ عُمَر: عَلَى رِسْلِكَ حَتىَّ أُحَدِّثَكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:

ص: 3129

" مَن أُعْطِيَ شَيْئَاً عَلَى غَيرِ سُؤَال، وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْس؛ فَإِنَّهُ رِزْقٌ مِنَ اللهِ فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا يَرُدَّه "

فَقَالَ سَعِيد: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ نَعَمْ، فَقَبِلَه " 00!!

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (848)، وَفي " الصَّحِيحِ " بِنَحْوِهِ، وَهُوَ في " الكَنزُ " بِرَقم: 17155]

عَنِ القَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ قَال: " كَتَبَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ إِلى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنِ ارْفَعْ إِلَيَّ حَاجَتَك؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول:

" إِنَّ اليَدَ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول " 0

وَلَسْتُ أَسْأَلُكَ شَيْئَاً، وَلَا أَرُدُّ رِزْقَاً رَزَقَنِيهِ اللهُ مِنْك " [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 4474، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

ص: 3130

وَلَا غَرَابَةَ فَمَنْ تَأَمَّلَ فِقْهَ عُمَر؛ لَمْ يَتَعَجَّبْ مِنْ فِقْهِ ابْنِ عُمَر 00

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانِ مِنَّا * عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

{أَبُو العَلَاءِ المَعَرِّيّ}

قَالَ شَقِيقٌ البَلْخِيُّ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَم، حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ مِن خُرَاسَان: كَيْفَ تَرَكْتَ الفُقَرَاءَ مِن أَصْحَابِك 00؟

قَال: تَرَكْتُهُمْ؛ إِن أُعْطُواْ شَكَرُواْ، وَإِنْ مُنعُواْ صَبرُواْ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَمَّا وَصَفَهُمْ بِتَرْكِ السُّؤَال؛ قَدْ أَثْنى عَلَيْهِمْ غَايَةَ الثَّنَاء، فَقَال شَقِيق: هَكَذَا تَرَكْتُ كِلَابَ بَلْخ ـ أَيْ بَلَدِه ـ فَقَالَ لهُ إِبْرَاهِيم: فَكَيْفَ تَرَكْتَ الفُقَرَاءَ عِنْدَكُمْ يَا شَقِيق 00؟!

ص: 3131

قَالَ رضي الله عنه: الفُقَرَاءُ عِنْدَنَا؛ إِنْ مُنِعُواْ شَكَرُواْ، وإِن أُعْطُواْ آثَرُواْ ـ أَيْ قَبِلُواْ مَا أُعْطُوهُ وَتَصَدَّقُواْ بِهِ عَلَى أَفْقَرَ مِنهُمْ ـ فَقَبَّلَ إِبْرَاهِيمُ رَأْسَهُ وَقَال: صَدَقْتَ يَا أُسْتَاذِي 00!!

[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ الحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة 0 بَابُ أَحْوَالُ السَّائِلِين: 1573]

نمَاذِجُ مِن عِفَّةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَجْمَعِين

وَعَن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَة، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ الله "؟

ص: 3132

ـ وَكُنَّا حَدِيثي عَهْدٍ بِبَيْعَة ـ فَقُلنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ الله، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ الله " 00؟!

فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلنَا: قَد بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ الله، فَعَلَامَ نُبَابِعُك 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " عَلَى أَنْ تعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شيْئَا، وَالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَتُطِيعُواْ " 00 وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً: " وَلَا تَسْأَلواْ النَّاسَ شَيْئَاً " 00 يَقُولُ عَوْف:

فَلَقَد رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدَاً يُنَاولَهُ إِيَّاه " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في " نُسْخَةِ عَبْدِ البَاقِي " بِرَقم: 1043]

ص: 3133

عَن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ دَعَاهُ فَقَال: " هَلْ لَكَ إِلى بَيْعَةٍ وَلَكَ الجَنَّة " 00؟

قُلْتُ نَعَمْ، وَبَسَطْتُ يَدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَشْتَرِطُ عَلَيّ: أَنْ لَا تَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئَا، قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" وَلَا سَوْطَكَ إِنْ يَسْقُطْ مِنْك، حَتىَّ تَنْزِلَ إِلَيْهِ فَتَأْخُذَه " 0

[وَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: (92/ 3)، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (7307)، رَوَاهُ أَحْمَدُ بِرَقْم: 20998]

وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة

ص: 3134

وَتَأَمَّلْ مَوْقِفَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَار ـ وَمَا أَرْوَعَ المَوْقِفَين ـ كَيْفَ كَانَ الأَنْصَارِيُّ يَأْتي بِمَالِهِ وَيُقَسِّمُهُ إِلى شَطْرَيْن، وَيَقُولُ لأَخِيهِ المُهَاجِر: خُذْ أَحَبَّهُمَا إِلَيْك، وَيخيرُهُ بَين زَوْجَاتِهِ وَيَقُولُ لَه: انْظُرْ خَيرَهُنَّ أُطَلِّقُهَا لَكَ فَتَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتهَا، فَمَا يَكُونُ مِنَ المُهَاجِرِ إِلَاّ أَنْ يجِيبَهُ ـ وَالعِفَّةُ تَتَجَلَّى في أَسْمَى مَعَانِيهَا: بَارَكَ اللهُ لَكَ يَا أَخِي في مَالِكَ وَفي أَهْلِك، وَلَكِنْ دُلَّني عَلَى السُّوق!!

مِن أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ الحدِيثُ العَظِيمُ الَّذِي قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذَلِكَ لِلمُهَاجِرِين:

ص: 3135

عَنِ الفَارُوقِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِه؛ فَهِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِه، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقم: (54)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في " نُسْخَةِ عَبْدِ البَاقِي " بِرَقم: 1907]

ص: 3136

عِفَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَة؛ فَآخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَه؛ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن: بَارَكَ اللهُ لَكَ في أَهْلِكَ وَمَالِك، دُلَّني عَلَى السُّوق، فَرَبحَ شَيْئَاً مِن أَقِطٍ وَسَمْن، فَرَآهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَة ـ صِبْغٌ كَالحِنَّاء ـ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَهْيمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَن "؟ [أَيْ مَا الخَبر 00؟]

ص: 3137

قَالَ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ الله، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَار، قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" فَمَا سُقْتَ فِيهَا " 00؟

فَقَال: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَب؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَوْلِمْ، وَلَوْ بِشَاةٍ "

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: 5072]

ص: 3138

عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَال:

" لَمَّا قَدِمُواْ المَدِينَة؛ آخَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَينَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيع، قَالَ ـ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيع ـ لِعَبْدِ الرَّحْمَن: إِني أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالَا؛ فَأَقْسِمُ مَالي نِصْفَين، وَليَ امْرَأَتَان؛ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لي أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا، قَالَ ـ أَيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف: بَارَكَ اللهُ لَكَ في أَهْلِكَ وَمَالِك، أَيْنَ سُوقُكُمْ 00؟

ص: 3139

فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَني قَيْنُقَاع، فَمَا انْقَلَبَ إِلَاّ وَمَعَهُ فَضْلٌ مِن أَقِطٍ وَسَمْن، ثمَّ تَابَعَ الغُدُوّ، ثمَّ جَاءَ يَوْمَاً وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَة؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَهْيمْ " 00؟ قَالَ تَزَوَّجْت، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا " 00؟ قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَب، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَب "

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: 3780]

ص: 3140

عِفَّةُ أَبي سَعِيدٍ الخدْريِّ

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيرَاً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْر " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1469 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1053 / عَبْدُ البَاقِي]

ص: 3141

عِفَّةُ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاص

عَن عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَال: " كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ في إِبِلِه؛ فَجَاءهُ ابْنُهُ عُمَر، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ رضي الله عنه قَال: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِب، فَنَزَلَ فَقَالَ لَه: أَنَزَلْتَ في إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ المُلْكَ بَيْنَهُمْ 00؟!

فَضَرَبَ سَعْدٌ في صَدْرِهِ فَقَال: اسْكُتْ؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:

" إِنَّ اللهَ يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ الغَنيَّ الخَفِيّ " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2965 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3142

عِفَّةُ ثَوْبَانَ الصَّحَابيّ

وَعَنْ ثَوبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ يَتَكَفلُ لي أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئَا؛ وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالجَنَّة " 00؟ فَقَالَ ثَوْبَان: أَنَا يَا رَسُولَ الله؛ فَكَانَ رضي الله عنه لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئَا "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبانيُّ في " صَحِيحِ الجَامِع " بِرَقْم: (11550)، وَفي " سُنَنِ أَبي دَاوُد " بِرَقْم: 1643]

وَفي رِوَايَةٍ عَنْ ثَوبَانَ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ يَتَكَفلُ لي أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيئَا؛ وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالجَنَّة " 00؟

ص: 3143

فَقَالَ ثَوْبَان: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَكَانَ رضي الله عنه لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئَا، حَتىَّ أَنَّ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُول: تَعَاهَدُواْ ثَوْبَان؛ فَإِنَّهُ لَا يَسْأَلُ أَحَدَاً شَيْئَا، وَكَانَ يَسْقُطُ مِنهُ العَصَا وَالسِّوَاك؛ فَلَا يَسْأَلُ أَحَدَاً أَنْ يُنَاوِلَهُ إِيَّاه، حَتىَّ يَنزِلَ فَيَأْخُذَه " 0

[الإِمَامُ البَيْهَقِيّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: (3521]

وَفي رِوَايَةٍ عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه قَال:

" فَكَانَ ثَوْبَانُ يَقَعُ سَوْطُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ؛ فَلَا يَقُولُ لأَحَدٍ نَاوِلْنِيه، حَتىَّ يَنْزِلَ فَيَأْخُذَه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1837]

ص: 3144

كَذَاكَ أَخْلَاقُهُمْ كانَتْ وَما عُهِدَتْ * بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَخْلَاقٌ تحَاكِيهَا

رَبَّاهُمُ المُصْطَفَى وَاللهُ أَدَّبهُمْ * مَا أَقْبَحَ النَّفْسَ إِنْ فَقَدَتْ مُرَبِّيهَا

{حَافِظ إِبْرَاهِيم}

عِفَّةُ الفَرَزْدَقِ الشَّاعِر

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ المُهَلَّب:

" مَا رَأَيْتُ أَعَفَّ وَلَا أَشْرَفَ مِنَ الفَرَزْدَق؛ هَجَاني مَلِكَاً، وَمَدَحَني سُوقَة " 0

[ابْنُ سَلَاّمِ الجُمَحِيُّ بِنَحْوِهِ في " طَبَقَاتِ فُحُولِ الشُّعَرَاء " طَبْعَةِ جَدَّة، تَحْقِيقِ الأُسْتَاذ / محْمُود شَاكِر 0 ص: 346/ 2]

أَيْ هَجَانِي وَأَنَا مَلِك، وَمَدَحَني وَأَنَا وَاحِدٌ مِن عَامَّةِ الرَّعِيَّة 00 أَيْ بَعْدَ عَزْلي؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عِفَّةِ الفَرَزْدَقِ وَشَجَاعَتِة 00!!

الشَّاعِرُ الَّذِي لِعِفَّتِهِ تَمَنى رَسُولُ اللهِ أَنْ يَرَاه

ص: 3145

وَلَا يَفُوتُنَا قَوْلُ عَنْتَرَةَ الَّذِي أُعْجِبَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُرَدِّدُه:

وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطِّوَى مُسْتَعْفِفَاً * حَتىَّ أَنَالَ بِهِ كَرِيمَ المَطْعَمِ

يخبرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّني * أَغْشَى الوَغَى وَأَعَفُّ عِنْدَ المَغْنَمِ

فَأَرَى مَغَانِمَ لَوْ أَشَاءُ غَنِمْتُهَا * فَيَصُدُّني عَنهَا الحَيَا وَتَكَرُّمِي

حَتىَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " مَا وُصِفَ لي أَعْرَابِيٌ قَطُّ فَأَحْبَبْتُ أَن أَرَاه؛ إِلَاّ عَنْتَرَة " 0

[الأَصْفَهَانيُّ في كِتَابِ " الأَغَاني " بِطَبْعَةِ دَارِ الفِكْر 0 بَيرُوت 0 ص: 250/ 8]

إِنَّهُ العَفَافُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الأَفَاضِل، وَهَذِهِ الأَبْيَاتُ ذَكَّرَتْني بِأَبْيَاتٍ أُخَرَ يَقُولُ صَاحِبُهَا:

ص: 3146

أَمَا وَالَّذِي لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ غَيْرُهُ * وَيحيى رُفَاتَ العَظْمِ وَهْوَ رَمِيمُ

لَكَمْ مِنْ لَيَالٍ بِتُّ فِيهِنَّ طَاوِيَاً * مخَافَةَ يَوْمَاً أَنْ يُقَالَ لَئِيمُ

{حَاتِمٌ الطَّائِيُّ بِتَصَرُّف}

وَطَاوِيَاً أَيْ جَائِعَاً؛ مِنَ الطِّوَى، وَهُوَ الجُوع 00

حِوَارٌ بَينَ الأَغْنِيَاءِ وَالأَغْبِيَاء

اخْتَصَمَ غَنيٌّ وَغَبيٌّ حَوْلَ قَضِيَّةِ الرِّزْق، فَدَارَ بَيْنَهُمَا الحُوَارُ التَّالي:

الغَبيّ: لِمَ تَبْخَلُ بِمَا آتَاكَ اللهُ عَلَى عبَادِ الله 00؟!

الغَنيّ: أَيَرْزُقُني اللهُ وَحْدِي أَمْ يَرْزُقُكَ كَمَا يَرْزُقُني 00؟

الغَبيّ: يَرْزُقُني كَمَا يَرْزُقُكَ 00

الغَنيّ: فَلِم تَطْمَعُ في رِزْقِ غَيرِكَ وَعِنْدَكَ رِزْقُك 00؟!!

لَا تغْضَبَنَّ عَلَى امْرِئٍ * مَنَعَ الَّذِي مَلَكَتْ يَدَيْه

ص: 3147

وَاغْضَبْ عَلَى الطَّمَعِ الَّذِي * أَغْرَى بِعَيْنِكَ مَا لَدَيْه

{أَبُو العَتَاهِيَة 0 بِتَصَرُّف}

وَهَذَا بِالطَّبْعِ لَيْسَ تَعَاطُفَاً مَعَ الأَغْنِيَاءِ الأَغْبِيَاء، الَّذِينَ لَا يُؤَدَّونَ زَكَاةَ أَمْوَالهِمْ، ثُمَّ يَتَبرَّمُونَ بِكَثْرَةِ السَّائِلِين 00 فَالفَقِيرُ نُطَالِبُهُ بِالحَيَاء، وَالغَنيُّ نُطَالِبُهُ بِالسَّخَاء 00

فَإِنْ رُزِئْتَ فَلَا تَرْكَن إِلى أَحَدِ * وَإِنْ رُزِقْتَ فَلَا تَفْخَرْ عَلَى أَحَدِ

الإِسْلَامُ وَظَاهِرَةُ التَّسَوُّل

عَن عَائِذِ بْنِ عَمْروٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:

" لَوْ تَعْلَمُونَ مَا في المَسْأَلَة؛ مَا مَشَى أَحَدٌ إِلى أَحَدٍ يَسْأَلُهُ شَيْئَا " 0

ص: 3148

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: (2586)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 17721]

عَن عَائِذِ بْنِ عَمْروٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " وَالَّذِي نَفْسُ محَمَّدٍ بِيَدِه؛ لَو تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ في المَسْألَة؛ مَا سَأَلَ رَجُلٌ رَجُلاً؛ وَهْوَ يجِدُ لَيْلَةً تُبَيِّتُه " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: (20123)، كَمَا في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16790]

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَوْ يَعْلَمُ صَاحِبُ المَسْأَلَةِ مَا لَهُ فِيهَا لَمْ يَسْأَلْ " 0

ص: 3149

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 5342، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع: فِيهِ قَابُوسٌ وَفِيهِ كَلَامٌ وَقَدْ وُثِّق: 93/ 3، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ]

وَعَن أَبى سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَسِّمُ ذَهَبَا؛ إِذْ جَاءهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ أَعْطِني؛ فَأَعْطَاه، ثُمَّ قَالَ زِدْني، فَزَادَهُ مِرَارَا، ثُمَّ وَلَّى مُدْبِرَا؛ فَقَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم:

" إِنَّ الرجُلَ لَيَأْتِيني فَيَسْأَلُني فَأُعْطِيه، ثُمَّ يَسْأَلُني فَأُعْطِيه، ثُم يُوَلِّي مُدْبِرَاً وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِهِ نَارَا، وَوَضَعَ في ثَوْبِهِ نَارَا، وَانْقَلَبَ إِلى أَهْلِهِ بِنَار " 0

ص: 3150

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (843)، ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِي، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 17122]

وَأَخْتِمُ أَقْوَالَهُ صلى الله عليه وسلم في مَسْأَلَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الحَدِيث:

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبي سُفْيَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ الرَّجُلَ لَيَسْأَلُني الشَّيْءَ فَأَمْنَعُهُ؛ حَتىَّ تَشْفَعُواْ فَتُؤْجَرُواْ " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (2502)، كَمَا صَحَّحَهُ في سُنَنِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: (2557)، رَوَاهُ الطَّبَرَانيّ]

اليَدُ العُلْيَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى

ص: 3151

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " اليَدُ العُلْيَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، فَاليَدُ العُلْيَا هِيَ المُنْفِقَة، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَة " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقم: 1429، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في " نُسْخَةِ عَبْدِ البَاقِي " بِرَقم: 1033]

وَعَن أَبى سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ الله، وَاليَدُ العُليَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَلَا يَفْتَحُ أَحَدٌ بَابَ مَسْأَلَة؛ إِلَاّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْر " 0 [صَحَّحَ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانِيُّ مَعْنَاهُ في " صَحِيحِ الجَامِعِ " بِرَقْم: (5646)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16780]

ص: 3152

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الأَيْدِي ثَلَاثَة: فَيَدُ اللهِ العُلْيَا، وَيَدُ المُعْطِي الَّتي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائلِ السُّفْلَى " 0 [وَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع: 97/ 3، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ أَبي دَاوُد: 1649، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ في الكَنْز: 17667]

ص: 3153

مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" اليَدُ العُليَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول، وَخَيرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً ـ أَيْ عَنْ سَعَةٍ وَمَقْدِرَة ـ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقم: 1428، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ عَبْدِ البَاقِي بِرَقم: 1034]

وَبَعْضُ الأَحَادِيثِ فَسَّرَتِ اليَدَ العُلْيَا أَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ ذَوِي رَحِمِكَ وَأَقَارِبِك، أَيْ: هُمْ أَوْلى بِصَدَقَتِك، وَكَأَنَّ الحَدِيثَ يَقُولُ بِلِسَانِ الحَالِ لَنَا: الأَقْرَبُونَ أَوْلى بِالمَعْرُوف؛ فَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول 0

ص: 3154

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اليَدُ العُلْيَا أَفْضَلُ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول: أُمَّكَ وَأَبَاك، وَأُخْتَكَ وَأَخَاك، وَأَدْنَاكَ فَأَدْنَاك " 0

[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في التَّرْغِيب: 1956، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7105، وَحَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع]

عَن أَبي رِمْثَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" يَدُ المُعْطِي الْعُلْيَا " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7105، وَالْعَلَاّمَة الأَلْبَانيُّ في مُشْكِلَةِ الْفَقْرِ بِرَقْم: 44، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

ص: 3155

مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ المَسْأَلَة؛ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ الْفَقْر

عَن أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَاً فَاحْفَظُوه: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَة، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا؛ إِلَاّ زَادَهُ اللهُ عِزَّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَة؛ إِلَاّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْر، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَاً فَاحْفَظُوه: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَر: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمَا؛ فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَه، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقَّا؛ فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِل، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمَاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالَا؛ فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُول: لَوْ أَنَّ لي مَالَا؛ لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَان؛

ص: 3156

فَهُوَ بِنِيَّتِهِ؛ فَأَجْرُهُمَا سَوَاء، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمَا؛ فَهُوَ يخْبِطُ في مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْم، لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَه، وَلَا يَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقَّا؛ فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِل، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلَا عِلْمَا؛ فَهُوَ يَقُول: لَوْ أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَان، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاء "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " صَحِيحِ الجَامِعِ " بِرَقْم: (5335)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 17339]

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 3157

" لَا يَفْتَحُ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَة؛ إِلَاّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْر، لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَأْتِيَ الجَبَل، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهُ فَيَأْكُلَه؛ خَيرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ مُعْطَىً أَوْ مَمْنُوعَا " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحَة: 2543، وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِه، وَهُوَ في المُسْنَد: 9140، وَفي الكَنْز: 16747]

ص: 3158

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِس، فَجَعَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّم، فَلَمَّا أَكْثَرَ ـ أَيِ الرَّجُلُ عَلَى أَبي بَكْر ـ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِه؛ فَغَضِبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَام، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَال: يَا رَسُولَ الله، كَانَ يَشْتُمُني وَأَنْتَ جَالِس، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْت 00؟! قَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْك، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ وَقَعَ الشَّيْطَان؛ فَلَمْ أَكُنْ لأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَان " 00 ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

ص: 3159

" يَا أَبَا بَكْر، ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقّ: مَا مِن عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا للهِ عز وجل؛ إِلَاّ أَعَزَّ اللهُ بِهَا نَصْرَه، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّة؛ يُرِيدُ بِهَا صِلَةً؛ إِلَاّ زَادَهُ اللهُ بِهَا كَثْرَة، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَة؛ يُرِيدُ بِهَا كَثْرَة؛ إِلَاّ زَادَهُ اللهُ عز وجل بِهَا قِلَّة " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ بِرَقْم: (5646)، وَفي الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (2231)، وَالحَدِيثُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 9341]

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 3160

" مَنْ فَتَحَ بَابَ مَسْأَلَة؛ فَتَحَ اللهُ لَهُ بَابَ فَقْرٍ في الدُّنيَا وَالآخِرَة، وَمَنْ فَتَحَ بَابَ عَطِيَّة، ابْتِغَاءً لِوَجْهِ الله؛ أَعْطَاهُ اللهُ خَيرَ الدُّنيَا وَالآخِرَة " 0

[الحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16745]

لأَنْ تَعْمَلَ حَطَّابَا؛ خَيرٌ لَكَ مِن أَنْ تَطْرُقَ الأَبْوَابَا

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: شَهِدْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول: " وَاللهِ لأَنْ يَأْتيَ أَحَدُكُمْ صَبِيرَاً ـ أَيْ جَبَلاً ـ ثُمَّ يحْمِلَهُ يَبِيعَهُ فَيَسْتَعِفَّ مِنْهُ؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَأْتيَ رَجُلاً يَسْأَلُه "

[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: (256/ 10)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 10245]

ص: 3161

عَنِ الزُّبَيرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللهُ بهَا وَجْهَه؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ النَّاس، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوه " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: 1471]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ثمَّ يَغْدُوَ ـ أَحْسِبُهُ قَالَ إِلى الجَبَل ـ فَيحْتَطِبَ فَيَبِيع، فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّق؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ النَّاس "

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: 1480]

ص: 3162

عَنِ الزُّبَيرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَأْتيَ الجَبَل؛ فَيَجِئَ بحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَسْتَغْنيَ بِثَمَنِهَا؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوه " 0 [صَحَحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقم: 4210، وَأَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1429، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لأَنْ يحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ أَحَدَاً فَيُعْطِيَهُ أَوْ يمْنَعَه " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2074 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1042 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3163

عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِه: لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِه؛ خَيرٌ لَهُ مِن أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً فَيَسْأَلهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَه "

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1470 / فَتْح]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" وَاللهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلاً فَيحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّق: خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً أَغْنَاهُ اللهُ عز وجل مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلَهُ 00 أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7974، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

ص: 3164

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" لأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيحْطِبَ عَلَى ظَهْرِه، فَيَتَصَدَّقَ بِهِ وَيَسْتَغْنيَ بِهِ مِنَ النَّاس؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ رَجُلاً أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِك؛ فَإِنَّ اليَدَ العُلْيَا أَفْضَلُ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بمَنْ تَعُول " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في عَبْدِ البَاقِي بِرَقم: 1042]

وَعَن الزُّبَيرِ بْنِ العَوَّام، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَام رضي الله عنهم عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:" لأَن يحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حِزْمَةً عَلَى ظَهرِه؛ خَيرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ أَحَدَاً فَيُعْطِيَهُ أَوْ يمْنَعَه " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (2074)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16787]

ص: 3165

مَن أَخَذَ بِمَسْأَلَةِ النَّاسِ مَا لَا يَسْتَحِقّ

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا خَالَطَتْ صَدَقَةٌ مَالاً إلَا أَهْلَكَتْه " 0

[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (5057)، وَالحَدِيثُ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: 3522]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل: تَفْسِيرُهُ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ وَإِنَّمَا هِيَ لِلفُقَرَاءِ وَهُوَ مُوسِر 0

ص: 3166

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَال، وَلَا مَدَّ عَبدٌ يَدَهُ بِصَدَقَة؛ إِلَاّ وَقَعَتْ في يَدِ اللهِ قَبلَ أَنْ تَقَعَ في يَدِ السَّائِل، وَلَا فَتَحَ عَبدٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَة؛ إِلَاّ فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ بَابَاً مِن أَبْوَابِ الفَقْر " 0

[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: 510]

ص: 3167

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ مِن غَيرِ فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِه، أَوْ عِيَالٍ لَا يُطِيقُهُمْ؛ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِوَجْهِهٍ لَيْسَ عَلَيْهِ لحْم، وَمَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَة، مِن غَيرِ فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِه؛ فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ بَابَ فَاقَة، مِن حَيْثُ لَا يحْتَسِب " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (795)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16743]

وَعَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتىَّ يَأْتيَ يَوْمَ القِيَامَة؛ لَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لحْم " 0

ص: 3168

[المُزْعَة: هِيَ القِطْعَة 0 الإِمَامُ البُخَارِيُّ في فَتْحِ البَارِي بِرَقْم: 1475، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ فُؤَاد عَبْد البَاقِي بِرَقْم: 1040]

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" لَا تَزَالُ المَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ؛ حَتىَّ يَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لحْم " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ فُؤَاد عَبْد البَاقِي بِرَقْم: 1040]

السَّائِلُ المُسْتَفِزّ

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا رَدَدْتَ عَلَى السَّائلِ ثَلَاثاً فَلَمْ يَرْجِعْ؛ فَلَا عَليْكَ أَن تَزْبُرَه " 00

ص: 3169

[ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في " الضَّعِيفِ " وَفي " الضَّعِيفَةِ " بِرَقْم: (2507)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16791]

وَتَزْبُرُهُ: أَيْ تَنهَرُهُ وَتُغْلِظُ لَهُ في القَوْل 0

السَّائِلُ القَنُوع

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَائِل، فَأَمَرَ لَهُ بِتَمْرَة، فَوَحَشَ بِهَا، ثمَّ جَاءَ سَائِلٌ آخَر، فَأَمَرَ لَهُ بِتَمْرَةٍ فَقَال: سُبْحَانَ الله، تَمْرَةٌ مِنْ رَسُولِ الله 00؟!

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْجَارِيَة:

" اذْهَبي إِلى أُمِّ سَلَمَة، فَأَعْطِيهِ الأَرْبَعِينَ دِرْهَمَاً الَّتي عِنْدَهَا " 0

ص: 3170

[قَالَ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع ": فِيهِ عُمَارَةَ بْنُ زَاذَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ وَفِيهِ كَلَامٌ لَا يَضُرّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيح: 102/ 3]

كَرَمُهُ صلى الله عليه وسلم وَعَظَمَةُ أَخْلَاقِه

عَن أَبي سَعِيدٍ الخدْرِيّ رضي الله عنه أَنَّ نَاسَاً مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتىَّ نَفِدَ مَا عِنْدَهُ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَير؛ فَلَن أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً، خَيرَاً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْر " 0

ص: 3171

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (1469)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: 1053]

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ النَّاس، مُقْبِلاً مِنْ حُنَين؛ عَلِقَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتىَّ اضْطَرُّوهُ إِلى سَمُرَة ـ أَيْ شَجَرَة ـ فَخَطِفَتْ رِدَاءه، فَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:

" أَعْطُوني رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ العِضَاهِ ـ أَيْ عَدَدِ أَشْوَاكِهَا ـ نَعَمَاً؛ لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثمَّ لَا تَجِدُوني بَخِيلاً وَلَا كَذُوبَاً وَلَا جَبَانَا " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3148 / فَتْح]

ص: 3172

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: قَالَ عُمَر: " يَا رَسُولَ الله، لَقَدْ سَمِعْتُ فُلَانَاً وَفُلَانَاً يُحْسِنَانِ الثَّنَاء ـ أَيْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرَانِ أَنَّكَ أَعْطَيْتَهُمَا دِينَارَيْن، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

" لَكِنَّ وَاللهِ فُلَانَاً مَا هُوَ كَذَلِك؛ لَقَدْ أَعْطَيْتُهُ مِن عَشَرَةٍ إِلى مِاْئَة، فَمَا يَقُولُ ذَاك، أَمَا وَاللهِ؛ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخْرِجُ مَسْأَلَتَهُ مِن عِنْدِي يَتَأَبَّطُهَا ـ أَيْ تَكُونُ تَحْتَ إِبْطِهِ ـ نَارَاً " 0

قَالَ عُمَر: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ تُعْطِيهَا إِيَّاهُمْ 00؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" فَمَا أَصْنَع 00؟ يَأْبَوْنَ إِلَاّ ذَاك، وَيَأْبَى اللهُ ليَ الْبُخْل " 0

ص: 3173

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب: 815، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح: 94/ 3، وَهُوَ في المُسْنَد: 10621]

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه فِيهَا:

" يَا رَسُولَ الله؛ كَيْفَ تُعْطِيهِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهَا لَهُ نَار 00؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" فَمَا أَصْنَع؟! يَأْبَوْنَ إِلَاّ مَسْأَلَتي؛ وَيَأْبىَ اللهُ عز وجل ليَ الْبُخْل " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيب ح 0 ر: (816)، رَوَاهُ الإِمَامُ المُنْذِرِيُّ في التَّرْغِيب]

وَعَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 3174

" إِنَّ قَوْماً يَجِيئُوني فَأُعْطِيهِمْ، مَا يَتَأَبَّطُونَ إِلَاّ النَّار، قِيلَ لِمَ تُعْطِيهِمْ يَا رَسُولَ الله 00؟! قَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنهُمْ يُخَيرُوني بَينَ أَن أُعْطِيَهِمْ أَوْ أُبَخَّل، وَإِني لَسْتُ بِبَخِيل، وَإِنَّ اللهَ لَمْ يَرْضَ ليَ البُخْلَ " 0 [الخرائطيُّ في " مَكَارِم الأَخْلَاق "، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 16756]

عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ العَامِرِيِّ؛ عَن أَحَدِ أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ كَانَ بِالْكُوفَةِ أَمِير، فَخَطَبَ يَوْمَاً فَقَال: إِنَّ في إِعْطَاءِ هَذَا المَالِ فِتْنَة، وَفي إِمْسَاكِهِ فِتْنَة " 0 [قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص:(96/ 3)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 20063]

ص: 3175

الفَارُوقُ عُمَر، وَظَاهِرَةُ التَّسَوُّل

سَمِعَ عُمَرُ رضي الله عنه سَائِلاً يَسْأَلُ بَعْدَ المغْرِب؛ فَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ قَوْمِه: عَشِّ الرَّجُل؛ فَعَشَّاه، ثُمَّ سَمِعَهُ يَسْأَلُ ثَانِيَاً؛ فَقَال: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ عَشِّ الرَّجُل 00؟!

قَال: قَدْ عَشَّيْتُهُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين، فَنَظَرَ عُمَر، فَإِذَا تحْتَ يَدِهِ مخْلَاةٌ مَمْلوءةٌ خُبْزَاً؛ فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ سَائِلاً وَلَكِنَّكَ تَاجِر، وَأَخَذَ المِخْلَاةَ وَنَثَرَهَا بَينَ يَدَيْ إِبِلِ الصَّدَقَة، وَضَرَبَه بِالدِّرَّة ـ أَيْ بِالسَّوْطِ ـ وقالَ رضي الله عنه:" لَا تَعُدْ " 0

يَقُولُ الإِمَامُ الغَزَاليُّ مُعَلِّقَاً: " وَلَوْلَا أَنَّ سُؤَالَهُ كَانَ حَرَامَا؛ لَمَا ضَرَبَهُ وَأَخَذَ مِنهُ المِخْلَاة " 0

ص: 3176

[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ الحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 دَارُ الوَثَائِق 0 بَابُ تحْرِيمِ السُّؤَالِ إِلَاّ لِضَرُورَة: 1569]

الإِمَامُ الغَزَّاليُّ رحمه الله وَظَاهِرَةُ التَّسَوُّل

يَقُولُ الإِمَامُ الغَزَّاليُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى:

ص: 3177

" السُّؤَالُ فِيهِ إِذْلَالُ السَّائِلِ نَفْسَهُ لِغيرِ اللهِ سبحانه وتعالى، وَلَيسَ لِلمُؤمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ لغَيرِ الله، فَسَائِرُ الخَلْقِ فَعِبَادٌ أَمْثَالُهُ، ثمَّ إِنَّهُ أَيْضَاً إِيذَاءٌ لِلمَسْئُول؛ لأَنهُ رُبَّمَا لَا يَسْمَحُ بِالبَذْلِ عَنْ طِيبِ نَفْس، وَذَلِكَ لأَنَّهُ إِنْ بَذَلَ بَذَلَ مِنْ قَبِيلِ الحَيَاء، وَإِن أَعْطَى أَعْطَى مِنْ بَابِ الرِّيَاء، وَإِنْ مَنَعَ فَقَدْ أَلحَقَ نَفْسَهُ بِالبُخَلَاء، فَفِي بَذْلِهِ شِرْك، وَفي مَنعِهِ بخْل، وَالسَّائِلُ هُوَ السَّبَبُ في كُلِّ هَذَا الإِيذَاء، وَالإِيذَاءُ محَرَّمٌ بِاتِّفَاقِ الآرَاء " 0

[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " بِتَصَرُّف 0 طَبْعَةِ الحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 دَارُ الوَثَائِق 0 بَابُ أَحْوَالُ السَّائِلِينَ: 1568]

ص: 3178

لَا جَرَمَ إِنَّهُ حَفِيدُ الفَارُوقِ عُمَر

وَرَأَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه رَجُلاً يَسْأَلُ النَّاسَ في عَرَفَات، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاجِز؛ أَفي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ تَسْأَلُ غَيرَ الله 00؟!!

[الجَاحِظُ في " البَيَانِ وَالتَّبْيِينِ " طَبْعَةِ دَارِ صَعْب 0 بَيرُوت 0 بَابِ كَلَامٍ في الأَدَب 0 بخُطَبِ الخَوَارِجِ ص: 519/ 1]

وَلَا غَرَابَةَ مِنْ تَصَرُّفِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر؛ فَمَنْ تَأَمَّلَ فِقهَ عُمَر، وَفِقهَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر؛ لَمْ يَتَعَجَّبُ مِنْ فِقهِ ابْنِهِ سَالِم، ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْض، وَمَنْ شَابَهَ في الخُلُقِ أَبَاهُ فَمَا ظَلَم 00!!

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانِ مِنَّا * عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

{أَبُو العَلَاءِ المَعَرِّيّ}

ص: 3179

الفَقِيرُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَة

عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَيسَ المِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاس، تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَان، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَان، وَلَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لَا يجِدُ غِنىً يُغْنِيه، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فيُتَصَدَّقُ عَلَيْه، وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاس " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (1479)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في فُؤَاد عَبْد البَاقِي بِرَقْم: 1039]

ص: 3180

وَفي رِوَايَةٍ عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِنمَا المِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّف، وَاقْرَءواْ إِنْ شِئْتُمْ:{لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلحَافَا} {البَقَرَة: 273} [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (4539 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1039 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3181

كَمْ مِنْ فُقَرَاءَ بِالمَنَاطِقِ العَشْوَائِيَّةِ في مِصْر، وَفي الدُّوَلِ الفَقِيرَةِ يَمُوتُونَ إِمَّا مِنَ المَرَض؛ إِمَّا مِنْ سُوءِ التَّغْذِيَة، وَإِمَّا لأَنهُمْ لَا يجِدُونَ ثمَنَ الأَدْوِيَة 00!!

قَالَ بَعْضُ المجَاوِرِينَ بِمَكَّة: كَانَتْ عِنْدِي دَرَاهِمُ أَعْدَدْتُهَا لِلإِنْفَاقِ في سَبِيلِ الله، فَسَمِعْتُ فَقِيرَاً قَدْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِه، وَهُوَ يَقُولُ بِصَوْتٍ خَفِيّ: أَنَا جَائِعٌ كَمَا تَرَى، عُرْيَانٌ كَمَا تَرَى، فَمَا تَرَى فِيمَا تَرَى، يَا مَنْ يَسْمَعُ وَيَرى 00؟!

ص: 3182

فَنَظَرْتُ فَإِذَا عَلَيْهِ خُلْقَانٌ لَا تَكَادُ تُوَارِيه ـ أَيْ ثِيَابٌ مُمَزَّقَةٌ لَا تَكَادُ تَسْتُرُ جَسَدَه ـ فَقُلتُ في نَفْسِي: لَا أَجِدُ لِدَرَاهمِي مَوْضِعَا؛ أَحْسَنَ مِن هَذَا، فَحَمَلْتُهَا إِلَيْه، فَنَظَرَ إِلَيْهِا، ثُمَّ أَخَذَ مِنهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَقَال: أَرْبَعَةٌ ثَمَنُ مِئْزَرَيْن، وَدِرْهَمٌ أُنْفِقُهُ ثَلَاثَاً؛ وَلَا حَاجَةَ بي إِلى البَاقِي 00!! [الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ الحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 دَارُ الوَثَائِق 0 آدَابُ الفَقِيرِ في قَبُولِ العَطَاء: 1566]

انْظُرْ إِلى هَذَا النَّوْعِ مِنَ الرِّجَال، وَكَيْفَ جَعَلَتْهُ العِفَّةُ مَضْرِبَ الأَمْثَال؛ لِنَتَعَلَّمَ اتِّقَاءَ ذُلِّ السُّؤَال:

ص: 3183

وَأَخِيرَاً

أَدْعُو بمَا دَعَا بِهِ صلى الله عليه وسلم في ذَلِك:

عَنْ سَيِّدِنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " مَا صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً مَكْتُوبَةً قَطّ؛ إِلَاّ قَالَ حِينَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ: " اللَّهُمَّ إِنيِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يخْزيني، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ صَاحِبٍ يُؤْذِيني، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ أَمَلٍ يُلْهِيني، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ فَقْرٍ يُنْسِيني، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ غِنىً يُطْغِيني " 0 [قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع ": رَوَاهُ البَزَّار، وَفِيهِ بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَقَدْ وُثِّق 0 ص: 110/ 10]

ص: 3184

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ رضي الله عنه يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا أَنْ نَقُول: اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيم، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْء، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالفُرْقَان، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِه، اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْء، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْء، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْء، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْء؛ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْر " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2713 / عَبْد البَاقِي، وَرَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِ الأَدَبِ المُفْرَدِ بِرَقْم: 1212]

ص: 3185

وَفي رِوَايَةٍ عَنْ شَرِيقٍ الهَوْزَنيِّ رضي الله عنه قَال: " دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَسَأَلْتُهَا:

بِمَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ إِذَا هَبَّ مِنَ اللَّيْل 00؟

فَقَالَتْ رضي الله عنها: لَقَدْ سَأَلْتَني عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَني عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَك 00

ص: 3186

كَانَ إِذَا هَبَّ مِنْ اللَّيْلِ كَبَّرَ عَشْرَاً، وَحَمَّدَ عَشْرَاً، وَقَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ عَشْرَاً، وَقَالَ سُبْحَانَ المَلِكِ الْقُدُّوسِ عَشْرَاً، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرَاً، وَهَلَّلَ عَشْرَاً، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا وَضِيقِ يَوْمِ الْقِيَامَة " 00 عَشْرَاً ثمَّ يَفْتَتِحُ الصَّلَاة "

[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 5058]

ص: 3187

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُول: " اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الجُوع؛ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيع، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الخِيَانَة؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ النَّسَائِيِّ وَأَبي دَاوُدَ بِرَقْمَيْ: 5468، 1547، وَحَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 1029]

ص: 3188

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُول: " اللهُمَّ إِنيِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْفَقْر، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْقِلَّةِ وَالذِّلَّة، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَم " 0

[قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في السِّيَر: إِسْنَادُهُ قَوِيّ 0 وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ النَّسَائِيِّ وَأَبي دَاوُدَ بِرَقْمَيْ: 5460، 1544، وَفي الأَدَبِ المُفْرَدِ بِرَقْم: 678]

عَن أَبي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو فَيَقُول:

" اللَّهُمَّ إِنيِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْر، وَعَذَابِ الْقَبْر " 0 [قَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان: إِسْنَادُهُ قَوِيّ 0 ح / ر: 1028]

ص: 3189

عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّ مُكَاتَبَاً جَاءهُ فَقَال: إِنيِّ قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتي فَأَعِنيِّ؛ قَالَ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00؟

لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ ثُبَيرٍ دَيْنَاً؛ أَدَّاهُ اللهُ عَنْك، قُلْ:

" اللهُمَّ اكْفِني بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِك، وَأَغْنِني بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاك " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 3563]

ص: 3190

نَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ فَقْرٍ يُذِلُّنَا، أَوْ غِنىً يُضِلُّنَا 00

فَعَافِنَا مِنَ الفَقْرِ إِلَاّ إِلَيْك، وَمِنَ الذُّلِّ إِلَاّ لَك، وَمِنَ الخَوْفِ إِلَاّ مِنْك 00

اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَا هُوَ آت؛ خَيرَاً مِمَّا قَدْ فَات، يَا وَاسِعَ الرَّحَمَات، وَيَا مجِيبَ الدَّعَوَات 00

اللَّهُمَّ إِنَّ الحِرْمَانَ يَدْفَعُ للحَرَام؛ فَأَغْنِنَا بِالحَلَالِ عَنِ الحَرَام ـ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكرَام ـ وَبِفَضْلِكَ عَنْ سُؤَالِ اللِّئَام، اللهُمَّ ارْزقْنَا عَيْشَ السُّعَدَاء، وَمَنَازِلَ الشُّهَدَاء، وَالنَّصْرَ عَلَى الأَعْدَاء 0

ص: 3191

اللَّهُمَّ انْصُرِ المُسْلمِينَ عَلَى مَن عَادَاهُمْ، وَأْذِ مَن آذَاهُمْ، ولَا تحَمِّلْهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لهُمْ بِهِ يَا رَبَّ العَالَمِين، وَانْصُرْهُمْ عَلَى أَعدَائِهِمْ نَصْرَ عَزِيزٍ مُقْتَدِر، وَاجْعَلْ كُلَّ مَن عَادَاهُمْ عِبْرَةً لِمَنْ يَعْتَبر

اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُود، اللهُمَّ دَمِّرْهُمْ كَمَا دَمَّرْتَ عَادَاً وَثمُود، وَاجْعَلِ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ تَعُود 00!!

اللَّهُمَّ حَرِّرِ المَسْجِدَ الأَقْصَى الأَسِير، مِن أَبْنَاءِ القِرَدَةِ وَالخَنَازِير؛ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِير، وَبحَالِ المُسْلِمِينَ بَصِير، وَأَنْتَ نِعْمَ المَوْلى وَنِعْمَ النَّصِير 00

ص: 3192

اللَّهُمَّ آمِينَ آمِين، وَآخِرُ دَعْوَانَا: أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِين 00

أَخِي الكَرِيم: احْرِصْ بَعْدَ قِرَاءتِكَ الكِتَابَ أَنْ تُعِيرَهُ لإِخْوَانِكَ وَجِيرَانِك؛ فَصَدَقَةُ العِلمِ تَعْلِيمُه، وَالدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِه، وَلأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدَاً؛ خَيرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَم

ص: 3193

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ العِلْمَ ثُمَّ لَا يُحَدِّثُ بِه؛ كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنزُ الكَنزَ فَلَا يُنْفِقُ مِنه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 5835، 3479، أَخْرَجَهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَطِ وَالْكَبِير]

ص: 3194

فَلَا تَمْنَعْ كِتَابَاً مُسْتَعِيرَاً * فَإِنَّ الْبُخْلَ لِلإِنْسَانِ عَارُ

أَلَمْ تَسْمَعْ حَدِيثَاً عَنْ ثِقَاتٍ * جَزَاءُ الْبُخْلِ عِنْدَ اللهِ نَارُ

اللهُمَّ اكْتُبْني عِنْدَكَ يَا رَبَّ الْعَالمِين؛ مِمَنْ يَحُضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِين

وَلَا تَنْسَنَا يَا أَخِي مِنْ دُعَائِك، اجْعَلْ لَنَا مِنهُ نَصِيبَاً مَفْرُوضَا 0

سُبْحَانَكَ اللَِّهُمَِّ وَبحَمْدِكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك، اللَِّهُمَّ اجْعَلْ كُلَّ كِتَابَاتي في مِيزَانِ حَسَنَاتي 0

،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،

بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني

،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،

ص: 3195