المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌البَيْتُ السَّعِيد البَابُ الأَوَّل {اخْتِيَارُ شَرِيكِ الحَيَاة} دَوْرُ الأَهْلِ في اخْتِيَارِ الزَّوْجِ الصَّالحِ - موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌[مَقَالَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني]

- ‌أَصُونُ كَرَامَتي مِنْ قَبْلِ قُوتي

- ‌أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُول

- ‌إِعْصَار كَاتْرِينَا

- ‌إِنْقَاذُ السُّودَان؛ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان

- ‌الإِسْلَامُ هُوَ الحَلّ، وَلَيْسَ الإِرْهَابُ هُوَ الحَلّ

- ‌الْبَهَائِيَّة، وَادعَاءُ الأُلُوهِيَّة

- ‌الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَان:

- ‌الدِّينُ النَّصِيحَة:

- ‌الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ

- ‌الفَنَّانَاتُ التَّائِبَاتُ

- ‌{أَرَاذِلُ الشُّعَرَاء}

- ‌الحُلْمُ الجَمِيل:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتجْوِيدِه:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيّ:

- ‌ فَضْلُ بِنَاءِ المَسَاجِد **

- ‌فُقَرَاء، لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

- ‌قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:

- ‌لُغَتُنَا الجَمِيلَة:

- ‌مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌أَنْقِذُونَا بِالتَّغْيِير؛ فَإِنَّا في الرَّمَقِ الأَخِير:

- ‌إِيرَان؛ بَينَ المِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَان

- ‌الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين

- ‌الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه

- ‌الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان

- ‌الشَّاعِرُ المَغْرُور

- ‌الْفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالرُّوتِينُ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة

- ‌الْقِطَطُ السِّمَان

- ‌الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي

- ‌المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون

- ‌بَعْضَ الَاهْتِمَام؛ يَا هَيْئَةَ النَّقْلِ الْعَامّ

- ‌ثَمَانِ سَنَوَات؛ يَا وَزَارَةَ الاتِّصَالات

- ‌جَمَاعَةُ الإِخْوَانِ المحْظُوظَة

- ‌دُورُ " النَّشْل

- ‌شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ

- ‌شُعَرَاءُ الْفُكَاهَة؛ بَيْنَ الجِدِّيَّةِ وَالتَّفَاهَة

- ‌صَنَادِيقُ شَفَّافَة، وَنُفُوسٌ غَيرُ شَفَّافَة

- ‌ ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق

- ‌فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس

- ‌قَتَلُواْ بِدَاخِلِنَا فَرْحَةَ الْعِيد

- ‌قَصِيدَةً مِنْ نَار؛ لِمَنْ يَتَّهِمُني بِسَرِقَةِ الأَشْعَار

- ‌قَنَاةٌ فَضَائِيَّةٌ تَلْفِتُ الأَنْظَار؛ بِالطَّعْنِ في نَسَبِ النَّبيِّ المخْتَار

- ‌مَتى سَيُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف

- ‌مُوَسْوِسُونَ لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌يَتْرُكُونَ المُشَرِّفِين؛ وَيُقَدِّمُونَ " المُقْرِفِين

- ‌يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ وَيَعْمَلُ بَنَّاءً

- ‌أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء

- ‌مخْتَارَاتٌ مِنْ دِيوَاني:

- ‌الحَمَاسَةُ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌إِهْدَاءُ الحَمَاسَةِ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ الحَمَاسَة:

- ‌بَحْرُ الخَفِيف:

- ‌بَحْرُ الْبَسِيط:

- ‌بَحْرُ الرَّجَز:

- ‌بَحْرُ الرَّمَل:

- ‌بَحْرُ الوَافِر:

- ‌بَحْرُ المُتَدَارَك:

- ‌بَحْرُ المُتَقَارِب:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 2]:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 3]:

- ‌مجْزُوءُ الرَّمَل:

- ‌مجْزُوءُ الرَّجَز:

- ‌مجْزُوءُ الْوَافِر:

- ‌مجْزُوءُ الْكَامِل:

- ‌مُخَلَّعُ الْبَسِيط:

- ‌[مَنهُوكُ الرَّجَز

- ‌كِتَابُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌مُقَدِّمَةُ الرِّضَا بِالقَلِيل

- ‌تَمْهِيدُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌الفَقِيرُ الصَّابِر:

- ‌الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌عَفَافُ النَّفْس:

- ‌كِتَابُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

- ‌أَحْكَامُ الجَنَائِز:

- ‌فَقْدُ الأَحِبَّة:

- ‌وَفَاةُ الحَبِيب:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌مُصِيبَةُ المَرَض:

- ‌مُصِيبَةُ السِّجْنِ وَالحَدِيثُ عَنِ المَظْلُومين:

- ‌هُمُومُ المُسْلِمِين:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ العُلَمَاء

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌[كِتَابُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌أَرْشِيفُ الحَمَدَاني:

- ‌انحِرَافُ الشَّبَاب:

- ‌البَيْتُ السَّعِيد

- ‌أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:

- ‌{الأَدَبُ مَعَ اللهِ وَرَسُولِهِ

- ‌ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجْ:

- ‌الدِّينُ الحَقّ:

- ‌الطِّيبَةُ في الإِسْلَام:

- ‌الْعِلْمُ وَالتَّعْلِيم:

- ‌العَمَلُ وَالكَسْب:

- ‌الكِبْرُ وَالغُرُور

- ‌المَمْلَكَةُ العَادِلَة:

- ‌بِرُّ الوَالِدَين:

- ‌نُزْهَةٌ في لِسَانِ الْعَرَب:

- ‌تَرْجَمَةُ الذَّهَبيّ؛ بِأُسْلُوبٍ أَدَبيّ [

- ‌حَالُ المُسْلِمِين:

- ‌رِجَالٌ أَسْلَمُواْ عَلَى يَدِ الرَّسُول:

- ‌فَوَائِدُ الصَّوْم:

- ‌زُهْدِيَّات:

- ‌(طَوَارِئُ خَطَابِيَّة)

- ‌فَضَائِلُ الصَّحَابَة:

- ‌مَدِينَةُ كُوسُوفُو:

- ‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

- ‌فَهْرَسَةُ سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء

الفصل: ‌ ‌البَيْتُ السَّعِيد البَابُ الأَوَّل {اخْتِيَارُ شَرِيكِ الحَيَاة} دَوْرُ الأَهْلِ في اخْتِيَارِ الزَّوْجِ الصَّالحِ

‌البَيْتُ السَّعِيد

البَابُ الأَوَّل

{اخْتِيَارُ شَرِيكِ الحَيَاة}

دَوْرُ الأَهْلِ في اخْتِيَارِ الزَّوْجِ الصَّالحِ لَابْنَتِهِمْ

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ حِينَ تَأَيَّمَتِ ابْنَتُهُ حَفْصَة:

" أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَة؛ فَقَالَ سَأَنْظُرُ في أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَاليَ، ثمَّ لَقِيَني فَقَال: قَدْ بَدَا لي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا؛ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقُلْت: إِنْ شِئْتَ زَوَّجْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَر؛ فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِليَّ شَيْئَاً، وَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنيِّ عَلَى عُثْمَان، فَلَبِثْتُ لَيَاليَ ثمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاه، فَلَقِيَني أَبُو بَكْرٍ فَقَال: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئَاً 00؟

قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ أَبُو بَكْر: فَإِنَّهُ لَمْ يمْنَعْني أَن أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيّ؛ إِلَاّ أَنيِّ كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرَهَا؛ فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلْتُهَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5123 / فَتْح]

ص: 6603

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِيني " 00 فَآذَنَتْهُ؛ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الجَهْمِ بْنُ صُخَيْرٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْد؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَّا مُعَاوِيَة: فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَه ـ أَيْ فَقِير ـ وَأَمَّا أَبُو الجَهْم: فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاء، وَلَكِن أُسَامَة " 00 فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا ـ أَيِ اسْتَقَلَّتْهُ ـ أُسَامَة؟ أُسَامَة 00؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " طَاعَةُ اللهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَك " 00

قَالَتْ: " فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ بِه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1869]

ص: 6604

عَن أَبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَال: كَانَتْ الأَنْصَارُ إِذَا كَانَ لأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ ـ أَيْ فَتَاةٌ بِغَيرِ زَوْج، بِكْرَاً كَانَتْ أَوْ ثَيِّبَا ـ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتىَّ يَعْلَم: هَلْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا 00؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِنْ الأَنْصَار: " زَوِّجْني ابْنَتَك " 00؛ فَقَالَ نَعَمْ وَكَرَامَةً يَا رَسُولَ اللهِ وَنُعْمَ عَيْني، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي " 0

قَالَ فَلِمَنْ يَا رَسُولَ الله 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لِجُلَيْبِيب " 00

ص: 6605

فَقَالَ يَا رَسُولَ الله؛ أُشَاوِرُ أُمَّهَا؛ فَأَتَى أُمَّهَا فَقَال: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ ابْنَتَكِ 00؟

فَقَالَتْ نَعَمْ وَنُعْمَةُ عَيْني، فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِه، إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيب، فَقَالَتْ أَجُلَيْبِيب 00؟ ابْنَهْ 00؟ أَجُلَيْبِيبٌ 00؟ ابْنَهْ 00؟ أَجُلَيْبِيبٌ 00؟ ابْنَهْ 00؟

ـ أَيْ تُرَدِّدُ الكَلِمَةَ تَعَجُّبَاً لِزُهْدِ النَّاسِ في جُلَيْبِيب ـ لَا لَعَمْرُ الله، لَا نُزَوِّجُهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِيُخْبِرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا؛ قَالَتِ الجَارِيَة: مَنْ خَطَبَني إِلَيْكُمْ 00؟

فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا، فَقَالَتْ:

أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَه 00؟!

ص: 6606

ادْفَعُوني؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْني؛ فَانْطَلَقَ أَبُوهَا إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، قَالَ [أَيْ أَبُوهَا]: شَأْنَكَ بهَا؛ فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبَا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةٍ لَه، فَلَمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِه:" هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَد " 00؟

قَالُواْ: نَفْقِدُ فُلَانَاً وَنَفْقِدُ فُلَانَاً، قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" انْظُرُواْ؛ هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَد " 00؟

قَالُوا لَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَكِنيِّ أَفْقِدُ جُلَيْبِيبَاً؛ فَاطْلُبُوهُ في الْقَتْلَى " 00

ص: 6607

فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلى جَنْبِ سَبْعَةٍ، قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوه؛ فَقَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ هَا هُوَ ذَا إِلى جَنْبِ سَبْعَة، قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوه؛ فَأَتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ عَلَيْهِ فَقَال:" قَتَلَ سَبْعَةً وَقَتَلُوه؟ هَذَا مِنيِّ وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنيِّ وَأَنَا مِنْه " 00 مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَا، ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَاعِدَيْهِ وَحُفِرَ لَه، مَا لَهُ سَرِيرٌ إِلَاّ سَاعِدَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ وَضَعَهُ في قَبرِهِ وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ غَسَّلَهُ،

ص: 6608

وَفي رِوَايَةٍ: فَمَا كَانَ في الأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا ـ أَيْ أَكْثَرَ خُطَّابَاً مِنهَا ـ وَفي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا لَهَا فَقَال: " اللهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الخَيرَ صَبَّاً، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدَّاً كَدَّاً " 0

[قَالَ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: 367/ 9، رَوَاهُ أَحْمَدُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 19285]

ص: 6609

وَعَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: خَطَبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى جُلَيْبِيبٍ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ إِلى أَبِيهَا، فَقَالَ حَتىَّ أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَعَمْ إِذَاً، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلى امْرَأَتِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا؛ فَقَالَتْ لَاهَا اللهِ إِذَاً ـ أَيْ قَالَتْ كَلِمَةَ تَفَجُّع ـ مَا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ جُلَيْبِيبَاً وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَان 00؟

ص: 6610

وَالجَارِيَةُ في سِتْرِهَا تَسْتَمِع؛ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ ـ أَيْ أَبُوهَا ـ يُرِيدُ أَنْ يُخْبرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِك؛ فَقَالَتِ الجَارِيَة: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَه 00؟

إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ صلى الله عليه وسلم لَكُمْ فَأَنْكِحُوه 00 فَكَأَنَّهَا جَلَّتْ عَن أَبَوَيْهَا ـ أَيْ أَزَالَتِ الغِشَاوَةَ مِن أَعْيُنِهِمَا ـ وَقَالَا: صَدَقْتِ؛ فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ فَقَدْ رَضِينَاه، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُه " 00

ص: 6611

فَزَوَّجَهَا، ثُمَّ فُزِّعَ أَهْلُ المَدِينَة ـ أَيْ نَادَى فِيهِمْ مُنَادِي الجِهَاد ـ فَرَكِبَ جُلَيْبِيب، فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنَ المُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ، قَالَ أَنَس: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَمِن أَنْفَقِ بَيْتٍ في المَدِينَة "

[قَالَ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: (368/ 9)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 11985]

وَيَكْفِي أَيُّهَا الأَحِبَّةُ وَالرِّفَاق: أَنَّ الزَّوْجَ الصَّالحَ لَنْ تجِدَ منهُ إِلَاّ مَكَارِمَ الأَخْلَاق، أَمَّا زَوْجُ السَّوْءِ فَلَنْ تجِدَ مِنهُ إِلَاّ المحَادَّةَ وَالشِّقَاق 00

ص: 6612

عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ صِهْرَاً لَهُ، فَأَثْنى عَلَيْهِ في مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَن، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" حَدَّثَني فَصَدَقَني، وَوَعَدَني فَوَفى لي " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5150 / فَتْح]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " سَأَلْتُ رَبيِّ جَلَّ وَعَلَا أَنْ لَا أُزَوِّجَ أَحَدَاً مِن أُمَّتي وَلَا أَتَزَوَّجَ إِلَاّ كَانَ مَعِي في الجَنَّة؛ فَأَعْطَاني " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 4667]

ص: 6613

غَيرَ أَنَّهُ وَبِرَغْمِ رِقَّةِ حَالِهِ [لَا أَقُولُ سُوءَ حَالِهِ] كَالْفَقِيرِ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ كَالفَقِير، غَيرَ أَنَّهُ وَبِرَغْمِ رِقَّةِ حَالِهِ [لَا أَقُولُ سُوءَ حَالِهِ] كَالْفَقِير؛ فَإِنَّهُ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ كَالفَقِير، فَهُوَ قَانِعٌ خَاشِعٌ مُتَوَاضِع 0

عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَيسَ المِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَان، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَان، وَلَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لَا يجِدُ غِنىً يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فيُتَصَدَّقُ عَلَيْه، وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاس " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (1479)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: 1039]

ص: 6614

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: قَالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِر " 00؟

قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" مَاذَا: أَبِكْرَاً أَمْ ثَيِّبَاً " 00؟

قُلْتُ لَا، بَلْ ثَيِّبَاً؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" فَهَلَاّ جَارِيَةً تُلَاعِبُك " 00؟

ص: 6615

قُلْتُ يَا رَسُولَ الله؛ إِنَّ أَبي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَات، كُنَّ لي تِسْعَ أَخَوَات؛ فَكَرِهْتُ أَن أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنّ، وَلَكِنِ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنّ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَصَبْت " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (4052 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 715 / عَبْد البَاقِي]

هَذَا لِئَلَاّ يَزْهَدَ الرِّجَالُ في الثَّيِّبَات، أَمَّا إِنْ زَالَتِ الأَضْرَار؛ وَاسْتَوَتْ في الصِّفَاتِ الثَّيِّبَاتُ وَالأَبْكَار: فَإِنَّ الْفَرْقَ بَينَهُمَا كَالْفَرْقِ بَينَ اللَّيْلِ وَالنَّهَار، وَحَسْبُنَا في ذَلِكَ قَوْلُ النَّبيِّ المُخْتَار:

ص: 6616

عَن عُتْبَةَ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " عَلَيْكُمْ بِالأَبْكَار؛ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهَاً، وَأَنْتَقُ أَرْحَامَاً، وَأَرْضَى بِالْيَسِير " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (5250)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1861]

وُجُوبُ الإِيجَابِ وَالْقَبُول

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله؛ يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ في إِبْضَاعِهِنّ 00؟ {أَيْ في إِنْكَاحِهِنّ؟}

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ " 00 قُلْتُ: فَإِنَّ البِكْرَ تُسْتَأْمَرُ فَتَسْتحْيِي فَتَسْكُت 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " سُكَاتهَا إِذْنُهَا " 0

ص: 6617

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6946 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1420 / عَبْد البَاقِي]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ جَارِيَةً بِكْرَاً أَتَتْ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَة؛ فَخَيَّرَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 2096، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1875]

ص: 6618

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْر، وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَر، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 2100]

رُؤْيَةُ الْعَرُوس

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ المَرْأَة؛ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلى مَا يَدْعُوهُ إِلى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ " 0

فَخَطَبْتُ جَارِيَةً؛ فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتىَّ رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَاني إِلى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا " 0

ص: 6619

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في (سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ) بِرَقْم: 2082]

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه قَال: خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتىَّ نَظَرْتُ إِلَيْهَا في نَخْلٍ لَهَا؛ فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟!

فَقَالَ رضي الله عنه: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " إِذَا أَلْقَى اللهُ في قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ؛ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1864]

عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَال:

ص: 6620

" أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا " 00 فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ فَخَطَبْتُهَا إِلى أَبَوَيْهَا، وَأَخْبَرْتُهُمَا بِقَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِك، فَسَمِعَتْ ذَلِكَ المَرْأَةُ وَهِيَ في خِدْرِهَا فَقَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ فَانْظُرْ " 00

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1866]

ص: 6621

وَفي رِوَايَةٍ عَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ ـ أَيِ المُغِيرَة: أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً؛ فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

" اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا، فَفَعَلَ فَتَزَوَّجَهَا؛ فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1865]

فَالجَمَالُ وَإِنْ لَمْ يَكُ كُلَّ شَيْء: إِلَاّ أَنَّهُ أَهَمُّ شَيْءٍ بَعْدَ الدِّين؛ فَالجَمِيلَةُ غَيرُ الأَصِيلَة: قَدْ يَدفَعُهَا الشَّيْطَانُ إِلى الرَّذِيلَة، وَالأَصِيلَةُ غَيرُ الجَمِيلَة: قَدْ يَدْفَعُ الشَّيْطَانُ زَوْجَهَا إِلى الرَّذِيلَة 00!!

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

{فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء} {النِّسَاء/3}

ص: 6622

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ 000 الآيَة} {آلِ عِمْرَان/14}

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا: النِّسَاء، وَالطِّيب، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْني في الصَّلَاة " 0

[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم 0 انْظُرِ " المُسْتَدْرَك " بِرَقْم: (2676)، حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 3939]

أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّج، وَكَانَ يَتَمَنىَّ امْرَأَةً كَقَوْلِهِ تَعَالى:

{بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى} {طَهَ/22}

فَوَقَعَ في يَدِ قَوْمِ سَوْءٍ؛ أَتَواْ عَلَى أَقْبَحِ امْرَأَةٍ في الحَيِّ وَأَلْبَسُوهَا نِقَابَاً وَأَمَرُّوهَا عَلَيْه، فَقَالَ الرَّجُل: وَلَكِنيِّ أَرِيدُ أَن أَنْظُرَ إِلَيْهَا 00؟

ص: 6623

فَقَالُواْ لَهُ: لَا تَتَرَدَّدْ وَتَأَكَّدْ أَنَّهَا مَطْلَبُك، وَلَكِنَّهَا ذَاتُ دِينٍ تَأْبى الَانْكِشَاف، وَسَتَرَى مَا يَسُرُّكَ لَيْلَةَ الزِّفَاف؛ فَدَفَعَ فِيهَا كُلَّ مَا مَلَكَتْ يَدَيْه، حَتىَّ أَتَى اليَوْمُ المَوْعُود، وَزُفَّتْ إِلَيْهِ سَفْعَاءُ الخُدُود؛ فَلَمَّا كَشَفَ عَنْ وَجْهِهَا لِيَنْظُرَ إِلَيْه؛ سَقَطَ مَغْشِيَّاً عَلَيْه، ثُمَّ أَفَاقَ وَقَال؛ يَعِظُ أَمْثَالَهُ مِنَ الجُهَّال:

لَيْتَ النِّقَابَ عَلَى النِّسَاءِ محَرَّمٌ كَيْ لَا تَغُرَّ قَبِيحَةٌ إِنْسَانَا

فَلَابُدَّ مِنَ النَّظَرِ إِلى الْعَرُوسِ قَبْلَ الخِطْبَة، في رُؤْيَةٍ شَرْعِيَّةٍ بِوُجُودِ محْرَمٍ لَهَا، وَلَيْسَ بِأَنْ تَصْحَبَهَا إِلى المُتَنَزَّهَاتِ وَالأَمَاكِنِ الخَالِيَة، إِنْ كُنْتَ حَقَّاً تُرِيدُ الزَّوَاجَ وَلَيْسَ الْعَبَثَ بِبَنَاتِ النَّاس 00

ص: 6624

وَالجَدِيرُ بِالذِّكْرِ أَنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْعَابِثِين؛ يَرْزُقُهُمُ اللهُ بِأَخْبَثِ وَأَقْبَحِ النِّسَاء، وَيَعِيشُونَ بَعْدَ الزَّوَاجِ حَيَاةَ التُّعَسَاء 00

كَذَلِكَ العَابِثِ الَّذِي رَزَقَهُ اللفهُ بِامْرَأَةٍ كَالْبَدْر، وَلَكِنْ في آخِرِ الشَّهْر؛ فَكَانَ لَا يَعُودَ إِلى بَيْتِهِ إِلَاّ قُبَيْلَ الفَجْر، وَيَقْضِي اللَّيْلَ بِطُولِهِ في أَحْضَانِ الْغَوَاني، بَينَ الخَمْرِ وَالدِّنَانِ، وَعِنْدَمَا كَانَتْ تَقُولُ لَهُ زَوْجَتُهُ: أَلَا تَتَّقِي اللهَ يَا رَجُل 00؟

أَتَتْرُكُ امْرَأَتَكَ حَلَالاً طَيِّبَاً، وَتجْرِي في طَرِيقِ الفِسْقِ وَالفُجُور 00؟!

كَانَ يَقُولُ لهَا: أَمَّا حَلَالٌ فَنَعَمْ، وَأَمَّا طَيِّبٌ فَلَا 00!!

ص: 6625

وَمِنَ المُؤْسِفِ أَنَّ الْبَعْضَ يَتَذَرَّعُ بِمِثْلِ هَذَا؛ وَيُضَيِّعَ مِن عُمْرِهِ سَنَوَات؛ في الْبَحْثِ عَنْ ذَوَاتِ العُيُونِ الزَّرْقَاء؛ وَالسَّعَادَةُ لَيْسَتْ مَقْصُورَةً عَلَى العُيُونِ الزَّرْقَاء، فَالعُيُونُ السَّوْدَاءُ أَيْضَاً جَمِيلَة، وَالبُنِّيَّةُ أَجْمَلُ وَأَحْلَى 00!!

يُرِيدُ زَوْجَةً تَفْصِيل: جَفْنُهَا كَحِيل، وَخَصْرُهَا نحِيل، وَشَعْرُهَا طَوِيل، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل!!

فَرُبَّمَا تَتَعَطَّلُ الزِّيجَةُ عَلَى الشَّعْرِ الأَصْفَر: فَالشَّعْرُ الأَسْوَدُ الْفَاحِمُ أَيْضَاً جَمِيل 00!!

كَمَا إِنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيَّاً أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ تحْتَ السَّبْعَةَ عَشَرَ عَامَاً؛ فَبِنْتُ الخَامِسَةِ وَالعِشْرِينَ لَا شِيَةَ فِيهَا، وَتَكُونُ أَكْثَرَ نُضْجَاً 00!!

ص: 6626

كَذَلِكَ الأَعْرَابيِّ الّذِي ذَهَبَ لأَحَدِ النَّخَّاسِينَ وَقَالَ لَه:

" أَرِيدُ حِمَارَاً؛ لَيْسَ بِالكَبِيرِ المُشْتَهَر، وَلَا الصَّغِيرِ المُحْتَقَر، إِن أَكْثرْتُ عَلَفَهُ شَكَر، وَإِنْ قَترْتُ عَلَيْهِ صَبر، إِن خَلَا الطَّرِيقُ تَدَفَّقَا، وَإِنْ كَثرَ الزِّحَامُ تَرَفَّقَا 00 فَأَطرَقَ النَّخَّاسُ مَلِيَّاً ثُمَّ قَال:

إِذَا مَاتَ الوَزِيرُ فُلَان؛ أَصَبْتَ طَلَبَك " 00!!

فَعَلَى الشَّبَابِ أَلَاّ يَزِيدُواْ الأَمْرَ تَعْقِيدَاً بهَذِهِ التَّحَكُّمَات، وَتجَاهُلِ نَصِيحَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00

وَالعَجِيبُ أَنَّنَا مَعْشَرَ الشَّبَاب؛ نُنْكِرُ عَلَى أَهْلِ الفَتَاةِ أَنْ يَرْفُضُواْ الْوَاحِدَ مِنَّا لِفَقرِهِ وَنَقُولُ لهُمْ:

ص: 6627

عَن أَبي حَاتِمٍ المُزَنيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوه، إِلَاّ تَفْعَلُواْ؛ تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأَرْضِ وَفَسَاد "

قَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ـ أَيْ كَذَا وَكَذَا ـ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوه 000 " 00 ثَلَاثَ مَرَّات 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: (1085)، وَفي " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: 270]

ص: 6628

وَلَكِن عِنْدَمَا نَبْحَثُ نَنْظُرُ أَوَّلَ مَا نَنْظُرُ إِلى الشَّكْل، وَنَنْسَى أَنَّ الَّذِي قَالَ " إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوه 000 " هُوَ نَفسُهُ الَّذِي قَال:

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَع: لِمَالهَا، وَلحَسَبهَا، وَجَمَالهَا، وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (5090 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1466 / عَبْد البَاقِي]

{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُون} {البَقَرَة/44}

ص: 6629

وَانْطَلَقَ مِن هَذَا المَعْنى ـ تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَع ـ أَحَدُ الزَّجَّالِينَ فَأَنْشَدَ وَأَجَادَ الإِنْشَاد:

" يَا وَاخِدْ عَرُوسْتَكْ لِمَالهَا هَيِفْنى وِتِدْفَعْ لِوَحْدَكْ فَاتُورْةِ الحِسَابْ "

" يَا وَاخِدْ عَرُوسْتَكْ نَسِيبَة وْحَسِيبَة قَوَام رَاحْ تِقُولْ لَكْ دَا إِيشْ جَابْ لجَابْ "

" يَا وَاخِدْ عَرُوسْتَكْ وِسَاحْرَكْ جَمَالهَا دَا عُمْرِ اليَمَامَة مَا حَبِّتْ غُرَابْ "

" يَا وَاخِدْ عَرُوسْتَكْ لِدِينهَا هَيِبْقَى وِتِضْمَنْ سَعَادْتَكْ لِيُومِ الحِسَابْ "

ثمَّ قُلْ لي أَيُّهَا الشَّابّ؛ مَاذَا لَدَيْكَ أَنْتَ حَتىَّ تُطَالِبَ بِفَتَاةٍ جَمِيلَةٍ، وَأَصِيلَةٍ، وَمُتَدَيِّنَةٍ وَ 000 إِلخ 0

هَلْ أَنْتَ عَالِمٌ مِنَ العُلَمَاءِ حَتىَّ تَسْتحِقَّهَا 00؟!!

هَلْ أَنْتَ أَدِيبٌ مِنَ الأُدَبَاءِ حَتىَّ تَسْتحِقَّهَا 00؟!!

ص: 6630

هَلْ أَنْتَ دَاعِيَةٌ مِنَ الدُّعَاةِ المجَدِّدِينَ أُوْلي الْعَزْمِ حَتىَّ تَسْتحِقَّهَا 00؟!!

هَلْ أَنْتَ كَشُرَيحٍ القَاضِي، أَوْ كَالشَّيْخِ الشَّعْرَاوِي، أَوْ كَالإِمَامِ المُصْلِح محَمَّد عَبْدُه، أَوْ كَالشَّيْخ كِشْك حَتىَّ تَسْتحِقَّهَا 00؟!!

وَفي النِّهَايَةِ لَا يَسَعُنَا إِلَاّ أَنْ نَقُولَ لِكُلِّ فَتَاة: إِنَّ الشَّابَّ المُتَدَيِّنَ غَيرَ الغَنيّ؛ أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنَ الشَّابِّ الغَنيِّ غَيرِ المُتَدَيِّن، إِنْ تَعَذَّرَ الجَمْعُ بَيْنَهُمَا 00

وَأَنْ نَقُولَ لِكُلِّ شَابّ: إِنَّ الفَتَاةَ المُتَدَيِّنَةَ غَيرَ الجَمِيلَة؛ أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنَ الفَتَاةِ الجَمِيلَةِ غَيرِ المُتَدَيِّنَة، إِنْ تَعَذَّرَ الجَمْعُ بَيْنَهُمَا 00

اخْتِيَارُ الزَّوْجَةِ الصَّالحَة

ص: 6631

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" الدُّنْيَا مَتَاع، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا؛ المَرْأَةُ الصَّالحَة " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1467 / عَبْد البَاقِي]

وَعَنْ ثَوْبَانَ عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: " يَا رَسُولَ الله؛ أَيَّ المَالِ نَتَّخِذ 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ: قَلْبَاً شَاكِرَاً، وَلِسَانَاً ذَاكِرَاً، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى أَمْرِ الآخِرَة " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1856]

ص: 6632

وَلِذَا نَعْجَبُ مِنَ الَّذِينَ يَتْرُكُونَ الْفَتَيَاتِ المُسْلِمَاتِ الْفُضْلَيَاتِ وَيُفَضِّلُونَ الأَجْنَبِيَّات، الَّلَائِي يُخَالِفْنَنَا في الدِّينِ وَالْعَقِيدَة، رَغْمَ أَنَّ في المُسْلِمِينَ مِنَ الْفَتَيَاتِ مَن هُنَّ قَدْ يَكُنَّ أَكْثَرُ حُسْنَاً وَجَمَالاً، فَضْلاً عَنِ الأَدَبِ وَالدِّين، قَالَ سبحانه وتعالى:

{وَلَا تَنْكِحُواْ المُشْرِكَاتِ حَتىَّ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُواْ المُشْرِكِينَ حَتىَّ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُو إِلى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} {البَقَرَة/221}

ص: 6633

عَنْ نَافِعٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَاليَهُودِيَّةِ قَال: إِنَّ اللهَ حَرَّمَ المُشْرِكَاتِ عَلَى المُؤْمِنِين، وَلَا أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئَاً؛ أَكْبَرَ مِن أَنْ تَقُولَ المَرْأَةُ رَبُّهَا عِيسَى، وَهُوَ عَبْدٌ مِن عِبَادِ الله " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5285 / فَتْح]

ص: 6634

وَلَابُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مُوَافِقَةً لَكَ في الطِّبَاعِ وَالأَخْلَاق؛ فَقَدْ تَكُونُ إِنسَانَاً فَاضِلاً، وَكَذَلِكَ هِيَ، وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَا تَتَّفِقَان؛ لَا لِشَيْءٍ سِوَى اخْتِلَافِ طِبَاعِكُمَا؛ فَقَدْ تَوَلىَّ الزَّمَنُ الَّذِي كَانَتِ المَرْأَةُ فِيهِ تَتَشَكَّلُ بِطِبَاعِ زَوْجِهَا، فَالمَرْأَةُ الْيَوْمَ وَخَاصَّةً المِصْرِيَّةُ قَدْ تَنَمَّرَتْ بَلْ وَاسْتَأْسَدَتْ؛ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّرَوِّي قَبْلَ الَاخْتِيَار، وَقَدِيمَاً قِيل:" دَلَّ عَلَى عَاقِلٍ اخْتِيَارُه " 0

سُئِلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمَاً: لِمَ لَا نَرَاكَ مَعَ فُلَانٍ كَثِيرَاً وَهُوَ أَخُوكَ وَشَقِيقُك 00؟!

فَقَال: هُوَ تَئِق، وَأَنَا مَئِق؛ فَكَيْفَ نَتَّفِق 00؟!

أَيْ: هُوَ سَرِيعُ الْغَضَبِ وَأَنَا سَرِيعُ الْبُكَاء؛ فَكَيْفَ نَتَّفِق 00؟!

ص: 6635

فَلَا بُدَّ مِنَ التَّحَرِّي في اخْتِيَارِ طِبَاعِ الزَّوْجَةِ قَدْرَ الإِمْكَان، وَإِنْ كَانَتِ المَرْأَةُ بِطَبِيعَتِهَا ـ مَهْمَا طَرَأَ عَلَيْهَا مِنَ التَّغْيِير ـ لَدَيْهَا اسْتِعْدَادُ التَّطَبَّعِ بِطِبَاعِ زَوْجِهَا، وَلَكِنَّهَا عَلَاقَةٌ طَرْدِيَّةٌ بِمَعْنى: كُلَّمَا ضَاقَتِ الْفَجْوَوَةُ بَينَ طِبَاعِكُمَا؛ كُلَّمَا زَادَ التَّفَاهُمُ بَيْنَكُمَا 00

وَعَوِّدْ نَفْسَكَ إِن خِفْتَ فَلَا تَخْطُبْ، وَإِنْ خَطَبْتَ فَلَا تخَفْ 00!!

وَالزَّوْجَةُ الصَّالحَةُ؛ هِيَ الَّتي تُدْخِلُ السُّرُورَ عَلَى نَفْسِ زَوْجِهَا 00

كُلَّمَا سُرَّ بِهَا قَالَتْ لَهُ زَادَكَ اللهُ سُرُورَاً وَفَرَحْ

يَا حَبِيبي وَأَقْصَى أُمْنِيَتي بِكَ زَادَ الْعَيْشُ طِيبَاً وَصَلُحْ

أَزْمَةُ الْبَحْثِ عَن عَرُوس

ص: 6636

لَقَدْ أَصْبَحَ البَحْثُ عَنْ شَرِيكَةِ الحَيَاةِ أَمْرَاً صَعْبَاً في هَذَا الزَّمَان؛ إِنَّ فَتَاةَ هَذَا الجِيل؛ قَدْ تَغَيرَتْ كَثِيرَاً عَنْ فَتَاةِ الزَّمَنِ الجَمِيل؛ فَفَتَاةُ الزَّمَنِ الجَمِيل؛ كَانَ فَتى أَحْلَامِهَا زَعِيمَاً مُنَاضِلاً، أَوْ أَدِيبَاً فَاضِلاً، أَمَّا فَتَاةُ هَذِهِ الأَيَّام؛ فَكُلُّ مَا يَهُمُّهَا المُوضَةُ وَمُشَاهَدَةُ الأَفْلَام؛ وَفَتى أَحْلَامِهَا شَابٌّ عَلَى شَاكِلَة [فُلَان] لَاعِبِ الكُرَةِ الشَّهِير، أَوْ [فُلَان] المُغَنيِّ أَوِ المُمَثِّلِ الْكَبِير 00!!

سَارَتْ مُغَرِّبةً وَسِرْتَ مُشَرِّقَاً شَتَّانَ بَينَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبِ

ص: 6637

إِنَّ الخَطَأَ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ أَكْثَرُ الفَتَيَاتِ عِنْدَ الزَّوَاج؛ أَنهُنَّ يَبْحَثْنَ عَنِ السَّعَادَةِ في الزَّوْجِ الغَنيّ، أَوْ صَاحِبِ المَنْصِبِ أَوِ المَشْهُور، وَيَنْسَونَ أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قَسَّمَ المَوَاهِبَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاق؛

فَالقَلْبُ الطَّيِّبُ نِعْمَة، حُرِمَ مِنهَا كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ، وَالمُرُوءةُ نِعْمَة، حُرِمَ مِنهَا كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ، وَالدِّينُ أَكْبَرُ النِّعَمِ الَّتي حُرِمَ مِنهَا كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ!!

لَقَدْ أَصْبَحَتِ المَادَّةُ هِيَ كُلَّ شَيْءٍ في الحَيَاة، لَعِبَتْ بِالرُّؤُوس؛ فَغَيرَتِ النُّفُوس 00!!

وَيَرْحَمُ اللهُ فَضِيلَةَ الشَّيْخ عَبْد الحَمِيد كِشْك؛ حَيْثُ كَانَ يَقُول:

ص: 6638

" لَقَدْ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلهَا 00 إِنَّني أَقُولهَا بِبَالِغِ الأَسَى: لَقَدْ أَصْبَحَتِ الحَيَاةُ هِيَ المَادَّةَ وَالمَادَّةُ هِيَ الحَيَاة، وَأَصْبَحَ النَّاسُ إِذَا رَ أَوُاْ الجُنَيْهَ يَقُولُونَ لَهُ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين}

[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " ص: 111/ 5]

ص: 6639

تجِدُ الأُمَّ مِن هَؤُلَاءِ إِذَا مَا تَقَدَّمَ لَابْنَتِهَا شَابّ؛ تَسْأَلُ أَوَّلَ مَا تَسْأَل: مَيْسُورُ الحَالِ هُوَ أَمْ مَسْتُورُ الحَال 00؟! فَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الحَالِ تُسَرُّحُهُ سَرَاحَاً جمِيلَا، وَرُبمَا تُعْطِيهَا لِرَجُلٍ في سِنِّ أَبِيهَا كَثِيرِ العِيَال؛ لمجَرَّدِ أَنَّهُ رَجُل أَعْمَال، صَاحِبُ نُفُوذٍ أَوْ مَال، وَرُبمَا أَيْضَاً يَكُونُ مُتَزَوِّجَاً عَلَيْهَا، فَتَقُولُ لَا ضَيْرَ فَالشَّرْعُ حَلَّلَ لَهُ أَرْبَعَاً، إِنَّهُ يَلعَبُ بِالمَلَايِين 00 وَإِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعَى 00!!

المَالُ حَلَّلَ كُلَّ غَيْرِ محَلَّلٍ حَتىَّ زَوَاجَ الشِّيْبِ بِالأَبْكَارِ

سَحَرَ القُلُوبَ فرُبَّ أُمٍّ قَلْبُهَا مِنْ سِحْرِهِ حَجَرٌ مِنَ الأَحْجَارِ

دَفَعَتْ بُنَيَّتَهَا لأَشْأَمِ مَضْجَعٍ وَرَمَتْ بِهَا في وَحْشَةٍ وضِرارِ

ص: 6640

وَتَعَلَّلَتْ بِالشَّرْعِ جَاهِلَةً بِهِ مَا كَانَ شَرْعُ اللهِ بالجَزَّارِ

لَقَدْ قَرَأْتُ بإحْدَى الصُّحُفِ حَادثَةً أَغرَبَ مِنَ الخَيَال، نُشِرَتْ عَنْ فَتَاةٍ رَائِعَةِ الحُسْنِ وَالجَمَال،

ص: 6641

كَانَ أَهْلُهَا؛ كُلَّمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهَا شَابٌّ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِين؛ رَفَضُوهُ لِرِقَّةِ الحَال، حَتىَّ أَتَاهَا " المَخْفي المُنْتَظَر " بِالسَّيَّارَةِ الشَّبَح، وَشَالِيهٍ في رَفَح، ومَلَايِينَ إنْ تَعُدُّوهَا لَا تحْصُوهَا، وَنحْنُ نَعْرِفُ مَدَى ما لَدَى النِّسَاءِ مِنَ الْوَلَعِ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالأَنعَامِ وَالحَرْث؛ وَلَعَلَّنَا نَذْكُرُ بَلْقِيسَ ـ مَلِكَةَ سَبَأ، الَّتي كَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى المُلُوكِ بمُلْكِهَا ـ مَا أَنْ رَأَتْ قُصُورَ سُلَيْمَانَ وَمُلْكَهُ وَقَالَ لهَا إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ حَتىَّ قَالَتْ: رَبِّ إِنيِّ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُليْمَانَ للهِ رَبِّ العَالمِين!!

ص: 6642

فَوَافَقَ أَهْلُ تِلْكَ الفَتَاةِ على الزَّوَاج سَرِيعَاً، هَلْ تُصَدِّقونَ أَنَّ هَذَا الخَبِيثَ كَانَ يَعْرِضُهَا عَلَى رِجَالِ الأَعْمَال؛ لُزُومَ تخْلِيصِ المَسَائِلِ وَتَسْلِيكِ الأُمُور 00!!

وَالمَعْنى وَاضِحٌ طَبْعَاً، مَنْ تَرضَى لِنَفْسِهَا أَنْ تُصْبِحَ هَكَذَا 00؟!

إِنَّ المجْتَمَعَ الَّذِي يجِدُ فِيهِ أَمْثَالُ هَؤُلَاء؛ السَّعَادَةَ وَالهَنَاء؛ لَيْسَ عَجِيبَاً أَنْ يجِدَ فِيهِ الإِنْسَانُ الْفَاضِلُ التَّعَاسَةَ وَالشَّقَاء 00!!

لَيْتَ الفَتَاةَ المِصْرِيَّةَ كَمَا تُقَدِّرُ المَظَاهِرَ وَالمَادِّيَّات؛ تُقَدِّرُ المَبَادِئَ وَالقِيَمَ النَّبِيلَة 00!!

فَمِنْ سُوءِ الحَظِّ أَنَّ الجَمِيلَةَ لَيْسَتْ أَصِيلَة، وَأَنَّ الأَصِيلَةَ لَيْسَتْ جَمِيلَة 00!!

ص: 6643

لَيْتَهَا تَعْرِفُ أَنَّ الحُبَّ يُسْعِدُ بِلَا مَال، أَمَّا المالُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْعِدَ بِلَا حُبّ 00!!

فَلَوْ كَانَ المَالُ يَنْفَعُ في كُلِّ شَيْءٍ لَنَفَعَتْ قَارُونَ أَمْوَالُه، وَلَوْ كَانَ المَالُ هُوَ كُلَّ شَيْءٍ لَقَبِلْنَا لِبَنَاتِنَا فِرْعَوْنَ وَهَامَان، وَرَفَضْنَا مُوسَى بْنَ عِمْرَان 00!!

كَأَنَّ الغَنيَّ فَقَطْ؛ هُوَ الَّذِي مِن حَقِّهِ أَنْ يَقْطِفَ مَا شَاءَ مِنَ الوُرُود، أَمَّا الفَقِيرُ فَلَوْ شَمَّ وَرْدَةً؛ لَقِيلَ لَهُ قَدْ جَاوَزْتَ الحُدُود 00!!

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ الشَّابُّ الأَعْزَبُ رَبَّهُ أَنْ يَقُول:

لَا تحْرِمنيَ يَا رَبِّي مِنِ امْرَأَةٍ عَيْني تَقَرُّ بِهَا في الخَلْقِ وَالخُلُقِ

أَنْسَى بِهَا مُرَّ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ محَنٍ وَيَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ الجَدْبِ بِالوَرَقِ

ص: 6644

*********

لَعَلَّ يَدَ الأَيَّامِ تجْمَعُ بَيْنَنَا وَتَرْحَمُ أَكْبَاداً تَكَادُ تَذُوبُ

{رَبِّ لَا تَذَرْني فَرْدَاً وَأَنْتَ خَيرُ الوَارِثِينَ} {الأَنْبِيَاء/89}

اللهُمَّ يَا جَامِعَ النَّاسِ إِلى يَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيه؛ اجْمَعْ بَيْني وَبَينَ ضَالَّتي، اللهُمَّ يَا جَامِعَ النَّاسِ إِلى يَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيه؛ اجْمَعْ بَيْني وَبَينَ ضَالَّتي، اللهُمَّ يَا جَامِعَ النَّاسِ إِلى يَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيه؛ اجْمَعْ بَيْني وَبَينَ ضَالَّتي 00!!

حَيَاةُ العُزَّاب: أَصْبَحَتْ في عَذَاب؛ فَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ زَوْجَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّاب، وَأَنْتَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِير، وَبحَالِ الشَّبَابِ بَصِير، وَأَنْتَ نِعْمَ المَوْلى وَنِعْمَ النَّصِير 0

ص: 6645

عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَيَأْتِينَّ عَلَى النَّاسِ زَمَان؛ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَب؛ ثمَّ لَا يجِدُ أَحَدَاً يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ؛ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاء " 0

[000]

رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1414 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم:(1012 / عَبْد البَاقِي) 0

وَهَذِهِ رِسَالَةٌ كَتَبْتُهَا وَفَكَّرْتُ في إِرْسَالِهَا إِلى فَتَاةٍ أَحْبَبْتُهَا وَتَمَنَّيْتُ الزَّوَاجَ بِهَا 00

مَا كُلُّ مَا يَتَمَنىَّ المَرْءُ يُدْرِكُهُ

ص: 6646

وَهِيَ فَتَاةٌ حَارَ في حُسْنِهَا الشَّبَاب، إِلَاّ أَنَّهَا كَانَتْ تَرُدُّ جَمِيعَ الخُطَّاب؛ وَتخْتَلِقُ لهُمُ الأَسْبَاب، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَا يُعَاب؛ بُنَاءً عَلَيْهِ كَتَبْتُ هَذَا الخِطَاب:

" صَحِيحٌ أَنَّكِ عَلَى قَدْرٍ كَبِيرٍ مِنَ الجَمَال، لَكِنْ لَيْسَ بهَذَا الشَّكْلِ يَكُونُ الدَّلَال؛ لَقَدْ خَلَعْتِ الخُطَّابَ مَثنى وَفُرَادَى قَبْلَ ظُهُورِ قَانُونِ الخُلع، أَلَا تخَافِينَ مِنَ المَثَلِ القَائِل:

" خَطَبُوهَا تَعَزَّزَتْ، فَاتُوهَا تَنَدَّمَتْ " 00؟!

لِنَتَكَلَّمْ بِصَرَاحَة: إِنَّ نَصِيبَكِ مِنَ الحُسْنِ قَدْ يُعْطِيكِ الحَقَّ في هَذَا، وَلَكِنْ تَذَكَّرِي دَائِمَاً أَنَّ مَنْ سَارَ إِلى غَيرِ غَايَةٍ؛ أَوْشَكَ أَنْ تَنْقَطِعَ بِهِ مَطِيَّتُه، وَأَنَّ مَنْ قَلَّ عَقلُهُ أَتْعَبَ رِجْلَيْه 00!!

ص: 6647

وَتَذَكَّرِي أَيْضَاً أَنَّ المُنْبَتَّ لَا أَرْضَاً قَطَعَ وَلَا ظَهْرَاً أَبْقَى00!!

وَالمُنْبَتُّ هَذَا رَجُلٌ خَرَجَ في سَفَرٍ لَه، فَظَلَّ يَضْرِبُ دَابَّتَهُ حَتىَّ قَصَمَ ظَهْرَهَا؛ فَلَمْ يَصِلْ إِلى حَيْثُ يُرِيدُ وَلَا أَبْقَى عَلَى دَابَّتِهِ فَضُرِبَ بِهِ المَثَل 00!!

فَلَا يَدْفَعَنَّكِ فَشَلُكِ في الخُطُوبَاتِ السَّابِقَةِ إِلى الرَّفْضِ المُطْلَق؛ فَالفَشَلُ أَوَّلُ مَرَاتِبِ النَّجَاح، وَتَكرَارُهُ لَا يُبَرِّرُ عَدَمَ المحَاوَلَة؛ فَإِيَّاكِ أَنْ تَكُوني كَالصَّيَّادِ الهِنْدِيّ، الَّذِي رَأَى شَيْئَاً يَلْمَعُ في المَاء؛ فَأَلقَى مَا في يَدِهِ وَنَزَلَ خَلْفَهُ، فَوَجَدَهُ صَدَفَة، فَرَجَعَ إِلى أَوْلَادِهِ صِفرَ اليَدَيْن، بخُفَّيْ حُنَيْن 00!!

ص: 6648

وَرَأَى ذَاتَ يَوْمٍ آخَرَ وَهْوَ عَائِدٌ مِنَ الصَّيْد؛ شَيْئَاً يَتَلأْلأُ في المَاء؛ فَلَمْ يُلْقِ لَهُ بَالاً، فَالتَقَطَهُ صَيَّادٌ كَانَ يَسِيرُ خَلفَه، فَوَجَدَهُ لُؤلُؤةً فَبَاعَهَا بِآلَافِ الدَّنَانِير، وَأَصْبَحَ مِنَ الأَثْرِيَاء 00!!

انْظُرِي كَيْفَ فَرَّطَ في الحَالَتَين 00!!

فَالفَشَلُ الحَقِيقِيُّ أَنْ يُضَيِّعَ الإِنسَانُ فُرْصَةً قَدْ لَا تُعَوَّض 00

إِنَّ المَهْرَ الَّذِي يُقَدِّمُهُ الإِنْسَانُ المُتَدَيِّنُ التَّدَيُّنَ الصَّحِيح؛ لَيْسَ سِلسِلَةً لَا تَلْبَثُ أَنْ تَنْقَطِع، أَوْ عِقدَاً لَا يَلْبَثُ أَنْ يَنْفَرِط، أَوْ غَسَّالَةً أَوْ ثَلَاجَةً لَا تَلْبَثُ أَنْ يحْتَرِقَ مُوتُورُهَا 00!!

إِنَّمَا مَهْرُهُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي يُقَدِّمُه: هُوَ أَخْلَاقُهُ وَطِبَاعُهُ وَمَشَاعِرُه 0

ص: 6649

مَهْرِي الَّذِي سَأُقدِّمُهُ لَابْنَتِكَ هُوَ أَخلَاقِي

وَيحْكَى عَن أَبي محْجَنٍ الثَّقَفيّ ـ وهُوَ رَجُلٌ لَهُ أَخْبَارٌ وَنَوَادِرُ وحَكَايَات، يَعْرِفُهَا قُرَّاءُ الأَدَب ـ يحْكَىعَنهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ لخِطبَةِ ابْنَةِ أَحَدِ الأثرياءِ فقالَ لهُ ماذا مَعَك 00؟

لَمْ يَقُلْ لَهُ الَّذِي مَعْهَا يَكْفيني ويَكْفِيهَا كَشَبَابِ هَذِهِ الأَيَّام 00!!

وإِنَّمَا قَالَ لَهُ وَكانَ شَاعراً:

لَا تَسْأَلِ عَنْ مَالي وَكَثْرَتِهِ لَكنْ سَلِ النَّاسَ عَنْ دِيني وَعَن خُلُقِي

قَدْ يَكثرُ المَالُ يَوْماً بَعْدَ قِلَّتِهِ وَيَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ الجدْبِ بالوَرَقِ

وَهُوَ يَعْني بِذَلِكَ مَا نَقولُهُ في الأمْثَال: " مَا دَامَ العُود مَوْجُود؛ فَالوَرَقُ حَتمَاً سَيَعُود " 0

وَللهِ ذَلِكَ الزَّجَّال، الَّذِي تَوَجَّهَ إِلى عَرُوسِهِ وَقَال:

ص: 6650

" مُشْ غَني جِدَّاً لَكِن يَعْني الحَالَة عَالْ وْمُشْ بَطَّالَة "

" عَاوْزَة إِيهْ مِنيِّ غِيرْ إِنيِّ عَلَى أَهْلِي مِشْ عَايِشْ عَالَة "

حَسْبُكِ عَنِ الْفَقيرِ أَنَّهُ إِذَا أَحَبَّه النَّاس؛ فَإِنَّهمْ يحِبُّونَهُ لِذَاتِهِ وَصفَاتِه، وَجَمِيلِ خِصَالِه، أَمَّا الغَنيّ؛ فَأَكْثَرُ مَنْ يحِبُّونَهُ يحِبُّونَهُ مِن أَجْلِ مَالِه؛ فَالفَقِيرُ يَرَى النَّاسَ عَلَى حَقَائِقِهَا مِن حَيْثُ الطِّبَاع، أَمَّا الغَنيُّ فَيَلْبِسُونَ لَهُ أَلْفَ قِنَاعٍ وَقِنَاع 00!!

لَيْتَنَا كُنَّا غَالِينَ عِندَكِ كَمَا أَنتِ غَالِيَةٌ عِنْدَنَا " 00!!

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قِيلَ مِنَ الأَدَبِ الشَّعْبيِّ في شَأْنِ الْعَانِسِ ثَقِيلَةِ الرُّوح:

" اقْعُدِي في عُشِّك؛ إِلى أَنْ يَأْتيَ مَنْ يَهِشِّك " 00

ص: 6651

وَمِنَ الأَشْيَاءِ الَّتي حَرَّمَهَا الشَّرْعُ أَنْ تَشْتَرِطَ الْفَتَاةُ عَلَى خَاطِبِهَا أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ إِنْ كَانَ مُتَزَوِّجَاً، فَلَهَا فَقَطْ أَنْ تَرْفُضَ أَوْ تَقْبَل، لَا يُلْزِمُهَا الشَّرْعُ بِالْقَبُولِ أَوِ الرَّفْض؛ أَمَّا أَنْ تجْعَلَ الطَّلَاقَ شَرْطَاً لِقَبُولِهَا؛ فَذَلِكَ مَا لَا يَرْضَاهُ الشَّرْع 0

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نهَى عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبْتَاعَ المُهَاجِرُ لِلأَعْرَأَبيّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ المَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا ـ أَيْ عِنْدَ خِطْبَتِهَا ـ وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيه، وَنهَى عَنِ النَّجْشِ وَعَنِ التَّصْرِيَة " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم:(2727 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1515 / عَبْد البَاقِي]

ص: 6652

وَالتَّلَقِّي: هُوَ أَنْ تَتَلَقَّى مَنْ يُرِيدُ بَيْعَ سِلعَةٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ سِعْرَهَا فَتَشْتَرِيهَا مِنهُ قَبْلَ قُدُومِهِ السُّوق، وَاسْتِيَامُ الرَّجُلِ عَلَى سَوْمِ أَخِيه: أَيْ أَنْ يَرْغَبَ المَرْءُ في شِرَاءِ سِلْعَةٍ تُبَاع؛ فَيُغْرِيَ الْبَائِعَ بِسِعْرٍ أَعْلَى لِيَبِيعَهُ السِّلعَةَ وَيَتْرُكَ ذَلِكَ المُشْتَرِي، وَالنَّجْشُ: هُوَ اسْتِئْجَارُ مَنْ يُزَايِدُ في سِعْرِ السِّلْعَةِ لِرَفْعِ ثمَنِهَا كَمَا يحْدُثُ في المَزَادَات، وَالتَّصْرِيَة: هِيَ أَنْ لَا تحْلَبَ الشَّاةُ أَوِ النَّاقَةُ أَيَّامَاً حَتىَّ يَحْفِلَ ضَرْعُهَا بِاللَّبن؛ فَيَغْتَرَّ فِيهَا المُشْتَرِي وَبِالتَّالي يَسْهُلَ بَيْعُهَا 0

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قِيلَ فِيمَنْ يُرْسِلُ صَاحِبَهُ لِيَخْطِبَ لَهُ عَرُوسَاً فَيْخْطِبُهَا لِنَفْسِهِ قَوْلهُمْ:

" بَعَثْتُهُ لِيَخْطُبَهَا لي فَتَزَوَّجَهَا " 00!!

ص: 6653

النِّسَاءُ الَّتي حَذَّرَ مِنهَا النَّبيُّ ** صلى الله عليه وسلم **

المَرْأَةُ الْعَاقِر:

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَال، وَإِنَّهَا لَا تَلِد؛ أَفَأَتَزَوَّجُهَا 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا " 00 ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُود؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَم " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: (2685)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 2050]

ص: 6654

المَرْأَةُ سَيِّئَةُ السُّمْعَة:

عَنْ مَرْثَدِ بْنِ أَبي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ رضي الله عنه قَال: " جِئْتُ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله؛ أَنْكِحُ عَنَاق 00؟ {امْرَأَةٌ بَغِيٌّ كَانَتْ تَرْبِطُهُ بِهَا صَدَاقَةٌ في الجَاهِلِيَّة}

فَسَكَتَ عَنيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَنَزَلَتْ: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِك} {النُّور/3}

فَدَعَاني صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهَا عَلَيَّ وَقَال: " لَا تَنْكِحْهَا " 0

[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 2051]

المَرْأَةُ المِشْئَام:

ص: 6655

وَاجْتَنِبِ المَرْأَةَ الشُّؤْمَ الَّتي كُلَّمَا زَوَّجَهَا رَجُلٌ مَاتَ عَنهَا 00

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِنَّمَا الشُّؤْمُ في ثَلَاثَة: في الفَرَسِ وَالمَرْأَةِ وَالدَّار " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2858 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2225 / عَبْد البَاقِي]

وَفي رِوَايَةٍ أَخْرَى عَنْ مِخْمَرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَا شُؤْم، وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ في ثَلَاثَة: في المَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّار " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1993]

ص: 6656

فَلَا بُدَّ مِنْ تحَرِّي المَرْأَةَ الطَّيِّبَةَ ذَاتَ الأَصْلِ الطَّيِّب، وَحَذَارِ حَذَارِ مِنَ المَرْأَةِ المِشْئَام 00

وَمِنْ طَرِيفِ مَا يُحْكَى في ذَلِكَ أَنَّ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا ثَلَاثَةُ رِجَال، فَمَاتُواْ عَنهَا جَمِيعَاً، فَابْتُلِيَ بِهَا رَابِع، فَلَمَّا احْتَضَرَ وَحَانَتْ وَفَاتُهُ قَالَتْ لَه: إِلى مَنْ تُوصِي بي 00؟

قَال: إِلى الخَامِسِ الأَشْقَى لَا بَارَكَ اللهُ لَه 00

بَعْضُ نَوَادِرِ وَلَطَائِفِ الخِطْبَة

أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يخْطُبَ امْرَأَةً، فَذَهَبَ لِرُؤْيَتِهَا فَأَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: ضِمْنَ مَا قَال:

إِنِّي سَيِّئُ الخُلُق 00؟!

قَالَتْ لَهُ ـ وَكَانَتْ سَرِيعَةَ الْبَدِيهَة ـ أَسْوَأُ مِنْكَ خُلُقَاً: مَنْ يُحْوِجُكَ أَنْ تَكُونَ سَيِّئَ الخُلُق 00!!

ص: 6657

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قِيلَ في الخَطِيبِ الَّذِي يَذْهَبُ لأَصْهَارِهِ يَوْمَ السَّبْتِ مِنْ كُلَّ أُسْبُوع؛ لِزِيَارَتِهِمْ وَرُؤْيَةِ خَطِيبَتِهِ أَثْنَاءَ فَتْرَةِ الخُطُوبَة؛ قَوْلُ ابْنِ الرُّومِيِّ في مِثْلِ ذَلِك:

وَمِن أَعْجَبِ الأَشْيَاءِ أَنيَ مُسْلِمٌ حُنَيفٍ وَلَكِن خَيرُ أَيَّامِيَ السَّبْتُ

وَحَبَّبَ يَوْمَ السَّبْتِ عِنْدِيَ أَنَّني تُنَادِمُني فيهِ الَّتي أَنَاْ أَحْبَبْتُ

{ابْنُ الرُّومِي}

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قِيلَ في الْعَرُوسِ الَّتي سَمِعَتْ بِقُدُومِ عَرِيسٍ لَهَا 00

فَتَوَرَّدَتْ وَتَعَصْفَرَتْ وَجَنَاتُهَا

أَشَارَتْ بِطَرْفِ العَينِ خِيفَةَ أَهْلِهَا إِشَارَةَ مَلْهُوفٍ وَلَمْ تَتَكَلَّمِ

ص: 6658

فَأَيْقَنْتُ أَنَّ القَلْبَ قَدْ قَالَ مَرْحَبَاً وَأَهْلاً وَسَهْلاً بِالحَبِيبِ المُتَيَّمِ

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قِيلَ في الشَّابِّ الَّذِي يَذْهَبُ لِرُؤْيَةِ فَتَاةٍ أَحَبَّهَا، فَيَحْجِبُهَا أَهْلُهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ وَهُوَ يَتُوقُ لِرُؤْيَتِهَا:

نَظَرْتُ كَأَنيِّ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجَةٍ إِلى الخِدْرِ مِنْ فَرْطِ الصَّبَابَةِ أَنْظُرُ

*********

فَسَأَلْتُهَا لَكِنْ بِغَيرِ تَكَلُّمٍ فَتَكَلَّمَتْ لَكِنْ بِغَيرِ لِسَانٍ

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قِيلَ في الشَّابِّ الَّذِي يَذْهَبُ لِرُؤْيَةِ فَتَاةٍ لِلْمَرَّةِ الأُولى؛ فَيُبْهِرُهُ جَمَالُهَا وَحُسْنُهَا لِدَرَجَةِ أَنَّهُ قَدْ يَتَكَلَّمُ مُتَلَعْثِمَاً، أَوْ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ أَصْلاً قَوْلُ الشَّاعِر:

تَأَمَّلْتُهَا أُنمُلاً أُنمُلاً فَلَمْ أَقْضِ مِنْ نَظْرَتي مَأْرَبي

ص: 6659

وَأُسْكِتُّ لَمْ أَدْرِ مَا حَاجَتي وَلَا مَا أَتَى بي وَمَا مَطْلَبي

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قَالَهُ أَحَدُ الشُّعَرَاء؛ عِنْدَمَا تَزَوَّجَ تِلْمِيذَتَهُ اللَّطِيفَةَ النَّجِيبَةَ الحَسْنَاء، فَأَتَاهُ آتٍ سَخِيف، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ الرَّبِيعَ لَا يَلْتَقِي بِالخَرِيف؛ فَأَجَابَهُ بِهَذَا الْبَيْتِ الظَّرِيف:

قَالُواْ عَشِقْتَ فَتَاةً قُلْتُ أَرْتَعُ في رَوْضِ الحِسَانِ إِلى أَنْ يُدْرِكَ الثَّمَرُ

أَرَادَ أَدِيبٌ أَنْ يخْطُبَ أُخْتَ صَدِيقٍ لَهُ؛ فَقَالَ لَه: " نُرِيدُ أَنْ نجْعَلَ الصَّدَاقَةَ نَسَبَاً وَصِهْرَا "

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا قِيلَ في التَّرْحِيبِ بِالخَاطِبِ مَا سَمِعْتُهُ مِن أَصْهَارِي بَارَكَ اللهُ فِيهِمْ:

" بَارَكَ اللهُ لَنَا في الْبَنَاتِ الَّتى تُعَرِّفُنَا عَلَى النَّاسِ الطَّيِّبِين " 0

ص: 6660

السُّؤَالُ عَنِ الشَّابِّ أَوِ الْفَتَاةِ وَأَهْلِهِمَا قَبْلَ الخِطْبَة

لَا بُدَّ مِنَ السُّؤَالِ عَنِ الشَّابِّ أَوِ الْفَتَاةِ وَأَهْلِهِمَا قَبْلَ الخِطْبَة، وَهَذِهِ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ الطَّرِيفَةِ الَّتي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا بِهَذَا الصَّدَد 00

أَوَّلاً / السُّؤَالُ عَنِ الْعَرُوس:

ـ مَا رَأْيُكَ في فُلَانَة 00؟

ـ فَتَاةٌ مُهَذَّبَة، تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء، وَأَبُوهَا شَيْخٌ كَبِير 00

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في فُلَانَة 00؟

ـ حَيَّةٌ تَسْعَى 00

ـ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ 00

ثَانِيَاً / السُّؤَالُ عَنِ الْعَرِيس:

ـ مَا رَأْيُكَ في فُلَان 00؟

ـ {سَاحِرٌ كَذَّاب} {ص/4}

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في فُلَان 00؟

ـ أَيْنَمَا تُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بخَيْر 00

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في فُلَان 00؟

ـ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضَرَّاً وَلَا نَفْعَا 00

*********

ص: 6661

ـ مَا رَأْيُكَ في فُلَان 00؟

ـ بِئْسَ المَوْلى وَبِئْسَ العَشِير 00!!

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في فُلَان 00؟

ـ إِذَا لَقِيَ اللِّصَّ قَالَ لَهُ اسْرِقْ، وَإِذَا لَقِيَ صَاحِبَ المَنْزِلِ قَالَ لَهُ اغْلِقْ بَابَك {أَيْ ذُو وَجْهَين}

*********

ثَالِثَاً / السُّؤَالُ عَنِ الأَهْل:

ـ مَا رَأْيُكَ في بَني فُلَان 00؟

ـ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ 00!!

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في بَني فُلَان 00؟

ـ مِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِد، وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ 00!!

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في بَني فُلَان 00؟

ـ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُون 00!!

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في بَني فُلَان 00؟

ـ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْت 00!!

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في بَني فُلَان 00؟

ص: 6662

ـ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِن عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ 00!!

*********

ـ مَا رَأْيُكَ في بَني فُلَان 00؟

ـ إِنْ يَرَواْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَواْ سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلَا 00!!

*********

أَهْلُهَا مَاتُواْ:

ـ مَا رَأْيُكَ في بَني فُلَان 00؟

ـ قَدْ سَأَلْتَ عَن أُنَاسٍ هَلَكُواْ شَرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ وَأَكَلْ

زِيجَاتٌ تحَدَّثَ بِهَا العَرَب

ص: 6663

كَانَ الحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو مَلِكَاً لِكِنْدَةَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ بخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَة، فَبَلَغَهُ جَمَالُ ابْنَةِ عَوْفِ بْنِ محَلَّمٍ الشَّيْبَانيِّ وَرَجَاحَةِ عَقْلِهَا؛ فَدَعَا امْرَأَةً مِنْ بَني كِنْدَةَ يُقَالُ لَهَا عِصَام ـ وَكَانَتْ ذَاتَ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَبَيَان ـ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبي حَتىَّ تَعْلَمِي لي عِلْمَ ابْنَةِ عَوْف ـ أَيْ حَتىَّ تخْتَبرِيهَا وَتَعْرِفِيهَا وَتَعْرِفي مَا لَدَيْهَا ـ فَمَضَتْ حَتىَّ انْتَهَتْ إِلى أُمِّهَا، فَأَعْلَمَتْهَا مَا قَدِمَتْ مِن أَجْلِه؛ فَأَرْسَلَتْ إِلى ابْنَتِهَا وَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّة؛ هَذِهِ خَالَتُكِ، أَتَتْكِ لِتَنْظُرَ إِلَيْكِ فَلَا تَسْتُرِي مِنهَا شَيْئَاً، وَنَاطِقِيهَا إِنِ اسْتَنْطَقَتْكِ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا عِصَام، فَنَظَرَتْ إِلى مَا لَمْ تَرَ عَيْنُهَا قَطُّ بَهْجَةً وَحُسْنَاً

ص: 6664

وَجَمَالاً، فَإِذَا هِيَ أَكْمَلُ النِّسَاءِ عَقْلاً، وَأَفْصَحُهُمْ لِسَانَاً ـ اللهُمَّ ارْزُقِ الصَّالحِينَ بِمِثلِهَا ـ فَخَرَجَتْ مِن عِنْدِهَا عِصَامُ وهْيَ تَقُول:" تَرَكَ الخِدَاعَ مَنْ كَشَفَ القِنَاع " 00 فَصَارَتْ مَثَلاً 0

تمْدَحُ بِذَلِكَ أُمَّ الفَتَاةِ حَيْثُ لَمْ تَسْتُرْ مِنَ ابْنَتِهَا شَيْئَاً 0

ثُمَّ أَقْبَلَتْ إِلى الحَارِثِ فَقَالَ لهَا: " مَا وَرَاءَ كِ يا عِصَام 00؟ " 00 فَصَارَتْ مَثَلاً 00

قَالَتْ: صَرَّحَ المَخْضُ عَنِ الزُّبْد ـ أَيْ بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَين ـ فَأَرَادَ الحَارِثُ التَّفْصِيلَ فَقَالَ لهَا: أَخْبرِيني 00؟

ص: 6665

قالتْ: أُخْبرُكَ صِدْقَاً وَحَقَّاً؛ رَأَيْتُ امْرَأَةً جَمِيلَة، لهَا جَبْهَةٌ كَالمِرْآةِ الصَّقِيلة، بَزِينُهَا شَعَرٌ حَالِكٌ كَسَوَادِ اللَّيلْ، نَاعِمٌ كَأَذْنَابِ الخَيْلْ، إِن أَرْسَلَتْهُ خِلْتَهُ السَّلَاسِلْ، وَإِن مَشَّطَتْهُ قُلْتَ عَنَاقِيدُ كَرْمٍ جَلَاهَا الوَابِل ـ أَيْ نَزَلَ عَلَيْهَا المَطَر ـ وَحَاجِبَانِ كَأَنَّمَا خُطَّا بِقَلَم، تَقَوَّسَا عَلَى جَفْنٍ سَاهِرٍ لَمْ يَنَمْ ـ أَيْ جَفْنٌ وَسْنَانٌ نَاعِس ـ وَعَينٌ كَالجَوْهَرَة، تُشْبِهُ عَينَ الظَّبْيَةِ العَبْهَرَة، الَّتي لَمْ يَرُعْهَا قَانِصٌ وَلَا قَسْوَرَة ـ وَالعَبْهَرَةُ الفَتَاةُ النَّاعِمَة، رَقِيقَةُ الْبَشَرَةِ في بَيَاضٍ وَامْتِلَاء، وَالْقَسْوَرَةُ الأَسَد، وَالْقَانِصُ الصَّيَّاد ـ بَيْنَهُمَا أَنْفٌ كَحَدِّ السَّيْفِ المَصْقُول، مَا بِهِ خَنَسٌ ـ أَيْ قِصَرٌ ـ وَلَا

ص: 6666

طُول، حُفَّتْ بِهِ وَجْنَتَانِ كَالأُرْجُوان ـ أَيْ حَمْرَاوَان ـ فى بَيَاضٍ كَالجُمَان، شُقَّ بَيْنَهُمَا فَمٌ كَالخَاتَمْ، طَيِّبٌ بَاسِمْ، فِيهِ ثَنَايَا غُرٌّ كَالْفُصُوص، كَأَنَّهَا دُرٌّ مَرْصُوص، يَتَقَلَّبُ فِيهِ لِسَان؛ ذُو فَصَاحَةٍِ وَبَيَان، يحَرِّكُهُ عَقْلٌ وَافِر، وَجَوَابٌ حَاضِر، إِلى أَنْ قَالَتْ:

فَأَمَّا سِوَى ذَلِكَ فَتَرَكْتُ وَصْفَهُ لأَنَّهُ يَفُوقُ الْوَصْف، فَأَرْسَلَ المَلِكُ إِلى أَبِيهَا فَخَطَبَهَا فَزَوَّجَهُ،

فَلَمَّا حُمِلَتْ إِلَيْهِ قَالَتْ لَهَا أُمُّهَا أُمَامَةُ بِنْتُ الحَارِث:

ص: 6667

" أَيْ بُنَيَّة: إِنَّ الوَصِيَّة لَوْ تُرِكَتْ لِفَضْلِ أَدَبٍ؛ تُرِكَتْ لِذَلِكَ مِنْكِ، وَلكِنَّهَا تَذْكِرَةٌ لِلغَافِل، وَزَادٌ لِلْعَاقِل، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً اسْتَغنَتْ عَنِ الزَّوْجِ لِغِنى أَبَوَيْهَا، وَشِدَّةِ حَاجَتِهِمَا إِلَيْهَا؛ كنْتِ أَغْنى النَّاسِ عَنه، وَلَكِنَّ النِّسَاءَ لِلرِّجَالِ خُلِقْن، وَلَهُنَّ خُلِقَ الرِّجَال 00!!

أَيْ بُنَيَّة؛ إِنَّكِ فَارَقْتِ الجَوَّ الَّذِي مِنهُ خَرَجْتِ، وَتَرَكْتِ العُشَّ الَّذِي فِيهِ دَرَجْتِ؛ إِلى وَكْرٍ لَمْ تَعْرِفِيه، وَقَرِينٍ لَمْ تَأْلَفِيه؛ فَكُوني لَهُ أَمَةً يَكُنْ لَك عَبْدَاً 00!!

أَيْ بُنَيَّة؛ احْفَظِي عَنيِّ عَشْرَ خِصَالٍ تَكُنْ لَكِ ذُخْرَاً:

ص: 6668

" الصُّحْبَةُ بِالْقَنَاعَة، وَحُسْنُ السَّمْعِ لَهُ وَالطَّاعَة، وَالتَعَهُّدُ لِمَوْقِعِ عَيْنِه، وَالتَّفَقُّدِ لمَوْضِعِ أَنْفِه، فَلَا تَقَعْ عَيْنُهُ مِنْكِ عَلَى قَبِيح، وَلَا يَشُمَّ مِنْكِ إِلَاّ أَطْيَبَ رِيح، وَالكُحْلُ أَحْسَنُ الحُسْن، وَالمَاءُ أَطْيَبُ الطِّيبِ المَفْقُود، وَالتَّعَهُّدُ لِوَقْتِ طَعَامِه، وَالهُدُوءُ عِنْدَ مَنَامِه؛ فَإِنَّ حَرَارَةَ الجُوعِ مَلْهَبَة، وَتَنغِيصُ النَّوْمِ مَغْضَبَة، وَالحِفَاظُ عَلَى بَيْتِهِ وَمَالِه، وَالرِّعَايَةُ لَهُ وَعِيَالِه؛ فَإِنَّ الحِفَاظَ عَلَى المَالِ حُسْنُ تَقْدِير، وَرِعَايَةُ الْعِيَالِ حُسْنُ تَدْبِير، وَلَا تُفْشِي لَهُ سِرَّا، وَلَا تَعْصِي لَهُ أَمْرَا؛ فَإِنَّكِ إِن أَفْشَيْتِ سِرَّه؛ لَمْ تَأْمَني غَدْرَه، وَإِن عَصَيْتِ أَمْرَه؛ أَوْغَرْتِ صَدْرَه، ثُم اتَّقِي بَعْدَ

ص: 6669

ذَلِكَ الفَرَحَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِنْ كَانَ تَرِحَاً، وَالَاكْتِئَابَ عِنْدَهُ إِنْ كَانَ فَرِحَاً؛ فَإِنَّ الأُولى مِنَ التَقْصِير، وَالثَّانِيَةُ مِنَ التَّكدِير، وَكُوني أَشَدَّ مَا تَكُونِينَ لَهُ إِعْظَامَا؛ يَكُن أَشَدَّ مَا يَكُونُ لَكِ إِكْرَامَا، وَاعْلَمِي أَنَّكِ لَنْ تَصِلِي إِلى مَا تحِبِّيَن؛ حَتىَّ تُؤثِرِي رِضَاهُ عَلَى رِضَاكِ، وَهَوَاهُ عَلَى هَوَاك " 00!!

[المَيْدَانيُّ في " مجْمَعِ الأَمْثَالِ " بِطَبْعَةِ دَارِ المَعْرِفَة 0 ص: (262/ 2)، كَمَا في " جَمْهَرَةِ خُطَبِ العَرَب " بِرَقْم: 89]

الزِّيجَةُ الَّتي كَتَبَ زُهَيرُ بْنُ أَبي سُلْمَى مُعَلَّقَتَهُ بِسَبَبِهَا

قَالَ الحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ المُرِّيُّ لخَارِجَةَ بْنِ سِنَان ـ وَكَانَا مِنْ سَادَةِ بَني مُرَّة: أَتُرَاني أَخْطُبُ إِلى أَحَدٍ فَيَرُدُّني 00؟

ص: 6670

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ وَمَنْ ذَاك 00؟

قَالَ أَوْسُ بْنُ حَارِثَةَ الطَّائِيّ، فَقَالَ الحَارِثُ لِغُلَامِه: ارْحَلْ بِنَا إِلَيْهِ فَفَعَل، وَرَكِبَا حَتىَّ أَتَيَا أَوْسَ بْنَ حَارِثَةَ في بِلَادِه، فَوَجَدَاهُ في فِنَاءِ مَنْزِلِه، فَلَمَّا رَأَى الحَارِثَ بْنَ عَوْفٍ قَال: مَرْحَبَاً بِكَ يَا حَارِث، قَالَ وَبِك، قَالَ مَا جَاءَ بِك 00؟

قَالَ جِئْتُكَ خَاطِبَاً، قَالَ لَسْتَ هُنَاك ـ أَيْ هَذَا لَيْسَ لَك ـ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُكَلِّمْه، وَدَخَلَ أَوْسٌ عَلَى امْرَأَتِهِ مُغْضَبَاً؛ فَقَالَتْ لَه: مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْكَ فَلَمْ يُطِلْ وَلَمْ تُكَلِّمْهُ 00؟

قَال: ذَاكَ سَيِّدُ الْعَرَب، قَالَتْ: فَمَا لَكَ لَمْ تَسْتَنْزِلْهُ 00؟!

قَال: إِنَّهُ اسْتَحْمَق، قَالَتْ كَيْف 00؟

ص: 6671

قَالَ جَاءَ ني خَاطِبَاً؛ قَالَتْ: أَفَتُرِيدُ أَنْ تُزَوِّجَ بَنَاتِك 00؟

قَالَ نَعَمْ؛ قَالَتْ: فَإِذَا لَمْ تُزَوِّجْ سَيِّدَ العَرَبِ فَمَن 00؟!

قَال: قَدْ كَانَ مَا كَان؛ قَالَتْ: فَتَدَارَكِ الأَمْر، قَالَ بِمَاذَا 00؟

قَالَتْ: تَلْحَقُهُ فَتَرُدُّهُ، قَالَ وَكَيْفَ بَعْدَمَا فَرَطَ مِنىِّ مَا فَرَط 00؟!

قَالَتْ: تَقُولُ لَهُ: لَقِيتَني وَأَنَا مُغْضَبٌ بِأَمْرٍ لَمْ تُقَدِّمْ فِيهِ قَوْلاً؛ فَلَمْ يَكُن عِنْدِي فِيهِ مِنَ الجَوَابِ إِلَاّ مَا حَضَر، عُدْ وَلَكَ عِنْدِي مَا أَحْبَبْت؛ فَإِنَّهُ سَيَفْعَل، فَرَكِبَ في أَثَرِهِمَا 0

ص: 6672

يَقُولُ خَارِجَةُ بْنُ سِنَان: فوالله إِنيِّ لأَسِيرُ مَعَ الحَارِثِ إِذْ حَانَتْ مِنيِّ الْتِفَاتَةٌ فَرَأَيْتُ أَوْسَاً، فَأَقْبَلْتُ عَلَى الحَارِثِ ـ وَمَا يُكَلِّمُني غَمَّاً ـ فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا أَوْسُ بْنُ حَارِثَةَ في أَثَرِنَا، قَال: وَمَا نَصْنَعُ بِه 00؟

امْضِ؛ فَلَمَّا رَآنَا لَا نَقِفُ لَهُ صَاحَ بِنَا: يَا حَارِث؛ أَرْبِعْ عَلَيَّ سَاعَة ـ أَيِ انْتَظِرْني ـ فَوَقَفْنَا لَهُ، فَكَلَّمَهُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ فَرَجَعَ مَسْرُورَاً 0

وَدَخَلَ أَوْسٌ مَنْزِلَهُ وَقَالَ لِزَوْجَتِه: ادْعِي لي فُلَانَة ـ لَابْنَتِهِ الْكُبرَى ـ فَأَتَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّة؛ هَذَا الحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِ الْعَرَب، قَدْ جَاءَ ني خَاطِبَاً، وَقَدْ أَرَدْتُ أَن أُزَوِّجَكِ مِنهُ، فَمَا تَقُولِين 00؟

ص: 6673

قَالَتْ: لَا تَفْعَلْ؛ قَالَ وَلِمَ 00؟!

قَالَتْ لأَنيِّ امْرَأَةٌ في وَجْهِي ردة ـ أَيْ بي رَغْمَ جَمَالي بَعْضُ الطَّيْش ـ وَفي خُلُقِي بَعْضُ العُهْدَة ـ أَيْ بَعْضُ الْعَيْب ـ وَلَسْتُ بِابْنَةِ عَمِّهِ فَيَرْعَى رَحِمِي، وَلَيْسَ بجَارِكَ في الْبَلَدِ فَيَسْتَحْيِي مِنْك، وَلَا آمَنُ أَنْ يَرَى مِنيِّ مَا يَكْرَهُ فَيُطَلِّقَني، فَيَكُونُ عَلَيَّ وَعَلَيْكَ فى ذَلِكَ مَا تَعْلَم 0

ص: 6674

قَالَ قُومِي بَارَكَ اللهُ فِيكِ، ادْعِي لي فُلَانَة ـ لَابْنَتِهِ الوُسْطَى ـ فَدَعَتْهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا مِثْلَ قَوْلِهِ لأُخْتِهَا، فَأَجَابَتْهُ بِمِثْلِ جَوَابِهَا، وَقَالَتْ لَهُ: إِنيِّ خَرْقَاء، وَلَيْسَتْ بِيَدِي صِنَاعَة، وَلَا آمَنُ أَنْ يَرَى مِنيِّ مَا يَكْرَهُ فَيُطَلِّقَني، فَيَكُونُ عَلَيَّ وَعَلَيْكَ فى ذَلِكَ مَا تَعْلَم، وَلَيْسَ بِابْنِ عَمِّي فَيَرْعَى رَحِمِي، وَلَيْسَ بجَارِكَ في الْبَلَدِ فَيَسْتَحْيِي مِنْك، قَالَ قُومِي بَارَكَ اللهُ فِيكِ، ادْعِي لي فُلَانَة ـ لَابْنَتِهِ الصُّغْرَى ـ فَأُتيَ بِهَا، فَقَالَ لَهَا كَمَا قَالَ لأُخْتَيْهَا، فَقَالَتْ: أَنْتَ وَذَاكَ يَا أَبي، فَقَالَ لَهَا: قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى أُخْتَيْكِ فَأَبَتَاه ـ وَلَمْ يَذْكُرْ لهَا مَا قَالَتَا ـ فَقَالَتْ: لَكِنيِّ واللهِ الجَمِيلَةُ

ص: 6675

وَجْهَاً، الصَّنَاعُ يَدَاً، الرَّفِيعَةُ خُلُقَاً، الحَسِيبَة أَبَاً، فَإِنْ طَلَّقَني فَلَا أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْه 00!!

فَقَالَ بَارَكَ اللهُ عَلَيْكِ؛ ثُمَّ خَرَجَ إِلى الحَارِثِ فَقَال: زَوَّجْتُكَ يَا حَارِثُ فُلَانَة ـ لِصُغْرَى بَنَاتِه ـ قَالَ قَبِلْت؛ فَأَمَرَ أُمَّهَا أَنْ تُهَيِّئَهَا وَتُصْلِحَ مِنْ شَأْنِهَا، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِبَيْتٍ فَأَنْزَلَهُ فِيه، فَلَمَّا هُيِّئَتْ بَعَثَ بِهَا إِلَيْه، قَالَ خَارِجَةُ بْنُ سِنَان: فَلَمَّا أُدْخِلَتْ إِلَيْهِ لَبِثَ هُنَيْهَةً ثُمَّ خَرَجَ إِليّ، فَقُلْتُ: أَفَرَغْتَ مِنْ شَأْنِك 00؟

قَالَ لَا وَاللهِ، قُلْتُ وَلِمَ 00؟!

قَال: لَمَّا دَخَلْتُ إِلَيْهَا قَالَتْ مَه ـ أَيِ اسْكُن ـ أَعِنْدَ أَبي وَإِخْوَتي 00؟

ص: 6676

هَذَا وَاللهِ مَا لَا يَكُون، فَأَمَرَ الحَارِثُ بِالرِّحْلَةِ فَارْتحَلْنَا، فَسِرْنَا مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ قَالَ لي: تَقَدَّمْ فَتَقَدَّمْت، وَعَدَلَ بِهَا عَنِ الطَّرِيقِ ـ أَيْ مَالَ بِهَا إِلى جَانِبِ الطَّرِيق ـ فَلَبِثَ هُنَيْهَةً ثمَّ خَرَجَ إِليّ، فَقُلْتُ: أَفَرَغْتَ مِنْ شَأْنِك 00؟

قَالَ لَا واللهِ، قُلْتُ وَلِمَ 00؟!

قَال: قَالَتْ لي: أَكَمَا يُفْعَلُ بِالأَمَةِ الجَلِيبَةِ أَوْ بِالسَّبْيَةِ الأَخِيذَة 00؟!

لَا وَاللهِ حَتىَّ تَنحَرَ الجُزُر، وَتَذْبَحَ الْغَنَمَ وَتَدْعُوَ العَرَب، وَتَعْمَلَ مَا يُعْمَلُ لِمِثْلِي 00!!

ص: 6677

قُلْتُ: واللهِ إِنيِّ لأَرَى لَكِ هِمَّةً وَعَقْلَا، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ المَرْأَةُ مُنْجِبَة ـ أَيْ وَإِنيِّ لأَتَوَسَّمُ فِيكِ أَنْ تُنْجِبي لي وَلَدَاً يَكُونُ سَيِّدَاً لِلْعَرَب ـ قَالَ خَارِجَة: فَرَحَلْنَا حَتىَّ جِئْنَا بِلَادَنَا، فَأَحْضَرَ الإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَنحَرَ وَدَعَا الْقَبَائِل، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِك، فَمَا لَبِثَ إِلَاّ هُنَيْهَةً حَتىَّ خَرَجَ إِليّ، فَقُلْتُ: أَفَرَغْتَ مِنْ شَأْنِك 00؟

قالَ لَا واللهِ، قُلْتُ وَلِمَ 00؟!

قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهَا وَقُلْتُ لَهَا: قَدْ أَقَمْنَا مِنَ الْوَلَائِمِ مَا قَدْ تَرَيْن، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ ذُكِرَ لي عَنْكَ مِنَ الشَّرَفِ مَا لَا أَرَاهُ فِيك، قُلْتُ وَكَيْف 00؟!

قَالَتْ: أَتَفْرَغُ لِلنِّسَاءِ وَالْعَرَبُ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضَاً 00؟!

ص: 6678

ـ وَكَانَ قَدْ نَشِبَ نِزَاعٌ بَينَ قَبِيلَتَينِ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَب ـ قُلْتُ: فَيَكُونُ مَاذَا 00؟

قَالَتِ اخْرُجْ إِلى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَصْلِحْ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ ارْجِعْ إِلى أَهْلِكَ فَلَنْ يَفُوتَكَ مَا تُرِيد، فَقَال: وَاللهِ إِنيِّ لأَرَى لَكِ هِمَّةً وَعَقْلَا، قَالَ خَارِجَة: فَمَشَيْنَا فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالصُّلْح؛ فَاصْطَلَحُواْ عَلَى أَنْ يحْتَسِبُواْ الْقَتْلَى، وَيُؤْخَذَ الْفَضْلُ مِمَّن هُوَ عَلَيْه، فَحَمَلْنَا عَنهُمُ الدِّيَات، فَكَانَتْ ثَلَاثَةَ آلَافِ بَعِيرٍ فى ثَلَاثِ سِنِين، فَانْصَرَفْنَا بِأَجْمَلِ الذِّكْر؛ وَمَدَحَنَا زُهَيرُ بْنُ أَبي سُلْمَى بِمُعَلَّقَتِهِ الَّتي يَقُولُ فِيهَا:

سَعَى سَاعِيَا غَيْظِ بْنِ مُرَّةَ بَعْدَمَا تَبَزَّلَ مَا بَينَ الْعَشِيرَةِ بِالدَّمِ

ص: 6679

فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ

يَمِينَاً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُلِدْتُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيلٍ وَمُبْرَمِ

تَدَارَكْتُمَا عَبْسَاً وَذُبْيَانَ بَعْدَمَا تَفَانَواْ وَدَقُّواْ بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشِمِ

[الأَبْشِيهِيُّ في " المُسْتَطْرَفِ مِنْ كُلِّ فَنٍّ مُسْتَظْرَف " بِالبَابِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ في ذِكْرِ النِّكَاحِ بِتَصَرُّف]

قِصَّةُ زَوَاجِ شُرَيْحٍ الْقَاضِي

قَالَ الشُّعَبيّ: قَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي: يَا شُعَبيّ؛ عَلَيْكُمْ بِنِسَاءِ بَني تَمِيم؛ فَإِنَّهُنِّ النِّسَاء، قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاك 00؟

ص: 6680

قَال: انْصَرَفْتُ مِنْ جِنَازَةٍ ذَاتَ يَوْم، فَمَرَرْتُ بِدُورِ بَني تَمِيم، فَإِذَا امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ في سَقِيفَة ـ أَيْ في مِظَلَّةٍ كَالخَيْمَة ـ عَلَى وِسَادَة، وَبجُوَارِهَا جَارِيَةٌ رَؤُودَة ـ أَيْ شَابَّةٌ غَضَّةٌ نَاعِمَةٌ ـ

غَيْدَاءُ فَاضَ بِوَجْهِهَا مَاءُ الشَّبَابِ الأَغْيَدِ

وَلهَا ذُؤَابَةٌ عَلَى ظَهْرِهَا، كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الجَوَارِي، فَاسْتَسْقَيْتُ ـ وَمَا بى مِن عَطَش ـ فَقَالَتْ: أَيُّ الشَّرَابِ أَعْجَبُ إِلَيْك: اللَّبَنُ أَمِ المَاء 00؟

قُلْت: أَيُّ ذَلِكَ تَيَسَّرَ لَكُمْ؛ قَالَتْ: اسْقُواْ الرَّجُلَ لَبَنَاً؛ فَإِنيِّ أَرَاهُ غَرِيبَاً، فَلَمَّا شَرِبْتُ نَظَرْتُ إِلى الجَارِيَةِ فَأَعْجَبَتْني، فَقُلْتُ مَن هَذِهِ 00؟

قَالَتِ ابْنَتي، قُلْتُ أَفَارِغَةٌ أَمْ مَشْغُولَة 00؟

ص: 6681

قَالَتْ بَلْ فَارِغَة، قُلْتُ أَتُزَوِّجِينِيهَا 00؟

قَالَتْ نَعَمْ إِنْ كُنْتُ لَهَا كُفْئَاً، عَمُّهَا فُلَانٌ فَاقْصِدْهُ في بَني تَمِيم 0

فَانْصَرَفْتُ إِلى مَنْزِلي لأَقِيلَ فِيه، فَامْتَنَعَتْ مِنيِّ الْقَائِلَة، فَأَرْسَلْتُ إِلى إِخْوَاني مِنَ الْقُرَّاء، وَوَافَيْتُ مَعَهُمْ صَلَاةَ الْعَصْر، فَإِذَا عَمُّهَا جَالِس، فَقَالَ أَبَا أُمَيَّة 00؟ مَا حَاجَتُك 00؟

قُلْتُ إِلَيْك، قَالَ وَمَا هِيَ 00؟

قُلْتُ: ذُكِرَتْ لي بِنْتُ أَخِيكَ زَيْنَب، فَجِئْتُ لخِطْبَتِهَا؛ فَقَالَ مَا بِهَا عَنْكَ رَغْبَة، فَزَوَّجَيِنهَا، فَمَا بَلَغَتْ مَنزِلي حَتىَّ نَدِمْتُ وَقُلْت: تَزَوَّجْتُ إِلى أَغْلَظِ الْعَرَبِ قُلُوبَاً وَأَجْفَاهَا، ثُمَّ عُدْتُ إِلى رُشْدِي فَقُلْت: بَلْ أَجْمَعُهَا إِليّ؛ فَإِنْ رَأَيْتُ مَا أَحْبَبْتُ وَإِلَا طَلَّقْتُهَا 00

ص: 6682

ثمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهَا فَقُلْتُ: يَا هَذِهِ؛ إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا أُدْخِلَتِ المَرْأَةُ عَلَى الرَّجُل؛ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا رَكْعَتَينِ وَيَسْأَلَ اللهَ مِن خَيرِهَا وَخَيرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْه، وَيَتَعَوَّذَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْه؛ فَتَوَضَّأْتُ فَتَوَضَّأَتْ بِوُضُوئِي، وَصَلَّيْتُ فَصَلَّتْ بِصَلَاتي، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ قَالَتْ لي: إِنيِّ امْرَأَةٌ غَرِيبَةٌ وَأَنْتَ رَجُلٌ غَرِيبٌ لَا عِلْمَ لي بِأَخْلَاقِك، فَبَيِّنْ لي مَا تحِبُّ فَأَفْعَلَه، وَمَا تَكْرَهُ فَأَجْتَنِبَه، فَقُلْتُ قَدِمْتِ عَلَى أَهْلِ دَارٍ؛ زَوْجُكِ سَيِّدُهُمْ، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَائِهِمْ، أُحِبُّ كَذَا وَأَكْرَهُ كَذَا، وَمَا رَأَيْتِ مِن حَسَنَةٍ فَبُثِّيهَا، وَمَا رَأَيْتِ مِنْ سَيِّئَةٍ فَاسْتُرِيهَا، قَالَتْ: أَخْبرْني عَن

ص: 6683

أَخْتَانِك، مَنْ مِنهُمْ تُحِبُّ أَنْ يَزُورَكَ وَمَنْ لَا تُحِبّ 00؟

فَقُلْتُ: إِنيِّ رَجُلٌ قَاضٍ؛ وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَمَلُّوني، قَالَتْ: فَمَنْ تحِبُّ مِنْ جِيرَانِكَ أَنْ يَدْخُلَ دَارَكَ فَآذنَ لَه، وَمَنْ تَكْرَهُهُ مِنهُمْ فَلَا آذَنَ لَه 00؟

قُلْتُ: بَنُو فُلَانٍ قَوْمٌ صَالحُون، وَبَنُو فُلَانٍ قَوْمُ سَوْءٍ 0

فَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلَاثَاً ثُمَّ خَرَجْتُ إِلى مجْلِسِ الْقَضَاءِ في الْيَوْمِ الثَّالِث، فَكُنْتُ لَا أَرَى يَوْمَاً إِلَاّ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي قَبْلَه، حَتىَّ إِذَا مَا كَانَ رَأْسُ الحَوْلِ دَخَلْتُ بَيْتي فَإِذَا فِيهِ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ تَأْمُرُ وَتَنهَى؛ قُلْتُ مَن هَذِهِ يَا زَيْنَب 00؟

قَالَتْ هَذِهِ أُمِّي؛ قُلْتُ حَيَّاكِ اللهُ يَا أُمَّ زَيْنَب، قَالَتْ: كَيْفَ حَالُكَ مَعَ أَهْلِكَ يَا أَبَا أُمَيَّة 00؟

ص: 6684

قُلْتُ بخَيرٍ وَالحَمْدُ لله، قَالَتْ كَيْفَ وَجَدْتَ زَوْجَك 00؟

قُلْتُ خَيرَ امْرَأَة، قَالَتْ: إِنَّ المَرْأَةَ لَا تُرَى في حَالٍ أَسْوَأَ خُلُقَاً مِنهَا في حَالَين: إِذَا حَظِيَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا، وَإِذَا وَلَدَتْ لَهُ غُلَامَاً، فَإِنْ رَابَكَ مِنهَا شَيْءٌ فَعَلَيْكَ بِالسَّوْط، فَإِنَّ الرِّجَالَ مَا حَازَتْ وَاللهِ بُيُوتُهُمْ شَرَّاً مِنَ المَرْأَةِ المُدَلَّلَة، قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكِ قَدْ أَدَّبْتِ فَأَحْسَنْتِ الأَدَب، قَالَتْ: أَتُحِبُّ أَنْ يَزُورَكَ أَصْهَارُك 00؟

قُلْتُ مَتى شَاءواْ؛ فَكَانَتْ كُلَّ حَوْلٍ تَأْتِينَا وَتُوصِي تِلْكَ الْوَصِيَّةَ ثمَّ تَنْصَرِف، وَمَكَثْتُ مَعَ زَيْنَبَ عِشْرِينَ سَنَة، فَمَا غَضِبْتُ عَلَيْهَا إِلَاّ مَرَّةً وَاحِدَة، وَكُنْتُ لَهَا فِيهَا ظَالِمَاً، ثمَّ أَنْشَأَ يَقُول:

ص: 6685

رَأَيْتُ رِجَالاً يَضْرِبُونَ نِسَاءهُمْ فَشُلَّتْ يَمِيني يَوْمَ أَضْرِبُ زَيْنَبَا

فَأَحْبَبْتُهَا حَتىَّ رَأَيْتُ عُيُوبَهَا محَاسِنَ زَادَتْهَا لِقَلْبي تحَبُّبَا

وَمَا عَذَّبَتْني بِالعُيُوبِ كَغَيْرِهَا وَلَكِنَّني اسْتَعْذَبْتُ فِيهَا التَّعَذُّبَا

[الأَبْشِيهِيُّ في " المُسْتَطْرَفِ مِنْ كُلِّ فَنٍّ مُسْتَظْرَف " بِالبَابِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ في ذِكْرِ النِّكَاحِ بِتَصَرُّف]

قِصَّةُ زَوَاجِ وَالِدِ الإِمَامِ أَبي حَنِيفَة

ص: 6686

وَيُحْكَى عَن الإِمَامِ الصَّالِحِ ثَابِتِ بْنِ إِبْرَاهِيم: أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ ذَاتَ يَوْمٍ بِأَحَدِ شَوَارِعِ الكُوفَة؛ فَرَأَى حَدِيقَةً غَنَّاء، بِهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَأَشْجَارٌ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا في السَّمَاء، فَعَثَرَ بَيْنَمَا هُوَ يمْشِي تحْتَ سُورِهَا عَلَى تُفَّاحَةٍ فَالْتَقَطَهَا، فَمَا أَكَلَ نِصْفِهَا حَتىَّ تَذَكَّرَ أَنهَا لَيْسَتْ لَه، وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ صَاحِبِهَا؛ فَتَبِعَ سُورَ الحَدِيقَةِ حَتىَّ وَصَلَ إِلى بَابِهَا فَطَرَقَهُ؛ فَفَتَحَ لَهُ رَجُلٌ فَظَنَّهُ صَاحِبَ البُسْتَان؛ فَقَصَّ عَلَيْهِ الخَبَرَ وَاسْتَسْمَحَهُ في أَكْلِ التُّفَّاحَة؛ فَقَالَ لَهُ: أَنَا حَارِسٌ لَيْسَ لي مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ؛ فَاذْهَبْ إِلى صَاحِبِ البُسْتَان؛ إِنَّهُ في أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَسَافَرَ إِلَيْهِ وَقَصَّ

ص: 6687

الخَبرَ عَلَيْه؛ فَقَالَ لَهُ: لَا أُسَامحُكَ حَتىَّ تُلَبِّيَ مَطْلَبي؛ قَالَ لَهُ وَمَا مَطْلَبُك 00؟

ص: 6688

قَال: أَنْ تَتَزَوَّجَ ابْنَتي، وَهِيَ بَكْمَاءُ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ شَلَاّء، فَوَافَقَ الرَّجُلُ الصَّالح، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْعَرُوس، فَإِذَا هِيَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ النِّسَاء؛ فَقَصَّ عَلَيْهَا قِصَّتَهُ وَأَخْبرَهَا بِكَلَامِ وَالِدِهَا، فَقَالَتْ لَه: بَكْمَاء؛ لأَنِّي لَا أَتَكَلَّمُ بمَا يُغْضِبُ الله، وَصَمَّاء؛ لأَنِّي لَا أَسْتَمِعُ إِلى مَا لَا يُرْضِي الله، وَشَلَاء؛ لأَنِّي لَا أَمْشِي إِلى مَعْصِيَةِ الله، وَعَمْيَاء؛ لأَنيِّ لَا أَنْظُرُ إِلى مَا يُسْخِطُ الله؛ فَبَني بِهَا الإمَامُ ثَابِت، وَكَانَتْ لَهُ كَأَفْضَلِ مَا تَكُونُ الزَّوْجَة، وَبَارَك اللهُ لَهُمَا وَبَارَكَ عَلَيْهِمَا وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا في خَيْر، وَأَثمَرَ زَوَاجُهُمَا طِفْلاً مَلأَ الأَرْضَ فِيمَا بَعْدُ فِقْهَاً وَعِلْمَا، إِنَّهُ الإِمَامُ

ص: 6689

أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِت، الَّذِي اجْتَهَدَ في ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ أَلفَ مَسْأَلَة، وَظَلَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً يُصَلِّي الفَجْرَ بِوُضُوءِ العِشَاء 00!!

مُقْتَطَفَاتٌ مِن حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِه:

المَرْأَةُ الْبَدِينَة

وَهَذِهِ رِسَالَةٌ بَعَثَ بِهَا بَعْضُ الأَزْوَاجِ الظُّرَفَاء؛ يَشْكُو مِنْ شَرَاهَةِ زَوْجَتِهِ وَمَا تُسَبِّبُهُ لَهُ مِنَ الْعَنَاء:

الزَّوْجُ التَّعِيس: " اتَّقِ اللهَ يَا امْرَأَة؛ إِنَّنَا نَأْكُلُ لِنَعِيشَ وَلَسْنَا نَعِيشُ لِنَأْكُل 00؟!

يَقُولُ تَعَالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} {الأَعْرَاف/31}

ص: 6690

وَأَنَا كَذَلِكَ لَا أُحِبُّ المَرْأَةَ المُسْرِفَةَ في أَكْلِهَا؛ لَقَدْ صَارَ وَزْنُكِ لَا يُحْتَمَل، تَكَسَّرَتِ الكَرَاسِي، وَقَعَدَتِ المَقَاعِد، وَنَامَ السَّرِيرُ عَلَى جَنْبِه، وَأَصْبَحْتِ لَا تَدْخُلِينَ السَّيَّارَةَ إِلَاّ دَفْعَاً، وَلَا تخْرُجِينَ مِنهَا إِلَاّ سَحْبَاً، صَادَقْنَا كُلَّ الصَّيْدَلِيَّاتِ وَلَا نخْرُجُ مِنهَا حَتىَّ تَفْرَغََ جُيُوبُنَا، وَزُرْنَا كُلَّ المُسْتَشْفَيَات، وَالْعَجِيبُ أَنَّكِ تَخْتَبِئِينَ في حَمَّامِ المُسْتَشْفَى لِتَبْتَلِعِي كُلَّ الحَلْوَى الَّتي تجْمَعِينَهَا مِنَ المَرِيضَات، يا سَمَّاعَةَ قَلْبي، وَيَا تِرْمُومِتْرَ جُيُوبي، إِنَّني أَخْشَى أَن أَسْتَيْقِظَ يَوْمَاً فَأَرَى أَرْنَبَةَ أَنْفِي في فَمِك!!

ص: 6691

ارْحَمِي الْفَسَاتِينَ الجَدِيدَةَ المحْبُوسَةَ في الدَّوَالِيب، وَلَا ذَنْبَ لَهَا إِلَاّ أَنَّهَا ضَاقَتْ عَلَيْكِ أَوْ تَفَتَّقَتْ، وَتَنْتَظِرُ الإِفْرَاجَ عَنهَا " 00

ص: 6692

رَدُّ الشَّيْخِ أَحْمَد القَطَّان: أَيَّتُهَا الزَّوْجَةُ العَزِيزَة، كُوني حَرِيصَةً عَلَى اتِّبَاعِ تَعَالِيمِ الإِسْلَامِ في كُلِّ شَيْءٍ تَسْعَدِي؛ فَالرَّجُلُ ـ كُلُّ رَجُلٍ ـ يُعْجِبُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ ذَلِك، وَيَتَعَلَّقُ بِهَا قَلْبُهُ أَكْثَرَ كُلَّمَا حَافَظَتْ عَلَى رَشَاقَتِهَا، وَلَا عَجَبَ في ذَلِك، إِنَّهَا فِطْرَةُ الإِنْسَانِ أَنْ يَهْوَى كُلَّ جَمِيل، وَأَنْ يُعْجَبَ بِكُلِّ؛ فَلِمَاذَا تُهْمِلِينَ نَفْسَكِ حَتىَّ يَتَغَيَّرَ جِسْمُكِ وَتُصْبِحِينَ كُتْلَةَ لَحْمٍ مُتَحَرِّك، ثُمَّ كَيْفَ تَلُومِينَ زَوْجَكِ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا انْصَرَفَ عَنْكِ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْكِ 00؟!

ص: 6693

أَنْتِ المَلُومَةُ إِذْ لَمْ تَعْرِفي كَيْفَ تحَافِظِينَ عَلَى زَوْجِك، فَلَا تَلُومِيهِ وَلُومِي نَفْسَكِ؛ فَقَدْ أَعْطَاكِ اللهُ عَقْلاً فَأَهْمَلْتِيه، وَمَنَحَكِ فَهْمَاً فَلَمْ تَسْتَعْمِلِيه، وَوَهَبَكِ قِوَامَاً جَمِيلاً وَجِسْمَاً رَشِيقَاً فَأَضَعْتِيه؛ فَمَنِ المَلُومُ إِذَن 00؟

[نَقْلاً عَنْ كِتَاب / سِرِّي جِدَّاً لِلنِّسَاءِ فَقَطْ 0 لِلشَّيخ أَحْمَدَ القَطَّان]

الحُقُوقُ الزَّوْجِيَّة:

تَزَوَّجَ أَحَدُ الصَّالحِينَ امْرَأَةً سَيِّئَةَ الخُلُقِ فَقِيلَ لَهُ لِمَ لَا تُطَلِّقهَا 00؟!

فَقَالَ أَخْشَى أَنْ يُبْتَلَى بِهَا غَيرِي 00!!

وَمِن أَجْمَلِ وَأَرَقَّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ إِذَا مَا أَرَادَ بَعْدَ الهَجْرِ مُصَافَاتَهَا:

الصَّبْرُ يحْمَدُ في المَوَاطِنِ كُلِّهَا إِلَاّ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ لَا يحْمَدُ

ص: 6694

حُبُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَة

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ البَقِيع، فَوَجَدَني وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعَاً في رَأْسِي، وَأَنَا أَقُولُ وَارَأْسَاه، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ وَارَأْسَاهُ "

ثُمَّ قَال صلى الله عليه وسلم:

" مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَقُمْتُ عَلَيْكِ فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُك " 0

[حَسَّنَهُ شَيْخُنَا الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1465]

أَدَبُ التَّهَاني

أَجْمَلُ مَا قِيلَ مِن عِبَارَاتِ التَّهَاني

ص: 6695

أَبْدَأُهُ بِزَجَلٍ جَمِيلٍ كَتَبَهُ الدَّاعِيَةُ المَوْهُوب / عَمْرو خَالِد حَوْلَ كَتْبِ الكِتَابِ في المَسَاجِد:

" قَالُواْ اكْتِبْ قَصِيدَة لِكُلِّ الشَّبَابْ وَيِنْفَعْ نِقُولْهَا في كَتْبِ الكِتَابْ "

" نِشَارِكْ في غِيبْتَكْ عَرِيسْنَا في فَرْحُهْ وِنِسْمَعْ نَصِيحْتَكْ وِنَاخُذْ ثَوَابْ "

" وِلَا بُدَّ الَبي نِدَاءِ الحَبَايِبْ وَاشَارِكْ مَعَاهُمْ وَلَوْ كُنْتِ غَايِبْ "

" عَشَانْ يِبْقَى لِيَّا مِنَ الأَجْرِ نَايِبْ وِيمْكِنْ نِصَبَّرْ عَرِيسْنَا اللِّي دَايِبْ "

" دَا حُبِّ جَمَعْنَا وِرَبَّكْ يِدِيمُهْ لَا هُوَّ لِدُنيَا وَلَا احْنَا قَرَايِبْ "

وَهَذِهِ قَصِيدَةٌ قَالَهَا شَاعِرُنَا الجَمِيل / هَاشِمٌ الرِّفَاعِي؛ يُهَنِّئُ بِهَا صَاحِبَهُ عَلَى عُرْسِه:

نَفْسِي فِدَاؤُكَ خِلاً قَرَّتْ بِكَ اليَوْمَ عَيْني

ص: 6696

وَلَيْسَ كُلُّ صَدِيقٍ في الوُدِّ يَصْدُقُ سَلْني

وَإِن أَكُنْ في ثَنَائِي عَلَيْكَ أَرْهَقْتُ ذِهْني

فَأَنْتَ فِينَا كَبِيرٌ وَفَوْقَ مَا أَنَا أُثْني

يَا آلَ عَوْفٍ عَهِدْنَا فِيكُمْ سَمَاحَةَ المُزْنِ

تُبْدُونَ لِلضَّيْفِ جُودَاً بِلَا ضَنٍّ وَلَا مَنِّ

فَأَيْنَ مَا قَدْ طَبَخْتُمْ تَاقَتْ إِلى الأَكْلِ بَطْني

أُرِيدُ أُرْزَاً وَخُبْزَاً عَلَيْهِ مِنْ لَحْمِ الضَّأْنِ

وَمَعْهُ زَوْجُ حَمَامٍ يَعُومُ في شِبرِ سَمْنِ

مَدَحْتُ فِيكُمْ وَإِنيِّ أَسْهَدْتُ في النَّظْمِ جَفْني

فَإِن أَرَ اليَوْمَ بخْلاً هَدَمْتُ مَا كُنْتُ أَبْني

فَاتَّقُواْ شَرِّي وَإِلَاّ قَلَبْتُ ظَهْرَ المجَنِّ

وَوَيْلَكُمْ مِنْ لِسَاني لَوْ خَابَ في الأَكْلِ ظَنيِّ

البَابُ الثَّاني

{غَلَاءُ المُهُور}

ص: 6697

إِنَّ غَلَاءَ المُهُورِ مِن أَهَمِّ الأَسْبَاب؛ الَّتي تُزَيِّنُ الزِّنَا في عُيُونِ الشَّبَاب، بِالإِضَافَةِ إِلى قِلَّةِ الحِجَاب، وَقِلَّةِ العِفَّةِ بَينَ الشَّبَاب 00

فَغَلَاءُ المُهُور، وَالتّبَرُّجُ وَالسُّفور، هُمَا أَهَمُّ أَسْبَابِ تَفَشِّي الزّنا والفُجُور، كَمَا تُوَضِّحُ ذَلِكَ الآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ سُورَةِ النُّور 0

تَعْلِيق: لأَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: {وأنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ والصَّالِحينَ من عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إنْ يكونواْ فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه، واللهُ وَاسِعٌ عَلِيمْ وَليَسْتَعْفِفِ الذينَ لَا يجِدُونَ نِكَاحَاً حَتىَّ يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه {النُّور: 33}

ص: 6698

تُلَاحِظ يا أخي الكريم: أنَّ الآية الأولى لمنْ سَيُزَوِّجُون، أَمَّا الآيةُ الثّانية فَلِمَنْ سيتزوَّجُون: الفتياتُ والشُّبَّان 0

ولأَبي بكرٍ الصِّديق: على هذه الآيةِ تعليق: يَقولُ رضي الله عنه: " واللهِ لو أَطَعْتُمُ اللهَ فيما أَمَرَكم بِهِ منَ النِّكاحِ لأَنْجَزَ لكم ما وَعَدَ منَ الغِني 00!! [تَفسِيرُ ابْنِ كَثِيرْ 0 النُّورْ: 33]

أَسُوقُ إِلَيْكُمْ هَذَا الكَلَامْ ـ يَا أَحِبَّتي الكِرَامْ ـ بِسَبَبِ البَذَخِ الَّذِي عَمَّ وَطمَّ فِي الأفرَاحِ هَذِهِ الأَيَّام، وَالمُغَالَاةِ في ضَخَامَتِهَا، وَالمُبَاهَاةِ بِفَخَامتِهَا، وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمْ، حَتىَّ أَصبَحَ غَلَاءُ المُهُورِقَاصِمَةَ الظهُورِ وَصِرْتَ كَثِيرَاً مَا تَسْمَعُ مَنْ يَقُولُ لَكَ:" إِني خَارِجٌ مِنْ زَوَاجٍ قَصَمَ ظَهْرِي " 00!!

ص: 6699

شَدَّدواْ فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِمْ حَتىَّ تَحَوَّلَ الزَّوَاجُ مِن عَمَارٍ للدِّيَار إِلى خَرَابٍ لَهَا 00!!

أَبُو الدَّرْدَاء يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ لأَعْرَابيٍّ مِنَ البَادِيَة

وَيَرْفُضُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَة

كَانَ لأَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه بِنْتٌ جَمِيلَة؛ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَة ـ وَكَانَ أَبُوهُ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةَ المُسْلِمِين ـ فَرَدَّهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَزَوَّجَهَا لأَعْرَابِيٍّ مِنَ البَادِيَةِ يَعْمَلُ نَجَّارَاً، انْظُرْ: زَوَّجَ ابْنَتَهُ لأَعْرَابيٍّ مِنَ البَادِيَة، وَرَفَضَ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَة " 0 [حَيَاةُ الصَّحَابَة ـ نِكَاحُهُمْ: 495/ 2]

ص: 6700

وَطَبْعَاً لَا يَفْرَحُ النَّجَّارُونَ بِهَذِهِ الْقِصَّة؛ فَالقضيّة لَيْسَتْ قضيّةَ نجّار ولَا حَدَّادْ، إِنَّمَا قَضِيَّةُ رَجُلٍ صَاحِبِ دِينْ 00!!

وَلَيْسَ بمُجَرَّدِ أَنْ رَأَيْتَ رَجُلاً يُصَلِّي في المَسْجِدِ تَقُولُ قَدْ وَجَدْتُّ ضَالَّتي؛ فَسَيِّدُنَا عُمَرُ رضي الله عنه جَاءهُ رَجُلٌ لِيَشْهَدَ لِرَجُلٍ في قَضِيَّةٍ مَا فَقَالَ لَهُ هَلْ عَاشَرْتَهُ 00؟

قَالَ لَا، قَالَ هَلْ سَافَرْتَ مَعَهُ00؟

قَالَ لَا، قَالَ هَلْ عَامَلته بالدّينَار وَالدّرهَم ـ وَبالمال: تَتَضَعْضَعُ مَعَادِن الرجَال ـ قَال لَا، فَقَالَ اذهَب يَا رَجل فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُه00!!

ذَلِكَ لأَنَّ الدِّينَ المُعَامَلَة 00!!

لَمْ يَقُلْ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَتُسْكِنُهَا مَعَ أُمِّكَ أَمْ لَا 00؟!

ص: 6701

لأَنَّ المُتَدَيِّنَ لَوْ عَاشَتْ مَعَ أُمِّهِ فَلَنْ يَظْلِمَهَا ـ حَتىَّ لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ ظالمَةً ـ أَمَّا غَيْرُ المُتَدَيِّن: فَحَتىَّ لَوْ بَني لَهَا قَصْرَاً وَأَسْكَنَهَا فِيهِ فَسَيَظْلِمُهَا 00!!

سَيِّدُنَا عُمَرُ يخْتَارُ لَابْنَتِه

وَاسْتَمِعْ مَعِي إِلى إِمَامِ الخَطَابَة، وَصَاحِبِ النَّبرَةِ الجَذَّابَة / فَضِيلَةِ الشَّيْخ عَبْد الحَمِيد كِشْك؛ اسْتَمِعْ إِلَيْهِ وَهُوَ يحْكِي هَذِهِ الْقِصَّةَ بِأُسْلُوبِهِ فَيَقُول:

ص: 6702

" عِنْدَمَا اسْتُشْهِدَ زَوْجُ حَفصَةَ ابْنَةِ الْفَارُوقِ عُمَر رضي الله عنهم، وَأَصْبَحَتْ حَفصَةُ أَرْمَلَةً ـ وَالأَرْمَلَةُ هِيَ الأَرْمَلَةُ في كُلِّ زَمَان: لَا تَسْلَمُ مِن أَلسِنَةِ النَّاسِ وَرَمْيِهِمْ إِيَّاهَا بِالزُّورِ وَالبُهْتَان ـ ذَهَبَ أَبُوهَا الَّذِي كَانَ يَفِرُّ مِن أَمَامِهِ الشَّيْطَان: إِلى سَيِّدِنَا عُثمَان؛ لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ ابْنَتَهُ، فَقَال: إِنَّ حَفصَةَ مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ حَافِظَةٌ لِكِتَابِ الله، وَاقِفَةٌ عِنْدَ حُدُودِ الله، فَقَالَ لَهُ عُثمَان ـ وَقَدْ أَدْرَكَ مَا يُرِيد ـ لَا حَاجَةَ لي في الزَّوَاجِ يَا عُمَر، وَجَزَاكَ اللهُ خَيرَا ـ وَمَا أَثقَلَهَا مِنْ كَلِمَةٍ عَلَى عُمَر؛ فَذَهَبَ رضي الله عنه إِلى سَيِّدِنَا أَبي بَكْرٍ، وَقَالَ لَهُ نَفْسَ مَا قَالَهُ لِعُثْمَان، لَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ

ص: 6703

سَكَت ـ وَلَرُبَّمَا كَانَ السُّكُوتُ جَوَابَا ـ فَمَرَّتِ اللَّحَظَاتُ ثَقِيلَةً عَلَى عُمَرَ وَكَأَنَّهَا سَنَوَات؛ فَبرَغْمِ خِذْلَانِهِ مِن عُثْمَان؛ إِلَاّ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ رَدَّ عَلَيْه ـ حَتىَّ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ رَفْضَاً ـ أَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يحِرْ جَوَابَاً؛ فَكَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ عَلَى نَفْسِ عُمَر، فَذَهَبَ شَاكِيَاً مِنهُمَا إِلى رَسُولِ الله: فَقَالَ لَهُ جَابرُ الخَوَاطِرِ وَضِيَاءُ النَّوَاظِرِ صلى الله عليه وسلم: مَا ضَرَّكَ أَنْ يَرْفُضَهَا عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرٍ وَيَتَزَوَّجُهَا رَسُولُ الله 00؟!!

صَدَقَ مَنْ وَصَفَكَ بِأَنَّكَ عَلَى خُلُقٍ عَظِيم، وَأَنَّكَ بِالمُؤمِنِينَ رَءوفٌ رَحِيم 00!!

ص: 6704

لَمْ يَتَمَالَكْ عُمَرُ نَفْسَهُ مِنَ الفَرْحَةِ وَهَامَ بِالبُشْرَى لِيَزُفَّهَا إِلى مَكَّةَ كُلِّهَا، فَلَقِيَ أَوَّلَ مَا لَقِيَ أَبَا بَكْرٍ، لَمْ يَتَعَالَ عَلَيْهِ أَوْ يُوَبخْهُ عَلَى سُكُوتِهِ وَعَدَمِ الجَوَاب، وَإِنَّمَا سَاقَ إِلَيْهِ البُشْرَى صَافِيَةً خَالِيَةً مِن أَيِّ تَثرِيبٍ أَوْ أَدْنَى عِتَاب، هُنَا تجَلَّتْ عَظَمَةُ أَبي بَكْرٍ حَيثُ قَال: أَمَا وَاللهِ يَا عُمَر؛ مَا هُوَ بِاليَسِيرِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُجِيبَكَ إِلى مَا طَلَبْتَ ـ حَتىَّ لَوْ لَمْ تَكُ ليَ حَاجَةٌ فِيه ـ وَلَكِنيِّ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يَذكُرُهَا لِنَفْسِه؛ فَأَرَدْتُ أَنْ يُكْرِمَكَ بزَوَاجِ حَفْصَةَ كَمَا أَكْرَمَني بِزَوَاجِ عَائِشَة، وَمَا كُنْتُ لأَقْبَلَهَا وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

ص: 6705

وَسَلَّمَ يُرِيدُهَا، وَمَا كُنْتُ لأُخْبِرَكَ بِذَلِكَ حَتىَّ لَا أُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00!!

[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " بِتَصَرُّف]

1111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111

كذَاكَ أَخلَاقهُمْ كانَتْ وَما عُهِدَتْ بَعدَ النُّبُوَّةِ أَخْلَاقٌ تحاكِيهَا

فمنْ يُبَارى أبا حفصٍ وَسِيرتَه أَمْ مَنْ يحَاوِلُ لِلفَارُوقِ تَشْبِيهَا

رَباهُمُ المصْطفَى وَاللهُ أَدَّبهُمْ مَا أَقبحَ النفسَ إِنْ فقدَتْ مُرَبِّيها

[وَالقِصَّةُ أَخْرَجَهَا البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيّ 0 حَيَاةُ الصَّحَابَة: 481/ 2]

نَبيٌّ يُزَوِّجُ نَبِيَّاً

ص: 6706

وَلَيْسَ الفَارُوقُ هُوَ أَوَّلُ مَنْ رَشَّحَ لَابْنَتِه؛ فَقَبْلَهُ نَبيُّ اللهِ شُعَيْبٍ عليه السلام عِنْدَمَا اخْتَارَ لَابْنَتِهِ كَلِيمَ اللهِ مُوسَى عليه السلام فَقَالَ لَه:

إنِّي أُريدُ أن أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتيَّ هاتَيْنِ على أَنْ تَأجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فإِن أَتْمَمْتَ عَشرَاً فَمِن عِنْدِك، وَمَا أُريدُ أَن أَشُقَّ عَلَيْك، سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللهُ منَ الصَّالحين [القَصَصْ: 27]

لم يَطلُبْ مِنهُ آلَافَ الدَّنَانير، وَلَا النُّوقَ العَصَافير، وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ يَسِير 00!!

غَلَاءُ المُهُورِ هُوَ السَّبَبُ في الزَّوَاجِ العُرْفِيّ

فَلَا تَنْظُرْ يَا أَخِي إِلى دُنيَا الرَّجُلْ؛ فَمَنْ كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ: جَعَلَ اللهُ فَقرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْه، ولَكِن انظر إِلى دِين الرّجل، وَاعمل بقول الرّسول

ص: 6707

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ التّرمذيّ في سُنَنِه:

" إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَه فَأَنْكِحُوه؛ إِلَاّ تَفعَلُواْ تَكُنْ فِتنَةٌ في الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرْ " 00!! [حَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ في سُنَنِ التِّرْمِذِيّ: 1084، 1085]

وَلِذا ظَهَرَ الفَسَادُ في البَرِّ وَالبَحْر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس، حَتىَّ تحَوَّلَتِ السَّيَّارَة: لَدَى بَعْضِ المُنحَرِفِينَ إِلى شَقَّة دِعَارَة، وَبَعْدَمَا كُنَّا نَسْمَعُ مجَرَّدَ سَمَاعٍ عَنْ شَارِعِ الهَرَم: أَصْبَحَ اليَوْمَ في كُلِّ مَكَانٍ شَارِعُ هَرَم؛ لأَنَّا سَدَدْنَا في وَجْهِ الشَّبَابَ طَرِيقَ الحَلَالِ فَلَجَئُواْ إِلى الحَرَام، وَمَنْ لَمْ يَلجَأ مِنهُمْ إِلى الحَرَامِ لجَأَ إِلى الزَّوَاجِ العُرْفيّ 00!!!

ص: 6708

وَعن أبى هريرةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَا تُزوِّجُ المرأةُ المرأة، وَلَا تُزَوِّجُ المرأةُ نَفسَهَا، فَإِنَّ الزانِيَةَ الَّتي تُزَوِّجُ نَفسَهَا " 00!!

[صَحَّحَهُ شَيْخُنَا الأَلبَانيُّ في تحْقِيقِهِ لسُنَنِ ابْنِ مَاجَة: 1909/الكَنْز: 13015]

رَبَّنَا إنَّ الحِرمَانَ يَدفَعُ للحَرَام؛ فاغْنِنَا بِالحَلَالِ عنِ الحَرامِ يَا ذا الجَلَالِ والإِكْرَامْ 00!!

وَلَقَدْ رَغَّبَ الإِسْلَامُ حَتىَّ في السَّعْيِ لِلتَّزْوِيجِ بَينَ المُسْلِمِينَ فَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ مَشَى في تَزْوِيجِ رَجُلٍ مِنَ امْرَأَةٍ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطوَةٍ خَطَاهَا، وَبِكُلِّ كَلِمَةٍ قَالهَا عِبَادَةُ سَنَةٍ قَامَ لَيْلَهَا وَصَامَ نهَارَهَا " 00!!

ص: 6709

يَسَّرَ اللهُ عَلَى مَنْ يَسَّرَ عَلَيْنَا؛ فَإِنَّ الشَّابَّ اليَوْمَ إِذَا فَكَّرَ في الزَّوَاجِ اضْطُرَّ أَنْ يَسْتَدِين، وَلَا أَحَدَ يُقْرِضُ هَذِهِ الأيَّام، يَا أَحِبَّتي الكِرَام 00

وَحَتىَّ لَوْ وَجَدَ الشَّابُّ مَنْ يُقرضُهُ فَيَظَلُّ الدَّيْنُ حِمْلاً ثَقِيلاً يُطَارِدُهُ مَدَى الحَيَاة؛ ممَّا يُؤَدِّي بِهِ الأَمْرُ فِي النِّهَايَةِ إِلى فَشَلِ حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ؛ لِعَجْزِهِ عَنِ القِيَامِ بِمَسْئُولِيَّاتِه 00!!

هَذَا 00 بِالإِضَافَةِ إِلى أَرْبَعَةِ عَرَاقِيلَ أخرَى يَضَعُونَهَا فِي طَرِيقِ الشَّبَابِ

أَوَّلاً: " إِطَالَةِ سِنِّ الدِّرَاسَة، وَالشَّابُّ وَالفَتَاةُ يَشعُرُ كِلَاهُمَا بِالمَيْلِ نحْوَ الآخَر؛ بِفِعْلِ غَرَائِزِهِمُ الفِطْرِيَّة " 00!!

ص: 6710

وَأَحْيَانَاً الأَهْلُ هُمُ الذِينَ يَضَعُونَ هَذهِ العَقَبَةَ بِأَيْدِيهِمْ: كَأَنْ يَقُولُواْ مَثَلاً: البِنتُ لَا زَالَتْ صَغِيرَة 00!!

وَيَنْسَوْنَ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ عَائِشَةَ رضي الله عنه وَعُمْرُهَا سِتُّ سِنِين، وَدَخَلَ بِهَا وَهِيَ بِنتُ تِسْعِ سِنِين؛ فَلِمَ لَمْ يَحْدُثْ لهَا شَيْءٌ مِمَّا يَقُولُونَهُ 00؟!

الزَّوَاجُ المُبَكِّرُ يحْمِي مِنَ سَرَطَانِ الثَّدْي

فَيَا إِخْوَاني (رَحِمَكُمُ اللهُ) هَذِهِ مخَطَّطَاتٌ يَهُودِيَّة لِيَتَأَخَّرَ بِهَا سِنُّ الزَّوَاجِ في المُجْتَمَعَاتِ الإِسْلَامِيَّةِ وَبِالتَّالي تَتَفَشَّى فِينَا الفَوَاحِشُ وَالمُنْكَرَاتُ فَنُصَابَ مِثلَهُمْ بِالإِيدْز 00!!

وَمِنَ المُفَارَقَةِ العَجِيبَةِ أَنْ يُثبِتَ الطِّبُّ عَكسَ هَذَا تمَامَاً 00!!

ص: 6711

تَعَالَتْ صَيْحَةُ الكَثِيرِ مِنَ مَشَاهِيرِ الأَطِبَّاءِ في الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ أَنَّ تَأَخُّرَ سِنِّ الزَّوَاجِ وَالإِنجَابِ مِنَ الأَسْبَابِ الرَّئِيسِيَّةِ لِلإِصَابَةِ بِسّرَطَانِ الثَّدْيِ 00!!

وَهَكَذَا وَلَيْسَ لِلمَرَّةِ الآُولَى يُؤَيِّدُ الطِّبُّ كَلَامَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم 00!!

وَقَالَ الأَطِبَّاءُ أَيْضَاً: إِنَّ الحَمْلَ المُبَكِّرَ وَالرَّضَاعَةَ يحْمِيَانِ المَرْأَةَ مِنَ السَّرَطَان نحْنُ لَا نَقُولُ طَبْعَاً بِالتَّزْوِيجِ عَلَى تَسْعِ سِنِين وَلَا حَتىَّ عَلَى عَشْرِ؛ لأَنَّ جِيلَ الأَمْسِ لَيْسَ هُوَ جِيلَ اليَوْم، وَالأَعْرَافُ وَالقَوَانِينُ الحَاليَةُ لَا تَسْمَحُ

ص: 6712

بِذَلِكَ، لَكِنْ يمْكِنُ أَنْ نُزَوِّجَ عَلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَأَكْبَر، إِنْ سمَحَتْ بِذَلِكَ صِحَّةُ الفَتَاة، أَمَّا أَنْ نَرْفَعَ هَذَا السِّنَّ عَن هَذَا القَدْرِ فَهَذَا مَا لَا يحْتَمِلُهُ الشَّبَاب، وَنَرْجُواْ مِن حُكُومَتِنَا أَنْ لَا تَسْتجِيبَ لهَذِهِ الدَّعَوَاتِ المُغْرِضَةِ الَّتي لَا تَهْدِفُ إِلَاّ إِلى تَدْمِيرَ مجْتَمَعَاتِنَا الإِسْلَامِيَّةِ 0 [أَ 0 هـ]

المُرَاهِقَات وَتَأخِير سِنِّ الزَّوَاج

أَيْنَ نحْنُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ بَلَغَتْ لَهُ ابْنَةٌ اثنَتيْ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُزَوِّجْهَا فَأَصَابَتْ إِثمَاً فَإِثمُ ذَلِكَ عَلَيْه " 00!!

... [رَوَاهُ البَيْهَقِيّ]

ص: 6713

وَعَن عَليٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " ثَلَاثَةٌ لَا تُؤَخِّرُوهُنَّ: الصَّلَاةُ إِذَا أَتَتْ، وَالجَنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ، وَالأَيِّمُ إِذَا وَجَدَتْ كُفئَاً " 00!!

[صَحَّحَهُ العَلَامَةُ أَحْمَدْ شَاكِرْ بِالمُسْنَد: 828 / كَمَا في الكَنْزِ بِرَقمْ: 7668]

وَاسْتَمِعْ مَعِي لِتِلكَ الفَتَاةِ مَاذَا تَقُولْ؛ لِتَرَى صِدْقَ الرَّسُول:

أَبي رَجُلٌ أَنَانيٌّ بَرِمْنا منْ تَعَنُّتِهِ

يَثُورُ إِذَا رَأَى صَدْري تمَادَى في اسْتِدَارَتِهِ

يَثُورُ إِذَا رَأَى رَجُلاً تجَوَّلَ مِن إِمَارَتِهِ

أَبي لَنْ يَمْنَعَ التُّفَّا حَ مِن إِكْمَالِ دَوْرَتِهِ

سَيَأْتي أَلْفُ عُصْفُورٍ لِيسرِقَ مِن حَدِيقَتهِ

**********

وَهَا أُختي تُعَاني مَا أُعَانِيهِ هِيَ الأُخرَى

تجُولُ حَزينَةً دَوْماً كَنهْرٍ لَمْ يجِدْ مجْرَى

**********

ص: 6714

الصِّدِّيقُ وَوَأدُهُ لِلفِتَنِ في مَهْدِهَا

وَعَن أَبي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ قَالْ: " مَرَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه في خِلَافَتِهِ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ المَدِينَةِ فَإِذَا جَارِيَةٌ تَطحَنُ وَهْيَ تَقُولْ:

وَهَوِيْتُهُ مِنْ قَبْلِ قَطْعِ تمَائِمِي مُتَمَايِسَاً مِثْلَ القَضِيبِ النَّاعِمِ

وَكَأَنَّ نُورَ البَدْرِ غُرَّةُ وَجْهِهِ يُومِي وَيُصْعِدُ في ذُؤَابَةِ هَاشِمِ

فَدَقَّ عَلَيْهَا البَابَ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ لهَا وَيْلَكِ حُرَّةٌ أَوْ ممْلوكَة 00؟!

قَالَتْ ممْلُوكَةٌ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فَمَنْ تَهْوَيْنَ 00؟!

ص: 6715

فَبَكَتْ وَقَالَتْ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ انْصَرَفتَ عَنيِّ بحَقِّ القَبْر؛ قَالَ لَا وَحَقِّهِ لَا أَرِيم ـ أَيْ لَا أَبْرَح ـ أَوْ تُعْلِمِيني 00؟

فَقَالَتْ عَلَى نَفسِ البَحْرِ وَالقَافِيَة:

وَأَنَا الَّتي لَعِبَ الغَرَامُ بِقَلْبِهَا فَبَكَتْ لحُبِّ محَمَّدِ بْنِ القَاسِمِ

فَاشْتَرَاهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلى محَمَّدِ بْنِ القَاسِمِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ أَبي طَالِبْ " 00!!!

[أَخْرَجَهُ الخَرَائِطِيُّ فِي اعْتِلَالِ القُلوبْ 0 وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيب: وَأَبُو غَسَّانٍ هَذَا ثَبْتٌ صَدُوقٌ وَإِمَامٌ مِنَ الأَئِمَّة 0 الكَنْز: 8731]

الفَارُوقُ وَوَأدُهُ لِلفِتَنِ في مَهْدِهَا

وَلِذَا عِنْدَمَا سمِعَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ يَتَعَسَّسُ لَيْلاً امْرَأَةً تَقُول:

ص: 6716

هلْ مِنْ سبِيلٍ إِلى خَمرٍ فَأَشرَبَهَا أَمْ هلْ سَبِيلٌ إِلى نَصرِ بْنِ حَجَّاجِ

اسْتَدْعَى نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ هَذَا حِينَ أَصْبَحَ، فَلَمَّا أَنْ مَثُلَ بَينَ يَدَيْهِ حَارَ في حُسْنِ مَنْظَرِه، وَكَانَ أَحْسَنَ مَا فِيهِ ذُؤَابَتَانِ مِنَ الشَّعْرِخَلفَ أُذُنَيْهِ، فَأَمَرَ بحَلقِهِمَا؛ فَازْدَادَ حُسْنَاً وَجَمَالاً فَقَالَ عُمَرْ: وَاللهِ لَا تجَاوِرُني فِيهَا أَبَدَا، وَنَفَاهُ إِلى الشَّامْ00!!

فَعَلَّقَ عَلَى هَذَا المَوْقِفِ الجَلِيلِ شَاعِرُ النِّيلِ فِي مُعَلَّقَتِهِ العُمَرِيَّةِ فَقَال:

جني الجمَالُ عَلَى نَصْرٍ فَغَرَّبَهُ عَنِ المدِينَةِ تَبْكِيهِ وَيَبكِيهَا

وَكمْ رَمَتْ قَسَمَاتُ الحسْنِ صَاحِبَهَا وَأَتْعَبتْ قَصَبَاتُ السَّبْقِ حَاوِيهَا

وَزَهرَةُ الرَّوْضِ لَوْلَا حُسْنُ مَنْظَرِهَا لَمَا اسْتَطَالَتْ عَلَيْهَا كفُّ جَانِيهَا

ص: 6717

كانَتْ ذُؤَابَتُهُ فَيْنَانَةً عَجَبَاً زِينَتْ بِنَاصيَةٍ كَانتْ تحَلِّيهَا

فَزِلْتَهَا عَنهُ لَمَّا أَن أُتِيتَ بِهِ فقامَتِ الجبْهَةُ الغَرَّاءُ ترْثِيهَا

وَكَانَ أَنىَّ مَشَى شُغِفَتْ بِهِ امْرَأَةٌ شوْقاً إِلَيهِ وَكادَ الحُسْنُ يُسْبِيهَا

وَنِسْوَةٌ قلْنَ لَمَّا قَدْ شُغِفْنَ بِهِ طِيبا بِنَصْرٍ هُنَا طَابَتْ لَيَالِيهَا

فصِحْتَ فِيهِ تَحَوَّلْ عَنْ مَدِينَتِنَا أَخْشى الزِّنَا يَتَفَشى في نوَاحِيهَا

وَفِتْنَةُ الحُسْنِ إِن هَبَّتْ نَسَائِمُها كَفِتْنَةِ الحرْبِ إِنْ لَاحَتْ بَوَادِيهَا

فَاتقُواْ اللهَ وَلَا تكرِهُواْ فتيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ لِتبْتغواْ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنيَا، وَزَوِّجُوهُنَّ مِمَّنْ ترْضَوْنَ دِينَهُ وَأَمَانَته 0

يحْمِلُ أَعْلَى الشَّهَادَاتِ وَهُوَ أَجْهَلُ مِن أَبي جَهْل

ص: 6718

ثَانِيَاً: " اشْتِرَاطُ المُؤَهِّلِ العَالِي " 00 ظَنَّاً مِنهُمْ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الثَّقَافَة، فِي حِينِ أَنَّهُ يُوجَدُ فَارِقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ إِنْسَانٍ مُثَقَّفٍ وَإِنْسَانٍ مُتَعَلِّمٍ أَوْ بمَعْنيً أَدَقّ: هُنَاكَ فَارِقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ مَن عِنْدَهُ العِلمُ وَمَن عِنْدَهُ الشَّهَادَة: فَقَدْ يَكُونُ حَامِلاً لأَعْلَى الشَّهَادَاتِ وَهُوَ أَجْهَلُ مِن أَبي جَهْل، لَا تَدْرِي حَصَلَ عَلَيْهَا بِالنُّفُودِ أَمْ بِالنُّقُوذِ أَمْ بِالغِشِّ أَمْ بمَاذَا 00!!

ثَالِثَاً: " اشْتِرَاطُ المُسْتَوَى الَاجْتِمَاعِيّ " 00 شَاعَتْ فِي الأَوْسَاطِ المِصْرِيَّةِ عِبَارَة: " هَذَا لَيْسَ مِن مُسْتَوَايَ " بحُجَّةِ الكَفَاءةِ الَاجْتِمَاعِيَّة وَتَعْقِيدَاتٍ أُخْرَى مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلطَان، لم تَرِدْ في السُّنَّةِ وَلَا في القُرْآن 00!!

ص: 6719

وَبِرَغْمِ عَدَمِ اعْتِبَارِكَثِيرٍ مِن أَئِمَّةِ الفِقهِ الكَفَاءةَ شَرْطَاً في الزَّوَاجِ فَإِنَّ الذِينَ جَعَلُوهَا شَرْطَاً الكَفَاءةُ عِنْدَهُمْ كَفَاءةٌ فِي الدِّينِ لَا في المَال 00!!

وَمِنَ الأَدِلَّةِ الكَثِيرَةِ الَّتي اسْتَدَلَّ بِهَا مُنْكِرُواْ الكَفَاءةِ زَوَاجُ زَيْدٍ رضي الله عنه

مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشْ ـ وَهْيَ امْرَأَةٌ كَانَتْ مِن أَرْفَعِ قُرَيْشٍ نَسَبَاً ـ وَقَدْ كَانَ هُوَ عَبْدَاً ممْلُوكَاً أَعْتَقَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00!!

ص: 6720

كَمَا اسْتَدَلُّواْ بحَادِثَةٍ حَدَثَتْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه حَيْثُ تَقَدَّمَ شَابٌّ قُرَشِيٌّ غَنيٌّ لخِطبَةِ فَتَاةٍ مِن أَرْفَعِ البُيُوتِ نَسَبَاً فَرَدُّوه، فَشَكَى ذَلِكَ إِلى أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عُمَرْ؛ فَذَهَبَ إِلى وَليِّ العَرُوسِ وَكَانَ أَخَاهَا، فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ دُونَهَا في الحَسَبِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين، فَقَالَ لَهُ قَدْ أَتَاكَ بحَسَبِ الدُّنيَا وَالآخِرَة: أَمَّا حَسَبُ الدُّنيَا فَالمَال، وَأَمَّا حَسَبُ الآخِرَةِ فَالدِّين؛ فَزَوِّجْهُ إِنْ كَانَتْ أُخْتُكَ مُوَافِقَةً عَلَيْه، فَزَوَّجَهُ بِهَا 00!!

رَابِعَاً: " اشْتِرَاطُ بَعْضِ العَائِلَاتِ تَزْوِيجَ البِنْتِ الكُبْرَى قَبْلَ الصُّغْرَى " مِمَّا يجْعَلُ مِنَ الأُولى حَجَرَ عَثرَةٍ في طَرِيقِ الأُخْرَى " 00!!

إِلَاّ أَنَّ غَلَاءَ المُهُور [وَالَّذِي كَلَامُنَا حَوْلَهُ يَدُور]: هُوَ السَّبَبُ الرَّئِيسِيُّ في تَفَشِّي الزِّنَا وَالفُجُور 00

ص: 6721

عَن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَنيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: " خَيرُ الصَّدَاقِ أَيْسَرُه " 0 [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 انْظُرِ " المُسْتَدْرَك " بِرَقْم: (2742)، صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: 5590]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ مِنْ يُمْنُ المَرْأَة [أَيْ مِنْ بَرَكَتِهَا]: تَيْسِيرُ خِطبَتِهَا، وَتَيْسِيرُ صَدَاقِهَا " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 3998، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ وَفي صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]

ص: 6722

وَفي حَدِيثٍ آخَر: " وَشُؤمُ المَرْأَةِ في غَلَاءِ مَهْرِهَا، وَعُسْرِ نِكَاحِهَا "00!!

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَيْضَاً:

" أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَقَلُّهُنَّ مُؤنَةً " 00!!

[أَيْ أَيْسَرُهُنَّ تَكلِفَةً]

وَسُبْحانَ اللهِ في طِبَاعِ القَوْم؛ يَقُولُ لهُمْ رَسُولُ اللهِ " أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَقَلُّهُنَّ مُؤنَةً " وَهُمْ يُصِرُّونَ عَلَى الغُلُوِّ في مَهْرِ بَنَاتِهِمْ 00؟!!

كَأنَّهُمْ يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا نُرِيدُ بَرَكَتَكَ يَا رَسُولَ الله 00!!

ص: 6723

إِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَهَا بِأَلسِنَتِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَهَا بِأَفعَالِهِمْ 00!!

فيا أخي الكريم: الرّاحَةُ النّفسيّة تُسْعِدُ ابْنَتَكَ من غَيرِ مَال، أَمَّا المالُ فَلَا يمْكِنُهُ إِسْعَادُهَا من غير راحة نفسيَّة، وإلَا فَمِن أَيْنَ أَتَتْنَا مَوْجَة النِّسَاءِ اللَاتِي يُقَطِّعْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَيَضَعْنَهُمْ في أكياس، حَتىَّ أَصْبَحْنَا نَسْمَعُ عَن أَشْيَاءَ لَوْ سمِعَ بِهَا الصَّحَابَةُ لَقَالُواْ أَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُون، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِليْهِ رَاجِعُون 00!!

ص: 6724

يَا إخوَاني حَفظَكم الله: لَو كَانَ المَالُ يَنفَع فِي كلِّ شَيْءٍ لَنَفَعَت قَارونَ أَمواله، وَلَوكَانَ المَالُ هُوَ كلُّ شَيءٍ لَقَبلنَا لبَنَاتِنَا فرعَونَ وَهَامَان، وَرَفَضنَا مُوسَى بنَ عِمْرَان 00!!

تَزَوَّجَ سَيِّدُنَا عَليٌّ (كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ) فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى دِرْعٍ لَمْ يُقَدِّمْ لهَا غَيْرَه 00!!

[حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الأُولَى: 488/ 2]

ص: 6725

قِصَّةُ زَوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن أُمِّ المُؤمِنِينَ

خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " كَانَ صلى الله عليه وسلم يَرْعَى الغَنَمَ فَاسْتَعْلَى ـ أَيْ فَارْتَقَى بِهِ الحَال ـ فَكَانَ يَرْعَى الإِبِلَ هُوَ وَشَرِيكٌ لَه، فَأَكْرَيَا أُخْتَ خَدِيجَةَ ـ أَيْ عَمِلَا في مَالهَا ـ فَلمَّا قَضَوُاْ السَّفَرَ بَقِيَ لهُمَا عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ المَال؛ فَجَعَلَ شَرِيكُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِيهَا فَيَتَقَاضَاهَا وَيَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْطَلِقْ ـ أَيِ انطَلِقْ فَحَاسِبْهَا وَخُذ حَقَّك ـ

ص: 6726

فَكَانَ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم إِنِّي أَسْتَحِي، فَسَأَلَتهُ أُخْتُ خَدِيجَةَ رضي الله عنه يَوْمَاً أَيْنَ محَمَّد 00؟!

فَقَالَ لهَا أَنَّهُ يَسْتَحِي، فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَشَدَّ حَيَاءً وَلَا أَعَفَّ وَلَا وَلَا مِنْ محَمَّد، فَوَقَعَ كَلَامُهَا في نَفسِ خَدِيجَةَ ـ وَكَانَتْ جَالِسَةً تَسْمَعُ الكَلَامَ ـ فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتِ ائتِ أَبي فَاخْطُبني، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَبُوكِ رَجُلٌ كَثِيرُ المَالِ وَهْوَ لَا يَفعَل 00؟!

قَالَتِ انْطَلِقْ فَكَلِّمْهُ فَأَنَا أَكفِيك، وَأتِ عِنْدَ سُكْرِهِ ـ وَكَانَ رَجُلاً سِكِّيرَاً كَسَائِرِ أَهْلِ الجَاهِلِيَّة ـ فَأَتَاهَ صلى الله عليه وسلم فَزَوَّجَهُ،

ص: 6727

فَلمَّا أَصْبَحَ وَجَلَسَ في قَوْمِهِ قِيلَ لَهُ لَقَدْ أَحْسَنتَ إِذ زَوَّجْتَ خَدِيجَةَ بمحَمَّد، فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلت 00؟!

قَالُواْ نَعَمْ، فَقَامَ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ لهَا: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ محَمَّدَاً 00؟!

قَالَتْ بَلَى؛ فَلَا تُسَفِّهَنَّ رَأيَكَ فَإِنَّ محَمَّدَاً كَذَا وَكَذَا ـ وَجَعَلَتْ تُعَدِّدُ محَاسِنَه ـ فَلَمْ تَزَلْ حَتىَّ رَضِيَ، ثُمَّ بَعَثَتْ إِلى محَمَّدٍ بِأُوقِيَتَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ فَقَالَتِ اشْتَرِ حُلَّةً وَأَهْدِهَا إِلَيَّ وَكَبْشَاً وَكَذَا وَكَذَا فَفَعَل " 00!!

[صَحَّحَهُ الهَيْثَمِيّ 0 حَيَاةُ الصَّحَابَةِ طَبْعَةُ 1 ـ دَارُ الحَدِيث: 478/ 2]

ص: 6728

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَخْرَجَهَا ابْنُ سَعْدٍ في الطَّبَقَاتِ عَنْ نَفِيسَةَ رضي الله عنه وَكَانَتْ صَدِيقَةً لخَدِيجَةَ رضي الله عنه أَنَّهَا قَالَت: " كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ امْرَأَةً حَازِمَةً جَلدَةً مَعَ مَا أَرَادَ اللهُ بِهَا مِنَ الكَرَامَةِ وَالخَيرِ وَهْيَ يَوْمَئِذٍ مِن أَوْسَطِ ـ أَيْ أَرْفَعِ ـ قُرَيْشٍ نَسَبَاً، وَأَعْظَمِهِمْ شَرَفَاً وَأَكثَرِهِمْ مَالاً، وَكُلُّ قَوْمِهَا

كَانَ حَرِيصَاً عَلَى الزَّوَاجِ مِنهَا لَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِك، قَدْ طَلَبُوهَا وَبَذَلُواْ لهَا الأَمْوَالَ في ذَلِك، فَأَرْسَلَتني دَسِيسَاً إِلى محَمَّدٍ بَعْدَ أَن رَجَعَ في عِيرٍ لهَا مِنَ الشَّام، فَقُلتُ يَا محَمَّد: مَا يمْنَعُكَ أَنْ تَتَزَوَّج 00؟

ص: 6729

قَالَ صلى الله عليه وسلم مَا بِيَدِي مَا أَتَزَوَّجُ بِه، قُلتُ فَإِن كُفِيتَ ذَلِكَ وَدُعِيتَ إِلى الجَمَالِ وَالمَالِ وَالشَّرَفِ أَلَا تجِيب 00؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم فَمَن هِيَ 00؟!

قُلتُ خَدِيجَة، قَالَ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ لِي بِذَلِك 00؟!!

قُلتُ عَلَيَّ فَقَالَ أَفعَل، فَذَهَبَتْ فَأَخْبَرَتهَا؛ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِ ائتِ السَّاعَةَ كَذَا وَكَذَا، وَأَرْسَلَتْ إِلى عَمِّهَا عَمْرو بْنِ أَسَدٍ لِيُزَوِّجَهَا فَحَضَر، وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمُومَتِهِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَسَدٍ هَذَا فَحْلٌ لَا تُقرَعُ أَنفُه [أَيْ هَذَا خَاطِبٌ لَا يُرَدّ] فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ الله " 00!!

[الطَّبَقَات: 131/ 1، حَيَاةُ الصَّحَابَةِ 0 دَارُ الحَدِيث: 479/ 2]

ص: 6730

قِصَّةُ زَوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن أُمِّ المُؤمِنِينَ

جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِث رضي الله عنها

حَدَّثَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ رحمه الله عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

" لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبَايَا بَني المُصْطَلِق: وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الحَارِثِ رضي الله عنها في السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاس، فَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَاحَةً، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَاّ أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَسْتَعِينُهُ في كِتَابَتِهَا، فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَاّ أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ حُجْرَتي فَكَرِهْتُهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنهَا مَا رَأَيْت، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله؛ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الحَارِثِ بْنِ أَبي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِه،

ص: 6731

وَقَدْ أَصَابَني مِنَ البَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْك، فَوَقَعْتُ في السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاس، فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسي، فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتي؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" فَهَلْ لَكِ في خَيْرٍ مِنْ ذَلِك " 00؟

قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ الله 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُك " 00؟

قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" قَدْ فَعَلْت " 0

ص: 6732

وَخَرَجَ الخَبَرُ إِلىَ النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الحَارِث؛ فَقَالَ النَّاس: أَصْهَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَأَرْسَلُواْ مَا بِأَيْدِيهِمْ، فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِاْئَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَني المُصْطَلِق؛ فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنهَا " 0

[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 26365، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 3931]

ص: 6733

المَرْأَةُ الَّتي وَهَبَتْ نَفسَهَا لِلنَّبيّ

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " أَتَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ الله: إِني وَهَبْتُ لَك نَفسِي، فَسَكَتَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، وَلَرُبمَا كَانَ سُكُوتُهُ خَيْرَاً كَثِيرَا، فَلَوْلَا سُكُوتُهُ لمَا عَرَفنَا حَدِيثَاً هُوَ مِن أَجمَلِ وَأَطْرَفِ أَحَادِيثِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوْلَا سُكُوتُهُ لمَا عَرَفنَا هَذَا الصَّحَابِيَّ

ص: 6734

المُسَمَّى جُلَيْبِيب، الَّذِي مَا ذَاعَ صِيتُهُ إِلَاّ بِهَذَا الحَدِيث: حَيْثُ قَامَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لمَّا رَأَى سُكُوتَهُ وَقَالَ لَهُ زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ حَاجَةٌ إِلَيْهَا، فَسَأَلَهُ صلى الله عليه وسلم هَلْ مَعَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاه 00؟

ص: 6735

فَقَالَ الرَّجُلُ ـ وَكَانَ صفر اليديْن، بخفّي حنيْن، لَا درهمَ لَهُ ولَا دينار ـ وَالذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَاّ إِزَارِي هَذَا يَا رَسُولَ الله، فَقَالَ لَهُ إِن أَعْطَيْتَهَا إِزَارَكَ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَك؛ اذْهَبْ فَالتَمِسْ شَيْئَاً تَسْتَحِلُّهَا بِه، فجَالَ الرَّجُلُ جَوْلته وَصَالَ صَوْلته ثمَّ عَادَ إِلى النَّبي صلى الله عليه وسلم يجُرُّ أَذيَالَ الخَيْبَةِ وَقالَ لهُ لَمْ أَجِدْ، فقالَ لهُ صلى الله عليه وسلم اذْهَبْ يَا رَجُل فَالتمِسْ وَلوْ خَاتماً مِن حَدِيد ـ لوْ أَرَدْنَا تَقيِيمَهُ فلنْ يَتعَدَّى خمْسَةً وَعِشرِينَ قِرْشاً ـ وَالعَجِيبُ فِي الأَمْرِ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَجِدْ 00!!

ص: 6736

لَمْ يُوَبِّخْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ قالَ لهُ الكَلَامَ الَّذِي يمْكِنُ أَنْ نقولهُ هَذهِ الأَيامَ وَإنمَا سَأَلهُ صلى الله عليه وسلم هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ من القرآن 00؟!

قَالَ نَعَمْ أَحْفَظُ سُورَةَ كَذَا وكَذَا، فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ زَوَّجْتُكُمَا بمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنَ، وَبَارَكَ الله لهمَا وَبَارَكَ عَلَيهمَا وَجَمَعَ بينَهمَا في خَيْر00!!

[وَالقِصَّةُ أَخْرَجَهَا الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَان 0 تَفسِيرُ ابْنِ كَثِير/ الأَحْزَاب: 50]

يَاسِر الحَمَدَاني

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 6737

الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (5127/مُقَدِّمَةٌ بِعُنوَانِ الزَّوَاجِ قَبْلَ الإِسْلَام، 5108، 5109، 5136/تُسْتَأْمَر، 5137/رِضَاهَا صَمْتُهَا، 5140/الصَّدَاقُ حَقُّ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا حَتىَّ وَلَوْ كَانَتْ يَتِيمَةً في حِجْرِه، 5142/لَا يخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيه، 5149/خَاتَمُ الحَدِيد)

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 6738

الإِمَامُ مُسْلِمٌ في " صَحِيحِهِ / عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: (1216/ 1217/زَوَاجُ المُتْعَة، 1249/زَوَاجُ المُتْعَة، 1403/خَوْفُهُ ص مِنَ الْفِتْنَة، 1403/خ، 1405/زَوَاجُ المُتْعَة، 1405/ق 0 خ/زَوَاجُ المُتْعَة، 1406/زَوَاجُ المُتْعَة، 1406/زَوَاجُ المُتْعَة، 1406/ 3/محَمَّد/حَدِيثٌ عُمْدَة في زَوَاجِ المُتْعَة، 1406/يحْيى، 1406/حَرْمَلَة، 1415/الشِّغَار ـ يُوضَعُ بَعْدَ 5127/خ، 1416/الشِّغَار أَيْضَاً، 1408/أَبُو بَكْر/لَا يخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيه، 1414/لَا يخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيه، 1419/تُسْتَأْمَر، 1421/ 2/ق 0 خ/تُسْتَأْمَر/إقرارُهَا، 1427/خ/1365/أَبُو بَكْر، 1428/ 6/1365/ 7/قُتَيْبَة/ق 0 خ/زَوَاجُهُ ص بِصَفِيَّة، 1428/خ/محَمَّدُ بْنُ رَافِع/التَّالي لِلسَّابِق، 1429/الدَّعْوَةُ لِوَلِيمَةِ الْعُرْس، 1429/ 3/ابْنُ نُمَيْر/الدَّعْوَةُ

ص: 6739

لِوَلِيمَةِ الْعُرْس، 1432/الوَلِيمَةُ يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءوَيُتْرَكُ الْفُقَرَاء، 1480/قخ/5/وُجُوبُ النُّصْحِ لِمَنِ اسْتَشَارَنَا في زَوَاجِه، 1514/ 1512/خ/لَا يخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيه إِلَاّ أَنْ يَأْذَنَ لَه)

الإِمَامُ ابْنُ مَاجَةَ في " سُنَنِهِ " بِرَقْم: (1962/د، 1963 /زَوَاجُ المُتْعَة ـ عُمْدَة 2) 0

الإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ في " سُنَنِهِ " بِرَقْم: (2075د/وَهُوَ في خ/الشِّغَار، 2076د/المحَلَّل، 2241د/مَن أَسْلَمَ وَلَدَيْهِ أَكْثَرُ مِن أَرْبَعِ زَوْجَات، 2243 /مَن أَسْلَمَ وَلَدَيْهِ أُخْتَان) 0

،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،

ص: 6740