الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلا حل به البلاء والمرض.
وتارة يقول لهم: لابد له من الليلة، فيجمعون طائفة العبيد ويرقصون له على طبولهم، ولا تسأل عما يقع في ذلك من المناكر التي لا يرضاها من له أدنى مسكة من عقل، فضلا عمن له غيرة على حريمه، فيعتقد ذلك المريض أن شفاءه في ذلك، فيفعل ذلك، رغما عما يلزمه من الخسائر الدينية والدنيوية. وصار شبه النساء من الرجال يعتقدون ذلك ويفعلونه، بل ربما فعل ذلك بعض من ينسب إلى العلم؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون. وهذا الاعتقاد الفاسد لم تعتقده اليهود ولا النصارى، ولا المجوس ولا ملة من الملل فيما علمنا وبلغنا. وهذا غاية الحمق والسفه فضلا عن الشرك بالله الفاعل بالاختيار الذي لا يعلم الغيب سواه، ولا يبري من الأمراض والأدواء إلا إياه:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)} (1).اهـ (2)
موقفه من الصوفية:
قال رحمه الله: فمن المناكر الشنيعة التي يندى لها وجه الدين ويتبرأ منها الإسلام وسائر المسلمين؛ اختلاط النساء بالرجال، والرقص على الشبابة والطار والغربال، من الشيوخ والكهول والنساء والأطفال، ويسمون ذلك التخبط وذلك الجنون بالحال. فترى منهم من يشدخ رأسه بالشواقر، ومنهم
(1) الأنعام الآية (17).
(2)
المسامرة (ص.37 - 39).
من يجعل النار في ثوبه أو فيه، ومنهم من يأكل الشوك أو الزجاج، ومنهم ومنهم إلى غير ذلك من أفعالهم الوحشية البهيمية.
وقد كنت يوما من أيام مواسمهم مارا إلى المدرسة بطالعة هذه الحضرة الفاسية، فرأيت جمعا منهم على هذا الحال الشنيعة، فخرج من بينهم وحش إلى وسطهم ورمى بكورة من حديد إلى أعلى ولقيها برأسه، فسقطت على أم رأسه فخرج دماغه من أنفه وسقط إلى الأرض، فغطوه وقالوا: إنه غلبه الحال!! والواقع أنه ليس هناك حال، وإنما ذهب التعس المجنون ضحية جهله، وفريسة فعله، فكان الأحمق قاتل نفسه. فأنشدكم الله معشر المسلمين؛ هل مثل هذه الهمجية الوحشية يكون من دين الإسلام؟! حتى صار من لا يعرف حقيقة الإسلام يسمي تلك المناكر بالعوائد الدينية، كلا ومعاذ الله أن يكون لدين الصلاة والصيام والذكر والقيام عوائد شيطانية، بل دين الإسلام برئ من هذه المناكر وأهلها، ومن هم منسوبون إليه بريء منهم ومن أفعالهم. (1)
السلطان عبد الحفيظ بن الحسن (2)(1356 هـ)
عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد الحسني العلوي، أبو المواهب: سلطان المغرب الأقصى، ولد بفاس، ونشأ في قبيلة بني عامر في الجنوب الغربي من مراكش، تولى السلطنة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وألف من الهجرة. وخلع نفسه سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف من الهجرة، وكان فقيها أديبا.
(1) المسامرة (ص.22 - 23).
(2)
الأعلام (3/ 277) ومعجم المؤلفين (5/ 89).