الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالح بن مهدي آل مهدي الدوسري (1)(1392 هـ)
الشيخ فالح بن مهدي بن سعد بن مبارك آل مهدي، من قبيلة الدواسر، جنوب المملكة العربية السعودية. ولد في مدينة "ليلى" عام اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف للهجرة، ونشأ فيها وفقد بصره وهو في سن العاشرة فأكمل حفظ القرآن، فسافر إلى الرياض، فقرأ على الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم والشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ سعود بن رشود والشيخ إبراهيم بن سلمان. عين للتدريس في المعهد العلمي بالرياض ثم في كلية الشريعة.
قال عنه عبد الله البسام: وما زال مجدا في العلم بحثا وتعلما وتعليما في كلية الشريعة وفي منزله وفي المسجد حتى عد من كبار العلماء.
توفي رحمه الله عام اثنين وتسعين وثلاثمائة وألف.
موقفه من المبتدعة:
له من الآثار السلفية:
1 -
'السلف بين القديم والجديد' وهو مطبوع.
2 -
'التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية' وهو مطبوع متداول.
وله فيها كلام جيد:
- قال: فإن البدعة لا تكون حقا محضا موافقا للسنة إذ لو كانت كذلك لم تكن باطلا، ولا تكون باطلا محضا لا حق فيه، إذ لو كانت كذلك لم تخف على الناس، ولكن تشتمل على حق وباطل، فيكون صاحبها قد لبس الحق بالباطل، إما مخطئا غالطا وإما
(1) الأعلام (5/ 133) وعلماء نجد خلال ثمانية قرون (5/ 370 - 372) والمستدرك على معجم المؤلفين (542).
متعمدا لنفاق فيه وإلحاد، كما قال تعالى:{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} (1) فأخبر أن المنافقين لو خرجوا في جيش المسلمين ما زادوهم إلا خبالا، ولكانوا يسعون بينهم مسرعين يطلبون لهم الفتنة. ومن المؤمنين من يقبل منهم ويستجيب لهم، إما لظن مخطئ أو لنوع من الهوى أو لمجموعهما، فإن المؤمن إنما يدخل عليه الشيطان بنوع من الظن واتباع هواه. (2)
- وقال: وعلى هذا النهج المستقيم درج الصحابة رضي الله عنهم أجمعين يستضيئون بمشكاة القرآن فيهديهم أقوم الطريق ويتحاكمون إليه وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد مدحهم سبحانه وأثنى عليهم حيث قبلوا عن رسوله ما بلغه إليهم وهم المهاجرون والأنصار الذين ضرب بهم المثل في التوراة والإنجيل والقرآن فقال:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (3) الآية، وقال:{* لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (4) الآية، فهم حجة الله على خلقه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤدون عن رسوله ما أدى إليهم لأنه بذلك أمرهم فقال:«ليبلغ الشاهد منكم الغائب» (5) ولقد مدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه مسلم
(1) التوبة الآية (47).
(2)
التحفة المهدية (165 - 166).
(3)
الفتح الآية (29).
(4)
الفتح الآية (18).
(5)
أحمد (5/ 37) والبخاري (1/ 265/105) ومسلم (3/ 1305 - 1306/ 1679) وابن ماجه (1/ 85/233) عن أبي بكرة.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» -قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا- «ثم إن بعدكم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن» (1) وروى مسلم أيضا بسنده عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته» (2)،
ومعنى الخيرية في الأحاديث راجعة لفضيلة أهل ذلك القرن في العلم والإيمان والأعمال الصالحة التي يتنافس فيها المتنافسون ويتفاضل فيها العاملون، فقد غلب الخير وكثر أهله واعتز فيها الإسلام والإيمان وكثر فيها العلم والعلماء ثم الذين يلونهم فضلوا على من بعدهم لظهور الإسلام فيهم وكثرة الداعي إليه والراغب فيه والقائم به، وما ظهر فيه من البدع أنكر واستعظم وأزيل كبدعة الخوارج والقدرية والرافضة، فهذه البدع وإن كانت قد ظهرت فأهلها في غاية الذل والمقت والهوان ويكثر القتل فيمن عاند منهم ولم يتب، والمشهور في الروايات أن القرون المفضلة ثلاثة الثالث دون الأولين في الفضل لكثرة البدع فيه، لكن العلماء متوافرون والإسلام فيه ظاهر والجهاد فيه قائم.
وإذا فالشاهد من آية براءة وحديث عمران بن حصين هو مدح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لله والثناء عليهم، لاستقامتهم على أمر الله وتمسكهم بهدي رسول الله. وقوله -أي: شيخ الإسلام ابن تيمية-: "فرضي عن السابقين
(1) تقدم تخريجه ضمن مواقف محمد السهسواني سنة (1326هـ).
(2)
تقدم تخريجه ضمن مواقف محب الدين الخطيب سنة (1389هـ) ..
رضا مطلقا ورضي عن التابعين لهم بإحسان" معناه أن الله أوجب لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والرضوان وشرط على التابعين شرطا لم يشرطه فيهم وهو اتباعهم إياهم بإحسان، فالصحابة حصل لهم بصحبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم إيمان ويقين لم يشركهم فيه من بعدهم، ومعنى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (1) الذين اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم المتأخرون عنهم من الصحابة فمن بعدهم إلى يوم القيامة وليس المراد بهم التابعين اصطلاحا، وهم كل من أدرك الصحابة ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، بل هم من جملة من يدخل تحت الآية فتكون "من" في قوله: "من المهاجرين" على هذا للتبعيض وقيل إنها للبيان فيتناول المدح جميع الصحابة ويكون المراد بالتابعين من بعدهم من الأمة.
والمهاجرون: جمع مهاجر وأصل المهاجرة عند العرب: أن ينتقل الإنسان من البادية إلى المدن والقرى، والمراد به في الشريعة: من فارق أهله ووطنه وجاء إلى بلد الإسلام وقصد النبي صلى الله عليه وسلم رغبة فيه وإيثارا، ثم هي عموما الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام.
وأثر ابن مسعود في وصف الصحابة رضي الله عنهم أجمعين- رواه رزين بن معاوية العبدري، ومثله ما جاء عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال: "عليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة فإن السنة إنما جعلت ليستن بها ويقتصر عليها، وإنما سنها من قد علم ما في خلافها من الزلل والخطأ والحمق والتعمق، فارض لنفسك بما رضوا به لأنفسهم فإنهم
(1) التوبة الآية (100).