الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمراد بالسنة عند هؤلاء الأئمة طريقة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات، وهي التي ورد أن للمتمسك بها والعامل أجر خمسين ممن قبلهم، والمتمسك بدينه كالقابض على الجمر (1).
ثم صارت السنة في عرف كثير من العلماء المتأخرين هي السالمة من الشبهات في الاعتقادات، خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكذلك في مسائل القدر وفضائل الصحابة.
وصنفوا في هذا الباب تصانيف سموها 'كتب السنة'. وإنما خصوا هذا العلم باسم السنة لأن خطره عظيم، والمخالف فيه على شفا جرف. (2)
التجاني وضلاله (1230 ه
ـ)
من قرأ هذه الطامات الكبرى العقدية يتعجب من حال القائل والمقول له، والكاتب والمكتوب له، والأمة التي تلقى فيها هذه العظائم والموبقات العقدية، فهل هي عاقلة ومستيقظة ومنتبهة، أم هي أمة حمقاء لا تميّز بين لون ولون، ولا بين ذات وذات، أو هي نائمة تعيش في أحلام لا حصر لها، أو هي مؤامرة كبرى على أهل الإسلام خطط لها اليهود والنصارى والمجوس وكلّ عدوّ لله ولرسوله ولكتابه ولسنته. ولله درّ الإمام البخاري رحمه الله إذ قال في كلام الجهمية: "نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت قوماً أضلّ في كفرهم من الجهمية، وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا
(1) انظر تخريجه في مواقف علي بن المديني سنة (234هـ).
(2)
تاريخ نجد (1/ 28 - 31).
يعرف كفرهم" (1). وقال رحمه الله في خلق أفعال العباد: "ما أبالي صلّيت خلف الجهمي أو الرافضي أو صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم" (2).
فكيف إذا رأى الإمام البخاري رحمه الله هذه الطامات؟ ماذا سيقول؟ وقد قيل: "شر البلايا ما يضحك! " فالسكوت على هذه العظائم يغني عن التعليق عليها، والله المستعان.
وإليك هذه المصائب والطامات، وارجع إلى مصادرها لتقف على صفحاتها وأجزائها ولعلك تكون ممن ابتلي بالاعتذار لهؤلاء المنافقين الزنادقة الذين ملؤوا الأمة كفراً وضلالاً لمصلحة مادية أو رئاسة منشودة أو تمرير باطل تقصده، أو غير ذلك مما ابتلي به أهل الزندقة والإلحاد الذين فتحوا باب التأويل حتى أنكروا الحساب والمعاد، وجعلوا ذلك رموز خير وشر لا أقلّ ولا أكثر، واستباحوا المحرمات القطعية، وجعلوها مجرد حجب وحرمان لعموم الأمة، وأما خواصها فألذ ما يتمتع به الواحد منهم قريبته التي هي من صلبه، وأخته التي شاركته في رحم أمه، وأما أمه وجدته فالرجوع إلى الأصل أصل. وما عبد الإنسان إلا نفسه، فهنيئاً لعبّاد الأصنام، وهنيئاً لفرعون وهامان وقارون الذين كانوا على أكمل الإيمان، إلى آخر ما سطره أهل الوحدة والاتحاد.
فرحم الله الإمام الذهبي إذ يقول في ترجمة ابن العربي الطائي: فوالله لأن
(1) خلق أفعال العباد (ص.13) وشرح السنة للبغوي (1/ 228) والفتاوى الكبرى (5/ 47).
(2)
خلق أفعال العباد (ص.16).
يعيش المسلم جاهلا خلف البقر لا يعرف من العلم شيئا سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات ويؤمن بالله واليوم الآخر خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق، ولو قرأ مائة كتاب أو عمل مائة خلوة. (1)
- ادعاؤه إذن النبي صلى الله عليه وسلم له في تلقين الخلق:
"قال في جواهر المعاني:
…
ثم رجع إلى قرية أبي سمغون وأقام بها واستوطن، وفيها وقع له الفتح، وأذن له صلى الله عليه وسلم في تلقين الخلق، وعين له الورد الذي يلقنه في سنة 1196هـ، وعين له صلى الله عليه وسلم الاستغفار والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الورد في تلك المدة إلى رأس المائة، كمل الورد صلى الله عليه وسلم بكلمة الإخلاص
…
". (2)
- زعمهم أن صلاة الفاتح وحي:
"يقول صاحب الجواهر: صلاة الفاتح لما أغلق، لم تكن من تأليف البكري، ولكنه توجه إلى الله مدة طويلة أن يمنحه صلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها ثواب جميع الصلوات وسر جميع الصلوات
…
فأتاه الملك بهذه الصلاة مكتوبة في صحيفة من النور". (3)
- فضل صلاة الفاتح:
"من ذلك قول التجاني: واعلم أن كل ما تذكره من الأذكار والصلوات على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأدعية، لو توجهت
(1) ميزان الاعتدال (3/ 660).
(2)
'التجانية' لعليّ بن محمد آل دخيل الله (ص.64).
(3)
'تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي' لمحمد أحمد لوح (1/ 291).
بجميعها مائة ألف عام كل يوم تذكرها مائة ألف مرة، وجميع ثواب ذلك كله ما بلغ مرة واحدة من 'صلاة الفاتح لما أغلق' فإن كنت تريد نفع نفسك للآخرة فاشتغل بها على قدر جهدك، فإنها كنز الله الأعظم.
وتحدث التجاني أيضاً عن فضل هذه الصلاة فقال: "كنت مشتغلاً بذكر صلاة الفاتح لما أغلق حين رجعت من الحج إلى تلمسان لما رأيت من فضلها وهو: أن المرة الواحدة منها بستمائة ألف صلاة
…
إلى أن رحلت من تلمسان إلى أبي سمعون، فلما رأيت الصلاة التي فيها المرة الواحدة بسبعين ألف ختمة من 'دلائل الخيرات' تركت 'الفاتح لما أغلق' واشتغلت بها
…
ثم أمرني صلى الله عليه وآله وسلم بالرجوع إلى صلاة الفاتح لما أغلق
…
فأخبرني أولاً بأن المرة منها تعدل من القرآن ست مرات، ثم أخبرني ثانياً أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلاف مرة.
وقال أيضاً: من صلى بها -أي: بالفاتح لما أغلق- مرة واحدة حصل له ثواب ما إذا صلى بكل صلاة وقعت في العالم من كل جن وإنس وملك ستمائة ألف صلاة، من أول العالم إلى وقت تلفظ الذاكر بها.
وقال أيضاً: فلو قدرت مائة ألف أمة في كل أمة مائة ألف قبيلة في كل قبيلة مائة ألف رجل وعاش كل واحد منهم مائة ألف عام يذكر كل واحد منهم كل يوم ألف صلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير صلاة الفاتح لما أغلق، وجميع ثواب هذه الأمم كلها في مدة هذه السنين كلها في
هذه الأذكار كلها ما لحقوا كلهم ثواب مرة واحدة من صلاة الفاتح". (1)
"ولما سئل التجاني عن تفضيله لورده على القرآن أجاب عن هذه المعارضة قائلاً: لا معارضة بين هذا وبين ما ورد من فضل القرآن والكلمة الشريفة؛ لأن فضل القرآن والكلمة الشريفة عام أريد به العموم وهذا خاص، ولا معارضة بينهما؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم يلقي الأحكام للعامة في حياته، يعني إذا حرم شيئاً حرمه على الجميع وإذا افترض شيئاً افترضه على الجميع، وهكذا سائر الأحكام الشرعية الظاهرة، ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم يلقي الأحكام الخاصة للخاصة .. فلما انتقل إلى الدار الآخرة -وهو كحياته صلى الله عليه وسلم في الدنيا سواء- صار يوحي إلى أمته الأمر الخاص للخاص، ولا مدخل للأمر العام؛ فإنه انقطع بموته صلى الله عليه وسلم
…
إلخ". (2)
- جوهرة الكمال من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يقول الشيخ الرباطي: وأما جوهرة الكمال فهي من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسيدنا الشيخ
…
يقظة لا مناماً". (3)
- فضائلها وأحكامها:
"من فضائلها:
1 -
أن المرة الواحدة منها تعدل تسبيح العالم ثلاث مرات.
2 -
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الأربعة يحضرون مع
(1) تقديس الأشخاص (1/ 292 - 293).
(2)
التجانية (ص.113).
(3)
تقديس الأشخاص (1/ 296).
الذاكر عند السابعة منها، ولا يفارقونه حتى يفرغ من ذكرها.
3 -
أن من قرأها اثنتي عشرة مرة وقال: هذه هدية مني إليك يا رسول الله فكأنما زار النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأولياء والصالحين من أول الوجود إلى وقته.
4 -
أن من نزلت به شدة أو ضيق وقرأها خمساً وستين مرة فرج الله عنه في الحين.
5 -
إذا داوم على ذكرها صار وليّاً من أولياء الله.
وفي بعض هذه الفضائل يقول صاحب 'منية المريد':
ومن تلا جوهرة الكمال
…
سبعاً يكون سيد الأرسال
والخلفاء الراشدون الأربعة
…
ما دام ذاكراً لها بعد معه
وذاك بالأرواح والذوات
…
وليس للمنكر من نجاة
من أحكامها:
1 -
أن لا تقرأ إلا بالطهارة المائية.
2 -
إذا لم يكن الذاكر متوضئاً يبدلها بعشرين من صلاة الفاتح لما أغلق ولا تقرأ بالتيمم في الوظيفة ولا خارجها.
3 -
يجوز للمسافر أن يقرأ أوراده على ظهر الدابة فإذا وصل إلى جوهرة الكمال نزل عن الدابة وذكر ماشياً فإذا وصل إلى السابعة جلس حتى يتمّ الوظيفة إلا لضرورة فادحة فإنه يذكرها ماشياً على رجليه، بشرط أن لا يطأ نجاسة.
4 -
يستحب لذاكر الجوهرة نشر ثوب طاهر محقق الطهارة وإن كانت
البقعة طاهرة حكماً.
وفي المنية:
ونشرنا للثوب ليس يجب
…
على الذي يذكرها بل يندب
وشيخنا فعل ذا بمحضره
…
فدع مقالة جهول منكره" (1)
- الهيللة:
"يقول الشيخ التجاني -مثلاً-: من الأوراد اللازمة للطريقة ذكر الهيللة بعد صلاة العصر يوم الجمعة مع الجماعة، وإن كان له إخوان في البلد فلا بد من جمعهم وذكرهم جماعة، وهذا شرط في الطريقة". (2)
- قول التجاني بوحدة الوجود:
"قال في جواهر المعاني:
…
وإبطال ما قاله أهل الظاهر من إحالة الوحدة وبطلان ما ألزموه لِمن قال بها، قال رضي الله عنه: بيانها من وجهين:
الوجه الأول: أن العالم الكبير كذات الإنسان في التمثيل، فإنك إذا نظرت إليها وجدتها متحدة مع اختلاف ما تركبت منه في الصورة والخاصية من شعر وجلد ولحم وعظم وعصب ومخ، وكذلك اختلاف جوارحه وطبائعه التي ركبت فيه وبها قيام بنيانه. فإذا فهمت هذا ظهر لك بطلان ما ألزموه من نفي الوحدة؛ لاستلزام تساوي الشريف والوضيع واجتماع المتنافيين والضدين إلى آخر ما قالوه. قلنا: لا يلزم ما ذكره هنا؛ لأنه وإن
(1) تقديس الأشخاص (1/ 296 - 297).
(2)
تقديس الأشخاص (1/ 336).
كانت الخواص متباعدة فالأصل الجامع لهذا ذات واحدة كذات الإنسان سواء بسواء.
الوجه الثاني: اتحاد ذات العالم في كونه مخلوقاً كله للخالق الواحد سبحانه وتعالى وأثراً لأسمائه، فلا يخرج فرد من أفراد العالم عن هذا الحكم وإن اختلفت أنواعه، فالأصل الذي برز منه واحد. فبهذا النظر هو متساوٍ فيلزم اتحاده وإن اختلفت أجزاؤه، كما ذكر في ذات الإنسان وأنها تختلف نسبه بحسب ما فصلته مشيئة الحق فيه من بين شريف ووضيع، وعالٍ وسافل، وذليل وعزيز، وعظيم الشأن وحقيره، إلى آخر النسب فيه، ولم تخرجه تفرقة النسب عن وحدة ذاتيته، كما أن ذات الإنسان واحدة، ووحدتها لا تنافي اختلاف نسب أجزائها واختصاص كل جزء بخاصية، فإن خاصية اليد غير خاصية الرجل، وخاصيتها غير خاصية العين، وهكذا سائر خواص الأعضاء والأجزاء، وإن ارتفاع وجهه في غاية الشرف، وانخفاض محله في غاية الضعة والإهانة، ولم يخرجه عن كون ذاته واحدة مع اختلاف الخواص مثل ما قلنا في ذات الإنسان ..
ثم قال رضي الله عنه: وهناك وجه ثالث في إيضاحه وهو اتحاد وجوده من حيث فيضان الوجود عليه من حضرة الحق فيضاً متحداً، ثم مثاله في الشاهد مثال المداد، فإن الحروف المتفرقة في المداد والكلمات المتنوعة والمعاني المختلفة التي دلت عليها صوره لم تخرجه عن وحدة مداديته، فإنه ما ثم إلا المداد تصور في أشكاله الدالة على المعاني المختلفة والحروف المتفرقة والخواص المتنوعة غير المؤتلفة ولا المتماثلة، فإنك إذا نظرت إلى عين تلك الصور التي
اختلفت حروفها وكلماتها لم تر إلا المداد تجلى في أشكالها بما هو عين المداد فتتحد بالمدادية وتختلف بالصور والأشكال والكلمات والمعاني، فكما أن المداد في تلك الحروف عين تلك الحروف، والحروف في ذلك المداد عين ذلك المداد، وهي مختلفة الأشكال والأسرار والخواصّ والمعاني، كذلك نهاية الوجود في ذوات الوجود عين تلك الذوات، وتلك الذوات في ذلك الوجود عين ذلك الوجود، لم تخرجها عن اختلاف أشكالها وأسرارها ومعانيها وخواصها، ولا افتراقها في هذه الأمور لم يخرجها عن اتحادها في ذلك المداد. ثم قال قدس الله سره العزيز: وقد اتضح الحق لمن فهم، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل". (1)
- معنى الشيخ الواصل عندهم:
"قال في جواهر المعاني: اعلم أن سيدنا رضي الله عنه سئل عن حقيقة الشيخ الواصل ما هو؟ فأجاب رضي الله عنه بقوله: وأما ما هو حقيقة الشيخ الواصل، فهو الذي رفعت له جميع الحجب عن كمال النظر إلى الحضرة الإلهية نظراً عينياً وتحقيقاً يقينياً، فإن الأمر أوله محاضرة وهو مطالعة الحقائق من وراء ستر كثيف، ثم مكاشفة وهو مطالعة الحقائق من وراء ستر رقيق، ثم مشاهدة وهو تجلي الحقائق بلا حجاب ولكن مع خصوصية، ثم معاينة وهو مطالعة الحقائق بلا حجاب ولا خصوصية ولا بقاء للغير والغيرية عيناً وأثراً، وهو مقام السحق والمحق والدك وفناء الفناء، فليس هذا إلا معاينة الحق في الحق للحق بالحق.
(1) التجانية (ص.91).
فلم يبق إلا الله لا شيء غيره
…
فلا ثَمَّ موصول ولا ثَمَّ واصل" (1)
- من كمالات الشيخ التجاني:
"قال في الجواهر: .. ومن كماله رضي الله عنه نفوذ بصيرته الربانية وفراسته النوارنية التي ظهر مقتضاها في معرفة أحوال الأصحاب، وفي غيرها من إظهار مضمرات، وإخبار بمغيبات، وعلم بعواقب الحاجات، وما يترتب عليها من المصالح والآفات، وغير ذلك من الأمور الواقعات". (2)
- ادعاؤه رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وتلقيه عنه وسؤاله عن نسبه وعن روايات الحديث:
"قال في جواهر المعاني: قال رضي الله عنه: أخبرني سيد الوجود يقظة لا مناماً قال لي: أنت من الآمنين، ومن رآك من الآمنين إن مات على الإيمان .. إلخ". (3)
"قال مؤلف جواهر المعاني عن الصلاة المسماة بياقوتة الحقائق: هي من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من لفظه الشريف على شيخنا يقظة لا مناماً". (4)
"وقال أيضاً: .. سأل سيد الوجود، وعلم الشهود صلى الله عليه وسلم في كل نفس مشهود، عن نسبه وهل هو من الأبناء والأولاد، أو من الآل والأحفاد؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله: 'أنت ولدي حقاً' كررها ثلاثاً صلى الله عليه وسلم، وقال: نسبك إلى الحسن بن علي صحيح، وهذا السؤال من سيدنا رضي الله عنه لسيد الوجود
(1) التجانية (ص.97).
(2)
التجانية (ص.103).
(3)
التجانية (ص.121).
(4)
التجانية (ص.136).
يقظة لا مناماً، وبشره صلى الله عليه وسلم بأمور عظام جسام صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم ومجّد وعظّم". (1)
"وقال أيضاً فيما يرويه عن شيخه التجاني: قال: رأيته مرة صلى الله عليه وسلم، وسألته عن الحديث الوارد في سيدنا عيسى عليه السلام، قلت له: ورد عنك روايتان صحيحتان، واحدة قلت فيها يمكث بعد نزوله أربعين، وقلت في الأخرى سبعاً .. ما الصحيحة منها؟ قال صلى الله عليه وسلم: رواية السبع". (2)
- إخباره بالمغيبات:
"قال في بغية المستفيد: وأما مكاشفته رضي الله عنه، بمعنى إخباره بالأمر قبل وقوعه فيقع وفق ما أخبر به، فلا يكاد ينحصر ما حدث به الثقات عنه رضي الله عنه .. ومن إخباره بالغيب عن طريق كشفه رضي الله عنه إخباره بأمور لم تقع إلا بعد وفاته إما بالتصريح أو بالتلويح". (3)
- اتهامه النبي صلى الله عليه وسلم بكتمان بعض الأمر ومن ذلك صلاة الفاتح:
"قال مؤلف جواهر المعاني: وسألته رضي الله عنه: هل خبر سيد الوجود بعد موته كحياته سواء؟ فأجاب رضي الله عنه بما نصه: الأمر العام الذي كان يأتيه عاماً للأمة طوي بساط ذلك بموته صلى الله عليه وسلم، وبقي الأمر الخاص الذي كان يلقيه للخاص فإن ذلك في حياته وبعد مماته دائماً لا ينقطع". (4)
(1) التجانية (ص.136).
(2)
التجانية (ص.137).
(3)
التجانية (ص.103).
(4)
التجانية (ص.141).
"وقال مؤلف الجيش الكفيل: وسئل: هل كان صلى الله عليه وسلم عالماً بفضل صلاة الفاتح لما أغلق؟ فقال: نعم، كان عالماً به. قالوا: ولِمَ لم يذكره لأصحابه؟ قال: لعلمه صلى الله عليه وسلم بتأخير وقته وعدم وجود من يظهره الله على يديه في ذلك الوقت". (1)
- ادعاؤه بأن روحه تمد الأقطاب والعارفين والأولياء:
"نقل مؤلف كتاب رماح حزب الرحيم عن التجاني قوله: إن روح النبي صلى الله عليه وسلم وروحي هكذا -وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها- فروحه تمد الأنبياء وروحي تمد الأقطاب والعارفين والأولياء". (2)
- ادعاؤه تلقي الفيوض من ذوات الأنبياء وتفريقها على جميع الخلائق:
"قال مؤلف بغية المستفيد: قال رضي الله عنه: إن الفيوض التي تفيض من ذات سيد الوجود صلى الله عليه وسلم تتلقاها ذوات الأنبياء، وكل ما فاض وبرز من ذوات الأنبياء تتلقاه ذاتي، ومني يتفرق على جميع الخلائق من نشأة العالم إلى النفخ في الصور .. وقال: لا يتلقى ولي فيضاً من الله تعالى إلا بوساطته رضي الله عنه من حيث لا يشعر به، ومدده الخاص به إنما يتلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم ". (3)
- كلامه عن حقيقة الولاية:
"قال مؤلف جواهر المعاني: .. وسألته رضي الله عنه عن حقيقة الولاية، فأجاب رضي الله عنه بما نصه، قال: الولاية خاصة وعامة، فالعامة: هي من
(1) التجانية (ص.141).
(2)
التجانية (ص.164).
(3)
التجانية (ص.164 - 165).
آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام، والخاصة: هي من سيد الوجود صلى الله عليه وسلم إلى الختم، والمراد بالخاصة هي من اتصف صاحبها بأخلاق الحق الثلاثمائة على الكمال ولم ينقص منها واحد، إن لله تعالى ثلاثمائة خلق من اتصف بواحد منها دخل الجنة، وهذا خاص بسيد الوجود صلى الله عليه وسلم ومن ورثه من أقطاب هذه الأمة الشريفة إلى الختم .. هكذا قال، ونسبه للحاتمي رضي الله عنه. ثم قال سيدنا رضي الله عنه: لا يلزم من هذه الخصوصية التي هي الاتصاف بالأخلاق على الكمال أن يكونوا كلهم أعلى من غيرهم في كل وجه، بل قد يكون من لم يتصف بها أعلى من غيره في المقام، وأظنه يشير إلى نفسه رضي الله عنه وبعض الأكابر، لأنه أخبره سيد الوجود صلى الله عليه وسلم بأن مقامه أعلى من جميع المقامات
…
انتهى من إملائه علينا رضي الله عنه". (1)
- ادعاؤه أنه الخاتم المحمدي:
"قال مؤلف بغية المستفيد: فقد ثبت عنه من طريق الثقات الأثبات من ملازميه وخاصته، أنه أخبر تصريحاً على الوجه الذي لا يحتمل التأويل أن سيد الوجود أخبره يقظة بأنه هو الخاتم المحمدي المعروف عند جميع الأقطاب والصديقين، وبأن مقامه لا مقام فوقه في بساط المعرفة بالله". (2)
" .. ومعنى كونه خاتماً لمنصب الولاية المحمدية ألا يظهر أحد في ذلك المنصب بمثل الظهور الذي ظهر به فيه، فهو خاتم لكمال الظهور في ذلك
(1) التجانية (ص.175).
(2)
التجانية (ص.176).
المنصب لا لنفس الظهور". (1)
- ضمانه الجنة بغير حساب ولا عقاب لأتباعه وذويهم ولو عملوا من الذنوب والمعاصي ما عملوا:
"قال مؤلف الجواهر: اطلعت على ما رسمه وخطه، ونصه: .. أسأل من فضل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمن لي دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب في أول الزمرة الأولى، أنا وكل أب وأم ولدوني من أبوي إلى أول أب وأم لي في الإسلام من جهة أبي ومن جهة أمي، من كل ما تناسل منهم من وقتهم إلى أن يموت سيدنا عيسى بن مريم من جميع الذكور والإناث .. وكل من أحسن إليّ بإحسان حسي أو معنوي من مثقال ذرة فأكثر .. وكل من لم يعادني من جميع هؤلاء، أما من عاداني وأبغضني فلا، وكل من والاني واتخذني شيخاً أو أخذ عني ذكراً، وكل من خدمني أو قضى لي حاجة .. وآباؤهم وأمهاتهم وأولادهم وبناتهم وأزواجهم .. يضمن لي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولجميع هؤلاء أن نموت وكل حي منهم على الإيمان والإسلام .. ثم قال: كل ما في هذا الكتاب ضمنته لك ضمانة لا تتخلف عنك وعنهم أبداً إلى أن تكون أنت وجميع من ذكرت في جواري في عليين، وضمنت لك جميع ما طلبته منا ضماناَ لا يخلف عليك الوعد فيها والسلام .. ثم قال: وكل هذا واقع يقظة لا مناماً". (2)
"ونقل مؤلف كتاب رماح حزب الرحيم عن التجاني قوله: .. وليس
(1) التجانية (ص.176).
(2)
التجانية (ص.196).
لأحد من الرجال أن يدخل كافة أصحابه الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا من الذنوب ما عملوا وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلا أنا وحدي، ووراء ذلك ما ذكر لي فيهم وضمنه لهم صلى الله عليه وسلم أمر لا يحل ذكره ولا يرى ولا يعرف إلا في الآخرة". (1)
"وقال مؤلف بغية المستفيد: إن من جملة ما ذكره سيدنا رضي الله عنه من فضل هذا الورد العظيم عن نبينا المصطفى الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، أن كل من أخذه عن الشيخ أو عمن عنده الإذن الصحيح في التلقين، يكون مقامه ومستقره من فضل الله تعالى في أعلى عليين بجوار سيد المرسلين وإمام المتقين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ويغفر الله له تعالى بفضله من ذنوبه الكبائر والصغائر، وتؤدى عنه التبعات من خزائن الرب المجيد القادر، ولذلك كان آمناً من أن يروعه هول المحشر، أو يؤلمه ضنك القبر، وأزواجه وأولاده المنفصلون عنه دنية، وكذا أبواه داخلون معه في هذا الخير الجزيل، بشرط ألا يصدر بغض من الجميع في هذا الشيخ الجليل وجانبه الأعز المنيع". (2)
"وقال في الجيش الكفيل بأخذ الثأر: وسألته صلى الله عليه وسلم لكل من أخذ عني ورداً أن تغفر لهم جميع ذنوبهم ما تقدم منها وما تأخر، وأن تودى عنهم تبعاتهم من خزائن فضل الله لا من حسناتهم، وأن يدفع الله عنهم محاسبته
…
وأن يكونوا آمنين من عذاب الله من الموت إلى دخول الجنة بلا حساب ولا
(1) التجانية (ص.196).
(2)
التجانية (ص.197).
عقاب في أول الزمرة الأولى، وأن يكونوا معي في عليين في جوار النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ضمنت لك هذا ضماناً لا ينقطع حتى تجاورني أنت وهم في عليين". (1)
- ضمانه الجنة لمن نظر إليه يوم الجمعة والاثنين ولمن رأى حلته:
"ذكر مؤلف جواهر المعاني عن التجاني أنه قال: .. من حصل له النظر فينا يوم الجمعة أو الاثنين يدخل الجنة بغير حساب ولا عقاب، إن لم يصدر منه سب في جانبنا ولا بغض ولا إذاية، ومن حصل له النظر في هذين اليومين فهو من الآمنين إن مات على الإيمان، وإن سبق أنه يحصل له العذاب في الآخرة فلا يموت إلا كافراً فهذا ما يمكن إعلامكم به في هذا الوقت، وفي وقت آخر يفعل الله ما يشاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". (2)
"قال مؤلف كتاب رماح حزب الرحيم: .. رأيت شيخنا التجاني رضي الله عنه وأرضاه -وعنّا به- في واقعة من الوقائع وبيده حلة من نور وقال لي رضي الله عنه وأرضاه -وعنّا به-: من رأى هذه الحلة دخل الجنة. ثم ألبسني إياها رضي الله عنه". (3)
"وقال مؤلف بغية المستفيد: وأما الكرامة الثالثة وهي دخول الجنة لمن رآه رضي الله عنه في اليومين الاثنين والجمعة، فهي من كراماته رضي الله عنه التي طارت بها الركبان وتواترت بها الأخبار في سائر الأقطار والبلدان،
(1) التجانية (ص.197).
(2)
التجانية (ص.210).
(3)
التجانية (ص.210).
بإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه الشريف فيما أخبر به سيدنا رضي الله عنه بعزة ربي: يوم الاثنين والجمعة لا أفارقك فيهما من الفجر إلى الغروب ومعي سبعة أملاك، وكل من يراك في اليومين يكتبون -يعني الأملاك السبعة- اسمه في رقعة من ذهب ويكتبونه من أهل الجنة وأنا شاهد على ذلك، ولتكثر من الصلاة عليّ في هذين اليومين فكل صلاة تصليها عليّ نسمعك ونرد عليك، وكذلك جميع أعمالك تعرض عليّ والسلام". (1)
سليمان بن عبد الله آل الشيخ (2)(1233 هـ)
سليمان بن عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي، العلامة، المجاهد. ولد في الدرعية سنة مائتين وألف من الهجرة، واشتغل بالعلم بحثا ومراجعة على مجموعة من الشيوخ منهم والده الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد والشيخ حمد بن معمر والشيخ عبد الله الغريب والشيخ حسين بن غنام والشيخ محمد بن علي الشوكاني وغيرهم. جعله الإمام سعود قاضيا في مكة المكرمة مع حداثة سنه وطراوة شبابه، ثم رجع إلى الدرعية وصار قاضيا أيضا واختاره الإمام سعود مدرسا في قصره. قال عنه ابن بشر: فيا له من عالم قدير وحافظ متقن خبير إذا شرع يتكلم على الأسانيد والرجال والأحاديث وطرقها وروايتها فكأنه لا يعرف غيرها في إتقانه وحفظه. أخذ عنه العلم
(1) التجانية (ص.210 - 211).
(2)
علماء نجد (1/ 293 - 298) ومعجم المؤلفين (4/ 268) والأعلام (3/ 129) وهدية العارفين (1/ 408) والدرر السنية (12/ 48).