الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقل أمثاله في زماننا هذا. والله المستعان.
•
موقفه من الرافضة:
- قال رحمه الله: إن مفيدهم ابن المعلم قال في كتابه 'روضة الواعظين': إن الله أنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد توجهه إلى المدينة في الطريق في حجة الوداع فقال: يا محمد إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك: انصب عليا للإمامة ونبه أمتك على خلافته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا أخي جبريل، إن الله بغض أصحابي لعلي، إني أخاف منهم أن يجتمعوا على إضراري، فاستعف لي ربي» . فصعد جبريل وعرض جوابه على الله تعالى فأنزله الله تعالى مرة أخرى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم مثلما قال أولا، فاستعفى النبي صلى الله عليه وسلم كما في المرة الأولى، ثم صعد جبريل فكرر جواب النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره الله بتكرير نزوله معاتبا له مشددا عليه بقوله:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (1) فجمع أصحابه وقال: «يا أيها الناس إن عليا أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين، ليس لأحد أن يكون خليفة بعدي سواه، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» اهـ.
فانظر يا أيها المؤمن إلى حديث هؤلاء الكذبة الذي يدل على اختلاقه ركاكة ألفاظه وبطلان أغراضه، ولا يصح منه إلا:«من كنت مولاه» (2)، ومن اعتقد منهم صحة هذا فقد هلك، إذ فيه اتهام المعصوم قطعا من المخالفة
(1) المائدة الآية (67).
(2)
تقدم في مواقف الحسن بن الحسن بن علي سنة (145هـ).
بعدم امتثال أمر ربه ابتداء، وهو نقص، ونقص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كفر، وأن الله تعالى اختار لصحبته من يبغض أجل أهل بيته، وفي ذلك ازدراء بالنبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة لما مدح الله به رسوله وأصحابه من أجل المدح، قال الله تعالى:{محمد رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} (1) واعتقاد ما يخالف كتاب الله والحديث المتواتر كفر، وأنه صلى الله عليه وسلم خاف إضرار الناس، وقد قال الله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (2) قبل ذلك كما هو معلوم بديهة، واعتقاد عدم توكله على ربه فيما وعده نقص، ونقصه كفر. وإن فيه كذبا على الله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} (3)
وكذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن استحل ذلك فقد كفر، ومن لم يستحل ذلك فقد تفسق، وليس في قوله:«من كنت مولاه» أن النص على خلافته متصلة، ولو كان نصا
(1) الفتح الآية (29).
(2)
المائدة الآية (67).
(3)
الأنعام الآية (21) ..
لادعاها علي رضي الله عنه لأنه أعلم بالمراد، ودعوى ادعائها باطل ضرورة، ودعوى علمه يكون نصا على خلافته، وترك ادعائها تقية أبطل من أن يبطل.
ما أقبح ملة قوم يرمون إمامهم بالجبن والخور والضعف في الدين مع أنه من أشجع الناس وأقواهم. (1)
- وقال: ومنها أنه روى الكشي منهم -وهو عندهم أعرفهم بحال الرجال وأوثقهم في رجاله- وغيره عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وحاشاه من ذلك- أنه قال: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم: ارتد الصحابة كلهم إلا أربعة؛ المقداد وحذيفة وسلمان وأبو ذر رضي الله عنهم فقيل له: كيف حال عمار بن ياسر قال: حاص حيصة ثم رجع.
هذا العموم المؤكد يقتضي ارتداد علي وأهل البيت وهم لا يقولون بذلك. وهذا هدم لأساس الدين لأن أساسه القرآن والحديث، فإذا فرض ارتداد من أخذ من النبي صلى الله عليه وسلم إلا النفر الذين لا يبلغ خبرهم التواتر وقع الشك في القرآن والأحاديث، نعوذ بالله من اعتقاد يوجب هدم الدين، وقد اتخذ الملاحدة كلام هؤلاء الرافضة حجة لهم فقالوا: كيف يقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (2) وقد ارتدوا بعد وفاة نبيهم إلا نحو خمسة أو ستة أنفس منهم لامتناعهم من تقديم أبي بكر على علي وهو الموصى به، فانظر إلى كلام هذا الملحد تجده من كلام الرافضة. فهؤلاء أشد
(1) 'رسالة في الرد على الرافضة'، مطبوعة ضمن مؤلفات محمد بن عبد الوهاب (11/ 5 - 7).
(2)
آل عمران الآية (110).
ضررا على الدين من اليهود والنصارى، وفي هذه الهفوة الفساد من وجوه:
فإنها توجب إبطال الدين والشك فيه.
وتجوز كتمان ما عورض به القرآن.
وتجوز تغيير القرآن وتخالف قوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} (1)، وقوله تعالى:{رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (2) وقوله فيمن آمن قبل الفتح وبعده: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (3).اهـ (4)
- وقال: ومنها إيجابهم سب الصحابة لاسيما الخلفاء الثلاثة نعوذ بالله، رووا في كتبهم المعتبرة عندهم عن رجل من أتباع هشام الأحول أنه قال: كنت يوما عند أبي عبد الله جعفر بن محمد، فجاءه رجل خياط من شيعته وبيده قميصان فقال: يا ابن رسول الله خطت أحدهما وبكل غرزة إبرة وحدت الله الأكبر، وخطت الآخر وبكل غرزة إبرة لعن الأبعد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم نذرت لك ما أحببته لك منهما، فما تحبه خذه وما لا تحبه رده. فقال الصادق: أحب ما تم بلعن أبي بكر وعمر، واردد إليك الذي خيط بذكر الله الأكبر. فانظر إلى هؤلاء الكذبة الفسقة، ماذا ينسبون إلى أهل البيت من القبائح حاشاهم، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ
(1) الفتح الآية (18).
(2)
المائدة الآية (119).
(3)
النساء الآية (95).
(4)
رسالة في الرد على الرافضة، انظر مؤلفات محمد بن عبد الوهاب (11/ 12 - 13).
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (1) فإذا لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطا فمن يكون غيرهم. (2)
- وقال: ومنها أنهم جعلوا مخالفة أهل السنة والجماعة، الذين هم على ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصلا للنجاة، فصاروا كلما فعل أهل السنة تركوه وإن تركوا شيئا فعلوه، فخرجوا بذلك عن الدين رأسا، فإن الشيطان سول لهم وأملى لهم، وادعوا بأن هذه المخالفة علامة أنهم الفرقة الناجية. وقد قال صلى الله عليه وسلم:«الفرقة الناجية هي السواد الأعظم» (3) و «ما أنا عليه وأصحابي» (4). فلينظر إلى الفرق ومعتقداتهم وأعمالهم، فما وافقت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي الفرقة الناجية، وأهل السنة هم المتبعون لآثاره صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه كما لا يخفى على منصف ينظر بعين الحق، فهم أحق أن يكونوا الفرقة الناجية، وآثار النجاة الظاهرة فيهم لاستقامتهم على الدين من غير تحريف، وظهور مذهبهم وشوكتهم في غالب البلاد، ووجود العلماء المحققين والمحدثين والأولياء والصالحين فيهم، وقد نزع الولاية عن الرافضة، فما سمع فيهم ولي قط. (5)
(1) البقرة الآية (143).
(2)
رسالة في الرد على الرافضة، انظر مؤلفات محمد بن عبد الوهاب (11/ 15 - 16).
(3)
أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة (1/ 34/68)، الطبراني في الكبير (8/ 268/8035) وفي الأوسط (8/ 98/7198) البيهقي (8/ 188) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 258) وقال:"رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وفيه أبو غالب وثقه ابن معين وغيره، وبقية رجال الأوسط ثقات، وكذلك أحد إسنادي الكبير".
(4)
أخرجه الترمذي (5/ 26/2641) والحاكم (1/ 128 - 129) من طريق عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. وفيه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي. وقال فيه الحافظ: "ضعيف في حفظه"، ولكن للحديث شواهد، كشاهد أبي هريرة ومعاوية وأنس وعوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنهم.
(5)
رسالة في الرد على الرافضة، انظر مؤلفات محمد بن عبد الوهاب (11/ 30 - 31).