الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عز وجل، وهذا من الكفر بمكان. نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ والطغيان. اهـ (1)
- وقال: وقد صح أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار» (2) إلخ، ولم يرد عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم وهم أحرص الخلق على كل خير أنه طلب من ميت شيئا، بل قد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول إذا دخل الحجرة النبوية زائرا: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، ثم ينصرف ولا يطلب من سيد العالمين عليه الصلاة والسلام أو من ضجيعيه المكرمين رضي الله عنهما شيئا، وهم أكرم من ضمته البسيطة، وأرفع قدرا من سائر من أحاطت به الأفلاك المحيطة. (3)
موقفه من الصوفية:
- قال في كشف القناع وهو يتكلم عن صلاة الفاتح عند التيجانيين: ومن زعمهم الفاسد أيضا أن صلاة الفاتح خصنا الله بها كما خصنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأنها تسمو على كل العبادات، ومن أين للقائل أن صلاة الفاتح خصنا الله بها؟ فإن كان يريد اللفظ العربي فلا مزية لها على غيرها من الصلوات المخترعات، وإن أراد خصوصية شرعية فلا يجد لذلك سبيلا -ولو قولا
(1) كشف القناع (ص.54).
(2)
أخرجه: أحمد (5/ 353) ومسلم (2/ 671/975) والنسائي (4/ 399/2039) وابن ماجه (1/ 494/1547) عن بريدة رضي الله عنه.
(3)
كشف القناع (ص.56 - 57).
شاذا- وهل الخصوصية تقبل من مدعيها بلا نص؟ {هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)} (1). {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} (2) قال:
لقد أسمعت لو ناديت حيا
…
ولكن لا حياة لمن تنادي
وعلى فرض تسليم أنها خصوصية فهل تجعل مقارنة لخصوصية النبي لنا، على أننا لا خصوصية لنا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو مرسل للعالمين جميعا إنسيهم وجنيهم يهوديهم ونصرانيهم، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (3). {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)} (4). {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (5). فمقالة هذا الرجل تؤذن بعدم عموم الرسالة، وهذا كفر صراح نعوذ بالله، وتؤذن باستواء الفاتح والنبي، وإن أراد بالخصوصية كونه من العرب فمسلمة، ولكن لانسبة بينهما وبين الفاتح ولا خصوصية للفاتح. وقولهم إنها تسمو على كل العبادات (ال) في العبادات للاستغراق ورفع إيهام الجنسية في ضمن فرد، والاستغراق العرفي بقولهم (كل). فثبت الاستغراق الحقيقي بجميع الأفراد،
(1) النور الآيتان (16و17).
(2)
الذاريات الآية (55).
(3)
الكهف الآية (29).
(4)
يونس الآية (25).
(5)
يونس الآية (99).
ويلزم عليه أنها أفضل من القرآن والحج؛ لأنهما عبادة ومن الصلوات الخمس ومن الجهاد ومن سائر العلوم الشرعية فقها وحديثا وتفسيرا وتوحيدا وغير ذلك وهذا كفر صراح، إذ كلام الله بالنسبة لكلام الخلق كنسبة الله من الخلق، وأما غيره مما سردناه فلا يشك أحمق فضلا عن عاقل أن ثواب الواجب أعظم وأفضل. وفي الحديث:«ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه» (1). وإن قيل مراده الأذكار، أقول: قال عليه السلام: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله» (2). وكلام النبي من المخلوقات بمنزلة النبي منهم فهل صلاة مخترعة تعدل بهذا كله؟
كزعمهم الفاسد في التصلية التي يسمونها بجوهرة الكمال، وفيها ما يوهم نقصا في النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو قوله:"الأسقم"؛ إذ هو اسم تفضيل من السقم، وقد نص الفقهاء على أن من قال قولاً يوهم نقصاً في النبي يكفر إجماعاً. وكذلك من قال قولاً يتضمن مخالفته صلى الله عليه وسلم، انظر الدردير وغيره. ما لهم لم يقولوا "الأقوم" أَثَقُل على ألسنتهم؟ أم قصدوا الاستغراق في المتشابه؟ {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (3) على أن ذلك في كتاب الله لا في المخلوقات، وأما كلام المخلوقات فما يوهم نقصا فيه، مما يؤدي لإهانة النبي كفر، {إِنَّ الَّذِينَ
(1) أخرجه: البخاري (11/ 414/6502) من حديث أبي هريرة.
(2)
أخرجه: الترمذي (5/ 534/3585) وقال: "هذا حديث غريب من هذا الوجه" وله شاهد من حديث طلحة ابن عبيد الله بن كريز أخرجه مالك (1/ 422 - 423/ 246) وهو مرسل صحيح. انظر الصحيحة (1503).
(3)
آل عمران الآية (7).
يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)} (1).
ومن زعمهم الفاسد أن سيدي أحمد التيجاني ممد لمن مضى قبله ومن يأتي بعده. و (من) مِن صيغ العموم كما هو معلوم؛ فيدخل النبي وأصحابه وأهل القرون المشهود لهم بالخير، فانظر رحمك الله هذا الحمق الفادح كيف يمد رجل في القرن الثالث العشر أهل القرن الأول؛ أتهوّرٌ؟ أم كفرٌ؟ أم سكرٌ؟ وكيف يمد من بعده وهو ميت انقطع عمله عن الدنيا بالكلية، وحتى الثلاث المستثناة أو العشر فكلها راجعة لكسبه المتقدم في الدنيا؛ إذ لا يوجد فيها ما فعله بعد مماته، أما ما يقرأ عليه أو يتصدق به فليس من عمله، وفيه خلاف بين العلماء منشؤه قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} (2)، قال الله تعالى:{فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)} (3)، قال:
وما من كاتب إلا سيبلى
…
فلا تكتب بكفك غير شيءٍ
…
ويُبقي الدهرُ ما كتبت يداهُ يسرك يوم القيامة أن تراهُ
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)} (4).
ومن زعمهم الفاسد أن المواظب على تلك الصلاة ينال الخير الرابح،
(1) الأحزاب الآية (57).
(2)
النجم الآية (39).
(3)
البقرة الآية (79).
(4)
الزخرف الآية (19).
وأقول: الخير كله في اتباع كلام الله وكلام رسوله، وما استنبطه العلماء رحمهم الله، أما الأمر بالمواظبة على الفاتح؛ فإني لا أرى داعي له؛ فإن كان يريد به الدين النصيحة؛ فالنصيحة أن يرشدهم إلى الفقه والحديث وكلام الله وتعلم الضروري من علوم الدين، وإن كان يريد أنه حصل هذا ولم يبق له إلا العمل، فالنصيحة أن يرشدهم إلى تلاوة كتاب الله؛ فإن الحرف منه بعشر حسنات بفهم وبغير فهم، وإن قال:"هذا من باب التدلي -على زعمهم- ليصل إلى الترقي" فأقول: يرشدهم إلى ما ورد في الحديث من الاستغفار وسبحان الله بحمده، وغير ذلك، وإن أرادوا خصوص الصلاة عليه عليه السلام فما أحسن الوارد، كيف وقد قالوا:(كيف نصلي عليك يا رسول الله؟) قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد» (1) على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلموا أحداً تدلياً ولا ترقياً، بالمعنى المصطلح عند القوم، وإنما علّموا كتاب الله وأحكامه.
ومن زعمهم الفاسد الشنيع المتعارف بينهم نشر ثوب وسطهم، حال التصلية، أسمعت، أو علمت، أو روي لك، شيخ من أصحاب الحديث، أم جاء في كتاب الله، أو استنبط من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ قارئ القرآن ينشر أمامه ثوبا ليقرأ عليه فضلا عن قارئ الفاتح، ألهذا مزية وفضل استوجب به هذا، وما بلغ مداه القرآن والحديث فحرُما، إلا أن خير الهدي هدي محمد -
(1) أخرجه: مالك (4/ 772)(فتح البر) وأحمد (4/ 118) و (5/ 273 - 274) ومسلم (1/ 305/405) وأبو داود (1/ 600/980) والنسائي (3/ 52 - 54/ 1284 - 1285) والترمذي (5/ 334 - 335/ 3220) من حديث أبي مسعود الأنصاري.
صلى الله عليه وسلم - وما بلغنا عنه هذا ونظائره {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)} (1) نزل الوحي ونطق النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث القدسي والنبوي ولم ينشر أمامه الصديق ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا أحد من أصحابه ثوباً.
قيل: إن ذلك معدٌّ عندهم لجلوس النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أيضا، أصار النبي صلى الله عليه وسلم لعبة يأتي لكل حلقة بدعة مشتملة على مناكر كالرقص، ويجلس وسط القوم على خرقة، أرضي بالبدعة فأتى؟ حاشاه، أم صار فُرجة يُجعل في الوسط والناس محدقة به؟ حاشاه، فلو أُمر مقدمهم بالجلوس على تلك الرقعة لأبى وتكبر، أهذا تعظيم أم إهانة؟. وقد علمت أن الصحابة تشاجروا في أحكام وتخالفوا، فما قال أحدهم: أتاني رسول الله وقال لي كذا، وقد تخاصمت بنته الصديقة مولاتنا فاطمة الزهراء مع أبي بكر في مسألة الميراث، ولم يقل لها أبو بكر: سيأتي عندي رسول الله ويقول كذا، ولا أجابته هي رضي الله عنها بذلك، أبخِل عليها وجاد عليكم؟ وانظر يوم موته عليه الصلاة والسلام لما دخلت عليه وهي تبكي فسرّها بأنها أول من يلحق به فضحكت، فهلا قال لها: إنني سآتيك في منزلك؟ وما نقل عن أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان يوم الوقعة، وكفّ الأصحاب عما عزموا عليه، ولا ولا، أترى أن هؤلاء أفضل من أولئك أم هؤلاء على الحق وأولئك على غيره؟ حاشاه. (2)
(1) الفرقان الآية (4).
(2)
كشف القناع (19 - 23).