الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
موقفه من الجهمية:
له من الآثار السلفية:
- 'الصفات الإلهية' وهي من خيرة ما ألف في هذا الباب، فقد أبلغ في النصيحة لأهل الكلام قاطبة.
- قال رحمه الله: ولقد رأيت من البر بالحقيقة، ومن الإحسان في الدعوة إلى الله أن أنشر هذه النصوص الوفيرة لأئمة الأشاعرة، بل لأعظم أئمتها، وهم:"أبو الحسن الأشعري، إمام الأشاعرة الأول، والباقلاني، والجُوَيْني، وابن فُورك، والرازي، والغزالي" وسيرى أولئك الذين أضَلتهم فتنةُ الخلفية أن أئمة الأشاعرة قد اعترفوا اعترافاً صريحاً كاملاً بأن طريقة السلف هي الأسلم، وبأنها هي الأعلم، وبأنها هي الأحكم. وبأن طريقة الخلف حيرة وشك وضلالة أوهام.
وإني لأرجو أن يحمل هذا بعضَ الذين يحسنون الظن "بالخلفية" على الرجوع إلى الإيمان الصحيح، وعلى أن يكسروا من حدة غلوائهم في اتهامنا بالتمثيل، وبالتجسيم، وعلى أن يؤمنوا أن خلف الأشاعرة لا تصلهم رحمٌ ما بسلف الأشاعرة، فقد عاش أبو الحسن -بعد توبته- يؤكد في كل كتاب له: أنه على عقيدة سلف هذه الأمة. أما متأخرو الأشاعرة، فقد لُقِّبوا بأنهم "مخانيث الجهمية والمعتزلة" لأنهم أَوْغَلوا في التأويل إيغالاً أدى بهم إلى التعطيل.
فليتدبر الذين يزعمون أنهم أشاعرة أو خلف، فلعل إشراقة من نور الحق تبدد ما غام على نفوسهم من غَيِّ الخلفية وفتنتها.
نصيحة من القلب: وليتدبر أولئك الإخوان الذين نشهد لكثير منهم بحسن القصد والسعي في سبيل الخير والحق، فَثَمَّت فيهم من يدين بالخلفية الجهمية، ويفتي بها غير مقتصد، ولا مُسْتَدِل بكتاب، أو سنة.
وينكر أن الله استوى على عرشه، وأن له يدين، وأن له وجهاً، ويقترف تفسيراً كله زيغ وضلالة وإفك قديم لكل آية أخبر الله فيها عن استوائه ويديه ووجهه سبحانه.
فهل هذه الخلفية هي "السنة" التي يزعم هؤلاء المفتون أنهم يؤمنون بها، ويعملون بها، ويجاهدون في سبيل أن يجعلها المسلمون لهم منهاجاً وسبيلاً إلى الله؟
لا أظن أنهم يجرءون على اقتراف هذا الزعم، فما نجمت الخلفية إلا بعد قرون، ولا أظن أنهم يجرءون على اتهام الصحابة والتابعين بأنهم لم يكونوا على بينة من دينهم، وبأن "الرازي وأضرابه" كانوا أبر بكتاب الله من أبي بكر وعمر؛ أو كانوا أسلم وأحكم وأعلم، وأعظم فهماً للكتاب من صفوة هذه الأمة؟
إن من يؤكد للناس أنه "عامل بالكتاب والسنة" يجب عليه أن يكون هو القدوة الحسنة في ذلك، فيعتقد في الله سبحانه ما كان يعتقده خير العاملين بالكتاب والسنة، رسول الكتاب والسنة، أما أن يعتقد فيه ما كان يعتقده "الرازي" مثلاً، فهو بهذا يناقض ما يدعيه، ويثبت أنه عامل "بالرازي" لا بالكتاب والسنة.
ترى هل ظلت الأمة كلها أربعة قرون جاهلة بمراد الله، ضالة عن
معرفته حتى ظهر أمثال "الرازي" فدل هذه الأمة على دينها؟. (1)
- وقال بعد ذكره النصوص الواضحات من كتب أبي الحسن الأشعري التي تدل على اعتناقه مذهب السلف: كل هذا، بل بعضه يدمغ بالجور أولئك الأشاعرة الذين يمقتون أن يُنْسب إلى الأشعري أنه كان يمجد عقيدة السلف. وذلك حين يتراءون بالارتياب في صحة نسب كتابه 'الإبانة' إلى الأشعري، أو حين يزعمون أنه رجع عما فيه، فألف الكتب التي تنقض ما أثبته فيه، والإبانة في الحقيقة هو آخر كتاب ألفه.
ولا أظن في أشعري مسلم، أنه يرتضي أن يُتهم إمامُه بالردة عن دين الحق، أو بأنه كان نَهْبَ الحيرة والاضطراب في عقيدته، أو بأنه كان ذا وجهين، وجه ينافق به المعتزلة والمعطلة، فيكتب في تأويل الصفات أو نفيها، ووجه آخر ينافق به السلفيين، فيكتب في إثبات الصفات.
ولا أظن في إنسان يحترم الحقيقة أنه يجنح إلى الريبة في صحة نسب الكتاب إلى الأشعري من غير دليل إلا إن كنا نعتبر نزغ الهوى دليلاً، كما لا أظن أنه يرتاب في أن الأشعري ظل يؤمن بكل كلمة قالها فيه، ولم يؤلف كتاباً آخر ينقض به ما أثبته في الإبانة.
والذين يجلون الأشعري، ويفخرون بالانتساب إليه، لا أظن أيضاً أنهم يجرؤون على إنكار هذه الحقيقة التي أذكرهم بها مرة أخرى: تلك هي أن ما انتهى إليه مذهب الأشعري على يد بعض أتباعه يخالف ما كان عليه الأشعري نفسه، ويناهضه وأن ما كتبه الرازي، أو الجويني وغيرهما من
(1) الصفات الإلهية (ص.32 - 34).
تأويلات يناقض عقيدة الأشعري كل المناقضة، وينتسب برحمٍ ماسَّةٍ إلى المعتزلة والجهمية الذين كفَّرهم أبو الحسن الأشعري، فهل بعد هذا أستطيع أن أُقْدِم على الظن بأن أشاعرة اليوم لن يُقْدِموا على تحطيم إمامهم الكبير؛ ليبنوا على أنقاضه بعض الذين أبوا إلا أن يجحدوا بدين إمامهم الكبير، وإلا أن يعينوا عليه عدوَّه من الجهمية والمعتزلة، وإلا أن يَسُبُّوا كبار أئمتهم كالأشعري، ليسبوا -بَغْياً- أنصار السنة؟. (1)
محمد بن اليمني الناصري (2)(1391 هـ)
محمد بن اليمني بن سعيد الناصري، ولد بمدينة الرباط بالمغرب الأقصى يوم الخميس تاسع رجب سنة ثمان وثلاثمائة وألف، رحل لطلب العلم إلى المدينة النبوية سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف. وهو شقيق محمد المكي الناصري المشهور.
شيوخه كثيرون، من أشهرهم: أبو شعيب الدكالي.
له كتاب: 'الأعلاق الغالية في الأخلاق الغالية'، و'ضرب نطاق الحصار على أصحاب نهاية الانكسار' في الرد على الصوفية، و'ديوان شعري'.
توفي بالمدينة النبوية يوم الجمعة العاشر من صفر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة.
(1) الصفات الإلهية (ص.52 - 53).
(2)
صل النصال للنضال لعبد القادر بن سودة.