الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و'بغية كل مسلم من صحيح مسلم' و'سبيل التحقيق في كشف الغطا عن مساوي كل طريق' و'سبيل السعادة في أحكام العبادة'.
كان مؤقتا بالمسجد الجامع ابن يوسف، وله في التوقيت وعلم الفلك عدة مؤلفات. توفي بمراكش سنة ثمان وستين وثلاثمائة وألف هجرية وقيل سنة تسع وتسعين.
هذا ولا يخلو كتابه الرحلة من أخطاء مثل انتصاره لإرسال اليدين في الصلاة وغير ذلك، وهذا من آثار التقليد المذموم، وكذا في كتبه الأخرى أخطاء وسقطات لعلها أيام تصوفه.
موقفه من المشركين:
- ذكر رحمه الله تفشي الذبح للقبور والأضرحة في زمانه ثم قال: وإن لم يكن هذا كفرا فجهل عظيم، وغباوة جسيمة، وفي صحيح الإمام مسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لعن الله من ذبح لغير الله» (1).
قال بعض العلماء: كالذبح على أضرحة الأولياء، وهذه الذبيحة لا تؤكل لأنها مما أهل به لغير الله، ويتناول صاحبها اللعن. (2)
- وقال: وقد قلت في شدة لرجل يوما يستغيث ببعض الأموات وينادي يا فلان أغثني: قل يا الله. فقد قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
(1) أخرجه: أحمد (1/ 108) ومسلم (3/ 1567/1978) والنسائي (7/ 266/4434) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(2)
الرحلة المراكشية (ص.183).
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (1) فغضب، وبلغني أنه قال: إن فلانا منكر على الأولياء، وسمعت من بعضهم أنه قال: الولي أسرع إجابة من الله عز وجل، وهذا من الكفر بمكان. نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ والطغيان. (2)
- وقال: وقد صح أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» (3) إلخ، ولم يرد عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم وهم أحرص الخلق على كل خير أنه طلب من ميت شيئا، بل قد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول إذا دخل الحجرة النبوية زائرا: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف ولا يطلب من سيد العالمين عليه الصلاة والسلام ولا من ضجيعيه المكرمين رضي الله عنهما شيئا، وهم أكرم من ضمته البسيطة، وأرفع قدرا من سائر من أحاطت به الأفلاك المحيطة. (4)
- وقال: ومن بدعهم الحلف بغير الله مع ورود النهي عن ذلك، فمنهم من يحلف بمن اشتهر في الوقت بالصلاح.
ومنهم من يحلف بالأخوة والأبوة والطعام والمحبة، وأمثال هذا الخور الذي لا يخرج إلا من لسان أحمق أخرق لا يميز بين السماء والأرض.
(1) البقرة الآية (186).
(2)
الرحلة المراكشية (ص.216 - 217).
(3)
أخرجه: مسلم (2/ 669/974) وأبو داود (3/ 558 - 559/ 3237) وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها.
(4)
الرحلة المراكشية (ص.218).
وكل هذا ورد النهي عنه، وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» (1).
فانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» تعرف أن الحلف بغير الله، ولو مما عظم الله كالكعبة والأولياء منهي عنه شرعا. (2)
- وقال: أما من حيث النذور في بلادنا اليوم، فلهم فيها ابتداعات قضت على أمر الدين، وتمكن إبليس اللعين من إدخال الفساد على الإسلام وأهله من هذا الباب حتى لا ترى مسلما اليوم إلا وهو بالوثني أشبه إلا ما قل.
جاء الإسلام بعقيدة التوحيد ليرفع نفوس المسلمين ويغرس في قلوبهم الشرف والعزة والأنفة والحمية، وليعتق رقابهم من رق العبودية لغير الله، فلا يذل صغيرهم لكبيرهم، ولا يهاب ضعيفهم قويهم، ولا يكون لذي سلطان بينهم سلطان إلا بالحق والعدل.
وقد ترك الإسلام بفضل عقيدة التوحيد ذلك الأثر الصالح في نفوس المسلمين في العصور الأولى فكانوا ذوي أنفة وعزة وإباء وغيرة يضربون على يد الظالم إذا ظلم، ويقولون للسلطان إذا جاوز حده في سلطانه قف
(1) أخرجه: أحمد (2/ 7) والبخاري (11/ 649/6646) ومسلم (3/ 1267/1646 [3 - 4]) والترمذي (4/ 93/1534) وقال: "حسن صحيح". النسائي (7/ 7/3773) من طرق عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
الرحلة (ص.299).
مكانك، ولا تغل في تقدير مقدار نفسك، فإنما أنت عبد مخلوق، لا رب معبود واعلم أنه لا إله إلا الله.
هذه صورة من صور نفوس المسلمين في عصر التوحيد. أما اليوم وقد داخل عقيدتهم ما داخلها من الشرك الباطن تارة والظاهر أخرى. فقد ذلت رقابهم، وخفقت رؤوسهم، وصرعت نفوسهم، وفترت حميتهم، فرضوا بخطة الخسف واستناموا إلى المنزلة الدنيا، فوجد أعداؤهم السبيل إليهم فغلبوهم على أمرهم، وملكوا نفوسهم وأموالهم ومواطنهم وديارهم، فأصبحوا من الخاسرين.
والله لن يسترجع المسلمون سالف مجدهم، ولن يبلغوا ما يريدون لأنفسهم من سعادة الحياة وهنائها إلا إذا استرجعوا قبل ذلك ما أضاعوه من عقيدة التوحيد، وإن طلوع الشمس من مغربها وانصباب ماء النهر في منبعه أقرب من رجوع الإسلام إلى سالف مجده ما دام المسلمون يقفون بين يدي السبتي والجزولي والغزواني والتباع والسهيلي واليحصبي وأمثالهم في سائر الأقطار كما يقفون بين يدي الله.
يا قادة الأمة ورؤساءها، عذرنا العامة في إشراكها وفساد عقائدها. وقلنا أن العامي أقصر نظرا وأضعف بصيرة من أن يتصور الألوهية إلا إذا رآها ماثلة في النصب والتماثيل والأضرحة والقبور، فما عذركم أنتم وأنتم تتلون كتاب الله وتقرؤون صفاته ونعوته، وتفهمون معنى قوله تعالى:{إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ} (1) وقوله مخاطبا لنبيه مولانا محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي
(1) يونس الآية (20).