الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قتله رافضي من أهل العمادية في جامع الدرعية سنة ثمان عشرة بعد المائتين والألف رحمه الله تعالى.
•
موقفه من المشركين:
تربى منذ ولادته إلى إمارته تحت رعاية سلفية؛ أب سلفي، وأم سلفية صالحة، وأستاذ ومعلم أحيى الله به الأرض بعد موتها. فكان نتيجة ذلك كله إماما عالما سلفيا، يطمح لنشر هذه العقيدة المباركة في أرجاء المعمورة. لقد ذكر من أرخ لهذا الإمام ونقل عنه رسائل متعددة أرسلها إلى مجموعة من القرى والبلدان، يبين لهم فيها العقيدة السلفية والحالة المحزنة التي هم عليها من الشرك والخرافات. ومن أهم هذه الرسائل رسالة أرسلها إلى الحرمين ومصر والشام
…
ونذكر نموذجا من رسائله كشاهد، ومن شاء التقصي فعليه بتواريخ نجد والدرر السنية.
- رسالة أرسلها إلى أهل المخلاف السليماني مع الشيخ أحمد الفلقي، الذي زار الدرعية وتعلم العقيدة السلفية، فطلب من الأمير أن يبعثه داعية إلى أهل المخلاف، فاستجاب له، وكتب معه الرسالة الآتية:
بسم الله الرحمن الرحيم:
من عبد العزيز بن سعود إلى من يراه من أهل المخلاف السليماني، خصوصا الأمراء أبناء حمد بن أحمد، وحمود وناصر ويحيى وسائر إخوانهم وآل النعمي وكافة أهل تهامة، وفقنا الله وإياهم إلى سبيل الحق والهداية، وجنبنا وإياهم طريق الشرك والغواية، وأرشدنا وإياهم إلى اقتفاء آثار أهل العناية، أما بعد، فالموجب لهذه الرسالة أن أحمد بن حسين الفلقي قدم إلينا،
فرأى ما نحن عليه وتحقق صحة ذلك، فالتمس منا أن نكتب لكم ما يزول به الاشتباه، لتعرفوا دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه. فاعلموا رحمكم الله، أن الله سبحانه وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل بالدين الكامل، والشرع التام، وأعظم ذلك وأكبره وزبدته: إخلاص العبادة لله تعالى لا شريك له والنهي عن الشرك، وذلك هو الذي خلق الله الخلق لأجله ودل الكتاب على فضله كما قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1). وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2) وإخلاص الدين هو صرف جميع أنواع العبادة لله تعالى وحده لا شريك له، وذلك بأن لا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا بالله ولا يذبح إلا لله ولا يخشى إلا الله ولا يرجى سواه ولا يرهب ولا يرغب إلا في ما لديه، ولا يتوكل في جميع الأمور إلا عليه.
وأن كل ما كان لله تعالى لا يصلح شيء منه لملك مقرب ولا لنبي مرسل، وهذا بعينه توحيد الألوهية الذي أسس الإسلام عليه، وانفرد به المسلم دون الكافر، وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله.
فلما من الله علينا بمعرفة ذلك وعلمنا أنه دين الرسل، اتبعناه ودعونا الناس إليه، وإلا فنحن كنا قبل ذلك على ما عليه غالب الناس من الشرك بالله من عبادة أهل القبور والاستغاثة بهم، والتقرب بالذبح لهم وطلب
(1) النحل الآية (36).
(2)
البينة الآية (5).
الحاجات منهم، مع ما ينضم إلى ذلك من فعل الفواحش والمنكرات وارتكاب المحرمات وترك الصلوات وترك شعائر الإسلام، حتى أظهر الله الحق بعد خفائه، وأحيا أثره بعد اندثاره على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أحسن الله له في آخرته المآب. فأبرز لنا جهة الحق ووجهة الصواب من كتاب الله المجيد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. فبين لنا أن الذي نحن عليه وهو دين غالب الناس من الاعتقاد في الصالحين وغيرهم ودعوتهم والتقرب إليهم والنذر لهم والاستغاثة بهم في الشدائد وطلب الحاجات منهم، أنه الشرك الأكبر الذي نهى الله عنه، وتهدد بالوعيد الشديد عليه، وأخبر في كتابه أنه لا يغفره إلا بالتوبة منه، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1). وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} (2) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)} (3)
فحين كشف الله لنا الإسلام، وعرفنا ما نحن عليه من الشرك والكفر بالنصوص القاطعة والأدلة الساطعة من كتاب الله وسنة رسوله وكلام أئمة الأعلام،
(1) النساء الآية (48).
(2)
المائدة الآية (72).
(3)
فاطر الآيتان (13 و14) ..
الذين أجمعت الأمة على درايتهم، عرفنا ما نحن عليه، وما كنا ندين به أولا أنه الشرك الأكبر، الذي نهى الله عنه وحذر، وأن الله أول ما أخبرنا به أن ندعوه وحده، وذلك كما قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)} (1). وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دعائهم غَافِلُونَ (5)} (2) إذا عرفتم هذا فاعلموا رحمكم الله أن الدين الذي ندين لله تعالى به، هو إخلاص العبادة لله وحده ونفي الشرك، وإقامة الصلاة جماعة وغير ذلك من أركان الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولا يخفى على ذوي البصائر والأفهام والمتدبرين من الأنام، أن هذا هو الدين الذي جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (3). وقال تعالى: {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (4). فمن قبل هذا ولزم العمل به، فهو حظه في الدنيا والآخرة، ونعم الحظ دين الإسلام، ومن أبى غير ذلك واستكبر فلم يقبل هدى الله لما تبين له نوره وسناه، نهيناه عن ذلك وقاتلناه، قال
(1) الجن الآية (18).
(2)
الأحقاف الآية (5).
(3)
آل عمران الآية (85).
(4)
المائدة الآية (3).
تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (1).
وقصدنا بهذه، النصيحة إليكم والقيام بواجب الدعوة، قال الله تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} (2) وصلى الله على محمد.
وصل الفلقي بالكتاب وكان يحمل معه مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبعد ذلك استوطن أسفل وادي بيش عند قبائل الجعافرة وقام بالوعظ والإرشاد، فالتف الناس حوله واجتمعت القلوب عليه وفشت الدعوة بين المجاورين لتلك القبيلة. (3)
التعليق:
لله درك من أمير أجدت وأفدت. بينت لنا البيان الكافي. صورت الحالة التي كانت تعيشها نجد خاصة والعالم الإسلامي عامة. أسندت الفضل لأهله ولم تدعه لنفسك، يشهد الله أنك ذكرتنا منهاج الصحابة رضوان الله عليهم، في دعوتهم وتواضعهم أمام الناس وبيانهم لدعوتهم السلفية. وذكرتنا حادثتك على يد الأشقى الرافضي قتله الله بحادث عمر مع المجوسي، فتلك كانت مع مجوسي القرن الأول، وهذه مع مجوسي القرن الثالث عشر.
فرحمة الله عليك الرحمة الواسعة.
(1) الأنفال الآية (39).
(2)
يوسف الآية (108).
(3)
الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/ 146 - 148) بتصرف.