الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكثيرا ممن تتلمذوا لابن العربي، كانوا أيضا في نفس الوقت تلاميذ للسيد عبد السلام السرغيني، وقد لاقت هذه لرحكة أيضا مقاومة شديدة من طرق القبوريين وكان أقطاب السياسة الأهلية من رجال الحماية يساندون الجامدين ويضطهدون بشتى الوسائل دعاة الإصلاح". (1)
توفي رحمه الله يوم الاثنين الخامس والعشرين من شوال عام أربع وخمسين وثلاثمائة وألف للهجرة.
موقفه من المبتدعة:
له كتاب 'المسامرة' وهو عبارة عن محاضرة ألقاها بنادي المسامرة بالمدرسة العليا الإدريسية بفاس، قال في مستهله:
- الحمد لله الذي أنزل القرآن نورا يهتدى به في ظلمات الجهل الداجن وصراطا مستقيما من سلكه اهتدى لأقوم المحاج. وأرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليبين للناس ما نزل إليهم من كتابه السراج الوهاج.
وصلى الله عليه وسلم - وعلى آله السالكين باتباع سنته أقوم منهاج، القامعين لأهل البدع والضلال باللسان والسيف والسنان في الأفراد والأزواج.
أما بعد أيها السادات الكرام إنني ملق إليكم بكلمات طالما اختلج بها الضمير، ولم يكن يمكن عنها باللسان التعبير، وما جرأني على ارتكاب ذلك، وإن كنت لست ممن يقرع تلك الأبواب ولا من يسلك تلك المسالك؛ إلا أني لم أر أحدا من السادة الذين سامروا قبلي تكلم عليها ولا أشار إليها، مع أنها هي التي ينبغي أن تقدم، وتقصد وتؤم؛ إذ ما من مكلف مكلف إلا
(1) مجلة دعوة الحق العدد 8 سنة 1959م (ص.19).
ويجب عليه أن يتمسك بالسنة ويعض عليها بالنواجذ، ويجتنب البدع ويفر من أهلها ولا فراره ممن يقصد من مقاتله المنافذ؛ وذلك لأن ارتكاب البدعة أعظم من ارتكاب المعصية؛ لأن المعصية وإن عظمت قد يتوب منها صاحبها، والبدعة لا يتوب منها صاحبها لاعتقاده أنها مطلوبة فهي أحب إلى الشيطان من المعصية
…
(1)
- وقال أيضا: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا، وهذا لا مخالف له من أهل السنة، وإذا كان كذلك، فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله أن الشريعة لم تتم، وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها؛ لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه لم يبتدع ولم يستدرك عليها. وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم. قال ابن الماجشون: سمعت مالكا يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (2) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا.
فالمبتدع معاند للشارع ومشاق له؛ لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقا خاصة ووجوها خاصة، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، وأن الشر في تعديها إلى غير ذلك، لأن الله يعلم ونحن لا نعلم، وأنه إنما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. فالمبتدع راد
(1) المسامرة (ص.2 - 3).
(2)
المائدة الآية (3).