المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من القدرية: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٩

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌ موقفه من القدرية:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من محمد بن عبد الله بن محمد بن فيروز (1216 ه

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌التجاني وضلاله (1230 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌عثمان بن محمد بن أحمد بن سند (1250 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من الدجال الكذاب أحمد زيني دحلان (1304 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين والصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌حسن عبد الرحمن السني البحيري المصري (1326 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌أبو شعيب الدكّاليّ (1356 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌مبارك بن محمد الميلي (1364 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌محمد عبد الله المدني (1371 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌عبد الرحمن بن يوسف الإفريقي (1377 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌عبد الرحمن الكمالي (1379 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌محمد البشير الإبراهيمي (1385 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌محمد بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم (1387 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

الفصل: ‌موقفه من القدرية:

واستحقاقه لعقوبة الله، بحسب ما ضيعه من الإيمان.

ويرتبون على هذا الأصل: أن كبائر الذنوب وصغارها، لا تصل بصاحبها إلى الكفر، ولكنها تنقص الإيمان، من غير أن تخرجه من دائرة الإسلام، ولا يخلد صاحبها في النار، ولا يطلقون عليه اسم الكفر، كما تقوله الخوارج، أو ينفون عنه الإيمان، كما تقوله المعتزلة، بل يقولون: هو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته. فمعه مطلق الإيمان. أما الإيمان المطلق فينفى عنه.

وهذه الأصول إذا عرفت وجهها، يحصل بها الإيمان بجميع نصوص الكتاب والسنة. (1)

‌موقفه من القدرية:

- جاء في الفتاوى السعدية: المسألة السابعة والعشرون «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» : لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن قضاء الله وقدره سابق للأعمال والحوادث، وقال بعض الصحابة: ففيم العمل يا رسول الله؟ أجابه بكلمة جامعة مزيلة للإشكال، موضحة لحكمة الله في قضائه وقدره، فقال:«اعملوا، فكل ميسر لما خلق له» (2).

وذلك شامل لأعمال الخير والشر، وللآجال والأعمار والأرزاق وغيرها. فإن الله بحكمته قد جعل مطالب ومقاصد، وجعل لها طرقا وأسبابا، فمن سلك طرقها وأسبابها التامة يسر لها، ومن ترك السبب، أو فعله على

(1) الفتاوى السعدية (14 - 15).

(2)

أخرجه من حديث علي: أحمد (1/ 82،129) والبخاري (8/ 919/4949) ومسلم (4/ 2039 - 2040/ 2647) وأبو داود (5/ 68 - 69/ 4694) والترمذي (4/ 388/2136) وابن ماجه (1/ 30 - 31/ 78).

ص: 343

وجه ناقص لا يوصل إلى مسببه، لم يحصل له، ويسر لضده.

فكما أن الأرزاق ونحوها منوطة بقضاء الله وقدره، ومع ذلك إذا ترك العبد السبب الموصل إلى الرزق، أو فعله على وجه ناقص، لم يتم له ما أراد، وإذا يسر له سبب الرزق من أي نوع كان، يتيسر له بحسبه. كذلك الأعمال الموصلة إلى الجنة: من يسر إلى سلوكها تامة لا نقص في شيء من مكملاتها، ولا وجود لمانع من موانعها، فقد علم أنه مخلوق للسعادة، وضد ذلك بضده.

فالقضاء والقدر موافق للأسباب، لا مناف لها، شرعا وعقلا وحسا، فإنه قدر الأمور بأسبابها وطرقها، وهو أعلم بها ومن يسلكها، ومن لا يسلكها. فسبق علمه وتقديره لها، لا يوجب ترك العمل، وإنما يوجب السعي التام لمن أحاط علمه بذلك، وعرفه حق المعرفة.

فكما أن من ترك النكاح، وقال: إن قدر لي ولد، جاءني ولولم أتزوج

ومن ترك الغرس والحرث، وقال: إن قدر لي زرع وثمرة، حصلا ولو لم أزرع

ومن ترك الحركة في طلب الرزق، وقال: إن قدر لي رزق، أتاني من دون سعي وحركة

من فعل ذلك، عد أحمق جاهلا ضالا. فكذلك من قال: سأترك الإيمان، والعمل الصالح، والله إن كان قدر سعادتي حصلت، فهو أعظم جهلا وضلالا وحمقا من ذلك. وهذا واضح، ولله الحمد. (1)

- وفيها: المسألة الثامنة والعشرون: الاحتجاج بالقدر.

الاحتجاج بالقدر على الشرك والكفر وأنواع المعاصي احتجاج باطل،

(1) الفتاوى السعدية (62 - 63).

ص: 344

لأنه يدفع أمر الله ورسوله، ويعتذر به عن معاصيه لله، وذلك من أكبر الظلم والجهل، والضلال.

وكذلك احتجاج العبد بعد وقوع ما يكره بأن يقول: لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، فإنه تقول على الله، وتكذيب لقدره الواقع لا محالة. وأما الاحتجاج بالقدر على وجه الإيمان به، والتوحيد لله، والتوكل عليه، والنظر إلى سبق قضائه وقدره، فهو محمود مأمور به، وكذلك الاحتجاج به على نعم الله الدينية والدنيوية، فإنه يوجب للعبد شهود منة الله عليه، بسبق قدره وإحسانه.

وكذلك إذا فعل العبد ما يقدر عليه من الأسباب النافعة في دينه ودنياه، ثم لم يحصل له مراده بعد اجتهاده، فإنه إذا اطمأن في هذه الحال إلى قضاء الله وقدره، كان محمودا نافعا للعبد، مريحا لقلبه، كما قال صلى الله عليه وسلم:«وإذا غلبك أمر فقل: قدر الله، وما شاء فعل» (1).

وكذلك إذا احتج به، بعد التوبة من الذنب، ومغفرة الله له، على وجه الإيمان به، كان حسنا، كما حج آدم موسى عليهما الصلاة والسلام.

وكذلك ينفع النظر إلى القضاء والقدر، ليبعث العبد على الجد والاجتهاد في الأعمال النافعة الدينية والدنيوية. فإنه إذا علم أن الله قدر الوصول إلى المطالب والمقاصد بالأسباب المأمور بها، جد واجتهد، عكس ما

(1) أخرجه بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة: أحمد (2/ 366،370) والنسائي في الكبرى (6/ 159/10457) وابن ماجه (2/ 1395/4168). وأصله عند مسلم (4/ 2052/2664) بلفظ: «وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله

». وابن ماجه (1/ 31/78).

ص: 345

يظنه كثير من الغالطين أن إثبات القدر يثبط، بل ينشط العاملين أبلغ مما لو كان الأمر لم يقدر له غاية. وكذلك ينفع النظر إلى القدر عند وجود المخاوف المزعجة، فإنه من علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، اطمأن قلبه، وسكنت نفسه، ولم ينزعج للأسباب المخوفة، بل يتلقاها بسكينة وطمأنينة، ويقوم بما أمر بالقيام به عندها.

وكذلك نفعه في المصائب وحلول المحن عظيم، فإنه من يؤمن بالله يهد قلبه. فإذا أصيب بمصيبة يعلم أنها من عند الله رضي وسلم لأمر الله وحكمه، واحتسب أجره لله وثوابه.

فهذا التفصيل في مسألة النظر إلى القضاء والقدر، والاحتجاج به، يأتي على جميع الأحوال، ويتبين أن منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم. والله أعلم. (1)

- وفيها: المسألة السادسة: الإيمان بالقدر: يتفق مع الأسباب.

مباشرة الأسباب، والاجتهاد في الأعمال النافعة، تحقق للعبد تمام الإيمان بالقضاء والقدر. فإن الله قدر المقادير بأسبابها وطرقها، وتلك الأسباب والطرق هي محل حكمة الله، فإن الحكمة: وضع الأشياء مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها اللائقة بها

فقضاء الله وقدره وحكمته، متفقات، كل واحد منها يمد الآخر ولا يناقضه. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل وقيل له: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقيها، وأدوية نتداوى بها، وتقاة نتقيها، هل ترد من

(1) الفتاوى السعدية (64 - 65).

ص: 346

قضاء الله وقدره؟ فقال: «هي من قضائه وقدره» (1).

فهذه الأسباب حسية ومعنوية روحانية، وحمية عما يضر، وهي في مقدمة الأسباب، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنها من قضاء الله وقدره. فمن زعم أنه مؤمن بالقدر وقد ترك الأسباب النافعة الدينية والدنيوية التي عليها نظام القدر، فهو غالط. فإن المؤمن بالقدر، يجري على أحكامه، ويعمل على سنته ونظامه، ويتبع النافع في إحكامه وإبرامه، والله المعين الموفق.

وتوضيح ذلك أن أقدار الله كلها تابعة لحكمه وحكمته، فكما أن أفعاله تعالى كلها محكمة في غاية الإحكام والانتظام، ما ترى في خلق الرحمن من خلل ولا نقص ولا فطور ولا اختلال، ولا في شرعه من عبث وسفه ومنافاة للحكمة والمصلحة والإحسان، فكذلك أفعال المكلفين دينيها ودنيويها، ظاهرها وباطنها، كلها تجري على وفق الحكمة والغايات الحميدة، وأنه كلما عظم المقصود، وكثرت منافعه ومصالحه لم يمكن إدراكه إلا بسلوك الطرق المفضية إليه.

فأعظم المقاصد على الإطلاق نيل رضا الله، والفوز بثوابه، والسلامة من عقابه.

وقد جعل الله له الإيمان وشعبه الظاهرة والباطنة، والقيام بعبودية الله، وإخلاص الدين له، ولزوم الاستقامة والتقوى جعلها الله طرقا وأسبابا توصل إليه.

(1) أخرجه من حديث أبي خزامة عن أبيه: أحمد (3/ 421) والترمذي (4/ 349/2065) وابن ماجه (2/ 1137/3437) والحاكم (4/ 199). وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله بشواهده (انظر تخريج أحاديث مشكلة الفقر رقم 11).

ص: 347

فما لم يسلك العبد هذا السبيل، فمحال أن يصل إلى رضوان ربه وثوابه، فاتكال الأحمق على القدر بدون جد واجتهاد، قدح في القدر والشرع جميعا. وكذلك المطالب الأخر، كنيل العلم، وإدراكه: هل يمكن بغير جد واجتهاد ومواصلة الأوقات في طلبه، وسلوك الطرق المسهلة له؟ فمن قال: إن قدر لي، أدركت العلم، اجتهدت أم لا، فهو أحمق. كما قال بعضهم:

تمنيت أن تمسي فقيها مناظرا

بغير عناء، والجنون فنون

وليس اكتساب المال دون مشقة

تلقيتها فالعلم كيف يكون

وهكذا: من ترك الزواج، وقال: إن قدر لي أولاد حصلوا، تزوجت أو تركت.

ومن رجا حصول ثمر أو زرع، بغير حرث وسقي وعمل، متكلا على القدر، فهو أحمق مجنون. وهكذا سائر الأشياء دقيقها وجليلها.

فعلم أن القيام بالأسباب النافعة، واعتقاد نفعها، داخل بقضاء الله وقدره، دون الإخلاد إلى الكسل، والسكون مع القدرة على الحركة، هو الجنون. وإن قول من قال:

جرى قلم القضاء بما يكون

فسيان التحرك والسكون

جنون منك أن تسعى لرزق

ويرزق في غشاوته الجنين

هو الغلط الفاحش. وإن هذا القياس الذي قاسه -قاس القادر على الحركة المأمور بها، على العاجز إذا خلا عن الحركة- قياس عجيب غريب، ولو أن هذا الشاعر قاس من تعذرت عليه الحركة والأسباب من كل وجه،

ص: 348

على هذا، لكان حسنا مطابقا.

فإن قيل: قد توضح لنا أن السعي في الأسباب الموصلة إلى مسبباتها، مطابق للقضاء والقدر، مؤيد له، وأنه يتعذر الإيمان الصحيح بالقدر بدون فعل الأسباب، فما أحسن طريق يسلكه العبد؟

فالجواب: أحسن طريق يسلكه العبد في أموره الدينية؛ الاجتهاد في تفهم كتاب الله وسنة رسوله، وتحقيق الإخلاص للمعبود في كل عمل وقول، وعقيدة وطريقة، وتحقيق متابعة الرسول، واجتناب البدع الاعتقادية، والبدع العملية. فهذه الطريقة الدينية فيها الخير والبركة، والقليل منها أعظم ثوابا، وأبلغ نجاحا، من الكثير من غيرها.

وأما الأمور الدنيوية: فالعبد مفتقر إلى الكسب لنفسه، ولمن عليه مؤونته، فعليه بسبب يناسب حاله، ويتفق مع وقته من المكاسب المباحة، وخصوصا: المكاسب التي لا تشغل العبد عن أمور دينه، ولا تدخله في محظور. وليثابر على ذلك السبب، ويكون اعتماده على مسبب الأسباب، وليكثر من سؤال ربه لييسر أموره، وأن يختار له أحسن الأحوال. وليكن قنوعا برزق الله، راضيا بما قسم الله، لا يحزن على مفقود، ولا يتشوش من مناقضة الأسباب لمراده، فبذلك يحصل رضا ربه، وراحة قلبه

ويبارك له في القليل. وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم. (1)

(1) الفتاوى السعدية (24 - 26).

ص: 349