الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم كانوا على كشفها أقوى وبالفضل لو كان فيها أحرى، وإنهم لهم السابقون، وقد بلغهم عن نبيهم ما يجري من الاختلاف بعد القرون الثلاثة فلئن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم حدث بعدهم فما أحدثه إلا من ابتغى غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم واختار ما نحته فكره على ما تلقوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم وتلقاه عنهم من تبعهم بإحسان، ولقد وصفوا منه ما يكفي، وتكلموا منه بما يشفي، فمن دونهم مقصر ومن فوقهم مفرط، لقد قصر دونهم أناس فجفوا وطمح آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم".
وأثر حذيفة رواه البخاري، ومعشر القراء: المراد بهم علماء القرآن والسنة وقوله: "فقد سبقتم" قيل: الرواية الصحيحة بفتح السن والباء والمشهور ضم السين وكسر الباء، والمعنى على الأول اسلكوا طريق الاستقامة لأنكم أدركتم أوائل الإسلام فاستمسكوا بالكتاب والسنة لتسبقوا إلى خير، إذ من جاء بعدكم وإن عمل بعملكم لا يصل إلى سبقكم إلى الإسلام، وعلى الثانية سبقكم المتصفون بتلك الاستقامة إلى الله فكيف ترضون لنفوسكم هذا التخلف المؤدي إلى انحراف عن سنن الاستقامة يمينا وشمالا الموجب للهلاك الأبدي
…
(1)
موقفه من المرجئة:
- قال في 'التحفة المهدية': والكرامية لهم في مسألة الإيمان قول شنيع لم يسبقهم إليه أحد من الطوائف، وهو قولهم إن الإيمان يكفي فيه مجرد النطق باللسان وإن كان القلب غير مصدق، وعلى هذا فالمنافق عندهم مؤمن،
(1) التحفة المهدية (448 - 451).
لكنهم يحكمون عليه بالخلود في النار، فهو عندهم مؤمن في الاسم لا في الحكم، أما رأي الكرامية في مسائل الصفات، والقدر، والوعيد، فهو شبيه برأي كثير من طوائف المتكلمين الذين يوجد في آرائهم شيء من الصواب وشيء من مخالفة الشرع. (1)
- وقال مبينا مذهب أهل السنة في الإيمان: والحق، أن الإيمان قول وعمل، قول باللسان وإقرار واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح مع الإخلاص بالنية الصادقة، وكل ما يطاع الله عز وجل به من فريضة ونافلة فهو من الإيمان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي. وأهل الذنوب مؤمنون غير مستكملي الإيمان من أجل ذنوبهم، وإنما صاروا ناقصي الإيمان بارتكابهم الكبائر. والخوارج والمعتزلة يقولون: إن الدين والإيمان قول وعمل واعتقاد ولكن لا يزيد ولا ينقص، ومن أتى كبيرة كفر عند الحرورية، وصار فاسقا عند المعتزلة في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر، وأما الحكم فالمعتزلة وافقوا الخوارج على حكمهم في الآخرة: فعندهم أن من أتى كبيرة فهو خالد مخلد في النار، لا يخرج منها لا بشفاعة، ولا بغير شفاعة، أما في الدنيا فالخوارج حكموا بكفر العاصي واستحلوا دمه وماله، وأما المعتزلة فحكموا بخروجه من الإيمان ولم يدخلوه في الكفر، ولم يستحلوا منه ما استحله الخوارج، وقابلتهم المرجئة والجهمية ومن اتبعهم، فقالوا: ليس من الإيمان فعل الأعمال الواجبة، ولا ترك المحظورات البدنية. فإن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان، بل هو شيء واحد. (2)
(1)(ص.374).
(2)
التحفة المهدية (ص.376).