الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البديهيّ من قواعد الإسلام، وأن يصبغوها صبغة أوربية، مسيحية أو وثنية، إذا ما أَرضوا عنهم أعداءهم، ونالوا ثناءهم، ولم يخرجوا على مبادئ التشريع الحديث!!
وهم -في نظر الشرع- مخطئون إذا ما أصابوا، مجرمون إذا ما أخطؤوا. أصابوا عن غير طرق الصواب، إذ لم يضعوا الكتاب والسنة نصب أعينهم، بل أعرضوا عنهما ابتغاء مرضاة غير الله، جهلوهما جهلاً عجيباً. وأخطؤوا عامدين أن يخالفوا ما أمرهم به ربّهم، ساخطين إذا ما دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم. والحجة عليهم قول كبيرهم:(إن جهات التشريع عندنا تشتغل في دائرة غير دائرة الدين)!! وإصراره على أنه لو كان قوياً في صحته فلن يجيب إلى (الرجوع لسلفنا الصالح في أمر القوانين). (1)
موقفه من الجهمية:
كان هذا الرجل متشبعا بالعقيدة السلفية زيادة على تضلعه في علم الحديث ويظهر ذلك من تعاليقه وتحريراته، وله مقال جيد نأخذه على سبيل المثال للدلالة على دفاعه عن العقيدة السلفية: جاء في دائرة المعارف الإسلامية في التعليق على مادة: "تأويل": قال: أصل مادة (تأويل) من المعنى اللغوي: آل يؤول أولا، أي: رجع إلى أصله. ثم استعمل في كلام العرب وفي القرآن خاصة بمعنى التفسير أو بشيء قريب من معناه. فالتفسير والتأويل: كشف المراد عن الشيء المشكل. وفرق بعض العلماء بينهما، فكثر استعمال التفسير: فيما يتعلق بشرح المفردات والألفاظ، والتأويل: فيما يتعلق بالمعاني
(1) الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين (ص.97 - 98).
والجمل. واصطلح الفقهاء وغيرهم على معنى آخر للتأويل هو: تفسير الآية أو الحديث بمعنى غير ما يفهم من ظاهر اللفظ. ولذلك يقول العلماء كثيرا في عباراتهم مثلا: إن هذا الحديث أو هذه الآية من الصريح الذي لا يحتمل التأويل، أي: لا يحتمل معنى آخر يخرجه عن المراد الظاهر من لفظه، فالمعنى الظاهر لا يخرج عن المفسر والمؤول إلا بدليل أو قرينة، لأنه يكون شبيها بالمعنى المجازي. وقد ورد لفظ التأويل في آيات من القرآن على المعنى اللغوي الأصلي، ولكن بعض العلماء والمفسرين ظنها مما يدخل في التأويل الاصطلاحي، فنشأ عن ذلك اختلاف واضطراب في آرائهم، والحق أن ذلك على المعنى اللغوي الواضح. ففي لسان العرب: "وأما قول الله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} (1) فقال أبو إسحاق: معناه، هل ينظرون إلا ما يؤول إليه أمرهم من البعث. قال: وهذا التأويل هو قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (2) أي: لا يعلم متى يكون أمر البعث وما يؤول إليه الأمر عند قيام الساعة إلا الله، والراسخون في العلم يقولون: آمنا به أي: آمنا بالبعث. والله أعلم، قال ابن منظور: وهذا حسن (3).
وأقول: بل هو الصواب الذي لا يفهم من القرآن غيره، ثم دخل على المسلمين ناس اتبعوا المتشابه في مثل هذا، وأكثروا من القول في القرآن بغير علم، حتى ادعوا أن له ظاهرا وباطنا، وأن الباطن لا يعلمه هؤلاء إلا بشيء يزعمونه نحو:
(1) الأعراف الآية (53).
(2)
آل عمران الآية (7).
(3)
لسان العرب (13/ 25) ..
"الإلهام". وهم لم يفقهوا ظاهر القرآن، ولم يعرفوا شيئا من السنة، أو عرفوا وأعرضوا عنه لما وقر في نفوسهم من حب الإغراب أو من آراء تنافي الإسلام، فأرادوا أن يلصقوها به، وعن ذلك نشأت تأويلات الصوفية وغيرهم ممن أشار إليهم كاتب المادة. وهذه التأويلات لا تمت إلى الإسلام بصلة وإن كان قائلوها يسمون بأسماء إسلامية ويذكرون في تاريخ الإسلام، وتذكر أقوالهم وآراؤهم مع آراء علماء الإسلام. والإسلام دين واضح سهل لا رموز فيه ولا ألغاز. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد ترك المسلمين على المحجة الواضحة ليلها كنهارها. فكل من حاد عن هذه السبيل فإنما أعرض عن الصراط المستقيم وتفرقت به السبل، حتى خرج بعضهم عن كل طريق من طرق الإسلام، أو من الطرق التي تشبه أن تتصل بالإسلام، ممن وصفهم كاتب المادة بقوله:"بل صارت أحكام القرآن في رأي أصحابها غير واجبة الإتباع". ومن ذهب هذا المذهب أو قريبا منه فلا يمكن أن يعد من المسلمين ولا أن ينسب قوله إلى أقوال أهل الإسلام. (1)
التعليق:
الله أعلم بالضرر البالغ الذي ألحقه طاغوت التأويل بالمسلمين الذي اخترعه أعداء العقيدة السلفية. وقد تصدى لرده وبيان الباطل والحق منه: العلامة ابن القيم في كتابه 'الصواعق المرسلة' بما لا مزيد عليه، فجزاه الله خيرا.
(1) دائرة المعارف الإسلامية (9/ 162 - 163).
حافظ بن أحمد الحَكَمِي (1)(1377 هـ)
الشيخ حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، نسبة إلى الحكم بن سعد العشيرة بطن من (مذحج). ولد في شهر رمضان عام اثنين وأربعين وثلاثمائة وألف بقرية السلام في منطقة جيزان. نشأ في بيئة صالحة طيبة ساعدته على تحصيل العلوم الشرعية منذ الصغر، فحفظ القرآن الكريم ثم توجه إلى الاشتغال بكتب الفقه والحديث والتفسير والتوحيد وغيرها. وأخذ عن الشيخ عبد الله القرعاوي الذي كان قد قدم من "نجد"، ولازمه حتى نضج علمه ورسخت قدمه. وكان رحمه الله شديد التمسك بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، على جانب كبير من الورع والكرم والعفة. عين مديرا لمدرسة سامطة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وألف للهجرة، ثم مديرا للمعهد العلمي فيها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، واستمر فيه إلى أن توفي يوم السبت الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة بمكة المكرمة ودفن بها.
أقول: كان هذا الرجل أعجوبة زمانه -كما يحكي تلامذته الذين درسوا عليه- في الحفظ والاستحضار، وظهر أثر ذلك في كتبه التي ألفها على صغر سنه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
آثاره السلفية:
1 -
'سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله'.
2 -
'معارج القبول في شرح سلم الوصول'.
(1) الأعلام (2/ 159) ومقدمة معارج القبول، بقلم ابن الشيخ. والمستدرك على معجم المؤلفين (183 - 184).