الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحجاز فضج هؤلاء لضجيجهم، والبدعة رحم ماسة، فليس ما نسمعه هنا من ترديد كلمة (وهابي) تُقذف في وجه كل داعٍ إلى الحق إلا نواحاً مُردَّداً على البدع التي ذهبت صرعى لهذه الوهابية. (1)
- وقال عن التعصب المذهبي: هذه العصبية العمياء التي حدثت بعدهم -أي الفقهاء والأئمة الأربعة على وجه الخصوص- للمذاهب والتي نعتقد أنهم لو بعثوا من جديد لأنكروها على أتباعهم
…
وقد طغت شرور العصبية للمذاهب الفقهية في جميع الأقطار الإسلامية، وكان لها أسوأ الأثر في تفريق كلمة المسلمين، وأن في وجه التاريخ الإسلامي منها لندوباً. (2)
موقفه من المشركين:
- قال في خطبة ألقاها بإذاعة صوت العرب سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة -حول موالاة الكفار المستعمرين-: بسم الله الرحمن الرحيم، إذا قلنا:(إن موالاة المستعمر خروج عن الإسلام)؛ فهذا حكم مجمل، تفصيله: إن الموالاة مفاعلة، أصلها الولاء أو الولاية، وتمسها في معناها مادة التّولّي، والألفاظ الثلاثة واردة على لسان الشرع، منوط بها الحكم الذي حكمنا به؛ وهو الخروج عن الإسلام، وهي في الاستعمال الشرعي جارية على استعمالها اللغوي، وهو في جملته ضد العداوة؛ لأن العرب تقول: وَالَيتُ أو عاديتُ، وفلان وليّ أو عدوّ، وبنو فلان أولياء أو أعداء، وعلى هذا المعنى تدور تصرفات الكلمة في الاستعمالين الشرعي واللغوي. وماذا بين
(1) مجلة الأصالة الأردنية العدد 1، (ص.36).
(2)
الأصالة العدد 2، (ص.44).
الاستعمار والإسلام من جوامع أو فوارق حتى يكون ذلك الحكم الذي قلناه صحيحاً أو فاسداً؟
إن الإسلام والاستعمار ضدان لا يلتقيان في مبدإ ولا في غاية، فالإسلام دين الحرية والتحرير، والاستعمار دين العبودية والاستعباد، والإسلام شرع الرحمة والرفق وأمر بالعدل والإحسان، والاستعمار قوامُه على الشدة والقسوة والطغيان، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار، والاستعمار يدعو إلى الحرب والتقتيل والتدمير والاضطراب، والإسلام يُثبت الأديان السماوية ويحميها، ويقرّ ما فيها من خير ويحترم أنبياءها وكتبها، بل يجعل الإيمان بتلك الكتب وأولئك الرسل قاعدة من قواعده وأصلاً من أصوله، والاستعمار يكفر بكل ذلك ويعمل على هدمه، خصوصاً الإسلام ونبيه وقرآنه ومعتنقيه. نستنتج من كل ذلك أن الاستعمار عدو لدود للإسلام وأهله، فوجب في حكم الإسلام اعتبار الاستعمار أعدى أعدائه، ووجب على المسلمين أن يطبِّقوا هذا الحكم وهو معاداة الاستعمار لا موالاته. الاستعمار الغربي -وكل استعمار في الوجود غربي- يزيد على مقاصده الجوهرية وهي الاستئثار والاستعلاء والاستغلال مقصداً آخر أصيلاً وهو محو الإسلام من الكرة الأرضية خوفاً من قوته الكامنة، وخشيةً منه أن يعيد سيرته الأولى كرةً أخرى. وجميع أعمال الاستعمار ترمي إلى تحقيق هذا المقصد؛ فاحتضانه للحركات التبشيرية وحمايته لها وسيلة من وسائل حربه للإسلام، وتشجيعه للضالين المضلين من المسلمين غايته تجريد الإسلام من روحانيته وسلطانه على النفوس، ثم محوه بالتدريج، ونشره للإلحاد بين
المسلمين وسيلة من وسائل محو الإسلام، وحمايته للآفات الاجتماعية التي يحرّمها الإسلام ويحاربها كالخمر والبغاء والقمار ترمي إلى تلك الغاية، ففي الجزائر -مثلاً- يبيح الاستعمار الفرنسي فتح المقامر لتبديد أموال المسلمين، وفتح المخامر لإفساد عقولهم وأبدانهم، وفتح المواخير لإفساد مجتمعهم، ولا يبيح فتح مدرسة عربية تحيي لغتهم، أو فتح مدرسة دينية تحفظ عليهم دينهم.
ويأتي في آخر قائمة الأسلحة التي يستعملها الاستعمار الغربي لحرب الإسلام اتفاقه بالإجماع على خلق دولة إسرائيل في صميم الوطن العربي، وانتزاع قطعة مقدسة من وطن الإسلام وإعطائها لليهود الذين يدينون بكذب المسيح وصلبه، وبالطعن في أمه الطاهرة.
فالواجب على المسلمين أن يفهموا هذا، وأن يعلموا أن من كان عدوّاً لهم فأقل درجات الإنصاف أن يكونوا أعداءً له، وأنّ موالاته بأي نوع من أنواع الولاية هي خروج عن أحكام الإسلام؛ لأن معنى الموالاة له أن تنصره على نفسك وعلى دينك وعلى قومك وعلى وطنك. والمعاذير التي يعتذر بها الموالون للاستعمار كالمداراة وطلب المصلحة يجب أن تدخل في الموازين الإسلامية، والموازين الإسلامية دقيقة تزن كل شيء من ذلك بقدره وبقدر الضرورة الداعية إليه، وأظهر ما تكون تلك الضرورات في الأفراد لا في الجماعات ولا في الحكومات. وموالاة المستعمر أقبح وأشنع ما تكون من الحكومات، وأقبح أنواعها أن يحالَف حيث يجب أن يُخالَف، وأن يعاهَد حيث يجب أن يجاهَد
…