الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال فيه الشيخ إبراهيم بن محمد بن ضويان: كان فقيها ذا وقار، مسددا في أحكامه، وطالت مدته في القضاء، فعزل نفسه لكبر سنه، وحج وجاور في مكة، وحج من قابل، ورجع إلى وطنه، فسكن "خب البصر" إلى أن مات فيه عام أربع وثلاثمائة وألف للهجرة.
موقفه من المشركين:
جاء في علماء نجد: ويذكر أنه لما عين قاضيا في بريدة، شك علماء الرياض في صحة تحقيقه التوحيد، وخافوا أنه ممن يجيز التوسل بذوات الصالحين أو ممن يجيز شد الرحال إلى القبور ونحو ذلك، فطلبوه ليحققوا معه، فذهب إليهم ورافقه تلميذه قاضي الخبراء الشيخ محمد بن عمر بن مبارك العمري، فلما باحثوه وظهر لهم صحة معتقده، عاد إلى بريدة واستمر في عمله القضائي. (1)
موقف السلف من الدجال الكذاب أحمد زيني دحلان (1304 ه
ـ)
محاربته للعقيدة السلفية:
- كلمة الشيخ رشيد رضا فيه في مقدمة صيانة الإنسان (2): 'رسالة الشيخ أحمد زيني دحلان في الرد على الوهابية'. تصدى للطعن في الشيخ محمد بن عبد الوهاب والرد عليه أفراد من أهل الأمصار المختلفة، منهم رجل
(1) علماء نجد (2/ 375).
(2)
(ص.7 - 10).
من أحد بيوت العلم في بغداد، قد عهدناه يفتخر بأنه من دعاة التعطيل والإلحاد، وكان أشهر هؤلاء الطاعنين مفتي مكة المكرمة، الشيخ أحمد زيني دحلان، المتوفى سنة أربع وثلاثمائة وألف، ألف رسالة في ذلك، تدور جميع مسائلها على قطبين اثنين: قطب الكذب والافتراء على الشيخ، وقطب الجهل بتخطئته في ما هو مصيب فيه، أنشئت أول مطبعة في مكة المكرمة في زمن هذا الرجل، فطبع رسالته وغيرها من مصنفاته فيها، وكانت توزع بمساعدة أمراء مكة ورجال الدولة، على حجاج الآفاق فعم نشرها، وتناقل الناس مفترياته وبهاءته في كل قطر، وصدقها العوام وكثير من الخواص، كما اتخذت المبتدعة والحشوية والخرافيون رواياته ونقوله الموضوعة والواهية والمنكرة وتحريفاته للروايات الصحيحة حججا يعتمدون عليها في الرد على دعاة السنة المصلحين، وقد فنيت نسخ رسالته تلك ولم يبق منها شيء بين الأيدي، ولكن الألسن والأقلام لا تزال تتناقل كل ما فيها من غير عزو إليها، ودأب البشر العناية بنقل ما يوافق أهواءهم، فكيف إذا وافقت هوى ملوكهم وحكامهم، كنا نسمع في صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسالة دحلان هذا، ورسائل أمثاله فنصدقها بالتبع لمشائخنا وآبائنا، ونصدق أن الدولة العثمانية هي حامية الدين، ولأجله حاربتهم، وخضضت شوكتهم.
وأنا لم أعلم بحقيقة هذه الطائفة إلا بعد الهجرة إلى مصر، والاطلاع على تاريخ الجبرتي، وتاريخ الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، فعلمت منهما أنهم هم الذين كانوا على هداية الإسلام دون مقاتليهم، وأكده الاجتماع بالمطلعين على التاريخ من أهلها، ولا سيما تواريخ الإفرنج الذين بحثوا عن حقيقة
الأمر، فعلموها وصرحوا أن هؤلاء الناس أرادوا تجديد الإسلام، وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول، وإذا لتجدد مجده وعادت إليه قوته وحضارته، وأن الدولة العثمانية ما حاربتهم إلا خوفا من تجديد ملك العرب، وإعادة الخلافة الإسلامية سيرتها الأولى.
على أن العلامة الشيخ: عبد الباسط الفاخوري، مفتي بيروت، كان ألف كتابا في تاريخ الإسلام، ذكر فيه الدعوة التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقال: إنها عين ما دعا إليه النبيون والمرسلون، ولكنه قال: إن الوهابيين في عهده متشددون في الدين، وقد عجبنا له كيف تجرأ على مدحهم في عهد السلطان عبد الحميد! ورأيت شيخنا: الشيخ محمد عبده في مصر على رأيه في هداية سلفهم، وتشدد خلفهم وأنه لولا ذلك، لكان إصلاحهم عظيما، ورجى أن يكون عاما، وقد ربى الملك عبد العزيز الفيصل أيده الله غلاتهم المتشددين، منذ سنتين بالسيف، تربية يرجى أن تكون تمهيدا لإصلاح عظيم.
ثم اطلعت على أكثر كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ورسائله وفتاويه، وكتب أولاده وأحفاده ورسائلهم، ورسائل غيرهم من علماء نجد في عهد هذه النهضة التجديدية، ورأيت أنه لم يصل إليهم اعتراض ولا طعن فيهم إلا وأجابوا عنه، فما كان كذبا عليهم قالوا:{سبحانك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)} (1). وما كان صحيحا أو له أصل بينوا حقيقته وردوا عليه، وقد
(1) النور الآية (16).
طبعت أكثر كتبهم وعرف الألوف من الناس أصل تلك المفتريات عنهم.
ومن المستبعد جدا، أن يكون الشيخ أحمد دحلان لم يطلع على شيء من تلك الكتب والرسائل، وهو في مركزه بمكة المكرمة على مقربة منهم، فإن كان قد اطلع عليها ثم أصر على ما عزاه إليهم من الكذب والبهتان -ولا سيما ما نفوه صريحا وتبرأوا منه- فأي قيمة لنقله ولدينه وأمانته؟ وهل هو إلا ممن باعوا دينهم بدنياهم؟
ولقد نقل عنه بعض علماء الهند ما يؤيد مثل هذا فيه. فقد قال صاحب كتاب 'البراهين القاطعة على ظلام الأنوار الساطعة' المطبوع بالهند: إن شيخ علماء مكة في زماننا قريب من سنة ثلاث وثلاثمائة وألف قد حكم -أي أفتى- بإيمان أبي طالب، وخالف الأحاديث الصحيحة، لأنه أخذ الرشوة -الربابي القليلة- من الرافضي البغدادي اهـ. وشيخ مكة في ذلك العهد هو الشيخ أحمد دحلان الذي توفي سنة أربع وثلاثمائة وألف، وصاحب الكتاب المذكور هو العلامة الشيخ رشيد أحمد الكتكوتي مؤلف كتاب بذل المجهود شرح سنن أبي داود، والخبر مذكور فيه، وهو قد نسب إلى أحد تلاميذ مؤلفه الشيخ خليل أحمد والصحيح أنه هو الذي أملاه عليه، وهو كبير علماء "ديوبند" في عصره رحمه الله.
وإذا فرضنا أن الشيخ أحمد دحلان لم ير شيئا من تلك الكتب والرسائل، ولم يسمع بخبر عن تلك المناظرات والدلائل، وأن كل ما كتبه في رسالته قد سمعه من الناس وصدقه، أفلم يكن من الواجب عليه أن يتثبت فيه ويبحث ويسأل عن كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ورسائله، ويجعل رده
عليها، ويقول في الأخبار اللسانية قال لنا فلان، أو قيل عنه كذا، فإن صح فحكمه كذا؟ إن علماء السنة في الهند واليمن قد بلغهم كل ما قيل في هذا الرجل، فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله تعالى فظهر لهم أن الطاعنين فيه مفترون لا أمانة لهم، وأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره وعدوه من أئمة المصلحين، المجددين للإسلام، ومن فقهاء الحديث كما نراه في كتبهم. ولا تتسع هذه المقدمة لنقل شيء من ذلك، وإنما هي تمهيد للتعريف بهذا الكتاب في الرد عليه.
التعليق:
يستفاد من هذا النص الحقائق الآتية:
- بيان الحالة التي كان عليها دحلان من محاربته للعقيدة السلفية.
- بيان تعاون أهل الضلال، وتكاتفهم ضد العقيدة السلفية - أمراء تجار وعلماء.
- الأثر الخبيث الذي تركته كتب هذا المبتدع في نفوس الناس.
- التردي الفكري والعلمي الذي كان يعيشه العالم الإسلامي، وإلا كان بالإمكان أن يتوصل لحقيقة طالبها وإن بعدت الديار.
- كثير من الناس اقتنعوا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وإن كان التطبيق ينقصهم.
- مبلغ عداوة الدولة العثمانية للعقيدة السلفية.
- شجاعة الشيخ عبد الباسط في إظهار العقيدة السلفية على حقيقتها، وإن كان ينقصه بعض الفهم والتصور عنها، كما ينقص الشيخ رشيد رضا.
- بيع الخرافيين والدجالين لفتواهم الباطلة، ونزاهة السلفيين عن مثل هذا السقوط.
- الإلزامات الجيدة التي ذكرها الشيخ رشيد، تلزم كل خرافي وصاحب بدعة في العقيدة السلفية.
صديق حسن خان (1)(1307 هـ)
الشيخ العلامة محمد صديق خان بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني أبو الطيب البخاري القَنُّوجِي. ولد سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف للهجرة في قنوج (بالهند)، ثم ارتحل إلى مدينة دهلي، ثم إلى بهوبال، طالبا للعلم وآخذا من أهله. أخذ عن الشيخ صدر الدين الدهلوي وحسن بن محسن السبعي الأنصاري وغيرهما. وفي عام ثمان وثمانين ومائتين وألف للهجرة تزوج ملكة بهوبال، وعمل وزيرا لها ونائبا عنها. قال عنه تليمذه ابن الآلوسي: شيخنا الإمام الكبير، السيد العلامة الأمير البدر المنير، البحر الحبر في التفسير والحديث والفقه والأصول
…
فصيح سريع القراءة، سريع الكتابة، سريع الحفظ والمطالعة، لا يبالي في الله بلومة لائم من أهل الابتداع، ولا تمنعه صولة صائل في تحرير الحق الحقيق بالاتباع. قال عن نفسه رحمه الله: ثم إني لم أمدح في عمري هذا أحدا من الأمراء طمعا في صلته وملازمته كما هو عادة الشعراء، وإنما نظمت الشعر العربي والفارسي، إذا طاب الوقت وطاب
(1) هدية العارفين (2/ 388) والأعلام (6/ 167) ومعجم المؤلفين (10/ 90) ومقدمة قطف الثمر (11 - 25) وجلاء العينين (48) والتاج المكلل (ص.541 - 550) وأبجد العلوم (3/ 216 - 218).