المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما قيل فى وصف فصل الصيف وتشبيهه نظما ونثرا - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌الفن الأوّل فى السماء والآثار العلويّة، والأرض والمعالم السّفليّة

- ‌القسم الأوّل فى السماء وما فيها وفيه خمسة أبواب:

- ‌الباب الأوّل من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى مبدإ خلق السماء

- ‌2- ذكر ما قيل فى أسماء السماء وخلقها

- ‌3- حكى فى سبب حدوثه

- ‌الباب الثانى

- ‌1- فى هيئتها

- ‌2- أما الأمثال

- ‌3- وأما الوصف والتشبيه

- ‌4- ومما قيل فى الفلك

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر الملائكة

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب السبعة المتحيرة

- ‌2- ذكر ما قيل فى الشمس

- ‌3- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الشمس

- ‌4- ذكر ما جاء فى وصف الشمس وتشبيهها

- ‌5- ذكر شىء مما وصفت به على طريق الذمّ

- ‌6- ذكر ما قيل فى الكسوف

- ‌7- ذكر أسماء الشمس اللغوية

- ‌8- ذكر عبّاد الشمس

- ‌9- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌10- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌11- ذكر أسماء القمر اللّغوية

- ‌12- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر القمر

- ‌13- ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌14- ذكر شىء مما قيل فيه على طريق الذم

- ‌15- ذكر عبّاد القمر

- ‌16- ذكر ما قيل فى الكواكب المتحيرة

- ‌17- ذكر عباد الروحانيات

- ‌18- ذكر بيوت الهياكل (وأماكنها ونسبتها إلى الكواكب)

- ‌الباب الخامس من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب الثابتة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الكواكب

- ‌3- ذكر ما قيل فى وصف الكواكب وتشبيهها

- ‌القسم الثانى من الفن الأوّل فى الآثار العلوية وفيه أربعة أبواب

- ‌الباب الأوّل من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى السحاب، وسبب حدوثه، وفى الثّلج والبرد

- ‌2- ذكر ما قيل فى ترتيب السحاب

- ‌3- ذكر ما قيل فى ترتيب المطر

- ‌4- ذكر ما قيل فى فعل السحاب والمطر

- ‌5- ذكر أسماء أمطار الأزمنة

- ‌6- ذكر أسماء المطر اللغوية

- ‌7- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر المطر

- ‌8- ذكر شىء مما قيل في وصف السحاب والمطر

- ‌9- ذكر شىء مما وصف به الثلج والبرد

- ‌الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌فى النيازك، والصواعق، والرعد، والبرق، وقوس قزح

- ‌المثل

- ‌وأما ترتيبه فى لمعانه

- ‌المثل:

- ‌ذكر ما قيل فى وصف الرعد والبرق

- ‌ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقسّ [1] الهواء

- ‌2- ذكر ما قيل فى حدّ الهواء

- ‌3- ذكر أسماء الرياح اللغوية

- ‌4- فصل فيما يذكر منها بلفظ الجمع

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الهواء

- ‌6- ذكر ما جاء فى وصف الهواء وتشبيهه

- ‌الباب الرابع من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقس النار [1] وأسمائها، وعبادها، وبيوت النيران

- ‌2- ذكر أسماء النار

- ‌3- ذكر عبّاد النار

- ‌4- وأما بيوت النيران

- ‌5- ذكر نيران العرب

- ‌6- ذكر النيران المجازية

- ‌7- ذكر النيران التى يضرب المثل بها

- ‌8- ذكر ما جاء منها على لفظ أفعل

- ‌9- ذكر ما قيل فى وصف النار وتشبيهها

- ‌10- ذكر شىء مما قيل فى الشّمعة والشّمعدان

- ‌1- أما الشمعة، فمن جيّد ما قيل فيها

- ‌ومما ورد فى وصفها نثرا

- ‌2- ومما قيل فى السراج

- ‌3- رسالة القنديل والشمعدان

- ‌القسم الثالث من الفن الأوّل فى الليالى والأيام، والشهور والأعوام، والفصول والمواسم والأعياد

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم

- ‌1- فى الليالى والأيام

- ‌2- ذكر ما قيل فى الليل وأقسامه

- ‌فصل

- ‌3- ذكر الليالى المشهورة

- ‌4- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الليل

- ‌5- ذكر ما قيل فى وصف الليل وتشبيهه

- ‌6- وأما ما وصف به من الطول

- ‌7- أما ما وصف به من القصر

- ‌8- أما ما وصف به من الإشراق

- ‌9- أما ما وصف به من الظلمة

- ‌10- ومما قيل فى تباشير الصباح

- ‌11- ذكر ما قيل فى النهار

- ‌12- ذكر الأيام التى خصّت بالذكر

- ‌13- ذكر أيام أصحاب الملل الثلاث

- ‌14- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر النهار

- ‌15- ذكر شىء مما قيل فى وصف النهار وتشبيهه

- ‌16- ذكر شىء مما وصفت به الآلات

- ‌الباب الثانى من القسم الثالث من الفن الأوّل فى الشهور والأعوام

- ‌1- ذكر الشهور وما قيل فيها

- ‌2- ذكر الأشهر العربية

- ‌3- وأما شهور اليهود

- ‌4- وأما الشهور العجمية

- ‌5- ذكر ما يختص بالسنة من القول

- ‌6- ذكر النسىء ومذهب العرب فيه

- ‌7- ذكر السنين التى يضرب بها المثل

- ‌الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌1- فى الفصول وأزمنتها

- ‌ذكر ما قيل فى وصف فصل الصيف وتشبيهه نظما ونثرا

- ‌الباب الرابع من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌فى ذكر مواسم الأمم وأعيادها، وأسباب اتخاذهم لها، وما قيل فى ذلك

- ‌1- ذكر الأعياد الإسلامية

- ‌2- ذكر أعياد الفرس

- ‌3- ذكر أعياد النصارى القبط

- ‌4- ذكر أعياد اليهود

- ‌القسم الرابع من الفن الأوّل فى الأرض، والجبال، والبحار، والجزائر، والأنهار، والعيون، والغدران

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم 1- فى مبدإ خلق الأرض

- ‌الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى تفصيل أسماء الأرضين وصفاتها

- ‌2- ذكر تفصيل أسماء التراب وصفاته

- ‌3- ذكر تفصيل أسماء الغبار وأوصافه

- ‌4- ذكر تفصيل أسماء الطين وأوصافه

- ‌5- ذكر تفصيل أسماء الرّمال

- ‌6- ذكر ترتيب كمية الرمل

- ‌7- ذكر تفصيل أسماء الطرق وأوصافها

- ‌الباب الثالث من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌الباب الرابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الأقاليم السبعة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الأرض

- ‌3- ذكر شىء مما قيل فى وصف الأرض وتشبيهها

- ‌الباب الخامس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الجبال

- ‌2- ذكر أسماء ما ارتفع من الأرض إلى أن يبلغ الجبيل

- ‌3- ذكر ترتيب أبعاض الجبل

- ‌4- ذكر ترتيب مقادير الحجارة

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الجبال والحجارة

- ‌6- ذكر شىء مما قيل فى وصف الجبال وتشبيهها

- ‌الباب السادس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر البحار والجزائر

- ‌2- ذكر بحار المعمور من الأرض

- ‌3- ذكر ما يتفرّع من البحر المحيط

- ‌4- ويخرج من هذا البحر خليجان

- ‌5- وأما بحر الهند وجزائره

- ‌6- ويخرج من هذا البحر الذى يجمع هذه القطع خليجان

- ‌7- وأما بحر ما نيطش [2]

- ‌8- وأما بحر الخزر

- ‌ذكر ما فى المعمور من البحيرات المالحة المشهورة وما بها من العجائب

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر البحر

- ‌الباب السابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌فأما نهر النيل

- ‌وأما الفرات

- ‌وأما نهر دجلة

- ‌وأما نهر سجستان

- ‌وأما نهر مهران

- ‌وأما نهر جيحون [2]

- ‌وأما نهر سيحون

- ‌وأما نهر الكنك [2]

- ‌وأما نهر الكر

- ‌وأما نهر إتل

- ‌ذكر ما فى المعمور

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الماء

- ‌ذكر شىء مما قيل فى وصف الماء وتشبيهه

- ‌ومما وصفت به الأنهار

- ‌ومما وصفت به البرك

- ‌ومما وصفت به الدواليب والنواعير

- ‌ومما وصفت به نثرا

- ‌ومما وصفت به الجداول

- ‌ذكر عبّاد الماء [1]

- ‌القسم الخامس من الفن الأوّل فى طبائع البلاد، وأخلاق سكانها، وخصائصها، والمبانى القديمة، والمعاقل، وما وصفت به القصور والمنازل

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم (فى طبائع البلاد، وأخلاق سكّانها)

- ‌نوع آخر منه

- ‌نوع آخر منه

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس من الفن الأوّل فى خصائص البلاد

- ‌فأما مكة (شرّفها الله تعالى وعظمها)

- ‌ذكر ما كانت الكعبة عليه فوق الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض

- ‌ذكر بناء الملائكة الكعبة قبل خلق آدم عليه السلام، ومبدإ الطواف

- ‌ذكر زيارة الملائكة البيت الحرام

- ‌ذكر هبوط آدم عليه السلام إلى الأرض، وبنيانه الكعبة المشرفة وحجه وطوافه بالبيت

- ‌ذكر فضل البيت الحرام، والحرم

- ‌ذكر ما جاء فى طواف سفينة نوح عليه السلام بالبيت

- ‌ذكر ما جاء من تخير إبراهيم عليه السلام موضع البيت

- ‌ذكر حج إبراهيم عليه السلام وإذنه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافهم

- ‌ذكر ما جاء من مسئلة إبراهيم عليه السلام الأمن والرزق لأهل مكة والكتب التى وجد فيها تعظيم الحرم

- ‌ذكر أسماء الكعبة ومكة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الركن الأسود

- ‌ذكر ما جاء فى فضل استلام الركن الأسود، واليمانى

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الطواف بالكعبة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل زمزم

- ‌ذكر ما جاء من اتساع منى أيام الحج ولم سميت منى

- ‌ذكر ما جاء فى فضائل مقبرة مكة

- ‌ذكر شىء من خصائص مكة

- ‌وأما المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

- ‌ذكر شىء من خصائص المدينة المشرفة وأسمائها على صاحبها أفضل الصلاة والسلام

- ‌وأما البيت المقدّس، والمسجد الأقصى

- ‌ولنبدأ بذكر الأرض المقدّسة

- ‌أما فضل بيت المقدس

- ‌وأما فضل زيارته، وفضل الصلاة فيه

- ‌وأما ما ورد فى بيت المقدس من مضاعفة الحسنات والسيئات فيه

- ‌وأما فضل السكنى فيه والإقامة والوفاة به

- ‌وأما ما به من قبور الأنبياء ومحراب داود وعين سلوان

- ‌وأما ما ورد فى أن الحشر من البيت المقدس

- ‌وأما ما ورد فى فضل الصخرة، والصلاة إلى جانبها

- ‌وأما ما ورد فى أن الله عز وجل عرج من بيت المقدس إلى السماء

- ‌وأما ثواب الإهلال من بيت المقدس

- ‌وأما ما ورد من أن الكعبة تزور الصخرة يوم القيامة

- ‌وأما اليمن وما يختص به

- ‌وأما الشام وما يختص به

- ‌مسجد دمشق

- ‌وأما مصر وما يختصّ بها من الفضائل

- ‌ذكر من ولد بمصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن كان بها منهم

- ‌ذكر من كان بها من الصدّيقين والصدّيقات رضى الله عنهم

- ‌ذكر من صاهر أهل مصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌ذكر من أظهرته مصر من الحكماء

- ‌ومن فضائل مصر

- ‌ومما وصفت به

- ‌وأما جزيرة الأندلس

- ‌وأما البصرة وما اختصت به

- ‌وأما بغداد وما اختصت به

- ‌وأما الأهواز وما اختصت به

- ‌وأما فارس وما اختصت به

- ‌وأما أصفهان وما اختصت به

- ‌وأما جرجان وما اختصت به

- ‌وأما نيسابور وما اختصت به

- ‌وأما طوس وما اختصت به

- ‌وأما بلخ وما اختصت به

- ‌وأما بست وما اختصت به

- ‌وأما غزنة وما اختصت به

- ‌وأما سجستان وما اختصت به

- ‌وأما الهند وما اختصت به

- ‌وأما الصين وما اختصّ به

- ‌وأما سمرقند وما اختصت به

- ‌وأما بلاد التّرك وما اختصت به

- ‌وأما خوارزم وما اختصّت به

- ‌ذكر الخصائص التى تجرى مجرى الطّلّسمات

- ‌ذكر خصائص البلاد في أشياء مختلفة

- ‌الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأوّل (فى المبانى القديمة)

- ‌ذكر أوّل بناء وضع على وجه الأرض

- ‌ذكر خبر إرم ذات العماد

- ‌ذكر خبر سدّ يأجوج ومأجوج

- ‌ذكر مبانى الفرس المشهورة

- ‌ومن مبانى الفرس إيوان كسرى

- ‌ومن المبانى القديمة الحضر

- ‌ومن المبانى القديمة القليس

- ‌ومن المبانى المشهورة قنطرة صنجة

- ‌ومن المبانى القديمة ملعبا بعلبك

- ‌ذكر مبانى العرب المشهورة

- ‌فأما غمدان

- ‌وأما حصن تيماء

- ‌وأما الخورنق والسّدير

- ‌وأما الغريّان

- ‌ذكر الأبنية القديمة التى بالديار المصرية

- ‌فأما الأهرام

- ‌وأما حائط العجوز

- ‌وأما ملعب أنصنا

- ‌وأما مدينة عين شمس

- ‌وأما البرابى

- ‌وأما حنيّة اللازورد

- ‌وأما منارة الإسكندرية

- ‌وأما رواق الإسكندرانيين

- ‌ذكر شىء من عجائب المبانى

- ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأوّل (فيما وصفت به المعاقل والحصون)

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الأوّل

- ‌(فيما وصفت به القصور والمنازل)

- ‌وأما ما وصفت به المنازل الخالية

- ‌ومما قيل في حب الأوطان

- ‌ذكر شىء مما قيل في الحمّام

- ‌فهرس الجزء الأوّل

الفصل: ‌ذكر ما قيل فى وصف فصل الصيف وتشبيهه نظما ونثرا

أما بعد. فإن الزمان جسد وفصل الربيع روحه، وسرّ حكمة إلهية وبه كشفه ووضوحه؛ وعمر مقدور وهو الشبيبة فيه، ومنهل جمّ وهو نميره وصافيه؛ ودوحة خضرة وهو ينعها وجناها، وألفاظ مجموعة وهو نتيجتها ومعناها؛ فمن لم يستهو طباعه نسيم هوائه، ولم يدرك شفاء دائه فى صفاء دوائه؛ لم يذق لطعم حياته نفعا، ولم يجد لخفض حظه من أيامه رفعا.

2-

وأما فصل الصيف، فإن طبيعته الحرارة واليبس، ودخوله عند حلول الشمس برج السرطان، والأسد، والسنبلة.

وهذه البروج تدل على السكون. وله من السنّ الشباب؛ ومن الرياح الصبا؛ ومن الساعات الرابعة والخامسة والسادسة؛ ومن القوى القوّة الماسكة؛ ومن الأخلاط المرّة الصفراء؛ ومن الكواكب المرّيخ، والشمس؛ ومن المنازل بعض الهقعة، والهنعة، والذراع، والنّثرة والطّرف والجبهة (وهى أربعة عشر يوما) والخراتان وبعض الصّرفة. وتنزل الشمس فى برج السرطان فى الرابع عشر من حزيران. وعدد أيامه ثلاثة وتسعون يوما، ويوافقه ينير من شهور الروم؛ وفى العشرين من بؤونه، وإذا حلت الشمس برج السرطان، أخذ الليل فى الزيادة، والنهار فى النقصان. والله أعلم.

‌ذكر ما قيل فى وصف فصل الصيف وتشبيهه نظما ونثرا

فمن ذلك ما قاله ذو الرمّة:

وهاجرة حرّها واقد

نصبت لحاجبها حاجبى.

تلوذ من الشمس أطلاؤها

لياذ الغريم من الطّالب.

وتسجد للشمس حرباؤها

كما يسجد القسّ للرّاهب.

ص: 171

وقال مسكين الدّارمىّ.

وهاجرة ظلّت كأنّ ظباءها

إذا ما اتّقتها بالقرون سجود.

تلوذ بسؤبوب من الشمس فوقها

كما لاذ من حرّ السّنان طريد.

وقال ابن الفقيسىّ:

فى زمان يشوى الوجوه بحرّ،

ويذيب الجسوم لو كنّ صخرا.

لا تطير النّسور فيه إذا ما

وقفت شمسه وقارب ظهرا.

ويودّ الغصن النّضير به لو

أنّه من لحائه يتعرّى.

وقال أيضا:

يا ليلة بتّ بها ساهدا

من شدّة الحرّ وفرط الأوار.

كأننى فى جنحها محرم

لو أنّ للعورة منّى استتار.

وكيف لا أحرم فى ليلة

سماؤها بالشّهب ترمى الجمار؟

وقال آخر:

ويوم سموم خلت أنّ نسيمه

ذوات سموم للقلوب لوادغ،

ظللت به أشكو مكابدة الهوى

فكوزى ملآن ومائى فارغ.

وقال محمد بن أبى الثياب، شاعر اليتيمة:

وهاجرة تشوى الوجوه كأنّها

إذا لفحت خدّىّ نار توهجّ.

وماء كلون الزيت ملح كأنّه

بوجدى يغلى أو بهجرك يمزج.

وقال الثعالبىّ:

ربّ يوم هواؤه يتلظّى

فيحاكى فؤاد صبّ متيّم.

قلت إذ صكّ حرّه حرّ وجهى:

«ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم» !

ص: 172

ومما وصف به من النثر قول بعضهم:

أوقدت الظّهيرة نارها، وأذكت أوارها؛ فأذابت دماغ الضب، وألهبت قلب الصب؛ هاجرة كأنها من قلوب العشّاق، إذا اشتعلت بنيران الفراق؛ حرّ تهرب له الحرباء من الشمس، وتستجير بمتراكب الرمس؛ لا يطيب معه عيش، ولا ينفع معه سرج [1] ولا خيش؛ فهو كقلب المهجور، أو كالتنور المسجور.

3-

وأما فصل الخريف- فإن طبعه بارد يابس؛ ودخوله عند حلول الشمس برأس الميزان والعقرب والقوس.

وهذه البروج تدل على الحركة؛ وله من السن الكهولة؛ ومن الرياح الشّمال؛ ومن الساعات السابعة والثامنة والتاسعة؛ ومن القوى القوّة الهاضمة؛ ومن الأخلاط المرّة السوداء؛ ومن الكواكب زحل؛ ومن المنازل بعض الصّرفة والعوّاء والسّماك والغفر والزّبانيان والقلب وبعض الشولة؛ وعدد أيامه تسعة وثمانون يوما؛ ويكون حلول الشمس الميزان فى الخامس عشر من أيلول، ويوافقه ستمبر من شهور الروم، وفى الثامن عشر من توت.

وفى هذا الفصل يبرد الهواء، ويتغير الزمان، وتصرم الثمار، ويغيّر وجه الأرض، ويصفرّ ورق الشجر، وتهزل البهائم، وتموت الهوامّ، وتنجحر الحشرات، وتطلب الطير المواضع الدّفئة، وتصير الدّنيا كأنها كهلة مدبرة.

ويقال: فصل الخريف ربيع النفس كما أن فصل الربيع ربيع العين.

والله أعلم.

[1] هكذا بالأصل وفى صبح الأعشى ثلج.

ص: 173

ذكر ما قيل فى وصف فصل الخريف وتشبيهه نظما ونثرا.

فمن ذلك ما قاله الصنوبرىّ، عفا الله عنه:

ما قضى فى الربيع حقّ المسرّا

ت مضيع زمانه فى الخريف.

نحن منه على تلقّى شتاء

يوجب القصف أو وداع مضيف.

فى قميص من الزمان رقيق

ورداء من الهواء خفيف.

يرعد الماء منه خوفا إذا ما

لمسته يد النّسيم الضّعيف.

وقال عبد الله بن المعتز:

طاب شرب الصّبوح فى أيلول!

برد الظلّ فى الضّحى والأصيل!

وخبت جمرة الهواجر عنّا،

واسترحنا من النهار الطّويل.

وخرجنا من السّموم إلى بر

د نسيم، وطيب ظلّ ظليل،

وشمال تبشّر الأرض بالقط

ر كذيل الغلالة المبلول.

فكأنّا نزداد قربا الى الجن

ة فى كلّ شارق وأصيل.

ووجوه البقاع تنتظر الغي

ث انتظار المحبّ ردّ الرّسول.

تبتغى غلّة لتعمل روضا

بكثير من الحبا أو قليل.

وقال آخر:

اشرب على طيب الزمان فقد حدا

بالصّيف من أيلول أسرع حاد.

وأشمّنا باللّيل برد نسيمه

فارتاحت الأرواح فى الأجساد.

وأفاك بالأنداء قدّام الحيا

فالأرض للأمطار فى استعداد.

كم فى ضمائر تربها من روضة

بمسيل ماء أو قرارة واد.

تبدو إذا جاد السّحاب بقطره

فكأنما كانا على ميعاد.

ص: 174

وقال آخر:

لا تصغ للّوم إنّ اللّوم تضليل

واشرب ففى الشّرب للأحزان تحليل.

فقد مضى القيظ واجتثّت رواحله،

وطابت الرّاح لما آل أيلول.

وليس فى الأرض نبت يشتكى رمدا

إلا وناظره بالطّلّ مكحول.

وقال آخر يذمّه:

خذ بالتّدثّر فى الخريف فإنّه

مستوبل، ونسيمه خطّاف.

يجرى مع الأيّام جرى نفاقها

لصديقها «ومن الصّديق يخاف» !

ومما وصف به من النثر:

قال أبو إسحاق الصابى يصفه:

الخريف أصح فصول السنة زمانا، وأسهلها أوانا؛ وهو أحد الاعتدالين، المتوسطين بين الانقلابين، حين أبدت الأرض عن ثمرتها، وصرّحت عن زينتها؛ وأطلقت السماء حوافل أنوائها، وتأذّنت بانسكاب مائها؛ وصارت الموارد، كمتون المبارد؛ صفاء من كدرها، وتهذّبا من عكرها؛ واطّرادا مع نفحات الهواء، وحركات الريح الشّجواء؛ واكتست الماشية وبرها القشيب، والطائر ريشه العجيب.

وقال ابن شبل:

كلّ ما يظهر فى الربيع نوّاره، ففى الخريف تجتنى ثماره؛ فهو الحاجب أمامه، والمطرق قدّامه.

وقال ضياء الدّين ابن الأثير الجزرىّ عن الخريف يفتخر على فصل الربيع:

أنا الذى آتى بذهاب السّموم، وإياب الغيوم، واعتصار بنات الكروم، وتكاثر ألوان المشروب والمطعوم؛ وفىّ يترقرق صفاء الأنهار، فتشتبه القوابل بالأسحار، وأيامى

ص: 175

هى الذهبيات وتلك نسبة كريمة النّجار؛ ومن ثمراتى ما لا تزال أمّهاته حوامل، وأوراقه نواضر وغيرها ذوابل، وقد شبه بالمصابيح وشبهت أغصانه بالسلاسل.

ولقد أنصف من قال:

محاسن للخريف بهنّ فخر

على زمن الربيع، وأىّ فخر!

به صار الزّمان أمام برد

يراقب نزحه وعقيب حرّ.

4-

وأما فصل الشتاء، فإن طبعه بارد رطب، ودخوله عند حلول الشمس رأس الجدى والدّلو والحوت.

وهذه البروج تدل على السكون. وله من السنّ الشيخوخة؛ ومن الرياح الدّبور؛ ومن الساعات العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة؛ ومن القوى القوّة الدّافعة؛ ومن الاخلاط البلغم؛ ومن الكواكب المشترى وعطارد؛ ومن المنازل بعض الشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية وبعض الفرغ المقدّم؛ وعدد أيامه تسعة وثمانون يوما.

ويكون حلول الشمس برأس الجدى فى الثالث عشر من كانون الأوّل، ويوافقه دچنبر من شهور الروم؛ وفى السابع عشر من كيهك من شهور القبط. وإذا حلت الشمس ببرج الجدى يشتدّ البرد، ويخشن الهواء، ويتساقط ورق الشجر، وتنجحر الحيوانات، وتضعف قوى الأبدان، وتكثر الأنواء، ويظلم الجوّ، وتصير الدّنيا كأنها عجوز هرمة قد دنا منها الموت.

وروى عن علىّ (رضى الله عنه) أنه قال: «توقّوا البرد فى أوّله، وتلقّوه فى آخره، فإنه يفعل فى الأبدان كفعله فى الأشجار: أوّله يحرق، وآخره يورق» .

ص: 176

ذكر ما قيل فى وصف فصل الشتاء وتشبيهه.

فمن ذلك ما قاله جرير شاعر الحماسة:

فى ليلة من جمادى ذات أندية

لا يبصر الكلب فى ظلمائها الطّنبا.

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة

حتّى يلفّ على خيشومه الذّنبا.

وقال ابن حكينا البغدادىّ:

البس إذا قدم الشّتاء برودا

وافرش على رغم الحصير لبودا.

الرّيق فى اللهوات أصبح جامدا

والدّمع فى الآماق صار برودا.

وإذا رميت بفضل كأسك فى الهوا

عادت عليك من العقيق عقودا.

وترى على برد المياه طيورها

تختار حرّ النّار والسّفّودا.

يا صاحب العودين لا تهملهما

أوقد لنا عودا، وحرّك عودا!

وقال آخر:

ويومنا أرواحه قرّة

تخمّش الأبدان من قرصها.

يوم تودّ الشمس من برده

لو جرّت النّار إلى قرصها!

وقال عبد الله بن المعتزّ:

قد منع الماء من اللّمس

وأمكن الجمر من المسّ.

فليس نلقى غير ذى رعدة،

ومسلم يسجد للشّمس!

وقال آخر:

ليس عندى من آلة البرد إلّا

حسن صبرى، ورعدتى، وقنوعى.

فكأنّى لشدّة البرد هرّ

يرقب الشّمس فى أوان الطّلوع.

ص: 177

وقال ابن سكّرة الهاشمىّ، عفا الله تعالى عنه ورحمه:

قيل: ما أعددت للبر

د وقد جاء بشدّه؟

قلت: درّاعة برد

تحتها جبّة رعده.

وقال أبو سعيد المخزومىّ:

إذا كنت فى بلدة نازلا

وحلّ الشّتاء حلول المقيم،

فلا تبرزنّ إلى أن ترى

من الصّحو يوما صحيح الأديم.

فكم زلقة فى حواشى الطريق

تردّ الثياب بخزى عظيم!

وكم من لئيم غدا راكبا

يحبّ البلاء لماش كريم!

وقال الصاحب بن عبّاد:

أنّى ركبت فكفّ الأرض كاتبة

على ثيابى سطورا ليس تنكتم.

فالأرض محبرة، والحبر من لثق

والطّرس ثوبى، ويمنى الأشهب القلم.

قال أبو علىّ كاتب بكر شاعر اليتيمة:

يا بلدة أسلمنى بردها

وبرد من يسكنها للقلق.

لا يسلم الشّاتى بها من أذى

من لثق، أو دمق، أو زلق.

ومما وصف به نثرا قول بعضهم:

إذا حلّت الشمس برج الجدى مدّ الشتاء رواقه، وحلّ نطاقه؛ ودبّت عقارب البرد لاسبه، ونفع مدخور الكسب كاسبه.

ومن رسالة لابن أبى الخصال، جاء منها:

الكلب قد صافح خيشومه ذنبه، وأنكر البيت وطنبه؛ والتوى التواء الحباب، واستدار استدارة الغراب؛ وجلده الجليد، وضربه الضّريب وصعّد أنفاسه الصعيد؛

ص: 178

فحماه مباح، ولا هرير له ولا نباح؛ والنار كالصّديق، أو كالرّحيق؛ كلاهما عنقاء مغرب، أو نجم مغرّب.

وقال بعضهم:

برد بغير الألوان، وينشّف الأبدان؛ ويجمّد الريق فى الأشداق، والدّمع فى الآماق؛ برد حال بين الكلب وهريره، والأسد وزئيره، والطير وصفيره، والماء وخريره.

وقيل لبعضهم: أىّ البرد أشدّ؟ فقال: إذا دمعت العينان، وقطر المنخران، وتلجلج اللسان، واصطكّت الأسنان.

ووصف ابن وكيع الفصول الأربعة فى أرجوزة فقال:

عندى فى وصف الفصول الأربعه

مقالة تغنى اللّبيب مقنعه.

ذكر ما قيل فى فصل الصيف

أمّا المصيف، فاستمع ما فيه

من فطن يفهم سامعيه.

فصل من الدّهر إذا قيل حضر،

أذكرنا بحرّه نار سقر.

يظلّ فيه القلب مقشعرّا،

والأرض تشكو حرّه المضرّا.

أوّله فيه ندى منغّص

كأنه على القلوب يقنص.

يلصق منه الجلد بالثّياب

ويعلق التّراب بالأثواب.

حتّى إذا ما طردته الشمس

وفرحت بأن يزول النّفس.

فتّحت النّار لنا أبوابها

وشبّ فيها مالك شهابها.

حرّ يحيل الأوجه الغرّانا

حتّى ترى الروم به حبشانا.

يعلو به الكرب ويشتدّ القلق

وتنضح الأبدان فيه بالعرق.

ص: 179

تبصره فوق القميص قد علا

حتّى ترى مبيضّه مصندلا.

إن كان رثّا، زاد فى تمزيقه؛

أو مستجدّا، جدّ جبل زيقه.

ثم يعيد الماء نارا حاميه

يزيد فى كرب القلوب الصّاديه.

شاربه يكرع فى حميم

كأنّه من ساكنى الجحيم.

ينسيه ما يلقى من التهابه

أن يحمد الله على شرابه.

حتّى إذا أعيا، انقضى نهاره

وأرخيت من ليله أستاره،

تحرّكت فى جنحه دواهى

سارية، وأنت عنها لاهى.

من عقرب يسعى كسعى اللّصّ

سلاحها فى إثره كالشّصّ.

وحيّة تنفث سمّا قاتلا

تزوّد الملسوع حتفا عاجلا.

تبصر ما بجلدها من الرّقش

كوجنة مصفرة فيها نمش.

لو نهشت بالنّاب منها الخضرا،

لنثرت منه الحياة نثرا.

فلا تقل إن جاء يوما أهلا

فلعنة الله عليه فصلا.

ذكر ما قيل فى فصل الخريف

حتّى إذا زال، أتى الخريف:

فصل بكلّ سوأة معروف.

أهونه يسرع فى حلّ الجسد

وهو كطبع الموت يبس وبرد.

يجنى على الأجسام من آفاته،

وأرضه قرعاء من نباته.

لا يمكن النّاس اتّقاء شرّه

ولا خلاف برده وحرّه.

تبصره مثل الصّبىّ الأرعن

من كثرة العشّاق والتلوّن.

فأنت منه خائف على حذر

لأنه يمزج بالصّفو الكدر.

ص: 180

أحسن ما يهدى لك النّسيما

يقلبه فى ساعة سموما.

وهو على المعدود من ذنوبه

خير من الصّيف على عيوبه.

ذكر ما قيل فى فصل الشتاء

حتّى إذا ما أقبل الشّتاء،

جاءتك منه غمّة عمياء.

لو أنّه روح، لكان فدما

أو أنه شخص، لكان جهما.

يلقاك منه أسد يزير

له وعيد وله تحذير.

تأتيك فى أيّامه رياح

ليس على لاعنها جناح.

حراكها ليس إلى سكون

تضرّ بالأسماع والعيون.

يحدث من أفعالها الزّكام

هذا إذا ما فاتك الصّدام.

ثم يليها مطر مداوم

كأنه خصم لنا ملازم.

يقطعنا بعضا عن الطريق

وعن قضاء الحقّ للصّديق.

وربما خرّ عليك السّقف،

فإن عفا عنك أتاك الوكف.

وإن أردت فى النّهار الشّربا

فيه، فقد قاسيت خطبا صعبا.

واحتجت أن توقد فيه نارا

تطير نحو الحدق الشّرارا.

يترك مبيضّ الثّياب أرقطا

يحكى السّعيدىّ لك المنقّطا.

وبعد ذا تسدّد النقابا

من خوفه وتغلق الأبوابا.

نعم، وترخى دونه السّتورا

حتّى ترى صباحه ديجورا.

وإن أردت الشّرب فى الظّلام

عاقك عن تناول المدام.

حسبك أن تندسّ فى اللّحاف

من خشية البرد على الأطراف!

ورعده يشغل عن كلّ عمل

ويؤثر النّوم ويستحلى الكسل.

ص: 181

حتّى إذا جئت إلى الرّقاد،

نمت على فرش من القتاد.

إنّ البراغيث عذاب مزعج

لكلّ قلب ولجلد ينضج.

لا يستلذّ جلدك المضاجعا

كأنما أفرشه مباضعا.

تنحّ فصلا فوق ما ذممته

لو أنه يظهر لى، قتلته.

حتّى إذا ما هو عنّا بانا

وزال عنّا بعضه، لا كانا!

ذكر ما قيل فى فصل الربيع

جاء إلينا زمن الرّبيع

فجاء فصل حسن الجميع.

لبرده وحرّه مقدار

لم يكتنف حدّهما إكثار.

عدّل فى أوزانه حتّى اعتدل

وحمد التّفصيل منه والجمل.

نهاره فى أحسن النّهار

فى غاية الإشراق والإسفار.

تضحك فيه الشّمس من غير عجب

كأنّها فى الأفق جام من ذهب.

وليله مستلطف النّسيم

مقوّم فى أحسن التّقويم.

لبدره فضل على البدور

فى حسن إشراق وفرط نور.

كجامة البلّور فى صفائها

أذابت الجراد فى نقابها.

كأنّها إذا دنت من بدره

جوزاؤه قبل طلوع فجره.

روميّة حلّتها زرقاء

فى الجيد منها درّة بيضاء.

هذا وكم تجمع من أمور

إطراء مطربها من التّقصير.

فيه تظلّ الطّير فى ترنّم

حاذقة باللّحن لم تعلّم.

غناؤها ذو عجمة لا يفهمه

سامعه وهو على ذا يغرمه.

من كلّ دبسىّ له رنين

وكلّ قمرى له حنين.

ص: 182

فى قرطق أعجل أن يورّدا

خاط له الخيّاط طوقا أسودا.

تبصره منه على الحيزوم

كمثل عقد سبج منظوم.

هذا وفيه للرّياض منظر

يفشى الثّرى من سرّه ما يضمر.

سرّ نبات حسنه إعلانه

إذا سواه زانه كتمانه.

فيه ضروب لنبات [1] الغضّ

يحكى لباس الجند يوم العرض.

من نرجس أبيض كالثّغور

كأنّه مخانق الكافور.

وروضة تزهر من بنفسج

كأنّها أرض من الفيروزج.

قد لبست غلالة زرقاء

وكايدت بلونها السّماء.

يضحك منها زهر الشّقيق

كأنّه مداهن العقيق.

مضمّنات قطعا من السّبج

قد أشرقت من احمرار ودعج.

كأنّما المحمرّ فى المسودّ

منه إذا لاح عيون الرّمد.

وارم بعينيك إلى البهار

فإنّه من أحسن الأزهار.

كأنّه مداهن من عسجد

قد سمّرت فى قضب الزّبرجد.

فانهض إلى اللهو ولا تخلّف

فلست فى ذلك بالمعنّف.

واشرب عقارا طال فينا كونها

يصفرّ من خوف المزاج لونها.

دونك هذى صفة الزّمان

مشروحة فى أحسن التّبيان!

وارض بتقليدى فيما قلته

فإنّنى أدرى بما وصفته.

[1] لعله للنبات بالتعريف.

ص: 183