الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقصودة من كل الجهات. وبها علماء، وفقهاء، ورؤساء. وهى محدثة. مصّرت فيما بين الثلاثين والأربعين وستمائة للهجرة النبوية. ويسمى هذا البحر أيضا بحر الروس، لجزائر فيه يسكنها أمة تسمى الروس، نصارى. وهو بحر ضخم كثير الأخوار والتّروش [1] والجبال الجرش. وطوله من الشمال إلى الجنوب ألف ميل وثلاثمائة، وعرضه مختلف. ففى موضع ستمائة ميل، وفى موضع ثلاثمائة ميل. والناس مختلفون فيه. فمنهم من يقول إنه بحر مستقل بنفسه، يخرج منه خليج القسطنطينية ويصب فى بحر الروم أو هو مغيض لخليج القسطنطينية. وأكثرهم على أنه بحر مستقل بنفسه لطوله وعرضه وكثرة جزائره. وبعضهم يقول إنه خليج يخرج من البحر المحيط على ظهر بلاد الصقالبة، ويحيط به بلاد البطلمية، وبلاد الغامانية، وبلاد الأزكشية، وبلاد الشركسية، وبلاد العلان [2] والعنكر والناشقرد.
وفيه ست جزائر عامرة، وهى كثيرة المدن والقرى، يسكنها الروس.
8- وأما بحر الخزر
وهو بحر جرجان وطبرستان والديلم. وذلك بحسب ما يمرّ عليه من البلاد. وهو- على ما حكاه ابن حوقل- مدوّر الشكل، ليس له اتصال ببحر آخر.
[1] فى الأصل التروس. ولكن الإدريسى يستعمل لفظة «التروش» بالشين المعجمة. ومعناها الشّعب أى لصخور التى تكون تحت سطح الماء قليلا فتنكسر السفن وتتحطم إذا اصطدمت بها.
[2]
العلان ترك تنصروا وهم خلق كثير وقلعتهم إحدى قلاع العالم تتعمم بالسحاب (عن أبى الفدا) وبلادهم فى أرض قفجاق أو قفقاسية وهم المشهورون فى كتب العرب أيضا باسم اللان.
قال: ولو أن إنسانا طاف به، لانتهى إلى الموضع الذى ابتدأ منه، لا يقطعه عن ذلك إلّا نهر يصب فيه [1] .
وفى شرقىّ هذا البحر بعض بلاد الديلم، وبلاد طبرستان، وجرجان، وبعض المسافة التى بين جرجان وخوارزم؛ وغربيه بلاد أرّان، وبلاد الخزر، وبعص مفازة الغزية [2] ؛ وشماليه مفازة الطّغزغزية؛ وجنوبيه الجيل [3] ، والديلم. وطوله ثمانمائة ميل، وعرضه ستمائة ميل.
وقال صاحب كتاب «نزهة المشتاق إلى اختراق الآفاق» : طوله من جهة الخزر إلى عين الهم ألف ميل [4] ، وعرضه من ناحية جرجان إلى مصب نهر إتل ستمائة ميل [5] ، وخمسون ميلا وهو يقطع عرضا من طبرستان إلى مدينة باب الأبواب فى أسبوع بالريح الطيبة، وفيه أربع جزائر، وهى:
جزيرة سياكوه [6] . وهى تجاه آبسكون، فرضة جرجان. يسكنها طائفة من الترك.
يصاد بها البزاة البيض.
وجزيرة سهلان. وطولها نحو مائة ميل، وعرضها نحو خمسين ميلا.
[1] هذا ملخص العبارة التى أوردها ابن حوقل (وانظر كتابه ص 13) .
[2]
فى الأصل: الغرنة. والتصحيح عن أبى الفدا.
[3]
فى الأصل: الختل (وهو تحريف ظاهر من النساخ) .
[4]
هكذا فى مقدمة الإدريسى (فى جميع النسخ) ولكنه عند كلامه على الجزء السابع من الإقليم الخامس نص على أن طول هذا البحر 800 ميل وأن عرضه 600 ميل (وهذا هو الذى نقله عنه أبو الفدا) ، ثم عاد الادريسى فقال ان طوله 900 ميل.
[5]
فى الأصل مائه ميل [والتصحيح عن الإدريسى] .
[6]
فى الاصل: بساه كوه. (والتصحيح عن أبى الفدا) .
وجزيرة البركان [1] . وهى أطمة عظيمة تظهر منها نار فى الهواء، كأشمخ ما يكون من الجبال. ترى من نحو مائه فرسخ من البر.
وجزيرة تجاه باب الأبواب. كثيرة المروج والأنهار. وهذا البحر يقال إنه كثير التنانين.
وقد اختلف فيها. فمن الناس من يقول إنها دواب تعظم فى قعر البحر فتؤذى ما به من دواب، فيبعث الله عز وجل عليها السحاب والملائكة فتخرجها من البحر وتقلبها فى أرض يأجوج ومأجوج، فتكون طعاما لهم. وهذا مما يحكى عن ابن عباس رضى الله عنهما. ومنهم من رأى أنها ريح سوداء تكون فى قعر البحر فتظهر إلى النسيم وتلحق بالسحاب، كالزّوبعة التى تثور من الأرض وتستدير ثم تطول فى الهواء. فيتوهم الناس أنها حيّات سود.
وسائر البحار تمدّ وتجزر، خلا هذا البحر.
ويقال إن علة المدّ والجزر تكون عن وضع الملك الموكل بقاموس البحر عقبه فى أقصى بحر الصين، فيفور فيكون منه المدّ؛ ثم يرفعه فيكون من رفعه الجزر.
(ومنهم من روى مكان العقب الإبهام) .
ومنهم من قال إن العلة فيه غير هذا كله.
والله أعلم!
[1] هى شبه الجزيرة المعروفة الآن باسم يشرون. وفيها مدينة. كو المشهورة وهذه المدينة سماها أبو الفدا «باكوى» وسماها المسعودى «باكه» وقال ان بها معدن النفط الأبيض (أى البترول) ثم قال وفى هذه النفاطة أطمة، وهى عين من عيون النار لا تهدأ على سائر الأوقات تتضرم الصعداء.
فهذا هو الذى عناه النويرى باسم «البركان» .