الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبب تقهقره أن الملوك لم تسمح نفوسهم بما كان ينفق فى حفر ترعه وإتقان جسوره وإزالة ما هو شاغل للأرض عن الزراعة كالقصب والحلفاء.
وحكى ابن لهيعة أن المرتّبين لذلك كانوا مائة ألف وعشرين ألف رجل:
سبعون ألفا للصعيد، وخمسون ألفا للوجه البحرىّ.
وحكى ابن زولاق أن أحمد بن المدبر لما ولى الخراج بمصر، كشف أرضها فوجد غامرها أكثر من عامرها، فقال: والله لو عمرها السلطان، لوفت له بخراج الدنيا.
وقيل إنها مسحت أيام هشام بن عبد الملك، فكان ما يركبه الماء العامر والغامر مائة ألف ألف فدان. والفدان أربعمائة قصبة، والقصبة عشرة أذرع.
واعتبر أحمد بن المدبر ما يصلح للزراعة بمصر فى وقت ولايته، فوجده أربعة وعشرين ألف ألف فدان. والباقى استبحر وتلف.
واعتبر مدّة الحرث فوجدها ستين يوما. والحراث يحرث خمسين فدانا، فكانت محتاجة إلى أربعمائة ألف وثمانين ألف حرّاث.
وأما الفرات
فهو أحد الرّافدين، ويقال الوافدين، والآخر دجلة، سميا بذلك لأنهما يجريان فى جانبى بغداد: دجلة من شرقيها، والفرات من غربيها: يأتى إليها من دجلة من واسط، والبصرة، والأبلة، والأهواز، وفارس، وعمان، واليمامة، والبحرين، وسائر بلاد الهند، والسند، والصين؛ ويأتى إليها من الفرات من الموصل، وأذربيجان، وأرمينية، والجزيرة، والثغور، والشام، ومصر، والمغرب؛ وقد تقدّم ذكرنا لحديث البخارى أنه يجرى من تحت سدرة المنتهى.
وأما مبتدأ جريه الذى يعرفه الناس، فمن مدينة قاليقلا من نهر يسمّى أودخش، ويجرى مقدار أربعمائة وخمسين ميلا مغرّبا، ثم يخرج من جهة الجنوب حتّى يمرّ بين ثغرى ملطية، وسميساط؛ ثم إلى جسر منبج؛ ثم يعطف ويأخذ جهة الجنوب حتّى يصل إلى بالمن ويمر بنصيبين، والرّقة، وقرقيسيا، والرّحبة؛ فيلتحف على عانات؛ ثم يمتدّ حتّى يمر بهيت والأنبار. فإذا جاوزها انقسم قسمين: قسم يأخذ نحو الجنوب قليلا وهو المسمّى بالعلقم، ينتهى إلى بلاد سورا وقصر ابن هبيرة والكوفة والحلّة، إلى البطيحة التى بين البصرة وواسط؛ والقسم الآخر يسمّى نهر عيسى، منسوب لعيسى بن علىّ بن عبد الله بن عباس، وهو ينتهى إلى بغداد، ويمرّ حتّى يصبّ فى دجلة.
قال المسعودىّ: وقد كان الأكثر من ماء الفرات ينتهى إلى بلاد الحيرة؛ ثم يتجاوزها ويصب فى البحر الفارسىّ، وكان البحر يوم ذاك فى الموضع المعروف بالنّجف فى هذا الوقت، وكانت مراكب الهند والصين ترد على ملوك الحيرة فيه.
قال: والموضع الذى كان يجرى فيه بيّن إلى زمن وضعى هذا الكتاب، يعنى «كتاب مروج الذهب» وهو فى سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، ويعرف بالعتيق، وعليه كانت وقعة القادسية.
وطول الفرات من حيث يخرج عند ملطية إلى أن يأتى ما يأتى منه إلى بغداد ستمّائة فرسخ وثلاثة وعشرون فرسخا، وفى شطّه مدن فى جزائر تعدّ من أعمال الفرات، وهى الريسة، والناووسة، والقصر، والحديثة، وعانات، والدّالية.