المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فأما الأهرام التى بأرض مصر فهى كثيرة. وأعظمها الهرمان اللذان بالجيزة - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌الفن الأوّل فى السماء والآثار العلويّة، والأرض والمعالم السّفليّة

- ‌القسم الأوّل فى السماء وما فيها وفيه خمسة أبواب:

- ‌الباب الأوّل من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى مبدإ خلق السماء

- ‌2- ذكر ما قيل فى أسماء السماء وخلقها

- ‌3- حكى فى سبب حدوثه

- ‌الباب الثانى

- ‌1- فى هيئتها

- ‌2- أما الأمثال

- ‌3- وأما الوصف والتشبيه

- ‌4- ومما قيل فى الفلك

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر الملائكة

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب السبعة المتحيرة

- ‌2- ذكر ما قيل فى الشمس

- ‌3- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الشمس

- ‌4- ذكر ما جاء فى وصف الشمس وتشبيهها

- ‌5- ذكر شىء مما وصفت به على طريق الذمّ

- ‌6- ذكر ما قيل فى الكسوف

- ‌7- ذكر أسماء الشمس اللغوية

- ‌8- ذكر عبّاد الشمس

- ‌9- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌10- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌11- ذكر أسماء القمر اللّغوية

- ‌12- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر القمر

- ‌13- ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌14- ذكر شىء مما قيل فيه على طريق الذم

- ‌15- ذكر عبّاد القمر

- ‌16- ذكر ما قيل فى الكواكب المتحيرة

- ‌17- ذكر عباد الروحانيات

- ‌18- ذكر بيوت الهياكل (وأماكنها ونسبتها إلى الكواكب)

- ‌الباب الخامس من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب الثابتة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الكواكب

- ‌3- ذكر ما قيل فى وصف الكواكب وتشبيهها

- ‌القسم الثانى من الفن الأوّل فى الآثار العلوية وفيه أربعة أبواب

- ‌الباب الأوّل من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى السحاب، وسبب حدوثه، وفى الثّلج والبرد

- ‌2- ذكر ما قيل فى ترتيب السحاب

- ‌3- ذكر ما قيل فى ترتيب المطر

- ‌4- ذكر ما قيل فى فعل السحاب والمطر

- ‌5- ذكر أسماء أمطار الأزمنة

- ‌6- ذكر أسماء المطر اللغوية

- ‌7- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر المطر

- ‌8- ذكر شىء مما قيل في وصف السحاب والمطر

- ‌9- ذكر شىء مما وصف به الثلج والبرد

- ‌الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌فى النيازك، والصواعق، والرعد، والبرق، وقوس قزح

- ‌المثل

- ‌وأما ترتيبه فى لمعانه

- ‌المثل:

- ‌ذكر ما قيل فى وصف الرعد والبرق

- ‌ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقسّ [1] الهواء

- ‌2- ذكر ما قيل فى حدّ الهواء

- ‌3- ذكر أسماء الرياح اللغوية

- ‌4- فصل فيما يذكر منها بلفظ الجمع

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الهواء

- ‌6- ذكر ما جاء فى وصف الهواء وتشبيهه

- ‌الباب الرابع من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقس النار [1] وأسمائها، وعبادها، وبيوت النيران

- ‌2- ذكر أسماء النار

- ‌3- ذكر عبّاد النار

- ‌4- وأما بيوت النيران

- ‌5- ذكر نيران العرب

- ‌6- ذكر النيران المجازية

- ‌7- ذكر النيران التى يضرب المثل بها

- ‌8- ذكر ما جاء منها على لفظ أفعل

- ‌9- ذكر ما قيل فى وصف النار وتشبيهها

- ‌10- ذكر شىء مما قيل فى الشّمعة والشّمعدان

- ‌1- أما الشمعة، فمن جيّد ما قيل فيها

- ‌ومما ورد فى وصفها نثرا

- ‌2- ومما قيل فى السراج

- ‌3- رسالة القنديل والشمعدان

- ‌القسم الثالث من الفن الأوّل فى الليالى والأيام، والشهور والأعوام، والفصول والمواسم والأعياد

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم

- ‌1- فى الليالى والأيام

- ‌2- ذكر ما قيل فى الليل وأقسامه

- ‌فصل

- ‌3- ذكر الليالى المشهورة

- ‌4- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الليل

- ‌5- ذكر ما قيل فى وصف الليل وتشبيهه

- ‌6- وأما ما وصف به من الطول

- ‌7- أما ما وصف به من القصر

- ‌8- أما ما وصف به من الإشراق

- ‌9- أما ما وصف به من الظلمة

- ‌10- ومما قيل فى تباشير الصباح

- ‌11- ذكر ما قيل فى النهار

- ‌12- ذكر الأيام التى خصّت بالذكر

- ‌13- ذكر أيام أصحاب الملل الثلاث

- ‌14- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر النهار

- ‌15- ذكر شىء مما قيل فى وصف النهار وتشبيهه

- ‌16- ذكر شىء مما وصفت به الآلات

- ‌الباب الثانى من القسم الثالث من الفن الأوّل فى الشهور والأعوام

- ‌1- ذكر الشهور وما قيل فيها

- ‌2- ذكر الأشهر العربية

- ‌3- وأما شهور اليهود

- ‌4- وأما الشهور العجمية

- ‌5- ذكر ما يختص بالسنة من القول

- ‌6- ذكر النسىء ومذهب العرب فيه

- ‌7- ذكر السنين التى يضرب بها المثل

- ‌الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌1- فى الفصول وأزمنتها

- ‌ذكر ما قيل فى وصف فصل الصيف وتشبيهه نظما ونثرا

- ‌الباب الرابع من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌فى ذكر مواسم الأمم وأعيادها، وأسباب اتخاذهم لها، وما قيل فى ذلك

- ‌1- ذكر الأعياد الإسلامية

- ‌2- ذكر أعياد الفرس

- ‌3- ذكر أعياد النصارى القبط

- ‌4- ذكر أعياد اليهود

- ‌القسم الرابع من الفن الأوّل فى الأرض، والجبال، والبحار، والجزائر، والأنهار، والعيون، والغدران

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم 1- فى مبدإ خلق الأرض

- ‌الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى تفصيل أسماء الأرضين وصفاتها

- ‌2- ذكر تفصيل أسماء التراب وصفاته

- ‌3- ذكر تفصيل أسماء الغبار وأوصافه

- ‌4- ذكر تفصيل أسماء الطين وأوصافه

- ‌5- ذكر تفصيل أسماء الرّمال

- ‌6- ذكر ترتيب كمية الرمل

- ‌7- ذكر تفصيل أسماء الطرق وأوصافها

- ‌الباب الثالث من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌الباب الرابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الأقاليم السبعة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الأرض

- ‌3- ذكر شىء مما قيل فى وصف الأرض وتشبيهها

- ‌الباب الخامس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الجبال

- ‌2- ذكر أسماء ما ارتفع من الأرض إلى أن يبلغ الجبيل

- ‌3- ذكر ترتيب أبعاض الجبل

- ‌4- ذكر ترتيب مقادير الحجارة

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الجبال والحجارة

- ‌6- ذكر شىء مما قيل فى وصف الجبال وتشبيهها

- ‌الباب السادس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر البحار والجزائر

- ‌2- ذكر بحار المعمور من الأرض

- ‌3- ذكر ما يتفرّع من البحر المحيط

- ‌4- ويخرج من هذا البحر خليجان

- ‌5- وأما بحر الهند وجزائره

- ‌6- ويخرج من هذا البحر الذى يجمع هذه القطع خليجان

- ‌7- وأما بحر ما نيطش [2]

- ‌8- وأما بحر الخزر

- ‌ذكر ما فى المعمور من البحيرات المالحة المشهورة وما بها من العجائب

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر البحر

- ‌الباب السابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌فأما نهر النيل

- ‌وأما الفرات

- ‌وأما نهر دجلة

- ‌وأما نهر سجستان

- ‌وأما نهر مهران

- ‌وأما نهر جيحون [2]

- ‌وأما نهر سيحون

- ‌وأما نهر الكنك [2]

- ‌وأما نهر الكر

- ‌وأما نهر إتل

- ‌ذكر ما فى المعمور

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الماء

- ‌ذكر شىء مما قيل فى وصف الماء وتشبيهه

- ‌ومما وصفت به الأنهار

- ‌ومما وصفت به البرك

- ‌ومما وصفت به الدواليب والنواعير

- ‌ومما وصفت به نثرا

- ‌ومما وصفت به الجداول

- ‌ذكر عبّاد الماء [1]

- ‌القسم الخامس من الفن الأوّل فى طبائع البلاد، وأخلاق سكانها، وخصائصها، والمبانى القديمة، والمعاقل، وما وصفت به القصور والمنازل

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم (فى طبائع البلاد، وأخلاق سكّانها)

- ‌نوع آخر منه

- ‌نوع آخر منه

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس من الفن الأوّل فى خصائص البلاد

- ‌فأما مكة (شرّفها الله تعالى وعظمها)

- ‌ذكر ما كانت الكعبة عليه فوق الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض

- ‌ذكر بناء الملائكة الكعبة قبل خلق آدم عليه السلام، ومبدإ الطواف

- ‌ذكر زيارة الملائكة البيت الحرام

- ‌ذكر هبوط آدم عليه السلام إلى الأرض، وبنيانه الكعبة المشرفة وحجه وطوافه بالبيت

- ‌ذكر فضل البيت الحرام، والحرم

- ‌ذكر ما جاء فى طواف سفينة نوح عليه السلام بالبيت

- ‌ذكر ما جاء من تخير إبراهيم عليه السلام موضع البيت

- ‌ذكر حج إبراهيم عليه السلام وإذنه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافهم

- ‌ذكر ما جاء من مسئلة إبراهيم عليه السلام الأمن والرزق لأهل مكة والكتب التى وجد فيها تعظيم الحرم

- ‌ذكر أسماء الكعبة ومكة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الركن الأسود

- ‌ذكر ما جاء فى فضل استلام الركن الأسود، واليمانى

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الطواف بالكعبة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل زمزم

- ‌ذكر ما جاء من اتساع منى أيام الحج ولم سميت منى

- ‌ذكر ما جاء فى فضائل مقبرة مكة

- ‌ذكر شىء من خصائص مكة

- ‌وأما المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

- ‌ذكر شىء من خصائص المدينة المشرفة وأسمائها على صاحبها أفضل الصلاة والسلام

- ‌وأما البيت المقدّس، والمسجد الأقصى

- ‌ولنبدأ بذكر الأرض المقدّسة

- ‌أما فضل بيت المقدس

- ‌وأما فضل زيارته، وفضل الصلاة فيه

- ‌وأما ما ورد فى بيت المقدس من مضاعفة الحسنات والسيئات فيه

- ‌وأما فضل السكنى فيه والإقامة والوفاة به

- ‌وأما ما به من قبور الأنبياء ومحراب داود وعين سلوان

- ‌وأما ما ورد فى أن الحشر من البيت المقدس

- ‌وأما ما ورد فى فضل الصخرة، والصلاة إلى جانبها

- ‌وأما ما ورد فى أن الله عز وجل عرج من بيت المقدس إلى السماء

- ‌وأما ثواب الإهلال من بيت المقدس

- ‌وأما ما ورد من أن الكعبة تزور الصخرة يوم القيامة

- ‌وأما اليمن وما يختص به

- ‌وأما الشام وما يختص به

- ‌مسجد دمشق

- ‌وأما مصر وما يختصّ بها من الفضائل

- ‌ذكر من ولد بمصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن كان بها منهم

- ‌ذكر من كان بها من الصدّيقين والصدّيقات رضى الله عنهم

- ‌ذكر من صاهر أهل مصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌ذكر من أظهرته مصر من الحكماء

- ‌ومن فضائل مصر

- ‌ومما وصفت به

- ‌وأما جزيرة الأندلس

- ‌وأما البصرة وما اختصت به

- ‌وأما بغداد وما اختصت به

- ‌وأما الأهواز وما اختصت به

- ‌وأما فارس وما اختصت به

- ‌وأما أصفهان وما اختصت به

- ‌وأما جرجان وما اختصت به

- ‌وأما نيسابور وما اختصت به

- ‌وأما طوس وما اختصت به

- ‌وأما بلخ وما اختصت به

- ‌وأما بست وما اختصت به

- ‌وأما غزنة وما اختصت به

- ‌وأما سجستان وما اختصت به

- ‌وأما الهند وما اختصت به

- ‌وأما الصين وما اختصّ به

- ‌وأما سمرقند وما اختصت به

- ‌وأما بلاد التّرك وما اختصت به

- ‌وأما خوارزم وما اختصّت به

- ‌ذكر الخصائص التى تجرى مجرى الطّلّسمات

- ‌ذكر خصائص البلاد في أشياء مختلفة

- ‌الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأوّل (فى المبانى القديمة)

- ‌ذكر أوّل بناء وضع على وجه الأرض

- ‌ذكر خبر إرم ذات العماد

- ‌ذكر خبر سدّ يأجوج ومأجوج

- ‌ذكر مبانى الفرس المشهورة

- ‌ومن مبانى الفرس إيوان كسرى

- ‌ومن المبانى القديمة الحضر

- ‌ومن المبانى القديمة القليس

- ‌ومن المبانى المشهورة قنطرة صنجة

- ‌ومن المبانى القديمة ملعبا بعلبك

- ‌ذكر مبانى العرب المشهورة

- ‌فأما غمدان

- ‌وأما حصن تيماء

- ‌وأما الخورنق والسّدير

- ‌وأما الغريّان

- ‌ذكر الأبنية القديمة التى بالديار المصرية

- ‌فأما الأهرام

- ‌وأما حائط العجوز

- ‌وأما ملعب أنصنا

- ‌وأما مدينة عين شمس

- ‌وأما البرابى

- ‌وأما حنيّة اللازورد

- ‌وأما منارة الإسكندرية

- ‌وأما رواق الإسكندرانيين

- ‌ذكر شىء من عجائب المبانى

- ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأوّل (فيما وصفت به المعاقل والحصون)

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الأوّل

- ‌(فيما وصفت به القصور والمنازل)

- ‌وأما ما وصفت به المنازل الخالية

- ‌ومما قيل في حب الأوطان

- ‌ذكر شىء مما قيل في الحمّام

- ‌فهرس الجزء الأوّل

الفصل: ‌ ‌فأما الأهرام التى بأرض مصر فهى كثيرة. وأعظمها الهرمان اللذان بالجيزة

‌فأما الأهرام

التى بأرض مصر فهى كثيرة. وأعظمها الهرمان اللذان بالجيزة غربىّ مصر.

وقد اختلف في بانيهما.

فقال قوم: بانيهما سوريد بن سهلوق بن سرناق. بناهما قبل الطوفان لرؤيا رآها، فقصّها على الكهنة، فنظروا فيما تدل عليه الكواكب النيرة من أحداث تحدث فى العالم، فأقاموا مراكزها في وقت المسألة. فدلت على أنها نازلة من السماء تحيط بوجه الأرض. فأمر حينئذ ببناء البرابى والأهرام، وصوّر فيها صور الكواكب ودرجها وما لها من الأعمال وأسرار الطبائع والنواميس وعمل الصنعة.

ويقال إن هرمس المثلث بالحكمة (وهو الذى يسميه العبرانيون أخنخ، وهو إدريس عليه السلام استدلّ من أحوال الكواكب على كون الطوفان. فأمر ببناء الأهرام وإيداعها الأموال وصحائف العلوم وما يخاف عليه الذهاب والدّثور.

وكل هرم منها مربع القاعدة، مخروط الشكل، ارتفاع عموده ثلاثمائة ذراع وسبعة عشر دراعا، يحيط به أربعة سطوح متساويات الأضلاع، كل ضلع منها أربعمائة ذراع وستون ذراعا، ويرتفع إلى أن يكون سطحه مقدار ستة أذرع فى مثلها.

ويقال إنه كان عليه حجر شبه المكبّة فرمته الرياح العواصف.

وهو مع هذا العظم من إحكام الصنعة وإتقان الهندسة وحسن التقدير بحيث إنه لم يتأثر إلى يومنا هذا بعصف الرياح وهطل الأمطار وزعزعة الزلازل؛ وطول الحجر منه خمسة أذرع في سمك ذراعين.

ص: 388

ويقال إن بانيهما جعل لهما أبوابا على آزاج مبنية بالحجارة في الأرض، طول كل أزج منها عشرون ذراعا. وكل باب من حجر واحد يدور بلولب، إذا أطبق لم يعلم أحد أنه باب. فأزج الشرقىّ منها في ناحية الجنوب، وأزج الغربىّ في ناحية الغرب. يدخل من كل باب منها إلى سبعة بيوت، كل بيت منها على اسم كوكب من الكواكب السبعة؛ وكلها مقفلة بأقفال. وحذاء كل بيت منها صنم من ذهب مجوّف، إحدى يديه على فيه، وفي جبهته كتابة بالمسند إذا قرئت انفتح فوه فتوجد فيه مفاتيح ذلك القفل فيفتح بها.

والقبط يزعمون أنها والهرم الصغير الملوّن قبور: فالهرم الشرقىّ فيه سوريد الملك، وفي الهرم الغربىّ أخوه هو حيت [1] .

والصابئة تزعم أن أحدها قبر أغاثديمون، والآخر قبر هرمس، والملوّن قبر صاب ابن هرمس؛ وإليه تنسب الصابئة على قول من زعم ذلك منهم؛ وهم يحجّون إليها ويذبحون عندها الدّيكة والعجول السّود، ويبخرون بدخن؛ ويزعمون أنهم يعرفون عند اضطراب ما يذبحون حالة الذبح ما يريدن عمله من الأمور الطبيعية.

وقصرت همم الملوك والخلفاء عن معرفة ما في هذين الهرمين، إلى أن ولى عبد الله المأمون الخلافة وورد مصر، أمر بفتح واحد منها. ففتح بعد عناء طويل، واتفق لسعادته أنه وقع النّقب على مكان يسلك منه إلى الغرض المطلوب، وهو زلّاقة ضيقة من الحجر الصوّان الماتع الذى لا يعمل فيه الحديد، بين حاجزين ملتصقين بالحائط قد نقر في الزّلّاقة حفر، يتمسك السالك بتلك الحفر، ويستعين بها

[1] كذا بالأصل وكذلك في خطط المقريزى. وفي ياقوت «هو جيب» .

ص: 389

على المشى في الزّلّاقة لئلا يزلق، وأسفل الزلاقة بئر عظيمة بعيدة القعر. ويقال إن أسفل البئر أبواب يدخل منها إلى مواضع كثيرة وبيوت ومخادع وعجائب.

وانتهت بهم الزّلّاقة إلى موضع مربّع في وسطه حوض من حجر صلد مغطّى. فلما كشف عنه غطاؤه، لم يوجد فيه إلا رمّة بالية. فأمر المأمون بالكف عما سواه.

وهذا الموضع يدخله الناس إلى وقتنا هذا.

وسنذكر إن شاء الله تعالى خبر الأهرام عند ذكرنا لأخبار ملوك مصر الذين كانوا قبل الطوفان وبعده، وذلك في الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الخامس، وهو في السفر الثانى عشر من هذه النسخة من كتابنا هذا فتأمله هناك.

وقال بعض أهل النظر، وقد عاين الأهرام:«كلّ بناء يخاف عليه من الدّهر، إلا هذا البناء فإنى أخاف على الدّهر منه» .

ونظم عمارة اليمنىّ هذا القول، فقال:

خليلىّ، ما تحت السماء بنيّة

تماثل في إتقانها هرمى مصر!

بناء يخاف الدّهر منه، وكلّ ما

على ظاهر الدنيا يخاف من الدّهر!

تنزّه طرفى في بديع بنائها،

ولم يتنزّه في المراد بها فكرى.

وقال بعض الشعراء:

حسرت عقول ذوى النّهى الأهرام،

واستصغرت لعظيمها الأعلام.

ملس منيّفة البناء شواهق،

قصرت لعال دونهنّ سهام!

لم أدر حين كبا التفكّر دونها

واستبهمت لعجيبها الأوهام،

أقبور أملاك الأعاجم هنّ، أم

طلّسم رمل هنّ، أم أعلام؟

ص: 390

وقال أبو الطيّب المتنبى:

أين الذى الهرمان من بنيانه؟

ما قومه؟ ما يومه؟ ما المصرع؟

تتخلّف الآثار عن أصحابها

حينا، ويدركها الفناء فتتبع.

وقال أميّة بن عبد العزيز الأندلسىّ:

بعيشك هل أبصرت أحسن منظرا

على طول ما عاينت من هرمى مصر؟

أنافا بأعنان السّماء وأشرفا

على الجوّ إشراف السّماك أو النّسر

. وقد وافيا نشزا من الأرض عاليا

كأنّهما ثديان قاما على صدر.

وقال آخر:

انظر إلى الهرمين إذ برزا

للعين في علو وفى صعد!

وكأنما الأرض العريضة إذ

ظمئت لفرط الحرّ والومد.

حسرت عن الثّديين بارزة

تدعو الإله لفرقة الولد.

فأجابها: لبّيك! يوسعها

ريّا ويشفيها من الكمد.

وقال ابن الساعاتىّ:

ومن العجائب، والعجائب جمّة

دقّت عن الإكثار والإسهاب.

هرمان قد هرم الزمان وأدبرت

أيّامه، وتزيد حسن شباب.

لله! أىّ بنيّة أزليّة

تبغى السّماء بأطول الأسباب؟

ولربّما وقفت وقوف تبلّد

أسفا على الأيّام والأحقاب.

كتمت عن الأسماع فصل خطابها

وغدت تشير به إلى الألباب.

ص: 391