المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر البحر - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌الفن الأوّل فى السماء والآثار العلويّة، والأرض والمعالم السّفليّة

- ‌القسم الأوّل فى السماء وما فيها وفيه خمسة أبواب:

- ‌الباب الأوّل من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى مبدإ خلق السماء

- ‌2- ذكر ما قيل فى أسماء السماء وخلقها

- ‌3- حكى فى سبب حدوثه

- ‌الباب الثانى

- ‌1- فى هيئتها

- ‌2- أما الأمثال

- ‌3- وأما الوصف والتشبيه

- ‌4- ومما قيل فى الفلك

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر الملائكة

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب السبعة المتحيرة

- ‌2- ذكر ما قيل فى الشمس

- ‌3- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الشمس

- ‌4- ذكر ما جاء فى وصف الشمس وتشبيهها

- ‌5- ذكر شىء مما وصفت به على طريق الذمّ

- ‌6- ذكر ما قيل فى الكسوف

- ‌7- ذكر أسماء الشمس اللغوية

- ‌8- ذكر عبّاد الشمس

- ‌9- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌10- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌11- ذكر أسماء القمر اللّغوية

- ‌12- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر القمر

- ‌13- ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌14- ذكر شىء مما قيل فيه على طريق الذم

- ‌15- ذكر عبّاد القمر

- ‌16- ذكر ما قيل فى الكواكب المتحيرة

- ‌17- ذكر عباد الروحانيات

- ‌18- ذكر بيوت الهياكل (وأماكنها ونسبتها إلى الكواكب)

- ‌الباب الخامس من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب الثابتة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الكواكب

- ‌3- ذكر ما قيل فى وصف الكواكب وتشبيهها

- ‌القسم الثانى من الفن الأوّل فى الآثار العلوية وفيه أربعة أبواب

- ‌الباب الأوّل من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى السحاب، وسبب حدوثه، وفى الثّلج والبرد

- ‌2- ذكر ما قيل فى ترتيب السحاب

- ‌3- ذكر ما قيل فى ترتيب المطر

- ‌4- ذكر ما قيل فى فعل السحاب والمطر

- ‌5- ذكر أسماء أمطار الأزمنة

- ‌6- ذكر أسماء المطر اللغوية

- ‌7- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر المطر

- ‌8- ذكر شىء مما قيل في وصف السحاب والمطر

- ‌9- ذكر شىء مما وصف به الثلج والبرد

- ‌الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌فى النيازك، والصواعق، والرعد، والبرق، وقوس قزح

- ‌المثل

- ‌وأما ترتيبه فى لمعانه

- ‌المثل:

- ‌ذكر ما قيل فى وصف الرعد والبرق

- ‌ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقسّ [1] الهواء

- ‌2- ذكر ما قيل فى حدّ الهواء

- ‌3- ذكر أسماء الرياح اللغوية

- ‌4- فصل فيما يذكر منها بلفظ الجمع

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الهواء

- ‌6- ذكر ما جاء فى وصف الهواء وتشبيهه

- ‌الباب الرابع من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقس النار [1] وأسمائها، وعبادها، وبيوت النيران

- ‌2- ذكر أسماء النار

- ‌3- ذكر عبّاد النار

- ‌4- وأما بيوت النيران

- ‌5- ذكر نيران العرب

- ‌6- ذكر النيران المجازية

- ‌7- ذكر النيران التى يضرب المثل بها

- ‌8- ذكر ما جاء منها على لفظ أفعل

- ‌9- ذكر ما قيل فى وصف النار وتشبيهها

- ‌10- ذكر شىء مما قيل فى الشّمعة والشّمعدان

- ‌1- أما الشمعة، فمن جيّد ما قيل فيها

- ‌ومما ورد فى وصفها نثرا

- ‌2- ومما قيل فى السراج

- ‌3- رسالة القنديل والشمعدان

- ‌القسم الثالث من الفن الأوّل فى الليالى والأيام، والشهور والأعوام، والفصول والمواسم والأعياد

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم

- ‌1- فى الليالى والأيام

- ‌2- ذكر ما قيل فى الليل وأقسامه

- ‌فصل

- ‌3- ذكر الليالى المشهورة

- ‌4- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الليل

- ‌5- ذكر ما قيل فى وصف الليل وتشبيهه

- ‌6- وأما ما وصف به من الطول

- ‌7- أما ما وصف به من القصر

- ‌8- أما ما وصف به من الإشراق

- ‌9- أما ما وصف به من الظلمة

- ‌10- ومما قيل فى تباشير الصباح

- ‌11- ذكر ما قيل فى النهار

- ‌12- ذكر الأيام التى خصّت بالذكر

- ‌13- ذكر أيام أصحاب الملل الثلاث

- ‌14- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر النهار

- ‌15- ذكر شىء مما قيل فى وصف النهار وتشبيهه

- ‌16- ذكر شىء مما وصفت به الآلات

- ‌الباب الثانى من القسم الثالث من الفن الأوّل فى الشهور والأعوام

- ‌1- ذكر الشهور وما قيل فيها

- ‌2- ذكر الأشهر العربية

- ‌3- وأما شهور اليهود

- ‌4- وأما الشهور العجمية

- ‌5- ذكر ما يختص بالسنة من القول

- ‌6- ذكر النسىء ومذهب العرب فيه

- ‌7- ذكر السنين التى يضرب بها المثل

- ‌الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌1- فى الفصول وأزمنتها

- ‌ذكر ما قيل فى وصف فصل الصيف وتشبيهه نظما ونثرا

- ‌الباب الرابع من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌فى ذكر مواسم الأمم وأعيادها، وأسباب اتخاذهم لها، وما قيل فى ذلك

- ‌1- ذكر الأعياد الإسلامية

- ‌2- ذكر أعياد الفرس

- ‌3- ذكر أعياد النصارى القبط

- ‌4- ذكر أعياد اليهود

- ‌القسم الرابع من الفن الأوّل فى الأرض، والجبال، والبحار، والجزائر، والأنهار، والعيون، والغدران

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم 1- فى مبدإ خلق الأرض

- ‌الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى تفصيل أسماء الأرضين وصفاتها

- ‌2- ذكر تفصيل أسماء التراب وصفاته

- ‌3- ذكر تفصيل أسماء الغبار وأوصافه

- ‌4- ذكر تفصيل أسماء الطين وأوصافه

- ‌5- ذكر تفصيل أسماء الرّمال

- ‌6- ذكر ترتيب كمية الرمل

- ‌7- ذكر تفصيل أسماء الطرق وأوصافها

- ‌الباب الثالث من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌الباب الرابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الأقاليم السبعة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الأرض

- ‌3- ذكر شىء مما قيل فى وصف الأرض وتشبيهها

- ‌الباب الخامس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الجبال

- ‌2- ذكر أسماء ما ارتفع من الأرض إلى أن يبلغ الجبيل

- ‌3- ذكر ترتيب أبعاض الجبل

- ‌4- ذكر ترتيب مقادير الحجارة

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الجبال والحجارة

- ‌6- ذكر شىء مما قيل فى وصف الجبال وتشبيهها

- ‌الباب السادس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر البحار والجزائر

- ‌2- ذكر بحار المعمور من الأرض

- ‌3- ذكر ما يتفرّع من البحر المحيط

- ‌4- ويخرج من هذا البحر خليجان

- ‌5- وأما بحر الهند وجزائره

- ‌6- ويخرج من هذا البحر الذى يجمع هذه القطع خليجان

- ‌7- وأما بحر ما نيطش [2]

- ‌8- وأما بحر الخزر

- ‌ذكر ما فى المعمور من البحيرات المالحة المشهورة وما بها من العجائب

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر البحر

- ‌الباب السابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌فأما نهر النيل

- ‌وأما الفرات

- ‌وأما نهر دجلة

- ‌وأما نهر سجستان

- ‌وأما نهر مهران

- ‌وأما نهر جيحون [2]

- ‌وأما نهر سيحون

- ‌وأما نهر الكنك [2]

- ‌وأما نهر الكر

- ‌وأما نهر إتل

- ‌ذكر ما فى المعمور

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الماء

- ‌ذكر شىء مما قيل فى وصف الماء وتشبيهه

- ‌ومما وصفت به الأنهار

- ‌ومما وصفت به البرك

- ‌ومما وصفت به الدواليب والنواعير

- ‌ومما وصفت به نثرا

- ‌ومما وصفت به الجداول

- ‌ذكر عبّاد الماء [1]

- ‌القسم الخامس من الفن الأوّل فى طبائع البلاد، وأخلاق سكانها، وخصائصها، والمبانى القديمة، والمعاقل، وما وصفت به القصور والمنازل

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم (فى طبائع البلاد، وأخلاق سكّانها)

- ‌نوع آخر منه

- ‌نوع آخر منه

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس من الفن الأوّل فى خصائص البلاد

- ‌فأما مكة (شرّفها الله تعالى وعظمها)

- ‌ذكر ما كانت الكعبة عليه فوق الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض

- ‌ذكر بناء الملائكة الكعبة قبل خلق آدم عليه السلام، ومبدإ الطواف

- ‌ذكر زيارة الملائكة البيت الحرام

- ‌ذكر هبوط آدم عليه السلام إلى الأرض، وبنيانه الكعبة المشرفة وحجه وطوافه بالبيت

- ‌ذكر فضل البيت الحرام، والحرم

- ‌ذكر ما جاء فى طواف سفينة نوح عليه السلام بالبيت

- ‌ذكر ما جاء من تخير إبراهيم عليه السلام موضع البيت

- ‌ذكر حج إبراهيم عليه السلام وإذنه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافهم

- ‌ذكر ما جاء من مسئلة إبراهيم عليه السلام الأمن والرزق لأهل مكة والكتب التى وجد فيها تعظيم الحرم

- ‌ذكر أسماء الكعبة ومكة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الركن الأسود

- ‌ذكر ما جاء فى فضل استلام الركن الأسود، واليمانى

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الطواف بالكعبة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل زمزم

- ‌ذكر ما جاء من اتساع منى أيام الحج ولم سميت منى

- ‌ذكر ما جاء فى فضائل مقبرة مكة

- ‌ذكر شىء من خصائص مكة

- ‌وأما المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

- ‌ذكر شىء من خصائص المدينة المشرفة وأسمائها على صاحبها أفضل الصلاة والسلام

- ‌وأما البيت المقدّس، والمسجد الأقصى

- ‌ولنبدأ بذكر الأرض المقدّسة

- ‌أما فضل بيت المقدس

- ‌وأما فضل زيارته، وفضل الصلاة فيه

- ‌وأما ما ورد فى بيت المقدس من مضاعفة الحسنات والسيئات فيه

- ‌وأما فضل السكنى فيه والإقامة والوفاة به

- ‌وأما ما به من قبور الأنبياء ومحراب داود وعين سلوان

- ‌وأما ما ورد فى أن الحشر من البيت المقدس

- ‌وأما ما ورد فى فضل الصخرة، والصلاة إلى جانبها

- ‌وأما ما ورد فى أن الله عز وجل عرج من بيت المقدس إلى السماء

- ‌وأما ثواب الإهلال من بيت المقدس

- ‌وأما ما ورد من أن الكعبة تزور الصخرة يوم القيامة

- ‌وأما اليمن وما يختص به

- ‌وأما الشام وما يختص به

- ‌مسجد دمشق

- ‌وأما مصر وما يختصّ بها من الفضائل

- ‌ذكر من ولد بمصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن كان بها منهم

- ‌ذكر من كان بها من الصدّيقين والصدّيقات رضى الله عنهم

- ‌ذكر من صاهر أهل مصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌ذكر من أظهرته مصر من الحكماء

- ‌ومن فضائل مصر

- ‌ومما وصفت به

- ‌وأما جزيرة الأندلس

- ‌وأما البصرة وما اختصت به

- ‌وأما بغداد وما اختصت به

- ‌وأما الأهواز وما اختصت به

- ‌وأما فارس وما اختصت به

- ‌وأما أصفهان وما اختصت به

- ‌وأما جرجان وما اختصت به

- ‌وأما نيسابور وما اختصت به

- ‌وأما طوس وما اختصت به

- ‌وأما بلخ وما اختصت به

- ‌وأما بست وما اختصت به

- ‌وأما غزنة وما اختصت به

- ‌وأما سجستان وما اختصت به

- ‌وأما الهند وما اختصت به

- ‌وأما الصين وما اختصّ به

- ‌وأما سمرقند وما اختصت به

- ‌وأما بلاد التّرك وما اختصت به

- ‌وأما خوارزم وما اختصّت به

- ‌ذكر الخصائص التى تجرى مجرى الطّلّسمات

- ‌ذكر خصائص البلاد في أشياء مختلفة

- ‌الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأوّل (فى المبانى القديمة)

- ‌ذكر أوّل بناء وضع على وجه الأرض

- ‌ذكر خبر إرم ذات العماد

- ‌ذكر خبر سدّ يأجوج ومأجوج

- ‌ذكر مبانى الفرس المشهورة

- ‌ومن مبانى الفرس إيوان كسرى

- ‌ومن المبانى القديمة الحضر

- ‌ومن المبانى القديمة القليس

- ‌ومن المبانى المشهورة قنطرة صنجة

- ‌ومن المبانى القديمة ملعبا بعلبك

- ‌ذكر مبانى العرب المشهورة

- ‌فأما غمدان

- ‌وأما حصن تيماء

- ‌وأما الخورنق والسّدير

- ‌وأما الغريّان

- ‌ذكر الأبنية القديمة التى بالديار المصرية

- ‌فأما الأهرام

- ‌وأما حائط العجوز

- ‌وأما ملعب أنصنا

- ‌وأما مدينة عين شمس

- ‌وأما البرابى

- ‌وأما حنيّة اللازورد

- ‌وأما منارة الإسكندرية

- ‌وأما رواق الإسكندرانيين

- ‌ذكر شىء من عجائب المبانى

- ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأوّل (فيما وصفت به المعاقل والحصون)

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الأوّل

- ‌(فيما وصفت به القصور والمنازل)

- ‌وأما ما وصفت به المنازل الخالية

- ‌ومما قيل في حب الأوطان

- ‌ذكر شىء مما قيل في الحمّام

- ‌فهرس الجزء الأوّل

الفصل: ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر البحر

وبقرية من ناحية پنجهير [1] من بلاد خراسان بحيرة، ما غمس فيها شىء إلا ذاب:

حديدا كان أو خشبا.

وكذلك بركة النّظرون التى بأرض مصر ما وقع فيها شىء إلا صار نطرونا حتّى العظم والحجارة.

‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر البحر

(ما جاء من ذلك على لفظ أفعل) يقال: أعمق من البحر. أندى من البحر.

ويقال: حدّث عن البحر ولا حرج.

ويقال: جاء بالطّمّ والرّمّ. والطّم البحر؛ والرّم البر.

ومن أنصاف الأبيات:

وهل يملك البحر أن لا يفيضا؟

ومن ورد البحر استقلّ السّواقيا!

أنا الغريق، فما خوفى من البلل؟

ومن الأبيات:

هو البحر إلا أنّه عذب مورد،

وذا عجب أنّ العذوبة فى البحر!

وقال ابن الرومىّ:

كالبحر يرسب فيه لؤلؤه

سفلا، وتعلو فوقه جيفه.

[1] فى الأصل «پنجهير» وهى على ما قال ياقوت مدينة بنواحى بلخ. فلذلك أظن أن ذلك الاسم محرف عن «پنجديه» التى قال ياقوت إنها من نواحى خراسان وهو الصقع الذى أشار إليه المؤلف.

نعم إن ياقوت لم يذكر هذه البحيرة عند كلامه على كل من المدينتين ولكن المسعودىّ نص على أن ينجهير من أرض خراسان (ج 2 ص 15 طبع أوروبا) .

ص: 254

ومثله قول الآخر:

كمثل البحر يغرق فيه حىّ،

ولا ينفكّ تطفو فيه جيفه.

وقال ابن الرومىّ:

ألا فارجه واخشه إنه

هو البحر: فيه الغنى والغرق!

وقال أبو نواس:

من قاس غيركم بكم،

قاس الثّماد إلى البحور!

وقال آخر:

إذا كنت قرب البحر مالى مخلص

إليه، فما يغنى اقترابى من البحر!

وقال آخر:

كالبحر يقذف للقريب جواهرا

منه، ويرسل للبعيد سحائبا.

ذكر شىء مما قيل فى وصف البحر وتشبيهه قال ابن رشيق عفا الله عنه:

البحر مرّ المذاق صعب

لا جعلت حاجتى إليه.

أليس ماء ونحن طين؟

فما عسى صبرنا عليه؟

وقال ابن حمديس:

لا أركب البحر، أخشى

علىّ منه المعاطب!

طين أنا وهو ماء،

والطّين فى الماء ذائب.

وقال آخر:

وزاخر ليس له صولة

إلّا إذا ما هبّت الرّيح. فهو إذا ما سكنت ساكن

كأنما الرّيح له روح.

ص: 255

وقال أمية بن عبد العزيز بن أبى الصلت:

تناهى البحر فى عرض وطول،

وليس له على التحقيق كنه.

وأعجب كلّما شاهدت فيه

سلامتنا على الأهوال منه.

فحسبى أن أراه من بعيد

وأهرب فوق ظهر الأرض عنه.

ومما وصف به البحر والسفن قول بشر بن أبى خازم:

أطاعن صفّهم ولقد أرانى

على زوراء تسجد للرّياح.

إذا اعترضت براكبها خليجا،

تذكّر ما عليه من جناح.

ونحن على جوانبها قعود،

نغضّ الطّرف كالإبل القماح.

وقال ابن تولو من أبيات:

تحثّ بنا فيه قلاص كأنها

وعال، تبدّت من جبال شواهق.

لها كافلا ماء وريح كلاهما

يعلّمها فى الجرى سبق السّوابق

. إذا انحدرت؛ فالماء ألطف قائد،

وإن صعدت، فالريح أعسف سائق.

وقال السلامىّ:

وميدان تجول به خيول

تقود الدّارعين ولا تقاد.

ركبت به إلى اللّذّات طرفا

له جسم، وليس له فؤاد!

جرى فظننت أنّ الأرض وجه،

ودجلة ناظر، وهو السّواد.

وقال محمد بن هانئ:

معطّفة الأعناق نحو متونها

كما نبّهت أيدى الحواة الأفاعيا.

ص: 256

إذا اعملوا فيها المجاذيف سرعة،

ترى عقربا منها على الماء ماشيا.

إذا ما وردن الماء شوقا لبرده،

صدرن- ولم يشربن- غرثى صواديا.

وقال الرستمىّ:

لم نزل مشفقين مذقيل: سارت

بك دهم قليلة الأوضاح.

أصلها البرّ وهى ساكنة فى ا

لبحر سكنى إقامة لا براح.

هى فى الماء وهى صفر من الما

ء سوى نضح موجها النّضّاح.

فإذا أوقرت، فذات وقار؛

وإذا أخليت، فذات جماح.

وتراها فى اللّجّ ذات جناحي

ن وإن لم تكن بذات جناح.

من مطايا لا يغتذين ولا يس

أمن سير البكور بعد الرّواح.

منشآت من الجوارى اللّواتى

لسن من صنعة الجوارى الملاح.

والدات مولّدات بلا ح

ل نكاح ولا حرام سفاح.

لا من البيض بل من السّود ألوا

نا وذات الألواح والأرواح.

طائرات مع الرّياح، وطورا

كاسرات بالجرى حدّ الرّياح.

سائرات لا يشتكين سرى اللي

ل ولا يرتقبن ضوء الصّباح.

ساكنات بلا خضوع سكون،

جامحات بلا غرام جماح.

لا يخفن الغمار يقذفن فيها،

ويخفن المرور بالضّحضاح.

إن صدمن الحصى عطبن ولا يع

طبن إمّا صدمن حدّ الرّماح.

ما رأى الناس من قصور على الما

ء سواها يسير سير القداح.

يتسبسبن كالأساود فى الخف

ة لا فى معادة الأشباح.

فإذا ما تقابلت، قلت: ذود

من كباش تقابلت للنّطاح.

ص: 257

شرعها البيض كالغمامات فى الصّي

ف صحاحا منها وغير صحاح.

كم مدلّ بالجاه والمال فيها،

وبه حاجة إلى الملّاح!

قائد جنده لهم أدوات

نفعها ثمّ فوق نفع السّلاح.

فإذا البحر صال، صالوا عليها

بمواض تمضى بغير جراح.

يكثرون الصّياح حتّى كأنّ الس

فن تجرى من خوف ذاك الصّياح.

ومما وصفت به البحار والسفن نثرا قال أبو عمرو صاحب الصلاة القرطبىّ يصف شانيا [1] سافر فيه:

«فارقت مولاى حين أخذت للسّفر عدّة الحزم، وشددت عقدة العزم؛ وانتظمت مع السّفر فى سلك، وركبنا على اسم الله ظهر الفلك؛ فى شان عظيم الشان، أحدقت به النّطق إحداق الحيازم، وأمسكته إمساك الأبازم؛ ثم تتبّع خلله فسدّ، ورخوه فشدّ؛ حذرا على ألواحه من الإنخاع، واتصلت بعرانيسه اتصال الجلود بالأضلاع؛ ثم جلببت جلبابا من القار، وضمّخ فى المتنين والفقار؛ فامتاز بأغرب ميسم، وعاد كالغراب الأعصم؛ [2] قد حسن منه المخبر، وكأنّ الكافور قد قرن فيه بالعنبر. له من التماسيح أجنابها، ومن الخطاطيف أذنابها؛ واستقلّت رجله بفراشها، استقلال السّهام برياشها؛ وقد مدّ قلعيه ذراعيه متلقيا من وفد الرياح مصافحه، ومستهديا منها منافحة. تقلّد الحكم عليها إشتيام [3] ذو تيقظ واستبصار، واستدلال على الأعماق

[1] الشانى اسم لنوع من السفن التجارية والحربية عند المسلمين وجمعه شوانى.

[2]

أى الأبيض الجناحين (عن تاج العروس) .

[3]

الإشتيام هو رئيس الملّاحين، لفظ أعجمىّ أخذه العرب (راجع الجواليقىّ)

ص: 258

والأقصار؛ يستدلّ باختلاف المياه إذا جرى، ويهتدى بالنجوم إذا سرى؛ قد جعل السماء مرآة ينظر فيها، ويحذر من دجن يوافيها؛ فإذا أصدأها الظلام بحنادسه، وصقلها الضياء بمداوسه؛ يسبّح الله فى مصبحه وممساه، ويبسمل فى مجراه ومرساه، ويذكر ربّا يحفظه ولا ينساه. قد اتخذ فيه مواتيه، من أنجد النّواتيه؛ مشمّرين الأثواب، مدبّرين بالصواب؛ يفهمون عنه بالإيماء، ويتصرّفون له تصرّف الأفعال للأسماء؛ ويترنّمون عند الجذب والدّفع، والحطّ والرفع: بهينمة تبعثهم على النّشاط.

والجمام [1] ، وتؤدّيهم فى عملهم بالتمام. فخرجنا ونفح الريح نسيم، ووجه البحر وسيم؛ وراحة الرّيح تصافح عبابه مصافحة الخلّ، وتطوى جناحه طىّ السّجل؛ وتجول من لججه أبرادا، وتصوغ من حبكه أزرادا: كأنما ترسم فى أديم رقشا، أو تفتح فى فصوص نقشا. فلما توسطنا ثبج البحر، وصرنا منه بين السّحر والنّحر؛ صحت الريح من سكرها، وطارت من وكرها؛ فسمعنا من دوىّ البحر زئيرا، ومن حبال الثانى صفيرا؛ ورأيناه يزبد ويضطرب، كأنّه بكأس الجنوب قد شرب؛ واستقبلنا منه وجه باسر، وطارت من أمواجه عقبان كواسر؛ يضطرب ويصطفق، ويختلف ولا يتّفق؛ كأن الجوّ يأخذ بنواصيها، ويجذبها من أقاصيها؛ والشانى تلعب به أكفّ الموج، ويفحص منها بكلكله فوجا بعد فوج؛ ويجوب منها ما بين أنجاد وأغوار، وخنادق وأسوار؛ والبحر تحتنا كأرض تميد بأهلها، وتتزلزل بوعرها وسهلها؛ ونحن قعود، دود على عود؛ قد نبت بنا من القلق أمكنتنا، وخرست من الفرق ألسنتنا؛ والرّشّ يكتنفنا من كل جانب، ويسيل من أثوابنا سيل المذانب. فشممنا ريح الموت، وظننّا التلف والفوت؛ وبقينا فى همّ ناصب، وعذاب واصب؛ حتّى انتهينا

[1] ذهاب الإعياء والتعب.

ص: 259

إلى كنف الجون، وصرنا منه فى كنّ وصون؛ وهدأ من البحر ما استشرى، وتنادينا بالبشرى؛ ووطئنا من الأرض جددا، ولبسنا أثواب الحياة جددا! ......»

ومن رسالة لأبى عامر بن عقال الأندلسىّ عفا الله عنه جاء منها:

«

وكان جوازه، أيده الله على بحر ساكن، قد ذل بعد استصعابه، وسهل بعد أن رأى الشامخ من هضابه؛ وصارحيّه ميتا، وهديره صمتا؛ وجباله لا ترى بها عوجا ولا أمتا؛ وضعف بعد تعاطيه، وعقد السلّم بين موجه وشاطيه. فعبر آمنا من لهواته، متملّكا لصهواته؛ على جواد يقطع البحر سبحا، ويكاد يسبق الريح لمحا؛ لا يحمل لجاما ولا سرجا، ولا يعرف غير اللّجّة سرجا؛ فلله هو من جواد، له جسم وليس له فؤاد؛ يخترق الهواء ولا يرهبه، ويركض فى الماء ولا يشربه! ......»

ومن رسالة للأستاذ ابن العميد فى مثل ذلك جاء منها:

«

وكأن العشاريات وقد ردّيت بالقار، وحلّيت باللّجين والنّضار؛ عرائس منشورة الذوائب، مخضوبة الحواجب؛ موشحة المناكب، مقلّدة الترائب؛ متوّجة المفارق، مكلّلة العواتق، فضّية الحلل والقراطق؛ أو طواويس أبرزت رقابها، ونشرت أجنحتها وأذنابها؛ وكأنها إذا جدّت فى اللّحاق، وتنافست فى السّباق؛ نوافر نعام، أو حوافل أنعام؛ أو عقارب شالت بالإبر، أودهم الخيل واضحة الحجول والغرر؛ وكأن المجاديف طير تنفض خوافيها، أو حبائب تعانق حبائب بأيديها......»

ص: 260