الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشريف الرضىّ:
ما زلت أطّرق المنازل باللّوى
…
حتّى نزلت منازل النّعمان.
بالحيرة البيضاء حيث تقابلت
…
شمّ العماد، عريضة الأعطان.
شهدت بفضل الرّافعين قبابها.
…
ويبين بالبنيان فضل البانى!
ما ينفع الماضين أن بقيت لهم
…
خطط معمّرة بعمر فانى!
وأما ما وصفت به المنازل الخالية
فمن ذلك ما قاله البحترىّ يشير إلى «الكرمان» الذى بناه كسرى أنوشروان من أبيات:
فكأنّ الكرمان من عدم الأن
…
س وإخلائه بنيّة رمس.
لو تراه، علمت أنّ اللّيالى
…
خلعت فيه مأتما بعد عرس.
وهو ينبيك عن عجائب قوم،
…
لا يشاب البيان فيها بلبس.
وإذا ما رأيت صورة أنط
…
اكية، ارتعت بين روم وفرس.
والمنايا مواثل وأنوشر
…
وان يزجى الصّفوف تحت الدّرفس!
وقال أيضا من قصيدة يرثى فيها المتوكل، ويذكر قصره «الجعفرىّ» :
محلّ على القاطول [1] أخلق داره،
…
وعادت صروف الدّهر جيشا تعاوره.
كأنّ الصّبا توفى نذورا، إذا انبرت
…
تجرّ به أذيالها وتباكره.
وربّ زمان ناعم تمّ عهده،
…
ترقّ حواشيه ويونق ناظره.
تغيّر حسن «الجعفرىّ» وأنسه،
…
وقوّض بادى «الجعفرىّ» وحاضره.
تحمّل عنه ساكنوه فجاءة،
…
فعادت سواء دوره ومقابره.
إذا نحن زرناه، أجدّ لنا الأسى؛
…
وقد كان قبل اليوم يبهج زائره.
[1] نهر مشهور معروف.
ولم أنس وحش القصر إذريع سربه،
…
وإذ ذعرت أطلاؤه وجاذره.
وإذ صيح فيه بالرّحيل فهتّكت
…
على عجل أستاره وسرائره.
وأوحشه حتّى كأن لم يكن به
…
أنيس، ولم تحسن لعين مناظره.
كأن لم تبت فيه الخلافة طلقة
…
بشاشتها، والملك يشرق زاهره.
ولم تجمع الدّنيا إليه بهاءها
…
وبهجتها، والعيش غضّ مكاسره.
فأين الحجاب الصّعب حيث تمنّعت
…
بهيبتها أبوابه وستائره؟
وأين عمود الملك في كلّ نوبة
…
تنوب، وناهى الدّهر فيه وآمره؟
وقال عمر بن أبى ربيعة:
يا دار، أمسى دارسا رسمها
…
وحشا قفارا ما بها آهل.
قد جرّت الرّيح بها ذيلها،
…
واستنّ في أطلالها الوابل.
وقال شاعر أندلسىّ:
قلت يوما لدار قوم تفانوا:
…
أين سكّانك الكرام لدينا؟
فأجابت: هنا أقاموا قليلا
…
ثم ساروا، ولست أعلم أينا!
وقال عبد الله بن الخياط الأندلسىّ:
يا دار علوة، قد هيّجت لى شجنا
…
وزدتنى حزنا! حيّيت من دار!
كم بتّ فيك على اللّذّات معتكفا،
…
والليل مدّرع ثوبا من القار!
كانّه راهب في المسح ملتحف،
…
شدّ المجرّ له وسطا بزنّار!
وقال أبو حامد أحمد الأنطاكىّ:
إنّ ربعا عرفته مألوفا
…
كان للبيض مربعا ومصيفا.
غيّرت آية صروف اللّيالى،
…
وغدا عنه حسنه مصروفا.
ما مررنا عليه، إلّا وقفنا
…
وأطلنا شوقا إليه الوقوفا.
آلفا للبكاء فيه، كأنّى
…
لم أكن فيه للغوانى أليفا.
حاسدا للجفون لمّا أذالت
…
فى مغانيه دمعها المذروفا!
وقال الشريف الرضىّ من أبيات:
ولقد رأيت بدير هند منزلا
…
ألما من الضّرّاء والحدثان!
بالى المعالم، أطرقت شرفاته
…
إطراق منجذب القرينة عانى.
أمقاصر الغزلان، غيّرك البلى
…
حتّى غدوت مراتع الغزلان!
وملاعب الأنس الجميع طوى الرّدى
…
منهم، فصرت ملاعب الجنّان!
وقال أبو الحسن علىّ القابوسىّ نثرا:
ومن رسالة لضياء الدين بن الأثير الجزرىّ، جاء منها:
«
…
دار لعبت بها أيدى الزمن، وفرّقت بين الساكن والسّكن. كانت مقاصير جنّة، فأضحت وهى ملاعب جنّه. ولقد عميت أخبار قطّانها، وعفّت آثارها آثار وطّانها، حتى شابهت إحداهما في الجفا، الأخرى في العفا. وكنت أظن أنها لا تسقى بعدهم بغمام، ولا يرفع عنها جلباب ظلام؛ غير أن السحاب بكاهم وأجرى بها سوافح دموعه، والليل شقّ عليهم جيوبه فظهر الصّباح من خلال صدوعه» .