الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر حج إبراهيم عليه السلام وإذنه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافهم
قال أبو الوليد عن محمد بن إسحاق: لما فرغ إبراهيم خليل الرحمن من بناء البيت الحرام، جاءه جبريل عليه السلام فقال: طف به سبعا، فطاف به سبعا، هو وإسماعيل.
يستلمان الأركان كلّها فى كل طواف، فلما أكملا سبعا، صلّيا خلف المقام ركعتين.
قال: فقام معه جبريل فأراه المناسك كلها: الصّفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفة.
فلما دخل منى وهبط من العقبة، مثّل له إبليس عند جمرة العقبة، فقال له جبريل:
ارمه، فرماه بسبع حصيات، فغاب عنه؛ ثم برزله عند الجمرة الوسطى، فقال له جبريل:
ارمه، فرماه إبراهيم بسبع حصيات، فغاب عنه؛ ثم برز له عند الجمرة السفلى، فقال له جبريل: ارمه، فرماه بسبع حصيات مثل حصى الحذف، فغاب عنه إبليس؛ ثم مضى إبراهيم فى حجه وجبريل يوقفه على المواقف ويعلمه المناسك حتّى انتهى إلى عرفة.
فلما انتهى إليها، قال له جبريل: أعرفت مناسكك؟ قال: نعم، قال: فسميت عرفات بذلك. قال: ثم أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذّن فى الناس بالحج، فقال إبراهيم: يا ربّ وما يبلغ صوتى؟ قال الله جل ثناؤه: أذّن، وعلىّ البلاغ، قال:
فعلا إبراهيم على المقام فأشرف به حتّى صار أرفع الجبال وأطولها فجمعت له الأرض يومئذ: سهلها، وجبلها، وبرّها، وبحرها، وإنسها، وجنّها حتّى أسمعهم جميعا، فأدخل إصبعيه فى أذنيه وأقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا وبدأ بشق اليمين فقال:
«أيها الناس كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق، فأجيبوا ربكم» فأجابوه من تحت التخوم السبعة، ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أقطار الأرض كلها:
(لبّيك، اللهمّ لبّيك) . قال: وكانت الحجارة على ما هى اليوم، إلا أن الله عز وجل أراد أن يجعل المقام آية. فكان أثر قدميه فى المقام آية إلى اليوم. قال: أفلا تراهم اليوم يقولون: (لبيك، اللهم لبيك) . فكل من حج إلى اليوم فهو ممن أجاب إبراهيم.
وأثر قدمى إبراهيم فى المقام آية. وذلك قوله تعالى: (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) .
قال ابن إسحاق: وبلغنى أن آدم عليه السلام كان استلم الأركان كلها قبل إبراهيم، وحجّه إسحاق وسارة من الشام. قال: وكان إبراهيم يحجّه كل سنة على البراق. قال:
وحجّت بعد ذلك الأنبياء والأمم.
وعن مجاهد، قال: حج إبراهيم وإسماعيل، ماشيين.
وعن عبد الله بن ضمرة السلولى: ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم قبر تسعة وتسعين نبيا، جاءوا حجّاجا فقبروا هنالك.
وفى الحديث
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان النبىّ من الأنبياء إذا هلكت أمّته لحق بمكة فتعبّد بها النبىّ ومن معه حتّى يموت. فمات بها: نوح، وهود، وصالح، وشعيب. وقبورهم بين زمزم والحجر.
وعن مجاهد: حج موسى النبىّ عليه السلام على جمل أحمر. فمرّ بالرّوحاء عليه عباءتان قطوانيّتان متّزر بإحداهما، مرتد بالأخرى. فطاف بالبيت ثم سعى بين الصفا والمروة. فبينما هو يلبىّ بين الصفا والمروة، إذ سمع صوتا من السماء يقول:(لبّيك عبدى، أنا معك) قال: فخرّ موسى ساجدا.
وعن عروة بن الزبير رضى الله عنهما قال: بلغنى أن البيت وضع لآدم يطوف به ويعبد الله عنده؛ وأنّ نوحا قد حجّه وجاءه وعظمه قبل الغرق. فلما أصاب البيت ما أصاب الأرض من الغرق فكان ربوة حمراء معروفا مكانه؛ فبعث الله هودا إلى عاد، فتشاغل بأمر قومه حتّى هلك، ولم يحجّه. ثم بعث الله تعالى صالحا إلى ثمود، فتشاغل بهم حتّى هلك، ولم يحجّه. ثم بوّأه الله تعالى لإبراهيم عليه السلام فحجّه وأعلم مناسكه ودعا إلى زيارته. ثم لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم، إلا حجه.
وعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أنه قال: لقد سلك فجّ الرّوحاء سبعون نبيا، حجّاجا: عليهم لباس الصّوف. مخطّمى إبلهم بحبال اللّيف. ولقد صلّى فى مسجد الخيف سبعون نبيّا.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد مرّ بفجّ الرّوحاء (أو لقد مرّ بهذا الفجّ) سبعون نبيا على نوق حمر خطمها الليف، لبوسهم العباء وتلبيتهم شتّى.
فمنهم يونس بن متّى. فكان يونس يقول: (لبّيك فرّاج الكرب، لبّيك) ؛ وكان موسى يقول: (لبّيك، أنا عبدك لديك، لبّيك) قال: وتلبية عيسى: (لبّيك، أنا عبدك ابن أمتك بنت عبديك، لبّيك) » .
وعن عطاء بن السائب أن إبراهيم رأى رجلا يطوف بالبيت فأنكره، فسأله:
ممن أنت؟ فقال: من أصحاب ذى القرنين، قال: وأين هو؟ قال: هو بالأبطح.
فتلقّاه إبراهيم عليه السلام فاعتنقه، فقال لذى القرنين: ألا تركب؟ قال: ما كنت لأركب، وهذا يمشى، فحجّ ماشيا.