الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5- وأما بحر الهند وجزائره
فمبدؤه من مشرق الصين فوق خط الاستواء. ويجرى إلى جهة الغرب، فيجتاز ببلاد الواق [1] ، وبلاد سفالة الزنج؛ ثم ببلاد الزنج حتّى يصل إلى بلاد بربرا، وهناك حجزه.
وأما الشرقىّ: فمبدؤه من لوقين، وهى أوّل مرافىء الصين ثم بخانقو فرضة الصين العظمى؛ ثم إلى سمندور من بلاد الهند؛ ثم إلى حارتين، إلى قندرينه [2] ، إلى تانة، إلى سندابور، إلى بروص (ويقال بروج، وإليها ينسب القماش البروجى) ، إلى صيمور [3] ، إلى سندان، إلى سوتارة، إلى كنباية. (وإليها ينسب القماش الكنبايتى) ، إلى ديبل (وهى أوّل مرافئ السند) ؛ ثم إلى سرون، ثم إلى التّيز [4] من بلاد مكران، وهى أحد ركنى الخليج الفارسىّ. والركن الآخر يسمى رأس الجمحة: وهو جبل خارج فى البحر، ومن هناك يسمى بحر اليمن، ثم يمتدّ على ظفار؛ ثم على الشّحر ساحل بلاد مهرة؛ ثم على شرمة ولسعا (ساحلى بلاد حضرموت) ، ثم على أبين، ثم على عدن، ثم المخنق، ثم العارة، ثم يمتدّ إلى باب المندب.
[1] قال البيرونى مانصه: (فى كتاب تحقيق ما للهند ص 103 سطر 7) جزيرة الوقوان من جملة قمير.
وهو اسم لا كما تظنه العوام من أنه شجرة حملها كرءوس الناس تصيح ولكن قمير قوم ألوانهم الى البياض قصار القدود على صور الأتراك ودين الهنود مخرمى الآذان وأهل جزيرة الوقواق منهم سود الألوان والناس فيهم أرغب ويجلب منهم الآبنوس الأسود وهو لب شجرة تلقى حواشيها فأما الملمع والشوحط والصندل الأصفر فمن الزنج. اهـ
[2]
لعل المقصود: قندابيل (وقد ذكرها ياقوت) .
[3]
ويقال صيمون (انظر ياقوت) .
[4]
هى قصبة بلاد مكران بالسند.
ومن هناك يخرج خليج القلزم، وطوله ثمانية آلاف ميل، وعرضه يختلف.
فى موضع ألف ميل وسبعمائة ميل، وفى موضع ألفان، وفى موضع دون ذلك.
ويقال: إن بينه وبين البحر المحيط بحرا آخر يسمى البحر الزفتى، سمى بذلك لظلمته وسواده، وطوله ألف ميل وخمسمائة ميل.
وهذا البحر- أعنى الهندىّ- بجملته قسمه السالكون له ستّ قطع، وضعوا لها أسماء مختلفة.
1-
فالذى يمرّ بأرض الصين يسمى بحر صنجى [1] ، ينسب لمدينة فى جزيرة من جزائره. وهو بحر كثير الأمواج مهول. فإذا كان فى أوّل هياجه ظهر فيه بالليل أشخاص سود، طول الواحد منهم خمسة أشبار وأقلّ من ذلك. يصعدون إلى المراكب ولا يضرون أحدا. فإذا عاينهم السّفّار، أيقنوا بالدّمار. وإذا قدّر الله تعالى نجاتهم من هذه الشدّة، أراهم على رأس الدّقل طائرا أبيض كأنما خلق من النور، فيتباشرون به. فإذا ذهب عنهم الروع، فقدوه.
وفيه من الجزائر المعمورة:
جزيرة شريرة [2] . يحيط بها ألف ميل ومائتا ميل. فيها مدائن كثيرة، أجلها المدينة التى تنسب إليها، ومنها يجلب الكافور.
وجزيرة صنجى. وإليها تنسب هذه القطعة. وطولها مائتا ميل؛ وعرضها أقلّ من ذلك. وفيها جواميس وبقر بغير أذناب.
[1] لعل هذا الاسم هو و «شنجو» لمسمى واحد. وهى المعروفة عند العرب باسم مدينة «زيتون» وهى فرضة الصين (راجع أبا الفدا) .
[2]
سماها أبو الفدا: سريرة.
وجزيرة أنفوجة. يحيط بها أربعمائة ميل. عمارتها متصلة.
2-
ويلى هذه القطعة قطعة تسمّى بحر الصّنف. فى جزيرة من جزائره مدينة.
وهو بحر خبيث كثير الأمطار والرياح الشديدة. وفى جباله معادن الذهب والرصاص، وفيه مغاص اللؤلؤ، وفى غياضه الخيزران. وفيه مملكة المهراج.
ويشتمل على جزائر لا تحصى، ولا يمكن المراكب أن تطوف بها فى سنة. وفيها أنواع الطيب من الكافور، والقرنفل، والعود، والصّندل، والجوزبوّى، والبسباسة، والكبابة.
ومن جزائره المشهورة:
جزيرة الزانج. وتكسيرها سبعمائة فرسخ، وبها يكون المهراج، وهو اسم يطلق على كل من ملكها.
وجزيرة البركان. وهى جزيرة فيها جبل يرمى بالشرر ليلا، وبالرعود القواصف نهارا، وهى أحد آطام الدّنيا المشهورة.
وجزيرة قمار. وإليها ينسب العود القمارىّ. وبها شجر الصندل. دورها أربعة أشهر. وهى مأوى عبّاد الهند وعلمائهم. يسمّى ملكها قامرون.
وجزائر الرامى [1] . وهى نحو ألف جزيرة معمورة. بها الملوك. وفيها معادن الذهب، وشجر الكافور.
وجزائر لنجيالوس. ويقال لنكيالوس. وهى كثيرة، وأهلها سود، مشوّهو الصور لقربها من خط الاستواء. وبها معادن الحديد.
3-
ويلى هذه القطعة قطعة تسمّى بحر لاروى، وبحر كله، وبحر الجاوه، وبحر فنصور. وإنما ترادفت عليه هذه الأسماء بحسب ما يمرّ عليه من البلاد والجزائر.
[1] فى الأصل الراقى وفى نزهة المشتاق «الرامى» .
وهو بحر لا يدرك قعره. وفيه نحو ألف جزيرة تسمّى جزائر النارجيل، لكثرته بها.
وكلها عامرة بالناس. وبين الجزيرة والجزيرة الفرسخ والفرسخان. وليس يوجد فى سائر جزائر البحر ألطف صنعة من أهل جزائره فى سائر المهن. وبيوت أمواله الودع.
ومن جزائره المشهورة مما يلى أوائل بلاد الهند:
جزيرة الماند. وهى جزيرة يحيط بها ألف ميل. وفيها ثلاث مدن كبار.
وجزيرة كرموه. يحيط بها ثلاثمائة ميل.
وجزيرة بلى. منسوبة لمدينة من الهند على ساحله. يأتيها التجار لاجل الفلفل.
وجزائر الذئاب. وهى كثيرة. وأكبرها جزيرة ديبى. وسكانها قبائل من العرب. يحيط بها أربعمائة ميل. وفيها الموز، وقصب السكر.
وجزيرة السيلان. وطولها ستمائة ميل، وعرضها قريب من ذلك. وفيها مدن كثيرة. وإليها ينسب العود السيلى.
وجزيرة كله. وإليها ينسب البحر. وهى جزيرة خطيرة، طولها ثمانمائة ميل، وعرضها ثلاثمائة ميل وخمسون ميلا. وبها من المدن فنصور. فيها شجر الكافور (وفيها العود الفاخر) وملاير، ولا روى، وكله (وإليها ينسب الدّهن) . ولكل مدينة من هذه المدن خور تعبره المراكب من البحر.
وجزيرة صندابولات. وطولها نحو من مائتى ميل، وعرضها نحو مائة ميل.
تنسب إلى مدينة هى فيها.
وجزائر بداميان. فيها أمم سود، قباح الوجوه. قامة الرجل منهم أقلّ من ذراع. ليس لهم مراكب. فإذا وقع اليهم غريق أو من يتيه من التجّار، أكلوه.
4-
ويلى هذه القطعة قطعة تسمى بحر هركند، وفيه جزائر كثيرة. ويقال إن عدّتها ألف جزيرة وتسعمائة جزيرة. ويقع فيها العنبر الذى تكون القطعة منه مثل البيت. وسكانها أحذق الناس فى الحياكة، ينسجون القميص بكميّه ودخاريزه قطعة واحدة.
وفيه من الجزائر المشهورة:
جزيرة سرنديب [1] . وهى مدوّرة الشكل، يحيط بها ألف فرسخ. يشقّها جبل الراهون، وهو الجبل الذى هبط عليه آدم عليه السلام من الجنة. وفى أوديتها الياقوت والماس والسّنباذج. وطولها مائتان وستون ميلا. ومدينة هذه الجزائر العظمى تسمى أغنا، يسكنها مسلمون، ونصارى، ويهود، ومجوس. ولكل أهل ملة من هذه الملل حاكم. لا يبغى بعضهم على بعض. وكلهم يرجع إلى ملك يسوسهم ويجمع كلمتهم. ولهذا البحر أربعة أودية تصب فى البحر تسمى الأغباب [2] .
5-
ويلى هذه القطعة قطعة تسمى بحر اليمن. وأوّله بحر الجمحة، وهو بلاد مهرة. معترض فى البحر فيمرّ بحاسك (وهو أوّل مرافئ اليمن) ؛ ثم يمرّ بمرباط [3](ساحل بلاد ظفار) ؛ ثم يمرّ بالشّحر (ساحل بلاد مهرة) ؛ ثم بشرمة ولسعا (ساحلى بلاد حضرموت) ؛ ثم بأبين؛ ثم بعدن؛ ثم بالمخنق؛ ثم بالعارة؛ ثم الباب بالمندب.
[1] قال البيرونى فى كتابه على الهند: سنكلديب وهى جزيرة سرنديب (ص 102) وفى أبى الفدا سنكاديب.
[2]
الأغباب واحدها غبّ. وهو- على ما قال البيرونى- كالزاوية والعطفة يدخل من البحر إلى البر ويكون للسفن فيه مخاوف وخاصة من جهة المد والجزر. والخور هو شبه الغبّ ولكنه ليس من جهة دخول البحر وإنما هو من مجىء المياه الجارية واتصاله بالبحر ساكنا ومخاوف السفن فيه من جهة العذوبة التى لا تستقلّ بالأثقال استقلال الملوحة بها (تحقيق ما للهند ص 102) .
[3]
مدينة بين حضرموت وعمان وهى الفرضة لمدينة ظفار الواقعة على خمسة فراسخ منها.
وفيه من الجزائر المشهورة:
جزيرة سقوطرة. وطولها نحو من مائة وثمانين ميلا، وعرضها فى الوسط نحو خمسة عشر ميلا. وبها الصبر. يسكنها قوم من اليونان، تغلبوا على من كان فيها من الهند فى زمن الإسكندر. وبها عيون يقال إن الشرب منها يزيد فى العقل.
ولهذا سميت فى الكتب القديمة جزيرة العقل.
ويلى هذه القطعة قطعة تسمى بحر الزنج، وبحر بربرا؛ ويسمى ساحله الزنجبار.
وفيه مما يلى بلاد اليمن جزائر ومنها:
جزيرة دعون [1] ، وهى مدوّرة.
وجزيرة السود.
وجزيرة حورتان.
وجزيرة مروان. وفيها مدن يسكنها السّرّاق، وهى مقابلة لبلاد مهرة.
وجزائر الديبجات. وهى كثيرة. وأهلها مفرطون فى السواد. وجميع ما عندهم أسود، حتّى قصب السكر والكافور.
وجزيرة القمر. وتسمى جزيرة ملاى. وطولها أربعة أشهر، وعرض الواسع منها يزيد على عشرين يوما. وهى تحاذى جزيرة سرنديب. وفيها بلاد كثيرة أجلها كيدانة، وملاى (وإليها تنسب الجزيرة) ودهمى، وبليق، وخافورا، ودعلى، وقمرية (وإليها ينسب القمر) . ويقال: إن بهذه الجزيرة خشبا، ينحت من الخشبة
[1] من المعلوم أن العرب يسمون شبه الجزيرة بالجزيرة. ولم أجد لهذا الاسم أثرا فيما بين يدىّ من كتب المراجعة فلعلها هى التى ذكرها ياقوت باسم «دغوث» وقال إنها بلد بنواحى الشحر من أرض عمان أو لعلها «دغوطة» التى قال أبو الفدا انها آخر مدن سفالة وآخر العمارة فى البر المتصل.