المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأول (فيما وصفت به المعاقل والحصون) - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌الفن الأوّل فى السماء والآثار العلويّة، والأرض والمعالم السّفليّة

- ‌القسم الأوّل فى السماء وما فيها وفيه خمسة أبواب:

- ‌الباب الأوّل من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى مبدإ خلق السماء

- ‌2- ذكر ما قيل فى أسماء السماء وخلقها

- ‌3- حكى فى سبب حدوثه

- ‌الباب الثانى

- ‌1- فى هيئتها

- ‌2- أما الأمثال

- ‌3- وأما الوصف والتشبيه

- ‌4- ومما قيل فى الفلك

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر الملائكة

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب السبعة المتحيرة

- ‌2- ذكر ما قيل فى الشمس

- ‌3- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الشمس

- ‌4- ذكر ما جاء فى وصف الشمس وتشبيهها

- ‌5- ذكر شىء مما وصفت به على طريق الذمّ

- ‌6- ذكر ما قيل فى الكسوف

- ‌7- ذكر أسماء الشمس اللغوية

- ‌8- ذكر عبّاد الشمس

- ‌9- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌10- ذكر ما قيل فى القمر

- ‌11- ذكر أسماء القمر اللّغوية

- ‌12- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر القمر

- ‌13- ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌14- ذكر شىء مما قيل فيه على طريق الذم

- ‌15- ذكر عبّاد القمر

- ‌16- ذكر ما قيل فى الكواكب المتحيرة

- ‌17- ذكر عباد الروحانيات

- ‌18- ذكر بيوت الهياكل (وأماكنها ونسبتها إلى الكواكب)

- ‌الباب الخامس من القسم الأوّل من الفن الأوّل

- ‌1- فى الكواكب الثابتة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الكواكب

- ‌3- ذكر ما قيل فى وصف الكواكب وتشبيهها

- ‌القسم الثانى من الفن الأوّل فى الآثار العلوية وفيه أربعة أبواب

- ‌الباب الأوّل من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى السحاب، وسبب حدوثه، وفى الثّلج والبرد

- ‌2- ذكر ما قيل فى ترتيب السحاب

- ‌3- ذكر ما قيل فى ترتيب المطر

- ‌4- ذكر ما قيل فى فعل السحاب والمطر

- ‌5- ذكر أسماء أمطار الأزمنة

- ‌6- ذكر أسماء المطر اللغوية

- ‌7- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر المطر

- ‌8- ذكر شىء مما قيل في وصف السحاب والمطر

- ‌9- ذكر شىء مما وصف به الثلج والبرد

- ‌الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌فى النيازك، والصواعق، والرعد، والبرق، وقوس قزح

- ‌المثل

- ‌وأما ترتيبه فى لمعانه

- ‌المثل:

- ‌ذكر ما قيل فى وصف الرعد والبرق

- ‌ذكر ما قيل فى وصفه وتشبيهه

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقسّ [1] الهواء

- ‌2- ذكر ما قيل فى حدّ الهواء

- ‌3- ذكر أسماء الرياح اللغوية

- ‌4- فصل فيما يذكر منها بلفظ الجمع

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الهواء

- ‌6- ذكر ما جاء فى وصف الهواء وتشبيهه

- ‌الباب الرابع من القسم الثانى من الفن الأوّل

- ‌1- فى أسطقس النار [1] وأسمائها، وعبادها، وبيوت النيران

- ‌2- ذكر أسماء النار

- ‌3- ذكر عبّاد النار

- ‌4- وأما بيوت النيران

- ‌5- ذكر نيران العرب

- ‌6- ذكر النيران المجازية

- ‌7- ذكر النيران التى يضرب المثل بها

- ‌8- ذكر ما جاء منها على لفظ أفعل

- ‌9- ذكر ما قيل فى وصف النار وتشبيهها

- ‌10- ذكر شىء مما قيل فى الشّمعة والشّمعدان

- ‌1- أما الشمعة، فمن جيّد ما قيل فيها

- ‌ومما ورد فى وصفها نثرا

- ‌2- ومما قيل فى السراج

- ‌3- رسالة القنديل والشمعدان

- ‌القسم الثالث من الفن الأوّل فى الليالى والأيام، والشهور والأعوام، والفصول والمواسم والأعياد

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم

- ‌1- فى الليالى والأيام

- ‌2- ذكر ما قيل فى الليل وأقسامه

- ‌فصل

- ‌3- ذكر الليالى المشهورة

- ‌4- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الليل

- ‌5- ذكر ما قيل فى وصف الليل وتشبيهه

- ‌6- وأما ما وصف به من الطول

- ‌7- أما ما وصف به من القصر

- ‌8- أما ما وصف به من الإشراق

- ‌9- أما ما وصف به من الظلمة

- ‌10- ومما قيل فى تباشير الصباح

- ‌11- ذكر ما قيل فى النهار

- ‌12- ذكر الأيام التى خصّت بالذكر

- ‌13- ذكر أيام أصحاب الملل الثلاث

- ‌14- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر النهار

- ‌15- ذكر شىء مما قيل فى وصف النهار وتشبيهه

- ‌16- ذكر شىء مما وصفت به الآلات

- ‌الباب الثانى من القسم الثالث من الفن الأوّل فى الشهور والأعوام

- ‌1- ذكر الشهور وما قيل فيها

- ‌2- ذكر الأشهر العربية

- ‌3- وأما شهور اليهود

- ‌4- وأما الشهور العجمية

- ‌5- ذكر ما يختص بالسنة من القول

- ‌6- ذكر النسىء ومذهب العرب فيه

- ‌7- ذكر السنين التى يضرب بها المثل

- ‌الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌1- فى الفصول وأزمنتها

- ‌ذكر ما قيل فى وصف فصل الصيف وتشبيهه نظما ونثرا

- ‌الباب الرابع من القسم الثالث من الفن الأوّل

- ‌فى ذكر مواسم الأمم وأعيادها، وأسباب اتخاذهم لها، وما قيل فى ذلك

- ‌1- ذكر الأعياد الإسلامية

- ‌2- ذكر أعياد الفرس

- ‌3- ذكر أعياد النصارى القبط

- ‌4- ذكر أعياد اليهود

- ‌القسم الرابع من الفن الأوّل فى الأرض، والجبال، والبحار، والجزائر، والأنهار، والعيون، والغدران

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم 1- فى مبدإ خلق الأرض

- ‌الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى تفصيل أسماء الأرضين وصفاتها

- ‌2- ذكر تفصيل أسماء التراب وصفاته

- ‌3- ذكر تفصيل أسماء الغبار وأوصافه

- ‌4- ذكر تفصيل أسماء الطين وأوصافه

- ‌5- ذكر تفصيل أسماء الرّمال

- ‌6- ذكر ترتيب كمية الرمل

- ‌7- ذكر تفصيل أسماء الطرق وأوصافها

- ‌الباب الثالث من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌الباب الرابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الأقاليم السبعة

- ‌2- ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الأرض

- ‌3- ذكر شىء مما قيل فى وصف الأرض وتشبيهها

- ‌الباب الخامس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى الجبال

- ‌2- ذكر أسماء ما ارتفع من الأرض إلى أن يبلغ الجبيل

- ‌3- ذكر ترتيب أبعاض الجبل

- ‌4- ذكر ترتيب مقادير الحجارة

- ‌5- ذكر ما يتمثّل به مما فيه ذكر الجبال والحجارة

- ‌6- ذكر شىء مما قيل فى وصف الجبال وتشبيهها

- ‌الباب السادس من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌1- فى ذكر البحار والجزائر

- ‌2- ذكر بحار المعمور من الأرض

- ‌3- ذكر ما يتفرّع من البحر المحيط

- ‌4- ويخرج من هذا البحر خليجان

- ‌5- وأما بحر الهند وجزائره

- ‌6- ويخرج من هذا البحر الذى يجمع هذه القطع خليجان

- ‌7- وأما بحر ما نيطش [2]

- ‌8- وأما بحر الخزر

- ‌ذكر ما فى المعمور من البحيرات المالحة المشهورة وما بها من العجائب

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر البحر

- ‌الباب السابع من القسم الرابع من الفن الأوّل

- ‌فأما نهر النيل

- ‌وأما الفرات

- ‌وأما نهر دجلة

- ‌وأما نهر سجستان

- ‌وأما نهر مهران

- ‌وأما نهر جيحون [2]

- ‌وأما نهر سيحون

- ‌وأما نهر الكنك [2]

- ‌وأما نهر الكر

- ‌وأما نهر إتل

- ‌ذكر ما فى المعمور

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الماء

- ‌ذكر شىء مما قيل فى وصف الماء وتشبيهه

- ‌ومما وصفت به الأنهار

- ‌ومما وصفت به البرك

- ‌ومما وصفت به الدواليب والنواعير

- ‌ومما وصفت به نثرا

- ‌ومما وصفت به الجداول

- ‌ذكر عبّاد الماء [1]

- ‌القسم الخامس من الفن الأوّل فى طبائع البلاد، وأخلاق سكانها، وخصائصها، والمبانى القديمة، والمعاقل، وما وصفت به القصور والمنازل

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم (فى طبائع البلاد، وأخلاق سكّانها)

- ‌نوع آخر منه

- ‌نوع آخر منه

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس من الفن الأوّل فى خصائص البلاد

- ‌فأما مكة (شرّفها الله تعالى وعظمها)

- ‌ذكر ما كانت الكعبة عليه فوق الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض

- ‌ذكر بناء الملائكة الكعبة قبل خلق آدم عليه السلام، ومبدإ الطواف

- ‌ذكر زيارة الملائكة البيت الحرام

- ‌ذكر هبوط آدم عليه السلام إلى الأرض، وبنيانه الكعبة المشرفة وحجه وطوافه بالبيت

- ‌ذكر فضل البيت الحرام، والحرم

- ‌ذكر ما جاء فى طواف سفينة نوح عليه السلام بالبيت

- ‌ذكر ما جاء من تخير إبراهيم عليه السلام موضع البيت

- ‌ذكر حج إبراهيم عليه السلام وإذنه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافهم

- ‌ذكر ما جاء من مسئلة إبراهيم عليه السلام الأمن والرزق لأهل مكة والكتب التى وجد فيها تعظيم الحرم

- ‌ذكر أسماء الكعبة ومكة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الركن الأسود

- ‌ذكر ما جاء فى فضل استلام الركن الأسود، واليمانى

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الطواف بالكعبة

- ‌ذكر ما جاء فى فضل زمزم

- ‌ذكر ما جاء من اتساع منى أيام الحج ولم سميت منى

- ‌ذكر ما جاء فى فضائل مقبرة مكة

- ‌ذكر شىء من خصائص مكة

- ‌وأما المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

- ‌ذكر شىء من خصائص المدينة المشرفة وأسمائها على صاحبها أفضل الصلاة والسلام

- ‌وأما البيت المقدّس، والمسجد الأقصى

- ‌ولنبدأ بذكر الأرض المقدّسة

- ‌أما فضل بيت المقدس

- ‌وأما فضل زيارته، وفضل الصلاة فيه

- ‌وأما ما ورد فى بيت المقدس من مضاعفة الحسنات والسيئات فيه

- ‌وأما فضل السكنى فيه والإقامة والوفاة به

- ‌وأما ما به من قبور الأنبياء ومحراب داود وعين سلوان

- ‌وأما ما ورد فى أن الحشر من البيت المقدس

- ‌وأما ما ورد فى فضل الصخرة، والصلاة إلى جانبها

- ‌وأما ما ورد فى أن الله عز وجل عرج من بيت المقدس إلى السماء

- ‌وأما ثواب الإهلال من بيت المقدس

- ‌وأما ما ورد من أن الكعبة تزور الصخرة يوم القيامة

- ‌وأما اليمن وما يختص به

- ‌وأما الشام وما يختص به

- ‌مسجد دمشق

- ‌وأما مصر وما يختصّ بها من الفضائل

- ‌ذكر من ولد بمصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن كان بها منهم

- ‌ذكر من كان بها من الصدّيقين والصدّيقات رضى الله عنهم

- ‌ذكر من صاهر أهل مصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌ذكر من أظهرته مصر من الحكماء

- ‌ومن فضائل مصر

- ‌ومما وصفت به

- ‌وأما جزيرة الأندلس

- ‌وأما البصرة وما اختصت به

- ‌وأما بغداد وما اختصت به

- ‌وأما الأهواز وما اختصت به

- ‌وأما فارس وما اختصت به

- ‌وأما أصفهان وما اختصت به

- ‌وأما جرجان وما اختصت به

- ‌وأما نيسابور وما اختصت به

- ‌وأما طوس وما اختصت به

- ‌وأما بلخ وما اختصت به

- ‌وأما بست وما اختصت به

- ‌وأما غزنة وما اختصت به

- ‌وأما سجستان وما اختصت به

- ‌وأما الهند وما اختصت به

- ‌وأما الصين وما اختصّ به

- ‌وأما سمرقند وما اختصت به

- ‌وأما بلاد التّرك وما اختصت به

- ‌وأما خوارزم وما اختصّت به

- ‌ذكر الخصائص التى تجرى مجرى الطّلّسمات

- ‌ذكر خصائص البلاد في أشياء مختلفة

- ‌الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأوّل (فى المبانى القديمة)

- ‌ذكر أوّل بناء وضع على وجه الأرض

- ‌ذكر خبر إرم ذات العماد

- ‌ذكر خبر سدّ يأجوج ومأجوج

- ‌ذكر مبانى الفرس المشهورة

- ‌ومن مبانى الفرس إيوان كسرى

- ‌ومن المبانى القديمة الحضر

- ‌ومن المبانى القديمة القليس

- ‌ومن المبانى المشهورة قنطرة صنجة

- ‌ومن المبانى القديمة ملعبا بعلبك

- ‌ذكر مبانى العرب المشهورة

- ‌فأما غمدان

- ‌وأما حصن تيماء

- ‌وأما الخورنق والسّدير

- ‌وأما الغريّان

- ‌ذكر الأبنية القديمة التى بالديار المصرية

- ‌فأما الأهرام

- ‌وأما حائط العجوز

- ‌وأما ملعب أنصنا

- ‌وأما مدينة عين شمس

- ‌وأما البرابى

- ‌وأما حنيّة اللازورد

- ‌وأما منارة الإسكندرية

- ‌وأما رواق الإسكندرانيين

- ‌ذكر شىء من عجائب المبانى

- ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأوّل (فيما وصفت به المعاقل والحصون)

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الأوّل

- ‌(فيما وصفت به القصور والمنازل)

- ‌وأما ما وصفت به المنازل الخالية

- ‌ومما قيل في حب الأوطان

- ‌ذكر شىء مما قيل في الحمّام

- ‌فهرس الجزء الأوّل

الفصل: ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأول (فيما وصفت به المعاقل والحصون)

‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأوّل (فيما وصفت به المعاقل والحصون)

وهذا الباب قد ترجمت عليه فى الفن الثانى الذى يلى هذا الفن فيما يحتاج إليه الملك. وإنما ضممته إلى هذا الفن لمناسبته له وشبهه به، واستثنيته من الفن الثانى واقتصرت فيه على مجرّد الترجمة. وبالله التوفيق.

وقد أوسع الفضلاء والأدباء والكتاب والبلغاء القول فى هذا المعنى وتواردوا فيه، فاقتصرنا على ما نورده من ذلك، وهو قليل من كثير.

فمن ذلك ما قاله بعض الأندلسيين يصف قلعة فتحت من غير حصار:

«

وهذه القلعة التى انتهينا إلى قرارها، واستولينا على أقطارها؛ أرحب المدن أمدا للعيون، وأخصبها بلدا إذا أمحلت السّنون؛ فروعها فوق الثّريّا شامخه، وعروقها تحت الثّرى راسخه؛ تباهى بأزهارها نجوم السماء، وتناجى بأسرارها أذن الجوزاء؛ وكانت فى الزمن الغابر، عتت على عظيم القياصر؛ فنازلها بأكثر من النجوم عددا، وطاولها بأوفى من البحر مددا؛ فأبت على طاعته كلّ الإباء، واستعصت على مقارعته أشدّ استعصاء، ومردت مرود مارد على الزّباء؛ فأمكننا الله من ذروتها، وأنزل ركّابها لنا عن صهوتها» .

وقال القاضى الفاضل عبد الرحيم البيسانى رحمه الله، يصف آمد من رسالة جاء منها:

«

وآمد ذكرها بين العالم متعالم، وطالما صادم جانبها من تقادم، فرجع عنها مقدوعا أنفه وإن كان فحلا، وفرّ عنها فريدا بهمّه وإن استصحب خيلا ورجلا؛

ص: 401

ورأى حجرها فقدّر أنه لا يفكّ له حجر، وسوادها فظنّ أنه لا ينسخه فجر، وحميّة أنف أنفتها فاعتقد أنه لا يستجيب لزجر؛ من ملوك كلهم قد طوى صدره على الغليل إلى موردها، ووقف وقفة المحب السائل فلم يفز بما أمّل من سؤال معهدها» .

وقال من أخرى يصفها:

«

وهى العقيلة التى صدر الصّدور الأول محلّا عن وردها، والطريدة التى حصل منها على راحة يأسه وتعب طردها؛ والمحجّبة التى كشفت ستورها، ودار لعصمتها كسوار معصمها سورها، وغلت على أنها السوداء على خطّابها لأن المهج مهورها؛ ولربما نآى بجانبها الإعراض، ونبا جوهرها عن الأعراض، وطاشت دون أوصافها بسهام الأغراض؛ ودرجت الملوك على حسرتها فلم تحسر لها لثاما، وما استطاعت لثغرها ثلما ولا له التثاما» .

وقال من أخرى يصف قلعة نجم، وهى من عيون الرسائل، جاء منها:

«

هى نجم فى سحاب، وعقاب فى عقاب؛ وهامة لها الغمامة عمامه، وأنملة إذا خضبها الأصيل كان الهلال لها قلامه؛ عافدة حبوة صالحها الدهر أن لا يحلّها بقرعه، بادية عصمة صافحها الزمن على أن لا يروّعها بخلعه؛ فاكتنفت بها عقارب منجنيقات لم تطبع طبع حمص فى العقارب، وضربتها بحجارة أظهرت فيها العداوة المعلومة فى الأقارب؛ فلم يكن غير ثلاثة إلا وقد أثّرت فيها الحجارة جدريّا بضربها، ولم يصل إلى السابعة إلا والبحر مؤذن بنقبها؛ فاتسع الخرق على الراقع، وسقط سعده عن الطالع، إلى مولد من هو إليها طالع؛ وفتحت الأبراج فكانت أبوابا، وسيّرت الجبال فكانت سرابا» .

ص: 402

وقال من أخرى فى فتح بيت المقدس، جاء منها:

«

زاول المدينة من جانب، فاذا هو أودية عميقة: ولجج وعر غريقة؛ وسور قد انعطف عطف السّوار، وأبرجة قد نزلت مكان الواسطة من عقر الدار؛ وقدّم المنجنيقات التى تتولّى عقاب الحصون عصيّها وحبالها، وأوتر لهم قسيّها التى تضرب ولا تفارق سهامها ولا سهامها نصالها؛ فصافحت السّور فإذا سهامها فى ثنايا شرفاتها سواك، وقدّم النصر بشرى من المنجنيق تخلد إخلاده إلى الأرض وتعلو علوّه إلى السّماك؛ فشجّ مرابع أبراجها، وأسمع صوت عجيجها، ورفع مثار عجاجها؛ وأسفر النّقّاب عن الخراب النّقاب، وأعاد الحجر إلى خلقته الأولى من التّراب؛ ومضغ سرد حجارته بأنياب مغوله، وأظهر من صناعته الكثيفة ما يدلّ على لطافة أنمله، وأسمع الصخرة الشريفة أنينه إلى أن كادت ترقّ لمقتله» .

وقال أيضا من أخرى:

«

فنصبنا عليها المنجنيقات تمطر سماؤها نبل الوبال، وتملأ ارضها بالنّكاية والنّكال، وتهدّ بساريات حجارتها راسيات الجبال؛ وتنزل نوازل الأسواء بالأسوار، وتوسع مجال الدّوائر فى الدّيار، وتخطف بخطّافاتها أعمار الأعمار؛ وتطير حمامها بكتب الحمام، وتديم إغراء سهامها فى أهلها بتوفير سهام الإرغام؛ وكشف النقّابون نقاب السّور المحجوج المحجوب، فتهدّم بنيانه، وتداعت أركانه، بتظاهر المنجنيقات عليها والنّقوب» .

ووصف القاضى الفاضل المنجنيق من رسالة فقال:

«فسلّمت كأنّها بنان، ونضنضت كأنها لسان، وأطّت كأنها مرنان، واهتزّت كأنها جانّ، وتقوّمت كأنها سنان، وانعطفت كأنها عنان، وأقدمت كأنها شجاع وأحجمت

ص: 403

كأنها جبان. ورمت رءوسهم الموقّرة من أحجارها بأمثال الرءوس المحلّقه، فأعادتهم إلى الخلقة الأولى مخلّقة وغير مخلّقه» .

ووصف النامى المنجنيق فقال:

وحصن زياد غدوة السّبت نافثا

سماما، أراك ابن الأراقم أرقما.

نصبت له فى الأرض بيت حديقة

تمدّ لها فى الجوّ كفّا ومعصما.

لها أخوات للمنايا كوامن

وإن لم يكن ما أضمرته مكنّما.

عذارى، ولكن قد وجدن حواملا

بعرس تراه للجنادل مأتما.

ترى الصّخر فيه الصّخر وهو نسيبه

عدوّا بيوم أرضه تمطر السّما.

إذا أقعدت جدرا قياما، رأيتها

تنبّه قيعانا من التّرب نوّما!

ومما وصفت به المعاقل والحصون نظما.

فمن ذلك قول كعب الأشقرى، يصف قلعة:

محلّقة دون السّماء كأنّها

غمامة صيف زال عنها سحابها.

ولا يبلغ الأروى شماريخها العلى،

ولا الطّير إلا نسرها وعقابها.

ولا خوّفت بالذّئب ولدان أهلها،

ولا نبحت إلا النّجوم كلابها.

وقال أبو تمام، يصف عمّورية:

وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها

كسرى وصدّت صدودا عن أبى كرب.

بكر، فما افترعتها كفّ حادثة

ولا ترقّت إليها همّة النّوب.

من عهد إسكندر أو قبل ذاك، فقد

شابت نواصى اللّيالى وهى لم تشب!

وقال الخالديان:

وخلقاء قد تاهت على من يرومها

بمرقبها العالى وجانبها الصّعب.

ص: 404

يزرّ عليها الجوّ جيب غمامه

ويلبسها عقدا بأنجمه الشّهب.

إذا ما سرى برق، بدت من خلاله

كما لاحت العذراء من خلل الحجب.

سموت لها بالرأى: يشرق فى الدّجى

ويقطع فى الجلّى، ويصدع فى الهضب.

فأبرزتها مهتوكة الجيب بالقنا

وغادرتها ملصوقة الخدّ بالتّرب!

وقالا أيضا فى قلعة:

وقلعة عانق العيّوق سافلها،

وجار منطقة الجوزا أعاليها.

لا تعرف القطر، إذ كان الغمام لها

أرضا توطّأ قطريه مواشيها.

إذا الغمامة لاحت، خاض ساكنها

حياضها قبل أن تهمى عزاليها.

يعدّ من أنجم الأفلاك مرقبها،

لو أنّه كان يجرى فى مجاريها.

على ذرى شامخ وعر: قد امتلأت

كبرا به، وهو مملوء بها تيها.

له عقاب: عقاب الجوّ حائمة

من دونها، فهى تخفى فى خوافيها.

وقال أبو بكر الخوارزمىّ:

وبكر تحامتها البعول مخافة،

فقد تركت من كثرة المهر أيّما.

ممنّعة لم يغلط الدّهر باسمها،

ولم يرها فى النّوم إلا توهّما.

تزلّ عقاب الجوّ عن شرفاتها،

وتبغى إليها الرّيح مرقى وسلّما!

ويسمع فى الأفلاك صيحة ديكها،

فتحسب ديك العرش صاح ترنّما.

عجوز، ترى فى صحّة الجسم كاعبا؛

ولو أرّخت، كانت من الدّهر أقدما!

توارى أساسا بالتّخوم مؤزّرا،

وتبرز رأسا بالنّجوم معمّما.

تنازعها الأرض السّماء وتدّعى

لديها بها حقّا لها متهضّما.

وتحسبها زهر الكواكب كوكبا

هوى خلف شيطان رجيم، فخيّما!

ص: 405