الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالدواوين، والمجامر بالمحابر، والأطباق، بالأوراق، وتنازع المدام، بتنازع الكلام؛ واستماع الأوتار، باستماع الأخبار؛ وسجع البلابل، بسجع الرسائل؛ كان أشحذ لذهنك، وأرشد لرأيك.
16- ذكر شىء مما وصفت به الآلات
الموضوعة لمعرفة الأوقات قد وضع أهل هذا الفنّ لمعرفة درجات الليل وساعات النهار آلات، يستدلّون بها على معرفة ما مضى من ذلك وما بقى، ولتحرير المواقيت: كالاصطرلاب، والطّرجهارة والبنكام.
ووصف الشعراء والفضلاء ذلك بأوصاف، نذكر منها إن شاء الله تعالى ما نقف عليه.
1-
فأما الاصطرلاب وما قيل فيه.
فقال أبو طالب، عبد السلام المأمونى:
وشبيه بالشّمس يسترق الأن
…
وار من نور جرمها فى خفاء.
فتراه أدرى وأعلم منها،
…
وهو فى الأرض، بالذى فى السّماء.
وقال أيضا:
وعالم بالغيب من غير ما
…
سمع، ولا قلب، ولا ناظر! يقابل الشمس فيأتى بما
ضمّنها من خبر حاضر.
…
كأنها ناجته لمّا بدا
لعينها بالفكر والخاطر.
…
وألهمته علم ما يحتوى
عليه صدر الفلك الدّائر.
وقال أبو إسحاق الصابى، وقد أهداه فى مهرجان إلى مخدومه:
أهدى إليك بنو الآمال واجتهدوا
…
فى مهرجان جديد أنت تبليه.
لكنّ عبدك إبراهيم، حين رأى
…
سمّو قدرك عن شىء يساميه.
لم يرض بالأرض يهديها إليك فقد
…
أهدى لك الفلك الأعلى بما فيه!
وقال أبو الصلت أميّة بن عبد العزيز:
أفضل ما استصحب النبيل فلا
…
يعدل به فى المقام والسّفر،
جرم إذا ما التمست قيمته
…
جلّ عن التّبر وهو من صفر.
مختصر وهو إذ تفتّشه
…
عن ملح العلم غير مختصر.
ذو مقلة تستنير ما رمقت
…
عن صائب اللحظ صادق النّظر.
تحمله وهو حامل فلكا
…
لو لم يدر بالبنان لم يدر.
مسكنه الأرض وهو ينبئنا
…
عن جلّ ما فى السماء من خبر.
أبدعه ربّ فكرة بعدت
…
فى اللّطف عن أن تقاس بالفكر.
فاستوجب الشّكر والثناء به
…
من كلّ ذى فطنة من البشر.
فهو لذى اللّبّ شاهد عجب
…
على اختلاف العقول والفطر.
وكتب أبو الفرج الببغاء يصف اصطرلابا أهداه فقال:
آثرتك- أيدك الله- ببرهان الحكمة ونسبها، ومدار الفلسفة وقطبها؛ ومرشد الفكر ومناره، وميزان الحسن ومعياره؛ ونافى الشك ومزيله، وشاهد الأثير ودليله؛ مصوّر الحكمة وممثّلها، ومقسم البروج ومعدّلها؛ وموقف النجوم ومسيّرها، وجامع الأقاليم ومدبّرها؛ مرآة الحبك، وصورة الفلك؛ وأمين الكواكب، وحدّ المشارق والمغارب؛ مما اخترعت العقول تسطيحه، وأتقن الحسّاب تصحيحه؛ وتمارت الفطن
فى ترتيبه، واصطلحت الحكماء على تركيبه؛ فأوضحت بالنقش تقسيمه، وأبانت بالكتابة رسومه؛ إلى أن شافهنا بالارتفاع على بعد مسافته، وحصر متفرّق الأمور فى خرقى عضادته؛ واحتوى على قطرى الشّمال والحنوب، واطلع باللطف على خفيّات الغيوب؛ الملقب بالاصطرلاب، الفاصل بين الخطإ والصواب.
وقال أبو نصر الكاتب فيه:
قطب الزمن ومداره، وميزان الفلك ومعياره؛ وأساس الحكمة وموضوعها، وتفصيل الفطنة ومجموعها؛ الناطق فى صمته، الموفى على نعته؛ مظهر السّر المكنون، المخبر بما كان وما يكون؛ ذو شكل مقمر مستدير، ولون مشمس مستنير؛ ومنطقة محيطة بأجزائه، وخطوط معدّلة على اعضائه؛ وكتابة مطبقة بتدويره، ورموز بائحة بضميره؛ متقابل الأهداف، متكامل الأوصاف؛ بحجرة مسكونه، وصفائح مصونه؛ وقدّ موموق، وباب مطروق؛ للعلم فتحه ورتاجه، وعليه طريقه ومنهاجه؛ إذا انتصب قال فحمد، وإذا اضطجع عيى فلم يفسد؛ صفرىّ الانتساب، ذهىّ الإهاب؛ يخترق الأنوار من نقابه، ويستخدم الشّمس فى حسابه؛ يجمع الشرق والغرب فى صفحته، ويستره الحامل فى راحته؛ رافعه ينظر من تحته، وأخباره تسند عن خرته.
2-
ومما قيل فى طرجهارة.
قال أبو الفتح كشاجم يصفها [1] :
روح من الماء فى جسم من الصّفر
…
مؤلّف بلطيف الحسّ والفكر.
[1] هى من الآلات التى تعرف بها الساعات. ولهم آلات أخرى فى هذا المعنى مثل صندوق الساعات، دبّة الساعات، الرخامة، المكحلة، اللوح (أنظر مفاتيح العلوم للخوارزمى طبع ليدن ص 235) .