الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بإصطخر فارس، يعظمه المجوس. كان فى قديم الزمان للأصنام، فأخرجتها جمان بنت بهمن بن اسپنديار وجعلته بيت نار. ثم نقلت عنه النار فخرب...... وفى مدينة سابور من أرض فارس بيت معظم عندهم اتخذه دارا بن دارا. وفى مدينة جور من أرض فارس...... بيت بناه أردشير بن بابك......... وقد كان أردشير بنى بيت نار يقال له بارنوا فى اليوم الثانى من غلبته على فارس. وبيت نار على خليج القسطنطينية من بلاد الروم بناه سابور الجنود ابن أردشير بن بابك حين نزل على هذا الخليج وحاصر القسطنطينية. ولم يزل هذا البيت إلى خلافة المهدىّ. وكان سابور اشترط على الروم بقاء هذا البيت......... وبأرض العراق بيت نار بالقرب من مدينة السلام. بنته بوران [1] بنت كسرى أبرويز، الملكة، بالموضع المعروف بأسنيبا [2] .
وبيوت النيران كثيرة تعظمها المجوس. والذى ذكرناه هو المشهور منها [3] .
5- ذكر نيران العرب
ونيران العرب أربعة عشر نارا.
1-
نار المزدلفة. توقد حتّى يراها من دفع من عرفة. وأوّل من أوقدها قصىّ بن كلاب.
2-
نار الاستسقاء. كانت الجاهلية الأولى، إذا تتابعت عليهم الأزمات، واشتدّ الجدب، واحتاجوا إلى الأمطار. يجمعون لها بقرا، معلقة فى أذنابها وعراقيبها
[1] فى الشهرستانى: توران.
[2]
فى المسعودى: استينيا. وفى الشهرستانى: إسفينيّا.
[3]
هذا الباب كله منقول عن مروج الذهب (أنظر طبعة باريس ج 4 ص 72- 86) .
السّلع [1] والعشر [2] ، ويصعدون بها إلى جبل وعر، ويشعلون فيها النار، ويضجّون بالدعاء والتضرّع. وكانوا يرون ذلك من الأسباب المتوصّل بها إلى نزول الغيث [3] . وفى ذاك يقول الوديك الطائى:
لا درّ درّ رجال خاب سعيهم،
…
يستمطرون لدى الأزمات بالعشر!
أجاعل أنت بيقورا مسلّعة
…
ذريعة لك بين الله والمطر؟
وقال أمية بن أبى الصّلت:
ويسوقون باقر السّهل للطّو
…
د مهازيل خشية أن تبورا.
عاقدين النّيران فى بكر الأذ
…
ناب منها، لكى تهيج النّحورا.
سلع ما ومثله عشر ما
…
عائل ما وعالت الببقورا.
3-
نار الزائر والمسافر. ويسمونها نار الطّرد. وذلك أنهم كانوا إذا لم يحبوا رجوع شخص، أوقدوا خلفه نارا ودعوا عليه. ويقولون فى الدعاء: أبعده الله وأسحقه! وأوقدوا نارا إثره. قال الشاعر:
وجمّة قوم قد أتوك ولم تكن
…
لتوقد نارا خلفها للتندّم.
[1] قال العلامة الدكتور أوغمت هفتر الألمانى والأب المحقق الفاضل لويس شيخو اليسوعى فى حاشية صفحة 36 متن كتاب النبات والشجر الأصمعى الذى عنيا بتحقيقه وطبعه فى بيروت سنة 1908، ما نصه:
السلع نبات. وقيل شجر مر، وقيل أنه سمّ. له ورقة صغيرة شاكة كأن شوكها زغب. وهو بقلة تنفرش كأنها راحة الكلب.
[2]
قال الفاضلان المذكوران فى ذلك الموضع أيضا مانصه: «قيل إن العشر من كبار شجر العضاه وهو ذو صمغ حلو وحرّاق مثل القطن. يقتدح به. وهو عريض الورق. يخرج من شعبه ومواضع زهره سكر فيه شىء من المرارة يقال له سكر العشر. ويخرج له نفاخ كشقاشق الجمال. وله نور كالدفلى، مشرق حسن النظر. وله ثمر:
l AselePiasgigaN tea.Le AselePiade:FoRsk GalotRoP isPRoeRa:
[3]
أما الافرنج والأمريكان فى هذا العصر فانهم يستنزلون الغيث باطلاق المدافع لاحداث الدوىّ والضجيج والالتهاب فى الجو..
والجمّة: الجماعة يمشون فى الدّم، وفى الصلح. ومعنى هذا البيت: لم تندم على ما أعطيت فى الحمالة عند كلام الجماعة، فتوقد خلفهم ناراكى لا يعودوا.
4-
نار التحاليف. كانوا لا يعقدون حلفهم إلا عليها، فيذكرون منافعها، ويدعون الله بالحرمان والمنع من منافعها على الذى ينقض العهد، ويطرحون فيها الكبريت والملح. فإذا فرقعت هوّل على الحالف. قال الكميت:
همو خوّفونى بالعمى هوّة الرّدى
…
كما شبّ نار الحالفين المهوّل.
وقال أوس بن حجر:
إذا استقبلته الشّمس، صدّ بوجهه
…
كما صدّ عن نار المهوّل حالف.
5-
نار الغدر. كانت العرب إذا غدر الرجل بجاره، أوقدوا له نارا بمنى، أيام الحج على الأخشب (وهو الجبل المطلّ على منّى) . ثم صاحوا: هذه غدرة فلان.
قالت امرأة من هاشم:
فإن نهلك فلم نعرف عقوقا
…
ولم توقد لنا بالغدر نار.
6-
نار السّلامة. وهى نار توقد للقادم من سفره، إذا قدم بالسلامة والغنيمة. قال الشاعر:
يا سليمى أوقدى النارا
…
إنّ من تهوين قد زارا.
7-
نار الحرب. وتسمّى نار الأهبة والإنذار. توقد على يفاع، فتكون إعلاما لمن بعد. قال ابن الرومى:
له ناران: نار قرى وحرب.
…
ترى كلتيهما ذات التهاب.
8-
نار الصّيد. يوقدونها لصيد الظباء، لتعشى أبصارها.
9-
نار الأسد. كانت العرب توقدها إذا خافوه؛ فإن الأسد إذا عاين النار حدّق إليها وتأمّلها.
10-
نار السّليم. توقد للملدوغ، والمجروح، ومن عضّه الكلب الكلب حتّى لا يناموا فيشتدّ بهم الألم. قال النابغة:
يسهّد من ليل التّمام سليمها
…
لحلى النّساء فى يديه قعاقع.
وذلك لأنهم كانوا يعلقون عليه حلى النساء ويتركونه سبعة أيام.
11-
نار الفداء. وذلك أن ملوكهم كانوا إذا سبوا قبيلة وخرجت إليهم السادات فى الفداء وفى الاستيهاب، كرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن.
وأما فى الظلمة فيخفى قدر ما يحبسون من الصيفىّ لأنفسهم، وقدر ما يجودون به، وما يأخذون عليه الفداء. فيوقدون لذلك النار. قال الشاعر:
نساء بنى شيبان يوم أوارة
…
على النّار إذ تجلى له فتياتها.
12-
نار الوسم. كانوا يقولون للرجل: ما نارك؟ (فى الاستخبار عن الإبل) أو ما سمتك؟ [فيقول] : حياط، أو علاط، أو حلقة، أو كذا، أو كذا.
حكى أن بعض اللصوص قرّب إبلا كان قد أغار عليها وسلبها من قبائل شتّى إلى بعض الأسواق، فقال له بعض التجّار: ما نارك؟ وإنما سأله عن ذلك، لأنهم كانوا يعرفون ميسم كل قوم وكرم إبلهم من لؤمها، فقال:
تسألنى الباعة: ما نجارها،
…
إذ زعزعوها فسمت أبصارها؟
وكلّ دار لأناس دارها!
…
وكلّ نار العالمين نارها [1] !
[1] يقول العرب فى أمثالهم: «كل نجار إبل نجارها» وشطره الثانى «ونار إبل العالمين نارها» يضربون المثل للمخلط الذى فيه كل لون من الأخلاق وليس له رأى يثبت عليه.
13-
نار القرى. وهى من أعظم مفاخر العرب. كانوا يوقدونها فى ليالى الشتاء، ويرفعونها لمن يلتمس القرى. فكلما كانت أضخم وموضعها أرفع، كان أفخر.
وهم يتمادحون بها، قال الشاعر:
له نار تشبّ بكلّ واد
…
إذا النّيران ألبست القناعا.
وقال إبراهيم بن هرمة:
إذا ضلّ عنهم ضيفهم، رفعوا له
…
من النار فى الظّلماء ألوية حمرا.
14-
وكانت للعرب نار عظمى تسمّى نار الحرّتين. وهى التى أطفأها الله تعالى بخالد بن سنان العبسىّ. وكانت حرّة ببلاد عبس، تسمّى حرّة الحدثان.
روى عن ابن الكلبىّ أنه قال: كان يخرج منها عنق فيسيح مسافة ثلاثة أو أربعة أميال، لا تمرّ بشىء إلا أحرقته. وأن خالد بن سنان أخذ من كل بطن من بنى عبس رجلا فخرج بهم نحوها، ومعه درّة حتّى انتهى إلى طرفها، وقد خرج منها عنق كأنه عنق بعير فأحاط بهم، فقالوا: هلكت والله أشياخ بنى عبس آخر الدهر! فقال خالد كلّا! وجعل يضرب ذلك العنق بالدّرّة ويقول: «بدّا بدّا، كلّ هدى الله يؤدّى! أنا عبد الله خالد بن سنان!» فما زال يضربه حتّى رجع، وهو يتبعه والقوم معه كأنه ثعبان يتملك حجارة الحرّة حتّى انتهى إلى قليب، فانساب فيه وتقدّم عليه، فمكث طويلا. فقال ابن عم لخالد، يقال له عروة بن شب: لا أرى خالدا يخرج إليكم أبدا! فخرج ينطف عرقا، وهو يقول: زعم ابن راعية المعزى أنى لا أخرج. فقيل لهم بنو راعية المعزى إلى الآن.
وفى هذه النار يقول الشاعر:
كنار الحرّتين لها زفير
…
تصمّ مسامع الرجل السّميع.