الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وألبسته الشّمس من صبغها
…
نورا به يخطف نور البصر.
كأنّها المرآة مجلوّة
…
على بساط أخضر قد نشر.
وقال أيضا:
ملنا إلى النّشر الذى ترتقى
…
إليه أنفاس الصبا عاطره.
حول غدير ماؤه دارع
…
والأرض من رقّته حاسره.
والشمس إن حاذته رأد الضّحى
…
حسناء فى مرآتها ناظره.
والشّهب إن حاذته جنح الدّجى
…
تسبح فى لجّته الزاخره.
قد ركّب الخضراء فيه، فمن
…
حصبائه أنجمها زاهره.
يخضرّ [1] إن مرت بأرجائه
…
لفح سموم فى لظى هاجره.
أنموذج الماء الذى جاءنا ال
…
وعد بأن نسقاه فى الآخره!
ومما وصفت به البرك
قال البحترىّ عفا الله عنه:
يا من رأى البركة الحسناء رؤيتها
…
والآنسات التى لاحت مغانيها!
ما بال دجلة كالغيرى تنافسها
…
فى الحسن طورا، وأطوارا تباهيها؟
كأنّ جنّ سليمان الذين ولوا
…
إبداعها فأدقّوا فى معانيها.
فلو تمرّ بها بلقيس عن عرض،
…
قالت: هى الصّرح تمثيلا وتشبيها.
تنصبّ فيها وفود الماء معجلة
…
كالخيل خارجة من حبل مجريها.
كأنّما الفضّة البيضاء سائلة
…
من السبائك تجرى في مجاريها.
[1] فى الأصل «يخضرّ» وفى ديوانه (الموجود منه نسخة مخطوطة «بدار الكتب المصرية» )«يحضر» ولا معنى لهما. ولعل الصواب «يخصر» من الخصر، وهو شدّة البرد كما يرتضيه السياق.
إذا علتها الصّبا أبدت لها حبكا
…
مثل الجواشن مصقولا حواشيها.
إذا النّجوم تراءت فى جوانبها
…
ليلا، حسبت سماء ركّبت فيها.
لا يبلغ السّمك المحصور غايتها
…
لبعد ما بين قاصيها ودانيها.
يعمن فيها بأوساط مجنحّة
…
كالطير تنقضّ فى جوّ خوافيها.
كأنها حين لجّت فى تدفّقها
…
يد الخليفة لمّا سال واديها!
وقال ابن طباطبا:
كم ليلة ساهرت أنجمها لدى
…
عرصات أرض ماؤها كسمائها.
قد سيّرت فيها النجوم كأنّما
…
فلك السماء يدور فى أرجائها.
أحسن بها بحرا إذا التبس الدّجى،
…
كانت نجوم الليل من حصبائها!
ترنو إلى الجوزاء وهى غريقة
…
تبغى النّجاء، ولات حين نجائها!
تطفو وترسب فى اصطفاق مياهها
…
لا مستعان لها سوى أسمائها.
والبدر يخفق وسطها فكأنّه
…
قلب لها قد ريع فى أحشائها.
وقال عبد الجبار بن حمديس، يصف بركة يجرى إليها الماء من شاذروان من أفواه طيور وزرافات وأسود، من أبيات:
والماء منه سبائك من فضّة
…
ذابت على دولاب شاذروان!
فكأنّما سيف هناك مشطّب
…
ألقته يوم الرّوع كفّ جبان!
كم شاخص فيه يطيل تعجّبا
…
من دوحة نبتت من العقيان!
عجبا لها تسقى هناك ينائعا
…
ينعت من الثّمرات والأغصان!
خصّت بطائرة على فنن لها
…
حسنت، فأفرد حسنها من ثانى!
قسّ الطيور الساجعات بلاغة
…
وفصاحة من منطق وبيان.
فإذا أتيح لها الكلام تكلّمت
…
بخرير ماء دائم الهملان.
وكأنّ صانعها استبدّ بصنعة
…
فخر الجماد بها على الحيوان!
أوفت على حوض لها فكأنّها
…
منها إلى العجب العجاب روان.
وكأنّها ظنّت حلاوة مائها
…
شهدا، فذاقته بكلّ لسان.
وزرافة فى الجوّ من أنبوبها
…
ماء يريك الجرى فى الطّيران.
مركوزة كالرّمح حيث ترى له
…
من طعنه الحلق انعطاف سنان.
وكأنّما ترمى السماء ببندق
…
مستنبط من لؤلؤ وجمان!
لو عاد ذاك الماء نفطا، أحرقت
…
فى الجوّ منه قميص كلّ عنان.
فى بركة قامت على حافاتها
…
أسد تذلّ لعزّة السّلطان!
نزعت إلى ظلم النفوس نفوسها،
…
فلذلك انتزعت من الأبدان.
وكأنّما الحيّات من أفواهها
…
يطرحن أنفسهنّ فى غدران.
وكأنّما الحيتان إذ لم تخشها،
…
أخذت من المنصور عهد أمان!
وقال آخر:
ولقد رأيت، وما رأيت كبركة
…
فى الحسن ذات تدفّق وخرير!
عقدت لها أيدى المياه قناطرا
…
من جوهر فى لجّة من نور!
وقال علىّ بن الجهم، يصف فوّارة:
وفوّارة ثارها فى السّماء،
…
فليست تقصّر عن ثارها!
تراها اذا صعدت فى السّماء
…
تعود الينا بأخبارها.
تردّ على المزن ما أنزلت
…
على الأرض من صوب مدرارها!