الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو الفتح الأغر بن قلاقس:
ومنزل جاوز الجوزاء مرتقيا
…
كأنّما فيه النّسرين أوكار.
راسى القرارة سامى الفرع فى يده
…
للنّور والنّون أخبار وأخيار [1] .
أطلقت فيه عنان القول فاطّردت
…
خيل لها فى بديع الشّعر مضمار.
وأما رواق الإسكندرانيين
فهو ملعب كان بالإسكندرية.
كانوا حكماء يجتمعون فيه فلا يرى أحد منهم شيئا دون الآخر، ووجه كل واحد منهم- وإن اختلفت جهاتهم- تلقاء وجه الآخر. وإن عمل أحد منهم شيئا أو تكلم، سمعه الآخر. ونظر القريب والبعيد فيه سواء.
وقد بقيت منه بقايا عمد تكسرت، غير عمود منها يسمّى عمود السّوارى فى غاية الطول والغلظ من الحجر الصوّان الأحمر.
ذكر شىء من عجائب المبانى
قال صاحب كتاب «مباهج الفكر ومناهج العبر» :
ذكر بعض المصنفين لكتب العجائب، أن الفرس تزعم أن أوشهنج بنى بأرض بابل سبع مدائن، جعل فى كل مدينة منها أعجوبة ليست فى الأخرى.
[1] هكذا فى الأصل. وفى بدائع البدائه «أخبار وآثار» وفى مسالك الأبصار «إخيار وأخيار» وهذا الوجه الأخير أولى ويكون المعنى أن هذه المنارة تخير عن المراكب المضيئة القادمة الى الإسكندرية وأن فيها أخبارا عن السمك السايح فى البحر حولها.
فكان فى الأولى- التى يكون فيها الملك- مثال أنهار الدنيا كلّها. فإذا التوى عليه أحد من أهل مملكته بخراجهم، خرّج نهرا من تلك الأنهار الشبيهة بنهر تلك الناحية فغرقوا. فإذا أدّوا الخراج، سدّ عليهم من عنده فانسدّ عنهم.
وفى الثانية حوض. فإذا أراد الملك أن يجمع الناس لشراب، أتى من أحبّ منهم بشراب له خاص فيصبه فى الحوض. يفعل ذلك كل إنسان منهم، فيختلط الجميع. ثم تقوم السّقاة فتأخذ الأوانى ويسقى كلّ واحد من شرابه الذى جاء به.
وفى الثالثة طبل. فإذا غاب من البلد أحد وأراد أهله أن يعلموا خبره، أحىّ هو أو ميت، ضربوا الطبل: فإن كان حيا صوّت، وإن كان ميتا لم يصوّت.
وفى الرابعة المرآة. فإذا غاب الرجل عن أهله وأرادوا أن يعلموا حاله، نظروا فى المرآة فرأوه فى الحالة التى هو عليها.
وفى الخامسة إوزّة نحاس. فإذا دخل المدينة غريب، صفّرت. فيعلمون أن غريبا دخلها.
وفى السادسة قاضيان جالسان على الماء. فيجىء المحقّ والمبطل ليجلسا معهما.
فيجلس المحق، ويرسب المبطل.
وفى السابعة شجرة. لا تظل إلا ساقها. فإذا جلس تحتها واحد أظلته إلى ألف.
فإن زاد على الألف واحد، قعدوا كلهم فى الشمس.
وكنت قد أنكرت هذه الحكاية وقصدت حذفها وإلغاءها والإضراب عنها.
فرأيت ابن الجوزىّ وضعها فى كتابه الذى سماه «سلوة الأحزان» فأوردتها.
وحكى أنه كان بمدينة قيساريّة- لما كانت فى أيدى الروم- كنيسة بها مرآة.
إذا اتهم الرجل امرأته بزنا، نظر فى تلك المرآة، فيرى وجه المتّهم فيها. وأن بعض الناس اتّهم فرأوه فيها فقتله الملك، فجاء أهله إلى المرآة حميّة فكسروها.
وحكى الواقدىّ فى فتوح السند: أن عبد الله العبدىّ عامل معاوية على السند غزا بلد القيقان، فأصاب منهم غنائم كثيرة، وأن ملك القيقان بعث إليه يطلب منه الفداء وحمل إليه هدايا كان فيها قطعة من مرآة، يذكر أهل العلم أن الله تعالى أنزلها على آدم عليه السلام، لما كثر ولده وانتشروا فى الأرض، فكان ينظر فيها فيرى من بعد منهم على الحالة التى هو عليها من خير أو شر، فحملها عبد الله إلى معاوية، فبقيت فى ذخائر بنى أمية إلى أن انتقل الملك عنهم إلى بنى العباس، فضاعت فيما فقد من الذخائر [1] .
وقيل: إن بنهاوند حجرا يسمّى الكيلان، بالقرب منه صخرة، من أراد أن يتعرّف حال غائب أو آبق أو سارق، أتى إلى تلك الصخرة فنام تحتها، فيرى فى النوم حال ما تعرف به على ما هو عليه. وعجائب المبانى كثيرة، سنذكر إن شاء الله تعالى منها جملة فى أخبار ملوك مصر الذين كانوا قبل الطوفان وبعده، فتأمّله هناك تجده.
[1] بهامش الأصل ما نصه: «قد ذكر أبو جعفر الطبرى فى تاريخه أن هذه المرآة كانت عند أبى جعفر المنصور فالله أعلم أين صارت بعده» .