الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3- ذكر أعياد النصارى القبط
وأعياد النصارى أربعة عشر عيدا: سبعة يسمونها كبارا، وسبعة يسمونها صغارا.
فأما الكبار:
1-
فمنها عيد البشارة. ويعنون بها بشارة غبريال، وهو عندهم جبريل عليه السلام على ما يزعمون أنه بشر مريم ابنة عمران بميلاد عيسى عليهما السلام . وهم يعملونه فى التاسع والعشرين من برمهات من شهورهم.
2-
ومنها عيد الزيتونة. وهو عيد الشّعانين، وتفسيره التسبيح. يعملونه فى سابع أحد من صومهم. وسنّتهم فيه أن يخرجوا بسعف النخل من الكنيسة. ويزعمون أنه يوم ركوب المسيح اليعفور فى القدس، وهو الحمار، ودخوله صهيون وهو راكب، والناس يسبحون بين يديه، وهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
3-
ومنها الفصح. وهو العيد الكبير عندهم يقولون إن المسيح قام فيه بعد الصّلبوت بثلاثة أيام.
4-
ومنها خميس الأربعين. ويسميه الشاميون السّلّاق [1] . وهو الثانى والأربعون من الفطر. يزعمون أن المسيح عليه السلام تسلّق فيه من بين تلاميذه إلى السماء من بعد القيام، ووعدهم إرسال الفار قليط وهو روح القدس.
5-
ومنها عيد الخميس. وهو العنصرة يعمل بعد خمسين يوما من يوم القيام يقولون إن روح القدس حلّت بالتلاميذ، وتفرّقت عليهم ألسنة الناس، فتكلموا بجميع الألسنة، وتوجه كل واحد منهم إلى بلاد لسانه الذى تكلم به يدعوهم إلى دين المسيح.
[1] فى الأصل السلاقى. وفى القاموس [وكرمّان عيد للنصارى] وفى صبح الأعشى بغير ياء على الصواب.
6-
ومنها الميلاد. وهو اليوم الذى ولد فيه المسيح. يقولون إنه ولد فى يوم الاثنين فيجعلون عشية الأحد ليلة الميلاد. وهم يوقدون فيه المصابيح بالكنائس ويزينونها. ويعمل فى التاسع والعشرين من كيهك من شهورهم.
7-
ومنها الغطاس. ويعمل فى الحادى عشر من طوبة من شهورهم. ويقولون إن يحيى بن زكريا، وينعتونه بالمعمدان، غسل عيسى عليه السلام فى بحيرة الأردنّ، ويزعمون أن عيسى عليه السلام لما خرج من الماء اتصل به روح القدس على هيئة حمامة. والنصارى يغمسون أولادهم فى الماء فيه، ووقته شديد البرد.
وأما الأعياد الصغار:
1-
فمنها الختان. ويعمل فى سادس بئونة، يقولون إن المسيح ختن فى هذا اليوم، وهو الثامن من الميلاد.
2-
ومنها الأربعون. وهو عند دخول الهيكل يقولون إن سمعان الكاهن دخل بعيسى عليه السلام مع أمّه [الهيكل][1] وبارك عليه. ويعمل فى ثامن أمشير من شهورهم.
3-
ومنها خميس العهد. ويعمل قبل الفصح بثلاثة أيام. وسنّتهم فيه أن يأخذوا إناء ويملؤوه ماء ويزمزموا عليه، ثم يغسل البطريك به أرجل سائر الناس. ويزعمون أن المسيح عيسى عليه السلام فعل مثل هذا بتلاميذه فى مثل هذا اليوم، يعلمهم التواضع، وأخذ عليهم العهد أن لا يتفرّقوا، وأن يتواضع بعضهم لبعض. وعوامّ النصارى يسمون هذا الخميس خميس العدس، وهم يطبخون فيه العدس المقشور
[1] الزيادة من صبح الأعشى.
على ألوان، ويسميه أهل الشام خميس الأرز. ومنها خميس البيض أيضا. ويسميه أهل الأندلس خميس أبريل، وأبريل شهر من شهور الروم.
4-
ومنها سبت النّور. وهو قبل الفصح بيوم. يقولون إن النور يظهر على مقبرة المسيح فى هذا اليوم، فتشتعل منه مصابيح كنيسة القيامة التى بالقدس. وليس كذلك، بل هو من تخييلات فعلها أكابرهم ليستميلوا بها عقول أصاغرهم. وقيل إنهم يعلقون القناديل فى بيت المذبح، ويتحيلون فى إيصال النار إليها بأن يمدّوا على سائرها شريطا من حديد فى غاية الدقة، يدهنونه بدهن البلسان ودهن الزّنبق. فإذا صلّوا، وحان وقت الزوال، فتحوا المذبح، فدخل الناس إليه، وقد أشعلت فيه الشموع. ويتوصل بعض القوم إلى أن يعلق بطرف الشريط الحديد النار فتسرى عليه، فتقد القناديل واحدا بعد واحد بسبب الدّهن.
5-
ومنها حدّ الحدود. وهو بعد الفصح بثمانية أيام. يعمل أوّل أحد بعد الفطر، لأن الآحاد قبله مشغولة بالصوم. وفيه يجدّدون الآلات، والأثاث، واللباس، ويأخذون فى المعاملات، والأمور الدّنيوية.
6-
ومنها التجلى. يقولون: إن المسيح عليه السلام ، تجلّى لتلاميذه بعد أن رفع، وتمنّوا عليه أن يحضر لهم إيليا، وموسى، فأحضرهما لهم فى مصلّى بيت المقدس، ثم صعد. ويعمل فى ثالث عشر مسرى من شهورهم.
7-
وعيد الصليب. وتزعم النصارى أن قسطنطين بن هيلانى انتقل عن اعتقاد اليونان إلى اعتقاد النصرانية، وبنى كنيسة قسطنطينية العظمى، وسائر كنائس الشام.
وسبب ذلك- على ما نقله المؤرّخون- أنه كان مجاورا للبرجان، فضاق بهم ذرعا من كثرة غاراتهم على بلاده. فهمّ أن يصانعهم ويقرّر لهم عليه إتاوة فى كل عام ليكفّوا عنه. فرأى ليلة فى المنام أن ملائكة نزلت من السماء ومعها أعلام عليها صلبان، فحاربت البرجان فهزموهم. فلما أصبح، عمل أعلاما وصوّر فيها صلبانا، ثم قاتل بها البرجان فهزمهم.
وقيل إنه رأى فى المنام صلبانا من نور فى السماء، وقائلا يقول له: اعمل مثل هذا على رؤوس أعلامك وقاتل بها فنصر. فأمر أهل مملكته بالرجوع عن دينهم والدّخول فى دين النصرانية، وأن يقصوا شعورهم، ويخلقوا لحاهم. وإنما فعل ذلك بهم لأن رسل عيسى عليه السلام كانوا قد وردوا على اليونان من قبل يأمرونهم بالتعبد بدين النصرانية، فأعرضوا عنهم، ومثّلوا بهم هذه المثلة نكالا بهم. ففعلوا ذلك تأسّيا بهم.
ولما تنصر قسطنطين، خرجت أمه هيلانى إلى الشام، فبنت الكنائس، وسارت إلى بيت المقدس، فطلبت الخشبة التى صلب عليها المسيح، على ما يزعمون. وكانت مدفونة فى مزبلة. فأخرجت منها، وفيها مواضع سبعة مسامير فلما حملت إليها، غلفتها بالذهب وحملتها إلى ابنها. واتخذت يوم رؤيتها لها عيدا.
قال المسعودىّ: وذلك لأربع عشرة ليلة خلت من أيلول، ووافق ذلك سبع عشرة ليلة خلت من توت من شهور القبط. وكان من مولد عيسى إلى اليوم الذى وجدت فيه الخشبة ثلاثمائة وثمان وعشرون سنة.
وسيأتى ذكر ذلك إن شاء الله تعالى فى أخبار الروم فى فنّ التاريخ، وهو فى الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب.