الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه شان [1] يكون طوله ستين ذراعا، يجذف على ظهره مائة وستون رجلا.
ولما ضاقت هذه الجزيرة بأهلها بنوا على الساحل محلات يسكنونها فى سفح جبل يعرف بهم. ومنها يخرج نهر النيل [2] .
6- ويخرج من هذا البحر الذى يجمع هذه القطع خليجان
أحدهما بحر القلزم، والآخر بحر فارس.
1-
فأما خليج القلزم. فخروجه من باب المندب. وهو جبل طوله اثنا عشر ميلا، وسعة فوهته بمقدار أن الرجل يرى صاحبه من البرّ الآخر. فاذا قارب المندب يمرّ فى جهة الشمال، بغلافقة، والأهواب (وهما ساحلا زبيد) ثم الجردة، ثم الشّرجة، ثم عثّر (وكانت مقرّ ملك قديم) ثم بالسّرّين، وحلى، وعسفان، والجار (وهى فرضة المدينة) والجحفة، والصّفراء، والحوراء، ومدين، وأيلة، والطّور، وفاران، ثم القلزم (وكانت مدينة مسكونة، وكذلك أيلة) . ومن القلزم ينعطف من جهة الجنوب فيمرّ بالقصير (وهى فرضة لقوص) ثم إلى عيذاب (وهى فرضة لبلاد البجّة) ، ثم يمتدّ إلى زيلع (وهى ساحل بلاد الحبشة) ويتصل ببربرا.
وطوله ألف ميل وخمسمائة ميل. وعرضه فى مواضع أربعمائة ميل، ودون ذلك إلى مائتى ميل إلى ما دون ذلك.
وهو بحر كريه المنظر والرائحة.
[1] أى من السفن المعروفة باسم الشوانى.
[2]
يخلط الجغرافيون العرب كثيرا بين هذه الجزائر المعروفة بالقمر (بضم فسكون) وبين الجبل المعروف بالقمر (بفتح فسكون) فيجعلونهما شيئا واحدا ويقولون بخروج منابع النيل من تلك الجزائر. وهذا أمر غير معقول:
وفيه فيما بين القلزم وأيلة المكان المعروف بتاران، وهو مكان يشبه دردور عمان.
لأنه فى سفح جبل إذا وقفت الريح على دردورته انقطعت بنصفين على شعبتين متقابلتين؛ ثم يخرج من كمّى هاتين الشعبتين، فيثير البحر فتتبلّد السفن باختلاف الريح فلا تكاد تسلم. وهاتان الشعبتان تسميان الجبيلين، ومقدار هذا الموضع ستة أميال، ويسمى بركة الغرندن [1] . ويقال: إنها التى أغرق الله فرعون وقومه فيها. فإذا كان للجنوب أدنى مهب، فلا يمكن سلوكه.
وفيه من الجزائر خمس عشرة جزيرة، العامر منها أربعة، وهى:
جزيرة دهلك. يحيط بها نحو مائتى ميل؛ يسكنها قوم من الحبوش. مسلمون.
وجزيرة سواكن. وهى أقل من ميل فى ميل. وبينها وبين البحر الحبشى بحر قصير يخاض. وأهلها طائفة من البجّة تسمى الحاسد وهم مسلمون، ولهم بها ملك.
وجزيرة النعمان. وبها نويس [2] تعيش من لحوم السلاحف.
وجزيرة السامرىّ. يسكنها قوم من اليهود، سامرة، فى عيش قشيف.
2-
وأما خليج فارس. فإنه مثلث الشكل على هيئة القلع.
أحد أضلاعه من تيز مكران. فيمرّ فى بلاد كرمان على هرمز، ومن بلاد فارس على سيراف، وتوح [3] ، ونجيرم، وجنّابة، ودارين، وسينيز، ومهروبان؛ ومنها يفضى
[1] الذى فى تقويم أبى الفداء: الغرندل باللام.
[2]
تصغير ناس.
[3]
هكذا فى الأصل وفى أبى الفدا. وأما ياقوت فقال إنها توّج. (وضبطها أبو الفدا بضم الثاء وسكون الواو) واتفق أبو الفداء وياقوت على أنها هى التى تسمى أيضا توز (ولكن ياقوت يضبطها بفتح فتشديد) . والذى فى ياقوت هو الصواب كما يؤخذ من «لب اللباب» للسيوطى، ومن «لطائف المعارف» للثعالبى.
البحر إلى عبّادان، ومن عبادان ينعطف الضلع الآخر فيمرّ بالخط، وهو ساحل بلاد عمان إلى صور، وهى ساحل بلاد عمان مما يلى بلاد اليمن؛ ثم يمتدّ إلى رأس الجمحة من بلاد مهرة.
والضلع الآخر يمتدّ على سطح البحر من تيز مكران إلى رأس الجمحة.
وهذه الأضلاع غير متفاوتة فى الطول؛ فإن الضلع الذى يمتدّ على سطح البحر طوله خمسمائة ميل، وطول الضلع الآخر من حيث يبتدئ من تيز مكران إلى أن ينتهى إلى عبّادان ثم ينعطف إلى أن يصل إلى رأس الجمحة، تسعمائة ميل.
وفيه مما يلى عبّادان مكان يعرف بالدّردور. وهو بين جبلين، أحدهما يسمى كسير، والآخر عوير. ويضاف إليهما جبل آخر بالقرب منهما يقال فيه «وآخر ما فيه خير» لشدّة ما يرى بها من الأهوال. وهى جبال سود ذاهبة فى الهواء. يتكسر الماء على شعبها. ولا بدّ للمراكب أن تمرّ بينها، وقلّما تسلم.
وفى هذا البحر من الجزائر المشهورة على ألسنة التجار تسع، منها أربعة عامرة، وهى:
جزيرة خارك. يحيط بها اثنا عشر ميلا. وهى عامرة آهلة كثيرة البساتين.
وبها مغاص اللؤلؤ.
وجزيرة كيش. وبها مغاص اللؤلؤ أيضا. وهى آهلة. وتسمى هذه الجزيرة فى عصرنا هذا «قيس» .
وجزيرة أوال. وهى تجاه ساحل البحرين، وبينهما يوم. وبها مدينة. وأوال مدينة من مدائن البحرين.