الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثل:
«ليس فى البرق اللّامع مستمتع» .
ذكر ما قيل فى وصف الرعد والبرق
قال أبو هلال العسكرىّ، عفا الله عنه:
والرعد فى أرجائه مترنّم
…
والبرق فى حافاته متلهّب.
كالبلق ترمح، والصّوارم تنتضى
…
والجوّ يبسم، والأنامل تحسب.
وقال آخر:
إذا ونت السّحب الثّقال وحثّها
…
من الرعد حاد ليس يبصر أكمه،
أحاديثه مستهولات وصوته
…
إذا انخفضت أصواتهنّ مقهقه،
إذا صاح فى آثارهنّ حسبته
…
يجاوبه من خلفه صاحب له.
وقال ابن الدقّاق الأندلسىّ:
أرى بارقا بالأبلق الفرد يومض
…
يذهّب أكناف الدّجى ويفضّض.
كأنّ سليمى من أعاليه أشرفت
…
تمدّ لنا كفّا خضيبا وتقبض.
وقال إبراهيم بن خفاجة الأندلسىّ:
ويوم جرى برقه أشقرا
…
يطارد من مزنه أشهبا:
ترى الأرض فيه وقد فضّضت
…
ووجه السّماء وقد ذهّبا!
وقال أحمد بن عبد العزيز القرطبىّ، شاعر الذخيرة:
ولما تجلّى اللّيل والبرق لامع
…
كما سلّ زنجى حساما من التّبر،
وبتّ سمير النجم وهو كأنه
…
على معصم الدّنيا جبائر من درّ.
وقال محمد بن عاصم، شاعر الخريدة عفا الله عنه:
أضاء بوادى الأثل واللّيل مظلم
…
بريق كحدّ السّيف ضرّجه الدّم.
إذا البرق أجرى طرفه فصهيله
…
إذا ما تفرّى رعده المترنّم.
فشبّهته إذ لاح فى غسق الدّجى
…
بأسنان زنجىّ بدت تتبسّم.
وقال أيضا:
والبرق يضحك كالحبيب وعنده
…
رعد يخشّن كالرّقيب مقاله!
وقال آخر:
أرقت لبرق غدا موهنا
…
خفىّ كغمزك بالحاجب.
كأنّ تألّقه فى السما
…
يدا كاتب أويدا حاسب.
وقال عبد الله بن المعتزّ، يشير إلى سحابة:
رأيت فيها برقها منذ بدت
…
كمثل طرف العين أو قلب يحب.
ثم حدت بها الصّبا حتّى بدا
…
فيها إلى البرق كأمثال الشّهب.
تحسبه فيها إذا ما انصدعت
…
أحشاؤها عنه شجاعا يضطرب.
وتارة تبصره كأنّه
…
أبلق مال جلّه حين وثب.
حتّى إذا ما رفع اليوم الضّحى
…
حسبته سلاسلا من الذّهب.
قوله شجاعا يضطرب مأخوذ من قول دعبل:
أرقت لبرق آخر الليل منصب
…
خفىّ كبطن الحيّة المتقلّب.
وقال ايضا:
ما زلت أكلأ برقا فى جوانبه
…
كطرفة العين تخبو ثم تختطف.
برق تجاسر من حفّان لامعه
…
يقضى اللّبانة من قلبى وينصرف.
(هـ) وأما قوس قزح وما قيل فيه. قالوا: وإنما سمى بذلك لتلوّنه.
وكان ابن عبّاس (رضى الله عنهما) يكره أن يسميه قوس قزح، ويسميه قوس الله، ويقول: قزح اسم الشيطان.
وزعم القدماء فى علة تلوّنه وتكوّنه، أنه إذا تكاثف جزء من الهواء بالبرد ثم أشرق عليه نور بعض الكواكب انصبغ ذلك الجزء، وانعطف منه الضوء إلى مايليه من الهواء، كالحمرة الصافية إذا طلعت عليها الشمس سطع نورها، وانعطف منه ألوان مختلفة إلى ما يقرب منها. وحمرته وصفرته من قبل الرّطوبة واليبس.
قالوا: وقياس ذلك النار، فإنها إذا كانت من حطب رطب، كان لونها أحمر كدرا، فإن كانت من حطب يابس، كان لونها أصفر صافيا.
وقال آخرون: القوس يحدث عن رطوبة الهواء وصقالته، حتّى يمكن أن ترسم فيه دائرة الشمس كما ترسم الأشباح فى المرايا، وتشتبك الأشعة بما يكون فيه البخار الرطب فيتولد، فيكون منها تلك الألوان. وإنما توجد دائرة على الناظر، لأن الشمس أبدا تكون فى قفاها، ولذلك ترى فى مقابلة الجهة التى تكون فيها الشمس، فترى فى المغرب إذا كانت الشمس فى المشرق، وترى فى المشرق إذا كانت فى المغرب.
وزعم بعض القدماء أن أثر القوس غير حقيقىّ، وإنما هو تخييل لا وجود له فى نفسه. وقال إن إدراكه على نحو إدراك صورة الإنسان فى المرآة من غير أن تكون منطبعة على الحقيقة فيها ولا قائمة بها. وذلك بحسب غلظ الحس الباصر، وهو لا يرى إلا أن يكون وراء السحاب الصقيل، إذ ذاك يكون كالمرآة مؤديا للبصر على نحو تأدية البلّور، إذا جعل وراءه شىء غير مشفّ، ولا يكون ذلك عن السحاب الصقيل وحده، كما لا يكون عن البلّور وحده، ولا عن غير المشفّ وحده. والله أعلم.