الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الصاحب بن عبّاد:
أقبل الثّلج فى غلائل نور
…
تتهادى بلؤلؤ منثور!
فكأنّ السماء صاهرت الأر
…
ض فصار النّثار من كافور!
وقال النميرىّ:
أهدى لنا بردا يلوح كأنه
…
فى الجو حبّ لآلئ لم يثقب،
أو ثغر حواء اللّثات تبسّمت
…
عن واضح مثل الأقاحى أشنب!
الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الأوّل
فى النيازك، والصواعق، والرعد، والبرق، وقوس قزح
(أ) فأما النيازك، فهو ما يرى من الذوائب المتصلة بالشّهب والكواكب.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجماعة من الأنصار: «ما كنتم تقولون فى هذا النجم الذى يرمى به؟ قالوا: يا رسول الله، كنا نقول إذا رأيناها يرمى بها: مات ملك، ولد مولود. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس ذلك كذلك، ولكن الله تعالى كان إذا قضى فى خلقه أمرا سمعه الملائكة فيسبحون، فيسبّح من تحتهم لتسبيحهم، فيسبّح من تحت أولئك حتّى ينتهى إلى السماء الدنيا فيسبحون، ثم يقولون ألا تسألون من فوقكم ممّ يسبحون؛ فيقولون قضى الله فى خلقه كذا وكذا، للأمر الذى كان. فيهبط به الخبر من سماء إلى سماء حتّى ينتهى إلى السماء الدنيا فيتحدّثون به، فتسترقه الشياطين بالسمع على توهم واختلاف. ثم يأتون
به الكهّان، فيصيبون بعضا، ويخطئون بعضا. ثم إن الله تعالى حجب الشياطين بهذه النجوم التى يقذفون بها، فانقطعت الكهانة، فلا كهانة اليوم» .
والشهب التى يقذف بها الشياطين غير النجوم الثوابت التى منها البروج والمنازل لقول الله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) .
وقال بعض الشعراء:
وكوكب نظر العفريت مسترقا
…
للسّمع فانقضّ يذكى إثره لهبه
كفارس حلّ من تيه عمامته
…
وجرّها كلّها من خلفه عذبه
وكتب ابن الحرون إلى صديق له، وقد كثر انقضاض الكواكب، وذلك فى أيام المتوكل على الله:
أما بعد. فإن الفلك قد تفرّى عن شهب ثواقب، كنيران الحباحب، متّقدة كشرر الزنود، وشعل زبر الحديد؛ مازجها عرض حمرة البهرمان، وصفرة العقيان [1] .
فهى كأرسال جراد منتشر، وهشيم ذرته ريح صرصر، فى سرعة الكفّ، ووحى لحظ الطّرف.
(ب) وأما الصواعق، فهى ما قاله الزمخشرىّ فى تفسيره: الصاعقة قصفة من رعد ينقضّ معها شقّة من نار.
وقالوا: إنها تنقدح من السحاب إذا اصطكّت أجرامه. وهى نار لطيفة حديدة لا تمرّ بشىء إلا أتت عليه، إلا أنها مع حدّتها سريعة الخمود. على أنها متى سقطت على نخلة أحرقت عاليها.
[1] العقبان الذهب.
وقال صاحب كتاب «مناهج الفكر ومباهج العبر» فى كتابه:
ومن عجيب شأنها أنها تحرق ما فى الكيس، ولا تحرق الكيس؛ وإن احترق فإنما يحترق باحتراق ما ذاب فيه وسال. قال: وهى إذا سقطت على جبل أو حجر كلسته ونفذته، وإذا سقطت فى بحر غاصت فيه وأحرقت ما لاقت من جوانبه.
وربما عرض لها عند انطفائها فى الأرض برد ويبس، فتكوّن منها أجرام حجرية، أو حديدية، أو نحاسية. وربما طبعت الحديد سيوفا لا يقوم لها شىء.
(ج) وأما الرعد وما قيل فيه. قال الله تبارك وتعالى: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) .
قال المفسرون: الرعد ملك موكل بالسحاب، معه كرّ من حديد، يسوقه من بلد إلى بلد كما يسوق الراعى إبله. فكلما خالف سحاب، صاح به فزجره. فالذى يسمع هو صوت الملك.
وقال الزمخشرىّ من تفسيره: الرعد الذى يسمع من السحاب، كأن أجرام السحاب تضطرب وتنتفض إذا حدتها الريح فتصوّت عند ذلك.
وأما صوت الرعد، تقول العرب: رعدت السماء.
فإذا ازداد صوتها، قيل: ارتجست.
فإذا زاد، قيل: أرزمت، وقعقعت [1] .
فإذا بلغت النهاية، قيل: جلجلت، وهدهدت.
[1] عبارة فقه اللغة: (فإذا زاد، قيل: أرزمت، ودرّت. فإذا زاد واشتدّ، قيل: قصفت، وقعقعت. فإذا بلغ النهاية الخ) اهـ.