الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما فى المعمور من البحيرات المالحة المشهورة وما بها من العجائب
وفى المعمور بحيرات مالحة:
فالذى اشتهر منها:
بحيرة خوارزم. وشكلها مثلث كالقلع، وليس فى المعمور بحيرة أعظم منها.
يحيط بها أربعمائة فرسخ. يصبّ فيها نهرا سيحون وجيحون، اللذان فى أرض الهياطلة، وغيرهما من الأنهار العظيمة الجارية فى بلاد الترك. وهى مع ذلك لا تزيد ولا تعذب.
وزعم صاحب كتاب «نزهة المشتاق إلى اختراق الآفاق» أن فى هذه البحيرة حيوانا يظهر على سطحها فى صورة الإنسان يتكلم ثلاث كلمات أو أربعا، بلغة لا تفهم ثم يغوص. وظهوره عندهم يدل على موت ملك من ملوك ذلك الحين.
ومنها بحيرة الطّرّيخ [1] : لسمك صغير يصاد منها ويحمل إلى سائر بلاد أرمينية وأذربيجان. وطولها أربع مراحل، وعرضها مرحلة. يجمع من أطرافها البورق.
والسمك يوجد بها فى زمان مخصوص، يأتيها فى نهر يصب إليها، ويكثر حتّى يصاد بالأيدى. فإذا انقضى ذلك الزمان، لا يوجد منه شىء البتة.
[1] واسمها فى كتب الجغرافية العربية بحيرة أرجيش، وهذا السمك الذى سميت به، كما فى «القاموس» سمك صغار تعالج بالملح وتؤكل. وقد عرّفنا ابن حوقل أنه صغير مقدار الشبر يملح ويحمل الى الجزيرة والموصل والرقة وحران وحلب وسائر الثغور.
وفى بلاد أذربيجان بحيرة كبوذان [1] . وكبوذان قرية فى جزيرة، يسكنها ملّاحو المراكب التى يركب فيها من هذه البحيرة. وطول هذه البحيرة نحو ثلاثة أيام، وعرضها كذلك. وفيها جزائر: منها جزيرة فيها قلعة حصينة تسمّى تلا. ولا يكون بهذه البحيرة حيوان البتة، لأن ماءها منتن ردىء.
وفى بلاد البحرين بحيرة. وبها وبالبحر الكبير سميت أرض هجر: «البحرين» .
وفى الشام بأرض الغور بحيرة زغر، وتسمّى المنتنة والميتة. لأنها لا يعيش بها حيوان ولا يتكوّن فيها شىء مما يتكوّن فى المياه الجارية والراكدة من الحيوانات.
وطولها ستون ميلا، وعرضها اثنا عشر ميلا.
ويقال إنها ديار قوم لوط التى خسفهم الله بها. ويقال إنها كانت خمس مدن، أسماؤها:«ضيعه» ، و «ضعوه» ، و «عمره» ، و «دوما» ، و «سذوم» . وكانت سذوم أكبرها وأعظمها.
ويصبّ فى هذه البحيرة نهر الأردنّ وغيره من الأنهار الصغار والسيول من بلاد الكرك وغيرها، فلا تزيد. ويقال إن لها منفذا إلى بحر القلزم. وبساحلها الشرقىّ إلى حدّ أريحا معدن الكبريت الأبيض، يحفر عليه ويخرج. ويتكوّن فى هذه البحيرة شىء على شكل البقر، ويطفو على وجهها ويتفقع، فيجمع منه شىء أسود يسمونه «الحمر» وينقل إلى قلعة الكرك يدّخر بها، يدخل فى النّفط.
[1] هى التى ذكرها أبو الفدا باسم «بحيرة تلا» وياقوت باسم «بحيرة أرمية» . وقد ذكر أن فى وسطها جبلا يقال له «كبوذان» وجزيرة فيها أربع قرى أو نحو ذلك يسكنها ملّاحو سفن هذا البحر (معجم البلدان ج 2 ص 78) .
وفى أعمال مصر بحيرة تنّيس، مقدارها إقلاع يوم فى [عرض][1] نصف يوم.
يكون ماؤها فى أكثر السنة ملحا من دخول ماء البحر الرومىّ إليها، فإذا مدّ النيل صبّ فيها فتحلو فإذا جزر ملحت.
ويقال: إنه كان فى مكانها برّ مسلوك تغلّب عليه البحر فى ليلة واحدة، فما كانت أرضه مستفلة غرق، وما كانت أرضه عالية مثل تنّيس وتونة بقى.
وفى وسط هذه البحيرة جزيرة صغيرة تسمى سنجار، يسكنها قوم صيادون.
وقال إبراهيم بن وصيف شاه فى «كتاب العجائب الكبير» : إن بحيرة تنّيس كانت أجنّة وكروما ومنازل ومنتزهات، وكانت مقسومة بين ملكين من ولد أتريب بن مصر، وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا، فأنفق المؤمن ماله فى وجوه البرّ حتّى باع حصته من أخيه وفرّق مالها أيضا، فأصلحها أخوه وزاد فيها غروسا وفجّر فيها أنهارا وبنى فيها بنيانا، واحتاج أخوه إلى ما فى يده فكان يمنعه ويفتخر عليه بما فى يده من المال والأجنّة، فخاطبه أخوه فى بعض الأيام فسطا عليه، وقال: أنا أكثر منك مالا وولدا وخيرا، فقال له أخوه: فما أراك شاكرا لله تعالى على ما رزقك، ويوشك أن ينزع ذلك منك. ويقال: إنه دعا عليه فغرّق ماء البحر ما كان له فى ليلة واحدة.
وقيل: إن هذين اللذان ذكرهما الله تعالى فى كتابه العزيز، فقال:(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ)
الآيات؛ والله تعالى أعلم.
وبالقرب من الإسكندرية بحيرة، طولها إقلاع يوم وعرضها كذلك، يدخل إليها الماء من بحر الروم من مكان الأشتوم، ويخرج منها إلى بحيرة أخرى دونها
[1] الزيادة من «معجم ياقوت» .
فى خليج عليه مدينتان، إحداهما تسمّى الجدية، والأخرى تسمّى أتلو [1] كثيرة المقات والنخل، وكلها فى الرمل. ويصب فى البحيرة خليج من النيل يسمّى «الحافر» طوله نصف يوم إقلاعا، وهو كثير الطير والسمك والعشب.
وفى بلاد إفريقية بحيرة بنزرت ماؤها ملح، وطولها ستة عشر ميلا، وعرضها ثمانية أميال. وعلى عشرة أميال منها بحيرة ماؤها عذب تسمّى بحيرة متّيجة [1] .
فإذا جاء الشتاء وكثرت السيولى، غاضت بحيرة بنزرت، وفاضت بحيرة متّيجة حتّى تمدّها ستة شهور فلا يحلو ماؤها؛ فإذا انقضى زمن الشتاء وجاء الصيف، غاضت بحيرة متّيجة، وفاضت بحيرة بنزرت فلا يملح ماؤها. ويصاد فى هذه البحيرة فى كل شهرين من شهور السنة نوع من السمك لا يخالطه غيره؛ وأهل الناحية يعرفون دخول الشهور بتغيّر السمك فيها.
وحكى صاحب كتاب «مباهج الفكر ومناهج العبر» : أن بتخوم بلاد أرمينية بحيرة يكون فيها الماء والسمك والطير ستة أشهر كوامل، ثم تجف فلا يرى فها ماء ولا سمك ولا طير سبع سنين، فإذا كانت السنة الثامنة ظهر ذلك فيها ستة أشهر ثم ينقطع.
وهذا دأبها مدى الزمان.
وبخلاط بحيرة لا يرى فيها سمك ولا ضفدع ولا سرطان عشرة أشهر من السنة، ثم يظهر ذلك كله فى الشهرين الباقيين.
[1] كذا بالأصل وفى معجم ياقوت «أتكو» بليدة قرية من نواحى مصر قرب رشيد.
[2]
وزنها فى القاموس بسكّينة.