الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وصول هدية الملك أبى سعيد بن خربندا ملك التتار [1] إلى الأبواب السلطانية
وفى هذه السنة وصل مجد الدين إسماعيل بن [محمد][2] بن ياقوت السّلامى التاجر إلى الأبواب السلطانية على خيل البريد، وعلى يده كتاب الملك أبى سعيد ملك التتار، ثم وصلت الهدية فى يوم السبت التاسع والعشرين من المحرم من هذه السنة إلى قلعة الجبل، وهى ختمة شريفة [ستون جزءا كبارا][3] ، وخركاه [4] عظيمة مكلّلة، وغير ذلك من التحف الجليلة والنفائس، فقبلت الهدية، وجهز [السلطان] له هدية تليق به.
ذكر تفويض نظر أوقاف الجامع الطولونى للقاضى كريم الدين [5] وكيل الخواص الشريف [6]
وفى شهر ربيع الأول فوض السلطان نظر أوقاف الجامع الطولونى الذى هو بظاهر القاهرة المحروسة للقاضى كريم الدين عبد الكريم ناظر الخواص الشريفة السلطانية ووكيلها، [كان النظر] فى ذلك على شرط الواقف لقاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة، وكان بيده من سنين كثيرة، فرفعت يده الآن عنه.
[1] أبو سعيد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التتار وصاحب العراق والجزيرة وخراسان والروم وهو آخر بيت هولاكو. قال الصفدى: الناس يقولون أبو سعيد بلفظ الكنية، ولكن الذى ظهر لى أنه علم ليس فى أوله ألف، رأيته كذلك فى المكاتبات التى ترد منه إلى الناصر (الدرر 1/501) وقد درجت كتب التاريخ على ذكر اسم أبيه «خربندا» كما فعل النويرى هنا، وكما يورده ابن تغرى بردى فى النجوم، والمقريزى فى السلوك، ولكن القلقشندى فى صبح الأعشى (4/420) ذكر اسمه خدابندا (بدال مكان الراء وبعدها ألف) وذكر أن العامة تقول خربندا وانظر المقريزى (السلوك 2/7 حاشية 2) والدرر (3/378) .
[2]
أضيف ما بين الحاصرتين من ابن حجر (الدرر الكامنة، ج 2 ص 381) حيث ورد أن مجد الدين السلامى هذا كان تاجر الخاص السلطانى فى الرقيق.
[3]
ما بين الحاصرتين زيادة عن «أ» ص 5.
[4]
الخركاه: لفظ فارسى معناه الخيمة الكبيرة تكون على هيئة القبة، ووصفها القلقشندى (صبح الأعشى ج 2 ص 138) بأنها «بيت من خشب مصنوع على هيئة مخصوصة يغشى بالجوخ ونحوه تحمل فى السفر لتكون فى الخيمة للمبيت فى الشتاء وقاية من البرد.
[5]
ترجمته فى ابن حجر (الدرر 2/401- 404) وسيورد النويرى فى هذا الجزء ترجمة مفصلة له وطائفة من أخباره.
[6]
كذا فى الأصل وفى «أ» ص 5 الشريفة.
وكان سبب ذلك أن الوقف ضاق ريعه عن المرتب عليه، فأراد قاضى القضاة اختصار بعض المرتّبين، ليتسع الريع على من بقى، وعزم على قطع درس الطب وغيره، فقام فى ذلك مدرس الطب بالمكان، وهو علم الدين الشوبكى [1] ، وسعى فى مباشرة الوقف، ووقع فى ذلك تشنيع كثير، وشكاوى ممن حصل الغرم على توفيرهم، واتصلت الشكاوى بعلم السلطان، ففوض النظر فيه وفى أوقافه لوكيله المشار إليه، ففعل فى أمر الوقف ما لا يتمكن القاضى بدر الدين من فعله ولا يمكنه، وذلك أنه نجّز توقيعا شريفا سلطانيا بمسامحة الوقف بما على ناحية «منية اندوانة» من عمل الجسور السلطانية وغيرها مما كان يحمل إلى بيت المال، وهو فى السنة نحو عشرة آلاف درهم، ووفر جامكية [2] جماعة من المباشرين بشرط الواقف، وتقديرها نحو ذلك، واسترجع جهات من الوقف كانت مؤجّرة بأجاير شرعية، فأخذها ممن هى فى يده بالإيجار الشرعى وحماها، فتميز ريعها، وتحدث مع السلطان فى عمارة الجامع من أموال الخاص، فرسم بذلك، فعمر، ووقف/ السلطان عليه وقفا من جهته، وحمى أوقافه المسقفة، ونقل السكان إليها، فحصلت الزيادة فيها جملة فى كل سنة، فاتسع المال بهذه الأسباب، وفاض المتحصل عن كفاية المرتبين عليه، وعلم القاضى كريم الدين أنه لا يستحق جامكية النظر التى شرطها الواقف للناظر، وهى فى كل شهر أربعمائة درهم، فامتنع من أخذها، وبعثها إلى قاضى القضاة بدر الدين، فردها ولم يقبلها، فتوفرت هى وجامكية نيابة النظر، وهى فى كل شهر مائة درهم، وكان قد تأخر فى مدة قاضى القضاة للمدرسين والمعيدين والطلبة خمسة أشهر، فامتنع كريم الدين من صرف ذلك إليهم، [لاستقبال][3] مباشرته، واستمر الصرف لهم كل شهر فى مستهل الشهر الذى يليه.
[1] علم الدين الشوبكى، واسمه توما بن إبراهيم الطبيب، كان من أطباء السلطان الناصر، وترجمة مدرس الطب هذا فى (الدرر 1/528) .
[2]
الجامكية، والجومك: رواتب موظفى الدولة من الملكية والعسكرية وهو لفظ فارسى مركب من جامه- قيمة، وكى: وهى أداة النسب (الألفاظ الفارسية المعربة ص 45، ومحيط المحيط) .
[3]
ما بين الحاصرتين من «أ» ص 7 وعبارة «ك» (لاستبقاء) وما أثبتناه هو الصحيح.