المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أخبار سعيد الأحول، واستيلائه على زبيد ثانيا ومن ملك بعده من آل نجاح - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث والثلاثون

- ‌تقديم بقلم المحقق

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر]

- ‌واستهلت سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بيوم السبت المبارك

- ‌ذكر وصول أوائل الحاج الذين وقفوا بعرفة فى سنة عشرين وسبعمائة

- ‌ذكر إبطال المعاملة بالفلوس العتق [1] ، بالقاهرة ومصر، وأعمال الديار المصرية

- ‌ذكر وصول هدية الملك أبى سعيد بن خربندا ملك التتار [1] إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر تفويض نظر أوقاف الجامع الطولونى للقاضى كريم الدين [5] وكيل الخواص الشريف [6]

- ‌ذكر حفر البركة الناصرية

- ‌ذكر حادثة الكنايس [4]

- ‌ذكر خبر الحريق بالقاهرة ومصر [4]

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك ووصول رسله صحبتهم وعودهم

- ‌ذكر توجه أدر السلطان إلى الحجاز الشريف ومن توجه فى خدمتهم

- ‌ذكر وصول بعض من وقف بعرفة فى هذه السنة إلى القاهرة المحروسة

- ‌ذكر حوادث كانت بدمشق فى هذه السنة

- ‌ذكر هدم كنيسة اليهود القرّائين بدمشق

- ‌ذكر ما وصل إلينا من الحوادث الكائنية ببغداد فى هذه السنة

- ‌واستهلت سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة يوم الأربعاء الموافق الخامس والعشرين [4] من طوبة من شهور القبط

- ‌ذكر وصول أدر السلطان من الحجاز الشريف

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى بلاد سيس [2] ، وفتح مدينة آياس [3] وأبراجها

- ‌ذكر اجتماع المماليك السلطانية وشكواهم وما حصل بسبب ذلك

- ‌ذكر وصول الأمير «علاء الدين الطنبغا» [3] نائب السلطنة/ بالمملكة الحلبية إلى الأبواب السلطانية وعوده

- ‌ذكر وصول رسل الملك أبى سعيد ملك التتار

- ‌[ذكر سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة فى يوم الخميس رابع عشر ربيع الآخر قبض على كريم الدين الكبير [1]]

- ‌ذكر شىء من أخبار كريم الدين المذكور وابتداء أمره «وتنقّلاته وما كان قد انتهى إليه من القرب من السلطان والتمكّن من دولته»

- ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب الوزير أمين الدين عبد الله «وهى الوزارة الثانية له» [1]

- ‌ذكر القبض على كريم الدين الصغير [4] «وشىء من أخباره»

- ‌ذكر وصول رسل متملك الأرمن إلى الأبواب السلطانية

- ‌(57) ذكر وصول رسل الملك أبى سعيد

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى بلاد النوبة

- ‌واستهلت سنة أربع وعشرين وسبعمائة بيوم الجمعة الموافق للثالث من طوبة من شهور القبط

- ‌ذكر وفاة الخوند أردكين ابنة نوكاى [3] زوج السلطان الملك الناصر

- ‌ذكر خبر النيل فى هذه السنة

- ‌ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة

- ‌ذكر متجددات وحوادث كانت بالشام

- ‌(74) واستهلت سنة خمس وعشرين وسبعمائة بيوم الأربعاء الثالث والعشرين من كيهك من شهور القبط

- ‌ذكر أخبار اليمن ومن وليه من العمال ومن استقل بملكه وسميت أيامهم بالدولة الفلانية

- ‌ذكر عمال اليمن فى الدولة العباسية

- ‌ذكر أخبار دولة بنى زياد

- ‌ذكر أخبار صنعاء ومن وليها بعد الخلودى

- ‌(94) ذكر أخبار على بن الفضل والمنصور بن حسن بن زادان دعاة عبيد الله المنعوت بالمهدى

- ‌ذكر نبذة من أخبار الزيدية وغيرهم

- ‌ذكر أخبار دولة على بن محمد الصّليحىّ

- ‌ذكر مقتل الصّليحى وقيام ابنه المكرّم

- ‌السلطان سبأ بن أحمد بن المظفّر الصّليحى

- ‌المفضّل بن أبى البركات بن الوليد الحميرى

- ‌ذكر أخبار ملوك الدولة الزّريعيّة

- ‌محمد بن سبأ، ولقبه المعظّم المتوّج المكين

- ‌السلطان حاتم بن أحمد بن عمران اليامى

- ‌ذكر أخبار سعيد الأحول، واستيلائه على زبيد ثانيا ومن ملك بعده من آل نجاح

- ‌ذكر أخبار دولة على بن مهدى الحميرىّ وبنيه

- ‌(126) ذكر أخبار ملوك الدولة الأيّوبية باليمن

- ‌الملك المعزّ [2] فتح الدين أبو الفدا إسماعيل

- ‌سليمان بن شاهانشاه بن تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب [1]

- ‌ذكر ملك الملك المسعود صلاح الدين أتسر

- ‌ذكر أخبار الدولة الرسولية ببلاد اليمن

- ‌المظفّر أبو المنصور شمس الدين يوسف

- ‌ذكر استيلاء المظفر على ظفار وحضرموت ومدينة شبام

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر، وملك ولده الأشرف

- ‌ الملك الأشرف ممهّد الدين عمر

- ‌(149) ذكر ملك الملك المؤيّد هزبر الدين داود

- ‌ذكر وصول أولاد [3] الملك الأشرف إلى عمّهما الملك المؤيّد، ونزولهما عما بأيديهما

- ‌(153) ذكر خلاف الملك المسعود تاج الدين [الحسن [5]] ابن الملك المظفر على أخيه الملك المؤيد

- ‌ذكر متجددات كانت فى شهور سنة سبع وتسعين وستمائة

- ‌(159) ذكر ما وقع بين الأشراف من الاختلاف وما وقع بسبب ذلك من الحرب والحصار

- ‌ذكر إنشاء القصر المعقلى والمنتخب

- ‌ذكر [6] مقتل الأمير سيف الدين طغريل مقطع صنعاء

- ‌ذكر وصول الأمير علاء الدين كشتغدى [3] إلى خدمة السلطان الملك المؤيد

- ‌ذكر وفاة الملك المؤيد هزبر [1] الدين داود

- ‌ذكر ملك الملك المجاهد سيف الإسلام على بن الملك المؤيد هزبر داود بن الملك المنصور عمر بن على بن رسول وخلعه من الملك/ (177)

- ‌ذكر ملك الملك المنصور زند [4] الدين أيوب بن الملك المظفر يوسف بن الملك المنصور عمر بن على بن رسول، وخلعه

- ‌ذكر عود الملك المجاهد إلى الملك والقبض على عمه الملك المنصور ووفاته

- ‌ ذكر تجريد طائفة من العساكر المنصورة إلى البلاد اليمنية وما كان من خبرها إلى أن عادت [3]

- ‌ذكر حفر الخليج الناصرى [1]

- ‌ذكر عمارة القصر والخانقاة بسماسم والجلوس بالخانقاة

- ‌ذكر روك [2] الإقطاعات بالمملكة الحلبية

- ‌ذكر وفاة الأمير ركن الدين بيبرس [1] المنصورى

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب وتنقل الأمراء فى الإقطاعات والتّقادم

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصيد والإفراج عمن نذكر من الأمراء

- ‌ ذكر غرق مدينة بغداد

- ‌واستهلت سنة ست وعشرين وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لثانى عشر كيهك من شهور القبط

- ‌ذكر وصول رسل متملّك الحبشة

- ‌ذكر عزل وتولية من يذكر من أرباب المناصب الديوانية بالدولة الناصرية

- ‌ذكر وصول رسل الملك المجاهد متملك اليمن بالتّقادم

- ‌ذكر إرسال الأمير سيف الدين أيتمش المحمدى إلى أبى سعيد

- ‌ذكر إرسال السلطان ولده إلى الكرك [1] المحروس

- ‌ذكر تجديد عمارة البيمارستان المنصورى والقبّة والمدرسة

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى برقة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الطرابلسية والفتوحات إلى الأمير سيف الدين طينال [6] الحاجب

- ‌ذكر الجلوس بخانقاة الأمير سيف الدين بكتمر الساقى بالقرافة

- ‌ذكر وصول رسل التتار وأقارب السلطان إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر وصول رسل جوبان [1]

- ‌ذكر وصول صاحب حصن كيفا [4] إلى الأبواب السلطانية، وعوده إلى بلاده، وخبر مقتله وملك أخيه

- ‌(214) ذكر خبر مولود ولد فى هذه السنة

- ‌ذكر خبر إجراء الماء إلى مكة شرفها الله تعالى

- ‌ذكر عدة حوادث كانت بدمشق فى سنة ست وعشرين وسبعمائة خلاف ما ذكرنا

- ‌ذكر اعتقال الشيخ تقى الدين بن تيمية

- ‌ذكر عزل الأمير سيف الدين أرغون الناصرى نائب السلطنة الشريفة، وانتقاله إلى نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية

- ‌ ذكر وصول الأمير سيف الدين تنكز نائب السلطنة الشريفة بالشام المحروس إلى الأبواب السلطانية والقبض على الأميرين سيف الدين طشتمر البدرى [1] وسيف الدين قطلوبغا [2] الفخرى والإفراج عنهما

- ‌ذكر حادثة وقعت بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

- ‌ذكر القبض على من يذكر من الأمراء، وإعادة الأمير شرف الدين حسين بن جند ربيك إلى الديار المصرية

- ‌ذكر اتصال الأمير سيف الدين قوصون بابنة السلطان الملك الناصر

- ‌ ذكر استعفاء قاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى من القضاء بالديار المصرية، وإجابته إلى ذلك، وتفويض القضاء بعده لقاضى القضاة جلال [2] الدين القزوينى

- ‌ذكر وصول رسل الملك أبى سعيد ملك العراقين وخراسان إلى الأبواب السلطانية/ (242)

- ‌ذكر الفتنة الواقعة بثغر الإسكندرية [5]

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاة بالشام لشيخ المشايخ علاء الدين القونوى [4]

- ‌ذكر تفويض ما كان بيد الشيخ علاء الدين من الجهات لمن يذكر، وما وقع فى أمر الصوفية بالخانقاة الصلاحية

- ‌ذكر وصول رسل الباب [1] فرنسيس إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر متجدّدات كانت بالشام فى هذه السنة خلاف ما ذكرناه

- ‌واستهلت سنة ثمان وعشرين وسبعمائة [2] بيوم الثلاثاء الموافق للعشرين من هاتور من شهور القبط

- ‌ووصل إلى الأبواب السلطانية رسل الملك

- ‌ذكر وفود الأمير تمرتاش بن الأمير جوبان بن تلك بن بدوان [1] نائب الملك أبى سعيد بمملكة الروم إلى الأبواب السلطانية

- ‌وأما الأمير دمرداش [2] بن جوبان

- ‌ووصل رسل الملك أبى سعيد إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر وصول الأمير سيف الدين تنكز نائب السلطنة بالشام المحروس إلى الأبواب السلطانية وعوده

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة شمس الدين بن الحريرى الحنفى وتفويض القضاء بعده إلى القاضى برهان الدين إبراهيم بن عبد الحق

- ‌ذكر عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك ووصول رسله، وعودهم إلى مرسلهم

- ‌ذكر مقتل الأمير بدر الدين كبيش أمير المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وتولية أخيه طفيل

- ‌ذكر ما قرر من استيمار [1] الدولة الناصرية ومن رتب من المباشرين

- ‌ذكر الإفراج عمن يذكر من الأمراء والمعتقلين

- ‌ذكر متجددات كانت بدمشق فى هذه السنة

- ‌ذكر حادثة السيل بعجلون [2]

- ‌واستهلت سنة تسع وعشرين وسبعمائة بيوم الجمعة الموافق لثامن هاتور من شهور القبط

- ‌ذكر وصول رسل الملك أبى سعيد/ ورغبته فى الاتصال بمصاهرة السلطان

- ‌ذكر الاستبدال بمن يذكر من مباشرى الدولة، ومصادرتهم وإفصال الأمير علاء الدين مغلطاى الجمالى من الوزارة

- ‌ذكر رؤيا رأيتها فى المنام أحببت إثباتها لدلالتها على صحة نسبى

- ‌ذكر متجدّدات كانت بدمشق فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة

- ‌واستهلت سنة ثلاثين وسبعمائة بيوم الأربعاء الموافق الثامن والعشرين من بابة من شهور القبط

- ‌ذكر تفويض قضاء القضاة بالشام إلى القاضى علم الدين بن الإخنائى [1]

- ‌ذكر وصول الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل صاحب حماة إلى الخدمة السلطانية وتوجهه فى خدمة السلطان إلى الصيد وعوده إلى حماة [1]

- ‌ ذكر توجه السلطان إلى الصيد وعوده وسبب ما حصل فى يده من التصدع ومعالجة ذلك وبرئه

- ‌ذكر إقامة الخطبة وصلاة الجمعة بالمدرسة الصالحية [3] النجمية بالقاهرة المحروسة

- ‌ذكر إنشاء الخانقاة العلائية بالقاهرة

- ‌ذكر وصول رسل ريدافرنس إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير سيف الدين بهادر

- ‌ذكر وصول رسل الملك أبى سعيد

- ‌ذكر خبر يوسف الكيماوى ومقتله

- ‌ذكر الفتنة بمكة شرفها الله تعالى

- ‌ذكر متجددات كانت بدمشق المحروسة فى سنة ثلاثين وسبعمائة مما نقلته من تاريخى البرزالى، والجزرى

- ‌صورة ما ورد فى آخر نسخة «ك»

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثالث والثلاثين

الفصل: ‌ذكر أخبار سعيد الأحول، واستيلائه على زبيد ثانيا ومن ملك بعده من آل نجاح

ثم استقاموا له،/ (115) وقويت شوكته ونزل اليمن الأسفل لقتال بنى مهدى، فأوقع بهم فى الجبال، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وذلك فى ربيع سنة تسع وستين [وخمسمائة] .

‌ذكر أخبار سعيد الأحول، واستيلائه على زبيد ثانيا ومن ملك بعده من آل نجاح

قد ذكرنا أن المكرم هزم سعيدا الأحول، وقتل رجاله واستولى على زبيد، وأعاد إليها خاله أسعد بن شهاب فى سنة ستين وأربعمائة، فلما رجع المكرم بأمه إلى صنعاء وثب سعيد الأحول، فطرد أسعد بن شهاب من زبيد فلحق بابن أخته، واستولى سعيد الأحول على زبيد والأعمال التهامية بها إلى أن تحيلت الحرة السيدة على قتله، فأمرت والى الشعر أن يكاتبه، ويباطنه أنه يسلم إليه جبل الشعر [1] ، ومنه يستولى على الحرة وما بيدها من الأعمال، فطمع فى ذلك فخرج للميعاد، وأمرت الحرة ملوك اليمن الأعلى بحشد عساكرهم وراءهم ونزولهم من الجبال المطلة على زبيد، وأن يطووا المراحل خلف سعيد، فلما صار تحت الشعر أطبقت عليه جيوش العرب وجيوش الحرة، فقتل هو وأكثر من معه، وذلك فى سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.

وعادت زبيد إلى المكرّم، وأعادت الحرة إليها أسعد بن شهاب، ثم انتزعها منه «جيّاش بن نجاح» أخو سعيد، وذلك أنه كان عند مقتل أخيه ببلاد الهند، وكان قد توجه إليها/ (116) متنكرا فى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، فلما عاد وجد أخاه قد قتل، وخرجت زبيد عنهم، فدخل زبيد متنكرا، ولم يزل يتحيّل ويتلطّف حتى اجتمع له من مواليه وأصحابه خمسة آلاف حربة، وساعده على ظهوره على ابن القم [2] الشاعر، وكان وزيرا لأسعد بن شهاب، فوثب بزبيد، وملكها وأعانه عوام المدينة، وأتى بأسعد بن شهاب أسيرا، فأكرمه وأطلقه، وكان جياش قد أحضر معه جارية من الهند حاملا، فولدت له ابنه

[1] جبل الشعر معروف قرب زبيد، واشتهر سكانه بصنع نوع من الثياب تشبه الغزلية فى مصر والألاجة فى الشام والعراق، ضبطه فى بلوغ المرام ص 145 بفتح الشين، وضبطه الواسعى (تاريخ اليمن ص 164) بكسرها.

[2]

فى ابن المجاور (صفة بلاد اليمن ص 173) ضبطه بضم القاف وفى موضع آخر منه ضبطه بالكسر. وانظر (ص 108 حاشية 2) من هذا الجزء.

ص: 115

فاتكا، وفى ساعة وضعها كان وثوبه بزبيد، ولم يزل جيّاش فى ملك زبيد وتهامة من سنة اثنتين/ وثمانين وأربعمائة إلى سنة ثمان وتسعين، فمات فى ذى الحجة منها، وقيل فى شهر رمضان سنة خمسمائة [1] . قال: والأول أظهر، وخلف من الأولاد الفاتك- ابن الهندية- ومنصورا وابراهيم وعبد الواحد والذخيرة ومعاركا، فولى بعده ابنه الفاتك، وخالف عليه أخوه إبراهيم، وخالف عليه أيضا أخوه عبد الواحد، وجرت بينهم وقائع وحروب، فظفر فاتك بأخيه عبد الواحد، فعفا عنه، وأكرمه، ونزل إبراهيم بن جياش بأسعد بن وائل بن عيسى الوحاظى، فأكرمه إكراما عظيما، وكانت عبيد فاتك بن جياش قد عظم شأنهم، وكثروا واشتدت شوكتهم، ثم مات فاتك فى سنة ثلاث وخمسمائة، وترك ولده المنصور بن فاتك صغيرا، فملكه عبيد أبيه، وحشد إبراهيم بن جياش بعد موت أخيه/ (117) فاتك، فتواقعوا [2] ، وحين خلت زبيد منهم وثب بها عبد الواحد بن جياش فملكها، وحاز دار الإمارة، فأخرج الأستاذون والوصفان مولاهم منصور بن فاتك ودلوه من سور البلد خوفا عليه، ولحق بعبيد أبيه.

ولما بلغ إبراهيم بن جياش أن أخاه عبد الواحد قد حصل على زبيد وسبقه [3] إليها، توجّه إلى الحسين بن أبى الحفاظ الحجورى.

وأما عبيد فاتك، فإنهم توجهوا بالمنصور ابن مولاهم، ونزلوا بالملك المفضل بن أبى البركات الحميرى صاحب التّعكر، وبالحرة السيدة بنت أحمد الصليحى بذى جبلة، فأكرما مثواهم، والتزم عبيد فاتك للمفضّل بريع البلاد على نصرتهم على «ابن جياش» فأخرجه من زبيد، وملكهم إياها، وهمّ المفضّل أن يغدر بآل فاتك، ويملك البلاد، فبلغه ما كان من أمر الفقهاء، واستيلائهم على حصن التّعكر، ففارق زبيد، وتوجه إليهم، وكان من أمر وفاته ما قدمناه.

[1] اقتصر المقتطف ص 63 على التاريخ الأول. وذكر أن جياشا كان من أهل العلم، وأنه وضع تاريخا اسمه المفيد، ويقال له «مفيد جياش» تمييزا له من المفيد الذى وضعه عمارة اليمنى.

[2]

فى «أ» ص 117 فتواقفوا.

[3]

فى «أ» ص 117 وسبق.

ص: 116

واستقر الأمر بتهامة للمنصور بن فاتك وعبيد أبيه، فمن أولاد فاتك الأمراء ومن عبيده الوزراء، فأما الأمراء فمنهم [المنصور بن فاتك، ثم فاتك بن المنصور [1]] وهو ابن الحرّة الصالحة الحاجة.

ثم مات فاتك بن منصور، فانتقل الأمر إلى ابن عمه، واسمه أيضا الفاتك ابن محمد بن منصور بن فاتك بن جياش فى سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وقتله عبيده فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وعنهم زالت الدولة إلى على بن مهدى الخارج باليمن فى شهر رجب سنة أربع وخمسين وخمسمائة، ولم يكن لأولاد فاتك/ (118) بن جيّاش من الأمر شىء سوى النّواميس الظاهرة، من الخطبة لهم، بعد بنى العباس، والسكة، والركوب بالمظلّة فى أيام الموسم، وعقد الآراء فى مجالسهم [2] ، وما عدا ذلك من الأمر والنهى والتدبير وإقامة الحدود، وإجازة الوفود، فلعبيدهم الوزراء، وهم عبيد فاتك بن جياش، وعبيد منصور ابنه.

وأول من وزر منهم أنيس الفاتكى، وكان من بطن فى الحبشة يقال لهم الجرليون [3] ، وملوك بنى نجاح من هذا البطن، وكان أنيس هذا جبارا غشوما مهوبا [4] ، وبنى قصورا عظيمة، ولما اشتدت شوكته عزم على قتل مولاه المنصور بن فاتك، وتهيأ للاستقلال بالملك، فبدره [5] ابن مولاه، بأن عمل وليمة واستدعاه، فقطع رأسه واستصفى أمواله. ووزر بعده الشيخ أبو منصور منّ الله الفاتكى، وكان كريما شجاعا، وله وقعات مشهورة فى العرب، ومآثر مذكورة، ولما وزر لمنصور بن فاتك بن جياش فى سنة تسع عشرة وخمسمائة لم يقدم شيئا على قتل منصور ابن مولاه بالسم، وملّك ابنه فاتك بن منصور، وهو طفل صغير، ثم تعرض إلى حريم مولاه، فيقال: إن منصور بن فاتك وأباه فاتك ابن جياش، وغيرهما من آل نجاح، ماتوا عن أكثر من ألف سرّية، ما منهن واحدة سلمت من الوزير «منّ الله» إلا عشرة نساء من حظايا منصور بن فاتك

[1] ما بين الحاصرتين سقط من «ك» ، والزيادة من «أ» ص 117.

[2]

فى «أ» ص 118 «محالهم» .

[3]

فى مختصر المفيد فى أخبار زبيد ص 97 «السحرتيون» .

[4]

فى المصدر السابق «غشوما متهورا» .

[5]

يقال: بدره بالشىء إذا عاجله به.

ص: 117

منهن الحرّة الملكة أم فاتك بن المنصور الملك، وكانت/ (119) من جوارى الوزير أنيس ابتاعها منصور من ورثته، وكانت حبشية مغنية، واسمها علم، فخرجت امرأة صالحة خيّرة كانت تحج بأهل اليمن برا وبحرا فى خفارتها من الأخطار والمكوس، فاعتزلت القصر، وسكنت خارج المدينة، وبنت لها دارا.

هذا والملك ولدها.

قال: ولما أراد الله تعالى هلاك الوزير «منّ الله» حاول بنت معارك بن جياش وراودها، وكانت موصوفة بجمال، فافتدت [نفسها [1]] منه بأربعين بكرا فذكرت ذلك لعبيد عمها فاتك، وعبيد ابن عمها منصور بن فاتك فهابوه، ولم يقدروا على شىء فقالت/ لهم الحرة أم أبى الجيش- وكانت مولدة ذات جمال-: أنا أكفيكموه، ثم أرسلت إلى الوزير منّ الله. تقول له: «إنك أسأت السّمعة علينا وعليك فيما تقدم، ولو كنت أعلمتنى خدمتك أتمّ خدمة، ولم يعلم بك أحد، ففرح الوزير بذلك، وتواترت الرسائل بينه وبينها، حتى قال: فإنى أزورك فى هذه الليلة إلى دارك متنكرا، فقالت لرسوله: إن الله قد أجلّ قدر الوزير عن ذلك، بل أنا أزوره فى داره، وأتته عند المساء، فغنّته وشرب وطرب، فيقال: إنها مكّنته من نفسها، فوقع عليها، فلما فرغ مسحته بخرقة مسمومة، فتهرّأ ومات [2] من ليلته، فدفنه ولده منصور فى إسطبله، وسوى به الأرض، فلم يعرف له قبر، وكانت وفاته فى ليلة السبت خامس عشر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وخمسمائة.

ثم وزر بعده لفاتك بن منصور زريق الفاتكى [3] «وكان شجاعا كريما، وكان له من الأموال والأراضى ما لا تحصى قيمته،/ (120) وكان له ثلاثون ولدا إلا أنه لم يكن له نفاذ فى سياسة العسكر، ولا خبرة بإقامة نواميس السلطنة، فاستقال من الوزارة، واستدعى لها الوزير أبا منصور مفلحا الفاتكى،

[1] ما بين الحاصرتين زيادة من «مختصر المفيد» ، وقد أورد هذه القصة مفصلة فى صفحتى 100 و 101.

[2]

يقال: تهرأ اللحم، إذا اشتد نضجه حتى سقط عن العظم.

[3]

فى ابن خلدون (4/218) أنه كان من موالى أم فاتك المختصين بها.

ص: 118

وهو من بطن من الحبشة يقال لهم «سحرت» ، وكان يكنى بولده منصور، وكان منصور هذا من الأعيان أهل الخبرة والفقه والأدب والصباحة والسماحة والشجاعة والرئاسة الكاملة، وكان مفلح ينبز فى صغره «بالبغل» ، وكان يقال:«مفلح البغل» ولا يغضب من ذلك، وكان عفيفا لم تعلم له صبوة فى صغر ولا كبر، ولما عظم شأنه فى الوزارة ثقل على أهل الدولة، فتحيّل فى إخراجه، فأخرج من الوزارة، وكانت له حروب مع سرور الفاتكى، ثم مات فى سنة سبع [1] وعشرين وخمسمائة.

وكان لمنصور ابنه مع العساكر حروب، ثم خذله أصحابه وتفلّلوا [2] عنه، فاستأمن إلى القائد «سرور» ودخل معه إلى زبيد، والوزير يومئذ «إقبال» الفاتكى، فخلع على منصور، وأنزله فى دار أبيه، ثم قبض عليه من الغد، وقتل فى دار الوزير «إقبال» ، فأنكر الملك فاتك ذلك، وهمّ بإقبال، ثم أبقاه على دخن، فتلطف إقبال، حتى سقى مولاه فاتكا السم، فمات فاتك بن منصور فى شعبان سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

ومنهم القائد «أبو محمد سرور الفاتكى» وجنسه من الحبشة «أمحرة» ، وكانت له مآثر وصدقات وصلات/ (121) يطول الشرح بذكرها. وكان كثير الصلاة والعبادة والخير والبر، فكانت هذه حاله من سنة تسع وعشرين وخمسمائة إلى أن قتل فى مسجده بزبيد فى الركعة الثالثة من صلاة العصر يوم الجمعة الثانى عشر من شهر رجب سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، قتله رجل يقال له «محرّم» من أصحاب على بن مهدى، ثم قتل قاتله فى تلك العشية بعد أن قتل جماعة من الناس، ولم تلبث الدولة بعد قتله إلا يسيرا حتى أزالها على بن مهدى، وملك زبيد وأعمالها فى سنة أربع وخمسين وخمسمائة، فى آخر يوم من شهر رجب.

[1] فى زامباور (معجم الأنساب 1/182) أن وفاته كانت سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

[2]

تفللوا عنه: انهزموا، وتخلوا عنه.

ص: 119