الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها فى يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر ربيع الأول أنعم السلطان على الأمير سيف الدين ألماس الحاجب بسكن دار النيابة خلا القاعة الحسامية، فإنه رسم بإفرادها، فأفردت، وسكن فيما عداها من المساكن.
/
ذكر وصول الأمير سيف الدين تنكز نائب السلطنة الشريفة بالشام المحروس إلى الأبواب السلطانية والقبض على الأميرين سيف الدين طشتمر البدرى [1] وسيف الدين قطلوبغا [2] الفخرى والإفراج عنهما
وفى يوم الجمعة الرابع والعشرين [3] من شهر ربيع الآخر من هذه السنة وصل إلى الأبواب السلطانية الأمير سيف الدين تنكز [4] نائب السلطنة الشريفة بالشام المحروس على خيل البريد، وكان ركوبه على خيل البريد [من غزة، فإنه وصل إليها بطلبه ومماليكه/ (231) يتصيد، فرسم له بالحضور إلى الأبواب السلطانية على خيل البريد][5] فوصل، وتلقّاه الأمير سيف الدين بكتمر الساقى إلى سرياقوس، وتصيد معه فى تلك الجهة، ولما وصل توجه، فمثل بين يدى المقام الشريف، وشمله الإنعام السلطانى على عادته، ونزل عند الأمير سيف الدين بكتمر الساقى بداره بقلعة الجبل.
ولما كان فى يوم الأحد سادس الشهر جلس السلطان، ووقف الأمير سيف الدين تنكز بين يديه والأمراء المماليك السلطانية، فنظر السلطان إلى الأميرين
[1] طشتمر البدرى الساقى الناصرى، كان يلقب بحمص أخضر، لأنه كان يحب أكل الحمص الأخضر، وردت ترجمته فى: الدرر (2/219) والسلوك (2/218) .
[2]
الضبط من النجوم (9/269) وهو قطلوبغا الساقى الناصرى المعروف بالفخرى، كان من أخص مماليك الناصر وأكثرهم إدلالا عليه، وكان يلقب بالفول المقشر، وفى الدرر (3/250) وردت فى خلال ترجمته أسباب القبض عليه هو وزميله.
[3]
فى «أ» ص 230 الرابع من شهر ربيع الآخر، وهو يوافق رواية المقريزى فى السلوك (2/281) والسياق هنا يؤيد صحته.
[4]
ضبطه فى النجوم الزاهرة (9/13 و 34 و 38
…
) بفتح أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه، وفى صبح الأعشى 5/425 ضبط بضم أوله وثالثه وسكون ثانيه، وذلك عند الكلام فى أسماء الترك وعبارته «وربما أفردوا الاسم بالوصف كدمر بمعنى حديد.. وتنكز بمعنى بحر» .
[5]
ما بين الحاصرتين سقط من ك، وأثبتناه من «أ» ص 230 و 231.
سيف الدين طشتمر البدرى، وسيف الدين قطلوبغا الفخرى، وقال لقطلوبغا: قد ضجرت مما أسمع عنك، وهذا كلام كثير، وما أعرف رضاكم فى أى شىء حتى أفعله، وأشباه هذا من الكلام، وأظهر الغضب الشديد، والحرج والحدّة، وأمر الأمير سيف الدين قجليس أمير سلاح بالقبض عليهما، فتقدم إلى كل منهما وأخذ سيفه، وتوجه بهما إلى الاعتقال، فاعتقلهما، وكان ذلك [ببرج السباع][1] بالقلعة واشتد الأمر عليهما، وقيل: إنهما قيّدا.
فلما كان عشية النهار اضطرب المماليك السلطانية سكان الطباق لذلك اضطرابا شديدا، ويقال: إنهم امتنعوا من الدخول فى الخدمة، وقالوا نحبس جميعا، فإن هؤلاء هم أكابرنا، وأخص الناس بالسلطان، فإذا قبض عليهما بغير ذنب فكلنا نحبس، فطالع الأمير سيف الدين صواب- المقدم عليهم- السلطان بذلك [2] ، فطلب الأمير سيف الدين/ (232) تنكز، وعرفه ذلك، فتلطف فى أمرهما وقبّل الأرض مرارا بين يدى السلطان، وشفع فيهما، فأفرج عنهما فى بقية النهار [3] ، وأقر الأمير سيف الدين طشتمر على إقطاعه، وأسكنه فى القاعة الحسامية التى أفردت من دار النيابة، وكان قبل ذلك يسكن داخل باب القلعة بقرب مساكن السلطان.
وأما الأمير قطلوبغا الفخرى، فإن حرج السلطان عليه كان أشد، لما كان يتكلم به بين يديه من الرد عليه، وكثرة الإدلال، فأنزل إلى إسطبله، ورسم السلطان بإخراجه إلى الشام [4] ، فعين له إقطاع الأمير علاء الدين أيدغدى التّليلى [5] وهو من جملة أمراء الطبلخاناه، وكان قد أنهى إلى السلطان أنه عجز عن الخدمة، وقلّ نظره، وتغير ذهنه، فوفّره من الخدمة، وأنعم عليه براتب،
[1] ما بين الحاصرتين غير موجود فى «أ» ص 231 وبرج السباع: أحد أبراج قلعة القاهرة فى سورها الشرقى وقد هدم وقت تجديد السور فى أيام الظاهر برقوق (النجوم 9/115 حاشية 2)
[2]
عبارة «أ» ص 132 فطالع الأمير سيف الدين صواب- مقدم المماليك السلطانية- السلطان بذلك.
[3]
ورد هذا الخبر فى السلوك (2/281) موجزا، وفى الدرر (3/250) أورده ابن حجر فى ترجمة قطلوبغا بمثل تفصيل النويرى هنا.
[4]
فى السلوك (2/281) أن إخراج قطلوبغا إلى دمشق كان فى يوم السبت الثانى والعشرين من ربيع الأول.
[5]
الضبط من الدرر (1/425) وفيه أن وفاته كانت بدمشق فى سنة 728 هـ.
وأخرج إقطاعه للأمير المذكور، وزاد عليه قرية عنجرا [1] ، وعبرتها [2] فى السنة عشرون ألف درهم، وتوجه صحبته الأمير سيف [الدين تنكز إلى الشام، وذلك فى يوم السبت ثانى عشر شهر ربيع الآخر، وقدم السلطان على ألفه الأمير سيف][3] الدين طغيتمر [4] العمرى الناصرى.
ولما توجه الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخرى إلى الشام أوصى ألا يسكّن اصطبله لأحد من الأمراء، فاتصل ذلك بالسلطان، فأمر بهدمه، وهو الأصطبل الذى كان قد أنشأه الأمير سيف الدين طغاى، وهو تحت القلعة فيما بين القلعة وبين البرقية، وله باب آخر/ (233) من جهة التبانة فيما بين المصلى وقلعة الجبل، وبه حوض سبيل لسقى الدواب، فهدم الأصطبل وحوض السبيل، وعفّى أثره، وبنى بنقضه، وصار طريقا يسلكه من يمر إلى القلعة من خارج السور، كما كان أول مرة قبل عمارته.
وفى هذه السنة فى يوم السبت الثانى عشر من شهر ربيع الآخر الموافق الحادى عشر من برمهات من شهور القبط- وذلك فى أواخر فصل الشتاء- حصل بالقاهرة ومصر حر شديد، وزاد فى يوم الأحد، واشتد فى يوم الاثنين، وهبت فى هذه الأيام ريح شرقية حارة جدا، وكان أشدها يوم الاثنين، وحصل من الحر ما لا يحصل فى أيام الصيف أكثر منه، حتى لبس الناس فى هذه الأيام فى فصل الشتاء ما يلبسونه فى فصل الصيف من القمصان الرفاع [5] ، وكانت الأيام قبل ذلك شديدة البرد، واستمر ذلك كذلك بقية يوم الاثنين، وهبت ريح غربية قبيل العشاء الآخرة من ليلة الثلاثاء خف الحر بسببها يسيرا، ثم سكنت
[1] هكذا فى «أ» و «ك» ، ولم أجده فى كتب البلدان.
[2]
العبرة فى الاصطلاح المالى القديم تعنى «مقدار المربوط من الخراج أو الأموال على كل إقطاع من الأرض، وما يتحصل عن كل قرية من عين وغلة وصنف (النجوم 9/53 حاشية 1) وانظر الخوارزمى (مفاتيح العلوم ص 60) .
[3]
ما بين الحاصرتين سقط من «ك» والزيادة من «أ» ص 232 وترجمة طغيتمر العمرى فى: الدرر (2/223) وفيه أنه كان من مماليك الناصر، وحظى عنده لجماله البارع، وسكونه وعقله، فترقى فى خدمته، وزوجه الناصر ابنته، وصار من أمراء المشورة.
[4]
فى النجوم (9/89) طغاى تمر.
[5]
الرفاع: جمع الرفيع، مثل الكرام جمع الكريم، ومراده القمصان المصنوعة من نسيج ذى خيوط رفيعة ويقال: رفع- بفتح فضم- الثوب إذا رق ودق. (المعجم الوسيط) .