الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها، فى يوم الاثنين ثالث ذى الحجة أمر السلطان/ (207) بالقبض على الأمير أبى إسحاق إبراهيم ولد [1] أخى الخليفة أبى الربيع سليمان، واعتقاله، وسبب ذلك أنه تزوج امرأة مغنية تعرف بفالحة بنت [2] المغربية، فوقفت أمها للسلطان، وشكته، وادعت أنه تمم على الشهود، وأحضر امرأة غيرها، وسماها باسمها، واستأذنها الشهود فأذنت، وعقد العقد عليها ولم تكن هى، وادعى هو أن العقد إنما وقع عليها دون غيرها، وشهد الشهود بصحة العقد، فأمره/ السلطان بطلاقها، وأرسل إليه يقول: إنكم من بيت الخلافة، ولا يصلح أن تفعل مثل هذا، وزواج هذه عار عليك، فصمم على ألا يفارقها، واعتذر أنه يمسكها خشية أنه إذا فارقها تعود إلى الغناء، فيكون عليه عارها، فرسم السلطان أنها لا تمكن من الغناء، وراجعه فى طلاقها، فأصر وأبى ذلك، وامتنع منه، فأمر باعتقاله، فاعتقل بالبرج فى قلعة الجبل، وادعى أنه غرم عليها نحو خمسين ألف درهم، وأمر السلطان أن يستخرج ذلك منها، واعتقلت عند الشيخة البغدادية، وأخذوا جواريها المغنيات، وبقى الأمير إبراهيم المذكور فى الاعتقال أياما أفرج عنه نائب السلطنة الأمير سيف الدين أرغن، وأرسل إليه مع بهادر العلمى نائب الفتاح [3] يقول له: رسم لك السلطان إن لم تطلقها حصل لك ما لا يمكن أن تستدرك فارطه، وأشهد عليه بطلاقها، فعرفه بهادر المذكور الرسالة، وشدد عليه الجواب، وما فارقه إلى أن شهد عليه بطلاقها، فتوجه بهادر، وعرف الأمير سيف الدين أرغن أنه تلفظ بالطلاق، [فشاور عليه السلطان فأفرج عنه][4] حين أذن، ففارقها وعادت لما كانت عليه من الغناء.
ذكر توجه السلطان إلى الصيد والإفراج عمن نذكر من الأمراء
وفى هذه السنة فى يوم الخميس الثالث عشر من ذى الحجة توجه/ (208) السلطان إلى الصيد المبارك، وقصد جهة [البحيرة][5] .
[1] كذا فى الأصل ومثله فى أ، وفى السلوك (2/268) إبراهيم بن الخليفة أبى الربيع وأبو الربيع هو «المستكفى بالله سليمان بن أحمد الخليفة العباسى «كانت وفاته بقوص سنة 740 هـ (الدرر 2/141) .
[2]
فى «أ» ص 207 «مغنية تعرف بابنة المغربية» .
[3]
كذا فى الأصل ولم يتضح المراد.
[4]
ما بين الحاصرتين زيادة لم ترد فى نسخة «أ» ص 207.
[5]
فى «أ» ص 208 غير منقوطة، وفى «الأصل» تقرأ البحيرة، وفى السلوك (2/269) الجيزة وما اخترناه أنسب للسياق.
ولما قارب ثغر الإسكندرية أرسل الأمير علاء الدين مغلطاى الجمالى مدبر المملكة وأستاذ دار العالية إلى الثغر، وأمره بالإفراج عن الأميرين سيف الدين طاجار المحمدى [1] ، وسيف الدين كيتم [2] ، وأمره أن يكشف أحوال الأمراء المعتقلين بالثغر، ومن اختار أن يكتب قصة [3] فليستصحبها معه، ففعل ذلك، وكتب الأمراء قصصا بما أحبوا، وامتنع الأمير بهادر النقوى [4] أمير جاندار- كان- والأمير سيف الدين بلبان الشمسى من كتابة قصة، وقالوا: نحن لنا ذنوب عند السلطان، وبأى وجه نرفع إليه قصة، فلما عاد الأمير علاء الدين إلى السلطان عرض على السلطان قصص الأمراء وأخبره بامتناع الأميرين المذكورين من كتابة قصة، وبما قالاه، فشملتهما عواطفه، وأمر بالإفراج عنهما، وأحضرا إلى المخيم المنصورى، وخلع على الأمراء الأربعة المذكورين، وحضروا إلى القاهرة فى يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذى الحجة.
وفيها فى ليلة الأحد ثامن عشر صفر توفى الشيخ الإمام المقرئ المتقن المعمر تقى الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن على بن سالم ابن مكى المصرى الشافعى المعروف بالصائغ [5] شيخ القراءات فى وقته، وكانت وفاته بمصر، وصلى عليه يوم الأحد بعد صلاة الظهر بالجامع العمرى بمصر، وأمّ الناس فى الصلاة/ (209) عليه قاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى، ودفن بالقرافة، ومولده فى ثامن عشر جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وستمائة بمصر، قرأ القرآن على الكمال الضرير، وسمع الحديث من الرشيد العطار، وابن البرهان، وغيرهما رحمهما الله تعالى.
وتوفى فى ليلة السبت مستهل شهر ربيع الأول الخطيب جمال الدين محمد بن الخطيب تقى الدين محمد بن مجد الدين الحسن بن الشيخ تاج الدين
[1] هكذا فى الأصل، ومثله فى أص 208 وكذلك فى السلوك (2/269) وفى النجوم (9/146) والدرر (2/213) طاجار الماردينى الناصرى.
[2]
الضبط من الدرر (3/270) وترجمته فيه، ووفاته سنة 749 هـ.
[3]
القصة- فى اصطلاحهم- تعنى الشكوى أو الالتماس.
[4]
فى «أ» ص 208 ما قبل القاف غير منقوط، والتحرير من السلوك (2/269) والدرر (1/498) .
[5]
فى «أ» ص 208 غير منقوط، وفى ك الصانع، وما أثبتناه من السلوك (2/270) والدرر (3/320) وله فيه ترجمة طويلة.
أبى الحسن [1] على بن أحمد بن على بن [أحمد][2] بن القسطلانى خطيب جامع قلعة الجبل المحروسة، وإمام الجامع العمرى بمصر، ودفن من الغد بالقرافة، سمع من ابن خطيب المزّة، وصحب الشيخ العارف أبا محمد المرجانى، وحج معه ولازمه، ومولده سنة ثلاث وستين [3] وستمائة تقريبا، وخطب بالجامع العمرى بمصر بعد والده فى سنة خمس وتسعين وستمائة، وخطب والده بالجامع المذكور قبله ثمانى عشرة سنة.
ولما مات الخطيب جمال الدين، عرض جماعة من الخطباء على السلطان وخطب كل منهم بجامع القلعة، ومنهم من خطب فى مجلس السلطان فى غير يوم الجمعة، ثم استقرت الخطابة بجامع قلعة الجبل باسم ابن أخيه الخطيب تقى الدين بن الخطيب نور الدين، واستقر ولده الخطيب زين الدين أحمد [بن جمال الدين [4]] فى خطابة جامع عمرو بمصر، وإمامته ونظره.
وتوفى فى يوم السبت الحادى والعشرين من شهر/ (210) ربيع الآخر من السنة الشيخ الفقيه المفتى شرف الدين يونس بن أحمد بن صلاح القرقشندى [5] الشافعى، أحد المفتين، وأحد المعيدين بزاوية الإمام الشافعى بالجامع العمرى بمصر، ودفن من يومه بالقرافة، رحمه الله تعالى.
وفيها. فى يوم الأحد خامس عشر شهر ربيع الآخر، توفى القاضى الفقيه الإمام العالم سراج الدين يونس بن عبد المجيد بن على بن داود الهذلى الشافعى الأرمنتى، قاضى الأعمال القوصيّة، وكانت وفاته بظاهر مدينة قوص بالمشهد الذى يسكنه الحكام بقوص من لسعة عقرب [6] ، ومولده بأرمنت من عمل قوص فى المحرم سنة أربع وأربعين وستمائة، وكان فقيها فاضلا أصوليا وله مصنفات وشعر ليّن، رحمه الله تعالى.
[1] لم يرد هذا الجد فى سلسلة نسبه كما أورده الدرر (4/173) والسلوك (2/270) والنجوم (9/265) .
[2]
فى «أ» ص 209 محمد، ومثله فى النجوم (9/265) وما أثبتناه عبارة الأصل، والدرر (2/173) والسلوك (2/270) .
[3]
فى الدرر (2/173) سنة ثلاث وسبعين وستمائة.
[4]
زيادة عن: السلوك (2/270) .
[5]
فى السلوك (2/270) والنجوم (9/265) وقوانين الدواوين ص 167 رسمت باللام مكان الراء (قلقشنده) وفى الدرر (4/485) بالراء كما أوردها النويرى هنا، وفى القاموس الجغرافى لمحمد رمزى (1/46) قرقشنده، واسمها القديم قلقشنده: من بلاد مركز طوخ بالقليوبية.
[6]
فى الدرر (4/488) من لسعة ثعبان.
وتوفى فى الليلة المسفرة عن ثالث عشر جمادى الأولى من هذه السنة القاضى فتح الدين محمد بن القاضى كمال الدين أحمد بن عيسى السّعدى المعروف بابن القليوبى [1] وكان فيما مضى ينوب عن قاضى القضاة بدر الدين ابن جماعة الشافعى فى بعض الأعمال، ونقل إلى قضاء [2] صفد نيابة عنه أيضا، ثم صرف منها، وعاد إلى الديار المصرية، فناب فى أعمال الدقهلية والمرتاحية عن قاضى القضاة المشار إليه، ونقل إلى قضاء أبيار [3] ، ثم عزل وعطل مدة، حتى ضاق عليه الحال، فتوجه/ إلى مدينة المحلة، وناب بها عن القاضى عز الدين الحاكم بالغربية/ (211) مدة تقارب أربع سنين، ثم فارق الجهة، وحضر إلى القاهرة وهو مضعف، فاستمر به المرض، واشتدت علته إلى أن مات رحمه الله تعالى، ودفن بالقرافة، وكان رحمه الله رجلا كريما فاضلا جيد الشعر والنثر، جيد البديهة لسنا حسن الفكاهة والمحاضرة والمذاكرة، رحمه الله وإيانا، وكان بينه وبين نجم الدين سعيد بن أحمد بن عيسى الغمارى المالكى [4] عداوة مستحكمة ثابتة على الحكام، فلما أيس من الحياة أرسل إليه، وسأله الصلح عما مضى والمحاللة، ففعل، ثم لم تطل حياة نجم الدين المذكور بعده، فإنه مرض أثر ذلك، ومات بالمدرسة الصالحية النجمية فى ليلة الخميس ثانى جمادى الآخرة ودفن من الغد بمقبرة باب النصر رحمه الله تعالى وإيانا.
وتوفى فى عشية الأربعاء قبل أذان المغرب فى الثانى والعشرين من جمادى الآخرة الشيخ المحدث نور الدين أبو الحسن على بن جابر بن على بن موسى بن خلف بن منصور بن عبد الله بن مالك [5] الهاشمى الشافعى المعروف
[1] لم ترد وفاته فى النجوم ولا فى السلوك ضمن وفيات هذه السنة، وقد أورد ابن حجر له ترجمة ناقصة فى الدرر (1/233) وذكر اسمه: أحمد بن عيسى بن رضوان القليوبى.
[2]
صفد: من بلاد الشام من جبل لبنان (تاج العروس 2/400) وفى L Zettersteen LL ص 172 رسمت بتاء مكان الدال.
[3]
أبيار: من أعمال محافظة الغربية بمصر- ذكرها ابن مماتى (قوانين الدواوين ص 95) وفى مراصد الاطلاع (1/21) قرية بجزيرة بنى نصر.
[4]
سعيد بن أحمد بن عيسى الغمارى نجم الدين- ترجمته فى الدرر (2/134) ووفاته سنة 725 هـ.
[5]
مكان هذا الجد فى الدرر (3/35)«.. ابن أبى بكر» وأورد له ترجمة مطولة، وطائفة من أشعاره.
باليمنىّ شيخ الحديث بالقبة المنصورية، وكانت وفاته بالمدرسة الظاهرية، وصلى عليه فى يوم الخميس بالمدرسة المذكورة، وأمّ الناس فى الصلاة عليه قاضى القضاة بدر الدين بن جماعة، ثم صلى عليه بسوق الخيل تحت قلعة الجبل، وكانت جنازته مشهودة، ودفن بالقرافة./ (212) ومولده بمكة شرفها الله تعالى، فى سنة ثمان وأربعين وستمائة تقريبا [1] ، وكان رحمه الله جيد النظم، ورحل إلى الهند وغيره من البلاد، وخلف كتبا كثيرة جدا.
وولى تدريس الحديث بعده بالقبة المنصورية الشيخ العالم زين الدين عمر ابن أبى الحزم [2] بن يونس الشافعى المعروف بابن الكتّانى وجلس لإلقاء الدروس بالقبة فى يوم الأربعاء رابع عشر رجب، وتكلم الناس عليه لقبوله الولاية، فإنه لم يشتهر بطلب الحديث، ولا الاشتغال به وأما فقهه ومعرفته بمذهب الإمام الشافعى فغير مدفوع عنه.
وفيها فى ليلة الخميس السادس من شعبان كانت وفاة الشيخ الصالح الإمام العالم القاضى عز الدين أبى عبد الله محمد بن الشيخ كمال الدين أبى العباس أحمد بن الشيخ جمال الدين أبى إسحاق إبراهيم بن يحيى بن أبى المجد اللخمى المعروف جده جمال الدين بالأسيوطى [3] ، قاضى الكرك بها، وكان قد وليها فى شهر رجب سنة ست وتسعين وستمائة من قبل السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى، واستقر بها إلى أن مات، ومولده بالقاهرة المعزية بالجامع الظافرى المعروف الآن بالفاكهى [4] عند أذان الصبح من يوم الأربعاء السابع والعشرين من شعبان سنة إحدى وخمسين وستمائة،
[1] فى الدرر (3/35) أن الزركشى ذكر أن مولده سنة 647 هـ، قال وبه جزم الذهبى.
[2]
ترجمته فى الدرر (3/161) وذكر اسمه عمر بن أبى الحرم- براء مكان الزاى- بن عبد الرحمن بن يونس الدمشقى ثم المصرى الشافعى المعروف بابن الكتانى تصدر بالجامع الحاكمى ودرس بالمنكوتمرية، وأعاد بالقراسنقرية، ومات سنة 738 هـ.
[3]
فى «أ» ص 212 (الأميوطى) وانظر الدرر (4/159 و 160) .
[4]
فى «أ» ص 212 الفكاهين. والمثبت من «ك» وفى تاريخ المساجد الأثرية 74، ذكر أن اسم الجامع الأفخر المعروف الفاكهانى، وقال: إن الذى أنشأه الظافر بنصر الله أبو المنصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله أبى الميمون عبد المجيد بن الآمر بأحكام الله سنة 543 وفى القرن السابع الهجرى عرف بجامع الفاكهيين.
ودفن بمقبرة تعرف بالقبر الجديد، وكان رحمه الله فقيها عالما متقنا محققا من أجلّ مشايخ القراءات،/ (213) والعلوم مقتصدا فى مأكله وملبسه وسائر أحواله، وكان من قضاة العدل والحق، لا تأخذه فى الله لومة لائم، ولا يخشى سطوة ملك، تساوى عنده فى الحق الآمر والمأمور، رحمه الله تعالى.
وتوفى فى ليلة السبت الثانى والعشرين من شعبان الشيخ الفاضل العالم البارع شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سليمان بن فهد الحلبى، ثم الدمشقى كاتب الإنشاء بدمشق، وصلى عليه بجامعها، ثم بسوق الخيل، ودفن بسفح قاسيون، بتربة بناها لنفسه، ومولده فى شعبان سنة أربع وأربعين وستمائة، وكان رحمه الله رجلا فاضلا، كاتبا أديبا شاعرا، انتهت إليه كتابة الإنشاء، ولو قيل فيه كاتب الشرق والغرب لاستحق ذلك غير مدفوع عنه ولا منازع فيه [1] ، وكان يكتب التقاليد والتواقيع والمناشير من رأس [2] القلم، ويأتى فيها بما لم يأت به سواه مع الفكرة والرويّة، رحمه الله تعالى، وولى بعده كتابة الإنشاء بدمشق ولده شمس الدين محمد، رسم له بذلك فى شهر رمضان من السنة باعتناء نائب السلطنة بالشام به، وقدم على غيره لهذه الوظيفة مع توفر الأعيان والأكابر بدمشق.
وفيها فى يوم الخميس رابع شهر رمضان توفيت الست الجليلة فالحة [3] ابنة الملك الأمجد، مجد الدين حسن بن الملك الناصر صلاح الدين داود بن الملك المعظم شرف الدين عيسى بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب، ودفنت من يومها بالتربة المعظمية بسفح قاسيون، وتعرف هذه المتوفاة «بدار دينار» وكان لها بر ومعروف وإيثار، رحمها الله تعالى.
[1] ترجمته فى الدرر (4/324) وذكر ابن حجر من مؤلفاته: حسن التوسل فى صناعة الترسل، ومن شعره مجموعة من المدائح النبوية أسماها: أهنى المنائح، فى أسنى المدائح، وفى السلوك (2/270) أنه مات عن إحدى وثمانين سنة.
[2]
يعنى النويرى بهذا التعبير سرعة البديهة والقدرة على الارتجال» .
[3]
فى «أ» 213 (فاطمة) .