الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة
وصرف من نذكر من ولاة المناصب [1] ، وتفويض الوزارة إلى الأمير علاء الدين مغلطاى الجمالى وترتيب من نذكر.
وفى يوم الخميس الثامن من شهر رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة عزل الصاحب أمين الدين عبد الله [2] عن الوزارة، وسبب ذلك أنه لما فوّض إليه أمر الوزارة ألان جانبه للناس، وكفّ لسانه ويده عن أذاهم، وأخذ نفسه بالتأنى والسكون وعدم القلق، فطمع الناس، وقصر الولاة والمباشرون/ (67) فى استخراج الأموال، وتحصيل الغلال، فانساق بعضها إلى الباقى، واتصل ذلك بالسلطان، فأجمع رأيه على عزله، وشاع ذلك بين الناس فى أوائل الشهر، فلما كان فى هذا اليوم رسم السلطان بانفصاله، وعامله حالة العزل بإحسان كثير، وذلك أنه رسم له فى يوم الخميس هذا تنفيذ الأشغال والكتابة على عادته إلى ما بعد صلاة العصر، ثم قام من مجلس الوزارة، وخرج وحجابه بين يديه، ومن جرت العادة بركوبه فى موكبه من أرباب المناصب، وركب والناس يدعون له، ويستبشرون ببقائه واستمراره، فلما وصل إلى داره بالقاهرة، واستقر بها خرج خادمه، وصرف من على بابه من الغلمان والمقدمين والسعاة وغيرهم، وأعلم من كان على الباب بانفصاله، ولم يستقر فى خدمته من غلمانه إلا من كان فى خدمته من قبل وزارته، وانقطع بداره ولم يركب/ فى يوم الجمعة إلى الجامع، ولا أذن لأحد فى الدخول عليه، ثم رسم السلطان ألا يتعرض إليه، وأقر باسمه ما كان قد رتب له عند انفصاله من طرابلس، وأذن له أن يتصرف ويركب فى مصالحه.
واستوزر السلطان بعده مملوكه الأمير علاء الدين مغلطاى الجمالى، وهو يومئذ أستاذ الدار العالية [3] ، وأقره فى الوظيفتين، وخلع عليه فى يوم الجمعة
[1] انظر فى هذا الخبر المقريزى (السلوك 2/256، 257) .
[2]
هو أمين الدين عبد الله بن تاج الرياسة القبطى، أسلم على يد بيبرس الجاشنكير، توفى سنة 740 أو سنة 741، وترجمته فى ابن حجر (الدرر 2/251، 252) .
[3]
راجع ابن حجر (الدرر 2/252) ففيه أن الصاحب أمين الدين هو الذى أشار على السلطان بتولية مغلطاى الجمالى الوزارة من بعده، وقال له: إن الوزارة، لا تصلح إلا إذا وليها تركى.
التاسع من الشهر، وأمر السلطان بصرف ناظرى النظار، وهما: القاضى موفق الدين والقاضى شرف الدين بن زنبور [1] ، ورتب القاضى شهاب الدين بن سعد الدين الأقفاصى [2] فى نظر الدواوين، وكان يلى نظر البيوت السلطانية، وخلع عليه بغير طرحه، وكتب إلى الشام بطلب القاضى شمس الدين غبريال [3] ناظر الشام، فحضر على خيل البريد، وكان وصوله إلى قلعة الجبل فى يوم الخميس/ (68) الثانى والعشرين من الشهر فرتب ناظر النظار والصحبة، وخلع عليه.
ورتب كريم الدين عبد الكريم المعروف بالصغير فى نظر الشام عوضا عن شمس الدين غبريال [4] ، وخلع عليه فى يوم السبت الرابع والعشرين من شهر [5] رمضان، وتوجه من الشام على خيل البريد فى يوم السبت السادس [6] عشر من شوال، فوصل إلى دمشق فى يوم السبت الثالث والعشرين من الشهر، وخلع عليه بدمشق أيضا فى يوم الأحد، وباشر الوظيفة.
وكان قد رسم بطلب الأمير علم الدين سنجر الحمصى- شادّ الدواوين بحلب- ليرتب فى شد الدواوين بالأبواب العالية، فحضر، وخلع عليه، ورتب فى وظيفة الشد، وحضر مع الوزير فى المجلس وشاركه فى الكلمة والتنفيذ، فرسم له ألا يتعدى عادة المشدين فى الجلوس على باب دار الوزارة، فامتنع من ذلك، فلما وصل القاضى شمس الدين من الشام رتب علم الدين المذكور فى ولاية الجيزية، وأظهر له أن الوظيفتين معه ورسم له أن يتوجه إلى الجيزية، ويحضر إلى القلعة فى يومى الخميس والاثنين، ويعود فى بقية النهار إلى
[1]«ابن زنبور» فى الدرر (2/241) أن اسمه عبد الله بن تاج الدين أحمد بن إبراهيم علم الدين المعروف بابن زنبور، ويبدو أنه غير المذكور هنا فهذا لقبه شرف الدين. وانظر: المنهل الصافى (1/177 حاشية 1) .
[2]
فى «أ» و «ك» (الأقفاصى) وفى السلوك (2/256) شهاب الدين بن الأقفهسى، وفى مراصد الاطلاع:
أن أقفاص هو نطق العوام لأقفهس، وهى بلدة بصعيد مصر من كورة البهنسا، وأوردها ابن مماتى فى قوانين الدواوين (104 فى كورة البهنساوية، وضبطها أقفهس بكسر الهمزة.
[3]
عبد الله بن صنيعة القبطى أسلم سنة 701 هـ ومات فى شوال 734 هـ (الدرر 2/262) .
[4]
فى «أ» ص 68 «عوضا عن شمس الدين المذكور»
[5]
ما بين القوسين زيادة عن «أ» ص 68.
[6]
فى المقريزى (السلوك 2/256) أن توجهه على خيل البريد إلى الشام كان فى يوم الاثنين السابع والعشرين من شوال.
الجيزية، وندب معه شهاب الدين الناظر، ثم رسم بعد ذلك أن يتوجه الأمير علم الدين المذكور إلى طرابلس على وظيفة [1] الشد بها، فتوجه وباشر الوظيفة المذكورة مدة يسيرة ثم عزل عنها.
وأما ناظرا النظار المنفصلان فإن القاضى شرف الدين بن زنبور لما أفصل من النظر، رتب فى نظر خزائن السلاح، وخلع عليه، ونقل ناظر خزائن السلاح- وهو القاضى علاء الدين بن القاضى برهان الدين البرلسى [2]- إلى نظر بيت المال على عادته القديمة، وأعيد القاضى تاج الدين بن السكرى ناظر بيت المال إلى شهادة الخزانة/ (69) .
وفى ذو القعدة من السنة طولب الصاحب أمين الدين والقاضى موفق الدين ناظر النظار- كان- بتفاوت ثمن كتان كان الصاحب قد رسم بأخذه من بعض فلاحى الجيزية من جملة ما عليهم من البواقى بمبلغ مائة ألف درهم، ولم يحفظ القيمة وقرر على الصاحب أمين الدين خمسون ألف درهم، وعلى القاضى موفق الدين خمسة وعشرون ألف درهم [3] ، ورسم باستخراج جامكية شهرين من سائر مباشرى الدواوين السلطانية، فاستخرج ذلك منهم.
وفى هذه السنة سقط من منارة الإسكندرية أكثرها، وكان سقوط ذلك شيئا فشيئا، وفيها- فى ذى الحجة- وصل إلى الأبواب السلطانية رسل الملك أبى سعيد صاحب خراسان والعراقين وما مع [4] ذلك، ومثلوا بين يدى المقام الشريف السلطانى بقلعة الجبل المحروسة فى يوم الاثنين ثامن الشهر، وأحضروا صحبتهم من التقادم والهدايا ما لم تجر بمثله عادة لكثرته، وخلع السلطان عليهم، وشملهم بالإنعام الوافر، ورسم بعودهم فى يوم الخميس حادى عشر الشهر.
[1] فى المصدر السابق أنه حين عزل من شد الدواوين ولى الجيزة نحو شهرين ثم أخرج إلى طرابلس شادا للدواوين بها، وفى (الدرر 2/173) أن وفاته سنة 743 هـ.
[2]
فى المقريزى (السلوك 2/245) علاء الدين البرلسى، وفيه صفحة 1011 علاء الدين على بن البرهان إبراهيم بن ظافر البرلسى.
[3]
انظر فى هذا الخبر المصدر السابق ص 257.
[4]
فى «أ» ص 69 وتابع ذلك.