الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتوجه هو إلى دمشق على خيل البريد بعد صلاة الظهر من يوم السبت التاسع من ذى القعدة، ووصل إلى دمشق/ (250 فى بكرة نهار الاثنين الخامس والعشرين من الشهر، واجتمع بنائب السلطنة بدار السعادة، ولبس التشريف وتوجه إلى المدرسة العادليّة [1] ، وقرئ تقليده، وجلس للحكم، وسلك فى ولايته سبيل السلف الصالح، ولم يحتجب عن أحد من الناس، ثم فوض إليه مشيخة الشيوخ بدمشق عوضا عن قاضى القضاة شرف الدين المالكى، وذلك فى ذى الحجة من السنة، وجلس بالخانقاة السّميساطيّة [2] فى يوم الجمعة رابع المحرم سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
ذكر تفويض ما كان بيد الشيخ علاء الدين من الجهات لمن يذكر، وما وقع فى أمر الصوفية بالخانقاة الصلاحية
لما توجه شيخ الشيوخ إلى دمشق المحروسة فوض ما كان بيده من تدريس المدرسة الشريفية بالقاهرة لقاضى القضاة جلال الدين، وفوّضت مشيخة الشيوخ بالخانقاة الصلاحية للشيخ مجد الدين الأقصرائى شيخ الخانقاة الناصرية بسماسم، ورسم له أن يستنيب عنه بالخانقاة الصلاحية الشيخ جمال الدين الحويزائى [3] ، وتولى مشيخة الخانقاة الركنية الشيخ افتخار الدين الخوارزمى، ونقل شيخها الشيخ مجد الدين الزّنكلونى [4] إلى تدريس الحديث بالقبة الركنية [5] ، ورتب معه معيد وقارىء وطلبة بمقتضى شرط الواقف،/ (251) وهو أول من درّس بهذه القبة، وكانت قبل ذلك معطّلة منذ وقفت.
[1] المدرسة العادلية: سبقت الاشارة إليها فى هذا الجزء، ص (212) حاشية (2) .
[2]
منسوبة إلى سميساط، وهى- كما فى مراصد الاطلاع 1/471 (مدينة على شاطىء الفرات من الضفة الغربية فى طريق الروم.
[3]
ضبطها ياقوت: حويذان، وذكر أنها صقع يمان (بلدان 2/371) وفى مراصد الاطلاع 1/439 رسمت بذال مكان الزاى.
[4]
مجد الدين الزنكلونى: أبو بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز، ترجمته فى الدرر (1/441) ورسمه السنكلونى بسين مكان الزاى.
[5]
فى السلوك (2/287) ونقل الزنكلونى إلى مشيخة تدريس الحديث النبوى بالقبة البيبرسية.
ولما ولى الشيخ مجد الدين الخانقاة الصلاحية تحدث مع السلطان فى أمر الفقراء بالخانقاتين المذكورتين، فندب السلطان لذلك الأمير سيف الدين قجليس الناصرى أمير سلاح، وقاضى القضاة جلال الدين القزوينى، فحضرا إلى الخانقاة فى يوم الاثنين حادى عشر ذى القعدة، وعرض الفقراء بها وبالخانقاة الركنية، فأخبرنى الأمير سيف الدين قجليس المشار إليه أنه أنهى إلى السلطان أمر العرض، وأنه رسم أنه من حضر إلى الخانقاة فى وقت الوظيفة وأدّاها يستمر ولا يقطع، ومن كانت له وظيفة تعارضه فى الوقت يخيّر فى إحداهما [1] ، ثم حضر الشيخ مجد الدين واجتمع بالسلطان، وقرّر معه قطع جماعة العدول [2] الجالسين بسوق الورّاقين من الخانقاة، وأرباب الوظائف، فقطع من الخانقاة الصلاحية من له عدالة بارزة، وجلوس بسوق الوراقين، وقطع أيضا جماعة من أرباب الوظائف، فصارت العدالة البارزة وصمة عليهم، وسببا لحرمانهم، وقويت الشناعة فى ذلك، فأعيد بعض من قطع، وكره الناس من الشيخ مجد الدين هذه الواقعة، أشد الكراهة، وتكلموا عليه وعلى ابن أخيه أوحد الدين أحمد بهذا السبب، ثم انفصل الشيخ افتخار الدين من مشيخة الخانقاة الركنية، ولم يطل مقامه بها، ثم سكنت الأحوال فى ذلك/ (252) .
وفيها فى ليلة الجمعة ثالث عشر ذى الحجة بنى الأمير شهاب الدين أحمد [3] بن الأمير سيف الدين بكتمر الساقى الركنى الناصرى بابنة الأمير سيف الدين تنكز [4] نائب السلطنة بالشام، وكان قد تقدم عقد النكاح عليها عند حضور والدها فى هذه السنة إلى الأبواب السلطانية، ووصلت من دمشق فى ليلة الجمعة مستهل ذى القعدة، وحصل الاهتمام بأمر الفرح، ووصل بسببه الملك المؤيد عماد الدين صاحب حماة، وقدّم التّقادم الوافرة، وكان بسبب هذا المهمّ من الاحتفال والتقادم وحمل الشموع شىء كثير.
[1] عبارة أص 251 فى هذا الموضع: «ومن كانت له وظيفة معارضة يخير فى إحداهما» .
[2]
العدول يعنى الشهود، وهم قوم يتعرفون أحوال الناس ويشهدون فى القضايا، وقد نصبوا أنفسهم لذلك فصارت تلك حرفتهم، وكانت لهم حوانيت كالمكاتب اليوم لطائفة المحامين (معيد النعم ومبيد النقم ص 63 هامش 2) .
[3]
أحمد بن بكتمر الساقى: ترجمته فى الدرر (1/114) مولده سنة 713 ووفاته سنة 732 هـ ذكر ابن حجر أن السلطان كان يقربه جدا، ويحبه كثيرا، وأعطاه إمرة مائة وهو صغير، وزوجه بنت تنكز، وعمل له العرس بنفسه، قال: ولشدة تعلق السلطان به كان أكثر الناس يقول إنه ابن السلطان.
[4]
الضبط فى القلقشندى (صبح الأعشى 5/425) تنكز وفى النجوم: تنكز.