الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها فى يوم الاثنين ثانى عشر ذى الحجة توجه السلطان إلى الصيد بجهة سرياقوس، وتصيد بتلك الجهة، وعاد إلى قلعة الجبل عشية نهار الجمعة سادس عشر الشهر، فأقام بقلعة الجبل إلى آخر يوم الأربعاء الثامن والعشرين من الشهر، وتوجه فى بكرة نهار الخميس تاسع عشرين الشهر إلى الصيد بجهة سرياقوس.
وفيها فى آخر نهار/ الثلاثاء السابع والعشرين من ذى الحجة وصل إلى الأبواب السلطانية من الحجاز الشريف- ممن وقف بعرفة فى هذه السنة- سيف الدين ألناق السيفى أحد مماليك الأمير سيف الدين الحاج آل ملك الجوكندار ورفيقه أحد مماليك الأمير سيف الدين طقزدمر العمادى [1] ومثلا بين يدي السلطان فى بكرة نهار الأربعاء، وشملهما الإنعام والتشاريف على عادة أمثالهما، وأخبرنى سيف الدين ألناق المذكور أن الوقفة بعرفة كانت يوم الجمعة من غير شك فى ذلك، وأن الحاج فى خير ورخاء، وأن المياه كانت كثيرة متيسرة ولله الحمد على ذلك، وسألته عن يوم مفارقته الحاج، فذكر أنه ركب من مكة شرفها الله تعالى بعد المغرب من نهار الاثنين ثانى عشر الشهر، فمدة سفره خمسة عشر يوما وتسع ساعات، وقد ذكرنا فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وصول أوجى مملوك قجليس وطرنطاى الكريمى فى اثنى عشر يوما وتسع ساعات.
ذكر متجددات كانت بدمشق فى هذه السنة
من ذلك كانت عمارة الحائط القبلى بالجامع الأموى، وذلك أنه فى أول شهر ربيع الأول فكّ الرخام الذى بالجدار القبلى من الجهة الغربية ليصلح ويعاد، فظهر فى الحائط عند كشفه ميل ظاهر، فأخر إصلاحه إلى أن عاد نائب السلطنة من الديار المصرية، فطولع بذلك، فحضر فى يوم الجمعة سابع عشر ربيع الآخر إلى الجامع، وصحبته قاضى القضاة علاء الدين وغيره، وأحضر المهندسين، وعمل تقدير ما يحتاج إليه لنقضه وإعادته، فكان مائة ألف درهم، فطولع السلطان بذلك، فورد المثال السلطانى بهدمه وإعادته فى يوم الخميس رابع عشر جمادى الأولى، فهدم الحائط بعد صلاة الجمعة، فنقض منه ثمانية
[1] كذا فى ك، وفى السلوك (2/303) والدرر (2/255) طقزدمر الناصرى.
معازب وعشرة أوتار جسورة [1] ، وانتهوا إلى نقض الحجارة فى يوم الجمعة ثالث جمادى الآخرة، وحضر نائب السلطنة، وشاهدها قبل نقضها، فنقضت، وهى حجارة كبار تشبه عمارة [2] القلاع، وانتهوا إلى الأساس فى يوم الجمعة سابع عشر الشهر، وحصل الشروع فى البنيان فى يوم الأحد تاسع عشر الشهر، وانتهت عمارة الحائط فى خمسة وعشرين يوما.
وجدّد فى الحائط محراب يشبه المحراب المعروف بمحراب الصحابة الذى فى الجهة الشرقية بين باب الزيارة وباب الخطابة، واستقر أن يصلّى فيه أمام الحنفية، وكملت العمارة وإعادة السقف وغيره فى يوم الخميس الثانى والعشرين من شهر رجب، وخلع على ناظر الجامع والمشد والمغاربة فى هذا اليوم، وفرش الجامع على عادته فى يوم الجمعة ثالث عشرين شهر رجب، وصرف علي عمارته- فيما قيل- نحو خمسين ألف درهم، ووجد سلّم عظيم لصومعة مبنى بالحجارة المنحوتة، فنقض السلم، وحملت حجارته على العتّالين إلى هذا الحائط، فعمّر [2] به، وأعان ذلك إعانة كبيرة، ولولا ذلك لاحتاج إلى كلفة عظيمة، ورخّم الحائط، فكان الفراغ من ترخيمه فى يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة تسع وعشرين، وصلّى تحت الحائط بعد ترخيمه فى يوم الجمعة سابع عشرين الشهر، وفتح باب الزيارة- وكان قد أغلق بسبب العمارة- واستقر فى أمر الأئمة وترتيبهم فى الصلاة فى صلاة العصر من يوم الجمعة ثالث عشرين شهر رجب من هذه السنة ما نذكره، فصلى إمام الكلّاسة [3] أولا على عادته، وصلى بعده إمام مشهد على بن زين العابدين بن الحسين بن على رضى الله عنه، وصلى الخطيب بعدهما، وهو إمام الشافعية، وصلى بعده إمام الحنفية فى المحراب المستجد، ثم إمام المالكية نقل إلى محراب الصحابة، وبعده إمام الحنابلة صلى بالمحراب الذى كان المالكى يصلي فيه غربى الجامع بمقصورة الخطابة، ووسع المحراب المذكور، ورفع عنه العمارة، وصلى بعده إمام مشهد أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وبعده إمام
[1] كذا فى الأصل، ولم يتضح لنا مراده.
[2]
العمارة: البناء، ومراده ما تبنى به القلاع من حجارة كبار.
[3]
الكلاسة (انظر الحاشية رقم (1) ص 243 من هذا الجزء) .
مشهد ابن عروة، ونقل الإمام الذى كان يصلى بمحراب الصحابة إلى محراب الكلّاسة القديم بالمعلوم الذى كان له بمحراب الصحابة، واستقرت الحال على ذلك.
وفيها فى أول ليلة السبت خامس جمادى الأولى وقع حريق عظيم بسوق الفرّانين بدمشق، كان مبدأه من دكان قطّان فى طريق قيسارية الفرش، وامتد إلى سوق الفرّانين وإلى القيسارية المستجدة وقيسارية البيمارستان وبعض حوانيت سوق على، وعجز الناس عن طفيه، واستمرت النار إلى يوم الأحد، ثم طفى.
وفيها أمر نائب السلطنة بدمشق بعمارة المدارس بها، ومنع من التصرف فى شىء من ريع الأوقاف إلى أن تكمل عمارتها، ففعل ذلك، ورسم بتقرير مال يجبي لعمارة قنى بدمشق، فقرر لذلك نحو ثلاثمائة ألف درهم، وندب لعمارة القنى ناصر الدين النّجيبى، فعمر منها في هذه السنة إلى آخر سنة تسع وعشرين إحدى وعشرين قناة، وبقى نحو أربع قنى تعمر إن شاء الله فى سنة ثلاثين وسبعمائة.
/ وفيها فى يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة ورد مرسوم شريف سلطانى إلى دمشق بمنع الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية من الكتابة مطلقا فى التصنيف والفتيا، فأخذ ما عنده من الكتب والأوراق والدواة والأقلام وأودع ذلك عند متولى قلعة دمشق، فكان عنده إلى مستهل شهر رجب، ثم أرسل المتولى ذلك إلى قاضى القضاة علاء الدين، فجعل الكتب فى خزانة المدرسة العادلية، لأنها كانت عارية [1] ، وأما الأوراق التى كانت بخطه من تصانيفه فكانت نحو أربع عشرة ربطة، فنظر القضاة والفقهاء فيها، وفرّقت بينهم.
[1]- هذه إشارة واضحة إلى أن نظام إعارة الكتب كان معروفا لديهم فى هذا الوقت.