الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/
(214) ذكر خبر مولود ولد فى هذه السنة
أخبرنى ركن الدين عمر بن الشيخ الصالح ناصر الدين محمد بن الشيخ الصالح العارف إبراهيم بن معضاد بن شدّاد بن مالك بن ماجد القشيرى الجعبرى [1] نفع الله به وببركات أسلافه الصالحين أنه ولد له فى الساعة الرابعة من الليلة المسفرة عن رابع عشر ذى الحجة سنة ست وعشرين وسبعمائة ولد من موطوءته سماه موسى، وأنه أقام فى بطن أمه منذ حملت به سنتين وشهرين، وحين وضعته لم تر معه دما كثيرا ولا ماء، بل أرمت على [2] عادة الحوامل لتسعة أشهر وأنه وضع قوى اليافوخ غير ليّنه على هادة المولود حين يولد، قال: وطلعت أسنانه لشهرين وثلاثة أيام من مولده، وقال: ومشى فى غرّة الشهر الخامس من مولده، أنشأه الله تعالى نشأة صالحة.
ذكر خبر إجراء الماء إلى مكة شرفها الله تعالى
وفى هذه السنة أجريت عين إلى مكة شرفها الله تعالى، وكان وصول الماء إليها فى الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وعشرين وسبعمائة وذلك أن الأمير جوبان/ (215) نائب الملك أبى سعيد صاحب العراقين وخراسان اهتم بهذا الأمر اهتماما عظيما، وأرسل بعض التجار بجملة كثيرة من المال، يقال: إنه نحو ثلاثمائة ألف درهم، فبذلها فى إجراء الماء إلى مكة، ويسر الله تعالى ذلك له، وحصل الظفر بآثار العيون القديمة التى كانت أجريت فيما سلف من السنين، وقطع التراب الذى كان يمنع جريان الماء، ونظف فجرت العين بماء كثير.
وهذه العين قد كانت قديمة، وقد ذكر الشيخ أبو الوليد محمد بن [عبد الله [3]] الأزرقى فى (أخبار مكةما أجرى فى الحرم من العيون، فقال:
ما ملخصه [4]- وبعضه بمعناه-: أن رجلا من بنى سليم قال لعمر بن الخطاب
[1] وردت ترجمته فى ابن حجر (الدرر 3/297) وذكر أنه ولد بقلعة جعبر سنة 650 هـ، وأن وفاته فى المحرم سنة 734 هـ.
[2]
يقال: أرمى على كذا، أى زاد عليه.
[3]
الزيادة وردت فى اسمه كما جاء فى كتابه «أخبار مكة» برواية أبى محمد إسحاق بن أحمد بن إسحاق (ط. ليبزج 1858 م) ففى ص 3 «هو أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن الوليد بن الوليد بن عقبة الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبى شمر الغسانى الأزرق» .
[4]
راجع هذا الخبر فى كتاب: أخبار مكة من ص 442- 445.
رضى الله عنه بمكة: يا أمير المؤمنين، أقطعنى حيف الأرين [1] حتى أملأه عجوة، فقال له عمر: نعم، فبلغ ذلك أبا سفيان بن حرب، فقال: دعوه فليملأه ثم لينظر [أينا يأكل جناه][2] ، فبلغ ذلك السلمى فتركه، فكان أبو سفيان يدعيه، ثم كان معاوية هو الذى عمله وملأه عجوة، وذلك أنه أجرى فى الحرم عيونا عشرة [3] ، واتخذ لها أخيافا [4] ، فكانت حوائط [5] فيها النخل والزرع، ذكرها أبو الوليد فى كتابه، قال أبو الوليد: واتخذت بعد ذلك ببلدح عيون سواها، ومنها: عين سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ببلدح، وحائط سفيان، والخيف الذى أسفل منه.
قال ثم انقطعت عيون معاوية تلك وذهبت، فأمر أمير المؤمنين/ (216) هارون الرشيد بعيون منها فعملت وأحييت وصرفت فى عين واحدة يقال لها الرشاد؛ لتسكب فى المأجلين [6] اللّذين أحدثهما الرشيد بالمعلى [7] ، ثم تسكب فى البركة التى عند المسجد الحرام، ثم كان الناس بعد تقطع هذه العيون فى شدّة الماء، وكان أهل مكة والحاج يلقون من ذلك المشقة، حتى أن الرواية لتبلغ فى الموسم عشرة دراهم وأكثر وأقل.
فبلغ ذلك أم جعفر بنت أبى الفضل جعفر بن المنصور، فأمرت فى سنة أربع وتسعين ومائة بعمل بركتها التى بمكة، فأجرت لها عينا من الحرم، فجرت بماء قليل لم يكن فيه رى لأهل مكة، وغرمت فى ذلك غرما عظيما، فبلغها ذلك، فأمرت [جماعة من][8] المهندسين أن يجروا/ لها عيونا من الجبل، فأرسلت بأموال عظيمة، ثم أمرت من نزف [9] عينها الأولى، فوجدوا فيها فسادا، فأنشأت عينا أخرى إلى جنبها، وأبطلت تلك العين، وعملت هذه العين بأحسن ما يكون من العمل، حتى بلغت ثنية جبل، وإذا الماء لا يظهر فى
[1] الضبط من الأزرقى ص 442، وفى مراصد الاطلاع 1/64 خيف الأرين موضع ورد فى حديث أبى سفيان «.. أقطعنى خيف الأرين أملأه عجوة» .
[2]
لم يتضح في ك، وما أثبتناه عن أص 215، والأزرقى ص 442
[3]
عدّد الأزرقى هذه العيون العشر مفصلة (ص 442- 444) .
[4]
الأخياف: جمع خيف، وهو ما انحدر من غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء (المعجم الوسيط) .
[5]
الحوائط جمع حائط، ومعناه هنا البستان.
[6]
الواحد ماجل: مستنقع الماء، وأبو عبيد يهمزه فيقول مأجل والجمع مآجل (لسان العرب) .
[7]
فى الأزرقى 444 «فى المأجلين اللّذين أحدهما لأمير المؤمنين بالمعلاة» .
[8]
الزيادة من الأزرقى ص 444
[9]
فى «ك» «من يرف» والمثبت من «أ» ص 216، وفى الأزرقى «يزن» .
ذلك الجبل إلا بعمل شديد، وضرب فى الجبل، فأمرت بالجبل فضرب فيه، وأنفقت فى ذلك من الأموال ما لا يمكن أن تطيب به نفس كثير من الناس [1] حتى أجراها الله عز وجل لها، وأجرت فيها عيونا من الحلّ منها: عين من المشاش [2] واتخذت لها بركا تجتمع فيها السيول إذا جاءت، ثم أجرت لها عيونا من حنين، واشترت/ (217) حائط حنين، فصرفت عينه إلى البركة، وجعلت حائطه سدا يجتمع فيه السيل، فصارت لها مكرمة لم تكن لأحد قبلها.
قال: ثم إن أمير المؤمنين أمر صالح بن العباس فى سنة عشرين [3] ومائتين أن يتخذ لها بركا من السوق خمسا، لئلا يتعنّى [4] أهل أسفل مكة والثّنيّة وأجيادين [5] والوسط إلى بركة أم جعفر، فأجرى عينا من بركة البطحاء [6] عند شعب ابن يوسف من وجه دار ابن يوسف، ثم تمضى إلى بركة عند الصّفا، ثم تمضى إلى بركة عند الحنّاطين، ثم تمضى إلى بركة بفوّهة سكة الثنية دون دار أويس، ثم تمضى إلى بركة عند سوق الحطب بأسفل مكة، ثم تمضى فى سرب ذلك إلى مأجل أبى صلاية، ثم إلى المأجلين اللذين فى حائط ابن طارق بأسفل مكة [7] ، فهذه العين التى أجريت الآن إنما هى من ذلك الأصل القديم.
وكان السلطان الملك الناصر قد عزم على إجراء هذه العين، فصرفه بعض أرباب الأمر من أتباعه عنها، وقال:«إن هذا متعذر الإمكان» فلما أجريت الآن تألّم السلطان من كون هذه الحسنة العظيمة لم تجر على يديه.
[1] عبارة الأزرقى فى هذا الموضع «.. ما لم يكن تطيب به نفس كثير من الناس» .
[2]
الضبط من المراصد 3/1273 وفيه: «المشاش: قناة ماء بجبال الطائف يجرى بعرفات ويصل إلى مكة» .
[3]
هكذا فى أ، ك، وفى الأزرقى ص 445 «فى سنة عشر ومائتين» .
[4]
لم يتضح فى أ، ك، وما أثبتناه من الأزرقى.
[5]
أجيادان: محلتان بمكة (المراصد 1/33) .
[6]
عبارة الأزرقى 445 «فأجرى عينا من بركة أم جعفر من فضل مائها فى عين تسكب فى بركة البطحاء عند شعب ابن يوسف» .
[7]
أورد الأزرقى (445) تتمة لهذا الخبر فقال: «ولما فرغ صالح بن العباس منها ركب بوجوه الناس إليها، فوقف عليها حين جرى فيها الماء، ونحر عند كل بركة جزورا، وقسم لحمها على الناس» .