الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فدفن قريبا من وقت العصر لازدحام الناس عليه، ومولده بحرّان فى يوم الاثنين عاشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، وقدم مع والده فى حال صغره، واشتغل عليه وسمع من جماعة من المشايخ، وكان شيخا حافظا مفرط الذكاء، حسن البديهة، وله تصانيف كثيرة منها ما ظهر، ومنها ما لم يظهر، وشهرته بالعلم تغني عن بسط القلم فيه، وكان علمه أرجح من عقله، وقد قدمنا من أخباره ووقائعه ما يغنى عن إعادته، وكانت مدة اعتقاله من يوم الاثنين سادس شعبان سنة ست وعشرين وسبعمائة إلى حين وفاته سنتين وثلاثة أشهر وأربعة عشر يوما، رحمه الله تعالى، ولما مات أفرج عن أخيه الشيخ زين الدين عبد الرحمن فى يوم الأحد سادس عشرين ذي القعدة، وكان قد اعتقل معه، فلما مات كان يخرج فى كل يوم إلى تربة أخيه، ويعود عشية النهار يبيت بقلعة دمشق، إلى أن حضر نائب السلطنة من الصيد، فأفرج عنه.
واستهلت سنة تسع وعشرين وسبعمائة بيوم الجمعة الموافق لثامن هاتور من شهور القبط
، والسلطان الملك الناصر يتصيد بجهة سرياقوس، فأقام بتلك الجهة إلى يوم الاثنين، وعاد إلى قلعة الجبل المحروسة فى بكرة نهار الاثنين رابع المحرم، وفى يوم السبت ثانى المحرم وصل القاضى فخر الدين محمد ناظر الجيوش المنصورة من الحجاز الشريف إلي خدمة السلطان بالقصر بسماسم، وخلع عليه ووصل إلى داره بمصر فى يوم الأحد ثالث الشهر.
وفيها فى يوم الأحد سابع عشر المحرم فوّض السلطان صحابة ديوان الإنشاء السعيد بالأبواب العالية للقاضى محيى الدين [يحيى] بن جمال الدين فضل الله [بن] المجلّى القرشى العدوى [1] وسبب ذلك أن القاضى علاء الدين على بن الأثير [2] كان قد حصل له مرض فالج فى شهور سنة ثمان وعشرين
[1] وردت ترجمته فى الدرر (4/424) وذكر اسمه: يحيى بن فضل الله بن مجلى بن دعجان بن خلف بن نصر بن منصور بن عبيد الله بن على بن محمد بن أبى بكر بن عبد الله بن عمر العدوى، محيى الدين أبو المعالى ولد بالكرك سنة 645 وتوفى بمصر سنة 738 ودفن بالقرافة ثم نقل تابوته إلى دمشق بعد دفنه بأشهر، وما بين الحاصرتين زيادة من الدرر، والسلوك 2/309 والنجوم 9/316.
[2]
على بن أحمد بن سعيد بن محمد بن سعيد بن الأثير الحلبى الأصل، ترجمته فى: الدرر 3/14 ومولده فى حدود سنة 680 ووفاته فى المحرم سنة 730 هـ.
وسبعمائة، واستمر مدة شهور، وهو يتكلف الدخول مع البريد وحضور دار العدل بين يدى السلطان، فلما دخل فصل الخريف اشتد به المرض، وتمكن من جسده، وتزايد الحال به، فعجز عن المشى، واعتقل لسانه، وبطلت يده، فرسم بعد ذلك بتوفيره، ونزل من القلعة فى يوم الخميس رابع عشر الشهر، واستقر بداره، وكان ولده فى الحجاز الشريف، فوصل فى يوم السبت الثانى من المحرم وخلع عليه، وجلس فى مرتبة أبيه، وظن الناس أنه يستقر فى الوظيفة، وكان السلطان قبل ذلك قد رسم بطلب القاضى محيى الدين المشار إليه من دمشق فطلب، وكان رأس كتاب الدّرج بها، فتوجه منها فى يوم الجمعة ثامن الشهر، ووصل إلي الأبواب السلطانية في هذا اليوم/ هو وولده القاضي شهاب الدين [1] أحمد، وشرف الدين بن شمس الدين بن شهاب الدين محمود، ومثلوا بين يدى السلطان وهو بالإسطبل، وخلع عليهم، واستقر القاضى محيى الدين صاحب ديوان الإنشاء وولده شهاب الدين أحمد كاتب السر [2] الشريف، وشمس الدين بن شرف الدين رأس كتّاب الدرج بدمشق فى وظيفة القاضى محيى الدين، وتوجه إلى دمشق المحروسة.
وفى هذه السنة فى يوم الأحد رابع عشرين المحرم أنعم السلطان علي الأمير علم الدين سنجر الجاولى بإمرة طبلخاناة، وأقطعه إقطاع الأمير علاء الدين على بن الأمير شمس الدين قراسنقر، ونقل علاء الدين إلى دمشق كما تقدم، وأنعم على الأمير حسام الدين لاجين الجاشنكير المعروف بزيرباج [3] بإمرة طبلخاناة بالديار المصرية، وأقطع إقطاع الأمير ناصر الدين محمد بن جمق الذى كان قد وصل من بلاد التتار، وذكر أنه من أقرباء السلطان، فعاد الآن إلى بلاد التتار بطلب من الملك أبى سعيد، فرسم بعوده.
وفيها فى يوم الأحد الرابع والعشرين من الشهر وصل إلي الأبواب السلطانية الأمير سيف الدين أيتمش المحمدى، عاد من جهة الملك أبى سعيد ابن خربندا على خيل البريد، ووصل الرسل بعده، وفيها فى بكرة نهار الثلاثاء ثالث صفر استقل ركاب السلطان من قلعة الجبل لقصد الصيد، فتوجه إلى
[1] ترجمته فى ابن حجر (الدرر 1/331) ومولده سنة 700 هـ ووفاته فى يوم عرفة سنة 749 هـ.
[2]
كاتب السر: هو صاحب ديوان الإنشاء وانظر: صبح الأعشى 5/464.
[3]
فى الأصل (البراج) وما أثبتناه من السلوك (2/298) ففيه حسام الدين لاجين العمرى المعروف بزيرباج الجاشنكير، وفى: السلوك أيضا ص 309 وفيه- يعنى المحرم سنة 729 هـ- أنعم على لاجين الخاصكى بإمرة طبلخانة عوضا عن محمد بيه بن جمق.
الجيزية، وعدى من ساحل بولاق، وأقام إلى يوم الخميس، وتوجه فى بكرة نهار الجمعة إلى جهة المنوفية، وفرّق الأمراء مماليكه بالجهات ولم يستصحب من مماليكه إلا أرباب الوظائف.
وفى يوم السبت سابع صفر وصل إلى الأبواب السلطانية رسل الملك أبى سعيد، وجهّزوا إلى السلطان إلى جهة المنوفية، فمثلوا بين يديه، وأدوا رسالتهم وأمر أن يتوجهوا إلى قلعة الجبل، وأقاموا بها إلى حين عود السلطان، وكان عوده من الصيد المبارك فى الساعة الثانية من يوم الخميس [1] تاسع عشر صفر.
وفيها فى يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الأول أعيد القاضي شمس الدين ابن قروينة إلى نظر الدواوين على ما كان عليه، نقل إلى هذه الوظيفة من نظر البيوت السلطانية، وأضيف نظر البيوت إلى القاضى مجد الدين [إبراهيم][2] ابن لفيتة ناظر النظار والصحبة، وخلع عليهما.
وفيها فى يوم الأحد سادس شهر ربيع الأول توجه السلطان إلى الصيد بجهة سرياقوس، ثم توجه منها إلى الجيزية، وأقام بها إلى بكرة نهار الاثنين الحادى والعشرين من الشهر، وعاد إلى قلعة الجبل، وكان صعوده إليها فى الساعة الأولى من النهار المذكور، واستقر بها بكرة نهار الاثنين ثانى عشر شهر ربيع الآخر، وتوجه إلى جهة القليوبية، وعاد ظهر يوم الأربعاء رابع عشر الشهر، وأقام بقلعة الجبل إلى يوم الاثنين ثالث جمادى الأولى، فتوجه فى الأول من النهار وعدّى من جهة بولاق لقصد الصيد بجهة البحيرة، وعاد إلى قلعة الجبل فى الساعة الثالثة من يوم الأحد سادس عشر جمادى الأولى.
وفيها فى يوم الاثنين سابع عشر جمادى الأولى رسم السلطان بهدم الجبّ الذى يعتقل به الأمراء بقلعة الجبل وردمه، وألا يعتقل به أحد من الناس فهدم وردم بما نقض من الإيوان الكبير الذي بالرحبة عند جامع القلعة [3] ، وكان قد رسم بهدمه وإنشاء غيره أصغر منه، ففعل ذلك.
[1] فى المقريزى (السلوك 2/310) أن عود السلطان من الصيد كان يوم الأربعاء تاسع عشر شهر صفر وقد تقدم هنا أن يوم السبت كان يوافق سابع الشهر.
[2]
الزيادة من: النجوم (9/292) والدرر (1/53) والسلوك (2/310) .
[3]
فى السلوك (2/310) والنجوم (9/92) أن سبب هدمه وردمه ما بلغ السلطان من أنه شنيع المنظر شديد الظلمة، كريه الرائحة، كثير الوطاويط، وأنه يمر بالمحابيس فيه شدايد عظيمة، فردم، وعمر فوقه طباق للمماليك السلطانية، وكان هذا الجب قد عمل فى سنة إحدى وثمانين وستمائة فى أيام الملك المنصور قلاوون.