الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة سبع وعشرين وسبعمائة بيوم الخميس الموافق لأول كيهك من شهور القبط.
ذكر عزل الأمير سيف الدين أرغون الناصرى نائب السلطنة الشريفة، وانتقاله إلى نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية
قد ذكرنا فى سنة ست وعشرين وسبعمائة أن الأمير سيف الدين أرغون الناصرى نائب السلطنة الشريفة توجه إلى الحجاز الشريف فى يوم الخميس خامس شوال، وصحبته ابنة السلطان زوجه ولده الأمير سيف الدين أبى بكر، وزوجة السلطان دلنبيه [1] وهى التى وصلت من جهة الملك ازبك.
فلما كان فى هذه السنة عاد بهم من الحجاز الشريف بعد قضاء الحج والمناسك والزيارة، فكان وصوله إلى قلعة الجبل فى الساعة الأولى من نهار الأحد حادى عشر المحرم من هذه السنة، وحال وصوله رسم السلطان للأمير سيف الدين قجليس الناصرى أمير سلاح بالقبض عليه وعلى ولده الأمير ناصر الدين محمد [2] ، فلما عبر إلى الخدمة السلطانية، وسار فى الدّهليز، قبض عليه الأمير سيف الدين المشار إليه وعلى ولده، وأخذ سيفيهما، وعدل بهما إلى قاعة رسم أن يكونا بها، وأعلم السلطان بذلك، فأرسل السلطان إليه الأمير سيف الدين بكتمر الساقى/ (226) وأرسل له مأكولا، ولم يضيق عليه. وبات تلك الليلة بالقاعة، فلما كان فى يوم الاثنين أحضره السلطان بين يديه، وخلا به، وحدّثه طويلا، وبكيا، وأفرج عنه وعن ولده، وخلع على الأمير سيف الدين تشريفا على عادته، ورسم له أن يتوجه إلى نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الحلبية عوضا عن الأمير علاء الدين الطّنبغا، فخرج من بين يدى السلطان من ساعته، فى عشية نهار الاثنين، وصحبته الأمير سيف الدين أيتمش المحمدى أحد الأمراء مقدمى الألوف، وتوجها/ إلى دمشق [فوصلاها فى][3] يوم الجمعة الثالث والعشرين من المحرم.
[1] فى «أ» ص 225 غير منقوط، وفى «ك» (دلبيه) وما أثبتناه- وكذلك الضبط- عن: السلوك (2/203 و 204 و 338) وفيه أنه يقال لها أيضا «طلنباى وطولونية، وهى بنت طغاى بن هندو بن باطو بن دوشى خان بن جنكزخان» . وانظر فى خبر زواج الناصر قلاوون بها السلوك (2/203 و 204) .
[2]
فى ابن حجر (الدرر 3/379) محمد بن أرغون: ناصر الدين بن النائب مات فى حلب فى شعبان سنة 727 هـ.
[3]
الزيادة من أ، ص 226 وهو يوافق ما ورد فى النجوم فى هذا الموضع (9/88) .
وكان السلطان- حال القبض على الأمير سيف الدين أرغون- أرسل الأمير سيف الدين ألجاى الدوادار على خيل البريد إلى حلب، لإخراج الأمير علاء الدين الطّنبغا نائب السلطنة الشريفة منها، وإحضاره إلى الأبواب السلطانية، وإخلاء مساكن النيابة للأمير سيف الدين أرغون، فتوجه ووصل إلى دمشق فى يوم الثلاثاء ثالث عشر المحرم، وتوجه منها إلى حلب، وعاد هو والأمير علاء الدين الطّنبغا فوصلا إلى دمشق على خيل البريد فى عشية نهار الخميس ثانى عشرين الشهر، فوصلوا كلهم الجمعة، بدمشق [1] ، وتوجه الأمير سيف الدين أرغون إلى حلب، فوصل إليها فى يوم الجمعة سلخ المحرم.
وتوجه الأمير علاء الدين الطّنبغا إلى/ (227) الأبواب السلطانية فكان وصوله فى يوم السبت مستهل صفر، وخلع عليه السلطان على عادته تشريفا وحياصة، وأنعم عليه بخيل، وأسكنه بقلعة الجبل، وأنعم عليه بإمرة مائة فارس من جملة الإقطاع المحلول عن الأمير سيف الدين أرغون، وقدمه على ألف [2] ، وفرق السلطان إقطاع النيابة، فأعطى الأمير سيف الدين بكتمر الساقى منه «منية بنى خصيب» وكمل الأمير سيف الدين طايربغا مائة فارس، وتقدمه ألف من جملة تقدمه نائب السلطنة، فزادت التقادم تقدمة، فكملت بهذه التقدمة خمسة وعشرين تقدمة [3] ، وأعطى السلطان بقية إقطاع النيابة زيادة على إقطاعات الأمراء مماليكه، وقطع أخباز جماعة من مماليك الأمير سيف الدين أرغون وألزامه.
ثم توجه طلب الأمير سيف الدين أرغون وصحبته ولده الأمير ناصر الدين محمد فى يوم الأربعاء خامس صفر، وتوجه معهم الأمير سيف الدين بلك [4] الجمدار، ورسم ألا ينشر علما، ولا يحرك طبلخاناه، ولا يشدّ من معه دركاشا إلى حين وصولهم إلى حلب، فأوصلهم الأمير سيف الدين بلك، وعاد إلى الأبواب السلطانية فى يوم الخميس ثامن عشر [5] شهر ربيع الأول، وتأخر
[1] عبارة النجوم الزاهرة (9/88) هنا هى: «وقرر السلطان مع كل من أيتمش والجاى أن يكونا بمن معهما فى دمشق يوم الجمعة ثالث عشرينه، ولم يعلم فيه الآخر حتى توافيا بدمشق فى يوم الجمعة المذكور «وهى عبارة المقريزى أيضا فى السلوك (2/279) » .
[2]
فى «أ» ص 227 (وتقدمة ألف) وهى أشبه بلغة المؤلف.
[3]
أورد ابن تغرى بردى هذا الخبر بعبارة مماثلة فى النجوم (9/88) ونصه: «فصار أمراء الألوف خمسة وعشرين مقدم ألف بالديار المصرية» .
[4]
الضبط من ابن حجر (الدرر 1/495) وعبارته: بلك الجمدار الناصرى، ولى نيابة صفد أيام الصالح إسماعيل، ثم عاد إلى مصر فى سنة 746 هـ فولى إمرة مائة ومات في سنة 749 هـ.
[5]
فى «أ» ص 227 ثامن عشر شهر ربيع الأول.
بالأبواب السلطانية من أولاد الأمير سيف الدين أرغون الأمير سيف الدين أبو بكر، والأمير ركن الدين عمرو، والأمير شهاب الدين أحمد إلى/ (228) أثناء جمادى الأولى، ثم رسم أن يتوجّهوا إلى حلب، فتوجهوا هم وعائلة الأمير سيف الدين أرغون، وابنة السلطان زوجة الأمير سيف الدين أبى بكر فى يوم الاثنين خامس جمادى الأولى، وصحبتهم الأمير سيف الدين آقبغا [بن][1] عبد الواحد رأس نوبة الجمدارية، ليوصلهم ويعود، فوصلوا إلى دمشق فى ليلة السبت رابع عشرين الشهر، فنزلوا بالقصر الأبلق، وتوجهوا إلى حلب فى ليلة الأحد، واستقر أولاد الأمير سيف الدين أرغون الثلاثة فى جملة الأمراء بحلب المحروسة، وخرجت إقطاعاتهم التى بالديار المصرية لغيرهم من الأمراء.
ثم رسم السلطان ببيع ما نقل من جهاز ابنته زوجة الأمير سيف الدين أبى بكر، فأبيع بالمدرسة الناصرية بالقاهرة، وكان فى جملة ما أبيع قصر فضة، وتخت، ودكّة فضة، الجميع ملبّس على خشب، وأبيع غير ذلك [2] .
وفى هذه السنة فى يوم الثلاثاء ثالث عشر من المحرم فوض السلطان نظر النّظّار والصحبة إلى القاضى مجد الدين إبراهيم بن القاضى المرحوم مكين الدين عبد الله بن لفيتة [3] وخلع عليه.
وأفصل القاضى شرف الدين عبد الرحمن الخطيرى من الوظيفة المذكورة، وفوّض إليه نظر البيوت السلطانية عوضا عن القاضى مجد الدين المذكور، واستقر أيضا فى أشغال الأمير سيف الدين أرغون فى غيبته على عادته قبل مباشرة نظر النظّار/ (229) .
[1] الزيادة من ابن حجر (الدرر 1/391) وعبارته: آقبغا بن عبد الواحد الناصرى، تنقل فى الخدمة عند الناصر، وتقدم إلى الاستدارية وشد العمائر ومقدم المماليك، وكان سبب تقدمه عنده أن الناصر كان قد تزوج أخته طغاى، ومات فى سنة 744.
[2]
فى السلوك (2/280) أن الفخر- ناظر الجيوش- كان سبب تغير السلطان على الأمير أرغون، وأنه هو الذى أغراه به، وقد أورد هذا الخبر بتفصيل أكثر مما ذكره النويرى هنا.
[3]
الضبط من النجوم (9/292) عن الدرر (1/53) وفى هذا الأخير: إبراهيم بن لفيته مجد الدين ناظر الدولة كان نصرانيا فأسلم، وتنقل فى الخدمة الديوانية ومات سنة 731 هـ. ومثله فى السلوك (2/280) وقد انفرد النويرى بتسمية أبيه عبد الله بن لفيته.
وفيها فى يوم الأحد الثامن عشر من المحرم ولد للسلطان الملك الناصر ولد ذكر من زوجته عتيقته طغاى [1] ، وكان السلطان قد توجه فى هذا اليوم إلى الصيد بجهة القصور بناحية سرياقوس، فطولع فى ذلك، فعاد فى يوم الخميس الثانى والعشرين من الشهر [وعمل مهمّ [2] فى يوم السبت الرابع والعشرين من الشهر] [3] وأقام السلطان بقلعة الجبل إلى آخر يوم السبت مستهل صفر.
وتوجه فى يوم الأحد ثانى الشهر إلى جهة القصور بسرياقوس، ثم توجه من هناك، وعدّى إلى جهة المنوفية، فتصيد هناك، وعاد إلى الجيزية، فأقام بها أياما، وحضر الرسل الذين وصلوا من جهة الأمير جوبان نائب الملك أبى سعيد بين يدى السلطان، فسمع كلامهم، وخلع عليهم، وأعادهم، وعاد السلطان إلى قلعة الجبل فى يوم الخميس العشرين من صفر.
وفى يوم الخميس الرابع من شهر ربيع الأول من السنة انتقل [4] ركاب السلطان من قلعة الجبل المحروسة إلى جهة القصور بسرياقوس، فأقام إلى يوم السبت، وتوجه إلى جهة الأهرام، واستقر بتلك المنزلة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من الشهر، ثم توجه إلى جهة البحيرة للصيد المبارك، وناب عنه فى الغيبة الأمير سيف الدين قجليس أمير سلاح، وأمر أن يركب فى مماليكه الخاصة، وأن جميع من تأخر من الأمراء وأمراء العشرات، ومقدمى الحلقة،/ (230) بالقاهرة وبقلعة الجبل لا يركبون فى مدة غيبة السلطان لموكب ولا لغيره، وأن يلزم كل منهم بيته إلى حين عودة ركاب السلطان [فلم يزل الأمراء على ذلك إلى أن عاد السلطان][5] وكان عوده ووصوله إلى قلعة الجبل المحروسة فى يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول.
[1] هى أخت آقبغا بن عبد الواحد الذى سبقت الإشارة إليه آنفا.
[2]
المهم فى لغة مؤرخى هذه الفترة كان يطلق على الوليمة والسماط العام فى أمثال هذه المناسبات.
[3]
ما بين الحاصرتين زيادة من «أ» ص 229.
[4]
فى «أ» ص 229 «استقل» .
[5]
ما بين الحاصرتين زيادة من «أ» ص 230.