الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى السنة المذكورة أمر الملك المؤيد بإنشاء قصر ظاهر/ (172) الشّبارق بزبيد فى البستان الذى أمر بإنشائه هنالك.
قال: وصورة بنائه أن وضع به أيوان طوله خمسة وأربعون ذراعا، وفي صدره مقعد عرضه ستة أذرع، وله دهليز متسع، وفوق الدهليز قصر بأربعة [1] أواوين، والجميع [2] جملون، وفيه المبانى الغريبة المشرفة على البستان المذكور من جميع نواحيه.
وفى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة توجه الملك المؤيد من تعز إلى الجند، وكان قد رسم للأمير أسد الدين محمد بن نور أن يخرج من ذمار، وينازل حصن هرّان الذى هو بيد الأكراد، وينصب عليه المنجنيق، ففعل ذلك، وقتل الأكراد بعض المماليك وجماعة، فأردفه الملك المؤيد بالأمير شمس الدين عباس فى خمسين فارسا غير عسكره الذين معه، فراسل الأكراد السلطان المذكور، ما سبق لهم من الذمة، فأبقى عليهم لشهامتهم، وأمر بحضور أعيانهم، فحضر الأميران إبراهيم بن شكر، والجلال بن أسد إلى السلطان بالجند، فاستقرت الحال بينهم على أن يسلموا هرّان، وعادوا إلى ذمار على عادتهم، وذلك فى مستهل شهر رجب من السنة، وتوجه الملك المؤيد إلى زبيد، فدخلها فى ثانى عشر شهر رجب.
وفى سنة أربع عشرة توفى الأمير عماد الدين إدريس المقدّم ذكره.
ذكر وصول الأمير علاء الدين كشتغدى [3] إلى خدمة السلطان الملك المؤيد
/ (173) وفى سنة خمس عشر وسبعمائة وصل الأمير علاء الدين كشتغدى من الشام إلى خدمة الملك المؤيد باستدعاء من المؤيد، وكان قبل ذلك أستاذ دار الملك المظفّر صاحب حماه، وكان خبيرا باللعب بالجوارح،
[1] الأواوين: جمع إيوان، وهو مجلس كبير على هيئة صفة لها سقف محمول من الأمام على عقد، يجلس فيها كبار القوم (المعجم الوسيط 1/31) .
[2]
الجملون: سقف محدب على هيئة سنام الجمل (المعجم الوسيط 1/137) .
[3]
فى الخزرجى (1/415) ذكر اسمه بدال مكان التاء هكذا «كشدغدى» وفى النجوم 9/25 رسمه بدال مكان التاء وضبطه بضم أوله وثالثه وسكون ثانيه وكسر رابعه.
فتقدم عند الملك المؤيد تقدما عظيما، ونادمه فى خلواته، ثم استنابه بعد ذلك، ورد إليه أمور دولته على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وفيها ولى القاضى جمال الدين محمد بن الفقيه رضى الدين أبى بكر- الذى تقدم ذكر والده وعمه- قضاء الأقضية وعمره عشرون سنة، وكان الملك المؤيد يكرمه ويعظمه لحقوق أبيه السالفة، فلما كان فى سنة ست عشرة مرض الملك المؤيد مرضا خيف عليه فيه التلف، وأرجف الناس بموته، فراسل القاضى المذكور الملك الناصر جلال الدين بن الملك الأشرف بالأمور الباطنة، وأشار عليه بنشر الدعوة، وآيسه من عمه، فلما اتصل بذلك المؤيد خرج من تعز إلى الجند، وبه بقية التوعك، فخاف ابن أخيه الناصر من ذلك، ولجأ إلى جبل يقال له السّورق [1] ، وهو جبل حصين، وحوله أناس من العربان، وهو مطل على مدينة الجند، فجهز له المؤيد العساكر، ومقدمها الأمير جمال الدين بن نور، فنزل الناصر بذمّة، وحضر إلى خدمة عمه الملك المؤيد، ووقع الصلح بينهم والاتفاق، ويقال: إنه عرفه ما وصل إليه من كتب القاضى، فعزله عن القضاء، واعتقله بحصن تعز، وفوض القضاء إلى القاضى رضى الدين أبى بكر بن أحمد الأديب الشافعى/ (174) .
وفى سنة سبع عشرة وسبعمائة، وصل القاضى الفاضل تاج الدين عبد الباقى بن عبد المجيد من دمشق إلى اليمن إلى خدمة الملك المؤيد باستدعاء منه له، وولاه كتابة إنشائه، وأكرمه وقربه.
وفيها دخل عسكر المؤيد فللة [2] وملكوها، وضربت البشائر فى سائر البلاد.
وفى سنة ثمان عشرة وسبعمائة وصل صفى الدين عبد الله بن عبد الرازق الواسطى، وهو من جملة الكتاب ببلد حماة، وباشر كتابة بيت المال بطرابلس
[1] كذا فى ك، ومثله فى الخزرجى (1/418) وفى «أ» ص 173 «الشورق» بالشين.
[2]
هكذا فى أ، ك، ولم أجده فى كتب البلدان، وفى معجم البلدان والقبائل اليمنية ص 497 «أنها بصعدة بالقرب من هجرة قطابر» .
الشام، فلما استقر علاء الدين كشتغدى فى الخدمة المؤيدية نوه بذكره وشكره، وأثنى عليه، وذكر معرفته ونهضته، فاقتضى ذلك طلبه، فطلب طلبا حثيثا وأنفق عليه إلى حين وصوله من الذهب العين ألفى مثقال، ولما وصل فوّض إليه شادّ الاستيفاء، وحظى عند المؤيد وانبسطت يده فى الدواوين، والمذكور زوج ابنة الأمير علاء الدين كشتغدى، وتوجه المذكور فى السنة المذكورة إلى عدن وحمل منها ثلاثمائة ألف دينار، وعاد بها والمؤيد بالجند فأكرمه وعظمه.
وفى السنة المذكورة رتب الأمير علاء الدين كشتغدى الجيش اليمنى على قاعدة الجيوش المصرية، وجعل له حاجبا للميمنة، وحاجبا للميسرة، ورتّب خلف السلطان إذا ركب العصايب والجمدارية والطّبرداريّة [1] ، فركب المؤيد بهذا الزى/ (175) .
وفى سنة تسع عشر وسبعمائة فوض الملك المؤيد للأمير علاء/ الدين كشتغدى نيابة السلطنة وأتابكية العسكر، وتقدم عنده تقدما لم يسمع بمثله، وقرىء منشوره بأيوان الراحة، وكان يوما مشهودا، ووقع بينه وبين صهره صفى الدين منافسة ظاهرا، وباطنا، ثم كانت وفاة كشتغدى فى سنة عشرين وسبعمائة.
وفى سنة عشرين وسبعمائة حصلت مرافعات [2] من الكتاب على صفى الدين، وحاققه الكتّاب بمجلس الملك المؤيد، ونسبوا إليه أنه أخذ جملة من المال، ولم يظهر عليه أثر ذلك، فعزله المؤيد عن شد الاستيفاء، وفوض ذلك إلى الأمير جمال الدين يوسف بن يعقوب بن الجواد.
وفيها وصل القاضى محيى الدين يحيى بن القاضى سراج الدين عبد اللطيف التكريتى الكارمى من الديار المصرية على طريق مكة، واجتمع بالملك المؤيد، وقدم له جملة من الزّمرّد واللآلىء، وتقدم عنده تقدما كثيرا، وأحله محل
[1] الطبردارية: اسم الواحد منهم طبردار، مركب من لفظين فارسيين هما: طبر- فأس- دار- ممسك. أى حملة الفأس حول السلطان حين ركوبه (صبح الأعشى 5/458) والمراد بالفأس هنا البلطة.
[2]
مرافعات: شكاوى واتهامات. وفى مفاتيح العلوم ص 62 المرافعة، والمصادرة والمفارقة والمصالحة كلها متقاربة المعانى، وفى اللسان: فارقت فلانا من حسابى على كذا وكذا: إذا قطعت الأمر بينك وبينه على أمر وقع اتفاقكما عليه، وكذلك صادرته.