الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وملك سيف الإسلام اليمن كله وعره وسهله، ودخل أماكن ما دخلها أحد قبله بالسيف، وجرت بينه وبين الإمام عبد الله بن حمزة عدة وقائع على صنعاء، وأقام خمس سنين وصنعاء ليست فى ملكه.
وفى سنة خمس وثمانين استولى على حصن كوكبان/ (130) ودان له ملك اليمن بكماله، وأزال ملك بنى حاتم من صنعاء، وسوّر زبيد سورا جديدا، وسوّر [1] صنعاء بعد أن أخرب سورها، ورمى النفط فى دورها، واستمر فى الملك إلى أن مات بالمنصورة بين الجند وجبلة فى شوال سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وكان حسن السيرة، إذا تعرض له أحد وهو فى موكبه وقف له، ولا ينصرف من مكانه حتى يكشف ظلامته، وكانت مدة ملكه أربع عشرة سنة، وكان قبل وفاته قد سلطن مملوكه «همام الدين أبو زبا» وأرسله إلى البلاد العليا، ولما مات ملك بعده ولده.
الملك المعزّ [2] فتح الدين أبو الفدا إسماعيل
وكان الملك المعزّ هذا قبل وفاة والده قد غضب على أبيه وفارقه، وأراد اللحاق بأعمامه بالديار المصرية، فأدركته الرجال على النّجب بوفاة والده، وهو على ساعد حرض [3] فجزّ شعره، ولبس السواد حزنا على أبيه، وعاد، وملك البلاد وقتل جماعة كثيرة من غلمان أبيه، ثم صعد إلى صنعاء فقبض على «همام الدين أبو زبا» ، وقتله، وذلك فى المحرم سنة أربع وتسعين، وعاد إلى اليمن.
ثم أقام الإمام المنصور الدعوة فى سنة أربع وتسعين، وانضم إليه جماعة من عسكر سيف الاسلام، فبلغ ذلك المعزّ، فرجع من فوره إلى صنعاء، فوجد الإمام على الحقل [4] ومعه الأمير جكوا [5] فى مائتى فارس، فلما تراءى
[1] فى الجرافى (المقتطف ص 75) أنه حين سور صنعاء أدخل فيها الجهة الغربية من السائلة إلى السّبحه، وبنى دارا فى البستان المعروف الآن ببستان السلطان.
[2]
فى المقتطف ص 76: العزيز وفى الخزرجى (العقود اللؤلؤية 1/29) المعز.
[3]
حرض بفتحتين: بلد فى أول اليمن من جهة مكة (مراصد الاطلاع 1/392) وانظر بلوغ المرام ص 41.
[4]
الحقل، ويقال له حقل جهران: مخلاف باليمن، وقيل الحقل من بلاد خولان من نواحى صعدة (مراصد الاطلاع 1/415) .
[5]
الضبط من: المقتطف ص 117.
الجمعان انحاز أصحاب جكوا إلى المعز، وثبت جكوا، وقاتل إلى أن قتل وانهزم/ (131) الإمام، ودخل المعز صنعاء، وعاد منها إلى زبيد، وبنى المدرسة المعروفة بالميلين، ثم داخلته الخيلاء فى عقله، وادعى الخلافة، وانتمى إلى بنى أمية، وتقلب بالإمام الهادى بنور الله المعزّ لدين الله أمير المؤمنين، فكتب إليه أعمامه ينكرون هذه الدعوى، ثم أخاف مماليك أبيه، فهرب منهم سنقر الأتابك فى طائفة كبيرة من المماليك، وبقى أكثر من معه من الأكراد.
ولما تفاحش أمره بدعوى الخلافة قتله الأكراد على باب زبيد فى سنة ثمان وتسعين، ونهب الأكراد زبيد نهبا شنيعا، وكانت ولايته ست سنين.
ولما مات أرجع الأتابك سنقر حصون حجّة، فوصل إلى تهامة، فتلقاه الأكراد والعساكر، وجعلوه أتابكا/ للملك الناصر أيوب بن سيف الإسلام، وهو يومئذ صغير، وقيل: إن الأكراد لم يمكنوا الأتابك من زبيد، وكان للأتابك عدن، ومخلاف جعفر، ومخلاف تعز، وصنعاء وأعمالها، ونائبه فيها وفى حرب الإمام المنصور علم الدين ورد سار [1] ، ونزل الأتابك إلى تهامة، فقتل الأكراد قتلا ذريعا بقرية الزّربية [2] ، وهزمهم إلى زبيد، ودخلها الأتابك، وأمر بغلق مدرسة المعز، وأخرج الفقهاء الشافعية منها، وأخرج وقفها، وبنى مدرسة كبيرة بزبيد تعرف الآن بمدرسة ابن دحمان [3] وبنى بالدملوة قناطر ومبانى، واستقامت أحوال الأتابك إلى سنة ثمان وستمائة، فمات/ (132) بحصن تعز، والأتابك هو والد بنت جورا [4] .
[1] هكذا فى «أ» ص 131 و «ك» ، وفى بلوغ المرام ص 42 وفى ص 400 «وردشار» وفى تاريخ اليمن ص 182 «وردسال» وفى المقتطف ص 117 «وردسان» .
[2]
فى مراصد الاطلاع 2/662 وتاج العروس (1/287) الزرائب- بلفظ الجمع- وفسرها فيهما بأنها بليدة فى أول اليمن من ناحية زبيد، وفى معجم البلدان والقبائل اليمنية ص 290 «الزريبة: قرية من ناحية زبيد» .
[3]
فى تاج العروس (8/287) أن اسمها الدحمانية، واشتهرت باسم العاصمية نسبة إلى نجم الدين عمر بن عاصم الكنانى، لأنه أول من درس فيها.
[4]
درج الخزرجى فى: العقود اللؤلؤية على تسميتها باسم «بنت حوزه» بالحاء المهملة وبالزاى مكان الراء.