الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى العساكر وصرف فى مدة سلطنته سبعمائة ألف دينار خارجا عن التشاريف، وكاتبه الأشراف، وهنئوه، فبعث إلى كل شريف منهم ما جرت العادة به، وفوض نيابة السلطنة إلى الأمير شجاع الدين عمر بن علاء [1][الشهابى] فأقام أياما، ثم حصل بينه وبين الأمراء البحرية منافرة أوجبت أن استبدل به الأمير جمال الدين يوسف بن يعقوب [بن [2] الجواد] المقدم ذكره، وفوض إليه أمر بابه بكماله.
قال: وفى ليلة جلوس الملك المنصور أرسل إلى الملك الناصر جلال الدين ابن أخيه الملك الأشرف يطالبه، فلما وصل إلى الجند تلقاه بالطبلخاناة، وأقطعه المهجم، وعقد أيضا للأمير بدر الدين حسن بن الأسد الألوية، ورفع له/ (180) الطبلخاناة وأقطعه صعدة وما والاها، وعقد للأمير نجم الدين أحمد بن أزدمر الألوية، ورفع له الطبلخاناة، وأقطعة حرض، وعقد لولديه الملك الكامل تامور الدين، والملك الواثق شمس الدين الألوية، ورفع لهما الطبلخاناة وعين لهما الإقطاعات، وأرسل ولده الملك الظاهر أسد الدين عبد الله إلى حصنى الدملوة والمنصورة، وفى خدمته الشيخ افتخار الدين ياقوت العزيزى [3] فتسلم الحصنين.
ذكر عود الملك المجاهد إلى الملك والقبض على عمه الملك المنصور ووفاته
وكان الملك المنصور لما ملك أبقى على حاشية أخيه الملك المؤيد، ولم يغير أحدا منهم، وكان منهم من يميل إلى الملك المجاهد ولد مخدومهم، فتقدم بعض غلمان المجاهد إلى بلاد العريبين، واتفق هو وجماعة منهم مقدمهم بشر الذهابى [4] ، وكانوا عاملوا شخصا يقال له صالح ابن القواس [5] على طلوع الحصن من ورائه باتفاق جماعة من عبيد الشراب
[1] زيادة من الخزرجى (2/4) .
[2]
زيادة من الخزرجى (2/4) وفيه أنه كان يلقب بالخصى.
[3]
فى الخزرجى (2/4) التعزى.
[4]
فى ك الهمدانى، وفى أالذهابى ومثله فى الخزرجى (2/4) وبهجة الزمن ص 289 (ط. الحبشى) .
[5]
فى أ، ك تقرأ:«القواس» أو «القواس» وفى الخزرجى (2/5) الفوارس.
خاناة وكانوا مؤيديه، فوصل العرب إلى المكان الذى تقرر طلوعهم منه، وكان بينهم وبين العبيد إشارة، فلما علم العبيد بهم أرسلوا لهم الحبال التى أعدوها للطلوع، فطلع الحصن أربعون رجلا، وباتوا تلك الليلة فى الشراب خاناة، وهى الليلة السادسة من شهر رمضان، فلما نزل الطواشى شهاب الدين/ (181) موفق الخادم بمفاتيح أبواب الحصن خرجوا عليه فضربوه بالسيوف وأخذوا منه المفاتيح، ودخلوا على الملك المنصور، وطلع العرب بظاهر البيوت، ونادوا باسم المجاهد، فترامى العرب المنصورية من الحصن، وقاتل شمس الدين الطّنبا والى الحصن قتالا عظيما، فقتل.
ولما علم الناصر بهذه الحادثة ركب فى جماعة من العسكر إلى أسفل الحصن، فلم يتهيأ لهم ما أرادوا، وقام سواد البلد على الناصر، ونادوا بشعار المجاهد، وحمل الناس إلى المجاهد بالحبال، وملك الحصن ثانيا، واستولى على ما فيه، وقبض على عمه المنصور، فلم يزل فى اعتقاله إلى أن مات فى المحرم سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، ودفن بمدرسة أبيه المظفّر.
ولما ملك المجاهد ثانيا حلف لمماليك أبيه، وكتب لهم ذرّاعة [1] بالأمان والوفاء، وجمع ملوك بنى رسول كلهم عنده تحت الاحتياط ما خلا ولدى الواثق، فإنه لم يعثر عليهما، واستناب فى السلطنة الأمير جمال الدين نور، وكان شديد الكراهية له، وطلب من عمه الملك المنصور أن يكتب إلى ولده الملك الظاهر بتسليم الدملوة، فكتب إليه كتابا شافيا، فامتنع الظاهر من/ تسليمها، فأرسل إليه عسكرا مقدمه الأمير شجاع الدين عمر بن علاء الدين والشيخ أحمد بن عمران الغياتى [2] ، والشيخ عمران بن أبى بكر المغلسى [3] ، فخامر [4] جماعة من الأشعوب على الظاهر مقدمهم، ومكنوا عسكر المجاهد من طريق يفضى بهم إلى الصلىّ [5] ، وحاصروا/ (182) حصن المنصورة،
[1] فى بهجة الزمن ص 289 «ذمامة» .
[2]
هكذا فى أ، ك، وفى الخزرجى (2/6) العبابى.
[3]
هكذا فى أ، ك، وفى الخزرجى (2/6) الشيخ عمر بن أبى بكر العنسى وورد فى (2/30) «
…
وكان طريقه على بلاد المغلسى» وفى بهجة الزمن ص 290 «العيانى» .
[4]
فى أص 181 «جامر» وما أثبتناه من ك، والخزرجى (2/6) والذى فى اللغة «المخامرة: المقاربة والمخالطة والاستتار» .
[5]
الضبط من: (مراصد الاطلاع 2/851) وفسره بأنه ناحية قرب زبيد باليمن، وفى بهجة الزمن ص 290 «الصلو» وفى هامشه «انه جبل فى بلاد المعافر» .
وحصل بينهم وبين عسكر الظاهر زحوف كثيرة، ولم ينالوا من الحصن شيئا، فرجعوا وتركوا أكثر أثقالهم وخيامهم، فخرج أصحاب الظاهر من المنصورة، فانتهبوا ذلك.
وفى آخر سنة اثنتين وعشرين اختل أمر المخلاف، وخرج عن السلطنة، وثار به مشايخ العربان والقبائل، وملكوا أملاك الملوك، ونهبوا جبلة، وأخذوا جميع ما فيها حتى حصر المسجد الجامع، وخالف بنو فيروز وعسكر الدروب، واتسعت دائرة الخلاف.
وفى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة التحق جماعة من الجند إلى الملك الظاهر، وجماعة من عرب ذمار، فأكرمهم، وصاروا يغيرون على أطراف بلاد الملك المجاهد، وسار جماعة من المماليك إليه، ووصل إليه الأمير غياث الدين محمد بن يحيى بن منصور الشبابى [1] ، فأكرمه، وكاتب الأمير بدر الدين حسن بن الأسد والى ذمار، فأجابه، وكان فى جملة المماليك البحرية جماعة يكاتبون الظاهر، ويميلون إليه، منهم،: الأمير عز الدين أيبك الدوادار المؤيدى فجيش الأمير بدر الدين حسن ابن الأسد، وجمع وحشد، ودخل إلى الجند قاصدا حصار تعز، وأمده الظاهر بأموال جمة من الذهب والفضة، فخرج إليه العسكر المجاهدى، ومقدمهم إبراهيم بن شكر، وكان قد نزل إلى المجاهد من بلاده لما عاد الملك إليه، ومعهم الفائز قطب الدين بن أخى المجاهد، فلما تراءى الجمعان/ (183) نكس جماعة من المماليك والجند رماحهم، والتحقوا بعسكر الظاهر، وصار العسكر بكماله ظاهريا، وعاد الفائز من ليلته بمساعدة إبراهيم بن شكر، وحصل بين ابن شكر وبين الأمير بدر الدين حسن بن الأسد أيمان وعهود [2] ، وأجمع العسكر على دخول تعز، ولاقاهم الأمير غياث الدين بن الشبابى [1] من ناحية الدملوة، وضربت الخيام بمزارع عدنية، وأقامت المحطة سبعة أيام، وكان أهل تعز فى أشد ما يكون من التعب من قوة الحصار، ثم التحق جماعة من العسكر بالمجاهد، فارتفعت المحطة.
[1] كذا فى أ، ك، وفى الخزرجى (2/11)«الغياث بن الشيبانى» .
[2]
فى الخزرجى (2/11) ورجع ابن شكر إلى تعز على موادعة بينه وبين ابن الأسد.
ثم اضطربت أحوال المجاهد واختلفت آراء من حوله، فأشار عليه بعض من عنده- ويقال إنه ابن شكر- بالقبض على الأمراء البحرية والمماليك، وكان المحرض له عبد الرحمن المعروف بابن العنقاء، وهجموا عليهم سحرا، فنجا بعضهم، وقبض على جماعة كثيرة، ونهبت منازلهم، وشنق بعضهم، والتحق من هرب بالظاهر وانضموا إليه، فلما تحقق نفورهم عن المجاهد، ووثق بمناصحتهم، وكان منهم الأمير بهاء الدين بهادر الصقرى، أرسلهم الظاهر إلى الخوخية [1] ، وكان للظاهر بها محطة تبلغ مائتى فارس، وكانوا بين إقدام وإحجام، فلما انتهوا إليهم، وكان الحاث لهم على النزول، والمتدرك لهم بالبلاد بهادر الصقرى فنزلوا [إلى تهامة، ودخلوا السلامة، وتوجهوا إلى حيس، ثم توجهوا [2]] إلى زبيد، فلما صاروا بالقرتب [3] اختلفت آراؤهم، فهم جماعة منهم/ (184) بالتوجه إلى جهة أخرى، وهمّ آخرون بالرجوع إلى الظاهر، ثم جمعهم الصقرى، وثبتهم، وتوجه هو وجماعة من المماليك إلى زبيد، وكان بها الأمير بدر الدين محمد بن طرنطاى، وأمر البلد إليه، فكاتبه الصقرى، فلم يعد إليه جوابا، وأصر على حفظ البلد.
وكان أهل زبيد يرغبون فى الصقرى، ويميلون إليه لتقدم ولايته عليهم فى الأيام المؤيدية، ووقع بين أهل زبيد اختلاف على قتيل، فخرج جماعة من عوارين [4] البلد إلى الصقرى والعسكر بكماله قد نزل بستان الراحة بباب الشبارق، فتكفلوا للعسكر أنهم يطلعون رجالهم بالحبال، فبادر عسكر الظاهر إلى ذلك ودخلوا البلد فى مستهل شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وقت الظهر، ونهبت بيوت مخصوصة منسوبة إلى المجاهد: كدور بنى النقاش، ومن والاهم، وكان بها جملة من الطعام، وظفر الصقرى بآلات وتحف للمجاهد منها:
[1] فى الخزرجى (2/12)«ساروا إلى قرية الخوخية» .
[2]
ما بين الحاصرتين سقط من ك، وأثبتناه من أص 183، والخزرجى (2/12) وعبارته:«فنزلوا إلى تهامة، ودخلوا قرية السلامة» .
[3]
هكذا فى أ، ك، وفى الخزرجى (2/13) القرتب، وفى (مراصد الاطلاع 3/1075) القرتب- بضم القاف والتاء وسكون الراء-: من قرى وادى زبيد.
[4]
هكذا فى ك، وفى أص 184 «الغوارين» بالغين المعجمة، وكلاهما غير واضح المعنى، وقد وردت فى الخزرجى (2/27 فى سياق يفهم منه أنهم جماعة يستعين بهم من أراد نصرتهم لقاء مال، ويعرفون بالقوة والفتك. وفى ص 42 ذكر أن المجاهد استأصلهم وقبض على شيخهم أحمد الأسد فى جمادى الآخرة سنة 726 هـ
حياصتان مرصعتان بالجواهر النفسية، وكانت للملك المؤيد، وسر موزه مرصّعة بالجوهر يقال أنها كانت لبنت جوزا، أخذها المجاهد من الدملوه حال طلوعه، فأحضرها الصقرى إلى الظاهر، واستولى الظاهر على زبيد والبلاد التهامية.
وقامت دعوته بها، وضربت السّكّة باسمه، وخطب له فى التهايم كلها، وسكن عسكر الظاهر بكماله زبيد.
ولما اتصل ذلك بالمجاهد جهز عسكره، وقدم عليهم الأمير نجم الدين أحمد بن أزدمر:/ (185) وابن العماد، والزعيم بن الافتخار، وكانوا يزيدون على ثلاثمائة فارس، وأربعمائة راجل، ومقدم الرجّالة أخو الورد بن الشبيلى، ولما دخلوا إلى السلامة [1] نهبوا أكثر بيوتها، وساروا إلى جهة زبيد، فخرج إليهم جماعة من العسكر وأقام الصقرى بالبلد، فالتقوا بالمنصورة، فانهزم عسكر المجاهد، وقتل منهم خلق كثير، وأخذ العلم والحمل الذى كان مع ابن أزدمر وأسروه، ودخل رديفا خلف الشريف صارم الدين داود بن قاسم بن حمزة، وقتل أخو الورد بن الشبيلى [2] ، وابن العماد، وتفرق العسكر، واستأمن منهم جماعة، وقوى الظاهر بذلك.
/ وكانت عدن بيد الملك المجاهد، وواليها ابن النقاش، فوقع بينه وبين الأمير شجاع الدين عمر بن بلبان العلمى [3] منافرة، فكتب إلى المجاهد يشكو منه، فظفر بعض غلمان الظاهر بإنسان وصل من عدن [4] ومعه كتب فقتله، وأخذ كتبه، وأحضرها إلى الظاهر، فوجد فى جملتها جوابا لابن النقاش، وفيه فصول تتعلق بالأمير شجاع الدين المذكور وإخوته لا ترضى، وكان قبل ذلك قد توجه شجاع الدين إلى المجاهد بمال، وصحبته جماعة من الجحافل، فلم يقابلهم المجاهد بما جرت به العادة، فنفروا، ونفر شجاع الدين معهم، وانضم إلى ذلك أن المجاهد طلب من شجاع الدين أن يقرضه سبعين ألف دينار فرفض فزاد نفوره مع مشاحنة ابن النقاش.
فلما وقف/ (186) الظاهر على الكتاب أرسل به إلى الأمير شجاع الدين، فلما وقف عليه أعلن أنه ظاهرى، وتوجه من ساعته، وحاصر عدن،
[1] السلامة: من قرى تهامة.
[2]
فى بهجة الزمن ص 294 «السبئى» ظنا وفى العقود «السنبلى» .
[3]
فى ك المعملى، والاسم المثبت من أص 185، وفى الخزرجى (2/19)«عمر بن تاليال العلمى الدويدار» .
[4]
فى بهجة الزمن ص 294 «من تعز» .
فأقام عليها عشرين ليلة، ثم افتتحها فى الثامن والعشرين من شعبان سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة برجال أدخلهم، وتحيّلوا على فتح الباب، ودخلوا البلد دخولا صعبا، نهبت فيه أكثر البيوت الخصوصية، وعاث الجحافل فى البلد، وقبضوا على ابن النقاش، ونهبوا داره، واستقر الثغر للأمير نجم الدين يوسف ابن على الصليحى، وهو رجل شهم من بيت الزعامة والرئاسة، واستقرت المملكة كلها بيد الظاهر ونوابه، ولم يبق مع الملك المجاهد غير حصن تعز، وهو يبذل لأهل صبر [1] فى كل شهر جملة من المال، خوفا منهم أن يقطعوا عنه الماء ويحاصروه.
وفى سنة أربع وعشرين وسبعمائة ثار الزعيم ابن الافتخار ببلاد المحالب، وتوجه إليه البحرية من قبل الظاهر، وكسروه كسرة شنيعة، وقتلوا من أصحابه جماعة.
وفى السنة المذكورة عقد الظاهر للأمير بهاء الدين بهادر الصقرى الألوية ورفعت إليه الطبلخاناة، ودخل زبيد دخولا لم يعهد مثله، وعامله الظاهر بأتم إحسان، وهو مع ذلك «يسرّ حسوا فى ارتغاء [2] » وفى السنة المذكورة خالف أهل صبر على المجاهد، وقطعوا المياه عنه، وضعف حاله، وشعث أهل المغربة وعدنية بين أهل صبر والمجاهد/ (187) فجهز الظاهر الأمراء البحرية ومقدمهم الأمير نجم الدين محمد بن طرنطاى، ووافاه الأمير شجاع الدين عمر بن بلبان الدوادار العلمى من عدن، فحطوا على الحصن وحاصروه.
وكان غياث الدين بن بوز [3] من خواص أصحاب المجاهد قد فوض إليه أمر أستاذ داريته، وأتابكية عسكره، فلما حوصر المجاهد استأذنه غياث الدين
[1] صبر- بفتح أوله وكسر ثانيه-: جبل شامخ عظيم مطل على قلعة تعز فيه عدة حصون وقرى، وبه قلعة تسمى صبر أيضا (مراصد الاطلاع 2/832) .
[2]
مثل يضرب فيمن يظهر طلب القليل وهو يسر أخذ الكثير، وانظر مجمع الأمثال 2/312 ط. بولاق، ولسان العرب مادة: ر غ و.
[3]
هكذا فى ك، وفى أص 187 غير منقوط، وفى الخزرجى (2/19) وكان الغياث بن نور مع السلطان فى الحصن» .
فى اللحاق بهم، وقال: إنه إذا وصل إليهم تحيّل على استمالتهم إليه، فإن مالوا إليه، وإلا تحيل أن يسقى ابن الدوادار السم، فأذن له: فلما التحق بهم قالوا له: لا نقبلك ونتحقق نصحك إلا إذا نصبت المنجنيق على تعز، ورميتها به، وبالغت بالنصيحة للملك الظاهر، فراسل المجاهد فى ذلك، وقال له: إنهم لا يرضون منى إلا أن أرميك بالمنجنيق [1] ، فأذن له فى ذلك، فنصب عليه المنجنيق ورموه بها، وأزالوا ما بتعز من المناظر والمنازل.
قال القاضى تاج الدين: فأخبرنى المحقق للحال، أن الذى وصل إلى الحصن من الحجارة المنحوتة أربعة آلاف حجر، وحصل قتل كثير، وخربت تعز خرابا لا يتدارك، وخلت أكثر بيوتها، واستمر الحصار إلى ذى الحجة سنة أربع وعشرين وسبعمائة.
ولما اشتد الحصار على المجاهد، ورأى تألّب الناس عليه، وخروج البلاد عنه، راسل السلطان الملك الناصر [2] فى ذلك، واستغاث به، وتضرع إلى مراحمه، والتزم تحمل الأموال، والتحف والنفقة فى العساكر، فوصلت رسله إلى الأبواب السلطانية/ (188) وذلك فى سنة خمس وعشرين كما تقدم، فكان من تجهيز العساكر المصرية ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال: واتفق أن الأشراف كانوا قد استولوا على صنعاء بعد وفاة الملك المؤيد عند ما وقع الاختلاف بين الملكين باليمن، فلما علموا أن الصقرى ومن معه من المماليك استولوا على زبيد وبلاد تهامة، وأنهم مظهرون الطاعة للملك الظاهر بن الملك المنصور، مخالفون على المجاهد، وأنهم استقلوا بأموال البلاد لا يحملون منها إلى الظاهر شيئا، تحرك الأشراف عند ذلك، ونزلوا فى جمع كبير يقال إن عدتهم كانت خمسمائة فارس وكثير من الرجال، وراسلوا الأمير بهاء الدين بهادر الصقرى أن يعطيهم نصف بلاد تهامة، فقال: لا جواب لكم عندنا إلا السيف، فوقعت الحرب [3] بينهم على وادى سهام من عمل الكدراء،
[1] المنجنيق: آلة ترمى بها الحجارة، فارسيتها من جه نيك- وانظر (الألفاظ الفارسية المعربة ص 146) ويقال فيه المنجنيق والمنجنوق (ج) مجانق ومجانيق (شفاء الغليل 207) .
[2]
يعنى الناصر «محمد بن قلاوون الصالحى» وهذا الخبر أورده ابن تغرى بردى فى (النجوم الزاهرة 9/84) وأبو الفدا (4/94) وابن خلدون (5/434) والمقريزى (السلوك 2/264) .
[3]
أورد الخزرجى هذه الوقعة، وذكر أنها تعرف بيوم جاحف، نسبة إلى الوادى الذى وقعت فيه، وأورده بعبارة مبسوطة عما ذكره النويرى هنا (العقود اللؤلؤية 2/22 وما بعدها) .